دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #5  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 10:49 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


إضافةُ (قَبْلُ وَبَعْدُ وغَيْرُ) ونظائرِها
410- وَاضْمُمْ بِنَاءً غَيْراً إنْ عَدِمْتَ مَا = لَهُ أُضِيفَ نَاوِياً مَا عُدِمَا
411- قَبْلُ كَغَيْرُ بَعْدُ حَسْبُ أوَّلُ = وَدُونُ وَالْجِهَاتُ أيْضاً وَعَلُ
412- وَأعْرَبُوا نَصْباً إذَا مَا نُكِّرَا = قَبْلاً وَمَا مِنْ بَعْدِهِ قَدْ ذُكِرَا
ذَكَرَ مجموعةً مِن الأسماءِ التي تُضافُ، وهيَ: (غيرُ، وقبلُ، وبعدُ، وحسْبُ، وأوَّلُ، ودونُ، والجهاتُ السِّتُّ، وهيَ: أَمَامَكَ، وخلفَكَ، وفوقَكَ، وتحتَكَ، ويمينَكَ، وشمالَكَ، وَعَلُ).
وقدْ أَجْمَلَ الكلامَ فيها، فذَكَرَ أَحكاماً وتَرَكَ أُخرى، ولَمَّا كانت هذهِ الأسماءُ ممَّا يَحتاجُ إليهِ المُعْرِبِ، رأيتُ أنْ أَتَحَدَّثَ عنها بشيءٍ مِن التفصيلِ على الترتيبِ الذي ذَكَرَهُ ابنُ مالِكٍ، فهذهِ الأسماءُ المذكورةُ نَوعانِ:
الأوَّلُ: خالصُ الاسميَّةِ، فلا يُفيدُ معها ظَرفيَّةً زمانيَّةً ولا مَكانيَّةً، وهذا (غيرُ، وحسْبُ).
الثاني: ما يُفيدُ معَ الاسميَّةِ ظرفيَّةً زَمانيَّةً أوْ مكانيَّةً، وهوَ البقِيَّةُ، وإليكَ تفصيلُ القولِ فيها:
- غيرُ: اسمٌ مَحْضٌ لا ظَرفيَّةَ فيهِ، يَدُلُّ على مخالَفَةِ ما قَبْلَهُ لِمَا بَعْدَهُ ذاتاً أوْ عَرَضاً، فالأوَّلُ نحوُ: التُّفَّاحُ غيرُ البُرتقالِ؛ أيْ: ذاتُ التفاحِ وحقيقتُهُ مُخالِفَةٌ لذاتِ الْبُرتقالِ وحقيقتِهِ. والثاني نحوُ: خَرَجَ الفائزُ بوَجْهٍ غيرِ الَّذِي دَخَلَ بهِ، بمعنى أنَّ الوجهَ طَرَأَ عليهِ أمْرٌ عَرَضِيٌّ مِن السُّرورِ والإشراقِ.
وهيَ ملازِمَةٌ للإضافةِ في غالِبِ أحوالِها إمَّا لَفْظاً ومعنًى، أوْ معنًى فقطْ، فإنْ ذُكِرَ المضافُ إليهِ - بأنْ أُضِيفَتْ لَفْظاً ومعنًى - فهيَ مُعْرَبَةٌ على حَسَبِ حالةِ الجملةِ، ولا يَدْخُلُها التنوينُ، فتَقَعُ خبراً نحوُ: النُّحَاسُ غيرُ الحديدِ، وتَقَعُ صِفةً في مِثلِ قَوْلِهِ تعالى: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}، فـ ( غَيْرُ ) نَعْتٌ لـ ( عَمَلٌ )، وقولِهِ تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}، فـ ( غَيْرِ ) صفةٌ للاسمِ الموصولِ ( الَّذِينَ ).
أمَّا إذا لم يُذْكَر المضافُ إليهِ فسيأتِي حُكْمُها في الكلامِ على (قبلُ وبعدُ) إنْ شاءَ اللَّهُ.
- قبلُ، بعدُ: ظَرفانِ مُتقابلانِ، الأوَّلُ يَدُلُّ على سَبْقِ شيءٍ على شيءٍ آخَرَ، وتَقَدُّمِهِ عليهِ في الزمانِ أو المكانِ، والثاني يَدُلُّ على تَأَخُّرِ شيءٍ عنْ آخَرَ في الزمانِ أو المكانِ، سواءٌ كانَ ذلكَ حِسِّيًّا أوْ مَعْنَوِيًّا، تقولُ: جِئْتُكَ بعدَ الظهْرِ وقَبلَ العصْرِ، وتقولُ: جاءَ خالدٌ قبلَ عاصِمٍ.


ولَهُما حالتانِ:
الأُولَى: الإعرابُ، وهوَ النصْبُ على الظرفيَّةِ، أو الْجَرُّ بِمِنْ، وذلكَ في ثلاثِ صُوَرٍ:
1- أنْ يُذْكَرَ المضافُ إليهِ؛ نحوُ: نَظِّفْ أسنانَكَ قبلَ النومِ وبعدَهُ، أوْ مِنْ قبلِ النومِ ومِنْ بعدِهِ، قالَ تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا}، فـ ( قبلَ ): ظرْفُ زمانٍ منصوبٌ بالفتحةِ متعلِّقٌ بـ ( سَبِّحْ )، وقالَ تعالى: {أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ}، فـ ( بعدَ ): ظرْفُ زمانٍ منصوبٌ بالفتحةِ مُتَعَلِّقٌ بـ ( تُرَدَّ )، أوْ صِفَةٌ لـ(أَيْمَانٌ).
2- أنْ يُحْذَفَ المضافُ إليهِ ويُنْوَى لفْظُهُ نَصًّا دونَ غيرِهِ مِن الألفاظِ، فيَبْقَى الإعرابُ ويُحْذَفُ التنوينُ، كما لوْ كانَ المضافُ إليهِ مَذكوراً؛ نحوُ: يَبدأُ المعتَمِرُ بالطوافِ بالبيتِ قَبْلَ أوْ مِنْ قَبْلِ؛ أيْ: قبلَ السعيِ، فالمضافُ (قبلَ) منصوبٌ على الظرفيَّةِ، أوْ مجرورٌ بـ(مِن)، ولا يُنَوَّنُ؛ لأنَّهُ لا يَزالُ مُضافاً، والمضافُ إليهِ محذوفٌ بِمَنْزِلَةِ الموجودِ، مَنْوِيٌّ لفظُهُ دونَ غيرِهِ مِن الألفاظِ.
3- أنْ يُحْذَفَ المضافُ إليهِ، ولا يُنْوَى شيءٌ، فيَبقَى الإعرابُ، ويَرْجِعُ التنوينُ؛ لزوالِ الإضافةِ لَفْظاً وتَقديراً؛ نحوُ: عَرَفْتُ قِيمةَ الوقْتِ وكُنْتُ قَبْلاً مُضَيِّعاً لِوَقْتِي، فـ(قَبْلاً) ظَرْفُ زمانٍ مَنصوبٌ بـ(كانَ)، ويكونُ معنى (قبلُ وبعدُ) في هذهِ الصورةِ القَبْلِيَّةَ المُطْلَقَةَ والبَعديَّةَ المطلَقَةَ.
الحالةُ الثانيَةُ لـ(قبلُ وبعدُ) البناءُ على الضمِّ في مَحَلِّ نَصْبٍ على الظرفيَّةِ، أوْ مَحَلِّ جَرٍّ إنْ سَبَقَتْهُ (مِن)، وذلكَ إذا حُذِفَ المضافُ إليهِ، ونُوِيَ معناهُ دونَ لفْظِهِ؛ نحوُ: كانَ النجاحُ حَلِيفِي فَلِلَّهِ الشكْرُ مِنْ قبلُ ومِنْ بعدُ، قالَ تعالى: {وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}، فـ ( قَبْلُ ): ظرْفُ زمانٍ مَبْنِيٌّ على الضمِّ في مَحَلِّ نَصْبٍ، وقالَ تعالى: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ}، وقالَ تعالى: {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ}، فـ ( قَبْلُ ) و(بَعْدُ) ظرفانِ مَبْنِيَّانِ على الضمِّ في مَحَلِّ جَرٍّ.
والفرْقُ بينَ نِيَّةِ المعنى ونِيَّةِ اللفْظِ، أنَّ نِيَّةَ اللفْظِ أنْ يُلاحَظَ اللفظُ المَنْوِيُّ معناهُ في نفْسِ المتكلِّمِ دونَ غيرِهِ مِن الألفاظِ، ونِيَّةُ المعنى أنْ يُلاحَظَ المعنى دونَ النظَرِ إلى لفْظٍ مُعَيَّنٍ.
وهذهِ الأحوالُ تَنْطَبِقُ على (غَيْرُ) الْمُتَقَدَّمِ ذِكْرُها إذا حُذِفَ المضافُ إليهِ في نحوِ: حَفِظْتُ مِن القرآنِ عَشرةَ أجزاءٍ ليسَ غَيْرُ، فيَجوزُ في (غَيْرُ) الأوْجُهُ الآتيَةُ:
1- الإعرابُ بدونِ تنوينٍ باعتبارِ أنَّها مُضافةٌ، والمضافُ إليهِ محذوفٌ قدْ نُوِيَ لفْظُهُ نَصًّا، فهيَ اسمُ (لَيْسَ)، والخبرُ محذوفٌ، والتقديرُ: ليسَ غَيْرُ العشرةِ مَحفوظاً. ويَجوزُ نَصْبُها (ليسَ غَيْرَ) باعتبارِها خبرَ (ليسَ)، والاسمُ محذوفٌ؛ أيْ: ليسَ المحفوظُ غيرَ العشرةِ.
2- الإعرابُ بتنوينِ (ليسَ غَيْرٌ أوْ غَيْراً)؛ لأنَّ المضافَ إليهِ محذوفٌ، ولم يُنْوَ لفْظُهُ ولا معناهُ، فهوَ اسمُ (ليسَ)؛ أيْ: ليسَ غيرٌ مَحفوظاً، أوْ خبرُ (ليسَ) والتقديرُ: ليسَ المحفوظُ غَيْراً.
3- البناءُ على الضمِّ في مَحَلِّ رفْعٍ باعتبارِها اسمَ ليسَ، والمضافُ إليهِ محذوفٌ قدْ نُوِيَ معناهُ فقطْ، والخبرُ محذوفٌ، والتقديرُ: ليسَ غيرُ المذكورِ محفوظاً.
حَسْبُ: وهوَ اسمٌ مَحْضٌ لا ظَرفيَّةَ فيهِ، ولهُ استعمالانِ:
الأوَّلُ: أنْ يكونَ مُضافاً لَفْظاً ومعنًى، فيكونُ بمعنى (كَافٍ) اسمِ فاعلٍ مِنْ (كَفَى)، ويُستعمَلُ استعمالَ الصفاتِ المشتَقَّةِ، فيَقَعُ نَعتاً لنَكِرَةٍ؛ نحوُ: مَررْتُ برَجُلٍ حَسْبِكَ مِنْ رَجُلٍ؛ أيْ: كافٍ لكَ عنْ غيرِهِ، فـ(حسْبِ): صِفةٌ لـ(رجُلٍ) مجرورٌ بالكسرةِ، والكافُ: مضافٌ إليهِ. ولا يَستفيدُ تعريفاً بهذهِ الإضافةِ كما تَقَدَّمَ. ويَقَعُ حالاً مِنْ مَعْرِفَةٍ؛ نحوُ: هذا هشامٌ حَسْبَكَ مِنْ رجُلٍ، بنَصْبِ (حَسْبَ).
ويُستعمَلُ استعمالَ الأسماءِ الجامِدَةِ، فيَقَعُ مُبتدأً أوْ خَبراً أو اسمَ ناسِخٍ أوْ مجروراً بحرْفِ جَرٍّ زائدٍ، ولا يَقَعُ في موْقِعٍ إعرابيٍّ غيرِ ذلكَ، قالَ تعالى: {حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ}، وقالَ تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ فَهُوَ حَسْبُهُ}، وقالَ تعالى: {فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ}، وتقولُ: بِحَسْبِكَ العلْمُ؛ فإنَّهُ أفْضَلُ مِن المالِ.
الثاني: أنْ يكونَ (حَسْبُ) مُضافاً معنًى لا لَفظاً، (أَيْ يُحْذَفُ المضافُ إليهِ ويُنْوَى معناهُ)، فيُبْنَى على الضمِّ، ويكونُ بمعنى (ليسَ غَيْرُ) أوْ (لا غيرُ)، ويَقَعُ صِفةً لنَكِرَةٍ، أوْ حالاً مِنْ مَعْرِفَةٍ، أوْ مبتدأً بشَرْطِ اقترانِهِ بالفاءِ، أوْ خبراً، وليسَ لهُ مَوْقِعٌ إعرابيٌّ غيرُ ذلكَ؛ نحوُ: رَأَيْتُ في المدرسةِ طالباً حَسْبُ، فـ(حَسْبُ): صِفةٌ لطالِبٍ مَبنيٌّ على الضمِّ في مَحَلِّ نَصْبٍ، وفي نحوِ: رَأَيْتُ في المدرسةِ خالِداً حَسْبُ، مَبْنِيٌّ على الضمِّ في مَحَلِّ نصْبِ حالٍ، والمعنى: لا غَيْرُ.
ونحوُ: حَفِظْتُ ثلاثةَ أجزاءٍ مِن القرآنِ فحَسْبُ، فالفاءُ زائدةٌ لِتَزْيِينِ اللفْظِ، و(حسْبُ): مُبتدأٌ مبنيٌّ على الضمِّ في مَحَلِّ رفْعٍ حُذِفَ خَبَرُهُ؛ أيْ: فحَسْبِي ذلكَ. وذُكِرَ هنا وهوَ ليسَ مِن الظروفِ؛ لأنَّهُ يُبْنَى إذا قُطِعَ عن الإضافةِ لَفْظاً لا معنًى، فهوَ داخِلٌ في حُكْمِ (قبلُ وبعدُ).
- أوَّلُ: ولهُ استعمالاتٌ، أشْهَرُها ثلاثةٌ:
1- أنْ يكونَ اسماً مَصروفاً لا ظَرْفِيَّةَ فيهِ، يُعْرَبُ حَسَبَ مَوْقِعِهِ مِن الْجُملةِ، ومعناهُ: إمَّا مَبدأُ الشيءِ الذي يُقابِلُ آخِرَهُ؛ نحوُ: أوَّلُ الغَيْثِ قَطْرٌ ثمَّ يَنْهَمِرُ، أوْ بمعنى كلمةِ (سَابِقٍ)؛ أيْ: (مُتَقَدِّمٍ) الدالَّةِ على الوصْفِ؛ نحوُ: تَنَقَّلْتُ في مَصايِفِ المملكةِ عاماً أوَّلاً؛ أيْ: عاماً سابِقاً أوْ مُتَقَدِّماً مِنْ غيرِ تَعيينٍ.
2- أنْ يكونَ صِفةً بمعنى أَفْعَلِ التفضيلِ، فيَأخُذُ حُكْمَهُ في مَنْعِ الصرْفِ، وعدَمِ تأنيثِهِ بالتاءِ، ودخولِ (مِن) عليهِ، ويكونُ بمعنى (الأسبَقِ)؛ نحوُ: أنتَ في الإحسانِ أوَّلُ مِنْ هَذَيْنِ؛ أيْ: أسبَقُ منهما.
3- أنْ يكونَ ظَرْفَ زمانٍ بمعنى (قبلُ)، فيُعْطَى حُكْمَها مِن الإعرابِ والبناءِ على ما تَقَدَّمَ بيانُهُ؛ نحوُ: أسرَعْتُ للمستغيثِ أوَّلَ المُستمعينَ، فـ(أوَّلَ): ظرْفُ زمانٍ منصوبٌ، قالَ تعالى: {وَهُمْ بَدَأُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ}، وكقولِ: أسْرَعْتُ للمستغيثِ أوَّلَ؛ لأنَّ المضافَ إليهِ محذوفٌ ومَنْوِيٌّ لفْظُهُ، وكقولِ: أسْرَعْتُ للمُستغيثِ أوَّلاً؛ لأنَّ المضافَ إليهِ محذوفٌ ولم يُنْوَ لفْظُهُ ولا معناهُ، وتقولُ: أسْرَعْتُ للمستغيثِ أوَّلُ، بالبناءِ على الضمِّ؛ لأنَّ المضافَ إليهِ محذوفٌ ومَنْوِيٌّ معناهُ.
- دُونَ: ظرْفُ مكانٍ منصوبٌ على الظرفيَّةِ في أكثرِ استعمالاتِهِ، أوْ مجرورٌ بـ(مِن)، وهوَ ملازِمٌ للإضافةِ في أكثرِ حالاتِهِ، ومعناهُ الدَّلالةُ على المكانِ الأقربِ إلى مكانِ المضافِ إليهِ، تقولُ: جَلَسْتُ دونَ المدرِّسِ؛ أيْ: في أقْرَبِ مكانٍ إليهِ. وقدْ تأتِي بمعنى (غَيْرٍ)؛ كقولِهِ تعالى: {أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً}، وهيَ على التفصيلِ المذكورِ في (قبلُ وبعدُ).
- الْجِهاتُ السِّتُّ، وهيَ: يمينٌ وشِمالٌ.. إلخ، وقدْ تَقَدَّمَتْ، وحُكْمُها حُكْمُ (قبلُ وبعدُ)، فتكونُ منصوبةً على الظرفيَّةِ، أوْ مجرورةً بـ(مِن)، أوْ تُبْنَى على الضمِّ إذا حُذِفَ المضافُ إليهِ ونُوِيَ معناهُ، تقولُ: جَلَسْتُ أمامَ المدرِّسِ، وقَفْتُ يمينَ الإمامِ.
قالَ تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً}. وقالَ تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ}. وقالَ تعالى: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ}. وقالَ تعالى: {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ}.
ومثالُ بِنَائِها على الضمِّ: الجبلُ عالٍ والنبْعُ يَخرجُ مِنْ تحتُ؛ أيْ: مِنْ تحتِ الجبلِ.
- عَلُ: ظَرْفُ مَكَانٍ بمعنى (فَوْقُ)، ولا يُستعمَلُ إلاَّ مجروراً بـ(مِن)، ولا يُضافُ، ومَعْنَاهُ الدَّلالةُ على أنَّ شيئاً أعْلَى مِن آخَرَ، وهوَ مُعْرَبٌ مُنَوَّنٌ إذا كانَ نَكِرَةً؛ (أيْ يَدُلُّ على عُلُوٍّ غيرِ مُعَيَّنٍ)، ولم يُضَفْ لا لَفْظاً ولا معنًى؛ نحوُ: سقَطَ الحجَرُ مِن عَلٍ؛ أيْ: مِن مكانٍ عالٍ، لا مِن فوقِ شيءٍ مخصوصٍ، فقدْ يكونُ المرادُ مِنْ فوقِ جبلٍ أوْ بيتٍ أوْ شجرةٍ....
ويُبْنَى على الضمِّ إذا كانَ معرِفةً؛ (أيْ: يَدُلُّ على عُلُوٍّ مُعَيَّنٍ)، وحُذِفَ المضافُ إليهِ ونُوِيَ معناهُ؛ نحوُ: تَمَتَّعْتُ بالربيعِ مِنْ أسْفَلِ الوادِي ومِنْ عَلُ، فـ(عَلُ): مَبنيَّةٌ على الضمِّ في مَحَلِّ جَرٍّ؛ لأنَّها معرِفةٌ بسببِ دَلالتِها على عُلُوٍّ مُعَيَّنٍ؛ لأنَّ التقديرَ: ومِنْ عَلِ الوادِي، ولأنَّ المُضافَ إليهِ مَنْوِيٌّ معناهُ.
وإلى الأسماءِ المتقَدِّمَةِ أشارَ بقولِهِ: (واضْمُمْ بِناءً غَيراً.. إلخ)؛ أي: اضمُمْ (غَيْراً) ضَمَّةَ بِناءٍ، إنْ عَدِمْتَ ما أُضيفَ لهُ (غَيْرٌ)؛ أيْ: لم تَجِد المضافَ إليهِ في الكلامِ، وقولُهُ: (نَاوِياً ما عُدِمَا)؛ أيْ: ناوياً معنى المضافِ إليهِ المحذوفِ، معَ أنَّهُ لم يُصَرِّحْ بأنَّ الذي تَنْوِيهِ هوَ اللفْظُ أو المعنَى، لَكِنْ مِن المعلومِ أنَّ المرادَ المعنى (قَبْلُ كَغَيْرُ)؛ أيْ: أنَّ لفْظَ (قبلُ) مثلُ (غَيْرُ) في الحكْمِ السابقِ، وهوَ البِناءُ إذا حُذِفَ المضافُ إليهِ ونُوِيَ معناهُ.
ثمَّ ذَكَرَ الألفاظَ التي تَشْتَرِكُ معَ (قَبْلُ) في هذا، وعَطَفَها بالواوِ المذكورةِ والمحذوفةِ، ثمَّ ذَكَرَ أنَّ النُّحاةَ أعْرَبُوا لفظَ (قَبْلُ) وما بعدَهُ مِن الأسماءِ بالنَّصْبِ معَ التنكيرِ، والمرادُ بهِ حَذْفُ المضافِ إليهِ وعدَمُ نِيَّةِ لفظِهِ ولا معناهُ، وهذا الحُكْمُ لا يَنْطَبِقُ على الجميعِ، بلْ يَخرُجُ منهُ (حَسْبُ وَعَلُ) كما تَقَدَّمَ.

 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
غير, وقبل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:47 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir