بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الأول
** معْنَى الشهادتين **
الشهادتان هما:شهادةُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وشهادةُ أنمُحمَّدًا رسولُ اللهِ.
وهما أصلُ دينِ الإسلامِ ورُكْنُه الأولُ الذي به يَدْخُلُ العبدُ في دينِالإسلامِ، فمَن لم يَشْهدِ الشهادتين فليسَ بمُسْلمٍ.
** أمَر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابَه أن تكونَ أوَّلُ دعوتِهم إلى التوحيدِ **
ولما بَعَثَ النبيُّ صلَّى الله عليهوسلم معاذَ بنَ جَبَلٍ إلى اليمنِ داعياً ومعلِّماً قال له: ((إنَّك تأتي قوماً من أهلِ الكتابِفَادْعُهم إلى شهادةِ أنْ لا إلهَ إِلا الله وَأني رسولُ اللهِ؛ فإِنْ هُمْ أطاعوا لِذلكَ فأَعْلِمْهم أنَّ اللهَ افْتَرضَ عليهم خمسَ صَلَوَاتٍ في كلِّ يومٍ وَليلةٍ)).. الحديث، رواه مسلم من حديث ابنعباس.
ورواهالبخاري أيضاً ولفظه: ((فليكنأوَّلَ ما تدْعوهم إلى أن يوحِّدوا اللهَ))
** بيانُ معنَى شهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ **
(لا إلهَ إلا اللهُ) أي لا مَعْبودَ بحقٍّإلا اللهُ.
والإلهُ: هو المألوهُ، أيالمَعْبودُ.
فكلُّما يُعْبَدُ من دونِ اللهِ فعبادتُه باطلةٌ، وَمَن عبدَ غيرَ اللهِ فهو مُشرِكٌ كافِرٌ، كما قال اللهُ تعالى:﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِفَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ [المؤمنون: ١١٧].
معنَى التَّوْحيدِ، وهو إفرادُ اللهِ بالعبادةِ، فلا نَعْبُدُ إلا اللهَ وحدَه لاشريكَ له.
** كلُّ رسولٍ دعا قومَه إلى التوحيدِ واجتنابِ الشِّرْكِ **.
بهذاالتوحيدِ الذي هو معنَى (لا إلهَ إلا اللهُ) بَعَثَ اللهُ الرُّسلَ كلَّهم؛ قال اللهُ تعالى:﴿وَمَاأَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)﴾[الأنبياء: ٢٥].
وقد قَصَّ اللهُ علينا في كتابِهالكريمِ أنباءَ الرُّسلِ معَ أقوامِهم ، وبَيَّن لنا أنَّ أوَّلَ دعوةَ الرُّسُلِ كانت إلى توحيدِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وبَيَّن لَنا عُقبَى المؤمنين الذين استجابوا لدعوةِ المُرْسَلين؛ وعاقبةَ الذين كَذَّبوا الرُّسلَ وأشركوا باللهِ ما لم يُنزِّلْ به سُلطانًا.
** أصْلُ دعوةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى التوحيدِ **
فكلمةُ التوحيدِ هي كلمةُ الحقِّالتي دعا إليها المرسلون قبلَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهي دَعوةُ رسولنِا صلى الله عليه وسلم.
وقد فَهِم كُفَّارُ قُرَيشٍ أنالدعوةَ إلى التوحيدِ تَعْنِي تَرْكَ عبادةِ ما يَعْبُدون من دونِ اللهِ تعالى؛ فلا يَتَحَقَّقُ التوحيدُ إلا باجتنابِ الشِّركِ، وهذا هو معنَى (لا إلهَ إلا اللهُ).
فكانوا كما قال اللهُ تعالى: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُيَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (36)﴾[الصافات: ٣٥–٣6].فردَّ اللهُ عليهم بقولِه: ﴿بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَالْمُرْسَلِينَ (37)﴾[الصافات: ٣7].
وعن عُمَر بنِ الخَطَّاب رضِي الله عنه أن الرسولَ صلى الله عليه وسلم قال: ((أُمِرْتُ أن أُقاتِلَ الناسَ حتى يقولوا: (لا إلهَ إلا اللهُ) فمَن قال:
(لا إلهَ إلا اللهُ) عَصَم مِنِّي مالَه ونَفْسَه إلا بحَقِّه، وحسابُه على اللهِ))متفق عليه.
** أرسَلَ إلى الملوكِ يَدْعُوهم إلى التوحيدِ **
في صحيحِ مُسلمٍ من حديثِ أنسِ بنمالِكٍ رضِي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كتَبَ إلى كلِّ جَبَّار (أي مَلِكٍ) يَدْعُوهم إلى اللهِ تعالى.
ولمَّا بَعَثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم برسائلِه إلى المُلوكِ دَعَاهم إلى توحيدِ اللهِ عز وجل؛ فعن ابنِ عَبَّاسٍ رضِي الله عنهما أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أرسَلَ إلى هِرَقْلَ مَلِكِ الرُّومِ: ((بسم الله الرحمن الرحيم، من مُحمَّدٍ رسولِ اللهِ إلى هِرَقْلَ عَظيمِ الرُّومِ، سَلامٌ على مَن اتَّبَعَ الهُدَى
أمَّا بعدُ:
فإنِّي أدعوكَ بدِعايةِ الإسلامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللهُ أجْرَك مَرَّتين، فإن تَوَلَّيْتَ فإنَّ عليكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ، و﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾
[آل عمران: ٦٤])). متفق عليه.
** مِفْتاحُ الدخولِ في الإسلامِ **
فتوحيدُ اللهِ تعالى هو مِفْتاحُالدخولِ في الإسلامِ، وبدونِه لا يكون المَرْءُ مُسلمًا، وإذا ارْتَكَبَ العبدُ ما يَنْقُضُ هذا التوحيدَ فهو كافرٌ مشركٌ خارجٌ عن مِلَّةِ الإسلامِ.
وعن مُعاذِ بنجَبَل رضِي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال له: ((يا مُعاذُ، أتدري ما حَقُّ اللهِ علىالعِبَادِ؟))
قال مُعاذٌ: اللهُورسولُه أعلمُ.
قال: ((حقُّ اللهِ علىالعبادِ أن يَعْبدوه ولا يُشرِكوا به شيئًا))
ثم قال له: ((يا مُعاذُ، أتدري ما حقُّ العبادِ على اللهِإذا فعلوا ذلكَ؟))
قال معاذٌ:اللهُ ورسولُه أعلمُ.
قال: ((حقُّ العبادِ على اللهِ إذا فعلوا ذلك أنلا يُعَذِّبَهم)). متفق عليه.
مَن لم يُوحِّد اللهَ فليسَ بمسلمٍ، وإنْ زَعَم أنه مُسْلِمٌ.
فإذا شَهِدَ العبدُ أن لا إله إلااللهُ؛ فقد شَهِدَ ببُطلانِ ما يُعْبَدُ من دونِ اللهِ عز وجل، وشَهِدَ على نفسِه أن لا يَعْبُدَ إلا اللهَ عز وجل مُخْلِصًا له الدينَ.
** هذا هو الإسلامُ الذي أمَرَ اللهُ به **
وقال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْكُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (104) وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (105) وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ(106)﴾[يونس: ١٠٤-١٠٦].