#هدايات_الفاتحة
"زاد المفسر لعبد العزيز بن داخل المطيري"
🔹فريق الدعوة بالتفسير🔹
🔸معهد آفاق التيسير🔸
قال تعالى: (اهدنا الصراط المستقيم)
فعدى فعل الهداية بنفسه ولم يعده ب (إلى) أو (اللام) أي لم يقل: اهدنا إلى الصراط المستقيم، أو اهدنا للصراط المستقيم وإنما قال (اهدنا الصراط) فعداه بنفسه،
فما الحكمة في ذلك؟
حتى يتضح المعنى نبين معنى تعدية الهداية ب (إلى) أو (اللام).
▫(إلى)
* كما في قوله تعالى: {وإنّك لتهدي إلى صراط مستقيم}
ففعل الهداية هنا تضمن معنى:
(الدعوة) أي تهديهم وتدعوهم إلى صراط مستقيم، ففيه بيان أنّك على الهداية،وأنّك مع اهتدائك تدعوهم إلى صراط مستقيم دعوة حقّ أنت مهتدٍ فيها.
فكان لتعدية فعل الهدى بإلى في هذا الموضع أربع فوائد ظاهرة:
الأولى: الحكم بأنّك على الهدى.
والثانية: الحكم بأنّ دعوتك دعوة هداية.
والثالثة: الإفادة بأنك تدعوهم إلى صراط مستقيم لا إلى غيره.
والرابعة: اختصار اللفظ وحسن سبكه.
* وفي قوله تعالى عن أنبيائه صلى الله عليهم وسلم، { وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (87)}
فيضمّن الفعل ما يناسب السياق من معنى الإيصال والأخذ بأيديهم إلى ما تقرّ به أعينهم من المراتب العالية في الهداية.
فليس كلّ تعدية بحرف يكون المعنى جامداً عليها؛ إذ لا بدّ من مراعاة السياق.
▫(اللام)
وأما تعدية فعل الهداية باللام فهو لتحقيق ثمرة الهداية وبيان اختصاصها بالمهتدي
* كما في قوله تعالى عن أهل الجنة: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي "هَدَانَا ل"ِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ}
المشار إليه ما هم فيه من النعيم الذي هو من ثمرات هدايتهم.
* وقوله: {قل الله "يهدي ل"لحق}
أي يهدي من استهداه حتى يكون على الحقّ، ولو قال: يهدي إلى الحق، لكان المعنى محتمل الاختصاص بهداية الدلالة والبيان، لكن المراد هنا تحقيق ثمرة الهداية وأن الله {يهدي للحق} أي يهيّئ لعبده ما يتحقّق به أنّه على الهدى.
وأنت إذا عرض لك عارضٌ ثمَّ اتّبعت هدى الله فحصلت لك الطمأنينة وفرّج الله عنك كربك ووجدت ثمرة اتّباعك للهدى من السكينة والطمأنينة وانشراح الصدر قلتَ: الحمد لله الذي هداني لهذا، أي هيأ لي هذا الذي أنعم به، واختصّني به.
* وكذلك قوله تعالى: {إن هذا القرآن "يهدي ل"لتي هي أقوم}
أي يتحقّق لمن اتّبع هداه أقوم الأمور في كلّ شيء من شؤونه؛ وهذه الثمرة تتفاضل بتفاضل اتّباع الهدى؛ فمن كان أحسن اتّباعاً لهدى القرآن كان نصيبه من ثمرة الهداية أعظم.
🔼وكل هذا ليس على سبيل الحصر، بل القاعدة في مثل هذه المسائل:
- مراعاة معاني الحروف.
- وما يحتمله السياقُ من المعاني المضمَّنة بالتعدية.
- وما يناسب مقاصد الآيات.
وهذا يختلف من موضع لآخر
💡وهنا تتبين الحكمة من تعدية فعل الهداية بنفسه في قوله تعالى: (اهدنا الصراط المستقيم) فهو معنى جامع لكل ما تقدّم من البيان والدلالة والإلهام والتوفيق والتهيئة.
يقول ابن القيّم رحمه الله: (فالقائل إذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} هو طالبٌ من الله أن يُعرِّفَه إيَّاه ويبّينه له ويلهمه إياه ويقدره عليه؛ فيجعل في قلبه *علمَه *وإرادتَه *والقدرةَ عليه؛ فجَرَّدَ الفعلَ من الحرف، وأتى به مجرَّدا معدىً بنفسه ليتضمَّن هذه المراتب كلَّها، ولو عُدِّيَ بحرفٍ تعيَّن معناه وتخصَّص بحسب معنى الحرف؛ فتأمَّله فإنه من دقائق اللغة وأسرارها)ا.هـ.
➰ ففرق بين من يقرأ: (اهدنا الصراط المستقيم) وهو مستحضر أنه داع لله أن يجعل في قلبه *علمَه *وإرادتَه *والقدرةَ عليه وبين من لا يدرك ذلك ..
وكلما كان العبد أعظم استحضارا كان أسعد بالإجابة ➰
انتقاء: منيرة جابر-برنامج إعداد المفسر-المستوى الرابع
1438 هـ.