دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأسيس في التفسير > صفحات الدراسة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 07:01 AM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

جمع عثمان رضي الله عنه


عناصر الموضوع:
· الآثار الواردة في جمع عثمان بن عفان رضي الله عنه للقرآن
· أسباب جمع عثمان بن عفان رحمه الله
· شرح أثر أنس بن مالك في جمع عثمان رضي الله عنه
· أقوال العلماء في جمع عثمان رضي الله عنه
· هل اجتهد عثمان رضي الله عنه في ترتيب السور؟
· سبب تحريق عثمان رضي الله عنه للمصاحف الأخرى
· انتزاع عثمان رضي الله عنه المصاحف.
· اتفاق الناس مع عثمان على جمع المصاحف.
· توجيه ما روي عن ابن مسعود في شأن جمع عثمان رضي الله عنه.
- موافقة مصحف عبد الله لمصحف الإمام
- رضا ابن مسعود لجمع عثمان رضي الله عنه المصاحف
· حكم ما خالف المصحف الإمام.
· عدد المصاحف العثمانية.
· عدد السور في المصاحف العثمانية.
· موافقة المصاحف العثمانية للعرضة الأخيرة.
· المصاحف العثمانية.
· إطلاق عثمان رضي الله عنه القراءة على غير مصحفه.
· الإمام الذي كتب منه عثمان المصاحف وهو مصحفه
· اختلاف مصاحف الأمصار التي نسخت من الإمام.
· شبهات وأجوبتها


تلخيص مسائل جمع عثمان رضي الله عنه


1: الآثار الواردة في جمع عثمان بن عفان رضي الله عنه للقرآن
- عن أنس بن مالك: (أن حذيفة بن اليمان قَدِم على عثمانَوكان يُغازِي أهل الشأم في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفةَاختلافُهم في القراءة، فقال حذيفةُ لعثمانَ: يا أمير المؤمنين، أدركْ هذه الأمة قبلأن يختلفوا في الكتاب اختلافَ اليهود والنصارى! فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسليإلينا بالصحف ننسخها في المصاحف، ثم نردها إليك. فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمرزيدَ بن ثابت وعبدالله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام،فنسخوها في المصاحف. وقال عثمانُ للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بنثابت في شيءٍ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش؛ فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا، حتى إذانسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفقٍ بمصحفٍ ممانسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق.) رواه البخاري، والترمذي والنسائي بألفاظ متقاربة دون ذكر حرق عثمان لما سواه من القرآن، وبزيادة ذكر ردّه الصحف إلى حفصة.
- قال علي رضي الله عنه: (لو وليت لفعلت في المصاحف الذي فعل عثمان) رواه أبو عبيد القاسم.
- عن عمرو بن شرحبيل أبي ميسرة، قال: (أتى علي رجل، وأنا أصلي،فقال: ثكلتك أمك ألا أراك تصلي, وقد أمر بكتاب الله أن يمزق؟، قال: فتجوزت في صلاتي، وكنت لا أحبس، فدخلت الدارفلم أحبس، ورقيت فلم أحبس، فإذا أنا بالأشعري وإذا حذيفة وابن مسعود يتقاولان، وحذيفة يقول لابن مسعود: «ادفع إليهم المصحف». فقال: «والله , لا أدفعه». فقال: ادفعه إليهم، فإنهم لا يألون أمة محمد إلا خيرا، فقال: والله لا أدفعه إليهم؛ أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة وأدفعه إليهم؟ , والله لا أدفعه إليهم) رواه أبو عبيد القاسم.
- قال ابن عباس :(قلت لعثمان: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال، وهي من المثاني، وإلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينهما، ولم تكتبوا سطر (بسم الله الرحمن الرحيم)، ووضعتموها فيالسبع الطول؟ ما حملكم على ذلك؟ .فقال عثمان: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مما يأتي عليه الزمان، وهو ينزل عليه من السور ذوات العدد، فكان إذا نزلت عليه سورة يدعو بعض من يكتب فيقول: ((ضعوا هذه السورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا)) ، وكانت براءة من آخر القرآن نزولا، وكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، فظننتها منها، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يبين لنا أمرها، قال: فلذلك قرنت بينهما، ولم أجعل بينهما سطر (بسم الله الرحمن الرحيم)، ووضعتها في السبع الطول.) راه أبو عبيد القاسم.
- قال عبد الله بن مسعود:(يا معشر المسلمين، أأعزل عن نسخ كتاب الله، ويتولاه رجل، والله لقدأسلمت، وإنه لفي صلب رجل كافر؟) ,يعني : زيدا. وقال ابن مسعود: «يا أهل العراق، أو يا أهل الكوفة، اكتموا المصاحف التي عندكم وغلوها،فإن الله عز وجل يقول:{ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة}». رواه أبو عبيد القاسم، والترمذي
- قال مصعب بن سعد:(أدركت الناس حين شقق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك، أو قال: لم يعب ذلك أحد) رواه أبو عبيد القاسم
- عن محمد بن أبي بن كعب، أن ناسا من أهل العراق قدموا إليه، فقالوا: إنا قدمنا إليك من العراق، فأخرج إلينا مصحف أبي؟ .فقال محمد:(قد قبضه عثمان). فقالوا: سبحان الله أخرجه إلينا. فقال: (قد قبضه عثمان رضي الله عنه). رواه أبو عبيد القاسم
- قال زيد بن ثابت: (فُقدت آية من سورة «الأحزاب» كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر}، فالتمستُها فوجدتُها مع خزيمةَ بن ثابت أو أبي خزيمة فألحقتها في سورتها). رواه الترمذي
- قال الزهري: (فاختلفوا يومئذ في التابوت و التابوه، فقال القرشيون: التابوت، وقال زيد: التابوه، فرفع اختلافهم إلى عثمان، فقال: اكتبوه التابوت؛ فإنه نزل بلسان قريش) رواه الترمذي.

2: أسباب جمع عثمان بن عفان رحمه الله
- ذكر بعض العلماء من أسباب عدم جمع القرآن في العهد النبوي:
1. عدم انقطاع الوحي فينسخ الله تعالى منه ما يشاء، ويثبت ما يشاء.
قال الزركشي: (فلو جمعه ثم رفعت تلاوة بعض لأدّى إلى الاختلاف واختلاط الدين، فحفظه الله في القلوب إلى انقضاء زمان النسخ، ثم وفق لجمعه الخلفاءالراشدين)
2. نزول الوحي الجديد.
3. ولأنه كان من الصحابة من جمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
- ومن أسباب جمعه في عهد أبي بكر: مقتل كثير من القرّاء في وقعة اليمامة فجُمع خشية أن يذهب كثير من القرآن بذهاب حملته.
قال النووي: (فلما أمن أبوبكر وسائر أصحابه ذلك التوقع –أي الذي كان في العهد النبوي من الزيادة والنسخ- واقتضت المصلحة جمعه فعلوه رضي الله عنهم)
- إلاّ أن أبابكر لم يمنع من بيده شيء من الصحف التي كتبها من القرآن.
- قال الشيخ عبد العزيز الداخل: (لأن اختلاف الصحابة كان مأمونا لما أدّبهم النبي صلى الله عليه وسلم ولما عقلوا من نهيه عن الاختلاف في القرآن وأن يقرأ كل واحد منهم كما عُلّم، وقد ورد في ذلك أحاديث(.
- ومن أسباب جمعه في عهد عثمان رضي الله عنه: ما حدث في عهده من الاختلاف في القراءة كما جاء في حديث أنس عند البخاري وغيره.
- وفيه قال حذيفة لعثمان: (أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى)
- قال الشيخ عبد العزيز الداخل: (والاختلاف هنا مجمل في هذه الرواية وقد فصّل في روايات أخرى وآثار أخرى.)
- ومن ذلك:
·تكفير أهل الشام والعراق بعضهم لبعض، قال حذيفة لعثمان: (غزوت فرج أرمينية فإذا أهل الشام يقرأون بقراءة أُبيّ بن كعب ويأتون بما لم يسمعأهل العراق، وإذا أهل العراق يقرأون بقراءة ابن مسعود فيأتون بما لم يسمع أهل الشامفيكفر بعضهم بعضًا.) ذكره ابن حجر والعيني والقسطلاني من رواية عمارة بن غزية، وقال العيني: (وكان هذا سببا لجمع عثمان القرآن في مصحف).
· وفي رواية يونس: (أنهم تذاكروا القرآن فاختلفوا فيه حتى كاد يكون بينهم فتنة) رواه ابن أبي داود
· ما بلغ عثمان أن بعضهم يقول: (قراءتي خير من قراءتك)، فاستشار الصحابة في جمع الناس على مصحف واحد، وقال: (نرى أن نجمع النّاس على مصحفٍ واحدٍ، فلا تكون فرقةٌ، ولا يكون اختلافٌ، قالوا: فنعم ما رأيت). رواه ابن أبي داود.
- قال الشيخ عبد العزيز الداخل: (وقد استوعب ابن حجر الروايات والآثار في أسباب جمع القرآن في عهد عثمان بما لم أجده عند غيره، وقد أحسن في ذلك).
ومن ذلك:
1: قوله: (وأخرج بن أبى داود أيضا من طريق يزيد بن معاوية النخعي قال: إنى لفي المسجد زمن الوليد بن عقبة في حلقة فيها حذيفة فسمع رجلا يقول قراءة عبد الله بن مسعود وسمع آخر يقول قراءة أبى موسى الأشعري فغضب ثم قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (هكذا كان من قبلكم اختلفوا والله لأركبن إلى أمير المؤمنين)).
2: ومن طريق أخرى عنه: أن اثنين اختلفا في آية من سورة البقرة قرأ هذا {وأتموا الحج والعمرة لله} وقرأ هذا {وأتموا الحج والعمرة للبيت} فغضب حذيفة واحمرت عيناه.
3: ومن طريق أبى الشعثاء قال: قال حذيفة: (يقول أهل الكوفة قراءة ابن مسعود ويقول أهل البصرة قراءة أبى موسى والله لئن قدمت على أمير المؤمنين لآمرنه أن يجعلها قراءة واحدة.)
4: ومن طريق أخرى أن ابن مسعود قال لحذيفة: (بلغني عنك كذا!!)
قال: (نعم، كرهت أن يقال: قراءة فلان وقراءة فلان؛ فيختلفون كما اختلف أهل الكتاب).
5: ومن طريق أبى قلابة قال: لما كان في خلافة عثمان جعل المعلّم يعلم قراءة الرجل والمعلّم يعلم قراءة الرجل فجعل الغلمان يلتقون فيختلفون حتى ارتفع ذلك إلى المعلّمين حتى كفّر بعضهم بعضا؛ فبلغ ذلك عثمان فخطب فقال: (أنتم عندي تختلفون فمن نأى عنى من الأمصار أشد اختلافا).
6: وفى رواية مصعب بن سعد فقال عثمان: (تمترون في القرآن تقولون قراءة أبيّ قراءة عبدالله ويقول الآخر والله ما تقيم قراءتك).
7: ومن طريق محمد بن سيرين قال: كان الرجل يقرأ حتى يقول الرجل لصاحبه كفرتُ بما تقول فرفع ذلك إلى عثمان فتعاظم في نفسه.
- وعند بن أبى داود أيضا من رواية بكير بن الأشج أن ناسا بالعراق يسأل أحدهم عن الآية فإذا قرأها قال: ألا إنى أكفر بهذه ففشا ذلك في الناس؛ فكُلِّم عثمان في ذلك).ا.ه
ذكر ذلك الشيخ عبد العزيز الداخل وقال: (وهذا يدلّ على أن هذه الأسباب اجتمعت وتظافرت وكان جمع القرآن عن إجماع من الصحابة رضي الله عنهم لما رأوه من الاختلاف فجمعوا الناس على مصحف واحد نصحاً للأمّة ودرءا للاختلاف والتنازع في كتاب الله تعالى).
- فإن قيل: ما وجه حمل عثمان الناس على مصحفه وقد سبقه أبوبكر إلى ذلك وفرغ منه؟
- فالجواب: أن أبابكر قصد من جمعه أن يجمعه في موضع واحد خوفًا من ذهاب شيء من القرآن بذهاب حملته، فجمعه في صحائف مرتبًا لآيات سوره.
وأما جمع عثمان فكان للاختلاف في وجوه القراءة وتخطئة بعضهم لبعض، حتى أظهر بعضهم إكفار بعض، وتلاعن أهل الشام والعراق، فشاور عثمان المهاجرين والأنصار في جمع الناس على ما صحّ من القراءات المشهورة، وطرح ما سواها، فاستصوبوا رأيه، فنسخ الصحف في مصحف واحد مرتبا لسوره، واقتصر على لغة قريش، وهذا حاصل ما قاله ابن التين وابن بطال والسيوطي والسفاقسي والقسطلاني وغيرهم.

3: شرح أثر أنس بن مالك في جمع عثمان رضي الله عنه
- ذكر ابن حجر تخريجات القصص الثلاث التي رواها ابن شهاب وطرقها ومن تفرد بها في كتب الحديث والمسانيد، وهذا ملخصه:
- فلابن شهاب قصتين مختلفتين في كتابة القرآن وجمعه، وثالثة عن خارجة بن زيد عن أبيه قصة الآية التي من الأحزاب
- أخرج البخاري القصة الأولى في تفسير التوبة، والثالثة في تفسير سورة الأحزاب.
- وأخرج القصة الثانية البخاري والطبراني وابن أبي داود، وأخرجها الخطيب من طريق أبي اليمان.
- روي عن ابن شهاب:
من طريق إبراهيم بن سعد
ومن طريق شعيب، وروى آخر التوبة مفردًا يونس بن يزيد
ومن طريق ابن عيينة عن ابن شهاب
وروى قصة آية الأحزاب معمر وهشام بن الغاز ومعاوية بن يحيى ثلاثتهم عن ابن شهاب.
ومن طريق ابن أبي عتيق عن ابن شهاب.
- قال ابن حجر: (وكانت هذه القصة في سنة خمس وعشرين في السنة الثالثة أو الثانية من خلافة عثمان)
- يؤكّد ذلك قول عثمان: (أيها الناس، إنما قبض نبيكم منذ خمس عشرة سنة، وقد اختلفتم في القراءة ..) رواه ابن أبي داود، وفي رواية: (منذ ثلاثة عشرة سنة)
- قال بن حجر: (فيجمع بينهما بإلغاء الكسر في هذه، وجبره في الأولى، فيكون ذلك بعد مضي سنة واحدة من خلافته، فيكون ذلك في أواخر سنة أربع وعشرين وأوائل سنة خمس وعشرين، وهو الوقت الذي ذكر أهل التاريخ أن أرمينية فتحت فيه).
- وقوله: (في فتح أرمينية وأذربيجان): (فأرمينية) بلد معروف سميت بكون الأرمن فيها، وهي أمة كالروم، قاله أبو عبيد وذكره ابن الملقن.
(وأذربيجان): بلد بالجبال من بلاد العراق يلي كور إرمينينة من جهة المغرب.
- جاء ذكر معناهما عند ابن الملقن ، وابن حجر، والعيني، والقسطلاني.
- وسبب مقدم حذيفة على عثمان أنه أفزعه اختلاف أهل الشام والعراق في القراءة، فقال لعثمان: (يا أمير المؤمنين، أدركْ هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلافَ اليهودوالنصارى) رواه البخاري وغيره.
- وقد وقع نحو ذلك لعثمان؛ ومن ذلك ما كان من اختلاف الغلمان والمعلمين في خلافته حتى كفّر بعضهم بعضا، كما تقدم (في أسباب جمع عثمان).
- قال ابن حجر: (فكأنه لما جاءه حذيفة وأعلمه باختلاف أهل الأمصار تحقق عنده ما ظنّه من ذلك).
- قوله لحفصة: (أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف) قال ابن حجر: والفرق بين الصحف والمصحف: أن الصحف الأوراق المجردة التي جمع فيها القرآن في عهد أبى بكر، وكانت سورًا مفرقةكل سورة مرتبة بآياتها على حدة، لكن لم يرتب بعضها إثر بعض، فلما نسخت ورتب بعضها إثر بعض صارت مصحفًا.) وذكر ذلك العيني وقال: (فلم يكن مصحفًا إلا في عهد عثمان)
- اختار عثمان لنسخ المصحف: زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث.
- ومن طريق آخر: (جمع اثنى عشر رجلًا من قريش والأنصار منهم أبيّ بن كعب) رواه ابن أبي داود
- واختار عثمان زيدًا ليكتب؛ لأنه أكتب الناس، وكان كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واختار سعيدًا ليملي لأنه أفصح الناس وكان أشبههم لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعدّ من الصحابة.
- والمراد(بالرهط القرشيين): سعيد وعبد الله وعبد الرحمن، فالأول أموي والثاني أسدي والثالث مخزومي، وكلها من بطون قريش.
- وممّن ذكر فيمن كتب أو أملى في جمع عثمان:
مالك بن أبي عامر (جد مالك بن أنس)
كثير بن أفلح
أبي بن كعب
أنس بن مالك
عبد الله بن عباس، وجميعهم إمّا قريشي أو أنصاري.
- قوله:(في شيء من القرآن): أي في عربيته.
قال ابن شهاب: (فاختلفوا يومئذٍ في التابوت والتابوه، فقال القرشيون: التابوت، وقال زيد: التابوه، فرفع اختلافهم إلى عثمان فقال: اكتبوه التابوت، فإنه نزل بلسان قريش) ذكره ابن حجر.
- قوله: (فإنما أنزل بلسانهم) أي بلسان قريش، أي معظم القرآن.
- وعزم عثمان على الناس من كان عنده شيء من القرآن مما أملاه الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجئ به، ثم دعاهم رجلًا رجلًا فناشدهم لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أملاه عليك؟ فيقول نعم. رواه ابن أبي داود.
- ولما نسخ عثمان المصاحف ردّها إلى حفصة، فكانت عندها حتى توفيت فأخذها مروان فشققها وأحرقها وقال: (إنما فعلت هذا لأني خشيت إن طال بالناس زمان أن يرتاب في شأن هذه الصحف مرتاب)، وفي رواية: (أو يقول إنه قد كان شيء منها لم يكتب) رواه ابن أبي داود
- قوله: (ثم أمر عثمان بحرق ما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف) أي: أمر بحرق كل ما يخالف المصحف الذي أرسل.
- وقوله: (وأمر بما سواه): أي بما سوى المصحف الذي استكتبه، والمصاحف التي نقلت منه، وسوى الصحف التي كانت عند حفصة.
- قيل: فحرقت المصاحف بالعراق بالنار، وفي رواية: (فأمر بجمع المصاحف فأحرقها) رواه ابن أبي داود
- قال علي: (لا تقولوا لعثمان في إحراق المصاحف إلا خيرا) ابن أبي داود
- قال مصعب بن سعد: (أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك، أو قال: لم ينكر ذلك منهم أحد) رواه ابن أبي داود
- ولما فرغ عثمان من المصحف كتب لأهل الأمصار: (إني قد صنعت كذا وكذا ومحوت ما عندي فامحوا ما عندكم) رواه ابن أبي داود
- قال ابن حجر: (وأكثر الروايات صريح في التحريق)
- وقال: (وقد جزم عياض بأنهم غسلوها بالماء ثم أحرقوها مبالغة في إذهابها)
- قوله: (وأرسل إلى كلّ أفق) أي: إلى كلّ جند من أجناد المسلمين بمصحف.

4: أقوال العلماء في جمع عثمان رضي الله عنه
- قال النووي: (فلما كان في زمن عثمان رضي الله عنه وانتشر الإسلام خاف عثمان وقوع الاختلاف المؤدي إلى ترك شيء من القرآن أو الزيادة فيه فنسخ من ذلك المجموع الذي عند حفصة الذي أجمعت الصحابة عليه مصاحف، وبعث بها إلى البلدان وأمر بإتلاف ما خالفها وكان فعله هذا باتفاق منه ومن علي بن أبي طالب وسائر الصحابة وغيرهم رضي الله عنهم).
- قال العيني: (وفي رواية عمارة بن غزية: أن حذيفة قدم من غزوة فلم يدخل بيته حتى أتى عثمان فقال: يا أمير المؤمنين، أدرك الناس! قال: وما ذاك؟ قال: غزوت فرج أرمينية فإذا أهل الشام يقرءون بقراءة أبي بن كعب فيأتون بما لم يسمع أهل العراق، وإذا أهل العراق يقرءون بقراءة عبدالله بن مسعود، فيأتون بما لم يسمع أهل الشام فيكفر بعضهم بعضا انتهى)، قال العيني: (وكان هذا سببًا لجمع عثمان القرآن في المصحف.)
- قال الزركشي: (واشتهر أن عثمان هو أول من جمع المصاحف وليس كذلك)
- فالصحيح: أن أول من جمع القرآن في مصحف أبو بكر ثم نسخها عثمان في مصاحف لمّا خاف الاختلاف، قال البيهقي: (وروينا أن الجمع في المصحف كان في زمن أبي بكر، والنسخ في المصاحف في زمن عثمان) ذكره الزركشي.
- فعثمان إنما حمل الناس على قراءة واحدة بإجماع من شهده من المهاجرين والأنصار، لما خشي الفتنة باختلاف أهل الشام والعراق، وقبل جمع عثمان كانت المصاحف بوجوه من القراءات المطلقة على الحروف السبعة التي نزل القرآن بها، قاله الحارث المحاسبي وذكره السيوطي.
- قال زيد : (فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف، قد كنت أسمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ بها، لم أجدها مع أحد إلا مع خزيمة الأنصاري:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} فألحقناها في سورتها وخزيمة الأنصاري شهادته بشهادتين). رواه الترمذي، وأورده الزركشي وقال: (وقول زيد"لم أجدها إلامع خزيمة" ليس فيه إثبات القرآن بخبر الواحد؛ لأن زيدا كان قد سمعها وعلم موضعها في سورة الأحزاب بتعليم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكذلك غيره من الصحابة، ثم نسيها، فلما سمع ذكره وتتبعه للرجال كان للاستظهار لا لاستحداث العلم.)
- وقال ابن الجوزي: (وزيد من جملة من حفظ القرآن قبل موت رسول الله غير أن الحافظ قد يستعين بغيره وبالمسطور)
- قال أنس بن مالك: (كنت فيمن أملى عليهم فربما اختلفوا في الآية فيذكرون الرجل قد تلقّاها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعلّه أن يكون غائبا، أو في بعض البوادي، فيكتبون ما قبلها وما بعدها، ويدعون موضعها حتى يجئ أو يرسل إليه) رواه ابن أبي داود
- وقيل: كانوا إذا تدارؤا في شيء أخّروه لينظروا أحدثهم عهدًا بالعرضة الأخيرة ليكتبوه على قوله، رواه ابن أبي داود.

5: هل اجتهد عثمان رضي الله عنه في ترتيب السور؟
- عن ابن عباس، قال: قلت لعثمان: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال، وهي من المثاني، وإلى براءة وهيمن المئين، فقرنتم بينهما، ولم تكتبوا سطر (بسم الله الرحمن الرحيم)، ووضعتموها فيالسبع الطول؟ ما حملكم على ذلك؟ .فقال عثمان: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانمما يأتي عليه الزمان، وهو ينزل عليه من السور ذوات العدد، فكان إذا نزلت عليه سورةيدعو بعض من يكتب فيقول: ((ضعوا هذه السورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا)) ،وكانت براءة من آخر القرآن نزولا، وكانت الأنفال منأوائل ما نزل بالمدينة، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، فظننتها منها، وقبض رسول اللهصلى الله عليه وسلم، ولم يبين لنا أمرها، قال: فلذلك قرنت بينهما، ولم أجعل بينهماسطر (بسم الله الرحمن الرحيم)، ووضعتها في السبع الطول.) رواه أبو عبيد القاسم والواحدي، وابن جرير والثعلبي بألفاظ متقاربة
- وفي رواية أخرى بزيادة: قول عثمان: فظننت أنّها منها قال: وكانتا تدعيان في زمان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم القرينتين فلذلك جعلتهما في السّبع الطّوال.
- روى أثر ابن عباس أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي من حديث يزيد الفارسي عن ابن عباس، ورواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، وأحمد، وابن راهويه، وأبو يعلى والبزار في مسانيدهم، ورواه البيهقي.
- ذكر هذه التخريجات لأثر ابن عباس: الزيعلي وابن حجر، وقالا: (وقوله وكانت تدعيان القرينتين) لم يذكرها إلا إسحاق.
- ولم يذكر ابن حجر الحاكم والبيهقي.
- والشوكاني ذكر تخريجه عند ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم.
- قال أبو جعفر: (ففي هذا الحديث ظنّ عثمان أن الأنفال من براءة، وتحقيق ابن عباس أنها ليست منها) ذكره النحاس.
- وقال: (وفيه البيان أن تأليف القرآن من الله جل وعزّ ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا مدخل لأحدٍ فيه)
- ذكر الأدلة على ذلك:
فالأول: الأحاديث المتوارترة في ذكره صلى الله عليه وسلم السور مرتبة، وصلاته بها.
الثاني: صحّ عن أربعة أنهم حفظوا القرآن، ولا يجوز أن يحفظوا ما ليس مؤلفًا، قال أنس: (جمع القرآن على عهد رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم أربعةٌ أبيّ بن كعبٍ، وزيد بن ثابتٍ، وأبو زيدٍ، ومعاذ بن جبلٍ) رواه ابن جرير.
وقال الشّعبيّ: (وأبو الدّرداء حفظ القرآن على عهد رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ومجمّع بن جارية بقيت عليه سورتان أو ثلاثٌ، قال: ولم يحفظ القرآن أحدٌ من الخلفاء إلّا عثمان، وسالمٌ مولى أبي حذيفة بقي عليه منه شيءٌ). ذكره النحاس.
الثالث: حديث أبي رافع مرفوعا: (أعطيت السّبع مكان التّوراة وأعطيت المئين مكان الزّبور وأعطيت المثاني مكان الإنجيل وفضّلت بالمفصّل). رواه ابن جرير، وقال: (فهذا التّأليف من لفظ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم وهذا أصلٌ من أصول المسلمين لا يسعهم جهله؛ لأنّ تأليف القرآن من إعجازه).
- وقوله: (وكانت قصتها شبيهة بقصتها)، قال أبي بن كعب: (إنما توهموا ذلك لأن في الأنفال ذكر العهود وفي براءة نبذ العهود) ذكره الزمخشري.
- والمراد بالسبع الطول: البقرة، آل عمران، النساء، المائدة، الأنعام، الأعراف، يونس، وقيل براءة، ذكره السخاوي وقال: (وقد توهّم عثمان أن الأنفال وبراءة سورة واحدة فلذلك وضعهما في السبع الطوال ولم يكتب بينهما البسملة، وكانتا تدعيان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم القرينتين)
- قال الزركشي: (ثبت أن القرآن مجموعه محفوظ كله في صدور الرجال أيام حياة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مؤلفا على هذا التأليف إلا سورة براءة.)
- وقال: (وإنما ترك جمعه في مصحف واحد لأن النسخ كان يرد على بعض.)
- وقال: ([فالصحابة]كتبوه كما سمعوه من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غير أن قدموا شيئا أو أخروا، وهذا الترتيب كان منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتوقيف لهم على ذلك وأن هذه الآية عقب تلك الآية، فثبت أن سعي الصحابة في جمعه في موضع واحد لا في ترتيب؛ فإن القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ على هذا الترتيب الذي هو في مصاحفنا الآن)
- وروي عن زيد بن ثابت أن التأليف كان في زمن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه ِوَسَلَّمَ، قاله البيهقي، وذكره الزركشي.
- فيتحصّل من هذه الأقوال أن القرآن كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مرتباً سوره وآياته على هذا الترتيب، إلا الأنفال وبراءة، وهو معنى ما قاله البيهقي، وذكره السيوطي.
- وسبب سقوط البسملة من أول براءة:
اختلف فيها العلماء على أقوال:
الأول: أن براءة نزلت بالسيف وبنقض العهد الذي كان بين النبي صلى الله عليه وسلم والمشركين، قاله المبرد والزمخشري وابن الجوزي وغيرهم، قال علي: (لأنّ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم أمانٌ. وبراءة نزلت بالسّيف.) أخرجه أبو الشيخ وابن مردويه، وأورده الشوكاني.
الثاني: لظن عثمان أنهما سورة واحدة، قال الزجاج: (والشبه الذي بينهما أن في الأنفال ذكر العهود وفي براءة نقضها) ذكره ابن الجوزي، وقال: كان قتادة يقول: (هما سورة واحدة).
الثالث: أنهم لمّا لم يقبلوا كتابة بسم الله الرحمن الرحيم في صلح الحديبية وردّوها، فما ردّها الله عليهم، قاله عبد العزيز المكي وذكره ابن الجوزي.
الرابع: أنها كانت تعدل سورة البقرة أو قريبًا منها، وأنه لما سقط أولها سقطت البسملة، روي هذا عن مالك وابن عجلان، ذكره الشوكاني.
الخامس: لاختلاف الصحابة هل هما سورة واحدة أو سورتان، فتركت بينهما فجوة لقول من قال أنهما سورتان، وتركت: (بسم الله الرحمن الرحيم) لقول من قال أنهما سورة، فرضي الفريقان. قاله خارجة وأبو عصمة وذكره الشوكاني، وقال: (وقول من جعلهما سورة واحدة أظهر؛ لأنهما جميعا في القتال، وتعدّان جميعا سابعة السبع الطوال)
- وعن الحسن هما سورتان، أخرجه أبو الشيخ، وذكره الشوكاني.
- وقد توهّم بعضهم أن جمع عثمان هو التأليف.
- فالجواب: أنه أمر بجمعه وهو مجموع؛ لأنه أراد بذلك أن يختار حرفا واحدا ليزيل الخلاف، قال ابن جرير: (وهذا من أصحّ ما قيل فيه؛ لأنّه مرويٌّ عن زيد بن ثابتٍ أنّه قال هذا).
- فائدة حديثية: قال البزار: (لا نعلم أحدًا رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عثمان، ولا رواه ابن عباس عن عثمان إلا هذا الحديث) ذكره الزيعلي.

6: سبب تحريق عثمان رضي الله عنه للمصاحف الأخرى.
- قال يحيى الشيباني: (فإنه لم يرد بذلك إلا الإشعار بشدة عزمه فيه وصلابته في العمل بمقتضاه؛ لئلا يجري بين الأمة اختلاف في شيء منه).
- وقال ابن عطية: (وما فعله عثمان رضي الله عنه؛ فلاختلاط الشاذ بالمتواتر وخشية التحريف أيضًا أو الإحراق لإذهاب عينه رأسًا) ذكره ابن الملقن.
- وقال النوويُّ: (وكان ذلك صيانة لمصحف عثمان) ذكره ابن الملقن.
-ويؤخذ من تحريق عثمان للمصحف: جواز تحريق الكتب التي فيها أسماء الله تعالى وأن ذلك إكرام لها، وصيانة من الوطء بالأقدام وطرحها في ضياع من الأرض، قاله ابن بطال.
- وروي عن طاوس وعروة أنهم حرقا ما كان فيه اسم الله، وكرهه إبراهيم، ذكره ابن بطال وقال: (وقول من حرقها أولى بالصواب).
- وقال ابن عطية: وهذا حكمُهُ في ذلك الزمن، أما الآن قيل: الغسل أولى إذا دعت الحاجة إلى إزالته، ذكره ابن الملقن.
وقيل: يدفن في مكان طاهر بعيد عن وطء الناس، وهو قول الحنفية، وذكره ابن الملقن.
- قال عياض: (قد أحرق عثمان والصحابة المصاحف بعد أن غسلوا منها بالماء ما قدروا عليه) ذكره ابن الملقن
- وفي رواية: (غسلوها ثم أحرقوها مبالغة في إذهابها) ذكره العيني
وقال القسطلاني: (وسدّا لمادة الاختلاف)
- قال ابن حجر: (واستدل بتحريق عثمان الصحف على القائلين بقدم الحروف والأصوات لأنه لا يلزم من كون كلام الله قديما أن تكون الأسطر المكتوبة في الورق قديمة ولو كانت هي عين كلام الله لم يستجز الصحابة إحراقها)

7: انتزاع عثمان رضي الله عنه المصاحف.
- أخرج أبو عبيد القاسم عن عمرو بن شرحبيل أبي ميسرة، قال: أتى علي رجل، وأنا أصلي، فقال: ثكلتك أمك ألا أراك تصلي, وقد أمر بكتاب الله أنيمزق؟، قال: فتجوزت في صلاتي، وكنت لا أحبس، فدخلت الدارفلم أحبس، ورقيت فلم أحبس، فإذا أنا بالأشعري وإذا حذيفة وابن مسعود يتقاولان، وحذيفة يقول لابن مسعود: «ادفع إليهم المصحف». فقال: «والله , لا أدفعه». فقال: ادفعه إليهم، فإنهم لا يألون أمة محمد إلا خيرا، فقال: والله لا أدفعه إليهم؛ أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة وأدفعه إليهم؟ , والله لا أدفعه إليهم.
- وعن محمد بن أبي بن كعب: أن ناسًا من أهل العراق قدموا يسألونه عن مصحف أبي فقال: (قد قبضه عثمان) مرتين، رواه أبوعبيد القاسم، وابن أبي داود.
- وقيل: دفن عثمان المصاحف بين القبر والمنبر، رواه ابن أبي داود.

8: اتفاق الناس مع عثمان على جمع المصاحف.
- قال علي: (لو وليت لفعلت في المصاحف الذي فعل عثمان.) رواه أبو عبيد القاسم
- وقال: (لو لم يصنعه عثمان لصنعته) رواه ابن أبي داود
- وقال: (لا تقولوا في عثمان إلا خيرا فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منّا) رواه ابن أبي داود
- قال عثمان لما رأى اختلاف الناس في القراءة: (يا أصحاب محمد اجتمعوا فاكتبوا للناس إماما، فاجتمعوا فكتبوا) أخرجه ابن أشته
- قال بعض أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لما نسخ عثمان المصاحف: (قد أحسن) رواه ابن أبي داود
- قال مصعب بن سعد: أدركت الناس حين شقق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك، أو قال: لم يعب ذلك أحد. رواه أبوعبيد القاسم وابن أبي داود.
- قال غنيم بن قيس: (قرأت القرآن على الحرفين جميعًا، واللّه ما يسرّني أنّ عثمان لم يكتب المصحف) رواه ابن أبي داود
- وقال أبو مجلز: (لولا أنّ عثمان كتب القرآن لألفيت النّاس يقرءون الشّعر) رواه ابن أبي داود
- وقال عبد الرحمن بن مهدي: (خصلتان لعثمان بن عفّان ليستا لأبي بكرٍ ولا لعمر، صبره نفسه حتّى قتل مظلومًا، وجمعه النّاس على المصحف) رواه ابن أبي داود

9: توجيه ما روي عن ابن مسعود في شأن جمع عثمان رضي الله عنه.
- قال ابن مسعود:(يا معشر المسلمين، أأعزل عن نسخ كتاب الله، ويتولاه رجل، والله لقد أسلمت، وإنه لفي صلب رجل كافر؟, يعني : زيدا) رواه أبو عبيد القاسم وابن أبي داود
- وقال ابن مسعود: «يا أهل العراق، أو يا أهل الكوفة، اكتموا المصاحف التي عندكم وغلوها، فإن الله عز وجل يقول: {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة}». فألقوا إليه المصاحف.
قال ابن شهاب: فبلغني أنه كره ذلك من قول ابن مسعود رجال من أفاضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .رواه أبوعبيد القاسم وابن أبي داود
- قال أبو الدرداء: (كنا نعدّ عبد الله حنّانا فما باله يواثب الأمراء) رواه ابن أبي داود
- وتوجيه ذلك: أنه شقّ على ابن مسعود صرفه وعزله عن كتابة المصحف، وكره أن يولّى زيد بن ثابت نسخ المصاحف وقد تقدّمه في الإسلام، ومن ذلك قول ابن مسعود:
- (أأعزل عن نسخ كتاب الله، ويتولاه رجل، والله لقد أسلمت، وإنه لفي صلب رجل كافر؟, يعني : زيدا) رواه أبو عبيد القاسم وابن أبي داود
- وقوله: (كيف تأمروني أن أقرأ قراءة زيد، ولقد قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة) رواه ابن أبي داود
- وفي رواية: (أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة أحكمتها قبل أن يسلم زيد بن ثابت) ابن أبي داود
- وقال لحذيفة لما أمر عثمان بقبض المصاحف: (والله لا أدفعه إليهم؛ أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة وأدفعه إليهم؟ , والله لا أدفعه إليهم). رواه أبو عبيد القاسم
- ومما يظهر علم ابن مسعود رضي الله عنه في كتاب الله قوله: (وما من كتاب اللّه آيةٌ إلّا أعلم حيث نزلت، وفيم نزلت، ولو أعلم أحدًا أعلم بكتاب اللّه منّي، تبلّغنيه الإبل لرحلت إليه ) جاء ذلك في روايات متقاربة، قال شقيق: (فما سمعت أحدًا من أصحاب محمد يعيب عليه شيئا مما قاله ولا ردّه) وفي رواية: (فما أحد ينكر ما قال) رواه ابن أبي داود
- وأما قوله صلى الله عليه وسلم في ابن مسعود: (من أراد أن يقرأ القرآن غضًّا كما أنزل فليقرأه بقراءة ابن أمّ عبدٍ) فتأويله: هو الحضّ على ترتيل مثل ترتيله لا غير، فليس المراد القراءة بحرف ابن مسعود، قاله ابن جرير، وذكره النحاس.
- ويعذر عثمان في أمر ابن مسعود:
1: أنه في المدينة، وابن مسعود في الكوفة، ولم يؤخّر عثمان ما عزم عليه إلى أن يرسل إليه ويحضر.
2: أن عثمان اختار زيدًا لكونه هو من كتب الصحف لأبي بكر، ولكونه كاتب الوحي فله من الأولية ما ليس لغيره.
· موافقة مصحف عبدالله لمصحف الإمام:
- قال ابن جرير: (حرف عبد اللّه الصّحيح أنّه موافقٌ لمصحفنا؛ يدلّك على ذلك أنّ أبا بكر بن عيّاشٍ قال: قرأت على عاصمٍ وقرأ عاصمٌ على زرٍّ وقرأ زرٌّ على عبد اللّه.) ذكره النحاس
· رضا ابن مسعود لجمع عثمان رضي الله عنه المصاحف:
- لما صنع بالمصاحف ما صنع فزع الناس إلى ابن مسعود فقال: (إنّ القرآن أنزل على نبيّكم من سبعة أبوابٍ على سبعة أحرفٍ -أو حروفٍ-، وإنّ الكتاب قبلكم كان ينزل -أو نزل- من بابٍ واحدٍ على حرفٍ واحدٍ، معناهما واحدٌ) رواه ابن أبي داود
- قال الشيخ عبدالعزيز الداخل: (وكان جمع القرآن عن إجماع من الصحابة رضي الله عنهم لما رأوه من الاختلاف فجمعوا الناس على مصحف واحد نصحاً للأمّة ودرءا للاختلاف والتنازع في كتاب الله تعالى، وماكان من خلاف ابن مسعود في أوّل الأمر فإنّه رجع عنه).

10: حكم ما خالف المصحف الإمام.
- يحكم عليه بالشذوذ لمخالفته ما اتفقت عليه الأمة، قاله ابن عاشور.
- جاء عن طاوس وعمر بن عبد العزيز أنهما كانا يقرآن سورتي الشرح والضحى لا يفصلان بينهما، ذكره ابن عاشور وقال: (وهذا شذوذ).

11: عدد المصاحف العثمانية.
- قال ابن حجر: (واختلفوا في عدة المصاحف التي أرسل بها عثمان إلى الآفاق).
1: قيل: أربعة؛ للكوفة والبصرة والشام وواحدا بالمدينة، وهذا اختيار أبو عمرو الداني وصححه وقال: (وعليه الأئمة) ذكره النووي والزركشي.
2: وقيل: خمسة، قال ابن حجر: (فالمشهور أنها خمسة)
3: وقيل: سبعة، بزيادة مكة واليمن والبحرين، قاله أبو حاتم السجستاني، وذكر ذلك ابن حجر والعيني والسيوطي والقسطلاني.
- وذُكر أن مصحف الشام والبصرة أضبط من مصحف أهل الكوفة، قيل: لأن عثمان بعثه قبل أن يُعرض. رواه ابن أبي داود
- وأرسل عثمان مصحفا وأمر الصحابة كابن مسعود وأبي موسى أن يقيموا مصاحفهم عليه، فقال أبو موسى: (ما وجدتم في مصحفي هذا من زيادةٍ فلا تنقصوها، وما وجدتم من نقص انٍف اكتبوه) رواه ابن أبي داود

12: عدد السور في المصاحف العثمانية.
- قال الزركشي: (واعلم أن عدد سور القرآن العظيم باتفاق أهل الحل والعقد: مائة وأربع عشرة سورة، كما هي في المصحف العثماني: أولها الفاتحة وآخرها الناس)
- وقيل: ثلاث عشرة بجعل الأنفال والتوبة سورة واحدة؛ لاشتباه الطرفين وعدم البسملة. ويرده تسمية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلا منهما
- وعدد السور في مصحف ابن مسعود: اثنا عشر؛ فلم يكن فيها المعوذتان.
- وعدد السور في مصحف أبيّ: ست عشرة، بزيادة دعاء الاستفتاح والقنوت في آخره كالسورتين. قال الزركشي: (ولا دليل فيه).

13: موافقة المصاحف العثمانية للعرضة الأخيرة.
- قال الزركشي: (واختلف في الحرف الذي كتب عثمان عليه المصحف:
فقيل:حرف زيد بن ثابت،
وقيل:حرف أبي بن كعب؛ لأنه العرضة الأخيرة التي قرأها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعلى الأول أكثر الرواة، ومعنى حرف زيد، أي: قراءته وطريقته)
- قال أبو عبد الرحمن السلمي: (كانت قراءة أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت والمهاجرين والأنصار واحدة، كانوا يقرءون القراءة العامة وهي القراءة التي قرأها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على جبريل مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان زيد قد شهد العرضة الأخيرة وكان يقرئ الناس بها حتى مات، ولذلك اعتمده الصديق في جمعه وولاه عثمان كتبة المصحف) ذكره الزركشي

14: المصاحف العثمانية.
- قال عثمان لما رفع إليه المصحف: (إنّ فيه لحنًا، وستقيمه العرب بألسنتها) رواه ابن أبي داود
- (بألسنتها) يعني: بلغتها.
- عن سعيد بن جبير: (في القرآن أربعة أحرفٍ لحنٌ:{الصّابئون}،{والمقيمين}[النساء: 162]،{فأصّدّق وأكن من الصّالحين}[المنافقون: 10]،و{إنهذان لساحران}[طه: 63]) . رواه ابن أبي داود
- سئل أبان بن عثمان عن اللحن في قوله تعالى: {والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة}، فقال: (من قبل الكتّاب، كتب ما قيل له). رواه ابن أبي داود
- وعن عائشة قالت: (هذا عمل الكتّاب أخطئوا في الكتاب) رواه ابن أبي داود

15: إطلاق عثمان رضي الله عنه القراءة على غير مصحفه.
- قال عثمان لمّا عاتبه أهل مصر على أمور منها حمله الناس على قراءة واحدة، فقال: (أمّا القرآن فمن عند اللّه، إنّما نهيتكم لأنّي خفت عليكم الاختلاف، فاقرءوا علىأيّ حرفٍ شئتم ..) رواه ابن أبي داود

16: الإمام الذي كتب منه عثمان المصاحف وهو مصحفه.
- ذُكر أن مصحف عثمان خالف مصاحف أهل المدينة في اثنى عشر حرفا.
- ذِكر هذه الأحرف التي خالف فيها مصحف عثمان مصاحف أهل المدينة.

17: اختلاف مصاحف الأمصار التي نسخت من الإمام.
- ذكر الحروف التي اختلفت فيها مصاحف أهل المدينة والكوفة والبصرة، وبيان مواضعها في القرآن.
- ذكر الحروف التي اختلف فيها أهل المدينة وأهل العراق.
- ذكر الحروف التي اختلف فيها أهل الشام وأهل العراق.
- قيل: أن بين مصحف أهل مكة وأهل البصرة اختلاف حرفان، وقيل: خمسة.
- ذكر هذه الحروف.
- وقيل: بين مصحف أهل الكوفة وأهل البصرة حرفان وقيل: بل عشرة أحرف.
- وذكر هذه الحروف.
- ما اتفقت فيه مصاحف أهل الكوفة والمدينة والبصرة من الحروف وما اختلفوا فيها.
- أخرج ابن أبي داود بإسناد صحيح إلى إبراهيم النخعي قال: قال لي رجل من أهل الشام مصحفنا ومصحف أهل البصرة أضبط من مصحف أهل الكوفة، قلت: لم؟
قال: لأن عثمان بعث إلى الكوفة لما بلغه من اختلافهم بمصحف قبل أن يعرض وبقي مصحفنا ومصحف أهل البصرة حتى عرضا.

18: شبهات وأجوبتها
· فإن قيل: لم خصّ عثمان زيد بن ثابت بهذا وفي الصحابة من هو أكبر منه كابن مسعود وأبي موسى الأشعري.
قال أبو جعفر: والجواب عن هذا: أنّ زيد بن ثابتٍ قدّم لأشياء لم تجتمع لغيره؛
منها أنّه كان يكتب الوحي لرسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم،
ومنها أنّه كان يحفظ القرآن في عهد رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم،
ومنها أنّ قراءته كانت على آخر عرضةٍ عرضها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على جبريل عليه السّلام.

· فإن قيل: كيف حرقت المصاحف وهي معظّمة؟
فالجواب: قال ابن الجوزي: أن ذلك لتعظيم القرآن وصيانته عن التغيير ورب فساد في الظاهر تضمنه صلاح.
وقال العيني: المحروق هو القرآن المنسوخ أو المختلط بغيره من التفسير أو بلغة غير قريش أوالقراءات الشاذة، وفائدته أن لا يقع الاختلاف فيه.

· جاء في رواية أنهم وجدوا مع خزيمة آخر التوبة، وفي رواية أخرى أنها آية من الأحزاب، فأيهما أصح؟
قال ابن الجوزي: فالجواب أن كليهما صحيح والآيتان وجدتا مع خزيمة فآخر التوبة وجدوها معه في زمن أبي بكر والآية من الأحزاب وجدوها معه في زمن عثمان.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 5 محرم 1438هـ/6-10-2016م, 05:45 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليلى باقيس مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم

جمع عثمان رضي الله عنه


عناصر الموضوع:
· الآثار الواردة في جمع عثمان بن عفان رضي الله عنه للقرآن
· أسباب جمع عثمان بن عفان رحمه الله
· شرح أثر أنس بن مالك في جمع عثمان رضي الله عنه
· أقوال العلماء في جمع عثمان رضي الله عنه
· هل اجتهد عثمان رضي الله عنه في ترتيب السور؟
· سبب تحريق عثمان رضي الله عنه للمصاحف الأخرى
· انتزاع عثمان رضي الله عنه المصاحف.
· اتفاق الناس مع عثمان على جمع المصاحف.
· توجيه ما روي عن ابن مسعود في شأن جمع عثمان رضي الله عنه.
- موافقة مصحف عبد الله لمصحف الإمام
- رضا ابن مسعود لجمع عثمان رضي الله عنه المصاحف
· حكم ما خالف المصحف الإمام.
· عدد المصاحف العثمانية.
· عدد السور في المصاحف العثمانية.
· موافقة المصاحف العثمانية للعرضة الأخيرة.
· المصاحف العثمانية.
· إطلاق عثمان رضي الله عنه القراءة على غير مصحفه.
· الإمام الذي كتب منه عثمان المصاحف وهو مصحفه
· اختلاف مصاحف الأمصار التي نسخت من الإمام.
· شبهات وأجوبتها


تلخيص مسائل جمع عثمان رضي الله عنه


1: الآثار الواردة في جمع عثمان بن عفان رضي الله عنه للقرآن
- عن أنس بن مالك: (أن حذيفة بن اليمان قَدِم على عثمانَوكان يُغازِي أهل الشأم في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفةَاختلافُهم في القراءة، فقال حذيفةُ لعثمانَ: يا أمير المؤمنين، أدركْ هذه الأمة قبلأن يختلفوا في الكتاب اختلافَ اليهود والنصارى! فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسليإلينا بالصحف ننسخها في المصاحف، ثم نردها إليك. فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمرزيدَ بن ثابت وعبدالله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام،فنسخوها في المصاحف. وقال عثمانُ للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بنثابت في شيءٍ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش؛ فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا، حتى إذانسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفقٍ بمصحفٍ ممانسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق.) رواه البخاري، والترمذي والنسائي بألفاظ متقاربة دون ذكر حرق عثمان لما سواه من القرآن، وبزيادة ذكر ردّه الصحف إلى حفصة.
- قال علي رضي الله عنه: (لو وليت لفعلت في المصاحف الذي فعل عثمان) رواه أبو عبيد القاسم.
- عن عمرو بن شرحبيل أبي ميسرة، قال: (أتى علي رجل، وأنا أصلي،فقال: ثكلتك أمك ألا أراك تصلي, وقد أمر بكتاب الله أن يمزق؟، قال: فتجوزت في صلاتي، وكنت لا أحبس، فدخلت الدارفلم أحبس، ورقيت فلم أحبس، فإذا أنا بالأشعري وإذا حذيفة وابن مسعود يتقاولان، وحذيفة يقول لابن مسعود: «ادفع إليهم المصحف». فقال: «والله , لا أدفعه». فقال: ادفعه إليهم، فإنهم لا يألون أمة محمد إلا خيرا، فقال: والله لا أدفعه إليهم؛ أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة وأدفعه إليهم؟ , والله لا أدفعه إليهم) رواه أبو عبيد القاسم.
- قال ابن عباس :(قلت لعثمان: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال، وهي من المثاني، وإلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينهما، ولم تكتبوا سطر (بسم الله الرحمن الرحيم)، ووضعتموها في السبع الطول؟ ما حملكم على ذلك؟ .فقال عثمان: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مما يأتي عليه الزمان، وهو ينزل عليه من السور ذوات العدد، فكان إذا نزلت عليه سورة يدعو بعض من يكتب فيقول: ((ضعوا هذه السورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا)) ، وكانت براءة من آخر القرآن نزولا، وكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، فظننتها منها، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يبين لنا أمرها، قال: فلذلك قرنت بينهما، ولم أجعل بينهما سطر (بسم الله الرحمن الرحيم)، ووضعتها في السبع الطول.) راه أبو عبيد القاسم.
- قال عبد الله بن مسعود:(يا معشر المسلمين، أأعزل عن نسخ كتاب الله، ويتولاه رجل، والله لقدأسلمت، وإنه لفي صلب رجل كافر؟) ,يعني : زيدا. وقال ابن مسعود: «يا أهل العراق، أو يا أهل الكوفة، اكتموا المصاحف التي عندكم وغلوها،فإن الله عز وجل يقول:{ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة}». رواه أبو عبيد القاسم، والترمذي
- قال مصعب بن سعد:(أدركت الناس حين شقق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك، أو قال: لم يعب ذلك أحد) رواه أبو عبيد القاسم
- عن محمد بن أبي بن كعب، أن ناسا من أهل العراق قدموا إليه، فقالوا: إنا قدمنا إليك من العراق، فأخرج إلينا مصحف أبي؟ .فقال محمد:(قد قبضه عثمان). فقالوا: سبحان الله أخرجه إلينا. فقال: (قد قبضه عثمان رضي الله عنه). رواه أبو عبيد القاسم
- قال زيد بن ثابت: (فُقدت آية من سورة «الأحزاب» كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر}، فالتمستُها فوجدتُها مع خزيمةَ بن ثابت أو أبي خزيمة فألحقتها في سورتها). رواه الترمذي
- قال الزهري: (فاختلفوا يومئذ في التابوت و التابوه، فقال القرشيون: التابوت، وقال زيد: التابوه، فرفع اختلافهم إلى عثمان، فقال: اكتبوه التابوت؛ فإنه نزل بلسان قريش) رواه الترمذي.

2: أسباب جمع عثمان بن عفان رحمه الله
- ذكر بعض العلماء من أسباب عدم جمع القرآن في العهد النبوي:
1. عدم انقطاع الوحي فينسخ الله تعالى منه ما يشاء، ويثبت ما يشاء.
قال الزركشي: (فلو جمعه ثم رفعت تلاوة بعض لأدّى إلى الاختلاف واختلاط الدين، فحفظه الله في القلوب إلى انقضاء زمان النسخ، ثم وفق لجمعه الخلفاءالراشدين)
2. نزول الوحي الجديد.
3. ولأنه كان من الصحابة من جمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
- ومن أسباب جمعه في عهد أبي بكر: مقتل كثير من القرّاء في وقعة اليمامة فجُمع خشية أن يذهب كثير من القرآن بذهاب حملته.
قال النووي: (فلما أمن أبوبكر وسائر أصحابه ذلك التوقع –أي الذي كان في العهد النبوي من الزيادة والنسخ- واقتضت المصلحة جمعه فعلوه رضي الله عنهم)
- إلاّ أن أبابكر لم يمنع من بيده شيء من الصحف التي كتبها من القرآن.
- قال الشيخ عبد العزيز الداخل: (لأن اختلاف الصحابة كان مأمونا لما أدّبهم النبي صلى الله عليه وسلم ولما عقلوا من نهيه عن الاختلاف في القرآن وأن يقرأ كل واحد منهم كما عُلّم، وقد ورد في ذلك أحاديث(.
- ومن أسباب جمعه في عهد عثمان رضي الله عنه: ما حدث في عهده من الاختلاف في القراءة كما جاء في حديث أنس عند البخاري وغيره.
- وفيه قال حذيفة لعثمان: (أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى)
- قال الشيخ عبد العزيز الداخل: (والاختلاف هنا مجمل في هذه الرواية وقد فصّل في روايات أخرى وآثار أخرى.)
- ومن ذلك:
·تكفير أهل الشام والعراق بعضهم لبعض، قال حذيفة لعثمان: (غزوت فرج أرمينية فإذا أهل الشام يقرأون بقراءة أُبيّ بن كعب ويأتون بما لم يسمعأهل العراق، وإذا أهل العراق يقرأون بقراءة ابن مسعود فيأتون بما لم يسمع أهل الشامفيكفر بعضهم بعضًا.) ذكره ابن حجر والعيني والقسطلاني من رواية عمارة بن غزية، وقال العيني: (وكان هذا سببا لجمع عثمان القرآن في مصحف).
· وفي رواية يونس: (أنهم تذاكروا القرآن فاختلفوا فيه حتى كاد يكون بينهم فتنة) رواه ابن أبي داود
· ما بلغ عثمان أن بعضهم يقول: (قراءتي خير من قراءتك)، فاستشار الصحابة في جمع الناس على مصحف واحد، وقال: (نرى أن نجمع النّاس على مصحفٍ واحدٍ، فلا تكون فرقةٌ، ولا يكون اختلافٌ، قالوا: فنعم ما رأيت). رواه ابن أبي داود.
- قال الشيخ عبد العزيز الداخل: (وقد استوعب ابن حجر الروايات والآثار في أسباب جمع القرآن في عهد عثمان بما لم أجده عند غيره، وقد أحسن في ذلك).
ومن ذلك:
1: قوله: (وأخرج بن أبى داود أيضا من طريق يزيد بن معاوية النخعي قال: إنى لفي المسجد زمن الوليد بن عقبة في حلقة فيها حذيفة فسمع رجلا يقول قراءة عبد الله بن مسعود وسمع آخر يقول قراءة أبى موسى الأشعري فغضب ثم قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (هكذا كان من قبلكم اختلفوا والله لأركبن إلى أمير المؤمنين)).
2: ومن طريق أخرى عنه: أن اثنين اختلفا في آية من سورة البقرة قرأ هذا {وأتموا الحج والعمرة لله} وقرأ هذا {وأتموا الحج والعمرة للبيت} فغضب حذيفة واحمرت عيناه.
3: ومن طريق أبى الشعثاء قال: قال حذيفة: (يقول أهل الكوفة قراءة ابن مسعود ويقول أهل البصرة قراءة أبى موسى والله لئن قدمت على أمير المؤمنين لآمرنه أن يجعلها قراءة واحدة.)
4: ومن طريق أخرى أن ابن مسعود قال لحذيفة: (بلغني عنك كذا!!)
قال: (نعم، كرهت أن يقال: قراءة فلان وقراءة فلان؛ فيختلفون كما اختلف أهل الكتاب).
5: ومن طريق أبى قلابة قال: لما كان في خلافة عثمان جعل المعلّم يعلم قراءة الرجل والمعلّم يعلم قراءة الرجل فجعل الغلمان يلتقون فيختلفون حتى ارتفع ذلك إلى المعلّمين حتى كفّر بعضهم بعضا؛ فبلغ ذلك عثمان فخطب فقال: (أنتم عندي تختلفون فمن نأى عنى من الأمصار أشد اختلافا).
6: وفى رواية مصعب بن سعد فقال عثمان: (تمترون في القرآن تقولون قراءة أبيّ قراءة عبدالله ويقول الآخر والله ما تقيم قراءتك).
7: ومن طريق محمد بن سيرين قال: كان الرجل يقرأ حتى يقول الرجل لصاحبه كفرتُ بما تقول فرفع ذلك إلى عثمان فتعاظم في نفسه.
- وعند بن أبى داود أيضا من رواية بكير بن الأشج أن ناسا بالعراق يسأل أحدهم عن الآية فإذا قرأها قال: ألا إنى أكفر بهذه ففشا ذلك في الناس؛ فكُلِّم عثمان في ذلك).ا.ه
ذكر ذلك الشيخ عبد العزيز الداخل وقال: (وهذا يدلّ على أن هذه الأسباب اجتمعت وتظافرت وكان جمع القرآن عن إجماع من الصحابة رضي الله عنهم لما رأوه من الاختلاف فجمعوا الناس على مصحف واحد نصحاً للأمّة ودرءا للاختلاف والتنازع في كتاب الله تعالى).
- فإن قيل: ما وجه حمل عثمان الناس على مصحفه وقد سبقه أبوبكر إلى ذلك وفرغ منه؟
- فالجواب: أن أبابكر قصد من جمعه أن يجمعه في موضع واحد خوفًا من ذهاب شيء من القرآن بذهاب حملته، فجمعه في صحائف مرتبًا لآيات سوره.
وأما جمع عثمان فكان للاختلاف في وجوه القراءة وتخطئة بعضهم لبعض، حتى أظهر بعضهم إكفار بعض، وتلاعن أهل الشام والعراق، فشاور عثمان المهاجرين والأنصار في جمع الناس على ما صحّ من القراءات المشهورة، وطرح ما سواها، فاستصوبوا رأيه، فنسخ الصحف في مصحف واحد مرتبا لسوره، واقتصر على لغة قريش، وهذا حاصل ما قاله ابن التين وابن بطال والسيوطي والسفاقسي والقسطلاني وغيرهم.

3: شرح أثر أنس بن مالك في جمع عثمان رضي الله عنه
- ذكر ابن حجر تخريجات القصص الثلاث التي رواها ابن شهاب وطرقها ومن تفرد بها في كتب الحديث والمسانيد، وهذا ملخصه:
- فلابن شهاب قصتين مختلفتين في كتابة القرآن وجمعه، وثالثة عن خارجة بن زيد عن أبيه قصة الآية التي من الأحزاب
- أخرج البخاري القصة الأولى في تفسير التوبة، والثالثة في تفسير سورة الأحزاب.
- وأخرج القصة الثانية البخاري والطبراني وابن أبي داود، وأخرجها الخطيب من طريق أبي اليمان.
- روي عن ابن شهاب:
من طريق إبراهيم بن سعد
ومن طريق شعيب، وروى آخر التوبة مفردًا يونس بن يزيد
ومن طريق ابن عيينة عن ابن شهاب
وروى قصة آية الأحزاب معمر وهشام بن الغاز ومعاوية بن يحيى ثلاثتهم عن ابن شهاب.
ومن طريق ابن أبي عتيق عن ابن شهاب.
- قال ابن حجر: (وكانت هذه القصة في سنة خمس وعشرين في السنة الثالثة أو الثانية من خلافة عثمان)
- يؤكّد ذلك قول عثمان: (أيها الناس، إنما قبض نبيكم منذ خمس عشرة سنة، وقد اختلفتم في القراءة ..) رواه ابن أبي داود، وفي رواية: (منذ ثلاثة عشرة سنة)
- قال بن حجر: (فيجمع بينهما بإلغاء الكسر في هذه، وجبره في الأولى، فيكون ذلك بعد مضي سنة واحدة من خلافته، فيكون ذلك في أواخر سنة أربع وعشرين وأوائل سنة خمس وعشرين، وهو الوقت الذي ذكر أهل التاريخ أن أرمينية فتحت فيه).
- وقوله: (في فتح أرمينية وأذربيجان): (فأرمينية) بلد معروف سميت بكون الأرمن فيها، وهي أمة كالروم، قاله أبو عبيد وذكره ابن الملقن.
(وأذربيجان): بلد بالجبال من بلاد العراق يلي كور إرمينينة من جهة المغرب.
- جاء ذكر معناهما عند ابن الملقن ، وابن حجر، والعيني، والقسطلاني.
- وسبب مقدم حذيفة على عثمان أنه أفزعه اختلاف أهل الشام والعراق في القراءة، فقال لعثمان: (يا أمير المؤمنين، أدركْ هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلافَ اليهودوالنصارى) رواه البخاري وغيره.
- وقد وقع نحو ذلك لعثمان؛ ومن ذلك ما كان من اختلاف الغلمان والمعلمين في خلافته حتى كفّر بعضهم بعضا، كما تقدم (في أسباب جمع عثمان).
- قال ابن حجر: (فكأنه لما جاءه حذيفة وأعلمه باختلاف أهل الأمصار تحقق عنده ما ظنّه من ذلك).
- قوله لحفصة: (أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف) قال ابن حجر: والفرق بين الصحف والمصحف: أن الصحف الأوراق المجردة التي جمع فيها القرآن في عهد أبى بكر، وكانت سورًا مفرقةكل سورة مرتبة بآياتها على حدة، لكن لم يرتب بعضها إثر بعض، فلما نسخت ورتب بعضها إثر بعض صارت مصحفًا.) وذكر ذلك العيني وقال: (فلم يكن مصحفًا إلا في عهد عثمان)
- اختار عثمان لنسخ المصحف: زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث.
- ومن طريق آخر: (جمع اثنى عشر رجلًا من قريش والأنصار منهم أبيّ بن كعب) رواه ابن أبي داود
- واختار عثمان زيدًا ليكتب؛ لأنه أكتب الناس، وكان كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واختار سعيدًا ليملي لأنه أفصح الناس وكان أشبههم لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعدّ من الصحابة.
- والمراد(بالرهط القرشيين): سعيد وعبد الله وعبد الرحمن، فالأول أموي والثاني أسدي والثالث مخزومي، وكلها من بطون قريش.
- وممّن ذكر فيمن كتب أو أملى في جمع عثمان:
مالك بن أبي عامر (جد مالك بن أنس)
كثير بن أفلح
أبي بن كعب
أنس بن مالك
عبد الله بن عباس، وجميعهم إمّا قريشي أو أنصاري.
- قوله:(في شيء من القرآن): أي في عربيته.
قال ابن شهاب: (فاختلفوا يومئذٍ في التابوت والتابوه، فقال القرشيون: التابوت، وقال زيد: التابوه، فرفع اختلافهم إلى عثمان فقال: اكتبوه التابوت، فإنه نزل بلسان قريش) ذكره ابن حجر.
- قوله: (فإنما أنزل بلسانهم) أي بلسان قريش، أي معظم القرآن.
- وعزم عثمان على الناس من كان عنده شيء من القرآن مما أملاه الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجئ به، ثم دعاهم رجلًا رجلًا فناشدهم لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أملاه عليك؟ فيقول نعم. رواه ابن أبي داود.
- ولما نسخ عثمان المصاحف ردّها إلى حفصة، فكانت عندها حتى توفيت فأخذها مروان فشققها وأحرقها وقال: (إنما فعلت هذا لأني خشيت إن طال بالناس زمان أن يرتاب في شأن هذه الصحف مرتاب)، وفي رواية: (أو يقول إنه قد كان شيء منها لم يكتب) رواه ابن أبي داود
- قوله: (ثم أمر عثمان بحرق ما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف) أي: أمر بحرق كل ما يخالف المصحف الذي أرسل.
- وقوله: (وأمر بما سواه): أي بما سوى المصحف الذي استكتبه، والمصاحف التي نقلت منه، وسوى الصحف التي كانت عند حفصة.
- قيل: فحرقت المصاحف بالعراق بالنار، وفي رواية: (فأمر بجمع المصاحف فأحرقها) رواه ابن أبي داود
- قال علي: (لا تقولوا لعثمان في إحراق المصاحف إلا خيرا) ابن أبي داود
- قال مصعب بن سعد: (أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك، أو قال: لم ينكر ذلك منهم أحد) رواه ابن أبي داود
- ولما فرغ عثمان من المصحف كتب لأهل الأمصار: (إني قد صنعت كذا وكذا ومحوت ما عندي فامحوا ما عندكم) رواه ابن أبي داود
- قال ابن حجر: (وأكثر الروايات صريح في التحريق)
- وقال: (وقد جزم عياض بأنهم غسلوها بالماء ثم أحرقوها مبالغة في إذهابها)
- قوله: (وأرسل إلى كلّ أفق) أي: إلى كلّ جند من أجناد المسلمين بمصحف.

4: أقوال العلماء في جمع عثمان رضي الله عنه
- قال النووي: (فلما كان في زمن عثمان رضي الله عنه وانتشر الإسلام خاف عثمان وقوع الاختلاف المؤدي إلى ترك شيء من القرآن أو الزيادة فيه فنسخ من ذلك المجموع الذي عند حفصة الذي أجمعت الصحابة عليه مصاحف، وبعث بها إلى البلدان وأمر بإتلاف ما خالفها وكان فعله هذا باتفاق منه ومن علي بن أبي طالب وسائر الصحابة وغيرهم رضي الله عنهم).
- قال العيني: (وفي رواية عمارة بن غزية: أن حذيفة قدم من غزوة فلم يدخل بيته حتى أتى عثمان فقال: يا أمير المؤمنين، أدرك الناس! قال: وما ذاك؟ قال: غزوت فرج أرمينية فإذا أهل الشام يقرءون بقراءة أبي بن كعب فيأتون بما لم يسمع أهل العراق، وإذا أهل العراق يقرءون بقراءة عبدالله بن مسعود، فيأتون بما لم يسمع أهل الشام فيكفر بعضهم بعضا انتهى)، قال العيني: (وكان هذا سببًا لجمع عثمان القرآن في المصحف.)
- قال الزركشي: (واشتهر أن عثمان هو أول من جمع المصاحف وليس كذلك)
- فالصحيح: أن أول من جمع القرآن في مصحف أبو بكر ثم نسخها عثمان في مصاحف لمّا خاف الاختلاف، قال البيهقي: (وروينا أن الجمع في المصحف كان في زمن أبي بكر، والنسخ في المصاحف في زمن عثمان) ذكره الزركشي.
- فعثمان إنما حمل الناس على قراءة واحدة بإجماع من شهده من المهاجرين والأنصار، لما خشي الفتنة باختلاف أهل الشام والعراق، وقبل جمع عثمان كانت المصاحف بوجوه من القراءات المطلقة على الحروف السبعة التي نزل القرآن بها، قاله الحارث المحاسبي وذكره السيوطي.
- قال زيد : (فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف، قد كنت أسمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ بها، لم أجدها مع أحد إلا مع خزيمة الأنصاري:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} فألحقناها في سورتها وخزيمة الأنصاري شهادته بشهادتين). رواه الترمذي، وأورده الزركشي وقال: (وقول زيد"لم أجدها إلامع خزيمة" ليس فيه إثبات القرآن بخبر الواحد؛ لأن زيدا كان قد سمعها وعلم موضعها في سورة الأحزاب بتعليم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكذلك غيره من الصحابة، ثم نسيها، فلما سمع ذكره وتتبعه للرجال كان للاستظهار لا لاستحداث العلم.)
- وقال ابن الجوزي: (وزيد من جملة من حفظ القرآن قبل موت رسول الله غير أن الحافظ قد يستعين بغيره وبالمسطور)
- قال أنس بن مالك: (كنت فيمن أملى عليهم فربما اختلفوا في الآية فيذكرون الرجل قد تلقّاها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعلّه أن يكون غائبا، أو في بعض البوادي، فيكتبون ما قبلها وما بعدها، ويدعون موضعها حتى يجئ أو يرسل إليه) رواه ابن أبي داود
- وقيل: كانوا إذا تدارؤا في شيء أخّروه لينظروا أحدثهم عهدًا بالعرضة الأخيرة ليكتبوه على قوله، رواه ابن أبي داود.

5: هل اجتهد عثمان رضي الله عنه في ترتيب السور؟
- عن ابن عباس، قال: قلت لعثمان: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال، وهي من المثاني، وإلى براءة وهيمن المئين، فقرنتم بينهما، ولم تكتبوا سطر (بسم الله الرحمن الرحيم)، ووضعتموها فيالسبع الطول؟ ما حملكم على ذلك؟ .فقال عثمان: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانمما يأتي عليه الزمان، وهو ينزل عليه من السور ذوات العدد، فكان إذا نزلت عليه سورةيدعو بعض من يكتب فيقول: ((ضعوا هذه السورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا)) ،وكانت براءة من آخر القرآن نزولا، وكانت الأنفال منأوائل ما نزل بالمدينة، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، فظننتها منها، وقبض رسول اللهصلى الله عليه وسلم، ولم يبين لنا أمرها، قال: فلذلك قرنت بينهما، ولم أجعل بينهماسطر (بسم الله الرحمن الرحيم)، ووضعتها في السبع الطول.) رواه أبو عبيد القاسم والواحدي، وابن جرير والثعلبي بألفاظ متقاربة
- وفي رواية أخرى بزيادة: قول عثمان: فظننت أنّها منها قال: وكانتا تدعيان في زمان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم القرينتين فلذلك جعلتهما في السّبع الطّوال.
- روى أثر ابن عباس أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي من حديث يزيد الفارسي عن ابن عباس، ورواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، وأحمد، وابن راهويه، وأبو يعلى والبزار في مسانيدهم، ورواه البيهقي.
- ذكر هذه التخريجات لأثر ابن عباس: الزيعلي وابن حجر، وقالا: (وقوله وكانت تدعيان القرينتين) لم يذكرها إلا إسحاق.
- ولم يذكر ابن حجر الحاكم والبيهقي.
- والشوكاني ذكر تخريجه عند ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم.
- قال أبو جعفر: (ففي هذا الحديث ظنّ عثمان أن الأنفال من براءة، وتحقيق ابن عباس أنها ليست منها) ذكره النحاس.
- وقال: (وفيه البيان أن تأليف القرآن من الله جل وعزّ ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا مدخل لأحدٍ فيه)
- ذكر الأدلة على ذلك:
فالأول: الأحاديث المتوارترة في ذكره صلى الله عليه وسلم السور مرتبة، وصلاته بها.
الثاني: صحّ عن أربعة أنهم حفظوا القرآن، ولا يجوز أن يحفظوا ما ليس مؤلفًا، قال أنس: (جمع القرآن على عهد رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم أربعةٌ أبيّ بن كعبٍ، وزيد بن ثابتٍ، وأبو زيدٍ، ومعاذ بن جبلٍ) رواه ابن جرير.
وقال الشّعبيّ: (وأبو الدّرداء حفظ القرآن على عهد رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ومجمّع بن جارية بقيت عليه سورتان أو ثلاثٌ، قال: ولم يحفظ القرآن أحدٌ من الخلفاء إلّا عثمان، وسالمٌ مولى أبي حذيفة بقي عليه منه شيءٌ). ذكره النحاس.
الثالث: حديث أبي رافع مرفوعا: (أعطيت السّبع مكان التّوراة وأعطيت المئين مكان الزّبور وأعطيت المثاني مكان الإنجيل وفضّلت بالمفصّل). رواه ابن جرير، وقال: (فهذا التّأليف من لفظ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم وهذا أصلٌ من أصول المسلمين لا يسعهم جهله؛ لأنّ تأليف القرآن من إعجازه).
- وقوله: (وكانت قصتها شبيهة بقصتها)، قال أبي بن كعب: (إنما توهموا ذلك لأن في الأنفال ذكر العهود وفي براءة نبذ العهود) ذكره الزمخشري.
- والمراد بالسبع الطول: البقرة، آل عمران، النساء، المائدة، الأنعام، الأعراف، يونس، وقيل براءة، ذكره السخاوي وقال: (وقد توهّم عثمان أن الأنفال وبراءة سورة واحدة فلذلك وضعهما في السبع الطوال ولم يكتب بينهما البسملة، وكانتا تدعيان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم القرينتين)
- قال الزركشي: (ثبت أن القرآن مجموعه محفوظ كله في صدور الرجال أيام حياة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مؤلفا على هذا التأليف إلا سورة براءة.)
- وقال: (وإنما ترك جمعه في مصحف واحد لأن النسخ كان يرد على بعض.)
- وقال: ([فالصحابة]كتبوه كما سمعوه من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غير أن قدموا شيئا أو أخروا، وهذا الترتيب كان منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتوقيف لهم على ذلك وأن هذه الآية عقب تلك الآية، فثبت أن سعي الصحابة في جمعه في موضع واحد لا في ترتيب؛ فإن القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ على هذا الترتيب الذي هو في مصاحفنا الآن)
- وروي عن زيد بن ثابت أن التأليف كان في زمن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه ِوَسَلَّمَ، قاله البيهقي، وذكره الزركشي.
- فيتحصّل من هذه الأقوال أن القرآن كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مرتباً سوره وآياته على هذا الترتيب، إلا الأنفال وبراءة، وهو معنى ما قاله البيهقي، وذكره السيوطي.
- وسبب سقوط البسملة من أول براءة:
اختلف فيها العلماء على أقوال:
الأول: أن براءة نزلت بالسيف وبنقض العهد الذي كان بين النبي صلى الله عليه وسلم والمشركين، قاله المبرد والزمخشري وابن الجوزي وغيرهم، قال علي: (لأنّ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم أمانٌ. وبراءة نزلت بالسّيف.) أخرجه أبو الشيخ وابن مردويه، وأورده الشوكاني.
الثاني: لظن عثمان أنهما سورة واحدة، قال الزجاج: (والشبه الذي بينهما أن في الأنفال ذكر العهود وفي براءة نقضها) ذكره ابن الجوزي، وقال: كان قتادة يقول: (هما سورة واحدة).
الثالث: أنهم لمّا لم يقبلوا كتابة بسم الله الرحمن الرحيم في صلح الحديبية وردّوها، فما ردّها الله عليهم، قاله عبد العزيز المكي وذكره ابن الجوزي.
الرابع: أنها كانت تعدل سورة البقرة أو قريبًا منها، وأنه لما سقط أولها سقطت البسملة، روي هذا عن مالك وابن عجلان، ذكره الشوكاني.
الخامس: لاختلاف الصحابة هل هما سورة واحدة أو سورتان، فتركت بينهما فجوة لقول من قال أنهما سورتان، وتركت: (بسم الله الرحمن الرحيم) لقول من قال أنهما سورة، فرضي الفريقان. قاله خارجة وأبو عصمة وذكره الشوكاني، وقال: (وقول من جعلهما سورة واحدة أظهر؛ لأنهما جميعا في القتال، وتعدّان جميعا سابعة السبع الطوال)
- وعن الحسن هما سورتان، أخرجه أبو الشيخ، وذكره الشوكاني.
- وقد توهّم بعضهم أن جمع عثمان هو التأليف.
- فالجواب: أنه أمر بجمعه وهو مجموع؛ لأنه أراد بذلك أن يختار حرفا واحدا ليزيل الخلاف، قال ابن جرير: (وهذا من أصحّ ما قيل فيه؛ لأنّه مرويٌّ عن زيد بن ثابتٍ أنّه قال هذا).
- فائدة حديثية: قال البزار: (لا نعلم أحدًا رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عثمان، ولا رواه ابن عباس عن عثمان إلا هذا الحديث) ذكره الزيعلي.

6: سبب تحريق عثمان رضي الله عنه للمصاحف الأخرى.
- قال يحيى الشيباني: (فإنه لم يرد بذلك إلا الإشعار بشدة عزمه فيه وصلابته في العمل بمقتضاه؛ لئلا يجري بين الأمة اختلاف في شيء منه).
- وقال ابن عطية: (وما فعله عثمان رضي الله عنه؛ فلاختلاط الشاذ بالمتواتر وخشية التحريف أيضًا أو الإحراق لإذهاب عينه رأسًا) ذكره ابن الملقن.
- وقال النوويُّ: (وكان ذلك صيانة لمصحف عثمان) ذكره ابن الملقن.
-ويؤخذ من تحريق عثمان للمصحف: جواز تحريق الكتب التي فيها أسماء الله تعالى وأن ذلك إكرام لها، وصيانة من الوطء بالأقدام وطرحها في ضياع من الأرض، قاله ابن بطال.
- وروي عن طاوس وعروة أنهم حرقا ما كان فيه اسم الله، وكرهه إبراهيم، ذكره ابن بطال وقال: (وقول من حرقها أولى بالصواب).
- وقال ابن عطية: وهذا حكمُهُ في ذلك الزمن، أما الآن قيل: الغسل أولى إذا دعت الحاجة إلى إزالته، ذكره ابن الملقن.
وقيل: يدفن في مكان طاهر بعيد عن وطء الناس، وهو قول الحنفية، وذكره ابن الملقن.
- قال عياض: (قد أحرق عثمان والصحابة المصاحف بعد أن غسلوا منها بالماء ما قدروا عليه) ذكره ابن الملقن
- وفي رواية: (غسلوها ثم أحرقوها مبالغة في إذهابها) ذكره العيني
وقال القسطلاني: (وسدّا لمادة الاختلاف)
- قال ابن حجر: (واستدل بتحريق عثمان الصحف على القائلين بقدم الحروف والأصوات لأنه لا يلزم من كون كلام الله قديما أن تكون الأسطر المكتوبة في الورق قديمة ولو كانت هي عين كلام الله لم يستجز الصحابة إحراقها)

7: انتزاع عثمان رضي الله عنه المصاحف.
- أخرج أبو عبيد القاسم عن عمرو بن شرحبيل أبي ميسرة، قال: أتى علي رجل، وأنا أصلي، فقال: ثكلتك أمك ألا أراك تصلي, وقد أمر بكتاب الله أنيمزق؟، قال: فتجوزت في صلاتي، وكنت لا أحبس، فدخلت الدارفلم أحبس، ورقيت فلم أحبس، فإذا أنا بالأشعري وإذا حذيفة وابن مسعود يتقاولان، وحذيفة يقول لابن مسعود: «ادفع إليهم المصحف». فقال: «والله , لا أدفعه». فقال: ادفعه إليهم، فإنهم لا يألون أمة محمد إلا خيرا، فقال: والله لا أدفعه إليهم؛ أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة وأدفعه إليهم؟ , والله لا أدفعه إليهم.
- وعن محمد بن أبي بن كعب: أن ناسًا من أهل العراق قدموا يسألونه عن مصحف أبي فقال: (قد قبضه عثمان) مرتين، رواه أبوعبيد القاسم، وابن أبي داود.
- وقيل: دفن عثمان المصاحف بين القبر والمنبر، رواه ابن أبي داود.

8: اتفاق الناس مع عثمان على جمع المصاحف.
- قال علي: (لو وليت لفعلت في المصاحف الذي فعل عثمان.) رواه أبو عبيد القاسم
- وقال: (لو لم يصنعه عثمان لصنعته) رواه ابن أبي داود
- وقال: (لا تقولوا في عثمان إلا خيرا فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منّا) رواه ابن أبي داود
- قال عثمان لما رأى اختلاف الناس في القراءة: (يا أصحاب محمد اجتمعوا فاكتبوا للناس إماما، فاجتمعوا فكتبوا) أخرجه ابن أشته
- قال بعض أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لما نسخ عثمان المصاحف: (قد أحسن) رواه ابن أبي داود
- قال مصعب بن سعد: أدركت الناس حين شقق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك، أو قال: لم يعب ذلك أحد. رواه أبوعبيد القاسم وابن أبي داود.
- قال غنيم بن قيس: (قرأت القرآن على الحرفين جميعًا، واللّه ما يسرّني أنّ عثمان لم يكتب المصحف) رواه ابن أبي داود
- وقال أبو مجلز: (لولا أنّ عثمان كتب القرآن لألفيت النّاس يقرءون الشّعر) رواه ابن أبي داود
- وقال عبد الرحمن بن مهدي: (خصلتان لعثمان بن عفّان ليستا لأبي بكرٍ ولا لعمر، صبره نفسه حتّى قتل مظلومًا، وجمعه النّاس على المصحف) رواه ابن أبي داود

9: توجيه ما روي عن ابن مسعود في شأن جمع عثمان رضي الله عنه.
- قال ابن مسعود:(يا معشر المسلمين، أأعزل عن نسخ كتاب الله، ويتولاه رجل، والله لقد أسلمت، وإنه لفي صلب رجل كافر؟, يعني : زيدا) رواه أبو عبيد القاسم وابن أبي داود
- وقال ابن مسعود: «يا أهل العراق، أو يا أهل الكوفة، اكتموا المصاحف التي عندكم وغلوها، فإن الله عز وجل يقول: {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة}». فألقوا إليه المصاحف.
قال ابن شهاب: فبلغني أنه كره ذلك من قول ابن مسعود رجال من أفاضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .رواه أبوعبيد القاسم وابن أبي داود
- قال أبو الدرداء: (كنا نعدّ عبد الله حنّانا فما باله يواثب الأمراء) رواه ابن أبي داود
- وتوجيه ذلك: أنه شقّ على ابن مسعود صرفه وعزله عن كتابة المصحف، وكره أن يولّى زيد بن ثابت نسخ المصاحف وقد تقدّمه في الإسلام، ومن ذلك قول ابن مسعود:
- (أأعزل عن نسخ كتاب الله، ويتولاه رجل، والله لقد أسلمت، وإنه لفي صلب رجل كافر؟, يعني : زيدا) رواه أبو عبيد القاسم وابن أبي داود
- وقوله: (كيف تأمروني أن أقرأ قراءة زيد، ولقد قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة) رواه ابن أبي داود
- وفي رواية: (أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة أحكمتها قبل أن يسلم زيد بن ثابت) ابن أبي داود
- وقال لحذيفة لما أمر عثمان بقبض المصاحف: (والله لا أدفعه إليهم؛ أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة وأدفعه إليهم؟ , والله لا أدفعه إليهم). رواه أبو عبيد القاسم
- ومما يظهر علم ابن مسعود رضي الله عنه في كتاب الله قوله: (وما من كتاب اللّه آيةٌ إلّا أعلم حيث نزلت، وفيم نزلت، ولو أعلم أحدًا أعلم بكتاب اللّه منّي، تبلّغنيه الإبل لرحلت إليه ) جاء ذلك في روايات متقاربة، قال شقيق: (فما سمعت أحدًا من أصحاب محمد يعيب عليه شيئا مما قاله ولا ردّه) وفي رواية: (فما أحد ينكر ما قال) رواه ابن أبي داود
- وأما قوله صلى الله عليه وسلم في ابن مسعود: (من أراد أن يقرأ القرآن غضًّا كما أنزل فليقرأه بقراءة ابن أمّ عبدٍ) فتأويله: هو الحضّ على ترتيل مثل ترتيله لا غير، فليس المراد القراءة بحرف ابن مسعود، قاله ابن جرير، وذكره النحاس.
- ويعذر عثمان في أمر ابن مسعود:
1: أنه في المدينة، وابن مسعود في الكوفة، ولم يؤخّر عثمان ما عزم عليه إلى أن يرسل إليه ويحضر.
2: أن عثمان اختار زيدًا لكونه هو من كتب الصحف لأبي بكر، ولكونه كاتب الوحي فله من الأولية ما ليس لغيره.
· موافقة مصحف عبدالله لمصحف الإمام:
- قال ابن جرير: (حرف عبد اللّه الصّحيح أنّه موافقٌ لمصحفنا؛ يدلّك على ذلك أنّ أبا بكر بن عيّاشٍ قال: قرأت على عاصمٍ وقرأ عاصمٌ على زرٍّ وقرأ زرٌّ على عبد اللّه.) ذكره النحاس
· رضا ابن مسعود لجمع عثمان رضي الله عنه المصاحف:
- لما صنع بالمصاحف ما صنع فزع الناس إلى ابن مسعود فقال: (إنّ القرآن أنزل على نبيّكم من سبعة أبوابٍ على سبعة أحرفٍ -أو حروفٍ-، وإنّ الكتاب قبلكم كان ينزل -أو نزل- من بابٍ واحدٍ على حرفٍ واحدٍ، معناهما واحدٌ) رواه ابن أبي داود
- قال الشيخ عبدالعزيز الداخل: (وكان جمع القرآن عن إجماع من الصحابة رضي الله عنهم لما رأوه من الاختلاف فجمعوا الناس على مصحف واحد نصحاً للأمّة ودرءا للاختلاف والتنازع في كتاب الله تعالى، وماكان من خلاف ابن مسعود في أوّل الأمر فإنّه رجع عنه).

10: حكم ما خالف المصحف الإمام.
- يحكم عليه بالشذوذ لمخالفته ما اتفقت عليه الأمة، قاله ابن عاشور.
- جاء عن طاوس وعمر بن عبد العزيز أنهما كانا يقرآن سورتي الشرح والضحى لا يفصلان بينهما، ذكره ابن عاشور وقال: (وهذا شذوذ).

11: عدد المصاحف العثمانية.
- قال ابن حجر: (واختلفوا في عدة المصاحف التي أرسل بها عثمان إلى الآفاق).
1: قيل: أربعة؛ للكوفة والبصرة والشام وواحدا بالمدينة، وهذا اختيار أبو عمرو الداني وصححه وقال: (وعليه الأئمة) ذكره النووي والزركشي.
2: وقيل: خمسة، قال ابن حجر: (فالمشهور أنها خمسة)
3: وقيل: سبعة، بزيادة مكة واليمن والبحرين، قاله أبو حاتم السجستاني، وذكر ذلك ابن حجر والعيني والسيوطي والقسطلاني.
- وذُكر أن مصحف الشام والبصرة أضبط من مصحف أهل الكوفة، قيل: لأن عثمان بعثه قبل أن يُعرض. رواه ابن أبي داود
- وأرسل عثمان مصحفا وأمر الصحابة كابن مسعود وأبي موسى أن يقيموا مصاحفهم عليه، فقال أبو موسى: (ما وجدتم في مصحفي هذا من زيادةٍ فلا تنقصوها، وما وجدتم من نقص انٍف اكتبوه) رواه ابن أبي داود

12: عدد السور في المصاحف العثمانية.
- قال الزركشي: (واعلم أن عدد سور القرآن العظيم باتفاق أهل الحل والعقد: مائة وأربع عشرة سورة، كما هي في المصحف العثماني: أولها الفاتحة وآخرها الناس)
- وقيل: ثلاث عشرة بجعل الأنفال والتوبة سورة واحدة؛ لاشتباه الطرفين وعدم البسملة. ويرده تسمية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلا منهما
- وعدد السور في مصحف ابن مسعود: اثنا عشر؛ فلم يكن فيها المعوذتان.
- وعدد السور في مصحف أبيّ: ست عشرة، بزيادة دعاء الاستفتاح والقنوت في آخره كالسورتين. قال الزركشي: (ولا دليل فيه).

13: موافقة المصاحف العثمانية للعرضة الأخيرة.
- قال الزركشي: (واختلف في الحرف الذي كتب عثمان عليه المصحف:
فقيل:حرف زيد بن ثابت،
وقيل:حرف أبي بن كعب؛ لأنه العرضة الأخيرة التي قرأها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعلى الأول أكثر الرواة، ومعنى حرف زيد، أي: قراءته وطريقته)
- قال أبو عبد الرحمن السلمي: (كانت قراءة أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت والمهاجرين والأنصار واحدة، كانوا يقرءون القراءة العامة وهي القراءة التي قرأها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على جبريل مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان زيد قد شهد العرضة الأخيرة وكان يقرئ الناس بها حتى مات، ولذلك اعتمده الصديق في جمعه وولاه عثمان كتبة المصحف) ذكره الزركشي

14: المصاحف العثمانية.
- قال عثمان لما رفع إليه المصحف: (إنّ فيه لحنًا، وستقيمه العرب بألسنتها) رواه ابن أبي داود
- (بألسنتها) يعني: بلغتها.
- عن سعيد بن جبير: (في القرآن أربعة أحرفٍ لحنٌ:{الصّابئون}،{والمقيمين}[النساء: 162]،{فأصّدّق وأكن من الصّالحين}[المنافقون: 10]،و{إنهذان لساحران}[طه: 63]) . رواه ابن أبي داود
- سئل أبان بن عثمان عن اللحن في قوله تعالى: {والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة}، فقال: (من قبل الكتّاب، كتب ما قيل له). رواه ابن أبي داود
- وعن عائشة قالت: (هذا عمل الكتّاب أخطئوا في الكتاب) رواه ابن أبي داود

15: إطلاق عثمان رضي الله عنه القراءة على غير مصحفه.
- قال عثمان لمّا عاتبه أهل مصر على أمور منها حمله الناس على قراءة واحدة، فقال: (أمّا القرآن فمن عند اللّه، إنّما نهيتكم لأنّي خفت عليكم الاختلاف، فاقرءوا علىأيّ حرفٍ شئتم ..) رواه ابن أبي داود

16: الإمام الذي كتب منه عثمان المصاحف وهو مصحفه.
- ذُكر أن مصحف عثمان خالف مصاحف أهل المدينة في اثنى عشر حرفا.
- ذِكر هذه الأحرف التي خالف فيها مصحف عثمان مصاحف أهل المدينة.

17: اختلاف مصاحف الأمصار التي نسخت من الإمام.
- ذكر الحروف التي اختلفت فيها مصاحف أهل المدينة والكوفة والبصرة، وبيان مواضعها في القرآن.
- ذكر الحروف التي اختلف فيها أهل المدينة وأهل العراق.
- ذكر الحروف التي اختلف فيها أهل الشام وأهل العراق.
- قيل: أن بين مصحف أهل مكة وأهل البصرة اختلاف حرفان، وقيل: خمسة.
- ذكر هذه الحروف.
- وقيل: بين مصحف أهل الكوفة وأهل البصرة حرفان وقيل: بل عشرة أحرف.
- وذكر هذه الحروف.
- ما اتفقت فيه مصاحف أهل الكوفة والمدينة والبصرة من الحروف وما اختلفوا فيها.
- أخرج ابن أبي داود بإسناد صحيح إلى إبراهيم النخعي قال: قال لي رجل من أهل الشام مصحفنا ومصحف أهل البصرة أضبط من مصحف أهل الكوفة، قلت: لم؟
قال: لأن عثمان بعث إلى الكوفة لما بلغه من اختلافهم بمصحف قبل أن يعرض وبقي مصحفنا ومصحف أهل البصرة حتى عرضا.

18: شبهات وأجوبتها
· فإن قيل: لم خصّ عثمان زيد بن ثابت بهذا وفي الصحابة من هو أكبر منه كابن مسعود وأبي موسى الأشعري.
قال أبو جعفر: والجواب عن هذا: أنّ زيد بن ثابتٍ قدّم لأشياء لم تجتمع لغيره؛
منها أنّه كان يكتب الوحي لرسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم،
ومنها أنّه كان يحفظ القرآن في عهد رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم،
ومنها أنّ قراءته كانت على آخر عرضةٍ عرضها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على جبريل عليه السّلام.

· فإن قيل: كيف حرقت المصاحف وهي معظّمة؟
فالجواب: قال ابن الجوزي: أن ذلك لتعظيم القرآن وصيانته عن التغيير ورب فساد في الظاهر تضمنه صلاح.
وقال العيني: المحروق هو القرآن المنسوخ أو المختلط بغيره من التفسير أو بلغة غير قريش أوالقراءات الشاذة، وفائدته أن لا يقع الاختلاف فيه.

· جاء في رواية أنهم وجدوا مع خزيمة آخر التوبة، وفي رواية أخرى أنها آية من الأحزاب، فأيهما أصح؟
قال ابن الجوزي: فالجواب أن كليهما صحيح والآيتان وجدتا مع خزيمة فآخر التوبة وجدوها معه في زمن أبي بكر والآية من الأحزاب وجدوها معه في زمن عثمان.

بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
تلخيص رائع ومفيد جدًا ، زادكِ الله من فضله.
التعليق فقط على الترتيب :
أليس من الأفضل أن نذكر أولا الآثار ثم شرح أثر أنس ثم الأسباب ثم انتزاع المصاحف ثم تحريق المصاحف الأخرى ثم اتفاق الصحابة معه ثم اختلاف ابن مسعود ورجوعه بعد ذلك ثم أقوال العلماء في جمع عثمان ،
ثم ما يخص ترتيب السور في المصحف العثماني والقراءة التي جاء بها ، وعدد المصاحف العثمانية ، والاختلاف بينها وبين المصاحف الأخرى ... وغير ذلك ؟

التقويم :
أ+
وفقكِ الله ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الطالبة, صفحة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:14 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir