دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الوقف

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #6  
قديم 23 ربيع الثاني 1432هـ/28-03-2011م, 11:24 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

كِتَابُ الوَقْفِ


وَهُوَ تَحْبِيسُ الأَصْلِ وَتَسْبِيلُ المَنْفَعَةِ
قوله: «الوقف» مصدر وَقَفَ يقف وقفاً، ويقال: وقف، أي: توقف عن المشي، ومصدره وقوف، مثل قعد قعوداً، قال ابن مالك:
وَفَعَلَ اللازمُ مِثْلُ قَعَدَا
له فُعُولٌ باطِّرادٍ كَغَدَا
فوقف اللازم مصدره وقوف، ووَقَفَ المتعدي الذي بمعنى أوقف الشيء، مصدره وَقْفٌ، مثل مَنَعَ يمنع مَنْعَاً.
وهو لغة بمعنى الحبس، وفسره المؤلف ـ رحمه الله ـ في الاصطلاح بأنه: «تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة» .
قوله: «وهو تحبيس الأصل» أي: منعه، و «الأصل» أي: العين، كالدار ـ مثلاً ـ والشجر، والأرض، والسيارة، وما أشبه ذلك؛ لأن الوقف يكون في المنقول والعقار.
قوله: «وتسبيل المنفعة» يعني إطلاقها، وعلمنا بأن التسبيل بمعنى الإطلاق لقوله في الأصل إنه «تحبيس» ، فيكون ضده الإطلاق.
والمعنى أن المُوقِف يحبس الأصل عن كل ما ينقل الملك فيه، ويسبل المنفعة ـ يعني الغلة ـ كأجرة البيت مثلاً، والثمرة، والزرع، وما أشبه ذلك.
والأصل في هذا أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أصاب أرضاً في خيبر، وكانت نفيسة عنده، فجاء يستشير النبي صلّى الله عليه وسلّم ماذا يصنع فيها؛ لأن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ ينفقون مما يحبون، فأرشده إلى الوقف، وقال: ((إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها))، وفي لفظ: ((احبس أصلها، وسبِّل ثمرها)) ، وهذا أول وقف في الإسلام، وهو غير معروف في الجاهلية، بل أحدثه الإسلام، ففعل عمر ـ رضي الله عنه ـ وجعل لها مصارف نذكرها ـ إن شاء الله ـ فيما بعد.
وكان ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ إذا أعجبه شيء من ماله تصدق به، يتأول قوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] وأبو طلحة ـ رضي الله عنه ـ لما أنزل الله هذه الآية، جاء إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال: يا رسول الله، إن الله أنزل: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}، وإن أحب مالي إليَّ «بيرحاء»، وهي اسم نخل مستقبلة مسجد الرسول صلّى الله عليه وسلّم في المدينة، وكان فيها ماء عذب طيب يأتي إليه الرسول صلّى الله عليه وسلّم ويشرب منه، وهذا لا شك أغلى شيء عند أبي طلحة، فقال: يا رسول الله ضَعْهَا حيثُ شِئْتَ، فقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: ((بَخٍ بَخٍ، ذاك مال رابح، ذاك مال رابح، وأرى أن تجعلها في الأقربين)) ، فجعلها في قرابته وبني عمه.
ولم يذكر المؤلف ـ رحمه الله ـ الحكم التكليفي للوقف، يعني هل هو جائز أو حرام، أو واجب، أو مندوب، وإنما ذكر حكمه الوضعي فقال: ((ويصح)) .
لكن نقول: الوقف تبرع بالمال، وحبس له عن التصرف فيه، فإذا كان على جهة مشروعة كان مستحباً؛ لأنه من الصدقة، وإذا نذره الإنسان كان واجباً بالنذر، وإذا كان فيه حيف أو وقف على شيء محرم كان حراماً، وإذا كان فيه تضييق على الورثة كان مكروهاً، فيمكن أن تجري فيه الأحكام الخمسة، هذا من حيث الحكم التكليفي.
فإذا جاءنا إنسان يقول: أنا أريد أن أوقف هذه الأرض لأعمر عليها مسجداً، نقول له: هذا مستحب؛ لأنه من الإحسان والصدقة، والله ـ تعالى ـ يحب المحسنين.


[1] أخرجه البخاري في الشروط/ باب الشروط في الوقف (2737)؛ ومسلم في الوصية/ باب الوقف (1633) عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ.
[2] أخرجه النسائي في الأحباس/ باب حبس المشاع (6/232)؛ وابن ماجه في الصدقات/ باب من وقف (2397) عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ.
[3] أخرجه البزار كما في مختصر زوائد مسند البزار لابن حجر (1451).
[4] أخرجه البخاري في الزكاة/ باب الزكاة على الأقارب (1461)؛ ومسلم في الزكاة/ باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين... (998) عن أنس ـ رضي الله عنه ـ.


 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الوقف, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:00 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir