قوله: (وصوره كثيرة، ومنها: البرهان) أي: إن صور الاستدلال كثيرة، ومنها: البرهان، وهو في اللغة: الدليل، كما قال تعالى: {{قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}} [البقرة: 111] . قال الراغب: (البرهان: أوكد الأدلة، وهو الذي يقتضي الصدق أبداً، لا محالة)[(1024)].
وفي الاصطلاح: الدليل المركب من مقدمات يقينية، مثل: الكل أكبر من الجزء، الشمس مشرقة، الماء البارد يزيل العطش، ونحو ذلك من الأمور اليقينية.
(برهان الاعتلال ) ، وهو قياس بصورة أخرى تنتظم من مقدمتين ونتيجة، ومعناه إدخال واحد معين تحت جملة معلومة، كقولنا: النبيذ مسكر، وكل مسكر حرام، فينتج: النبيذ حرام.
قوله: (وهو ثلاثة: برهان الاعتلال، وهو قياس بصورة أخرى تنتظم من مقدمتين ونتيجة، ومعناه: إدخال واحد معين تحت جملة معلومة) أي: إن برهان الاعتلال قياس، لكنه ليس بالصورة المعلومة المتقدمة، بل هو صورة أخرى، وهو القياس المنطقي، الذي يتألف ضرورة من مقدمتين، كل مقدمة مكونة من جزئين ـ مبتدأ وخبر ـ يلزم من المقدمتين نتيجة، وقوله: (من مقدمتين) أي: لأن المقدمة الواحدة لا يمكن الخروج منها بشيء؛ إذ لا تنتج أكثر مما فيها.
ومثال ذلك: كلُّ وضوءٍ عبادة ـ وهذه المقدمة الأولى ـ وكل عبادةٍ تفتقر إلى النية ـ وهذه الثانية ـ، فالنتيجة: كل وضوء يفتقر إلى النية.
وكقولنا: النبيذ مسكر، وكل مسكر حرام، النتيجة: النبيذ حرام.
وكل ذلك يرجع إلى دعوى دخول واحد معين تحت جملة معلومة، وشكله من البراهين العقلية: مقدمتان ونتيجة، كما تقدم.