دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > الملخص الفقهي > كتاب القصاص والجنايات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17 رجب 1433هـ/6-06-2012م, 03:38 PM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي كفارة القتل

الكفارة سميت بذلك اشتقاقا من الكفر، وهو الستر؛ لأنها تستر الذنب وتغطية.
والدليل على وجوب كفارة القتل الكتاب والسنة والإجماع.
- قال الله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} إلى قوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيما}.
- وروى أبو داود والنسائي؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في القاتل: ((أعتقوا عنه؛ يعتق الله بكل عضو منه عضوًا منه من النار)).
وإنما تجب الكفارة في القتل الخطأ وشبه العمد، وأما القتل العمد العدوان؛ فلا كفارة فيه؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}، ولم يذكر فيه كفارة.
وروي أن سويد بن الصامت قتل رجلاً، فأوجب النبي صلى الله عليه وسلم عليه القود، ولم يوجب كفارة، وعمرو بن أمية الضمري قتل رجلين عمدًا، فوداهما النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يوجب عليه كفارة، ولأن الكفارة وجبت في الخطأ لتمحو إثمه؛ لكونه لا يخلو من تفريط؛ فلا تلزم في موضع عظم الإثم فيه؛ بحيث لا يرتفع بها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "لا كفارة في قتل العمد، ولا في اليمين الغموس، وليس ذلك تخفيفا عن مرتكبها".
وذكر موفق الدين بن قدامة وغيرة: "أن القتل الخطأ لا يوصف بتحريم ولا إباحة؛ لأنه كقتل المجنون، لكن النفس الذاهبة به معصومة محرمة؛ فلذلك وجبت الكفارة فيها..." انتهى.
ومعناه: أن الحكمة في تشريع الكفارة في القتل الخطأ ترجع إلى أمرين:
الأمر الأول: أن الخطأ لا يخلو من تفريط من القاتل.
الأمر الثاني: النظر إلى حرمة النفس الذاهبة به.
وأما العمد؛ فلا تجب فيه الكفارة؛ لأن إثمه لا يرتفع بالكفارة؛ لعظمه وشدته، لكن القاتل عمدًا إذا تاب إلى الله تعالى، ومكن من نفسه؛ ليقتص منه؛ فإن ذلك يخفف عنه الإثم، فيسقط عنه حق الله بالتوبة، وحق الأولياء بالقصاص أو العفو عنه، ويبقى حق القتيل يرضيه الله بما شاء، هذا معنى ما قرره العلامة ابن القيم في كتابه "الجواب الكافي".
فمن قتل نفسا محرمة، ولو كان مملوكه، أو كان كافرًا معاهدًا أو مستأمنا، مولودًا أو جنينا بأن ضرب بطن حامل فألقت جنينا ميتا، ومن قتل واحدًا من هؤلاء؛ وجبت عليه الكفارة؛ لعموم قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً}.
وسواء انفرد بقتل النفس أو شارك في ذلك غيره، وسواء كان القتل بمباشرة أو تسبب؛ كمن حفر بئرًا متعديا في حفرها، أو نصيب سكينا... ونحوها ذلك من كل فعل نتج عنه وفاة شخص.
قال الموفق: "يلزم كل واحد من شركائه كفارة، هذا قول أكثر أهل العلم منهم مالك والشافعي وأصحاب الرأي" انتهى.
وتجب الكفارة على القاتل، سواء كان كبيًرا أو صغيرًا أو مجنونا، وسواء كان حرا أو عبدا؛ لعموم الآية.
والكفارة: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد؛ فصيام شهرين متتابعين، ولا يجزئ الإطعام فيها، فإذا لم يستطع الصوم؛ بقي في ذمته، ولا يجزئ عنه الإطعام؛ لأنه تعالى لم يذكره، والأبدال في الكفارات تتوقف على النص دون القياس.
ويكفر العبد بالصوم؛ لأنه لا مال له يعتق منه.
وإن كان القاتل مجنونا أو صغيرًا؛ كفر عنه وليه بعتق؛ لعدم إمكان الصوم منهما، ولا تدخله النيابة، وقد وجبت الكفارة على كل منهما؛ لأنه حق مالي يتعلق بالقتل أشبه الدية، ولأنها عبادة مالية أشبهت الزكاة.
وتتعدد الكفارة بتعدد القتل كتعدد الدية بتعدد القتل، فلو قتل عدة أشخاص؛ وجبت عليه عدة كفارات بعددهم.
وإن كان القتل مباحا كقتل الباغي والمرتد والزاني المحصن والمقتول قصاصا أو حدًا أو لأجل الدفاع عن النفس؛ فلا كفارة في ذلك كله؛ لعدم حرمة المقتول.
تنبيه:
أداء كفارة القتل مما يتساهل فيه بعض الناس اليوم، خصوصا في حوادث السيارات التي تذهب فيها أنفس كثيرة؛ فقد يستثقل من تحمل المسؤولية في ذلك الصيام، ولا سيما إذا تعددت عليه الكفارات؛ فلا يصوم، وتبقى ذمته مشغولة، كما أن هناك ظاهرة أخرى، وهي أن عاقلة القاتل لا تتحمل دية الخطأ، وإن تحمل أحد منهم شيئا منها؛ فإنه يظنه من باب التبرع، ولذلك نرى بعض من حصل منهم القتل الخطأ يسألون الناس سداد الدية، وهذا تعطيل لحكم شرعي عظيم، أدى إلى جهل الكثير به، وربما يكون بعض المتسولين باسم تلك الغرامة متحيلاً، فيجب الأخذ على يده وردعه عن أكل المال بالباطل والتحيل بواسطة حمل بعضهم صور صكوك غير شرعية ولا حقيقة، وقد يكون مضى عليها حين طويل من الدهر.

[الملخص الفقهي: 2/510-514]


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القتل, كفارة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:55 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir