دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > أصول الفقه > متون أصول الفقه > جمع الجوامع

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #4  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 08:05 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الغيث الهامع لولي الدين العراقي


ص: النسخ: اختلف في أنه رفع أو بيان والمختار رفع الحكم الشرعي بخطاب فلا نسخ بالعقل وقول الإمام من سقط رجلاه نسخ غسلهما مدخول ولا بالإجماع ومخالفتهم تتضمن ناسخا.
ش: النسخ يطلق في اللغة على الإزالة، وعلى النقل، فقيل: مشترك بينهما، وقيل: حقيقة في الأول، وقيل: في الثاني.
وأما في الاصطلاح فاختلف في أنه رفع أو بيان، فقال بالأول القاضي أبو بكر وطائفة، وبالثاني الأستاذ أبو إسحاق وطائفة.
ومعنى الأول: أن المزيل لحكم الأول هو الناسخ إذ لولا وروده لاستمر
ومعني الثاني: أنه انتهى بذاته، ثم حصل بعده حكم، لأنه عند الله مغيا بغاية معلومة.
فالناسخ بيان لها، واختار المصنف الأول، وارتضى في تعريفه أنه رفع الحكم الشرعي بخطاب، فخرج بالحكم الشرعي رفع البراءة الأصلية، كتحريم، أو إيجاب ما هو على البراءة الأصلية، لم يرد فيه قبل ذلك حكم، فإنه لا يسمى نسخا.
وتناول قوله: (بخطاب) اللفظ والمفهوم، وأورد عليه النسخ بالفعل كنسخ الوضوء مما مست النار بأكل الشاة ولم يتوضأ وأجيب عنه بأن الفعل نفسه لا ينسخ وإنما يدل على نسخ سابق وخرج به الرفع بالنوم أو الغفلة أو الجنون أو الموت، وعلم من ذلك أنه لا نسخ بالعقل فمن سقطت عنه العبادة لعجزه عنها لا يقال: إنها نسخت في حقه، ومن ذلك رد على الإمام فخر الدين في قوله في (المحصول): إن من سقطت رجلاه فقد نسخ عنه غسلهما، لأن زوال الحكم لزوال محله أو سببه ليس نسخا، وكذلك الإجماع لا ينسخ به، لأنه لا ينعقد في زمنه عليه الصلاة والسلام، ولا نسخ بعده، فإن أجمعوا على مخالفة نص فهو دال على ناسخ سواه، فالنسخ بدليله لا به، وعلى هذا يحمل قول الشافعي: إن النسخ كما يثبت بالخبر يثبت بالإجماع، وقد كان المصنف رحمه الله تعالى ذكر هذا في التخصيص ثم ضرب عليه هناك وألحقه هنا فإنه محله.
ص: ويجوز على الصحيح نسخ بعض القرآن تلاوة وحكما أو أحدهما فقط.
ش: خرج بالبعض الجميع، فلا يجوز نسخ جميع القرآن بالاتفاق ومثال نسخ التلاوة والحكم ما في (صحيح مسلم) عن عائشة رضي الله عنها: (كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات يحرمن فنسخن بخمس) ومثال نسخ التلاوة دون الحكم: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة) كان في القرآن كما رواه النسائي.
والمراد بالشيخ والشيخة المحصن والمحصنة، ومثال عكسه نسخ عدة الوفاة بالحول المدلول عليه بقوله تعالى: {متاعا إلى الحول غير إخراج} بقوله تعالى: {يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا} والمعروف أن الخلاف في نسخ أحدهما فقط، وعبارة المصنف تبعا لابن الحاجب تقتضي جريانه في نسخهما معا لكنه قال في شرحه: الخلاف في نسخهما معا لا يتجه إلا ممن يمنع نسخ القرآن من حيث هو، والمقصود بهذا الخلاف الخاص إنما هو نسخ التلاوة دون الحكم وبالعكس وإنما ذكروا نسخهما لضرورة التقسيم، وإن كان لا يخالف فيه أحد ممن يجوز وقوع النسخ في القرآن.
قلت: والمانع من وقوع النسخ في بعض القرآن مطلقا هو أبو مسلم الأصفهاني، وذكر ابن التلمساني في شرح (المعالم) أنه الجاحظ، وفيه نظر، فليست كنية الجاحظ أبا مسلم بل أبو عثمان، وأبو مسلم شخص آخر من المعتزلة معروف.
ص: ونسخ الفعل قبل التمكن.
ش: الجمهور على أنه يجوز نسخ الشيء بعد وجوبه أو ندبه قبل التمكن من فعله، سواء أكان قبل مجيء وقته أو بعده، ولكن لم يمض منه ما يمكن فعله فيه، وخالف في ذلك المعتزلة وبعض الحنفية والحنابلة فأما نسخه بعد خروج وقته بلا عمل فمتفق على جوازه وكذلك في الوقت بعد مضي زمن يسعه كما صرح بنفي الخلاف فيه ابن برهان وإمام الحرمين والغزالي، لكن مقتضى كلام ابن الحاجب في أثناء الخلاف جريان الخلاف فيه، وحكى الصفي الهندي المنع في هذه الصورة عن الكرخي.
ص: والنسخ بالقرآن لقرآن وسنة وبالسنة للقرآن وقيل يمتنع بالآحاد والحق لم يقع إلا بالمتواترة قال الشافعي وحيث وقع بالسنة فمعها قرآن أو بالقرآن فمعه سنة عاضدة له تبين توافق الكتاب والسنة.
ش: فيه مسائل:
الأولى: يجوز نسخ القرآن بالقرآن إجماعا، كما تقدم في عدتي الوفاة.
الثانية: يجوز نسخ السنة بالقرآن كالتوجه لبيت المقدس إذا قلنا إنه كان ثابتا بالسنة، فإنه نسخ بالقرآن، وكذا مباشرة الصائم ليلا حرمت بالسنة ثم نسخ تحريمها بالقرآن، والمشهور عن الشافعي منعه، ونسبه الرافعي لاختيار أكثر أصحابنا.
الثالثة: نسخ القرآن بالسنة له صورتان.
إحداهما: أن تكون متواترة، والمشهور جواز وقوعه ومنعه الشافعي.
والمشهور عنه الجزم بمنعه، كذا نقله إمام الحرمين والآمدي وابن الحاجب والنووي وغيرهم.
وذكر البيضاوي أن له في ذلك قولين، والظاهر أنه إنما نفى الوقوع فقط.
الثانية: أن تكون آحادا والمشهور جوازه عقلا، وحكى الآمدي وغيره الاتفاق عليه، لكن الخلاف ثابت، نقله القاضي أبو بكر وغيره، والمشهور عدم وقوعه، وحكى إمام الحرمين عليه إجماع الأمة لكن مخالفة بعض الظاهرية في هذا مشهورة وكأنه ما اعتد بخلافهم لكن ذهب القاضي أبو بكر والغزالي إلى وقوعه في زمنه عليه الصلاة والسلام دون ما بعده، ثم قال الشافعي: (حيث وقع نسخ القرآن بالسنة فلا بد أن يكون مع السنة قرآن يعضدها على النسخ، وحيث وقع نسخ السنة بالقرآن فلا بد أن يكون مع القرآن سنة موافقة له على النسخ) وعبارته في (الرسالة): (فإن قيل: فهل تنسخ السنة بالقرآن؟. قيل: لو نسخت السنة بالقرآن كانت للنبي صلى الله عليه وسلم فيه سنة تبين أن سنته الأولى منسوخة بسنته الأخيرة حتى تقوم الحجة على الناس بأن الشيء ينسخ بمثله) انتهى.
وفائدته في الصورة الأولى الاطلاع على عظمة النبي صلى الله عليه وسلم في نسخ القرآن بسنته، وفي عكسه، انتقال الناس من سنة إلى سنة لما يترتب عليه من الأجر العظيم، لأن من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.
ص: وبالقياس وثالثها: إن كان جليا، والرابع: إن كان في زمنه عليه والسلام والعلة منصوصة.
ش: هل يجوز النسخ بالقياس، كأن يرد نص بإباحة بيع الأرز بالأرز متفاضلا لم يرد جريان الربا في السنة المنصوصة فتنسخ الإباحة المتقدمة بالقياس على السنة المنصوصة؟ فيه مذاهب:
أحدها: الجواز مطلقا، وكلام المصنف يقتضي ترجيحه.
الثاني: المنع مطلقا، وبه قال الأكثرون كما حكاه القاضي أبو بكر واختاره، وحكاه أبو إسحاق المروزي عن نص الشافعي وقال القاضي حسين: إنه المذهب.
الثالث: أنه يجوز بالقياس الجلي دون غيره.
الرابع: يجوز إن كان في زمنه عليه الصلاة والسلام، وكانت علته منصوصة وإلا فلا، واختاره الآمدي وجعل الصفي الهندي المنع بعد وفاته عليه الصلاة والسلام محل وفاق.
تنبيه:
أورد على المصنف أنه كيف يجتمع تجويزه هذا مع قوله تبعا لغيره في القياس على المستنبطة أن لا تكون معارضة في الأصل بمعارض. فإذا كانت المعارضة تقطعها عن العمل فقياس المستنبطة ملغى عند المعارضة فلا يكون ناسخا.
وأجاب عنه المصنف بأنا لم نقل: إن القياس ينسخ، وإن كانت علته مستنبطة بل أطلقنا أنه ناسخ وإنما يكون ناسخا إذا كان معتبرا، وإنما يعتبر إذا سلمت علته عن المعارضة.
قلت: إطلاقه أولا النسخ بالقياس ثم تفصيله في القول الرابع بين أن يكون علته منصوصة أم لا، يدل على اختياره النسخ بالقياس ولو كانت علته مستنبطة والله أعلم.
ص: ونسخ القياس في زمنه عليه الصلاة والسلام وشرط ناسخه إن كان قياسا أن يكون أجلى، وفاقا للإمام، وخلافا للآمدي.
ش: الجمهور على جواز نسخ القياس لكن بشرط أن يكون ذلك في زمنه عليه الصلاة والسلام لاستحالته بعده، ثم قد يكون ناسخه نصا كأن يقول: حرمت المفاضلة في البر لأنه مطعوم فيقاس عليه الأرز فنقول بعد ذلك: بيعوا الأرز بالأرز متفاضلا، وقد يكون قياسا بأن ينص على حكم آخر على ضد حكم أصل ذلك القياس.
واشترط الإمام فخر الدين فيما إذا كان قياسا أن يكون الثاني أجلى بأن يترجح أمارته على أمارة الأول، ووافقه المصنف – ولم يتشرط الآمدي ذلك – ومنع القاضي عبد الجبار وغيره نسخ القياس لأنه مستنبط من أصل، فحكم الفرع باق ببقاء حكم الأصل، واختار الآمدي مذهبا ثالثا، وهو الجواز فيما علته منصوصة والمنع في المستنبطة.

 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
النسخ

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:39 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir