دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الزكاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 ذو القعدة 1429هـ/24-11-2008م, 02:43 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي حكم مانع الزكاة

فإن مَنَعَها جَحْدًا لوُجوبِها كَفَرَ عارفٌ بالحُكْمِ وأُخِذَتْ وقُتِلَ، أو بُخْلًا أُخِذَتْ منه وعُزِّرَ، وتَجِبُ في مالِ صَبِيٍّ ومجنونٍ فيُخرجُها وَلِيُّهما.


  #2  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 02:45 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

...................

  #3  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 02:52 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(فإن مَنَعَهَا)؛ أي: الزَّكَاةَ (جَحْداً لوُجُوبِهَا كَفَرَ عَارِفٌ بالحُكْمِ)، وكذا جَاهِلٌ عَرَفَ فعَلِمَ وأَصَرَّ، وكذا جَاحِدٌ وُجُوبَهَا ولو لم يَمْتَنِعْ مِن أَدَائِهَا، (وأُخِذَت) الزَّكَاةُ مِنْهُ (وقُتِلَ) لرِدَّتِه بتَكْذِيبِه للَّهِ ورَسُولِه بعدَ أنْ يُسْتَتَابَ ثَلاثاً. (أو بُخْلاً)؛ أي: ومَن مَنَعَهَا بُخْلاً مِن غَيْرِ جَحْدٍ (أُخِذَت مِنْهُ) فَقَطْ قَهْراً كدَيْنِ الآدَمِيِّ ولم يَكْفُرْ. (وعُزِّرَ) إن عَلِمَ تَحْرِيمَ ذلك وقُوتِلَ إن احتِيجَ إليه. ووَضَعَهَا الإمامُ مَوَاضِعَهَا، ولا يَكْفُرُ بقِتَالِه للإمامِ، ومَن ادَّعَى أَدَاءَها أو بَقَاءَ الحَوْلِ أو نَقْصَ النِّصَابِ أو أنَّ ما بِيَدِه لغَيْرِه ونَحْوِه صُدِّقَ بلا يَمِينٍ. (وتَجِبُ) الزَّكَاةُ (في مَالِ صَبِيٍّ ومَجْنُونٍ) لِمَا تَقَدَّمَ، (فيُخْرِجُها وَلِيُّهُما) في مَالِهِمَا كصَرْفِ نَفَقَةٍ وَاجِبَةٍ علَيْهِمَا؛ لأنَّ ذلك حَقٌّ تَدْخُلُه النِّيَابَةُ ولذلك صَحَّ التَّوْكِيلُ فيه.


  #4  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 02:54 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(فإن منعها) أي الزكاة (جحدًا لوجوبها، كفر عارف بالحكم) ([1]) وكذا جاهل عرف فعلم وأصر([2]) وكذا جاحد وجوبها، ولو لم يمتنع من أَدائها([3]) (وأَخذت) الزكاة (منه ([4]). (وقتل) لردته، بتكذيبه لله ورسوله، بعد أَن يستتاب ثلاثًا([5]) (أو بخلاً) أي ومن منعها بخلاً، من غير جحد (أُخذت منه) فقط قهرًا، كدين الآدمي، ولم يكفر([6]) (وعزر) إن علم تحريم ذلك ([7]) وقوتل إن احتيج إليه([8]).ووضعها الإمام في مواضعها([9]) ولا يكفر بقتاله للإمام([10]) ومن ادعى أَداءَها، أو بقاءَ الحول، أو نقص النصاب([11]) أَو أَن ما بيده لغيره ونحوه، صدق بلا يمين([12]).(وتجب) الزكاة (في مال صبي ومجنون)، لما تقدم([13]) (فيخرجها وليهما) في مالهما([14]) كصرف نفقة واجبة عليهما([15]) لأَن ذلك حق تدخله النيابة، ولذلك صح التوكيل فيه([16])


([1]) إجماعًا، لتكذيبه لله ورسوله، وإجماع الأمة.
([2]) أي ومثل من منعها جحدًا لوجوبها جاهل به، لقرب عهده من الإسلام، أو كونه نشأ ببادية بعيدة عن القرى، بحيث يخفى عليه وجوبها، وعرف وجوبها ليرجع عن الخطأ، «فأصر» أي على جحوده، كفر إجماعًا، لأنه مكذب لله ورسوله، وقوله «فعلم» ليس بقيد، ولهذا لم يذكره الأكثر، بل قالوا: عرف فأصر. وكذا لم يذكره في الصلاة.
([3]) يكفر إجماعًا، لظهور أدلة الوجوب من الكتاب والسنة، وإجماع الأمة، فلا عذر له.
([4]) إن كانت وجبت عليه، لوجوبها عليه قبل كفره، فلم تسقط به كالدين، ولاستحقاق أهل الزكاة لها.
([5]) إجماعًا، لقوله صلى الله عليه وسلم «أمرت أن أقاتل الناس، حتى يقولوا: لا إله إلا الله؛ ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة» وقال أبو بكر: لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة. متفق عليه.
([6]) وإنما تؤخذ منه الزكاة، وهو مذهب مالك والشافعي، كما يؤخذ العشر وفاقًا «والبخل» بضم الباء وفتحها، وسكون الخاء وبفتحها، منع الفضل، والبخل شرعي وعرفي، فالشرعي: منع الواجب؛ كالزكاة ونحوها. والعرفي: منع ما يعد مانعه بخيلاً. وقوله «فقط» أي من غير زيادة وفاقًا، لحديث الصديق «من سأل فوق ذلك فلا يعطه» مع توفر الصحابة، ولم ينقل عنهم أخذ الزيادة، ولا قول به، ولأنه لا يزاد على أخذ الحق من المظالم، كسائر الحقوق، وقيل: وشطر ماله؛ إن علم تحريمه، لحديث «فإنا آخذوها وشطر ماله»، وهو من رواية بهز، قال الشافعي وغيره: حديث بهزلا يثبته أهل العلم، ولو ثبت لقلنا به. وإن غيب، أو كتم، وأمكن أخذها، أخذت من غير زيادة، وهو قول أكثر الفقهاء، لأنه لم ينقل أن الصحابة أخذوا زيادة عليها.
([7]) يعزره إمام عادل أو نائبه، لارتكابه محرمًا، وإن كان جاهلاً – كحديث عهد بالإسلام – لم يعزر، لأنه معذور، وعرف وبصر، وأخذت منه فقط.
([8]) يقاتله إمام يضعها في مواضعها، لاتفاق الصحابة مع الصديق على قتال مانعي الزكاة، ولأنها أحد مباني الإسلام، فإن تاب، وأخرجها، وإلا قتل حدًا، وأخذت من تركته، من غير زيادة، وكذا إن غيب، أو كتم، واستتيب فلم يخرج قتل حدًا، قال في المبدع: على الأصح، لظاهر الكتاب والسنة. وذكر الشيخ أن من أداها، لم تجز مقاتلته، للخلف في إجزائها.
([9]) أي وعلم أن الإمام يضعها في مواضعها قوتل، وإلا يضعها في مواضعها فلا.
([10]) وفاقًا، لأن الصحابة لم يعتقدوا كفرهم، حين امتنعوا، ولقول عبد الله بن شقيق: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة. رواه الترمذي، وما ورد من التكفير فيه، محمول على جاحد الوجوب، أو التغليظ. قال الشيخ: ولو كان لمانعي الزكاة ديون، لم تقم يوم القيامة بالزكاة، لأن عقوبة الزكاة أعظم.
([11]) أي ومن ادعى أداء الزكاة وقد طولب بها، صدق بلا يمين وفاقًا، أو ادعى بقاء الحول، أو ادعى نقص النصاب، أو زوال ملكه عن النصاب في الحول، أو تجدده قريبًا، صدق بلا يمين وفاقًا.
([12]) أي وإن ادعى أن ما بيده من مال زكوي لغيره، أو أنه منفرد، أو مختلط، ونحوه مما يمنع وجوبها، أو ينقصها، كدعوى علف سائمة نصف الحول أو أكثره، أو نية قنية بعرض تجارة، أو أقر بقدر زكاته، ولم يذكر قدر ماله، صدق بلا يمين وفاقًا، لأنها عبادة مؤتمن عليها، فلا يستحلف عليها، كالصلاة والكفارة، قال في المبدع: وظاهره لا تشرع. نقل حنبل: لا يسأل المصدق عن شيء، ولا يبحث، إنما يأخذ ما أصابه مجتمعًا، وفي الفروع: يتوجه احتمال: إن اتهم.
([13]) من العمومات، كقوله «في كل أربعين شاة شاة».
([14]) أي الصبي والمجنون، وتعتبر نيته، كما تعتبر من رب المال، وحكي اتفاقًا.
([15]) أي يخرجها عنهما كما أنه يصرف النفقة الواجبة عليهما.
([16]) أي في الإخراج، كما صحت النيابة عنهما في النفقة ونحوها.


  #5  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 08:40 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

فَإِنْ مَنَعَهَا جَحْداً لِوُجُوبِهَا كَفَرَ عَارِفٌ بالحُكْمِ .........
قوله: «فإن منعها جحداً لوجوبها كفر عارف بالحكم» .أي: إن منع إخراج الزكاة، والفاعل يعود على صاحب المال الزكوي، والهاء مفعول به تعود على الزكاة.
وقوله: «كفر» هذا الكفر كفر اعتقاد لا كفر عمل؛ لأنه اعتقد خلاف ما دل عليه الشرع، وكذب الكتاب والسنة وإجماع المسلمين، فإذا انضم إلى الجحد منع، صار أشد وأعظم لأنه كفر بالاعتقاد، وفسق بالعمل.علة ذلك ـ أي: الحكم بكفره ـ ليس لمنعها، وإنما لجحد كونها فريضة، وأما إذا منعها بخلاً، أو تهاوناً، فسيأتي في كلام المصنف، وعلى هذا فيكون قول المؤلف: «إِنْ مَنَعَهَا جَحْداً لِوُجُوبِها» تصويراً لا تأصيلاً؛ فليس من شرط القول بكفر جاحدها أن يمنعها بل الشرط جحد وجوبها؛ فلو أدّاها وهو جاحد وجوبها فإنه يكفر.
وقوله: «جحداً» مفعول لأجله وهو سابق على الفعل؛ لأن المفعول لأجله إما أن يكون سابقاً للفعل، أو مقارناً له، أو يكون لاَحِقاً له، فهذا الجحد سابق للفعل أو مقارن له، ومعنى سابق أن يقول: ليس علي زكاة، وهي غير مفروضة، ومعنى مقارن أن يجحد الزكاة حين المنع، فإن منعها على هذا الوجه «كفر عارف بالحكم» أي: أنه يكفر إذا جحد الزكاة وهو يعلم أنها واجبة، وذلك لأن وجوب الزكاة مما يعلم بالضرورة من دين الإسلام، فكل مسلم يعلم أن الزكاة واجبة، فإذا جحد ذلك كفر.وهنا قيد المؤلف ـ رحمه الله ـ الكفر بأن يكون عارفاً بالحكم، فعلم من كلامه أنه لو جحد وجوبها جاهلاً فإنه لا يكفر؛ لأن الجهل عذر بالكتاب، والسنة، وإجماع المسلمين في الجملة؛ أي:ليس في كل الصور.وذلك لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء: 15] وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: 4] ، وقال تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} ...} إلى قوله: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 163 ـ 165] فدل هذا على أنه لو لم يرسل رسلاً إلى الخلق فلهم حجة على الله؛ لأنهم معذورون، وقال الله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ *}[القصص] ، وقال الله تعالى عن قريش: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلاَ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى *} [طه] .وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه»، والنصوص الدالة على أن الجهل عذر كثيرة جداً.ولكن هل تقبل دعوى الجهل من كل أحد؟
الجواب؛ لا، فإن من عاش بين المسلمين، وجحد الصلاة، أو الزكاة، أو الصوم، أو الحج، وقال: لا أعلم، فلا يقبل قوله؛ لأن هذا معلوم بالضرورة من دين الإسلام؛ إذ يعرفه العالم والعامي، لكن لو كان حديث عهد بالإسلام، أو كان ناشئاً ببادية بعيدة عن القرى والمدن، فيقبل منه دعوى الجهل ولا يكفر، ولكن نعلمه فإذا أصر بعد التَّبيين حكمنا بكفره، وهذه المسألة ـ أعني مسألة العذر بالجهل ـ مسألة عظيمة شائكة، وهي من أعظم المسائل تحقيقاً وتصويراً.فمن الناس من أطلق وقال: لا يعذر بالجهل في أصول الدين كالتوحيد، فلو وجدنا مسلماً في بعض القرى أو البوادي النائية يعبد قبراً أو ولياً، ويقول: إنه مسلم، وإنه وجد آباءه على هذا ولم يعلم بأنه شرك فلا يعذر.والصحيح أنه لا يكفر؛ لأن أول شيء جاءت به الرسل هو التوحيد، ومع ذلك قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء: 15] فلا بد أن يكون الإنسان ظالماً، وإلا فلا يستحق العذاب.على أن تقسيم الدين إلى أصول وفروع أنكره شيخ الإسلام، وهذا التقسيم لم يحدث إلا بعد القرون المفضلة في آخر القرن الثالث، وقال شيخ الإسلام: كيف نقول: إن الصلاة من الفروع؟! ـ لأن الذين يقسمون الدين إلى أصول وفروع يجعلون الصلاة من الفروع ـ وهي الركن الثاني من أركان الإسلام، وكذا الزكاة، والصوم، والحج، كيف يقال: إنها من الفروع؟!ولكن قد لا يعذر الإنسان بالجهل، وذلك إذا كان بإمكانه أن يتعلم ولم يفعل، مع قيام الشبهة عنده، كرجل قيل له: هذا محرم، وكان يعتقد الحل، فسوف تكون عنده شبهة على الأقل، فعندئذٍ يلزمه أن يتعلم ليصل إلى الحكم بيقين.فهذا ربما لا نعذره بجهله؛ لأنه فرط في التعليم، والتفريط يسقط العذر، لكن من كان جاهلاً، ولم يكن عنده أي شبهة، ويعتقد أن ما هو عليه حق، أو يقول هذا على أنه الحق، فهذا لا شك أنه لا يريد المخالفة ولم يرد المعصية والكفر، فلا يمكن أن نكفره حتى ولو كان جاهلاً بأصل من أصول الدين، فالإيمان بالزكاة وفرضيتها أصل من أصول الدين، ومع ذلك لا يكفر الجاهل.وبناءً على هذا يتبين حال كثير من المسلمين في بعض الأقطار الإسلامية الذين يستغيثون بالأموات، وهم لا يعلمون أن هذا حرام، بل قد لُبِّس عليهم أن هذا مِمَّا يقرب إلى الله، وأن هذا وليٌّ لله وما أشبه ذلك، وهم معتنقون للإسلام، وغيورون عليه، ويعتقدون أن ما يفعلونه من الإسلام، ولم يأت أحد ينبههم، فهؤلاء معذورون، لا يؤاخذون مؤاخذة المعاند الذي قال له العلماء: هذا شرك، فيقول: هذا ما وجدت عليه آبائي وأجدادي، فإن حكم هذا الأخير حكم من قال الله تعالى فيهم: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف: 22] .فإن قيل: كيف يعذر هؤلاء ولم يعذر أهل الفترة، فقد قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «أبي وأبوك في النار»؟ فيقال: أهل الفترة ليس لنا أن نتجاوز ما جاءت به النصوص، ولولا أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال: إن أباه في النار، لكان مقتضى القاعدة الشرعية أنه لا يعذب، وأن يكون أمره إلى الله، كسائر أصحاب الفترة، فإن القول الراجح أن أصحاب الفترة يمتحنون يوم القيامة بما شاء الله، أما هؤلاء فإنهم يعتقدون أنهم على الإسلام ولم يأتهم من يعلمهم، بل قد يكون عندهم من علماء الضلالة من يقول: إنَّ ما هم عليه هو الحق.إذاً لا بد أن يكون الجاحد لوجوب الزكاة عارفاً بالحكم، فإن جحدها وهو عارف بالحكم صار كافراً، وإن كان جاهلاً وعلمناه وبينا له النصوص وأصر على ما هو عليه، فحينئذٍ يكون كافراً؛ لأنه عالم بالحكم.وعلى هذا يتبين لنا أنه لا يشترط الإقرار بالحكم، فإذا بلغه الحكم على وجه واضح بين، فقد قامت عليه الحجة سواء أقر أم أنكر، حتى ولو أنكر فإن ذلك لا ينفعه، ولا يرفع عنه الحكم؛ وإلا لكان فرعون ـ الذي أنكر رسالة موسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ مع إقراره بها في باطن نفسه ـ مؤمناً محقاً، ولكنه ليس كذلك، فالشرط هو بلوغ الحجة على وجه يتبين به الأمر، فإذا بلغ الإنسان ذلك، فإن إقراره بها ليس بشرط، فيحكم بكفره ولو لم يقر بها.وإذا أخبرناه فأصر على أنها ليست واجبة، ولكنه يخرجها على أنها تطوع، فإنه يكفر وعلى هذا فإن قول المؤلف: «ومن منعها جحداً لوجوبها» ليس قيداً في الحكم؛ لأن المدار على الجحود، فإذا جحد الوجوب وهو عارف بالحكم، كفر سواء أخرجها أم لم يخرجها.وقد قيل للإمام أحمد ـ رحمه الله ـ: إن فلاناً يقول في قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا *}: «إن ذلك فيمن استحل قتل المؤمن»، فتبسم الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ وقال: «إذا استحل قتل المؤمن فهو كافر، سواء قتله، أم لم يقتله»!! فتبقى الآية لا فائدة منها؛ لأن الآية علقت الحكم على وصف دون هذا الوصف الذي ذكره هذا القائل وهو الجحود.
والذين قالوا: إن النصوص الدالة على كفر تارك الصلاة محمولة على من تركها جحداً لوجوبها، نقول لهم: إن الذي جحد وجوب الصلاة كافر ولو صلى، فلم تعتبرون وصفاً لم يشر إليه الدليل، وتتركون وصفاً علق عليه الحكم؟ فهذه جناية على النص من وجهين هما:
الأول: إلغاء ما اعتبره الشرع وصفاً موجباً للحكم.
الثاني: استحداث وصف لم يكن في النص.وهذا البلاء يأتي كثيراً من العلماء؛ لأنهم اعتقدوا قبل أن يستدلوا فحاولوا ليَّ أعناق النصوص إلى ما يعتقدون، أو يكون المستدل قد استعظم الأمر كيف يكفر تارك الصلاة، وهو يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويؤمن باليوم الآخر، فيحاول أن يُحَرِّفَ النصوصَ من أجل استعظامه أن يكفر.

وَأُخِذَتْ منه وقُتِلَ .........
قوله: «وأخذت منه وقتل» أي: من منع الزكاة جحداً لوجوبها فإنها تؤخذ منه، وتعطى لأهلها، ويقتل؛ لردته.وهنا يرد سؤال وهو كيف تؤخذ منه، وقد حكمنا بكفره، وهي لا تقبل منه؛ لقول الله تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ} [التوبة: 54] ، وأيضاً هل يكون ماله لبيت المال؟
الجواب: تؤخذ منه؛ لأنها وجبت عليه، وتعلق بها حق الغير، وهم أهل الزكاة.ولا تدخل الزكاة بيت المال؛ لأن الأخص وهو مال الزكاة، لا يدخل في الأعم وهو بيت المال؛ لأنها ربما تصرف في المصالح العامة، مثل: بناء المساجد، وإصلاح الطرق، وهذا لا يصح أن تصرف الزكاة فيه، ويكون باقي ماله في بيت المال؛ لأن المرتد لا يورث.قوله: «وقتل» أي: قتل لردته فلا يصلى عليه، وإذا تاب قبلت توبته ولم يقتل، ودليل ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من بدل دينه فاقتلوه» .وظاهر كلام المؤلف أنه يقتل ولا يستتاب، وهذا الظاهر قد يكون مراداً، وقد يكون غير مراد، وأن المراد بيان الحكم بقطع النظر عن شروطه.واختلف العلماء هل كل كفر يستتاب منه أم لا؟ وهل الاستتابة واجبة أو راجعة للإمام؟والصواب أنها ليست واجبة، وأنها راجعة للإمام، ووجود مصلحة في استتابته، ككون المرتد زعيماً في قومه، ولو أنه عاد إلى الإسلام لنفع الله به، فهذا يجب أن يستتيبه الإمام، ولو رأى الإمام أن قتله خير من بقائه لنفسه ولغيره؛ لأن طول عمر الكافر زيادة في إثمه، قال الله تعالى: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَِنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ *} [آل عمران: 178] فهذا لا يحتاج إلى استتابته؛ بل يقتله بدونها.والقول الراجح أن التوبة مقبولة من كل ذنب حتى من سب الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، ولكن من سب الرسول صلّى الله عليه وسلّم تقبل توبته ويقتل، ومن سب الله تقبل توبته لو تاب ولا يقتل؛ لأن حق الله لله، وقد بين سبحانه أنه يغفر الذنوب جميعاً، أما سب الرسول صلّى الله عليه وسلّم فحق له، وقتل الساب حق لآدمي، ولا ندري هل يعفو الرسول صلّى الله عليه وسلّم عمن سبه أم لا؟ ولكن إذا تاب وقتلناه فإنه يغسل، ويكفن، ويصلى عليه، ويدعى له بالمغفرة، ويدفن في مقابر المسلمين؛ لأنَّ قتله حصل به أداء الحق إلى أهله وقد تاب إلى الله.

أو بُخْلاً أخِذَتْ مِنهُ وَعُزِّرَ ............
قوله: «أو بخلاً» أي منع الزكاة بخلاً، والبخل منع ما يجب، والشح الطمع فيما ليس عنده.فالبخيل ممسك، والشحيح مقتطع، يريد أن تكون أموال الناس جميعاً عنده.
قوله: «أخذت منه وعزر» أي: أخذت الزكاة ممن منعها بخلاً، وأدِّبَ.
وقوله: «أخذت» فعل مبني للمجهول والآخذ هو من له حق الأخذ، وهو الذي يلزم الناس بالشرع، والسلطان هو الذي له الحق، ولذلك فإنه يأخذها من البخيل قهراً ويعزره.والتعزير يطلق على معان عدة، منها: التوقير، والنصرة؛ لقوله تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} [الفتح: 9] .ومنها التأديب كما هو مراد المؤلف، وسمي التأديب تعزيراً مع أن أصل التعزير النصرة، لأن فيه نصرة للإنسان على نفسه؛ لأنه إذا أدب استقام وانتصر على نفسه، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً» قالوا: يا رسول الله هذا المظلوم فكيف ننصره ظالماً؟ قال: «تمنعه من الظلم فذاك نصره»فهذا الذي أدبناه يكون تعزيره نصراً في الواقع، لأننا نصرناه على نفسه؛ إذ إن هذا سيردعه عما كان عليه.
مسألة: هل إذا أخذت الزكاة من البخيل تبرأ بها ذمته؟
الجواب: أما ظاهراً فإنها تبرأ بها ذمته فلا نطالبه بها مرة ثانية، وأما باطناً فإنها لا تبرأ ذمته، ولا تجزئه؛ لأنه لم ينو بها التقرب إلى الله، وإبراء ذمته من حق الله، ولذلك فإنه يعاقب على ذلك معاقبة من لم تؤخذ منه؛ لأنها أخرجت بغير اختيار منه، فإذا تاب من ذلك فإن من توبته أن يخرجها مرة ثانية.
ولم يبين المؤلف كيف يعزر؟ بالضرب أم بالحبس أم بالتوبيخ أمام الناس، أم بغير ذلك من وسائل التأديب؟فقيل: المقصود بالتعزير التأديب، فما يحصل به التأديب هو الواجب، ويختلف ذلك باختلاف الناس، فمنهم من يعزر بالمال وهو البخيل، ومنهم من يعزر بالضرب، ومنهم من يعزر بالتوبيخ أمام الناس، أو بالفصل من الوظيفة، ولذلك فإن التعزير لا يرتبط بعقوبة معينة؛ لأن المراد منه الإصلاح والتأديب، وهذا يختلف باختلاف الناس، ولهذا أطلق المؤلف التعزير، فقد يقترف رجلان ذنباً واحداً، أحدهما نعزره بالمال، والآخر بالضرب.والصحيح أنه يعزر بما ورد في حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال فيمن منعها: «إنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا».ولا شك أن الشرع إذا عين نوعاً من العقوبة، ولو بالتعزير فهي خير مما يفرضه السلطان، فنأخذها وشطر ماله.
وشطر المال أي: نصفه.ولكن هل هو شطر ماله عموماً أو شطر ماله الذي منع منه زكاته؟
الجواب: في هذا قولان للعلماء:
الأول: أننا نأخذ الزكاة ونصف ماله الذي منع زكاته.
الثاني: أننا نأخذ الزكاة ونصف ماله كله.
مثال ذلك: إذا كان عند رجل مائة من الإبل ومائة من الغنم، ومنع زكاة الغنم.
فعلى القول الأول: نأخذ منه خمسين من الغنم، وزكاة الغنم.
وعلى القول الثاني: نأخذ منه خمسين من الغنم، وخمسين من الإبل وزكاة الغنم؛ لأن المراد المال كله، والنص محتمل.
فإذا كان محتملاً، فالظاهر أننا نأخذ بأيسر الاحتمالين؛ لأن ما زاد على الأيسر فمشكوك فيه، والأصل احترام مال المسلم.ولكن إذا انهمك الناس وتمردوا في ذلك ومنعوا الزكاة، ورأى ولي الأمر أن يأخذ بالاحتمال الآخر فيأخذ الزكاة ونصف المال كله فله ذلك.ودليل ذلك تضعيف عمر ـ رضي الله عنه ـ عقوبة شارب الخمر حيث زاد فيها إلى أخف الحدود، وهو ثمانون جلدة.

وَتَجِبُ فِي مَالِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ ........
قوله: «وتجب في مال صبي ومجنون» .
تجب: الضمير يعود على الزكاة.
وقوله: «في مال صبي ومجنون» سبقت الإشارة إليه حيث ذكرنا في شروط وجوب الزكاة الإسلام، ولم نشترط البلوغ والعقل، وذلك لأنها واجبة في المال.فهي من جهة كونها عبادة تكليفية يرجح فيها جانب السقوط، ولذلك قال بعض العلماء: إنها لا تجب في مال الصبي والمجنون؛ لأنهما غير مكلفين، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «رفع القلم عن ثلاثة منهم: الصبي حتى يبلغ، والمجنون حتى يفيق» .ولكن القول الصحيح والراجح أنها واجبة في المال، وأنها تجب في مال الصبي والمجنون، كما يجب عليهما ضمان ما أتلفاه؛ لأنه حق آدمي، ولو أفسدا عبادة فإنه لا يجب عليهما شيء؛ لأنها حق الله تعالى.والزكاة فيها شائبة كونها تجب لحق الآدمي لقوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60] وفيها أيضاً شائبة أنها تجب في المال؛ لقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ *} [المعارج] ، وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم لمعاذ رضي الله عنه: «أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم» .
فَيُخْرِجُهَا وَلِيُّهُمَا...
قوله: «فيخرجها وليهما» أي يخرج الزكاة الواجبة في مال الصبي والمجنون ولي كل منهما، فلا ينتظر بلوغ الصغير، وعقل المجنون، أما كونه لا ينتظر المجنون فهذا ظاهر؛ لأننا لا ندري متى يزول جنونه، وأما الصغير فلأن إخراج الزكاة على الفور.
وقال بعض العلماء: لا يخرجها، بل يكتبها، فإذا بلغ الصبي وعقل المجنون أو مات، وانتقل المال إلى وارثه وأخبرهم بعدم الإخراج فقد برئت ذمته، لأنه لا يأمن التبعة.
وقال بعض أهل العلم، وهو رواية عن أحمد: إن خاف من التبعة أخرج الزكاة، وإلا فلا، مثال التبعة أن يخاف أن يطالبه اليتيم بأكثر مما أخرج.
والصحيح أنه يخرج الزكاة كما قال المؤلف، لوجوب إخراجها على الفور، وأما مسألة التبعة فإذا طولب الولي، فالقول قوله؛ لأنه أمين.
ووليهما هو من يتولى شأنهما في المال خاصة، وهو الأب، أو وصيه إن كان ميتاً، أو وكيله إن كان حياً، وأما الأخ والأم فإنه لا ولاية لهما في مال الصبي والمجنون، على المشهور من المذهب، إلا أنهم قالوا: إذا لم يوص لأحد، فالأمر للحاكم، يولي من يشاء.
والصحيح أن وليهما من يتولى أمرهما من الأقربين من أب، أو أم، أو أخ، أو أخت، أو عم، أو خال، أو غيرهم؛ لأن هذا مقتضى الولاية، فقد يكون أبوه ميتاً ولم يوص أحداً.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مانع, حكم

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:12 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir