دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > بيان المُستشكل > فوائد في مشكل القرآن للعز بن عبد السلام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 ربيع الثاني 1432هـ/12-03-2011م, 10:10 PM
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 3,529
افتراضي سورة الإسراء

سورة الإسراء

قوله عز وجل: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا} (17: 1).
ولم يقل بمحمد إشارة لتكذيبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن من أهان العبد فقد أساء الأدب على سيده، فأضافه لنفسه لأجل هذه الإشارة، ولأجلها أيضًا جيء بالتسبيح الذي هو التنزيه. ويمكن أيضًا أن يكون بمعنى التعجب
[فوائد في مشكل القرآن: 157]
الذي هو أحد معنى التسبيح. فنزه نفسه عن تكذيب رسوله، أو ذكر التعجب لعظم الواقعة.
قوله تعالى: ...{إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله} (17: 1) فيه سؤالان، أحدهما أن قوله: «الأقصى»يستدعي وجود قاص، ولم يكن إلا المسجد الحرام وبيت المقدس.
السؤال الثاني: قوله: «باركنا» ولم يقل: بارك على سياق ما تقدم من خطاب الغيبة في «أسرى بعبده»، فلم عدل عن ذلك.
والجواب عن الأول من وجهين: الأول: أن أفعل هاهنا بمعنى فاعل، لتعذر أفعل. والأحسن أن يقال: هذا من باب وصف الشيء باعتبار ما يؤول إليه، نحو «فبشرناه بغلام حليم» فإنه سيصير الغلام حليمًا، والمسجد أقصى وغيره قاصيًا.
وعن الثاني: أن هذا النوع يسمى تلوين الخطاب، وهو
[فوائد في مشكل القرآن: 158]
الخروج من التكلم إلى الغيبة أو بالعكس، أو من الخطاب إلى الغيبة و[قد] يكون لمعنى خاص بالمحل، ولمعنى عام، وهو: الاستراحة للنفس، وحلاوة [الكلام] لترصيعه بالمختلفات، والمعنى الخاص هو أن الحضور أعظم مهابة من الغيبة، فذكر الحضور تنبيهًا على قبح تكذيبهم.
وكذلك قوله عز وجل {إياك نعبد} وكان الأصل: إياه نعبد، لما تقدم من خطاب الغيبة لأن الخطاب أعظم من الغيبة، لأن المعبود الحاضر، والمستعان به بالحاضر ليس كالغائبين.
قوله تبارك وتعالى: {إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها} (17: 7).
المراد بالإحسان الثاني، والإساءة الثانية المحذوفة من اللفظ غير الأول، والتقدير: إن أحسنتم بالطاعة في الدنيا أحسنتم لأنفسكم في الآخرة بالجزاء، وكذلك الإساءة.
[فوائد في مشكل القرآن: 159]
قوله تبارك وتعالى: {فإذا جاء وعد الآخرة ليسئوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة} (17: 7).
معنى الآخرة، أي: المرة الآخرة التي هي إحدى المرتين السابق ذكرهما. وجواب هذا الشرط محذوف، تقديره: بعثنا، دل عليه الجواب السابق، وهو قوله تعالى: {بعثنا عليكم عبادا لنا} (17: 5).
سؤال: كيف يحسن أن يرتب على فساد بني إسرائيل دخول المسجد وهتك حرمته، لأن ذلك إن كان يؤلمهم فهذا مدح لهم، بكونهم يعز عليهم انتهاك الحرمات، والمدح لا يؤتى به في سياق الذم والعقاب. وإن لم يكن عقابًا مؤلمًا [لهم]، فلا يحسن ترتيبه عقابًا على الفساد، إذ لا عقاب إلا بمؤلم.
والجواب: أنه ليس من هذا القبيل، بل ذكر ذلك ليعلمهم أن إفساد المسجد وانتهاك حرمته كان بسببكم وعصيانكم [فأنتم] المنتهكون للحرمة في الحقيقة، فعليكم وزر الهتك، فهذا إخبار لهم بزيادة العقاب.
[فوائد في مشكل القرآن: 160]
قوله تبارك وتعالى: {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة}... (17: 12).
فيه سؤال: كيف يحسن استعمال الجعل هاهنا مع أن المجعول فيه، ينبغي أن يتصف قبل الجعل مع ضد المجعول كقولك: جعلت زيدًا قائمًا، فهو قبل ذلك كان متصفًا بضد القيام، وهاهنا لم يوجد المجعول فيه، فكيف يصبح استعمال الجعل فيه؟
والجواب: أن الليل جواهر قام بها السواد، وكذلك النهار جواهر قام بها البياض كذلك الشمس جرم قام به ضوء. والأجسام والجواهر متقدمة على الأعراض بالذات. والعرب تراعي هذا، ونقله الفراء عنهم في مواضع. فنقل: «أحسنت إليك، فكسوتك» وغيره. فجعلوا الإحسان متقدمًا على الكسوة بدليل العطف بالفاء، وليس ذلك إلا تقدم ذاتي، لأن الإحسان في الخارج هو نفس الكسوة.
قوله تبارك وتعالى: .... {كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا} (17: 14) إنه منصوب على التمييز، إلا أن هاهنا سؤالاً، وهو أن «كفى» يتعدى إلى مفعولين، تقول: كفيت
[فوائد في مشكل القرآن: 161]
زيدًا، فما تقدير المفعولين هاهنا؟
والجواب: أنه كان أصل الكلام: «كفتك نفسك محاسبة غيرها»، فهذان مفعولان، فزيدت الباء للتأكيد كـ{كفى بالله شهيدا}، وحذف المفعول الأول، لأنه معلوم، والثاني لدلالة التمييز عليه.
قوله عز وجل: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها} (17: 16) فيه إشكال: لأن من شرط «الشرط» أن يكون مستقبلاً معدومًا في الماضي والحال، وإرادة الله عز وجل أزلية، فكيف يجعل شرطًا؟
والجواب: أن الفرق ثابت بين أراد يريد، وبين مريد، والإرادة نفسها، وذلك أن أراد يريد معناه: خصص بإرادته الممكن المعنى، وذلك لا يتحقق إلا فيما لا يزال زمان وجود الممكن، لا قبله وبعده. ومثل هذا يصح تعليقه على
[فوائد في مشكل القرآن: 162]
الشرط وجعله شرطًا. وأما «مريد والإرادة فأزليان لأن الإرادة أزلية. والمعنى إذا قام بمحل أوجب له حكمة – والمعنى أزلي – فالحكم الذي هو مريد أزلي.
وكذلك سمع الله ورأى، ويسمع ويرى. أحكامها غير سميع [و] بصير، والسمع والرؤية، لأن «سمع ورأى» مشروط بالوجد، وذلك إنما يتحقق فيما لا يزال، والسمع والبصر حكمهما قديم.
فإن قيل: إذا فسرتم «أردنا» بمعنى خصصنا الذي لا يتحقق إلا فيما لا يزال، وتخصيص الشيء: وقوعه على الصفة المعينة، فيصير معنى الكلام: وإذا أوقعنا الإهلاك، أهلكنا، فيحدد الشرط والمشروط، وهو غير جائز.
قلنا: عبرنا بالتخصيص عن مقاربته نفيًا للتناقض.
[فوائد في مشكل القرآن: 163]
وهو كثير في الكتاب والسنة وكلام العرب.
قوله عز وجل: {وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما} (17: 23).
قالوا: إعراب «أحدهما أو كلاهما» بدل من الضمير في «يبلغن»، وهو مشكل، لأن المستتر إن كان جمعًا أشكل إبدال الواحد منه، لأن بدل البعض من الكل يبين أن الكل ليس مرادًا ... وإن كان المستتر موحدًا أشكل إبدال التثنية منه لأن الأكثر لا يبدل من الأقل.
التقدير: إن الضمير مثنى.
قوله عز وجل: {وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} (17: 24) يتعين حمله على رحمة الدنيا لوجهين:
الأول: لأن الوالد الكافر لا يرحم في الآخرة، فلا يؤمر
[فوائد في مشكل القرآن: 164]
بالدعاء بالرحمة [له] فيها. و«بالوالدين» في الآية محلى بالألف واللام. وذلك يقتضي العموم، والوالد الكافر أكثر الوالدين فيلزم أن يخص بأكثر أفراده، وذلك ممنوع. وإذا حملناه على رحمة الدنيا بقي على عمومه، لأن الكل مرحومون في الدنيا.
الثاني: أن المشبه لا بد أن يكون أقل رتبة من المشبه به، فلو حملناه على رحمة الآخرة، أو عليها وعلى رحمة الدنيا وقد شبهت بالتربية – وهي أخفض رتبة من كلتيهما – فيلزم خلاف القاعدة في التشبيه.
قوله عز وجل: {وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا} (17: 28).
يعني المسكين وذا القربى، إلا أن قوله: {ابتغاء رحمة من ربك ترجوها} ما مناسبة جعله شرطًا. فإنا مأمورون بأن نرد السؤال ردًا جميلاً سواء أكان الرد لأنا نرجو شيئًا
[فوائد في مشكل القرآن: 165]
يحصل لنا، أو لم نرج ذلك، فجعل هذا جزءًا من الشرط مشكل.
والجواب: أن المراد بالقول الميسور الوعد بالعطاء، قاله مقاتل. فما أمرنا الله عز وجل أن لا نعد إلا إذا كنا راجين شيئًا يحصل لنا. لأن الوعد عند عدم الرجاء لا يحسن، لأنه يؤدي إلى الإخلاف. فالمعنى: لا تعدوا إلا إذا كنتم على رجاء من حصول ما تعدون به. وعلى هذا يكون هذا القيد في غاية المناسبة لهذا الشرط.
قوله عز وجل: {وأوفوا الكل إذا كلتم} (17: 35).
ما فائدة قوله: {إذا كلتم} مع أن الإنسان لا يمكنه أن يوفي الكيل قبل أن يكتال أو بعده، بل لا يمكنه ذلك إلا إذا اكتال.
والجواب: له فائدة حسنة، وهي أن الذي يباشر الكيل، تارة يقبض لنفسه وتارة يوفي غيره. فإذا قبض لنفسه فيقال: اكتال، وإذا كان يوفي غيره يقال: كال. والأمر بالوفاء إنما يكون إذا كال. وأما إذا اكتال فيؤمر بأن يترك ويسامح. فلو لم يأت بقوله: «إذا كلتم» لأوهم: إذا
[فوائد في مشكل القرآن: 166]
أكتلتم، وليس مراده.
قوله عز وجل: {وشاركهم في الأموال والأولاد} (17: 64).
قيل: هي الأموال المحرمة، وأولاده أولاد الزنا، فكيف يصح إطلاق الشركة في هذه الأشياء مع أنه ليس [له] فيها إلا الأمر، والأمر بالشيء لا يقال له شريك. فإن قيل: صح أن يطلق عليه شريك لمشاركته الشريك في مطلق التصرف. قلنا: هذا من مجاز التعقيد، واستعماله ممنوع.
والجواب: أنه لا بد من حذف في الكلام، وتقديره: وشاركهم في إثم اكتساب الأموال والأولاد. وقد ورد في الحديث: «ولد الرجل من كسبه» فهو بأمرهم باكتساب ذلك. وفي الحديث: من أعان على معصية ولو بشطر كلمة كان شريكا فيها. ولا شك أنه شريك بهذا التفسير.
[فوائد في مشكل القرآن: 167]


التوقيع :
فاطر السموات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة
توفني مسلما وألحقني بالصالحين
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الإسراء, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:18 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir