دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الطهارة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 ذو القعدة 1429هـ/6-11-2008م, 06:14 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي باب إزالة النجاسة (1/5)

بابُ إزالةِ النَّجاسَةِ، وبَيانِها


24 - عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: سُئِلَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ عن الْخَمْرِ تُتَّخَذُ خَلًّا؟ قالَ: ((لَا)). أَخرَجَهُ مسلِمٌ.


  #2  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 10:13 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني

بابُ إزالةِ النجاسةِ وبَيَانِها أَيْ: بَيَانِ النَّجَاسَةِ وَمُطَهِّرَاتِهَا.
1/22- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن الخَمْرِ: تُتَّخَذُ خَلًّا؟ قَالَ: ((لا)). أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن الخَمْرِ) أَيْ بَعْدَ تَحْرِيمِهَا (تُتَّخَذُ خَلًّا؟ فَقَالَ: لا. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ).
فَسَّرَ الِاتِّخَاذَ بِالعِلاجِ لَهَا، وَقَدْ صَارَتْ خَمْراً، وَمِثْلُهُ حَدِيثُ أَبِي طَلْحَةَ، فَإِنَّهَا لَمَّا حُرِّمَت الخَمْرُ سَأَلَ أَبُو طَلْحَةَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ خَمْرٍ عِنْدَهُ لِأَيْتَامٍ هَلْ يُخَلِّلُهَا؟ فَأَمَرَهُ بِإِرَاقَتِهَا. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ.
وَالعَمَلُ بِالحَدِيثِ هُوَ رَأْيُ الهَادَوِيَّةِ وَالشَّافِعِيِّ؛ لِدَلالَةِ الحَدِيثِ عَلَى ذَلِكَ، فَلَوْ خَلَّلَهَا لَمْ تَحِلَّ، وَلَمْ تَطْهُرْ، وَظَاهِرُهُ: بِأَيِّ عِلاجٍ كَانَ، وَلَوْ بِنَقْلِهَا مِن الظِّلِّ إلَى الشَّمْسِ أَوْ عَكْسِهِ؛ وَقِيلَ: تَطْهُرُ وَتَحِلُّ.
وَأَمَّا إذَا تَخَلَّلَتْ بِنَفْسِهَا مِنْ دُونِ عِلاجٍ فَإِنَّهَا طَاهِرَةٌ حَلالٌ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي البَحْرِ: إنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ: إنَّهَا لا تَطْهُرُ وَإِنْ تَخَلَّلَتْ بِنَفْسِهَا مِنْ غَيْرِ عِلاجٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْعُلَمَاءِ فِي خَلِّ الخَمْرِ ثَلاثَةَ أَقْوَالٍ:
الأَوَّلُ: أَنَّهَا إذَا تَخَلَّلَت الخَمْرُ بِغَيْرِ قَصْدٍ حَلَّ خَلُّهَا، وَإِذَا خُلِّلَتْ بِالقَصْدِ حَرُمَ خَلُّهَا.
الثَّانِي: يَحْرُمُ كُلُّ خَلٍّ تَوَلَّدَ عَنْ خَمْرٍ مُطْلَقاً.
الثَّالِثُ: أَنَّ الخَلَّ حَلالٌ مَعَ تَوَلُّدِهِ مِن الخَمْرِ، سَوَاءٌ قُصِدَ أَمْ لا، إلَّا أَنَّ فَاعِلَهَا آثِمٌ إنْ تَرَكَهَا بَعْدَ أَنْ صَارَتْ خَمْراً، عَاصٍ لِلَّهِ، مَجْرُوحُ العَدَالَةِ؛ لِعَدَمِ إرَاقَتِهِ لَهَا حَالَ خَمْرِيَّتِهَا، فَإِنَّهُ وَاجِبٌ، كَمَا دَلَّ لَهُ حَدِيثُ أَبِي طَلْحَةَ.
وأما الدليلُ على أنه يَحِلُّ الخَلُّ الكَائِنُ من الخَمْرِ؛ فَلأنَّهُ خَلٌّ لُغَةً وَشَرْعاً.
قِيلَ: فإذَا أُرِيدَ جَعْلُ خَلٍّ لا يَتَخَمَّرُ فيَعْصِرُ العِنَبَ، ثُمَّ يُلْقِي عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَتَخَلَّلَ مِثْلَيْهِ خَلًّا صَادِقاً؛ فَإِنَّهُ يَتَخَلَّلُ وَلا يَصِيرُ خَمْراً أَصْلاً.


  #3  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 10:15 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

بابُ إزالةِ النجاسةِ وبيانِها
مقدِّمةٌ
الإزالةُ: يقالُ: أَزَلْتُ الشيءَ إزالةً وزِلْتُه زَيْلاً، والإزالةُ التنْحِيَةُ.
النجاسةُ: لغةً: اسمُ مصدرٍ، جَمْعُها أَنْجَاسٌ، والنَّجَسُ: هو المُسْتَقْذَرُ المُسْتَخْبَثُ، ويَشْمَلُ النجاسةَ العينيَّةَ والحُكْمِيَّةَ.
وعُرفاً: تَخْتَصُّ بالعينيَّةِ.
والنجاسةُ شرعاً: قَذَرٌ مخصوصٌ، كالبولِ، يَمْنَعُ جِنْسُه الصلاةَ ونحوَها.
وهذا البابُ يُذْكَرُ فيه أحكامُ النجاسةِ، وكيفيَّةُ إزالتِها، وتطهيرِ محَلِّها، وما يُعْفَى عنه منها، وما يَتَعَلَّقُ بذلك.
واتَّفَقَ العلماءُ على وجوبِ إزالتِها، وأنه شَرْطٌ لصحَّةِ الصلاةِ.
قالَ الوزيرُ: أَجْمَعُوا على أن طهارةَ البدنِ مِن النجَسِ شرطٌ في صحَّةِ الصلاةِ للقادرِ عليها.
والنجاسةُ قِسمانِ:
أحدُهما: الحُكْمِيَّةُ، وهي الطارئةُ على محَلٍّ طاهرٍ، فهذه يَكْفِي في تطهيرِها إجراءُ الماءِ على جميعِ موارِدِها بعدَ إزالةِ عَيْنِها عن المحَلِّ الطاهرِ.
الثاني: العينيَّةُ، فهذه لا تَطْهُرُ بحالٍ.
وعندَ الجمهورِ- ومنهم الحنابلةُ - أنَّ النجاسةَ إنما تُزَالُ بالماءِ دونَ غيرِه من المائعاتِ.
ومَذْهَبُ أبي حنيفةَ وروايةٌ عن أَحْمَدَ: أنها تُزَالُ بكلِّ مائعٍ طاهرٍ مُزِيلٍ للعيْنِ والأثرِ، واخْتَارَهُ ابنُ عَقِيلٍ والشيخُ تَقِيُّ الدينِ.
والنجاسةُ لها ثلاثُ صفاتٍ؛ طعمٌ ورِيحٌ ولونٌ:
فبقاءُ الطعمِ والريحِ بعدَ الغَسْلِ دليلٌ على بقاءِ عينِها، وأنها لم تُزَلْ، أما بقاءُ اللونِ بعدَ الغَسْلِ الجيِّدِ فلا يَضُرُّ؛ لأنَّه معفوٌّ عنه.
وأثرُ النجاسةِ من الروائحِ الكريهةِ السامَّةِ تَخْتَلِطُ بالهواءِ، وتَدْخُلُ في البدنِ بواسطةِ مَسَامِّه، فتَضُرُّ الجسمَ وتُخِلُّ بالصحَّةِ؛ لأنَّ الهواءَ سَيَّالٌ مُرَكَّبٌ لطيفٌ، يَدْخُلُ بما يُحْمَلُ معَه بسُهُولةٍ في أضيقِ مسامِّ الأجسامِ؛ ولذا عَيَّنَ الشارعُ الحكيمُ الماءَ لإزالةِ النجاساتِ؛ لأنَّ الماءَ في حالتِه الطبيعيَّةِ فيه رِقَّةٌ وسَيَلانٌ وقوَّةٌ في إزالةِ المُسْتَقْذَرَاتِ. واللَّهُ أعلمُ.
قالَ العلماءُ: الأصلُ في كلِّ شيءٍ أنه طاهرٌ؛ لأنَّ القوْلَ بنجاستِه يَسْتَلْزِمُ تَعَبُّدَ العبادِ بحكمٍ من الأحكامِ، والأصلُ عدمُ ذلك، والبداهةُ قاضيةٌ بأنه لا تَكْلِيفَ بالمُحْتَمَلِ حتى يَثْبُتَ ثُبوتاً بنقلٍ في ذلكَ، وليسَ مَن أَثْبَتَ الأحكامَ المنسوبةَ إلى الشرعِ بدونِ دليلٍ – بأقلَّ إثماًَ ممَّن أَبْطَلَ ما قدْ ثَبَتَ دليلُه من الأحكامِ، فالكلُّ من التقَوُّلِ على اللَّهِ بما لم يَقُلْ، أو مِن إبطالِ ما قدْ شَرَعَه لعبادِه بلا حُجَّةٍ، ومَن أُصِيبَ بالوَسْوَاسِ فعلاجُه أنْ يَعْلَمَ يقيناً أنَّ الأصلَ في الأشياءِ الطهارةُ، وأنه لا يُحْكَمُ بنجاسةِ شيءٍ حتى يُعْلَمَ يقيناً بنجاستِه.



22 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَمْرِ تُتَّخَذُ خَلاًّ؟ فَقَالَ: ((لاَ)). أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، والتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
مفرداتُ الحديثِ:
- الْخَمْرِ: ما أَسْكَرَ مِن عصيرِ العِنَبِ وغيرِه، وسُمِّيَتْ خمراً لأنها تُخَامِرُ العقلَ فتُغَطِّيه، وهي مؤنثةٌ، وقد تُذَكَّرُ، جمعُه خمورٌ.
- خَلاًّ: بفتحِ الخاءِ وتشديدِ اللامِ، الخَلُّ: ما حَمُضَ من عصيرِ العِنَبِ وغيرِه، جَمْعُه خُلُولٌ.
- لاَ: حرفُ نفيٍ، وتأتي على ثلاثةِ أوجهٍ؛ منها: أنْ تكونَ جواباً مناقِضاً لنَعَمْ، وهذه تُحْذَفُ الجملُ بعدَها كثيراً، وهي المرادةُ هنا.
ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1- الخَمْرُ محرَّمَةٌ، فعِلاجُها لتعودَ خَلاًّ لا يجوزُ، ولو بنقلِها من ظِلٍّ إلى شمسٍ، وعكسِه، وهذا المفهومُ مِن قولِه: تُتَّخَذُ خَلاًّ. أمَّا عندَ الشَّافِعِيَّةِ: فالأصحُّ أنه يَطْهُرُ بنقلِها مِن الظلِّ إلى الشمسِ، وبالعكسِ، كما في شرحِ النَّوَوِيِّ على مسلمٍ (13/152)
2- إذا خُلِّلَتْ، فإنها لا تُباحُ بالتخليلِ، بل حُرْمَتُها باقيةٌ، ويُؤَيِّدُ هذا ما رَوَى أبو داودَ (3675)، والتِّرْمِذِيُّ (1294): أن الخمرَ لَمَّا حُرِّمَتْ سألَ أبو طلحةَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن خَمْرٍ عندَه لأيتامٍ هل يُخَلِّلُها؟ فأَمَرَه بإراقَتِها.
3- أمَّا إذا تَخَلَّلَتْ بنفسِها بدونِ تخليلٍ؛ بأنِ انْقَلَبَتْ من كونِها خمراً إلى أنْ صَارَتْ خَلاًّ فإنها تُباحُ؛ لأنَّ غليانَها المطربَ قد زالَ؛ فصارَتْ مباحةً، والقاعدةُ: الحكمُ يدورُ معَ عِلَّتِه وجوداً وعدماً.
4- الحديثُ يَدُلُّ على نجاسةِ الخمرِ؛ ولقولِه تعالى: {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ)) [المائدة: 90]، وحَكَى أبو حامدٍ الغَزَالِيُّ الإجماعَ على نجاستِها، وقالَ ابنُ رُشْدٍ: الخلافُ شاذٌّ.
5- أمَّا الصَّنْعَانِيُّ فيقولُ في سُبُلِ السلامِ: الحقُّ أنَّ الأصلَ في الأعيانِ الطهارةُ، وأنَّ التحريمَ لا يَلْزَمُ النجاسةَ؛ فإنَّ الحشيشةَ مُحَرَّمَةٌ طاهرةٌ، وكلُّ المُخَدِّرَاتِ والسُّمُومِ القاتلاتِ لا دليلَ على نجاسَتِها.
وأمَّا النجاسةُ: فيُلاَزِمُها التحريمُ، فكلُّ نَجَسٍ محرَّمٌ، ولا عكسَ؛ وذلك لأنَّ الحكمَ في النجاسةِ هو المنعُ عن ملامستِها على كلِّ حالٍ، فالحكمُ بنجاسةِ العينِ حكمٌ بتحريمِها، بخلافِ الحُكْمِ بالتحريمِ؛ فإنه يَحْرُمُ لُبسُ الحريرِ والذهبِ وهما طاهرانِ إجماعاً.
وإذا عَرَفْتَ هذا: فإنَّ تحريمَ الخمرِ الذي دَلَّتْ عليه النصوصُ لا يَلْزَمُ منه نَجَاستُها، بل لا بُدَّ من دليلٍ آخرَ، وإلاَّ بَقِينا على الأصلِ المتَّفَقِ عليه من الطهارةِ، فمَنِ ادَّعَى خلافَه فالدليلُ عليه. ا هـ.
وتَقَدَّمَ كلامُ الغزالِيِّ وابنِ رُشْدٍ حكايةَ الإجماعِ على نجاستِها، وتَقَدَّمَ دليلُ نجاستِها من السنَّةِ المطهَّرَةِ في حديثِ رَقْمِ (19)


خلافُ العلماءِ في طهارةِ النجاسةِ بالاستحالةِ:
اخْتَلَفَ العلماءُ هل تَطْهُرُ النجاسةُ بالاستحالةِ؟ ذلك بأنْ تَنْقَلِبَ من حالتِها إلى حالةٍ أخرَى:
ذَهَبَ أبو حَنِيفَةَ وأهلُ الظاهرِ إلى أنَّ النجاسةَ تَطْهُرُ بالاستحالةِ، وهو روايةٌ في مَذْهَبِ الإماميْنِ مَالِكٍ وأَحْمَدَ، وهو اختيارُ شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيْمِيَّةَ.
وذَهَبَ جمهورُ العلماءِ إلى أنها لا تَطْهُرُ بالاستحالةِ، وهو مَذْهَبُ الأئمَّةِ الثلاثةِ: مَالِكٍ والشَّافِعِيِّ و أَحْمَدَ.
ودليلُهم: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عن أكلِ الجَلاَّلَةِ وألبانِها؛ لأنَّ أكلَها النجاسةُ، قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيْمِيَّةَ: الصوابُ أن ذلك طاهرٌ، إذا لم يَبْقَ أثرُ النجاسةِ ولا طعمُها ولا لونُها ولا ريحُها؛ لأنَّ اللَّهَ تعالى أباحَ الطيِّباتِ وحَرَّمَ الخبائِثَ، وذلك يَتْبَعُ صفاتِ الأعيانِ وحقائِقَها، فإذا عادَتِ العينُ خَلاًّ دخَلَتْ في الطيِّباتِ.
وقالَ الشيخُ مُحَمَّدُ بنُ إبراهيمَ آلُ الشيخِ: الاستحالةُ تُطَهِّرُ النَّجِسَ.
وهذا هو الصحيحُ، وأدلَّةُ هذا القولِ واضحةٌ.
خلافُ العلماءِ:
اتَّفَقَ العلماءُ على أن الماءَ الطَّهُورَ يُزِيلُ النجاسةَ، واخْتَلَفُوا فيما سِوَى ذلكَ مِن المائعاتِ والجامداتِ التي تُزِيلُها.
فذَهَبَ أبو حَنِيفَةَ وأصحابُه إلى أن النجاسةَ تَطْهُرُ في أيِّ موضعٍ كانَ بأيِّ طاهرٍ مُزِيلٍ لعينِ النجاسةِ، سواءٌ كانَ مائعاً أو جامداً.
وذَهَبَ الأئمَّةُ الثلاثةُ إلى أنه لا يَطْهُرُ المحَلُّ من النجاسةِ إلاَّ بالماءِ الطَّهُورِ، إلاَّ في الاسْتِجْمَارِ فقطْ.
قالَ ابنُ رُشْدٍ: وسَبَبُ اختلافِهم هو: هل المقصودُ بإزالةِ النجاسةِ بالماءِ هو إتلافُ عينِها فقطْ، فيَسْتَوِيَ في ذلكَ معَ الماءِ كلُّ ما يُتْلِفُ عَيْنَها، أمْ أنَّ للماءِ في ذلكَ مزيدُ خصوصٍ ليس بغيرِ الماءِ؟
اسْتَدَلَّ أبو حنيفةَ بأحاديثَ وآثارٍ في هذا البابِ؛ منها: ما رَوَاه أبو داودَ (386) من حديثِ أبي هُرَيْرَةَ، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((إِذَا وَطِئَ أَحَدُكُمُ الأَذَى بِنَعْلَيْهِ فَإِنَّ التُّرَابَ لَهُ طُهُورٌ)).
وبما رَوَاه التِّرْمِذِيُّ في سُنَنِه (143) من حديثِ أمِّ سَلَمَةَ، أنها قالَتْ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إني امرأةٌ أُطِيلُ ذيلي وأمشِي في المكانِ القَذِرِ؟ فقالَ لها رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ)). وهناكَ أحاديثُ أخرَى وآثارٌ.
وهذا الحديثُ سَكَتَ عنه أبو داودَ والمُنْذِرِيُّ، وقالَ القاضي أبو بَكْرِ بنُ العَرَبِيِّ: هذا الحديثُ مِمَّا رَوَاه مَالِكٌ فصَحَّ، وإنْ كانَ غيرُه لم يَرَهُ صحيحاً.
وسُئِلَ الإمامُ أَحْمَدُ عن حديثِ أمِّ سَلَمَةَ، فقالَ: ليسَ هذا عندي على أنه أصابَه - ذيلَ ثوبِها - بولٌ فمَرَّ بعدَها على الأرضِ فطَهَّرَه، ولكنه يَمُرُّ بالمكانِ فيُقَذِّرُه، فيَمُرُّ بمكانٍ أطيبَ منه فيُطَهِّرُه.
والروايةُ الأخرى عن الإمامِ أَحْمَدَ على هذا القولِ، واخْتَارَه ابنُ عَقِيلٍ والشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
وقالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السِّعْدِيُّ: الصحيحُ أن النجاسةَ إذا زَالَتْ بأيِّ شيءٍ فإنها تَطْهُرُ، وكذلك إذا انْتَقَلَتْ صِفاتُها الخبيثةُ وخَلَفَتْها الصفاتُ الطيِّبَةُ فإنها تَطْهُرُ بذلك كلِّه؛ لأنَّ النجاسةَ تَدُورُ معَ الخَبَثِ وجوداً وعدماً.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, إزالة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:07 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir