دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 محرم 1430هـ/14-01-2009م, 09:34 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب الربا (6/9) [حرمة بيع العينة والركون إلى الدنيا]


وعن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: ((إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ)). رواهُ أبو داودَ منْ روايَةِ نافعٍ عنهُ، وفي إسنادِهِ مَقَالٌ. ولأحمدَ نحوُهُ منْ روايَةِ عطاءٍ، ورجالُهُ ثِقَاتٌ. وصَحَّحَهُ ابنُ الْقَطَّانِ.

  #2  
قديم 18 محرم 1430هـ/14-01-2009م, 03:25 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


11/793 - وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ)). رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ نَافِعٍ عَنْهُ، وَفِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ. وَلأَحْمَدَ نَحْوُهُ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءٍ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ.
(وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ): بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ، (وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ) بِضَمِّ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْكَسْرِ: الاسْتِهَانَةُ وَالضَّعْفُ، (لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ نَافِعٍ عَنْهُ، وَفِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ)؛ لأَنَّ فِي إسْنَادِهِ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُرَاسَانِيَّ، اسْمُهُ: إِسْحَاقُ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ. قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ: هَذَا مِنْ مَنَاكِيرِهِ.
(وَلأَحْمَدَ نَحْوُهُ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءٍ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ).
قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَعِنْدِي أَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي صَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ مَعْلُولٌ؛ لأَنَّهُ لا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ رِجَالِهِ ثِقَاتٍ أَنْ يَكُونَ صَحِيحاً؛ لأَنَّ الأَعْمَشَ مُدَلِّسٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ سَماعَهُ مِنْ عَطَاءٍ، وَعَطَاءٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْخُرَاسَانِيَّ، فَيَكُونُ مِنْ تَدْلِيسِ التَّسْوِيَةِ بِإِسْقَاطِ نَافِعٍ بَيْنَ عَطَاءٍ وَابْنِ عُمَرَ، فَيُرْجَعُ إلَى الْحَدِيثِ الأَوَّلِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، ا.هـ.
وَالْحَدِيثُ لَهُ طُرُقٌ كثيرةٌ عَقَدَ لَهُ الْبَيْهَقِيُّ بَاباً وَبَيَّنَ عِلَلَهَا.
وَاعْلَمْ أَنَّ بَيْعَ الْعِينَةِ هُوَ أَنْ يَبِيعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيهَا مِن الْمُشْتَرِي بِأَقَلَّ؛ لِيَبْقَى الْكَثِيرُ فِي ذِمَّتِهِ، وَسُمِّيَتْ عِينَةً لِحُصُولِ الْعَيْنِ؛ أَي: النَّقْدِ فِيهَا؛ وَلأَنَّهُ يَعُودُ إلَى الْبَائِعِ عَيْنُ مَالِهِ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ هَذَا الْبَيْعِ.
وَذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ؛ عَمَلاً بِالْحَدِيثِ، قَالُوا: وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ مَقْصَدِ الشَّارِعِ مِن الْمَنْعِ عَن الرِّبَا، وَسَدُّ الذَّرَائِعِ مَقْصُودٌ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: لأَنَّ بَعْضَ صُوَرِ هَذَا الْبَيْعِ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِهِ التَّمْرَ بِالتَّمْرِ مُتَفَاضِلاً، وَيَكُونُ الثَّمَنُ لَغْواً. وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ بِجَوَازِهِ؛ أَخْذاً مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي تَقَدَّمَ: ((بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيباً))، قَالَ: فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْعِينَةِ، فَيَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ الْبَائِعُ لَهُ وَيَعُودَ لَهُ عَيْنُ مَالِهِ؛ لأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَفْصِلْ ذَلِكَ فِي مَقَامِ الاحْتِمَالِ دَلَّ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ مُطْلَقاً، سَوَاءٌ كَانَ مِن الْبَائِعِ أَوْ غَيْرِهِ، وَذَلِكَ لأَنَّ تَرْكَ الاسْتِفْصَالِ فِي مَقَامِ الاحْتِمَالِ يَجْرِي مَجْرَى الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ.
وَأُيِّدَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ قَدْ قَامَ الإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ مِن الْبَائِعِ بَعْدَ مُدَّةٍ، لا لأَجْلِ التَّوَصُّلِ إلَى عَوْدِهِ إلَيْهِ بِالزِّيَادَةِ.
وَقَالَت الْهَادَوِيَّةُ: يَجُوزُ الْبَيْعُ مِن الْبَائِعِ إذَا كَانَ غَيْرَ حِيلَةٍ، وَلا فَرْقَ بَيْنَ التَّعْجِيلِ وَالتَّأْجِيلِ، وَبِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ وُجُودُ الشَّرْطِ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ وَعَدَمِهِ، فَإِذَا كَانَ مَشْرُوطاً عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ عَلَى عَوْدِهِ إلَى الْبَائِعِ، فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ، أَوْ بَاطِلٌ عَلَى الْخِلافِ، وَإِنْ كَانَ مُضْمَراً غَيْرَ مَشْرُوطٍ فَهُوَ صَحِيحٌ. وَلَعَلَّهُمْ يَقُولُونَ: حَدِيثُ الْعِينَةِ فِيهِ مَقَالٌ، فَلا يَنْتَهِضُ دَلِيلاً عَلَى التَّحْرِيمِ.
وَقَوْلُهُ: ((وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ)) كِنَايَةٌ عَن الاشْتِغَالِ عَن الْجِهَادِ بِالْحَرْثِ. وَالرِّضَا بِالزَّرْعِ كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِهِ قَدْ صَارَ هَمَّهُمْ وَهِمَّتَهُمْ. وَتَسْلِيطُ اللَّهِ كِنَايَةٌ عَنْ جَعْلِهِمْ أَذِلاَّءَ بِالتَّسْلِيطِ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِن الْغَلَبَةِ وَالْقَهْرِ. وَقَوْلُهُ: ((حَتَّى تَرْجِعُوا إلَى دِينِكُمْ))؛ أَيْ: تَرْجِعُوا إلَى الاشْتِغَالِ بِأَعْمَالِ الدِّينِ. وَفِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ زَجْرٌ بَالِغٌ وَتَقْرِيعٌ شَدِيدٌ، حَتَّى جَعَلَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الرِّدَّةِ، وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى الْجِهَادِ.

  #3  
قديم 18 محرم 1430هـ/14-01-2009م, 03:25 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


718- وعن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ يَقُولُ: ((إِذَا تَبَايَعْتُمُ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وتَرَكْتُمُ الجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ، لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ)) رواهُ أبو داودَ مِن رِوَايَةِ نَافِعٍ عنه، وفي إسنادِه مَقالٌ، ولأحمدَ نَحْوُه من رِوايةِ عَطَاءٍ، ورجالُه ثِقاتٌ، وصَحَّحَهُ ابنُ القَطَّانِ.

دَرَجَةُ الحَدِيثِ:
الحَدِيثُ حَسَنٌ.
قالَ المُؤَلِّفُ: الحَدِيثُ فِي إسنادِه مَقَالٌ؛ لأنَّ في إسنادِه عَطَاءً الخُرَاسَانِيَّ.
قَالَ الذَّهَبِيُّ: هذا مِن مَناكِيرِه.
وأمَّا الذي صَحَّحَهُ ابنُ القَطَّانِ فمَعْلولٌ؛ لأنَّه لا يَلزَمُ مِن كَوْنِ رِجالِه ثِقَاتٍ أَنْ يَكُونَ صَحِيحاً، والحديثُ له طُرقٌ عَديدةٌ، بَيَّنَ عِلَلَها البَيْهَقِيُّ.
وقالَ ابنُ حَجَرٍ في (التلخيصِ الحَبِيرِ): أصَحُّ مَا وَرَدَ في ذَمِّ بيعِ العِينَةِ ما رواهُ أحمدُ والطَّبَرَانِيُّ، وله طُرُقٌ، وحَسَّنَهُ السيوطيُّ في ( الجَامِعِ الصَّغيرِ)، وقالَ ابنُ عبدِ الهادي في (المُحَرَّرِ): رِجَالُ إِسْنادِه رِجَالُ الصَّحيحِ.
وقالَ الشَّوْكانِيُّ في (نَيْلِ الأوطارِ): له طُرُقٌ يَشُدُّ بَعْضُها بَعْضاً.

مُفرداتُ الحديثِ:
-العِينَةُ: بكَسْرِ العَيْنِ المُهمَلَةِ وسكونِ المُثنَّاةِ التَّحتيَّةِ، وبعضُهم ضَبَطَها بفَتْحِ العَيْنِ وسُكونِ الياءِ وفتحِ النونِ، وهي على الضَّبْطَيْنِ مَأْخُوذَةٌ مِن العَيْنِ، وهو النَّقْدُ الحَاضِرُ، لأنَّ المُشْتَرِيَ إلى أجَلٍ يَأْخُذُ بَدَلَها نَقْداً حَاضِراً، وصُورَتُها:
أنْ يَبِيعَ سِلْعَةً بنَسِيئَةٍ أو بثَمَنٍ حالٍّ لم يَقْبِضْهُ، ثم إنَّ البَائِعَ يَشْتَرِيها مِمَّن اشْتَرَاهَا منه بنَقْدِ حَالٍ أقَلَّ مِمَّا بَاعَها بهِ، ويَبْقَى الكَثِيرُ في ذِمَّةِ المُشْتَرِي الأَوَّلِ.
-أَذْنَابَ البَقَرِ: مُفْرَدُه ذَنَبٌ بفتحتَيْنِ، عُضْوٌ من الحيوانِ في مُؤَخِّرِه يُقابِلُ رَأْسَهُ، والمُرادُ الكنايةُ عن الانشغالِ بالحَرْثِ والزَّرْعِ عن أُمورِ الدِّينِ، والجِهَادِ في سَبيلِ اللَّهِ تعالى.
قُلْتُ: ومُناسَبَةُ ذِكْرِ أذْنابِ البَقَرِ معَ ذِكْرِ الزرعِ، أنَّ الحارِثَ يَكُونُ خَلْفَ البَقَرِ حالَ السَّوانِي، وسَاعَةَ حَرْثِ الأرضِ بها.
-ذُلاًّ: ذَلَّ الرَّجُلُ يَذِلُّ ذُلاًّ بضَمِّ الذالِ المُعْجَمَةِ، هو الضَّعفُ والمَهانَةُ، فالذَّلِيلُ هو الضعيفُ المَهِينُ.
-لا يَنْزِعُهُ: بكسرِ الزايِ من بابِ ضَرَبَ، أي: لا يَرْفَعُه ولا يُزِيلُه عنكم، حتى تَرْجِعُوا إلى دِينِكُم.

مَا يُؤْخَذُ من الحديثِ:
1-الحديثُ فيهِ تَحْرِيمُ الرُّكونِ إلى الدنيا، والاشتغالِ بها عن أُمورِ الدِّينِ، التي من أعظمِها الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ تعالى، الذي هو ذُرْوَةُ سَنَامِ الإسلامِ.
2-فيهِ أَنَّ المُسلِمِينَ إذا اشْتَغَلُوا بالحِراثَةِ ورَضُوا بها، وبجَمْعِ الأموالِ عن الجِهادِ في سبيلِ اللَّهِ؛ فإنَّ اللَّهَ يُجازِيهِم بالذُّلِّ والهوانِ من أعدائِهم، فيَكُونوا مُسْتَعْمَرِينَ مُهانِينَ أَذِلاَّءَ، جَزاءً لهم على إِعْراضِهم عن دِينِهم، الذي فيهِ عِزُّهم، وفيه مِنْعَتُهم، وفيهِ سَعادَتُهم في الدنيا والآخِرَةِ.
3-أنَّ هذا الوَعِيدَ تَحَقَّقَ، فالمُسلمونَ الآنَ يُمَثِّلُونَ ثُلُثَ المَعْمورةِ كَثْرَةً، فعندَهم الثَّرْوَةُ البَشَرِيَّةُ، والثَّرْوَةُ الاقْتِصَادِيَّةُ، والمِساحاتُ الزِّراعِيَّةُ، والعُمْرانِيَّةُ، والمواقِعُ المُسَيْطِرَةُ، وبلادُهم وثَرْوَتُهم أفْضَلُ وأحْسَنُ بلادِ العالَمِ، ومعَ هذا لَمَّا أعْرَضُوا عن دِينِهم سَلَّطَ اللَّهُ عليهم أعداءَهم، فأهانوهم، وأذَلُّوهم، وصاروا لُعْبَةً في أيدِيهِم، قالَ اللَّهُ تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد: 11].
فمَن تَرَكَ هذا الدِّينَ تَجَبُّراً قَصَمَهُ اللَّهُ، ومَنِ ابْتَغَى الهُدَى في غيرِ كتابِه أضَلَّه اللَّهُ، وقدْ تَحَقَّقَ وعيدُ اللَّهِ تعالى في هذهِ الأُمَمِ التائهةِ مِمَّن يَدَّعونَ الإسلامَ، فهم في مَتاهاتٍ عَمَّا يَنْفَعُهم في أمْرِ دِينِهم ودُنياهم.
4-أنَّه ليسَ للمُسلمِينَ طريقٌ إلى عِزِّهم، ولا إلى سِيادَتِهم، ولا إلى سَعادَتِهم في دُنياهم وأُخراهم، إلاَّ بهذا الدِّينِ المَتينِ، وأنَّه لا يَصْلُحُ أمْرُ آخِرِ هذهِ الأُمَّةِ إلاَّ ما صَلَحَ به أَوَّلُها، {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً} [فاطر: 10]، {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40].

نَصِيحَةٌ للشابِ:
إنْ كانَ شَبابُ المُسلمِينَ جَادِّينَ في التَّوَجُّهِ إلى اللَّهِ تعالى والإقبالِ عليه، ويُرِيدُونَ السَّعادَةَ في الدنيا والرِّفْعَةَ فيها، كما يُرِيدونَ في الآخرةِ جَنَّةً عَرْضُها السماواتُ والأرضُ أُعِدَّتْ للمُتَّقِينَ، فعليهم اتِّباعُ هذهِ النصيحةِ التي أُوجِزُها بهذه الفِقْراتِ:
أَوَّلاً: عليهم بالصِّدْقِ والإخلاصِ لِلَّهِ تعالى في أقْوالِهم وأعمالِهم؛ ليَكُونَ اللَّهُ تعالى في عَوْنِهم، فيُسَدِّدَ خُطاهُم، ويَهْدِيَهُم سُبُلَ الخَيْرِ والنَّجَاحِ.
ثانياً: عليهم باتِّباعِ كِتَابِ اللَّهِ تعالى، وما صَحَّ مِن سُنَّةِ مُحمدٍ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ، فهذا هو الصِّراطُ المُستقِيمُ، الذي سَلَكَهُ عبادُ اللَّهِ الصَّالِحُونَ، وهذا هو النَّهْجُ الصَّحيحُ، الذي يُقَلِّلُ الخِلافَ فيهم، ويُقَرِّبُ وُجْهَةَ النَّظَرِ بينَهم، ويُوَحِّدُ كَلِمَتَهم واتِّجاهَهُم.
ثالثاً: أَنْ يَنْبُذُوا الخِلافاتِ بينَهم، فلا تَكُونُ المَسائِلُ العِلْمِيَّةُ الفَرعِيَّةُ مَثارَ جَدَلٍ بينَهم، يَتَرَتَّبُ عليها عَداوةٌ وبَغْضاءُ، وتَخاصُمٌ وتَهاجُرٌ، فالخِلافُ في هذه المسائِلِ الفَرْعِيَّةِ مَوجودٌ زَمَنَ الصَّحابةِ، وزَمَنَ التابعِينَ والأئمَّةِ المَهْدِيِّينَ، ولَمْ يَحْدُثْ بينَهم عَداوةٌ وبَغْضاءُ.
رابعاً: أنْ يَدْعُوا إلى اللَّهِ تعالى بالحِكْمَةِ والمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ، والجدالِ بالطريقةِ التي هي أحْسَنُ وأفْضَلُ، وأنْ لا يَبْتَعِدُوا عن الجماعةِ، أو عن الأشخاصِ الذينَ يُخالِفُونَهم في بعضِ المسائِلِ، وإِنَّما يُوالُونَهم، ويُحاوِلُونَ تَقْرِيبَ شُقَّةَ الخِلافِ بينَهم.
خَامساً: أنْ يُحَذِّرُوا أصحابَ المبادِئِ والأفكارِ المُعاديةِ للإسلامِ من يَوْمٍ تَشْخَصُ فيهِ القُلوبُ والأبصارُ، ويُذَكِّرُوهم بهذهِ الآيةِ الكريمةِ: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [النحل: 25].
وَلْيَحْذَرْ هؤلاءِ من عَاقبةِ دَعَواتِهم المُضَلِّلَةِ، وافتراءاتِهم المُزَوَّرَ‌ةِ، فالوَعيدُ صادِقٌ، والأَمَدُ قَرِيبٌ: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفتَرُونَ} [العنكبوت: 13].
العِينَةُ:
صُورَتُها: هِيَ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ بألْفِ رِيَالٍ - مَثَلاً - مُؤَجِّلاً الثَّمَنَ، ثُمَّ إِنَّ البائِعَ يَشْتَرِي المَبِيعَ نَفْسَه مِمَّن بَاعَها عليهِ بأقَلَّ مِن ثَمَنِها الذي اشْتَرَاها به نَقْداً؛ ليَبْقَى الثَّمَنُ الكَثِيرُ في ذِمَّةِ المُشْتَرِي، فهذا لَيْسَ بَيْعاً ولا شِرَاءً حَقِيقَةً، وإِنَّما هو قَرْضٌ رَبَوِيٌّ، جاءَ بصُورةِ البيعِ والشراءِ، فهو مِن الحِيَلِ الظاهرةِ التي يَلْجَأُ إليها المُرابونَ.
قالَ ابْنُ القَيِّمِ: إِنَّ هذا يَنْطَبِقُ عليهِ ما رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: ((يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَسْتَحِلُّونَ الرِّبَا بِالْبَيْعِ)).
وقالَ أيضاً: إِنَّ نَهْيَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: " عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ "، هو الشَّرْطانِ في البَيْعَةِ، فإذا بَاعَهُ السِّلْعَةَ بمِائةٍ مُؤَجَّلَةٍ، ثم اشتراها منه بثَمانِينَ حالَّةٍ، فقَدْ باعَ بَيْعَتَيْنِ في بَيْعَةٍ، فإنْ أخذَ بالثَّمنِ الزائدِ أخذَ رِبًا، وإنْ أخَذَ بالناقصِ أخَذَ بأَوْكَسِهما، وهذانِ أعْظَمُ الذَّرائعِ.
وقالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ بنُ سَعْدِيٍّ: الذي يَدْخُلُ في النَّهْيِ عن بيعتينِ في بيعةٍ هي مسألةُ العِينَةِ.
خِلافُ العُلماءِ:
ذهَبَ الأئِمَّةُ الثلاثةُ إلى تَحْريمِ العِينَةِ؛ لحديثِ: ((إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ))، ولأنَّها صَرِيحُ الرِّبَا.
وأجازَها الشَّافعِيُّ لعُمومِ حديثِ خَيْبَرَ المُتَقَدِّمِ: ((بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ اشْتَرِ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيباً)).
فعُمومُه يَدُلُّ على أنَّه لا بَأْسَ أنْ يَكُونَ الذي اشْتَرَى منه التَّمْرَ الرَّدِيءَ بدراهمِه التي بَاعَ عليهِ بها التَّمْرَ الطَّيِّبَ، فعَادَتْ دَرَاهِمُه إليهِ.
والجَوابُ: أَنَّ أحاديثَ النهْيِ عن بيعِ العِينَةِ مُخَصِّصَةٌ لهذا العمومِ، وهذا هو الطريقُ بينَ العامِّ والخاصِّ؛ ولأنَّ حِيلةَ الربا فيها واضحةٌ مكشوفةٌ والحِيَلُ إلى المُحرَّماتِ مُحرَّمةٌ ممنوعةٌ باطلةٌ، واللَّهُ أعْلَمُ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الربا, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:09 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir