دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الجنائز

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 06:02 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي حكم غسل الميت وتكفينه والصلاة عليه، وأولى الناس بمباشرة ذلك

( فصلٌ ) غُسلُ الْمَيِّتِ وتَكفينُه والصلاةُ عليه ودَفْنُه فَرْضُ كِفايةٍ، وأَوْلَى الناسِ بغُسْلِه وَصِيُّه ثم أَبوهُ ثم جَدُّه ثم الأَقْرَبُ فالأقرَبُ من عَصَبَاتِه ثم ذَوُو أرحامِه، وأُنْثَى وَصِيَّتُها ثم القُرْبَى فالْقُرْبَى من نِسائِها، ولكلٍّ من الزوجينِ غُسلُ صاحبِه، وكذا سَيِّدٌ مع سُرِّيَّتِه، ولرَجُلٍ وامرأةٍ غُسلُ مَن له دونَ سبعِ سنينَ فقطْ، وإنْ ماتَ رجلٌ بينَ نِسوةٍ أو عَكْسُه يُمِّمَتْ كخُنْثَى مُشْكِلٍ، ويَحْرُمُ أن يُغَسِّلَ مسلمٌ كافرًا أو يَدْفِنَه بل يُوارَى لعَدَمِ مَن يُوارِيهِ.


  #2  
قديم 25 ذو القعدة 1429هـ/23-11-2008م, 08:40 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

.....................

  #3  
قديم 25 ذو القعدة 1429هـ/23-11-2008م, 08:41 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

فَصْلٌ

(غُسْلُ المَيِّتِ) المُسْلِمِ (وتَكْفِينُه) فَرْضُ كِفَايَةٍ؛ لقَوْلِ النَّبِيِّ صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ في الذي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُه: ((غَسِّلُوهُ بِمَاءٍ وسِدْرٍ وكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ)) مُتَّفَقٌ عليه عَن ابنِ عَبَّاسٍ.
(والصَّلاةُ عليه) فَرْضُ كِفَايَةٍ؛ لقَوْلِه عليه السَّلامُ: ((صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ)). رواهُ الخَلاَّلُ والدَّارَقُطْنِيُّ, وضَعَّفَهُ ابنُ الجَوْزِيِّ. (ودَفْنُه فَرْضُ كِفَايَةٍ)؛ لقَوْلِه تعَالَى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ}. قالَ ابنُ عَبَّاسٍ: مَعْناهُ أَكْرَمَهُ بدَفْنِه. وحَمْلُه أَيْضاً فَرْضُ كِفَايَةٍ، واتِّبَاعُه سُنَّةٌ.
وكَرِهَ الإمَامُ للغَاسِلِ والحَفَّارِ أَخْذَ أُجْرَةٍ على عَمَلِه, إلاَّ أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجاً فيُعْطَى مِن بَيْتِ المَالِ, فإنْ تَعَذَّرَ أُعْطِيَ بقَدْرِ عَمَلِه. قالَهُ في (المُبْدِعِ). والأَفْضَلُ أن يُخْتَارَ لتَغْسِيلِه ثِقَةٌ عَارِفٌ بأَحْكَامِه، (وأَوْلَى النَّاسِ بغُسْلِه وَصِيُّه) العَدْلُ؛ لأنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَنْ تُغَسِّلَهُ امْرَأَتُه أَسْمَاءُ. وأَوْصَى أَنَسٌ أَنْ يُغَسِّلَهُ مُحَمَّدُ بنُ سِيرِينَ.
(ثُمَّ أَبُوه)؛ لاختِصَاصِه بالحُنُوِّ والشَفَقَةِ، (ثُمَّ جَدُّه) وإِنْ عَلاَ؛ لمُشَارَكَتِه الأَبَ في المَعْنَى، (ثُمَّ الأَقْرَبُ فالأقرَبُ مِن عَصَبَاتِه), فيُقَدُّم الابنُ ثُمَّ ابنُه وإن نزَلَ، ثُمَّ الأَخُ لأَبَوَيْنِ، ثُمَّ الأَخُ للأبِ، على تَرْتِيبِ المِيرَاثِ، (ثُمَّ ذَوُو أَرْحَامِه)؛ كالمِيراثِ, ثُمَّ الأَجَانِبُ.
وأَجْنَبِيٌّ أَوْلَى مِن زَوْجَةٍ وأَمَةٍ، وأَجْنَبِيَّةٌ أَوْلَى مِن زَوْجٍ وسَيِّدٍ، وزَوْجٌ أَوْلَى مِن سَيِّدٍ، وزَوْجَةٌ أَوْلَى مِن أُمِّ وَلَدٍ. (و) الأَوْلَى بغُسْلِ (أُنْثَى وَصِيَّتُهَا) العَدْلُ، (ثُمَّ القُرْبَى فالقُرْبَى مِن نِسَائِهَا), فتُقَدَّمُ أُمُّهَا وإن عَلَتْ، ثُمَّ بِنْتُهَا وإن نَزَلَتْ، ثُمَّ القُرْبَى؛ كالميراثِ، وعَمَّتُهَا وخَالَتُهَا سَوَاءٌ، وكذا بِنْتُ أَخِيهَا وبِنْتُ أُخْتِهَا؛ لاستِوَائِهِمَا في القُرْبِ والمَحْرَمِيَّةِ.
(ولكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ) إن لم تَكُنِ الزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً (غُسْلُ صَاحِبِه)؛ لِمَا تَقَدَّمَ عَن أَبِي بَكْرٍ.
ورَوَى ابنُ المُنْذِرِ, أَنَّ عَلِيًّا غَسَّلَ فَاطِمَةَ؛ ولأنَّ آثارَ النِّكَاحِ مِن عِدَّةِ الوَفَاةِ والإِرْثِ بَاقِيَةٌ, فكذا الغُسْلُ, ويَشْمَلُ مَا قَبْلَ الدُّخُولِ, وإنَّمَا تُغَسِّلُه وإن لم تَكُنْ في عِدَّةٍ, كما لو وَلَدَتْ عَقِبَ مَوْتِه, والمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيَّةُ إذا أُبِيحَتْ له, (وكذا سَيِّدٌ معَ سُرِّيَّتِه)؛ أي: أَمَتِه المُبَاحَةِ له, ولو أُمَّ وَلَدٍ, (ولرَجُلٍ وامْرَأَةٍ غُسْلُ مَن له دُونَ سَبْعِ سِنِينَ فَقَطْ), ذَكَراً كانَ أو أُنْثَى؛ لأنَّه لا عَوْرَةَ له، ولأنَّ إِبْرَاهِيمَ ابنَ النَّبِيِّ صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ غَسَّلَهُ النِّسَاءُ, فتُغَسِّلُه مُجَرَّداً بغَيْرِ سُتْرَةٍ, وتَمَسُّ عَوْرَتَهُ وتَنْظُرُ إِلَيْهَا.
(وإِنْ مَاتَ رَجُلٌ بَيْنَ نِسْوَةٍ) لَيْسَ فِيهِنَّ زَوْجَةٌ ولا أَمَةٌ مُبَاحَةٌ له, يُمِّمَ (أو عَكْسُه)؛ بأنْ مَاتَتِ امْرَأَةٌ بَيْنَ رِجَالٍ لَيْسَ فِيهِم زَوْجٌ، ولا سَيِّدَ لها (يُمِّمَتْ؛ كخُنْثَى مُشْكِلٍ) لم تَحْضُرْهُ أَمَةٌ له, فيُيَمَّمُ؛ لأنَّه لا يَحْصُلُ بالغُسْلِ مِن غَيْرِ مَسٍّ تَنْظِيفٌ, ولا إِزَالَةُ نَجَاسَةٍ، بل رُبَّمَا كَثُرَت.
وعُلِمَ مِنْهُ أنَّهُ لا مَدْخَلَ للرِّجَالِ في غُسْلِ الأقَارِبِ مِنَ النِّسَاءِ ولا بالعَكْسِ. (ويَحْرُمُ أن يُغَسِّلَ مُسْلِمٌ كَافِراً), أو أن يَحْمِلَهُ أو يُكَفِّنَهُ أو يَتْبَعَ جِنَازَتَهُ؛ كالصَّلاةِ عليه؛ لقَوْلِه تعَالَى: {لاَ تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}.
(أو يَدْفِنَهُ)؛ للآيَةِ, (بل يُوَارِيهِ) وُجُوباً (لعَدَمِ مَن يُوَارِيهِ)؛ لإِلْقَاءِ قَتْلَى بَدْرٍ في القَلِيبِ.
ويُشْتَرَطُ لغُسْلِه طَهُورِيَّةُ مَاءٍ، وإِبَاحَتُه، وإِسْلامُ غَاسِلٍ, إلاَّ نَائِباً عَن مُسْلِمٍ نَوَاهُ، وعَقْلُه ولو مُمَيِّزاً أو حَائِضاً أو جُنُباً.


  #4  
قديم 27 ذو القعدة 1429هـ/25-11-2008م, 09:46 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

فصل([1])
(غسل الميت) المسلم([2]) (وتكفينه) فرض كفاية([3]) لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الذي وقصته راحلته ((اغسلوه بماءٍ وسدر، وكفنوه في ثوبيه)) متفق عليه عن ابن عباس([4]) (والصلاة عليه) فرض كفاية([5]).
لقوله عليه السلام: ((صلوا على من قال لا إله إلا الله)) رواه الخلال والدارقطني، وضعفه ابن الجوزي([6]) (ودفنه فرض كفاية) ([7]) لقوله تعالى { ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} قال ابن عباس: (معناه: أكرمه بدفنه)([8] وحمله أيضًا فرض كفاية([9]) وإتباعه سنة([10]). وكره الإمام للغاسل أخذ أجرة على عمله إلا أن يكون محتاجًا، فيعطى من بيت المال([11]).
فإن تعذر أعطي بقدر عمله، قاله في المبدع([12]) والأفضل أن يختار لتغسيله ثقة، عارف بأحكامه([13]) (وأولى الناس بغسله وصيه) العدل([14]) لأن أبا بكر أوصى أن تغسله امرأته أسماء([15]) وأوصى أنس أن يغسله محمد بن سيرين([16]) (ثم أبوه) لاختصاصه بالحنو والشفقة([17]).
(ثم جده) وإن علا، لمشاركته الأب في المعنى([18]) (ثم الأقرب فالأقرب من عصباته) ([19]) فيقدم الابن، ثم ابنه وإن نزل([20]) ثم الأخ لأبوين، ثم الأخ لأب، على ترتيب الميراث([21]) (ثم ذووا أرحامه) كالميراث([22]) ثم الأجانب([23]) وأجنبي أولى من زوجة وأمة([24]) وأجنبية أولى من زوج وسيد([25]).
زوج أولى من سيد([26]) وزوجة أولى من أم ولد([27]) (و) الأولى (ب) غسل (أنثى وصيتها) العدل([28]) (ثم القربى فالقربى من نسائها)([29]) فتقدم أمها وإن علت([30]) ثم بنتها وإن نزلت([31])ثم القربى كالميراث([32]) وعمتها وخالتها سواء([33]) وكذا بنت أخيها وبنت أختها، لاستوائهما في القرب والمحرمية([34]) (ولكل) واحد (من الزوجين) إن لم تكن الزوجة ذمية (غسل صاحبه)([35])
لما تقدم عن أبي بكر، وروى ابن المنذر أن عليًا غسل فاطمة([36]) ولأن آثار النكاح من عدة الوفاة والإرث باقية، فكذا الغسل([37]) ويشمل ما قبل الدخول([38]) وأنها تغسله وإن لم تكن في عدة، كما لو ولدت عقب موته([39]) والمطلقة الرجعية إذا أُبيحت له([40]) (وكذا سيدمع سريته) أي أمته المباحة له، ولو أم ولد([41]).
(ولرجل وامرأة غُسْل من له دون سبع سنين فقط) ذكرًا كان أو أنثى([42]) لأنه لا عورة له([43]) ولأن إبراهيم ابن النبي-صلى الله عليه وسلم- غسله النساء([44]) فتغسله مجردًا، من غير سترة، وتمس عورته، وتنظر إليها([45]) (وإن مات رجل بين نسوة) ليس فيهن زوجة ولا أمة مباحة له يمم([46]).
(أو عكسه) بأن ماتت امرأة بين رجال، ليس فيهم زوج ولا سيد لها (يممت([47]) كخنثى مشكل) لم تحضره أمة له فييمم([48]) لأنه لا يحصل بالغُسل من غير مَسّ تنظيف، ولا إزالة نجاسة، بل ربما كثرت([49]) وعلم منه أنه لا مدخل للرجال في غُسْل الأقارب من النساء، ولا بالعكس([50]).
(ويحرم أن يغسل مسلم كافرًا)([51]) وأن يحمله، أو يكفنه، أو يتبع جنازته، كالصلاة عليه([52]لقوله تعالى{ا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ} [([53])(أو يدفنه) للآية([54]) (بل يوارى) وجوبًا (لعدم) من يواريه([55]) لإلقاء قتلى بدر في القليب([56]) ويشترط لغسله طهورية ماء، وإباحته([57]).
وإسلام غاسل، إلا نائبًا عن مسلم نواه([58]) وعقله ولو مميزًا([59]) أو حايضًا أو جنبًا([60])


([1]) في غسل الميت وما يتعلق به.
([2]) مرة، أو ييمم لعذر من عدم الماء، أو عجز عن استعماله لخوف نحو تقطع أو تهرّ، فرض كفاية إجماعًا، على من علم به وأمكنه، وخالف بعض المالكية، ورد ابن العربي وغيره على من لم يقل به، وقد توارد به القول والعمل، وغُسَّلَ الطاهرُ فكيف بمن سواه، وهو حق لله تعالى، فلو أوصى بعدمه لم يسقط، وإن لم يعلم به إلا واحد تعين عليه، وكذا جار بقربه.
([3]) بإجماع المسلمين على كل من أمكنه، على ما تقدم في تغسيله، وقد تواتر به القول والعمل، كما قاله ابن العربي وغيره.
([4]) وأول الحديث: بينما رجل واقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة، إذا وقع عن راحلته فأوقصته، أي ألقته عن ظهرها، والوقص كسر العنق، فقال ((اغسلوه)) الخ، وأجمعوا على وجب تغسيله بالماء مع القدرة، وعلى استحباب جعل سدر في الماء، وعلى وجوب التكفين، كما هو نص الخبر وغيره، و((ثوبيه)) إزاره ورداؤه.
([5]) بإجماع المسلمين.
([6]) وله طرق لا تخلو من مقال، وهو عند أبي نعيم وغيره، ومن قال: لا إله إلا الله. عالمًا بمعناها، عاملاً بمقتضاها، فهو مسلم، وهو إجماع، ويصلي عليه، ولو أصاب شيئًا من المعاصي دون الشرك، ويأتي.
([7]) إجماعًا، وتقدم معنى فرض الكفاية أنه من فعله من فيه كفاية سقط الحرج عن الباقين، وإن تركوه كلهم أثموا كلهم.
([8]) ولم يجعله ملقى للسباع والطيور، وهذا مكرمة لبني آدم، دون سائر الحيوانات. وقال تعالى{أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا} وقد أرشد الله قابيل إلى دفن أخيه هابيل{فَبَعَثَ اللهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ}فكانت سنة في سائر بني آدم، ويذكر أن الغراب وكثيرًا من السباع إذا أحس بالموت غيب جثته، في مكان لا يطلع عليه غالبًا. ولأن في ترك جثة ابن آدم أذى للناس، وهتكًا لحرمته، فوجب دفنه، قال الموفق وغيره: لا نعلم فيه خلافًا.
([9]) إجماعًا، لأنه وسيلة لدفنه، والوسائل لها حكم الغايات.
([10]) ويأتي الندب إليه.
([11]) لأنه لمصالح المسلمين، وهذا منها، والظاهر ما يختص أن يكون فاعله من أهل القربة كما يأتي في الإجارة. والغسل ليس مختصًا، لصحة الغسل من الكافر، إذا حصل مسلم ينوبه.
([12]) وقال في الإقناع: يكره أخذ أجرة على شيء من ذلك، يعني الغسل والتكفين والحمل والدفن، ويأتي في الإجارة أن كل عمل يختص أن يكون فاعله من أهل القربة، لا يجوز أخذ الأجرة عليه، وأما الصلاة عليه فيحرم أخذ الأجرة عليها، قولاً واحدًا.
([13]) ونقل حنبل: لا ينبغي إلا ذلك. وأوجبه أبو المعالي.
([14]) قال الخلوتي: يتجه ولو ظاهرًا، وظاهره ولو كان أنثى. اهـ. وكذا غير الوصي لعدم الفرق.
([15]) أخرجه مالك في الموطأ، ولا نزاع في جوازه، حكاه أحمد وابن المنذر وابن عبد البر وغيرهم، ويشهد له قول عائشة: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه. رواه أحمد وغيره. وأسماء هي بنت عميس الخثعمية، أسلمت قديمًا بمكة، وهاجرت مع جعفر، ثم تزوجها بعده أبو بكر، ثم علي رضي الله عنهم.
([16]) الأنصاري الثقة العابد، كبير القدر المتوفي سنة عشر ومائة، ولأنه حق للميت، فقد فيه وصيه على غيره، كباقي حقوقه.
([17]) أي لاختصاص الأب بالعطف والشفقة عليه، «وأشفق على الشيء» خاف عليه ووجل.
([18]) وجاء اسمه به في الكتاب والسنة.
([19]) لقوله عليه الصلاة والسلام ((ليلة أقربكم، إن كان يعلم)) رواه أحمد وغيره.
([20]) لقربه، ولما يأتي أن من البر أن يصلي عليه، فالتغسيل كذلك، وهو أحنى العصبة.
([21]) فيقدم عم لأبوين، ثم لأب وهكذا، ثم المعتق ثم عصبته الأقرب فالأقرب.
([22]) فالأخ لأم، والجد لها، والعم لها، وابن الأخت ونحوهم.
([23]) ويقدم الأصدقاء منهم، ثم غيرهم الأدين، لقوله عليه الصلاة والسلام ((ليلة أقربكم إن كان يعلم، فإن لم يكن يعلم فمن ترون عنده حظًا من ورع وأمانة)) رواه أحمد، ويقدم الجار على أجنبي وفاقًا، لا على صديق.
([24]) للخروج من الخلاف في تغسيلهما الزوج والسيد، لكن قال النووي وغيره: إنما هي رواية عن أحمد، فإن ثبتت فمحجوج بالإجماع. اهـ. وأكثر الأصحاب لم يذكروا هذه الرواية عنه رحمهم الله، منهم القاضي والشريف، وأبو الخطاب والشيرازي وغيرهم.
([25]) خروجًا من الخلاف في منعه غسلها، وبعض الأصحاب لم يذكر خلافًا، قياسًا له عليها، ولأحمد وغيره عن عائشة: أنه صلى الله عليه وسلم قال «ما ضرك لو مت قبلي فغسلتك،وكفنتك، ثم صليت عليك ودفنتك».
([26]) يعني إذا ماتت رقيقة مزوجة، فزوجها أولى بغسلها من سيدها، لإباحة استمتاعه بها، إلى حين موتها، بخلاف سيدها.
([27]) أي إذا مات رجل له زوجة وأم ولد، فزوجته أولى بغسله من أم ولده، لبقاء علقة الزوجية من الإعداد والإحداد.
([28]) ولو ظاهرًا، كما تقدم في الرجال.
([29]) لما رواه البيهقي وغيره، عن أم سليم مرفوعًا«وليس غسلها أولى الناس بها، وإلا فامرأة ورعة».
([30]) كأم أمها وهكذا.
([31]) وبنت ابنها وإن نزل.
([32]) فيقدم منهن من يقدم بالإرث.
([33]) لاستوائهما في الميراث.
([34]) ثم الأجنبيات كما في الرجال.
([35]) فتغسل المرأة زوجها، حكاه أحمد وابن المنذر وجماعة إجماعاً، وحكاه الوزير اتفاقًا، ويغسل زوجته، وفاقًا لمالك والشافعي وجمهور العلماء، وخالف أبو حنيفة، لزوال الزوجية، والمعتمد القياس على غسلها له، واحترز عن الذمية، لأنها ليست أهلاً لغسله.
([36]) واشتهر، ولم يقع من سائر الصحابة إنكار على علي وأسماء، فكان إجماعًا، وغسل أبو موسى زوجته، رواه أحمد، وأوصى جابر وعبد الرحمن ابن الأسود امرأتيهما أن تغسلاهما، رواهما سعيد، ولأحمد عن عائشة: لو استقبلت
من أمري ما استدبرت ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه. وتقدم.
([37]) أي يصير باقيًا، كبقاء آثار النكاح.
([38]) أي يشمل كلام الماتن لو مات أحد الزوجين قبل الدخول، لثبوت المحرمية بالعقد.
([39]) أي ولم تتزوج.
([40]) أي والمطلقة الرجعية تغسل زوجها، إن قلنا مباحة، أي لم تلزمها عدة من غيره، وإلا فلا، جزم به في المغني، وأما إذا وطئت بشبهة فلا.
([41]) ومدبرة ومكاتبة، ذكره جماعة، وفاقًا لجمهور العلماء، مالك والشافعي وغيرهما، وسواء شرط وطء المكاتبة أو لا، لأنه يلزمه كفنها، ومؤونة تجهيزها، قال في الفروع: ومتى جاز، نَظَرَ كل منهما غير العورة. اهـ. ولا يجوز أن يغسل الرجل أمه وابنته، وغيرهما من محارمه، وفاقًا لأبي حنيفة، وقال الموفق وغيره: هو قول أكثر أهل العلم، وأجازه مالك والشافعي عند الضرورة، وقالوا: إنه كالرجل بالنسبة إليه في العورة والخلوة، واستعظمه أحمد وغيره، ولم يعجبهم وذلك أنها محرمة حال الحياة، فكذا بعد الموت، والسرية قال الجوهري: هي الأمة التي بوأتها بيتًا، منسوبة إلى السر وهو الجماع أو الإخفاء، لأن الإنسان كثيرًا ما يسرها ويسترها عن امرأته، وضمت سينه لأن الأبنية قد تغير في النسبة خاصة، وسمي الجماع سرًا لأنه يكون في السر، وليس لآثم بقتل حق في غسل مقتول.
([42]) قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه أن المرأة تغسل الصبي الصغير، فتغسله مجردًا، من غير سترة، وتمس عورته، وتنظر إليها، وكذا قال مالك: سبع سنين. ومذهب الشافعية ما لم يبلغا حدًا يشتهيان فيه.
([43]) أي في الحياة، فكذا بعد الموت.
([44]) ذكر ابن المنذر أنها مرضعته، فدل على جوازه، وذكر ابن كثير أن عليًا هو الذي غسله، ورواه أحمد وغيره.
([45]) لأن عورته لا حكم لها في حياته، فكذا بعد وفاته، وليس لرجل غسل ابنة سبع فأكثر، ولو محرمًا، ولا لامرأة غسل ابن سبع فأكثر ولو محرمًا، غير ما تقدم.
([46]) وفاقًا بحائل، فإن كان فيهن صغيرة تطيق الغسل علموها وباشرت غسله، نص عليه، وقال المجد: لا أعلم فيه خلافًا.
([47]) وفاقًا بحائل، ويحرم بدونه لغير محرم، فإن كان فيهم صبي لا شهوة له علموه الغسل وباشره، نص عليه وفاقًا، وفي الهداية: لا أعلم فيه خلافًا. وتأمل ما يأتي من عدم اشتراط مباشرة الغاسل، وما في النكاح من جواز لم ونظر من يلي خدمة مريض ولو أنثى في وضوء واستنجاء إلى آخره، وروي عن الأوزاعي: يغسل في ثوب، ويلف الغاسل خرقة.
([48]) وفاقًا، فإن كان معهم صغير أو صغيرة باشر الغُسْل اتفاقًا.
([49]) وفيه نظر، لأنه لو حضر من يصلح لغسل الميت، ونوى وترك تحت ميزاب ونحوه أجرأ، حيث عممه.
([50]) أي ولا مدخل النساء في غُسْل الأقارب من الرجال.
([51]) وفاقًا لمالك، سواء كان قريبًا لهم أو لا، لأنه لا يصلي عليه، ولا يدعو له، فلم يكن له غُسله، ولأن غسله تعظيم وتطهير، أشبه الصلاة عليه.
([52]) أي يحرم أن يحمل المسلم الكافر، ويحرم عليه أن يكفنه، ويحرم عليه أن يتبع جنازته، كما أنه يحرم عليه الصلاة عليه. بإجماع المسلمين.
([53]) ولعنهم، واستحقوا الطرد والإبعاد، فدل عمومها على تحريم حمل جنازة الكافر، أو تكفينه، أو اتباع جنازته، كالصلاة عليه، لقوله تعالى {ولا وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِوقوله {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ..} الآية.
([54]) ولأن ابن اليهودي لما أسلم عند موته: قال صلى الله عليه وسلم ((لو أخاكم)) وللنهي عن موالاة الكفار في غير موضع من الكتاب والسنة، وغسله وحمله وتكفينه واتباع جنازته تعظيم له، فلم يجز، كالصلاة عليه، وما روي في غسل أبي طالب. فقال ابن لمنذر وغيره: ليس في غسل المشرك سنة تتبع، وذكروا حديث علي بالمواراة فقط.
([55]) من أقاربه الكفار أو من الكفار، فيلقيه في حفرة، ويواري جثته لئلا يتضرر به، وهو متعين قطعًا.
([56]) رواه البخاري وغيره، ولقوله عليه الصلاة والسلام لعلي لما أخبر بموت أبي طالب «اذهب فواره» رواه أبو داود والنسائي والشافعي وغيرهم، ولا فرق بين الحربي والذمي والمستأمن والمرتد في ذلك، لأن تركه مثلة به، وقد نهي عنها، ولأنه يتضرر به، وكذا كل صاحب بدعة مكفرة يوارى لعدم، ولا يغسل ولا يصلى عليه، ولا تتبع جنازته، ومن جهل إسلامه ووجد عليه علامة المسلمين غُسِل وصلي عليه وفاقًا، ولو أقلف بدارنا، لا بدار حرب، بلا علامة نص عليه.
([57]) كباقي الأغسال.
([58]) أي ويشترط لغُسْله إسلام غاسل، لاعتبار نية، ولا يصح من كافر، وحكي إجماعًا، وقيل: يصح إذا كان الكافر نائبًا عن مسلم نوى غسله. وقدمه في الفروع، وظاهر كلام أحمد لا يصح مطلقًا، لقوله عليه الصلاة والسلام ((لو أخاكم)) ولأن الغسل عبادة، وليس الكافر من أهلها، ولأنه نجس، فلا يطهر غسله المسلم، وهذا مذهب جمهور أهل العلم، أبي حنيفة ومالك وغيرهما، وقول الشافعي.
([59]) فيعتبر العقل وفاقًا، ولو كان الغاسل مميزًا، فإنه لا يشترط بلوغه، لصحة غسله لنفسه.
([60]) بلا كراهة، وفاقًا لأبي حنيفة والشافعي، لصحة غُسْله بنفسه، ولأنه لا يشترط في الغاسل الطهارة، ولأنهما طاهران، وكره مالك الجنب، ويغسل حلال محرمًا، وعكسه وفاقًا، ولا تعارض بين الحكم بعدم كراهة ذلك، وبين الحكم بكراهة قربانهما للميت، لأذية الملائكة التي تحضره لأخذ الروح.


  #5  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 11:59 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

غَسْلُ المَيِّتِ، وَتَكْفِينُهُ، وَالصَّلاَةُ عَلَيْهِ، وَدَفْنُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ ..........
فصل
قوله: «غسل الميت، وتكفينه، والصلاة عليه، ودفنه فرض كفاية» .
هذه أربع مسائل:
الأولى: قوله: «غسل الميت»، ودليل ذلك:
1- قول النبي صلّى الله عليه وسلّم في الذي وقصته ناقته يوم عرفة: ((اغسلوه بماء وسدر))، والأمر في الأصل للوجوب، ومن المعلوم أنه لا يريد من كل واحد من المسلمين أن يغسل هذا الميت، إنما يوجه الخطاب لعموم المسلمين، فإذا قام به بعضهم كفى.
2- قول النبي عليه الصلاة والسلام للنساء اللاتي يغسلن ابنته: ((اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك))، والأصل في الأمر الوجوب.
وهذان دليلان أثريان..
- أما الدليل النظري: فلأنَّ هذا من حقوق المسلم على أخيه، بل هو من أعظم الحقوق أن يقدم الإِنسان أخاه إلى ربه على أكمل ما يكون من الطهارة.
والثانية: قوله: «وتكفينه» ، ودليله قوله صلّى الله عليه وسلّم: ((كفنوه في ثوبيه)) . وهذا أمر، والأصل في الأمر الوجوب، ومن المعلوم أنه واجب كفاية؛ لأنه لا يمكن أن يؤمر كل واحد من الناس أن يكفن الميت، وإنما المقصود أن يحصل الكفن.
وهذا هو الفرق بين فرض الكفاية وفرض العين، ففرض العين مطلوب من كل واحد، وفرض الكفاية المطلوب فيه وجود الفعل.
الثالثة: قوله: «والصلاة عليه» ، فالصلاة عليه أيضاً فرض كفاية؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يصلي على الأموات باستمرار، وكان يقول: ((صلوا على صاحبكم))، وأمر أن يصلى على المرأة التي رجمت، وقال الله -عز وجل-: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] ، فلما نهى عن الصلاة على المنافقين دل على أن الصلاة على المؤمنين شريعة قائمة، وهو كذلك.
الرابعة: قوله: «ودفنه فرض كفاية» ، فدفن الميت أيضاً فرض كفاية؛ لأن الله تعالى امتن به على العباد فقال تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا *أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا} [المرسلات] ، فكما أنَّ علينا إيواء المضطر في البيوت، وستره فيها عند الضرورة، فكذلك علينا ستر الميت في قبره.
وكذلك قوله تعالى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس] ، فإن هذا سيق على سبيل المنة؛ لأن الله أكرمه بدفنه، ولم يجعله كسائر الجيف تلقى في المزابل والأسواق والأفنية، بل أكرمه بدفنه وستره.
إذاً هذه الأربع كلها فرض كفاية، وسيأتي إن شاء الله بالتفصيل كيفية التغسيل، وكيفية التكفين، وكيفية الصلاة، وكيفية الدفن.
واعلم أن كل فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، فإن لم يوجد إلا واحد صار في حقه فرض عين.
وقول المؤلف: «دفنه فرض كفاية» ، وما يتوقف عليه الدفن فرض كفاية أيضاً، وكذلك ما تتوقف الصلاة عليه فرض كفاية، فحمله من بيته إلى المصلى فرض كفاية، وحمله من المصلى إلى المقبرة فرض كفاية؛ لأن (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) .
فإذا قال قائل: إذا كانت هذه الأشياء تحتاج إلى مال، فمن أين يؤخذ هذا المال، فالغسل ـ مثلاً ـ يحتاج إلى مال، والكفن يحتاج إلى مال، والدفن يحتاج إلى مال، والحمل قد يحتاج إلى مال؟
فالجواب: أنه يكون أولاً من تركة الميت، ثم على من تلزمه نفقته، فإن لم يمكن فعلى عموم المسلمين؛ لأنه فرض كفاية.

وَأَوْلَى النَّاسِ بِغَسْلِهِ وَصِيُّهُ،.......................................
قوله: «وأولى الناس بغسله وصيه» ، أي: لو تنازع الناس فيمن يغسل هذا الميت؟
قلنا: أولى الناس بغسله وصيه، أي: الذي أوصى أن يغسله.
واستفدنا من قول المؤلف: «وصيه» أنه يجوز للميت أن يوصي ألاَّ يغسله إلا فلان، والميت قد يوصي بذلك لسبب، مثل: أن يكون هذا الوصي تقياً يستر ما يراه من مكروه، أو أن يكون عالماً بأحكام الغسل، أو أن يكون رفيقاً؛ لأن بعض الذين يغسلون الأموات يعاملونهم بشدة عند نزع ثيابهم، وكأنما يسلخون جلد شاة مذبوحة ـ نسأل الله العافية ـ، فيوصي لشخص معين، فإذا كان الميت قد أوصى لشخص معين بأن يغسله، فهو أولى الناس بتغسيله، فإن لم يوص فسيذكره المؤلف.
والدليل على استفادة أولوية التغسيل بالوصية: «أن أبا بكر -رضي الله عنه- أوصى أن تغسله امرأته»، «وأوصى أنس بن مالك أن يغسله محمد بن سيرين».

ثُمَّ أَبُوهُ، ثُمَّ جَدُّهُ، ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ عَصَبَاتِهِ، ثُمَّ ذَوُو أَرْحَامِهِ،..........
قوله: «ثم أبوه، ثم جده، ثم الأقرب فالأقرب من عصباته» ، هنا قدموا ولاية الأصول على ولاية الفروع، وفي باب الميراث قدموا الفروع على الأصول، وفي ولاية النكاح قدموا الأصول على الفروع؛ فلو كان للشخص الميت أب وابن ولم يوص أن يغسله أحد، فالأولى الأب لما يلي:
أولاً: أن الأب أشد شفقة وحنواً على ابنه من الابن على أبيه.
ثانياً: أن الأب في الغالب يكون أعلم بهذه الأمور من الابن لصغره، مع أنه قد يكون بالعكس، فقد يكون ابن الميت طالب علم وأبوه جاهلاً.
وقوله: «ثم جده» ، أي: من قبل الأب.
وقوله: «ثم الأقرب فالأقرب من عصباته» ، أي: بعد الأب والجد الأبناء، وإن نزلوا، ثم الإِخوة وإن نزلوا، ثم الأعمام وإن نزلوا، ثم الولاء على هذا الترتيب، ومن المعلوم أن مثل هذا الترتيب إنما نحتاج إليه عند المشاحة، فأما عند عدم المشاحة كما هو الواقع في عصرنا اليوم، فإنه يتولى غسله من يتولى غسل عامة الناس، وهذا هو المعمول به الآن، فتجد الميت يموت وهناك أناس مستعدون لتغسيله، فيذهب إليهم فيغسلونه.
قوله: «ثم ذوو أرحامه» ، أي: أصحاب الرحم.
وهم: كل قريب ليس بذي فرض ولا عصبة، فأب الأم مثلاً من ذوي الأرحام، وأم الأب ليست من ذوي الأرحام، لكن لا تغسل الرجل، فإذاً لا ترد علينا وإن كانت من ذوي الفروض.

وَأُنْثَى وَصِيَّتُهَا، ثُمَّ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى مِنْ نِسَائِها. وَلِكُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ غَسْلُ صَاحِبِهِ،............
قوله: «وأنثى وصيتها» ، كما قلنا فيما سبق بالنسبة للرجل.
قوله: «ثم القربى فالقربى من نسائها»، ولم يقل: ثم الأقرب فالأقرب من العصبات؛ لأن النساء ليس فيهن عصبة إلا بالغير أو مع الغير، ولهذا قال: «القربى فالقربى من نسائها» وعلى هذا نقول: الأولى بتغسيل المرأة إذا ماتت: وصيتها، ثم أمها وإن علت، ثم ابنتها وإن نزلت، ثم أختها من أب أو أم أو الشقيقة، ثم عماتها، فخالاتها، إلى آخره.
قوله: «ولكل من الزوجين غسل صاحبه» أي: تغسيله، فالزوج له أن يغسل زوجته إذا ماتت، والزوجة لها أن تغسل زوجها إذا مات.
ودليل هذا ما سبق من حديث أبي بكر -رضي الله عنه-: «أنه أوصى أن تغسله زوجته أسماء بنت عميس».
وكذلك بالعكس؛ لأنه يروى عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أنه قال لعائشة ـ رضي الله عنها ـ: ((لو مُتِّ قبلي لغسلتك)).
مسألة: لو مات زوج عن زوجته الحامل، ثم وضعت الحمل قبل أن يغسل فهل لها تغسيله؟
الجواب: ليس لها ذلك؛ لأنها بانت منه حيث إنها انقضت عدتها قبل أن يغسل فصارت أجنبية منه.

وَكَذَا سَيِّدٌ مَعَ سُرِّيَتِهِ، وَلِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ غَسْلُ مَنْ لَهُ دُونَ سَبْعِ سِنِينَ فَقَطْ، وَإِنْ مَاتَ رَجُلٌ بَيْنَ نسْوَةٍ، أَوْ عَكْسُهُ يُمِّمَتْ كَخُنْثَى مُشْكِلٍ.
قوله: «وكذا سيد مع سُرِّيَته» المراد: مع أمته، ولو لم تكن سُرِّيته، فلو قدر أنها مملوكة، لكن لم يتسرها أي: لم يجامعها، ثم مات فلها أن تغسله، وله أن يغسلها.
قوله: «ولرجل وامرأة غسل من له سبع سنين فقط» ، أي: من ذكر أو أنثى.
ودليل هذا: أن إبراهيم ابن النبي صلّى الله عليه وسلّم غسلته النساء؛ لأنه مات في الرضاعة أي قبل أن يفطم؛ ولأن عورة من دون السبع لا حكم لها، فإذا ماتت طفلة لها أقل من سبع سنوات فلأبيها أن يغسلها، وإذا مات طفل له أقل من سبع سنوات فلأمه أن تغسله، فإن ماتت طفلة لها سبع سنوات فأكثر فليس لأبيها أن يغسلها؛ لأنه لا يغسل الرجل المرأة، ولا المرأة الرجل إلا في الزوجين، والمالك وأمته.
قوله: «وإن مات رجل بين نسوة» ، أي إن مات رجل بين نسوة، وكذا من له سبع سنين فأكثر فإنهن لا يغسلنه إلا أن يكون معهن زوجة له أو أمة، فإن كان معهن زوجة أو أمة فإنها تغسله كما سبق، أما إذا لم يكن معهن زوجة ولا أمة فإنه لا يغسل، وإذا كان معهن بنته أو أُمُّه فإنهما لا تغسِّلانه.
قوله: «أو عكسه» أي: أو حصل عكسه؛ بأن ماتت امرأة بين رجال، فإنهم لا يغسلونها إلا أن يكون أحد الرجال سيداً أو زوجاً.
قوله: «يُمِّمت كخنثى مشكل» ، أفادنا المؤلف بقوله: «يممت» أنه متى تعذر غسل الميت فإنه ييمم، وتعذره له صور منها:
أولاً: هاتان الصورتان: أن تموت امرأة بين رجال ليس معهم من يصح أن يغسلها، أو رجل بين نساء، ليس فيهن من يصح أن تغسله.
ثانياً: إذا كان الميت خنثى مشكلاً كما ذكر المؤلف.
ثالثاً: لو عدم الماء بأن مات ميت في البر، وليس عندنا ماء فإنه ييمم.
رابعاً: لو تعذر تغسيله لكونه محترقاً؛ فإنه ييمم كما سيأتي في كلام المؤلف ـ رحمه الله ـ؛ بناء على أن طهارة التيمم تقوم مقام طهارة الماء.
وقال بعض العلماء: إن من تعذر غسله لا ييمم؛ وذلك لأن المقصود بالتيمم التعبد لله تعالى بتعفير الوجه واليدين بالتراب، وهذا لا يحتاجه الميت، إذ إن المقصود من تغسيل الميت هو التنظيف؛ بدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم في الرجل الذي وقصته ناقته: ((اغسلوه بماءٍ وسدر))، وقوله صلّى الله عليه وسلّم للنساء اللاتي يغسلن ابنته: ((اغسلنها ثلاثاً أو خمساً، أو سبعاً، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك))، بحسب ما يكون من نظافة جسد الميت أو عدم نظافته، فإذا كان نظيفاً فإنه لا يكرر إلا ثلاثاً، وإذا كان غير نظيف فإنه يكرر بحسب ما يحتاج إليه.
أما على القول بأنه ييمم فإنه يضرب رجل أو امرأة التراب بيديه، ويمسح بهما وجه الميت وكفيه.

وَيَحْرُمُ أَنْ يَغْسِلَ مُسْلِمٌ كَافِراً، أَوْ يَدْفِنَهُ، بَلْ يُوَارَى لِعَدَمٍ ..............
قوله: «ويحرم أن يغسل مسلم كافراً، أو يدفنه، بل يوارى لعدم» ، ووجه التحريم: أن الله تعالى قال لنبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] ، فإذا نهي عن الصلاة على الكافر، وهي أعظم ما يفعل بالميت وأنفع ما يكون للميت، فما دونها من باب أولى، ولأن الكافر نجس، وتطهيره لا يرفع نجاسته لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] ، ولمفهوم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إن المسلم لا ينجس))، فيحرم أن يغسله.
فإن قيل: النجاسة في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} نجاسة معنوية؟
فنقول: من لم يطهر باطنه من النجاسة المعنوية فلا يصح أن يطهر ظاهره؛ ولهذا قال العلماء: من شرط صحة الغُسْلِ: الإسلامُ.
فالكافر بدنه ليس نجساً، لكنه ليس أهلاً للتطهير.
وكذلك يحرم أن يكفنه، والعلة ما سبق أنه إذا نهي عن الصلاة، وهي أعظم وأنفع ما يفعل للميت فما دونها من باب أولى.
قال في الروض: «أو يتبع جِنَازته» ، يجوز فيها وجهان حسب ما سبق، أي: لا يجوز للمسلم أن يتبع جنازة الكافر؛ لأن تشييع الجنازة من إكرام الميت، والكافر ليس أهلاً للإكرام، بل يهان، قال الله تبارك وتعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح: 29] ، فدل هذا على أن غيظ الكفار مراد لله ـ عز وجل ـ، وقال تعالى: {وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} [التوبة: 120] ، وتشييع الكافر إكرام له، وإكرام لذويه؛ ولهذا يحرم أن يتبع جنازته.
وقوله: «أو يدفنه» لقوله تعالى: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] ، والمراد: يحرم أن يدفنه كدفن المسلم، ولهذا قال: «بل يوارى لعدم» ، ومعنى يوارى: يغطى بالتراب، سواء حفرنا له حفرة ورمسناه بها رمساً، أو ألقيناه على ظهر الأرض وردمنا عليه تراباً؛ لكن الأول أحسن أي: أننا نحفر له حفرة ونرمسه فيها؛ لأننا لو وضعناه على ظهر الأرض وردمنا عليه بالتراب فلربما تحمل الرياح هذا التراب، ثم تظهر جثته.
وقوله: «بل يوارى لعدم» أي يجب مواراة الكافر، ويشمل ذلك ما إذا وُوري بالتراب، أو وُوري بقعر بئر، أو نحوها؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((أمر بقتلى بدر من المشركين أن يلقوا في بئر من آبار بدر)).
ولئلا يتأذى الناس برائحته، ولئلا يتأذى أهله بمشاهدته.
وقوله: «لعدم» ، أي: لعدم من يواريه، فإن وجد من يقوم بهذا من أقاربه فإنه لا يحل للمسلم أن يساعدهم في هذا، بل يكل الأمر إليهم.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
حكم, غسل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:34 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir