(22-23) وهذَانِ الأَصْلانِ ذكرهمَا
شيخُ الإِسلامِ رحمهُ اللهُ في كتبِهِ، وذكرَ أَنَّ الأَصْلَ الَّذي بنى عليهِ الإِمامُ أَحمدُ مذهبَهُ:
أَنَّ العاداتِ الأَصْلُ فيهَا الإِباحةُ، فلا يحرمُ منهَا إلاَّ مَا وردَ تحريمُهُ.
وأَنَّ الأَصْلَ في العباداتِ أَنَّهُ لا يُشْرَعُ منهَا إلاَّ مَا شَرَعَهُ اللهُ ورسولُهُ.
فالعاداتُ هيَ: مَا اعتادَ النَّاسُ منَ المآكلِ والمشاربِ وأصنافِ الملابسِ، والذَّهابِ والمجيءِ، والكلامِ، وسائرِ التَّصرُّفاتِ المعتادةِ، فلا يحرمُ منها إلاَّ ما حرَّمهُ اللهُ ورسولُهُ، إِمَّا نَصًّا صريحاً أوْ يدخلُ في عمومٍ أَوْ قياسٍ صحيحٍ، وَإلاَّ فسائرُ العاداتِ حلالٌ.
والدَّليلُ على حِلِّهَا قولُهُ تعالى {هُوَ الذي خَلَقَ لَكُمْ مَّا في الأَرضِ جَميعاً} فهذَا يدلُّ على أَنَّهُ خَلَقَ لَنَا مَا في الأَرْضِ جميعَهُ، لننتفعَ بهِ على أَيِّ وجهٍ منْ وجوهِ الانتفاعِ.
وأَمَّا العباداتُ:فإنَّ اللهَ خلقَ الخلق لعبادتِهِ وبيَّنَ في كتابِهِ، وعلى لسانِ رسولِهِ العباداتِ الَّتي يُعْبَدُ بهَا، وأَمَرَ بإخلاصِهَا لهُ فمنْ تقرَّبَ بهَا للهِ مخلصاً، فعملُهُ مقبولٌ، ومنْ تقرَّبَ إلى اللهِ بغيرِهَا فعملُهُ مردودٌ، كمَا قالَ صلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ ((مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمرُنا فهوَ رَدٌّ)) وصاحبُهُ داخلٌ في قولِهِ تعالى {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ}.