وقال سَلاَمَةُ بنُ جَنْدَلٍ:
لِمَنْ طَلَلٌ مِثلُ الكِتابِ المُنَمَّقِ = خَلا عهدُهُ بينَ الصُّلَيْبِ فَمُطْرِقِ
أكَبَّ عليهِ كاتبٌ بدَوَاتِهِ = وحادِثُهُ في العَيْنِ جِدَّةُ مُهْرَقِ
لَأَسْمَاءُ إذْ تَهْوَى وِصَالَكَ إِنَّها = كَذِي جُدَّةٍ مِنْ وَحْشِ صَاحَةَ مُرشِقِ
لهُ بقَرَارِ الصُّلْبِ بَقْلٌ يلُسُّهُ = وإنْ يَتَقَدَّمْ بالدَّكادِكِ يأْنَقِ
وقفْتُ بهَا ما إنْ تُبينُ لِسَائِلٍ = وهَلْ تَفْقَهُ الصُّمُّ الخَوَالِدُ مَنْطِقِي
فَبٍتُّ كأنَّ الكأسَ طالَ اعتيادُها = عَليَّ بِصَافٍ مِنْ رَحِيقٍ مُرَوَّقِ
كَرِيحِ ذَكِيِّ المِسكِ بالليلِ رِيحُهُ = يُصَفَّقُ فِي إبرِيقِ جَعْدٍ مُنَطَّقِ
ومَاذَا تُبَكِّي مِنْ رُسُومٍ مُحِيلَةٍ = خَلاءٍ كَسَحْقِ اليَُمْنَةِ المُتَمَزِّقِ
ألا هَلْ أتَتْ أنبَاؤُنا أهلَ مَأْرِبٍ = كمَا قدْ أتَتْ أهلَ الدَّبَا والْخَوَرْنَقِ
بِأَنَّا مَنَعْنَا بالفُروقِ نِسَاءَنَا = ونَحْنُ قتَلْنَا مَنْ أتانَا بِمُلْزقِ
تُبَلِّغُهُمْ عِيسُ الرِّكَابِ وشُومُهَا = فرِيقَي مَعَدٍّ مِنْ تَهَامٍ ومُعْرِقِ
وموقِفُنَا في غيرِ دارِ تَئِيَّةٍ = ومَلْحَقُنَا بالعارضِ المُتَألِّقِ
إذَا مَا عَلَوْنا ظَهْرَ نَعْلٍ كَأَنَّمَا = على الهامِ مِنَّا قَيْضُ بَيْضٍ مُفَلَّقِ
مِنَ الحُمْسِ إذْ جاءُوا إليْنَا بجَمْعِهِمْ = غَدَاةَ لَقِينَاهُمْ بِجَأْوَاءَ فَيْلَقِ
كأَنَّ النَّعامَ باضَ فوقَ رُءُوسِهِمْ = بنَهْيِ القِذَافِ أو بِنِهْيِ مُخَفِّقِ
ضَمَمْنَا عليْهِمْ حافَتَيْهِمْ بِصَادِقٍ = منَ الطَّعْنِ حتَّى أَزْمَعُوا بِتَفَرُّقِ
كأنَّ مُنَاخًا من قُيُونٍ ومَنْزِلاً = بِحَيْثُ الْتَقَيْنَا مِنْ أَكُفٍّ وأَسْوُقِ
كأنَّهُمُ كانُوا ظِبَاءً بِصَفْصَفٍ = أفاءَتْ عليهم غَبْيَةٌ ذَاتُ مَصْدَقِ
كأنَّ اختِلاءَ المَشْرَفِيِّ رُءُوسَهُمْ = هَوِيُّ جَنُوبٍ في يَبِيسٍ مُحَرَّقِ
لدُنْ غُدْوَةً حتَّى أتَى الليلُ دُونَهُمْ = ولمْ يَنْجُ إلا كُلُّ جَرْدَاءَ خَيْفَقِ
ومُسْتَوْعِبٍ في الجَرْيِ فَضْلَ عِنَانِه = كَمَرِّ الغَزَالِ الشَّادِنِ المُتَطَلِّقِ
فألقَوْا لنَا أَرْسَانَ كُلِّ نَجِيَّةٍ = وسابغةٍ كأنَّها مَتْنُ خِرْنِقِ
مُداخَلَةٍ مِنْ نَسْجِ داودَ سَكُّهَا = كحَبِّ الجَنَا مِنْ أُبْلُمٍ مُتَفَلِّقِ
فمَنْ يَكُ ذَا ثوبٍ تنَلْهُ رِمَاحُنَا = ومَنْ يكُ عُرْيانًا يُوَائِلْ فَيَسْبِقِ
ومَنْ يَدَعُوا شيئًا يُعَالِجْ بئِيسَهُ = ومَنْ لا يُغَالُوا بالرَّهائِنِ يَنْفُقِ
وأمُّ بُجَيْرٍ في تَمَارُسِ بَيْنِنَا = مَتَى تَأْتِهَا الأَنْبَاءُ تَخْمِشْ وتَحْلِقِ
تَرَكْنَا بُجَيْرًا حيثُ مَا كانَ جَدُّهُ = وفِينَا فِرَاسٌ عانِيًا غَيْرَ مُطْلَقِ
ولوْلا جَنَانُ اللَّيْلِ مَا آبَ عامِرٌ = إلى جعفَرٍ سِرْبَالُهُ لمْ يُخَرَّقِ
بضَرْبٍ تَظَلُّ الطيرُ فيهِ جوَانِحًا = وَطَعْنٍ كأفواهِ المَزَادِ المُفتَّقِ
فعزَّتُنَا ليسَتْ بشِعْبٍ بِحَرَّةٍ = ولكنَّهَا بَحرٌ بصحراءَ فَيْهَقِ
يُقمِّصُ بالبُوصِيِّ فيهِ غوارِبُ = مَتَى مَا يَخُضْهَا ماهِرُ اللُّجِّ يَغْرَقِ
ومَجْدُ مَعَدٍّ كانَ فوقَ عَلايةٍ = سَبَقْنَا بهِ إذْ يَرْتَقُونَ ونَرْتَقِي
إذَا الهُِنْدُوَانِيَّاتُ كُنَّ عُِصِيَّنَا = بِها نَتَأَيَّا كُلَّ ساقٍ ومَفْرِقِ
نُجَلِّي مِصَاعًا بالسُّيُوفِ وُجُوهَنا = إذَا اعْتَفَرَتْ أقْدَامُنَا عندَ مَأزِقِ
فَخَرْتُمْ علَيْنَا أنْ طَرَدْتُمْ فَوَارِسًا = وقولُ فِرَاسٍ هَاجَ فِعْلِي وَمَنْطِقِي
عجِلْتُمْ علينَا حِجَّتيْنِ عليكُمُ = ومَا يَشَأِ الرَّحْمَنُ يَعْقِدْ ويُطْلِقِ
هوَ الجابرُ العَظْمَ الكَسيرَ ومَا يَشَأْ = مِنَ الأمرِ يَجْمَعْ بينَهُ ويُفَرِّقِ
هوَ المُدْخِلُ النُّعْمانَِ بَيْتًا سماؤُهُ = صُدُورُ الفُيُولِ بَعْدَ بيتٍ مُسَردَقِ
وبعدَ مُصابِ المُزْنِ كانَ يسُوسُهُ = ومَالِ مَعَدٍّ بعدَ مالِ مُحَرِّقِ
لهُ فَخْمَةٌ ذَفْرَاءُ تَنْفِي عَدُوَّهُ = كمَنْكِبِ ضاحٍ مِنْ عَمَايَةَ مُشْرِقِ