دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > جامع علوم القرآن > البرهان في علوم القرآن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 شوال 1430هـ/14-10-2009م, 05:23 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي النوع الرابع والعشرون: معرفة الوقف والابتداء

النوع الرابع والعشرون: معرفة الوقف والابتداء

وهو فن جليل وبه يعرف كيف أداء القرآن ويترتب على ذلك فوائد كثيرة واستنباطات غزيرة وبه تتبين معاني الآيات ويؤمن الاحتراز عن الوقوع في المشكلات
وقد صنف فيه الزجاج قديما كتاب القطع والاستئناف وابن الأنباري وابن عباد والداني والعماني وغيرهم.
وقد جاء عن ابن عمر أنهم كانوا يعلمون ما ينبغي أن يوقف عنده كما يتعلمون القرآن
وروي عن ابن عباس: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ} قال فانقطع الكلام واستأنس له ابن النحاس بقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للخطيب: "بئس الخطيب أنت" حين قال: من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصمها ووقف قال قد كان ينبغي أن يصل كلامه فيقول ومن يعصمها فقد غوى أو يقف على ورسوله فقد رشد فإذا كان مثل هذا مكروها في الخطب ففي كلام الله أشد.
وفيما ذكره نزاع ليس هذا موضعه وقد سبق حديث أنزل القرآن على سبعة أحرف كل كاف شاف ما لم تختم آية عذاب بآية رحمة أو آية رحمة بآية عذاب.
وهذا تعليم للتمام فإنه ينبغي أن يوقف على الآية التي فيها ذكر العذاب والنار وتفصل عما بعدها نحو : {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ولا توصل بقوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} وكذا قوله: {حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} ولا توصل بقوله: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ} وكذا: {يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ} ولا يجوز أن يوصل بقوله: {وَالظَّالِمُونَ} وقس على هذا نظائره حاجة هذا الفن إلى مختلف العلوم.
وهذا الفن معرفته تحتاج إلى علوم كثيرة قال أبو بكر بن مجاهد لا يقوم بالتمام في الوقف إلا نحوى عالم بالقراءات عالم بالتفسير والقصص وتلخيص بعضها من بعض عالم باللغة التي نزل بها القرآن وقال غيره وكذا علم الفقه ولهذا من لم يقبل شهادة القاذف وإن تاب وقف عند قوله: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً} فأما احتياجه إلى معرفة النحو وتقديراته فلأن من قال في قوله تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} إنه منصوب بمعنى كملة أو أعمل فيها ما قبلها لم يقف على ما قبلها.
وكذا الوقف على قوله: {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا} ثم يبتدئ: {قَيِّماً} لئلا يتخيل كونه صفة له إذا العوج لا يكون قيما وقد حكاه ابن النحاس عن قتادة.
وهكذا الوقف على ما في آخره هاء فإنك في غير القرآن تثبت الهاء إذا وقفت وتحذفها إذا وصلت فتقول قه وعه وتقول ق زيدا وع كلامي فأما في القرآن من قوله تعالى: {كِتَابِيَهْ} و{حِسَابِيَهْ} و{سُلْطَانِيَهْ} و{مَا هِيَهْ} و{لَمْ يَتَسَنَّهْ} و{اقْتَدِهْ} وغير ذلك فالواجب أن يوقف عليه بالهاء لأنه مكتوب في المصحف بالهاء ولا يوصل لأنه يلزم في حكم العربية إسقاط الهاء في الوصل فإن أثبتها خالف العربية وإن حذفها خالف مراد المصحف ووافق كلام العرب وإذا هو وقف عليه خرج من الخلافين واتبع المصحف وكلام العرب.
فإن قيل: فقد جوزوا الوصل في ذلك.
قلنا: أتوا به على نية الوقف غير أنهم قصروا زمن الفصل بين النطقين فظن من لا خيرة له أنهم وصلوا وصلا محضا وليس كذلك.
ومثله قراءة ابن عامر {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} بإثبات الألف في حال الوصل اتبعوا في إثباتها خط المصحف لأنهم أثبتوها فيه على نية الوقف فلهذا أثبتوها في حال الوصل وهم على نية الوقف
وأما احتياجه إلى معرفة التفسير فلأنه إذا وقف على: {فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً} كان المعنى محرمة عليهم هذه المدة وإذا وقف على: {فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ} كان المعنى محرمة عليهم أبدا وأن التيه أربعين فرجع في هذا إلى التفسير فيكون بحسب ذلك.
وكذا يستحب الوقف على قوله: {مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} ثم يبتدئ فيقول: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ} لأنه قيل إنه من كلام الملائكة.
وأما احتياجه إلى المعنى فكقوله: {قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} فيقف على: { قَالَ} وقفة لطيفة لئلا يتوهم كون الاسم الكريم فاعل: {قَالَ} وإنما الفاعل يعقوب عليه السلام
وكذا يجب الوقف على قوله: {وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ } ثم يبتدئ: {إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً}
وقوله: {فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآياتِنَا}.
قال الشيخ عز الدين الأحسن الوقف على: {إِلَيْكُمَا} لأن إضافة الغلبة إلى الآيات أولى من إضافة عدم الوصول إليها لأن المراد بالآيات العصا وصفاتها وقد غلبوا بها السحرة ولم تمنع عنهم فرعون وكذا يستحب الوقف على قوله: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا} والابتداء بقوله: {مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ} فإن ذلك يبين أنه رد لقول الكفار: {يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} وقال الداني إنه وقف تام.
وكذا الوقف على قوله: {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} والابتداء بما بعده أي لأن يرحمهم فإن ابن عباس قال في تفسير الآية: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} يعنى اليهود والنصارى {إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} يعنى أهل الإسلام {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} أ ي لرحمته خلقهم.
وكذلك الوقف على قوله: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} والابتداء بقوله: {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ} فإن بذلك يتبين الفصل بين الأمرين لأن يوسف عليه السلام أمر بالأعراض وهو الصفح عن جهل من جهل قدره وأراد ضره والمرأة أمرت بالاستغفار لذنبها لأنها همت بما يجب الاستغفار منه ولذلك أمرت به ولم يهم بذلك يوسف عليه السلام ولذلك لم يؤمر بالاستغفار منه وإنما هم بدفعها عن نفسه لعصمته ولذلك أكد أيضا بعض العلماء الوقف على قوله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ} والابتداء بقوله: {وَهَمَّ بِهَا} وذلك للفصل بين الخبرين وقد قال الداني إنه كاف وقيل تام وذكر بعضهم أنه على حذف مضاف أي هم بدفعها وعلى هذا فالوقف على: {هَمَّتْ بِهِ} كالوقف على قوله تعالى: {لِنُبَيِّنَ لَكُمْ} والابتداء بقوله: {وَهَمَّ بِهَا} كالابتداء بقوله: {وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ}.
ومثله الوقف مراعاة للتنزيه على قوله: {وَهُوَ اللَّهُ} وقد ذكر صاحب الاكتفا أنه تام وذلك ظاهر على قول ابن عباس أنه على التقديم والتأخير والمعنى وهو الله يعلم سركم وجهركم في السموات والأرض.
وكذلك حكى الزمخشري في كشافه القديم عن أبي حاتم السجستاني في قوله: {مُسْتَهْزِئُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ} قال ليس: {مُسْتَهْزِئُونَ} بوقف صالح لا أحب استئناف {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ} ولا استئناف {وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} حتى أصله بما قبله قال وإنما لم يستحب ذلك لأنه إنما جاز إسناد الاستهزاء والمكر إلى الله تعالى على معنى الجزاء عليهما وذلك على سبيل المزاوجة فإذا استأنفت وقطعت الثاني من الأول أوهم أنك تسنده إلى الله مطلقا والحكم في صفاته سبحانه أن تصان عن الوهم وكذلك قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ} قال صاحب الاكتفا: إنه تام على قول من زعم أن الراسخين لم يعلموا تأويله وقول الأكثرين ويصدقه قراءة عبد الله ويقول الراسخون في العلم آمنا به.
وكذلك الوقف على: {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً} والابتداء بقوله: {سُبْحَانَهُ} وقد ذكر ابن نافع أنه تام في كتابه الذي تعقب فيه على صاحب الاكتفا واستدرك عليه فيه مواقف كثيرة وذلك أن الله أخبر عنهم بقولهم: {اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً} ثم رد قولهم ونزه نفسه بقوله: {سُبْحَانَهُ} فينبغي أن يفصل بين القولين.
ومثله الوقف على قوله تعالى: {الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ} والابتداء بقوله: {وَأَمْلَى لَهُمْ} قال صاحب الكافي {سَوَّلَ لَهُمْ} كاف سواء قرئ: {وَأُمْلِي لَهُمْ} على ما يسم فاعله أو {وَأُمْلِي لَهُمْ} على الإخبار لأن الإملاء في كلتا القراءتين مسند إلى الله تعالى لقوله: {فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ} فيحسن قطعه من التسويل الذي هو مسند إلى الشيطان وهو كما قال وإنما يحسن قطعه بالوقف ليفصل بين الحرفين ولقد نبه بعض من وصله على حسن هذا الوقف فاعتذر بأن الوصل هو الأصل.
ومثله الوقف على قوله: {رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا} والابتداء بقوله: {مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} وذلك للإعلام بأن الله تعالى جعل الرهبانية في قلوبهم أي خلق كما جعل الرأفة والرحمة في قلوبهم وإن كانوا قد ابتدعوها فالله تعالى خلقها بدليل قوله سبحانه: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} هذا مذهب أهل السنة، وقد نسب أبو علي الفارسي إلى مذهب الاعتزال بقوله في الإيضاح حين تكلم على هذه الآية فقال: ألا ترى أن الرهبانية لا يستقيم حملها على {جَعَلْنَا} مع وصفها بقوله: {ابْتَدَعُوهَا} لأن ما يجعله الله لا يبتدعونه فكذلك ينبغي أن يفصل بالوقف بين المذهبين.
ومثله الوقف على قوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ} والابتداء بقوله {وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} أي معينون له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتكون هذه الجملة مستأنفة.
وأما احتياجه إلى المعرفة بالقراءات فلأنه إذا قرأ {وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً} بفتح الحاء كان هذا التمام وإن ضم الحاء وهي قراءة الحسن فالوقف عند {حِجْراً} لأن العرب كان إذا نزل بالواحد منهم شدة قال حجرا فقيل له محجورا أي لا تعاذون كما كنتم تعاذون في الدنيا حجر الله ذلك عليهم يوم القيامة.
وإذا قرأ: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} إلى قوله: {قِصَاصٌ} فهو التام إذا نصب {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} ومن رفع فالوقف عند: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} وتكون {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} ابتداء حكم في المسلمين وما قبله في التوراة.
واعلم أن أكثر القراء يبتغون في الوقف المعنى وإن لم يكن رأس آية ونازعهم فيه بعض المتأخرين في ذلك وقال هذا خلاف السنة فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقف عند كل آية فيقول: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ويقف ثم يقول: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وهكذا روت أم سلمة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقطع قراءته آية آية.
ومعنى هذا الوقف على رءوس الآي وأكثر أواخر الآي في القرآن تام أو كاف وأكثر ذلك في السور القصار الآي نحو الواقعة قال وهذا هو الأفضل أعني الوقف على رءوس الآي وإن تعلقت بما بعدها وذهب بعض القراء إلى تتبع الأغراض والمقاصد والوقف عند رءوس انتهائها واتباع السنة أولى وممن ذكر ذلك الحافظ أبو بكر البيهقي في كتاب شعب الإيمان وغيره ورجح الوقف على رءوس الآي وإن تعلقت بما بعدها قلت وحكى النحاس عن الأخفش علي بن سليمان أنه يستحب الوقوف على قوله: {هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} لأنه رأس آية وإن كان متعلقا بما بعده.

أقسام الوقف:
والوقف عند أكثر القراء ينقسم إلى أربعة أقسام تام مختار وكاف جائز وحسن مفهوم وقبيح متروك.
وقسمه بعضهم إلى ثلاثة وأسقط الحسن وقسمه آخرون إلى اثنين وأسقط الكافي والحسن
فالتام هو الذي لا يتعلق بشيء مما بعده فيحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده
كقوله تعالى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وأكثر ما يوجد عند رءوس الآي كقوله: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ثم يبتدئ بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} وكذا: { وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} ثم يبتدئ بقوله: {يَا بَنِي إِسْرائيلَ}.
وقد يوجد قبل انقضاء الفاصلة كقوله: {وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً} هنا التمام لأنه انقضى كلام بلقيس ثم قال تعالى: {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} وهو رأس الآية.
كذلك: {عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي} هو التمام لأنه انقضاء كلام الظالم الذي هو أبي بن خلف ثم قال تعالى: {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً} وهو رأس آية.
وقد يوجد بعدها كقوله تعالى مصبحين {مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ} {مُصْبِحِينَ} رأس الآية: {وَبِاللَّيْلِ} التمام لأنه معطوف على المعنى أي والصبح وبالليل.
وكذلك: {يَتَّكِئُونَ} {وَزُخْرُفاً} رأس الآية: {يَتَّكِئُونَ} {وَزُخْرُفاً} هو التمام لأنه معطوف على ما قبله من قوله: {سَقْفاً}.
وآخر كل قصة وما قبل أولها وآخر كل سورة تام والأحزاب والأنصاف والأرباع والأثمان والأسباع والأتساع والأعشار والأخماس وقبل ياء النداء وفعل الأمر والقسم ولامه دون القول والله بعد رأس كل آية والشرط ما لم يتقدم جوابه وكان الله وذلك ولولا غالبهن تام ما لم يتقدمهن قسم او قول أو ما في معناه.
والكافي منقطع في اللفظ متعلق في المعنى فيحسن الوقف عليه والابتداء أيضا بما بعده نحو: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} هنا الوقف ثم يبتدئ بما بعد ذلك وهكذا باقي المعطوفات وكل رأس آية بعدها لام كي وإلا بمعنى لكن وإن المكسورة المشددة والاستفهام وبل وألا المخففة والسين وسوف على التهدد ونعم وبئس وكيلا وغالبهن كاف ما لم يتقدمهن قول أو قسم وقيل أن المفتوحة المخففة في خمسة لا غير البقرة: {وَأَنْ تَصُومُوا}{وَأَنْ تَعْفُوا}{وَأَنْ تَصَدَّقُوا}{وَالنِّسَاءِ} {وَأَنْ تَصْبِرُوا} {وَالنُّورَ} {وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ}.
والحسن هو الذي يحسن الوقوف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده لتعلقه به في اللفظ والمعنى نحو {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} و{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} والوقف عليه حسن لأن المراد مفهوم والابتداء بقوله: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} و{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} و{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} لا يحسن لأن ذلك مجرور والابتداء بالمجرور قبيح لأنه تابع والقبيح هو الذي لا يفهم منه المراد نحو: {الْحَمْدُ} فلا يوقف عليه ولا على الموصوف دون الصفة ولا على البدل دون المبدل منه ولا على المعطوف دون المعطوف عليه نحو: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ} ولا على المجرور دون الجار.
وأقبح من هذا الوقف على قوله: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا} {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ} والابتداء بقوله: { إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}، {إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ}، {إِنِّي إِلَهٌ} لأن المعنى يستحيل بهذا في الابتداء ومن تعمده وقصد معناه فقد كفر ومثله في القبح الوقف على: {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ} و{مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ} وشبهه ومثله: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ} و{إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى}.
وأقبح من هذا وأشنع الوقف على النفي دون حروف الإيجاب نحو: {لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ}
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً} وكذا: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ والذين كفروا} و{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا} فإن اضطر لأجل التنفس جاز ذلك ثم يرجع إلى ما قبله حتى يصله بما بعده ولا حرج.
وقال بعضهم: إن تعلقت الآية بما قبلها تعلقا لفظيا كان الوقف كافيا نحو: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ} وإن كان معنويا فالوقف على ما قبلها حسن كاف نحو: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وإن لم يكن لا لفظيا ولا معنويا فتام كقوله: {وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} بعده {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا} وإن كانت الآية مضادة لما قبلها كقوله: {أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ} فالوقف عليه قبيح.
واعلم أن وقف الواجب إذا وقفت قبل والله ثم ابتدأت بوالله وهو الوقف الواجب كقوله تعالى: {حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ}.
وقال بعض النحويين: الجملة التأليفية إذا عرفت أجزاؤها، وتكررت أركانها كان ما أدركه الحس في حكم المذكور فله أن يقف كيف شاء وسواء التام وغيره إلا أن الأحسن أن يوقف على الأتم وما يقدر به.
وذهب الجمهور إلى أن الوقف في التنزيل على ثمانية أضرب تام وشبيه به وناقص وحسن وشبيه به وقبيح وشبيه به وصنفوا فيه تصانيف فمنها ما أثروه عن النحاة ومنها ما أثروه عن القراء ومنها ما استنبطوه ومنها ما اقتدوا فيه بالسنة فقط كالوقف على أواخر الآي وهي مواقف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وذهب أبو يوسف القاضي صاحب أبى حنيفة إلى أن تقدير الموقوف عليه من القرآن التام والناقص والحسن والقبيح وتسميته بذلك بدعة ومتعمد الوقف على نحوه مبتدع قال لأن القرآن معجز وهو كالقطعة الواحدة فكله قرآن وبعضه قرآن وكله تام حسن وبعضه تام حكى ذلك أبو القاسم بن برهان النحوي عنه.
وقال ابن الانبارى: لا يتم الوقف على المضاف دون المضاف إليه ولا على الرافع دون المرفوع ولا على المرفوع دون الرافع ولا على الناصب دون المنصوب ولا عكسه ولا على المؤكد دون التأكيد ولا على المعطوف دون المعطوف عليه ولا على إن وأخواتها دون اسمها ولا على اسمها دون خبرها وكذا ظننت ولا على المستثنى منه دون الاستثناء ولا على المفسر عنه دون التفسير ولا على المترجم عنه دون المترجم ولا على الموصول دون صلته ولا على حرف الاستفهام دون ما استفهم به عنه ولا على حرف الجزاء دون الفعل الذي بينهما ولا على الذي يليه دون الجواب وجوز أبو علي الوقف على ما قبل إلا إذا كانت بمعنى لكن كقوله تعالى: {إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} وكقوله: {إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى} و{إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} ونحوه.
وقال أبو عبيد يجوز الوقف دون: {إِلاَّ خَطَأً}{إِلاَّ اللَّمَمَ}{إِلاَّ سَلاماً} لأن المعنى لكن يقع خطأ ولكن قد يلم ولكن يسلمون سلاما وجميعه استثناء منقطع.
وقال: غيره لا يجوز الوقف على المبدل دون البدل إذا كان منصوبا وإن كان مرفوعا جاز الوقف عليه.
والحاصل أن كل شيء كان تعلقه بما قبله كتعلق البدل بالمبدل منه أو أقوى لا يجوز الوقف عليه.

مسألة:
فصل بعضهم في الصفة بين أن تكون للاختصاص فيمتنع الوقف على موصوفها دونها وبين أن تكون للمدح فيجوز وجرى عليه الرماني في الكلام على قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} قال: ويجوز الوقف عليه خلافا لبعضهم وعامل الصفة في المدح غير عامل الموصوف فلهذا جاز قطعها عما قبلها بخلاف الاختصاص فإن عاملها عامل الموصوف وسيأتي في كلام الزمخشري ما يؤيده.

مسألة:
لا خلاف في التسامح بالوقف على المستثنى منه دون المستثنى إذا كان متصلا واختلف في الاستثناء المنقطع فمنهم من يجوزه مطلقا ومنهم من يمنعه مطلقا وفصل ابن الحاجب في أماليه فقال يجوز إن صرح بالخبر ولا يجوز إن لم يصرح به لأنه إذا صرح بالخبر استقلت الجملة واستغنت عما قبلها وإذا لم يصرح به كانت مفتقرة إلى ما قبلها قال ووجه من جوز مطلقا أنه في معنى مبتدأ حذف خبره للدلالة عليه فكان مثل قولنا زيد لمن قال من أبوك ألا ترى أن تقدير المنقطع في قولك: ما في الدار أحد إلا الحارث لكن الحارث في الدار ولو قلت: لكن الحارث مبتدئا به بعد الوقوف على ما قبله لكان حسنا ألا ترى إلى جواز الوقف بالإجماع على مثل قوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً} والابتداء بقوله: {وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} فكذلك هذا ووجه من قال بالمنع ما رأى من احتياج الاستثناء المنقطع إلى ما قبله لفظا ومعنى أما اللفظ فلأنه لم يعهد استعمال إلا وما في معناها إلا متصلا بما قبلها لفظا ألا ترى أنك إذا قلت ما في الدار أحد غير حمار فوقفت على ما قبل غير وابتدأت به كان قبيحا فكذلك هذا وأما المعنى فلأن ما قبله مشعر بتمام الكلام في المعنى فإن ما في الدار أحد إلا الحمار هو الذي صحح قولك إلا الحمار ألا ترى أنك لو قلت إلا الحمار على انفراده كان خطأ.

مسألة:
اختلف في الوقف على الجملة الندائية والمحققون كما قاله ابن الحاجب على الجواز لأنها مستقلة وما بعدها جملة أخرى وإن كانت الأولى تتعلق بها من حيث كانت هي في المعنى
قاعدة في "الذي" و"الذين" في القرآن.
جمع ما في القرآن من الذين والذي يجوز فيه الوصل بما قبله نعتا له والقطع على أنه خبر مبتدأ إلا في سبعة مواضع فإن الابتداء بها هو المعين.
الأول: قوله: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ}.
الثاني: قوله: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ } في البقرة.
الثالث: في الأنعام كذلك.
الرابع: قوله: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ}.
الخامس: في سورة التوبة: {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ}.
السادس : قوله في سورة الفرقان: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ}.
السابع: قوله في سورة حم المؤمن: {أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ}
وقال الزمخشري في تفسير سورة الناس يجوز أن يقف القارئ على الموصوف ويبتدئ: {الَّذِي يُوَسْوِسُ} إن جعله على القطع بالرفع والنصب بخلاف ما إذا جعله صفة وهذا يرجع لما سبق عن الرماني من الفصل بالصفة بين التخصيصية والقطيعة.
وجميع ما في القرآن من القول لا يجوز الوقف عليه لأن ما بعده حكاية القول قاله الجويني في تفسيره.
وهذا الإطلاق مردود بقوله تعالى: {وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ} فإنه يجب الوقف.
هنا لأن قوله: {إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً} ليس من مقولهم.
قال: وسمعت أبا الحسين الدهان يقول حيث كان فيه إضمار من القرآن حسن الوقف مثاله قوله تعالى: {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ} فيحسن الوقف هاهنا لأن فيه إضمارا تقديره فضرب فانفلق.
فصل ملخص في تقسيمات الوقف.
فصل جامع لخصته من كلام صاحب المستوفي في العربية.
قال تقسيمهم الوقف إلى الجودة والحسن والقبح والكفاية وغير ذلك وإن كان يدل على ذلك فليست القسمة بها صحيحة مستوفاة على مستعملها وقد حصل لقائلها من التشويش ما إذا شئت وجدته في كتبهم المصنفة في الوقوف.
فالوجه أن يقال الوقف ضربان اضطراري واختياري.
فالاضطراري ما يدعو إليه انقطاع النفس فقط وذلك لا يخص موضعا دون موضع حتى إن حمزة كان يقف في حرفه على كل كلمة تقع فيها الهمزة متوسطة أو متطرفة إذا أراد تسهيلها وحتى إنه روي عنه الوقف على المضاف دون المضاف إليه في نحو قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ} قالوا وقف هنا بالتاء على نحو جاءني طلحت إشعارا بأن الكلام لم يتم عند ذاك وكوقفه على {إلى} من قوله: {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى} بإلقاء حركة الهمزة على الساكن قبلها كهذه الصورة خلو لى وعلى هذا يجوز أن يقف في المنظوم من القول حيث شئت وهذا هو أحسن الوقفين.
والاختياري وهو أفضلهما هو الذي لا يكون باعتبار انفصال ما بين جزأي القول وينقسم بانقسام الانفصال أقساما.
الأول : التام وهو الذي يكون بحيث يستغني كل واحد من جزأي القولين اللذين يكتفانه عن الآخر كالوقف على: {نَسْتَعِينُ} من قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} والآخر {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} مستغن عن الآخر من حيث الإفادة النحوية والتعلق اللفظي
الثاني : الناقص وهو أن يكون ما قبله مستغنيا عما بعده ولا يكون ما بعده مستغنيا عما قبله كالوقف على: {الْمُسْتَقِيمَ} من قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} ولأن لك أن تسكت على {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } وليس لك أن تقول مبتدئا: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}
فإن قيل: ولم لا يجوز أن يقدر هاهنا الفعل الذي ينتصب به {صِرَاطَ} ؟
قلنا: أول ما في ذلك أنك إذا قدرت الفعل قبل {صِرَاطَ} لم تكن مبتدئا به من حيث المعنى ثم إن فعلت ذلك كان الوقف تاما لأن كل واحد من طرفيه يستغني حينئذ عن الآخر
والنحويون يكرهون الوقف الناقص في التنزيل مع إمكان التام فإن طال الكلام ولم يوجد فيه وقف تام حسن الأخذ بالناقص كقوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ} إلى قوله: {فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} إن كسرت بعده {إِنَّ} فإن فتحتها فإلى قوله: {كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً} لأن الأوجه في{أن} في الآية أن تكون محمولة على {أُوحِيَ} وهذا أقرب من جعل الوقف التام {حَطَباً} وحمل {وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا} على القسم فاضطر في {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} إلى أن جعل التقدير، {فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} لأن المساجد لله.
فإن قيل هذا هو الوجه في فتح{أَنَّ} في الجملة التي بعد قوله: {فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً} فلم لا يلزم من جعل الوقف التام {حَطَباً} ألا يقف قبله على هذه الجمل في كسر{أَنَّ} في أول كل واحدة منها.
قلنا: لأن هذه الجمل داخلة في القول وما يكون داخلا في القول لا يتم الوقف دونه كما أن المعطوف إذا تبع المعطوف عليه في إعرابه الظاهر والمقدر لا يتقدمه الوقف تاما.
فإن قيل: فهل يجوز الفصل بالمكسورات بين: {أَنَّهُ اسْتَمَعَ} وبين: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ} فيمن فتحهما وقد عطف بالثانية على الأولى.
قيل: أما عندنا فليس ذلك بفصل لأن ما بعد: {إِنَّا سَمِعْنَا} من المكسورات معطوف عليها وهي داخلة في القول والقول أعني {فَقَالُوا} معطوف على {اسْتَمَعَ} و{اسْتَمَعَ} من صلة أن الأولى المفتوحة فالمكسورات تكون في خبر المفتوحة الأولى فيعطف عليها الثانية بلا فصل بينها والثانية عندنا هي المخففة في قوله تعالى: {وَأن َلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ} ثم الثالثة هي التي في قوله: { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} ثم إن فتحت التي في قوله تعالى: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ} رابعة تابعة فإن فتحت التي بعد: {سَمِعْنَا} كانت هي واللواتي بعدها إلى قوله: {حَطَباً} داخله في القول حملا على المعنى وقد يجوز أن تكون هي الثانية: ثم تعد بعدها على النسق
ونحو قوله تعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} إلى قوله: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ} وعلى هذا القياس.
الثالث: الأنقص ومثل له بقراءة بعضهم: {وَإِنَّ كُلاً لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} وقراءة بعضهم {لَكِنَّ هُوَ اللَّهُ} والفرق بينهما أن التام قد يجوز أن يقع فيه بين القولين مهلة وتراخ في اللفظ والناقص لا يجوز أن يقع فيه بين جزأي القول إلا قليل لبث والذي دونهما لا لبث فيه ولا مهلة أصلا
ثم إن كلا من التام والناقص ينقسم في ذاته أقساما فالتام أتمه مالا يتعلق اللاحق فيه من القولين بالسابق معنى كما لا يتعلق به لفظا وذلك نحو قوله تعالى {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الأِنْسَانَ كَفُورٌ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} وشأن ما يتعلق فيه أحد القولين بالآخر معنى وإن كان لا يتعلق به لفظا وذلك كقوله: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} وتعلق الثاني فيه بالأول تعلق الحال بذي الحال معنى
ونحو قوله تعالى: {إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} إلى قوله {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً} إلى قوله: {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} فهذه الحال قد عطف بعضها في المعنى وظاهر كل واحد منها الاستئناف في اللفظ.
ونحو قوله تعالى: {فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ بَلْ قَالُوا} وأنت تعلم أن بل لا يبتدأ بها ونحو: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاثَةً} ، فإن ما بعده منقطع عنه لفظا إذ لا تعلق له من جهة اللفظ لكنه متعلق به معنى وتعلقه قريب من تعلق الصفة بالموصوف إلى قوله: {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} ونحو قوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ} فإن الوقف عليه تام ولكنه ليس بالأتم لأن ما بعده وهو قوله تعالى {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} كالعلة لما قبلها فهو متعلق به معنى وإن كان لا تعلق له من جهة اللفظ فقس على هذا ما سواه فإنه أكثر أنواع الوقوف استعمالا وليس إذا حاولت بيان قصة وجب عليك ألا تقف إلا في آخرها ليكون الوقف القول على الأتم ومن ثم أتى به من جعل الوقف على {عَلَيْكُمْ} من قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} غير تام.

فصل:
متى يحسن الوقف الناقص.
يحسن الوقف الناقص بأمور.
منها: أن يكون لضرب من البيان كقوله تعالى: {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا قَيِّماً} إذ به تبين أن قيما منفصل عن عوجا وإنه حال في نية التقدمز
وكما في قوله تعالى: {وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ} ليفصل به بين التحريم النسبي والسببي.
قلت: ومنه قوله تعالى: {يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا} ليبين أن هذا ليس من مقولهم
ومنها : أن يكون على رءوس الآي كقوله تعالى:{مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً} ونحوه: {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أَنْ تَقُولُوا} وكان نافع يقف على رءوس الآي كثيرا
ومنه قوله تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ}.
ومنها أن تكون صورته في اللفظ صورة الوصل بعينها نحو قوله تعالى:{كَلا إِنَّهَا لَظَى نَزَّاعَةً لِلشَّوَى: تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى وَجَمَعَ فَأَوْعَى}.
ومنها: أن يكون الكلام مبنيا على الوقف فلا يجوز فيه إلا الوقف صيغة كقوله: {لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ}.
هذا في الناقص ومثاله في التام {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ}.

فصل:
خواص الوقف التام.
من خواص التام المراقبة وهو أن يكون الكلام له مقطعان على البدل كل واحد منهما إذا فرض فيه وجب الوصل في الآخر وإذا فرض فيه الوصل وجب الوقف في الآخر كالحال بين حياة وبين أشركوا من قوله: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ} ، فإنك إن جعلت القطع على {حَيَاةٍ} وجب أن تبتدئ فتقول: {وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ} على الوصل لأن {يَوَدُّ} صفة للفاعل في موضعه فلا يجوز الوقف دونه وكذلك إن جعل المقطع {أَشْرَكُوا} وجب أن يصل {عَلَى حَيَاةٍ} على أن يكون التقدير وأحرص من الذين أشركوا والله أعلم بمراده ومنه أيضا ما تراه بين {لا رَيْبَ} وبين {فِيهِ} من قوله تعالى: {لا رَيْبَ فِيهِ}.

فصل:
انقسام الناقص بانقسام خاص.
ينقسم الناقص بانقسام ما مر من التعلق اللفظي بين طرفيه فكلما كان التعلق أشد وأكثر كان الوقف أنقص وكلما كان أضعف وأوهى كان الوقف أقرب إلى التمام والتوسط يوجب التوسط.
فمن وكيد التعلق ما يكون بين توابع الاسمية والفعلية وبين متبوعاتها إذا لم يمكن أن يتمحل لها في إعرابها وجه غير الإتباع ومن ثم ضعف الوقف على {مُنْتَصِرِينَ} من قوله تعالى: {وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ وَقَوْمَ نُوحٍ} فيمن جر غاية الضعف
وضعف على {أَثِيمٍ} من قوله:: {وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ}.
وضعف على {بِهِ} من قوله تعالى: {سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً} وضعف على {أَبَداً} من قوله: {مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً} على أن هذه الطبقة من التعلق قد تنقسم أقساما فإنه ليس بين البدل والمبدل منه من التعلق بين الصفة والموصوف على ما ذكرناه.
وأوهى من هذا التعلق ما يكون بين الفعل وبين ما ينتصب عنه من الزوائد التي لا يخل حذفها بالكلام كبير إخلال كالظرف والتمييز والاستثناء المنقطع ولذلك كان الوقف على نحو {عَجَباً} من قوله: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ} أوهى من الوقوف المذكورة.
فإن وسطت بين التعلق بالمذكور من المتعلق الذي للمفعول أو الحال المخصصة أو الاستثناء الذي يتغير بسقوطه المعنى وانتصب كان لك في الوقف على نحو { مَسْغَبَةٍ} من قوله تعالى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ} وعلى نحو {قَلِيلاً} من قوله تعالى: {يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً مُذَبْذَبِينَ} وعلى نحو {مَصِيراً} من قوله {جزاؤهم جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ} وعلى نحو {وَاحِدَةٍ} و{زَوْجَهَا} من قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً} وعلى نحو {نذيرا} من قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً} مرتبة بين المرتبتين المذكورتين.
فهذه ثلاث مراتب للوقف الناقص كما ترى بإزاء ثلاث طبقات من التعلق المذكور فإن قسمت طبقة من الطبقات انقسمت بإزائها مرتبة من المراتب فقد خرج لك بحسب هذه القسمة وهي القسمة الصناعية ستة أصناف من الوقف في الكلام خمسة منها بحسب الكلام نفسه وهي الأتم والتام والذي يشبه التام والناقص المطلق والأنقص وواحد من جهة المتكلم أو القارئ وهو الذي بحسب انقطاع النفس كما سبق عن حمزة.
واعلم أن الوقف في الكلام قد يمكن أن يكون من غير انقطاع نفس وإن كان لا شيء من انقطاع النفس إلا ومعه الوقف والوقوف أمرها على سبيل الجواز إلا الذي بني عليه الكلام وما سواه فعليك منه أن تختار الأفضل فالأفضل بشرط أن تطابق به انقطاع نفسك لينجذب عند السكت إلى باطنك من الهواء ما تستعين به ثانيا على الكلام الذي تنشئه بإخراجه على الوجه المذكور.
ومما يدعو إلى الوقف في موضع الوقف الترتيل فإنه أعون شيء عليه وقد أمر الله تعالى به رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً}.
ويدعو إليه اجتناب تكرير اللفظة الواحدة في القرآن تكريرا من غير فصل كما في قوله تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الْأِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} وقوله: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}.

فصل في الكلام على "كَلاَّ" في القرآن:
"كلا" في القرآن على ثلاثة أقسام:
إحداها : ما يجوز الوقف عليه والابتداء به جميعا باعتبار معنيين.
والثاني : ما لا يوقف عليه ولا يبتدأ به.
والثالث: ما يبتدأ به ولا يجوز الوقف عليه وجملته ثلاثة وثلاثون حرفا تضمنها خمس عشرة سورة كلها في النصف الأخير من القرآن وليس في النصف الأول منها شيء.
وللشيخ عبد العزيز الديريني رحمه الله.
وما نزلت كلا بيثرب فاعلمن.
ولم تأت في القرآن في نصفه الأعلى.
وحكمة ذلك أن النصف الآخر نزل أكثره بمكة وأكثرها جبابرة فتكررت هذه الكلمة على وجه التهديد والتعنيف لهم والإنكار عليهم بخلاف النصف الأول وما نزل منه في اليهود لم يحتج إلى إيرادها فيه لذلهم وضعفهم.
والأول : اثنا عشر حرفا.
منها في سورة مريم: {أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً كُلاً}.
ومنه فيها: {لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً كَلاََّ }.
وفي المؤمنين: {فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ}.
وفي المعارج: {يُنْجِيهِ كَلاَِِِِّ وفيها: {جَنَّةَ نَعِيمٍ كَلاَّ}.
وفي المدثر: {أَنْ أَزِيدَ كَلاَّ وفيها{صُحُفاً مُنَشَّرَةً كَلاَّ}.
وفي القيامة: {أَيْنَ الْمَفَرُّ كَلاَّ}.
وفي عبس: {تَلَهَّى كَلاَّ}.
وفي المتطفيفين: {قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ كَلاَّ}.
وفي الفجر: {أَهَانَنِ كَلاَّ}.
وفي الهمزة: {أَخْلَدَهُ كَلاَّ}.
والثاني ثلاثة أحرف:
في الشعراء: {أَنْ يَقْتُلُونِ قَالَ كَلاَّ}.
وفيها: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلاَّ}.
وفي سبأ: {أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلاَّ}.
والثالث ثمانية عشر حرفا:
في المدثر: {كَلاَّ وَالْقَمَرِ} {كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ}.
وفي القيامة: {كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ}{كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ }.
وفي النبأ: {كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ}.
وفي عبس: {كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ}.
وفي الانفطار: {كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ}.
وفي المتطفيفين: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ} {كَلاَّ إِنَّهُمْ}.
وفي الفجر: {كَلاَّ إِذَا}.
وفي العلق: {كَلاَّ إِنَّ} {كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ} {كَلاَّ لا تُطِعْهُ}.
وفي التكاثر: {كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ}.
وقسمها مكي أربعة أقسام:
الأول: ما يحسن الوقف فيه على كلا على معنى الرد لما قبلها والإنكار له فتكون بمعنى ليس الأمر كذلك والوقف عليها في هذه المواضع هو الاختيار ويجوز الابتداء بها على معنى حقا أو إلا وذلك أحد عشر موضعا:
منها الموضعان في مريم وفي المؤمنين وفي سبأ {أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلاَّ} وموضعان في المعارج وموضعان في المدثر وموضع في المطففين والفجر والحطمة قال فهذه أحد عشر موضعا الاختيار عندنا وعند أكثر أهل اللغة أن تقف عليها على معنى النفي والإنكار لما تقدمها ويجوز أن تبتدئ بها على معنى حقا لجعلها تأكيدا للكلام الذي بعدها أو الاستفتاح
الثاني : مالا يحسن الوقف عليه فيها ولا يكون الابتداء بها على معنى حقا أو إلا أو تعلقها بما قبلها وبما بعدها ولا يوقف عليها ولا يبتدأ بها والابتداء بها في هذه المواضع أحسن وذلك في ثمانية عشر موضعا.
موضعان في المدثر: {وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ كَلاَّ وَالْقَمَرِ} {كَلاَّ بَلْ لا يَخَافُونَ الآخِرَةَ كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ}.
وثلاثة في القيامة: {أَيْنَ الْمَفَرُّ كَلاَّ} {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ كَلاَّ}{نْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ كَلاَّ إِذَا}
وموضع في عم: {كَلاَّّ سَيَعْلَمُونَ}.
وموضعان في عبس: {إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ كَلاَّ}{تَلَهَّى كَلاَّ}.
وموضع في الانفطار: {مَا شَاءَ رَكَّبَكَ كَلاَّ}.
وثلاثة مواضع في المطففين: {لِرَبِّ الْعَالَمِينَ كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ} {مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ كَلاَّ إِنَّهُمْ}.
{الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ كَلاَّ}.
وموضع في الفجر: {حُبّاً جَمّاً كَلاَّ}.
وثلاثة مواضع في العلق: {عَلَّمَ الإنسان مَا لَمْ يَعْلَمْ كَلاَّ}{أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى كَلاَّ} {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ كَلاَّ}.
وموضعان في التكاثر: {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ كَلاَّّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} وقوله: {كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ}
فهذه ثمانية عشر موضعا الاختيار عندنا وعند القراء وعند أهل اللغة أن يبتدأ بها وكلا على معنى حقا أو إلا وألا يوقف عليها.
الثالث: ما لا يحسن الوقف فيه عليها ولا يحسن الابتداء بها ولا تكون موصولة بما قبلها من الكلام ولا بما بعدها وذلك موضعان في {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}{كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ}
وكذا في التكاثر {ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} فلا يحسن الوقف عليها ولا الابتداء بها.
الرابع: ما لا يحسن الابتداء بها ويحسن الوقوف عليها وهو موضعان في الشعراء: {أَنْ يَقْتُلُونِ قَالَ كَلاَّ} {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلاَّ}.
قال فهذا هو الاختيار ويجوز في جميعها أن تصلها بما قبلها وبما بعدها ولا تقف عليها ولا تبتدئ بها.

الكلام على بلى:
وأما {بَلَى} فقد وردت في القرآن في اثنين وعشرين موضعا في ست عشرة سورة وهي على ثلاثة أقسام:
أحدها: ما يختار فيه كثير من القراء وأهل اللغة الوقف عليها لأنها جواب لما قبلها غير متعلق بما بعدها وذلك عشرة مواضع موضعان في البقرة: {مَا لا تَعْلَمُونَ بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً}{إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ بَلَى}.
وموضعان في آل عمران {وَهُمْ يَعْلَمُونَ بَلَى مَنْ أَوْفَى}{بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا}.
وموضع في الأعراف {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} ، وفيه اختلاف.
وفي النحل: {مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى}.
وفي يس: {أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى}.
وفي غافر: {رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى}.
وفي الأحقاف: {عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى}.
وفي الانشقاق: {أَنْ لَنْ يَحُورَ بَلَى}.
فهذه عشرة مواضع يختار الوقف عليها لأنها جواب لما قبلها غير متعلقة بما بعدها وأجاز بعضهم الابتداء بها.
والثاني : ما لا يجوز الوقف عليها لتعلق ما بعدها بها وبما قبلها وذلك في سبعة مواضع
في الأنعام: {بَلَى وَرَبِّنَا}.
وفي النحل: {لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى}.
وفي سبأ: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي}.
وفي الزمر: {مِنَ الْمُحْسِنِينَ بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ}.
وفي الأحقاف: {بَلَى وَرَبِّنَا}.
وفي التغابن: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ}.
وفي القيامة: {أَنْ لَنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى}.
وهذه لا خلاف في امتناع الوقف عليها ولا يحسن الابتداء بها لأنها وما بعدها جواب
الثالث ما اختلفوا في جواز الوقف عليها والأحسن المنع لأن ما بعدها متصل بها وبما قبلها وهي خمسة مواضع:
في البقرة: {بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}.
وفي الزمر: {قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ}.
وفي الزخرف: {وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا}.
وفي الحديد: {قَالُوا بَلَى}.
وفي الملك: {قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ}.

الكلام على نعم:
وأما {نَعَمْ} ففي القرآن في أربعة مواضع:
في الأعراف: {قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ} والمختار الوقف على نعم لأن ما بعدها ليس متعلقا بها ولا بما قبلها إذ ليس هو قول أهل النار و{قَالُوا نَعَمْ} من قولهم.
والثاني والثالث في الأعراف والشعراء: {قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ}.
الرابع في الصافات: {قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ}.
والمختار ألا يوقف على نعم في هذه المواضع لتعلقها بما قبلها لاتصاله بالقول وضابط ما يختار الوقف عليه أن يقال إن وقع بعدها ما اختير الوقف عليها وإلا فلا أو يقال إن وقع بعدها واو لم يجز الوقف عليها وإلا اختير وأنت مخير في أيهما شئت.

البرهان في علوم القرآن (1 / 342 ـ 375 )


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الرابع, النوع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:12 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir