دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الطهارة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 ذو القعدة 1429هـ/18-11-2008م, 12:16 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي حكم جلد الميتة وما أبين من حي

ولا يَطْهُرُ جِلْدُ مَيْتَةٍ بدِباغٍ، ويُباحُ استعمالُه بعدَ الدبْغِ في يابِسٍ من حَيوانٍ طاهرٍ في الحياةِ، ولَبَنُها وكلُّ أجزائِها نَجِسَةٌ غيرَ شَعَرٍ ونحوِه، وما أُبِينَ من حيٍّ فهو كمَيْتَتِه.


  #2  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 02:59 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

ولا يطهر جلد الميتة بالدباغ ولا يجوز استعماله في اليابسات بعد الدبغ على الروايتين، وعنه: يطهر منها جلد ما كان طاهراً في الحياة ولا يطهر جلد غير المأكول بالذكاة نجسة في ظاهر المذهب وعظمها، وقرنها، وظفرها نجس صوفها، وشعرها، وريشها طاهر


  #3  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 03:00 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(ولا يَطْهُرُ جِلْدُ مَيْتَةٍ بدِبَاغٍ)، رُوِيَ عَن عُمَرَ وابنِه وعَائِشَةَ وعِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم، وكذا لا يَطْهُرُ جِلْدٌ غَيْرُ مَأْكُولٍ بذَكَاةٍ كلَحْمِه .
(ويُبَاحُ استِعْمَالُه)؛ أي: استِعْمَالُ الجِلْدِ (بَعْدَ الدَّبْغِ) بطَاهِرٍ مُنَشِّفٍ للخَبَثِ. قالَ في (الرِّعَايَةِ): ولا بُدَّ فيه مِن زَوَالِ الرَّائِحَةِ الخَبِيثَةِ وجَعْلِ المُصْرَانِ والكِرْشِ وَتَري دِبَاغٍ. ولا يَحْصُلُ بتَشْمِيسٍ ولا تَتْرِيبٍ، ولا يَفْتَقِرُ إلى فِعْلِ آدَمِيٍّ، فلو وَقَعَ في مَدْبَغَةٍ فاندَفَعَ جازَ استِعْمَالُه (في يَابِسٍ) لا مَائِعٍ، ولو وَسِعَ قُلَّتَيْنِ مِن المَاءِ إذا كانَ الجِلْدُ (مِن حَيَوانٍ طَاهِرٍ في الحَيَاةِ) مَأْكُولاً كانَ، كالشَّاةِ، أو لا، كالهِرَّةِ. أمَّا جلُودُ السِّبَاعِ، كالذِّئْبِ ونَحْوِه ممَّا خِلْقَتُهُ أَكْبَرُ مِن الهِرِّ ولا يُؤْكَلُ فلا يُبَاحُ دَبْغُه ولا استِعْمَالُه قَبْلَ الدَّبْغِ ولا بَعْدَهُ، ولا يَصِحُّ بَيْعُه، ويُبَاحُ استِعْمَالُ مُنْخُلٍ مِن شَعْرٍ نَجِسٍ في يَابِسٍ.(ولَبَنُهَا)؛ أي: لَبَنُ المَيْتَةِ (وكُلُّ أَجْزَائِهَا) كقَرْنِهَا وظُفْرِهَا وعَصَبِهَا وحَافِرِهَا وإِنْفَحَتِهَا وجِلْدَتِهَا (نَجِسَةٌ) فلا يَصِحُّ بَيْعُهَا. (غَيْرَ شَعْرٍ ونَحْوِه) كصُوفٍ ووَبَرٍ ورِيشٍ مِن طَاهِرٍ في الحَيَاةِ؛ فلا يَنْجُسُ بمَوْتٍ؛ فيَجُوزُ استِعْمَالُه، ولا يَنْجُسُ بَاطِنُ بَيْضَةِ مَأْكُولٍ صَلُبَ قِشْرُهَا بمَوْتِ الطَّائِرِ . (ومَا أُبِينَ مِن) حَيَوَانٍ (حَيٍّ فهو كمَيْتَتِه) طَهَارَةً ونَجَاسَةً، فما قُطِعَ مِن السَّمَكِ طَاهِرٌ، وما قُطِعَ مِن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ ونَحْوِهَا معَ بَقَاءِ حَيَاتِهَا نَجِسٌ، غَيْرَ مِسْكٍ وفَأْرَتِه والطَّرِيدَةِ، وتَأْتِي في الصَّيْدِ.


  #4  
قديم 26 ذو القعدة 1429هـ/24-11-2008م, 09:18 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(ولايطهر جلد الميتة بدباغ)([1]) روي عن عمر وابنه، وعائشة وعمران بن حصين رضي الله عنهم([2]).وكذا لا يطهر جلد غير مأْكول بذكاة كلحمه([3]) (ويباح استعماله) أَي استعمال الجلد (بعد الدبغ)([4]).بطاهر منشف للخبث، قال في الرعاية: ولا بد فيه من زوال الرائحة الخبيثة([5]) وجعلُ المصران والكرش وترادباغ([6])ولا يحصل بتشميس ولا تتريب([7]) ولا يفتقر إلى فعل آدمي([8]) فلو وقع في مدبغة فاندبغ جاز استعماله([9]) (في يابس) ([10]). لا مائع، ولو وسع قلتين من الماء([11]) إذا كان الجلد ( من حيوان طاهر في الحياة) مأكولاً كان كالشاة([12]) أَو لا كالهر([13]) أَما جلود السباع كالذئب ونحوه مما خلقته أَكبر من الهر ولا يؤكل([14]) فلا يباح دبغه، ولا استعماله قبل الدبغ ولا بعده، ولا يصح بيعه([15])ويباح استعمال مُنخل من شعر نجس، في يابس([16]). وَ(لبنها) أَي لبن الميتة([17]) (وكل أَجزائها) كقرنها وظفرها وعصبها وعظمها وحافرها([18]) وإِنفحتها وجلدتها (نجسة) فلا يصح بيعها([19]) (غير شعر ونحوه) كصوف ووبرويش من طاهر في الحياة([20]). فلا ينجس بموت، فيجوز استعماله([21]) ولا ينجس باطن بيضة مأكول صلب قشرها بموت الطائر([22]) (وما أبين من) حيوان (حي فهو كميتتة) طهارة ونجاسة([23]) فما قطع من السمك طاهر([24])، وما قطع من بهيمة الأَنعام ونحوها مع بقاءِ حياتها نجس([25]).غير مسك وفأْرته([26]) والطريدة وتأْتي في الصيد([27]).


([1]) الميتة اسم لكل حيوان خرجت روحه بغير ذكاة، وقد يسمى المذبوح في بعض الأحوال ميتة حكمًا كذبيحة المرتد، وفي المصباح: الميتة ما مات حتف أنفه، أو قتل على هيئة غير مشروعة، والدباغ هو ما يدبغ به من قرظ وغيره ينزع فضوله، من لحم ودم ونحوهما مما يعفنه، ويمنع النتن والفساد، ولو جف ولم يستحل لم يطهر، والمراد هنا الميتة النجسة، لا ما لا ينجس بالموت، كالجراد والسمك، والجنين بعد ذكاة أمه، والصيد إذا قتله الجارح، أو السهم بشرطه أو الآدمي واستعماله حرام بالإجماع.
([2]) أي أنهم أفتوا بعدم طهارته لحديث «لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب» وعمر هو ابن الخطاب بن نفيل أبو حفص القرشي ثاني الخلفاء الراشدين رضي الله عنه، ولد قبل البعثة بثلاثين سنة، وقتله أبو لؤلؤة سنة ثلاث وعشرين، وابنه هو عبد الله، وعائشة هي أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة بسنتين ولها سبع، أفضل النساء وأفقههن، توفيت رضي الله عنها سنة ثمان وخمسين، وعمران بن حصين هو ابن عبيد بن خلف بن عبد نهم الخزاعي أسلم عام خيبر أفقه من قدم البصرة من الصحابة، مات رضي الله عنه سنة اثنتين وخمسين، وروي عن عمر أيضًا وعائشة وابن عباس وابن مسعود أنه يطهر وإليه رجع أحمد نقله عنه جماعة وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة وجماهير العلماء، واختاره الموفق والشارح وابن حمدان والشيخ وغيرهم، وورد في تطهيره بالدباغ خمسة عشر حديثًا، منها حديث ابن عباس «هلا أخذتم إهابها فدبغتموه» رواه مسلم وغيره، وحديث ميمونة «يطهر الماء والقرظ» و«دباغ الأديم طهوره» متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولأن نجاسة جلد الميتة طارئة فنزول بالمعالجة، وفي المصباح وغيره: الإهاب اسم للجلد قبل الدبغ، وقوله «أيما إهاب دبغ»، يدل عليه، وقال النضر وغيره من علماء اللغة قال الشيخ: والتحقيق أن يقال: ليس في حديث ابن عكيم، نهي عن استعمال المدبوغ اهـ وهو ضعيف لا يحتج به لعلل شتى.
([3]) غير المأكول كالكلب والفهد والأسد، لأنه ليس محلاًّ للذكاة، فهو ميتة، وهذا مذهب الشافعي، وأما الذكاة في المأكول فسبب لبقاء طهارته كلحمه.
([4]) لا غير إذ لانزاع في نجاسة إهاب الميتة قبل دبغه، وقال الشارح: لا يجوز بيعه قبل الدبغ لا نعلم فيه خلافًا، وقيل يجوز بيعه مع نجاسته كثوب نجس وزبل، وأجاز شيخ الإسلام الانتفاع به قبل الدبغ فيما لم ينجسه، وكذا يجوز الانتفاع به في اليابس وأن المراد من الآية تحريم الأكل، لأنه المقصود منها عرفًا، ولا يجوز أكله لأنه جزء من الميتة، قال الشارح: في قول عامة أهل العلم، ولا يلزم من الطهارة إباحة الأكل، وفي الصحيحين «إنما حرم من الميتة أكلها».
([5]) فضابطه أن يطيب به ريح الجلد، بحيث لو وقع في الماء بعده لم يعد إليه الفساد، كالشب والشت والقرظ وقشور الرمان والعفص، وغير ذلك مما يحصل به مقصود الدباغ، والرعاية المراد بها الرعاية الكبرى لأحمد بن حمدان بن شبيب ابن حمدان النميري الحراني الفقيه الحنبلي، وله الرعاية الصغرى وغيرها، توفي سنة ستمائة وخمس وتسعين.
([6]) أي يكون ذلك دباغًا له، لأنه المعتاد فيه، والمصران بالضم واحدها مصير بالفتح الأمعاء، والكرش بالفتح والكسر لكل مجتر، بمنزلة المعدة للإنسان والأمعاء والوتر بالتحريك أحد أوتار القوس، وإذا دبغ الجلد بنجس أو دهن بدهن متنجس طهر بالغسل، لأن الذي يبقي عرض.
([7]) لاشتراط الدبغ وليس التشميس ولا التتريب دبغًا لقوله: «هلا أخذتم إهابها فدبغتموه».
([8]) لأن إزالة النجاسة من التروك فلا تفتقر إلى نية.
([9]) لاندباغه في موضع الدباغ.
([10]) متعلق باستعماله لأن نجاسته لا تمنع الانتفاع به فيه .
([11]) سواء كان المائع من ماء أو غيره، لأنه يفضي إلى تعدي النجاسة، وهذا على القول بعدم طهارته بالدبغ.
([12]) والظباء والبقر، والإبل.
([13]) أي أو غير مأكول كالهر، أي السنور، وما دونه خلقه كابن عُرْس فيجوز استعماله في يابس.
([14]) كالأسد والنمر والفهد والكلب ونحوها، وكالقرد والدب.
([15]) وفاقًا، واختاره الشيخ وغيره، لأن الدباغ إنما يزيل النجاسة الحادثة بالموت، وقال: لا يطهر جلود السباع، وهو أرجح، لنهيه صلى الله عليه وسلم عن جلود السباع وعليه الجمهور وقال أيضا: الذي عليه الجمهور أن جلود الكلاب وسائر السباع لا تطهر بالدباغ، لما روي عنه عليه الصلاة والسلام من وجوه متعددة أنه نهى عن جلود السباع، وأما قوله «أيما إهاب دبغ فقد طهر»، فضعفه أحمد وغيره من أئمة الحديث وقال: وفي هذا القول جمع بين الأحاديث ولا يجوز ذبحه لذلك وقال: ولو في النزع.
([16]) لا رطب، والمنخل بضم الميم والخاء وتفتح، ما ينخل به، لعدم تعدي النجاسة كركوب البغل والحمار.
([17]) نجس وفاقًا لمالك والشافعي: لأنه لاقى وعاء نجسًا، فتنجس به، وعنه طاهر وفاقا لأبي حنيفة وغيره، واختاره الشيخ، لأن الصحابة أكلوا الجبن لما دخلوا المدائن وهو يعمل بالإنفحة ومجرد ملاقاة النجاسة لا يوجب تنجيسه إلا بالتغير بها.
([18]) أي الميتة وكذا أصول شعرها، وأصول ريشها نجسة، لأنها من جملة أجزاء الميتة أشبهت سائرها هذا المذهب.
([19]) أي لأنها من جملة أجزاء الميتة والإنفحة بكسر الهمزة وفتح الفاء وتكسر وشد الحاء شيء يستخرج من بطن الحمل، أو الجدي الرضيع، أصفر فيعصر في اللبن فيغلظ كالجبن فإذا أكل الجدي فهو كرش، وجلدتها أي جلدة الإنفحة نجسة، فلا يصح بيعها وقال شيخ الإسلام، عظم الميتة وقرنها وظفرها وما هو من جنسه كالحافر والشعر والريش طاهر وهو مذهب أبي حنيفة، وقول في مذهب مالك وأحمد، وهو الصواب، لأن الأصل فيها الطهارة، ولا دليل على النجاسة، وأيضًا هذه الأعيان من الطيبات ليست من الخبائث، فتدخل في آية التحليل، ولم تدخل في آية ما حرم الله من الخبائث فإن الله حرم الميتة، وهذه الأعيان لا تدخل فيما حرم الله لا لفظًا ولا معنى فإن الله يقول: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ }ولا يدخل فيها الشعور وما أشبهها، وليس فيها دم مسفوح فلا وجه لتنجيسها أي فيصح بيعها وهو قول جمهور السلف، واختاره صاحب الفائق وجزم به ابن رزين وغيره وقال الشيخ: إذا كان الحيوان الحساس المتحرك بالإرادة لا ينجس لكونه لا دم له سائل، فكيف ينجس العظم الذي ليس فيه دم سائل.
([20]) ولو غير مأكول كالهر، ويشترط أن يقصه بمقراظ فلو نتفه كان نسجًا لأنه لا يخلو من أن يتعلق فيه شيء منها، ورخص أبو حنيفة ومالك في الانتفاع بشعر الخنزير في الخرز وكرهه أحمد، وقال: الحرز بالليف أحب إلي، قال الحافظ: وأجمعوا على طهارة ما يجز من الشاة وهي حية، وعلى نجاسة ما يقطع من أعضائها وهي حية فدل على التفرقة بين الشعر وغيره من أجزائها.
([21]) لقوله تعالى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ }ولا يجوز استعمال شعر الآدمي لحرمته، و(يجوز) تستعمل تارة بمعنى يحل، وتارة بمعنى يصح، وتارة تصلح للأمرين وهنا الأول.
([22]) لأنها منفصلة عنه أشبهت ولد الميتة إذا خرج حيًّا، و(صلب) أي اشتد قشر بيضة المأكول كالدجاج، حتى كان صلبًا، فإن لم يصلب فنجسة لأنهامن أجزاء الميتة.
([23]) (أبين): أي فصل من سنام وألية ونحوهما، لقوله عليه الصلاة والسلام لما سأل عن قوم يجزون أسنمة الإبل وأليات الغنم، فقال: «ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة»، رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم، وقال: العمل عليه عند أهل العلم، وقال الشيخ: وهذا متفق عليه بين العلماء.
([24]) وكذا الجراد لحل ميتته قال عليه الصلاة والسلام «أحلت لنا ميتتان ودمان، أما الميتتان فالجراد والحوت»، وأجمعوا على طهارتهما.
([25]) إجماعًا، وبهيمة الأنعام الإبل والبقر والغنم، ونحوها الظباء والطيور ونحوها، وسميت بهيمة لما في صوتهامن الإبهام، وفي القاموس: البهيمة كل ذات أربع قوائم، ولو في الماء وكل حي لا يميز، وقوله (مع) بفتح العين، وقال النووي: في اللغة المشهورة، وحكي إسكانها، قال أهل اللغة: هي كلمة للمصاحبة وتضم الشيء إلى الشيء.
([26]) لأنه منفصل بطبعه، أشبه الولد، قال الشيخ: طاهر عند جماهير العلماء كما دلت عليه السنة الصحيحة وعمل المسلمين، وذكر أنه بمنزلة البيض والولد ليس مما يبان من البهيمة وهي حية وحكي النووي وغيره الإجماع على طهارته ولو أخذ بعد الموت، لأنه استحال عن جميع صفات الدم، وخرج عن اسمه إلى صفات واسم يختص بها فطهر لذلك، كما يستحيل الدم إلى اللحم فيكون طاهرًا والمسك بكسر الميم وسكون السين فارسي معرب، كانت العرب تسمية المشموم وهو طيب معروف، وفأرته دم ينعقد في سرة حيوان، يعيش في بلاد حارة قرب الصين يسمى بغزال المسك، وهو نوع من الظباء، بري، يتميز بهذا الكيس يحمله الذكر البالغ منه في وقت معلوم يتميز أجوده بالرائحة الذكية.
([27]) لم يذكرها رحمه الله، وهي الصيد بين قوم لا يقدرون على ذكاته فيأخذونه قطعًا، حتى يؤتي عليه وهو حي، قال الحسن لا بأس بالطريدة، كان الناس يفعلون ذلك في مغازيهم واستحسنه أحمد، وكذا الناد من الإبل وغيرها، ما أبين من ذلك وهو حي فطاهر، ويسن أن يقول العبد في كل شيء يعزم عليه: إن شاء الله، امتثالا لأمر الله، وقال عليه الصلاة والسلام في قصة سليمان: «لو قال إن شاء الله لم يحنث» وكان دركا لحاجته متفق عليه.


  #5  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 01:02 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

ولا يَطْهرُ جلْدُ ميتةٍ بِدِباغٍ ................
قوله: «ولا يَطْهر جلدُ ميتة بدِبَاغ» ، الدَّبغ: تنظيف الأذى والقَذَر الذي كان في الجلد بواسطة مواد تُضاف إلى الماء.فإِذا دُبِغَ جلدُ الميتة فإِنَّ المؤلِّف يقول: إِنه لا يطهرُ بالدِّباغ.فإن قيل: هل ينجُس جلد الميتة؟
فالجواب: إن كانت الميتة طاهرة فإِن جلدها طاهر، وإِن كانت نجسةً فجلدها نجس.
ومن أمثلة الميتة الطَّاهرة: السَّمك لقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: 96] .قال ابن عباس رضي الله عنهما: «صيده ما أُخِذَ حيًّا، وطعامه ما أُخِذَ ميتاً».فجلدها طاهر.أما ما ينجُس بالموت فإِن جلده ينجُس بالموت لقوله تعالى: {إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ}[الأنعام: 145] أي نَجِسٌ، فهو داخل في عموم الميتة.فإن قيل: إن الميتة حرام، ولا يلزم من التَّحريم النَّجاسة؟
فالجواب: أنَّ القاعدة صحيحة، ولهذا فالسُّمُ حرام، وليس بنجس، والخمر حرام وليس بنجس على القول الرَّاجح، ولكن الله لما قال: {قُلْ لاَ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ}[الأنعام: 145] ، علَّل ذلك بقوله: «رِجْسٌ» والرِّجس النَّجس، وهذا واضح في أن الميتة نجسة. فإِذاً الميتة نجسة؛ وجلدها نجس؛ ولكن إِذا دبغناه هل يطهُر؟.اختلَفَ في ذلك أهلُ العلم، فالمذهب أنه لا يطهُر، قالوا: لأن الميتة نجسة العين، ونجس العين لا يمكن أن يطهُر، فروثة الحمار لو غُسِلت بمياه البحار ما طَهُرت، بخلاف النَّجاسة الحُكمية، كنجاسة طرأت على ثوب ثم غسلناه، فإنه يطهُر.وهذا القياس مع أنَّه واضح جداً إِلا أنه في مقابلة النصِّ، وهو حديث ميمونة رضي الله عنها أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم: مَرَّ بشاةٍ يجرُّونها، فقال:
« هلاَّ أخذتم إِهابها؟ قالوا: إنها ميتة، قال: يُطهِّرها الماءُ والقَرَظُ»، وهذا صريح في أنَّه يَطْهُر بالدَّبغ.
ولكن قالوا: هذا الحديث منسوخ بما يُروى عن عبد الله بن عُكَيْم قال: «إن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كتب إِلينا لا تنتفعوا من الميتة، بإِهابٍ ولا عَصَب». زاد أحمد وأبو داود: «قبل وفاته بشهر».
والجواب على ذلك:
أولاً: أنَّ الحديث ضعيف، فلا يقابل ما في «صحيح مسلم».
ثانياً: أنَّه ليس بناسخ؛ لأننا لا ندري هل قضيَّة الشَّاة في حديث ميمونة قبل أن يموتَ بشهر، أو قبل أن يموت بأيَّام؟ ومن شرط القول بالنسخ العلم بالتَّاريخ.
ثالثاً: أنَّه لو ثبت أنه متأخِّر، فإِنه لا يُعارض حديث ميمونة؛ لأن قوله: «لا تنتفعوا من الميتة بإِهاب ولا عصب» يُحمَلُ على الإِهاب قبل الدَّبغ، وحينئذٍ يُجمع بينه وبين حديث ميمونة.
فإن قال قائل: كيف تقولون لو دُبِغَ اللحمُ ما طَهُرَ؛ ولو دُبِغَ الجلدُ طَهُرَ؟ وكلها أجزاء ميتة، ونحن نعرف أن الشريعة الحكيمة لا يمكن أن تفرِّق بين متماثلين؟
أجيب من وجهين:
الأول: أنَّه متى ثبت الفرق في الكتاب والسُّنَّة بين شيئين متشابهين، فاعلم أن هناك فرقاً في المعنى، ولكنَّك لم تتوصَّل إِليه؛ لأن إحاطتك بحكمة الله غير ممكنة، فموقفك حينئذ التَّسليم.
الثاني: أن يُقالَ: إِنه يمكن التَّفريق بين اللحم والجلد، فإِن حلول الحياة فيما كان داخل الجلد أشدُّ من حلولها في الجلد نفسه، لأن الجلد فيه نوع من الصلابة بخلاف اللحوم، والشُّحوم، والأمعاء، وما كان داخله فإِنه ليس مثله، فلا يكون فيه من الخَبَثِ ـ الذي من أجله صارت الميتة حراماً ونجسة ـ مثل ما في اللحم ونحوه.
ولهذا نقول: إنه يُعطَى حكماً بين حكمين:
الحكم الأول: أَنَّ ما كان داخل الجلد لا يَطْهُر بالدِّباغ.
الحكم الثاني: أن ما كان خارج الجلد من الوبر والشَّعر فإِنه طاهر، والجلد بينهما، ولهذا أُعطي حكماً بينهما.
وبهذا نعرفُ سُمُوَّ الشريعة، وأنها لا يمكن أن تُفرِّق بين متماثلين، ولا أن تَجمَع بين مختلفين، وأن طهارة الجلد بعد الدَّبغ من الحكمة العظيمة، ونجاسته بالموت من الحكمة العظيمة؛ لأنه ليس كالشَّعر والوبر والرِّيش، وليس كالشحم واللحم والأمعاء.

ويُبَاحُ استعمالُه بَعْدَ الدَّبْغِ في يَابِسٍ ..............
قوله: «ويُباحُ استعمالُه بعد الدَّبغ في يَابِسٍ» ، يعني: يباح استعمال جلد الميتة بعد الدَّبغ في يابس.فأفادنا المؤلِّفُ أن استعماله قبل الدَّبغ لا يجوز في يابس، ولا غيره؛ لأنه نجس.
وظاهر كلامه أن الاستعمال لا يجوز ولو بعد أن نَشفَ الجلد وصار يابساً، وهذا فيه نظر؛ لأنَّنا نقول: إِذا كان يابساً، واستُعمل في يابس فإن النَّجاسة هنا لا تتعدَّى كما لو قدَّدناه، وجعلناه حبالاً لا يباشر بها الأشياء الرَّطبة، فإن هذا لا مانع منه.
قوله: «في يَابِس»، خرج به الرَّطب فلا يجوز استعماله فيه، مثل أن نجعل فيه ماءً أو لبناً، ولا أيَّ شيء رطب، ولو بعد الدَّبغ؛ لأنَّه إِذا كان نجساً، ولاقاه شيء رطب تنجَّس به، أما إذا كان في يابس، والجلد يابس فإِنه لا يتنجَّس به؛ لأن النَّجاسة لا يتعدَّى حكمها إِلا إِذا تعدَّى أثرها، فإِن لم يتعدَّ أثرها فإِن حكمها لا يتعدَّى، وإذا قلنا بالقول الرَّاجح: وهو طهارته بالدِّباغ فإنه يُباح استعماله في الرَّطب واليابس. ويدلُّ لذلك أنَّ الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم توضَّأ وأصحابه من مزادة امرأة مشركة، وذبائح المشركين نجسة، وهذا يدلُّ على إِباحة استعماله في الرَّطب، وأنه يكون طاهراً.

من حيوانٍ طاهرٍ في الحياة.
قوله: «من حيوانٍ طاهرٍ في الحياة» ، أفادنا المؤلِّفُ، أن الجلد الذي يُباحُ استعماله بعد الدَّبغ في اليابس هو ما كان من حيوان طاهر في الحياة.والطاهر في الحياة ما يلي:
أولاً: كُلُّ مأكول كالإبل، والبقر، والغنم، والضَّبُعِ، ونحو ذلك.
ثانياً: كلُّ حيوان من الهِرِّ فأقلُّ خِلْقة ـ وهذا على المذهب ـ كالهِرَّة لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إنها ليست بنَجَسٍ، إِنَّها من الطوَّافين عليكم».
ثالثاً: كُلُّ شيء ليس له نَفْسٌ سائلة، يعني إِذا ذُبِحَ، أو قُتل، ليس له دم يسيل.
رابعاً: الآدمي، ولكنه هنا غير وارد؛ لأن استعمال جلده محرَّم، لا لنجاسته، ولكن لحرمته.
فلو دَبغ إِنسان جلد فأرة، أو هِرَّة فإِنه لا يَطْهُرُ على المذهب، لكن يُباح استعماله في يابس.
وقيل: يَطْهُرُ، ويُباح استعمالُه في اليابسات والمائعات، وعلى هذا يصحُّ أن نجعلَ جلدَ الهِرَّة سِقاء صغيراً، إِذا دبغناه لأنه طَهُرَ.
وقيل: إن جلد الميتة لا يطهر بالدِّباغ؛ إِلا أن تكون الميتةُ مما تُحِلُّه الذَّكاة، كالإبل والبقر والغنم ونحوها، وأما ما لا تحلُّه الذَّكاة فإنه لا يطهر، وهذا القول هو الرَّاجح؛ وهو اختيار شيخنا عبد الرحمن السَّعدي رحمه الله، وعلى هذا فجلد الهِرَّة وما دونها في الخلقة لا يطهر بالدَّبغ.فمناط الحُكم على المذهب هو طهارة الحيوان في حال الحياة، فما كان طاهراً فإنه يُباحُ استعمالُ جلد ميتته بعد الدَّبغ في يابس، ولا يطْهُر. وعلى القول الثاني: يطْهُر مطلقاً، وعلى القول الثالث: يطْهُر إذا كانت الميتة مما تُحِلُّه الذَّكاة.
والرَّاجح: القول الثالث بدليل أنه جاء في بعض ألفاظ الحديث: «دباغُها ذكاتها». فعبَّر بالذكاة، ومعلوم أن الذَّكاة لا تُطَهِّر إِلا ما يُباح أكله، فلو أنك ذبحت حماراً، وذكرت اسم الله عليه، وأنهر الدَّم، فإِنه لا يُسمَّى ذكاة، وعلى هذا نقول: جلد ما يحرم أكله، ولو كان طاهراً في الحياة، لا يطهر بالدِّباغ، ووجهه: أنَّ الحيوان الطَّاهر في الحياة إِنما جُعِلَ طاهراً لمشقَّة التحرز منه لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إنها من الطَّوافين عليكم»، وهذه العِلَّة تنتفي بالموت، وعلى هذا يعود إلى أصله وهو النَّجاسة، فلا يَطْهُر بالدِّباغ. فيكون القول الرَّاجح: أن كلَّ حيوان مات وهو مما يُؤكل؛ فإن جلده يَطْهُر بالدِّباغ، وهذا أحد قولي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وله قول آخر يوافق قول من قال: إن ما كان طاهراً في الحياة فإِنّ جلده يطهر بالدَّبغ.

ولبنُهَا ...............
قوله: «ولبنُها» ، لبن الميتة نجس، وإن لم يتغيَّر بها؛ لأنه مائع لاقى نجساً فتنجَّس به، كما لو سقطت فيه نجاسة ـ وإلا فهو في الحقيقة منفصل عن الميتة قبل أن تموت ـ لكنهم قالوا: إنها لمَّا ماتت صارت نجسةً، فيكون قد لاقى نجاسةً فتنجَّس بذلك.واختار شيخ الإِسلام أنَّه طاهر بناءً على ما اختاره من أن الشيء لا ينجس إلا بالتغيُّر، فقال: إِن لم يكن متغيِّراً بدم الميتة، وما أشبه ذلك فهو طاهر. والذي يظهر لي رجحانه في هذه المسألة هو المذهب؛ لأنَّه وإن انفصل واجتمع في الضَّرع قبل أن تموت فإنه يسير بالنسبة إلى ما لاقاه من النَّجاسة، لأنها محيطة به من كل جانب، وهو يسير، ثم إن الذي يظهر سريان عُفونة الموت إلى هذا اللَّبن؛ لأنه ليس كالماء في قُوَّة دفع النَّجاسة عنه.والمذهب، وإن كان فيه نَظَر من حيث قاعدة: أن ما لا يتغيَّر بالنَّجاسة فليس بنجس، وهذه قاعدة عظيمة محكمة، لكن الأخذ به هنا من باب الاحتياط، وأيضاً بعموم قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] ، واللَّبن في الضَّرع قد يكون داخلاً في هذا العموم.

وكُلُّ أجزائِها نجسَةٌ غَيْرُ شَعْرٍ، وَنَحْوِه،.................
قوله: «وكل أجزائها نجسةٌ» ، كاليد، والرِّجل، والرَّأس ونحوها لعموم قوله تعالى: {إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145] ، والميتةُ تُطلَقُ على كلِّ الحيوان ظاهره وباطنه.
قوله: «غيرُ شَعْر ونحوه» ، كالصُّوف للغنم، والوبر للإِبل، والرِّيش للطيور، والشَّعر للمَعْز والبقر، وما أشبهها.ويُستثنى من ذلك ما يلي:
1 ـ عظم الميتة، على ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو أحد القولين في المذهب، ويُستَدَلُّ لذلك: بأنَّ العظم وإن كان يتألَّم ويحسُّ لكنه ليس فيه الحياة الكاملة، ولا يحُلُّه الدَّم، وليس له حياة إلا بغيره، فهو يشبه الظُّفر والشَّعر وما أشبه ذلك، وليس كبقية الجسم. ويُقال أيضاً: إِنَّ مدار الطَّهارة والنَّجاسة على الدَّم؛ ولهذا كان ما ليس له نَفْسٌ سائلة طاهراً.
ولكن الذي يظهر أن المذهب في هذه المسألة هو الصَّواب؛ لأن الفرق بين العظم وبين ما ليس له نَفْسٌ سائلة أن الثاني حيوان مستقل، وأما العظم فكان نجساً تبعاً لغيره؛ ولأنَّه يتألّم فليس كالظُّفر أو الشَّعر، ثم إِن كونه ليس فيه دم محلُّ نظر؛ فإِن الظّاهر أن فيه دماً كما قد يُرى في بعض العظام.
2 ـ السَّمك وغيره من حيوان البحر بدون استثناء، فإن ميتته طاهرة حلال لقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: 96] ، وتقدَّم تفسير ابن عباس للصَّيد والطَّعام.
ويلزم من الحِلّ الطَّهارة، ولا عكس، فيتلخَّص عندنا ثلاث قواعد:
أ ـ كُلُّ حلال طاهر.
ب ـ كُلُّ نجس حرام.
جـ ليس كُلُّ حرام نجساً.
3 ـ ميتة الآدمي لعموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إِنَّ المؤمن لا ينجس»، ولأن الرَّجُل إذا مات يُغسَّل، ولو كان نجساً ما أفاد به التغسيل.
4 ـ ميتة ما ليس له دم، والمراد الدَّم الذي يسيل إِذا قُتل، أو جُرح، كالذُّباب، والجراد، والعقرب. والدَّليل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا وقع الذُّباب في شراب أحدِكم فلْيغمسه ثم لينزعْه».فقوله: «فلْيغمسْه» يشمل غمسَه في الماء الحار، وإِذا غُمس في الماء الحار فإِنه يموت، فلو كان ينجس لأمر الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم بإِراقته.ونضيف للقواعد السابقة قاعدة رابعة وهي: أنه لا يلزم من الطَّهارة الحِلُّ.
وقوله: «غيرُ شَعْرٍ ونحوه»، اشترطوا رحمهم الله في الشَّعر ونحوه أن يُجَزَّ جزًّا لا أن يُقلَعَ قلعاً، لأنه إذا قُلِعَ فإِن أصوله محتقن فيها شيء من الميتة، وهذا يظهر جدًّا في الرِّيش، أما الشَّعر، فليس بظاهر؛ لكنه في الحقيقة منغرس في الجلد، وفيه شيء مباشر للنَّجاسة.
وبهذا علمنا أن الميتة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1 ـ الشَّعر ونحوه طاهر.
2 ـ اللحم، وما كان داخل الجلد نجس، ولا ينفع فيه الدَّبغ.
3 ـ الجلد وهو طبقة بينهما، وحكمه بين القسمين السَّابقين.
تتمة: ذكر الفقهاء رحمهم الله، أنَّ جعلَ المُصْران والكِرْش وتَراً ـ أي حبالاً ـ دِبَاغٌ، أي بمنزلة الدِّباغ، وبناءً عليه لا يكون طاهراً، ويجوز استعماله في اليابسات على المذهب.
لكن صاحب «الفروع» رحمه الله وهو من أشهر تلاميذ شيخ الإسلام رحمه الله ـ ولا سيَّما في الفقه ـ يقول: «يتوجَّه لا»، والمعنى: أنه يرى أن الأوجه بناءً على المذهب، أو على القول الرَّاجح عنده أنَّه ليس دباغاً، وما قاله متوجِّه؛ لأن المُصْرَان والكِرْش من صُلب الميتة، والصَّواب ما ذهب إليه صاحب «الفروع».
وبهذه المناسبة: إذا قيل: «يتوجَّه كذا»، فهو من عبارات صاحب «الفروع»، وإذا قيل: «يتَّجه كذا» فهو من عبارات مرعي صاحب «الغاية»، وهو من المتأخرين جمع في «الغاية» بين «المنتهى» و«الإقناع».لكن بين توجيهات صاحب «الفروع» واتجاهات صاحب «الغاية» من حيث القوَّة والتَّعليل والدَّليل فرق عظيم.فتوجيهات صاحب «الفروع» غالباً تكون مبنيَّة على القواعد والأصول، أما اتجاهات صاحب «الغاية» فهي دون مستوى تلك.

وما أُبِيْنَ من حيٍّ فهو كميْتتِهِ.
قوله:
«وما أُبين من حيٍّ فهو كميتته» ، هذه قاعدة فقهية.وأُبين: أي فُصل من حيوان حيٍّ.
وقوله: «كميتته»، يعني: طهارة، ونجاسة، حِلًّا، وحُرمة، فما أُبينَ من الآدمي فهو طاهر، حرام لحرمته لا لنجاسته، وما أُبين من السَّمك فهو طاهر حلال، وما أبين من البقر فهو نجس حرام، لأنَّ ميتتها نجسة حرام، ولكن استثنى فقهاؤنا رحمهم الله تعالى مسألتين:
الأولى: الطَّريدة: فعيلة بمعنى مفعولة، وهي الصيد يطرده الجماعة فلا يدركونه فيذبحوه، لكنهم يضربونه بأسيافهم أو خناجرهم، فهذا يقطع رِجْلَه، وهذا يقطع يده، وهذا يقطع رأسه حتى يموت، وليس فيها دليل عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم إلا أن ذلك أُثِرَ عن الصَّحابة رضي الله عنهم.قال الإمام أحمد رحمه الله: كانوا يفعلون ذلك في مغازيهم، ولا يرون به بأساً، والحكمة في هذا ـ والله أعلم ـ: أن هذه الطَّريدة لا يُقدَرُ على ذبحها، وإِذا لم يُقدَرْ على ذبحها، فإنها تَحِلُّ بعقرها في أي موضع من بدنها، فكما أنَّ الصَّيد إِذا أصيب في أي مكان من بدنه ومات فهو حلال؛ فكذلك الطَّريدة؛ لأنها صيد إلا أنها قطعت قبل أن تموت.قال أحمد: «فإن بقيت»، أي: قطعنا رجلها، ولكن هربت ولم ندركها؛ فإن رجلها حينئذٍ تكون نجسة حراماً؛ لأنها بانت من حَيٍّ ميتته نجسة.
الثانية: المِسْك وفأرته، ويكون من نوع من الغزلان يُسمَّى غزال المسك.
يُقال: إنهم إذا أرادوا استخراج المِسْكِ، فإِنهم يُركِضُونه فينزل منه دم من عند سُرَّته، ثم يأتون بخيط شديد قويٍّ فيربطون هذا الدم النازل ربطاً قويًّا من أجل أن لا يتَّصل بالبدن فيتغذَّى بالدَّم، فإِذا أخذ مدَّة فإنه يسقط، ثم يجدونه من أطيب المسك رائحة.وهذا الوعاء يُسمَّى فأرة المِسْك، والمِسْكُ هو الذي في جوفه، فهذا انفصل من حَيٍّ وهو طاهر على قول أكثر العلماء. ولهذا يقول المتنبي:
فإنْ تَفُقِ الأنامَ وأنت منهم
=
فإِنَّ المِسْكَ بعضُ دم الغزال


  #6  
قديم 13 جمادى الأولى 1431هـ/26-04-2010م, 03:59 PM
تلميذ ابن القيم تلميذ ابن القيم غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 237
افتراضي شرح زاد المستقنع للشيخ حمد الحمد

* قوله: (( ولا يطهر جلد ميتة بدباغ ، ويباح إستعماله بعد الدبغ في يابس إذا كان من حيوان طاهر في الحياة )).
( ولا يطهر جلد ميتة بدباغ ): هذا هو المشهور في المذهب ، وهو إحدى الراويتين عن الإمام أحمد ـ وهو كذلك المشهور في مذهب المالكية ـ وهو أن جلد الميتة مطلقاً لا يطهر بدباغه سواء كان مأكول اللحم كالشاة ونحوها ، أو لم يكن مأكوله. أما قبل الدباغ فاتفق أهل العلم على أن الجلد لا يحل الإنتفاع به ـ إلا ما روى عن الزهري ـ رحمه الله ـ من أباحته ذلك ، وهو محجوج بالسنة كما سيأتي. إذن: اتفق أهل العلم على أن جلد الميتة قبل الدباغ لا يحل الإنتفاع به. وإنما الخلاف فيه بعد الدباغ.
فالمشهور في مذهب أحمد ومالك أن جلد الميتة إذا دبغ فإنه لا يطهر بذلك. لكن يباح أن يستعمل مع يابس إن كان يابساً لأن الجلد نجس ، وإذا ماس شيئاً يابساً فإن النجاسة التي فيه لا تنتقل ؛ لأن النجاسة لا تنتقل من يابس إلى مثله.

قوله: (ويباح إستعماله بعد الدبغ في يابس ، إذا كان هذا الجلد من حيوان طاهر في الحياة).
واستدلوا على القضية الأولى ، أي أنه لا يطهر الجلد بدباغة بما روى الإمام أحمد ـ والحديث صحيح ـ وقد ضعفه بعض أهل العلم ، والأظهر هو تصحيحه ، عن عبد الله بن عكيم ، قال: ( قُرأ علينا كتاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أرض جهينة ، وأنا غلام شاب ألا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ).
قالوا: فهذا الحديث يدل على أن الإهاب لا يحل الإنتفاع به.
قالوا: والإهاب هو الجلد.
ـ واستدلوا بما رواه ابن وهب بإسناده ـ وقال غير واحد كالموفق إسناده حسن ، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (لا تنتفعوا من الميتة بشيء) ، وقال الموفق إسناده حسن. لكن الصحيح أن الحديث ضعيف فيه زمعة بن صالح ، وهو ضعيف.
فإن قيل: فما هو الدليل على جواز إستعماله بعد الدبغ ؟
قالوا:
الأحاديث التي ورد ذكر الدبغ فيها ، فنحن نستدل به على جواز إستعماله ، ونجاسته عندنا ، فنحن نشترط أن يكون في يابس ، هذا هو القول الأول.

والقول الثاني،
وهو مذهب جمهور أهل العلم وهي الرواية الأخرى عن الإمام أحمد وهي الرواية المتأخرة التي رجع إليها واختارها بعض أصحابه أن جلد الميتة إن دبغ فإنه يطهر.
وهذا القول هو مذهب الجمهور ـ في الجملة ـ أي أن هناك لكل مذهب تفاصيل. فمذهب الظاهرية إلى أن كل جلد يطهر بالدباغ أي ولو كان جلد خنزير أو كلب.
وقال الشافعية يطهر ـ بالدباغ ـ كل جلد سوى جلد الخنزير والكلب.
واستثنى الأحناف جلد الخنزير.
وأما الحنابلة في الرواية الأخرى فإنهم قالوا: يطهر جلد كل طاهر في الحياة.
وهناك قول آخر (ثالث): أنه يطهر جلد مأكول اللحم ، وسيأتي.

واستدل ـ أهل القول الثاني ـ وهو الجمهور ، بأدلة كثيرة منها:
ـ ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس: قال تصدق على مولاة لميمونة بشاة فماتت فمر عليها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: ( هلا أخذتم أهابها ، فدبغتموه) هكذا في مسلم ، وليست هذه اللفظه في البخاري ( فانتفعتم به ، فقالوا يا رسول الله أنها ميتة ، فقال: إنما حرم أكلها ).وهذه في المسند بلفظ:(إنما حرم لحمها). فهذا الحديث فيه أن جلد هذه الشاة قد أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بدبغها ، وأخبر أن الميتة إنما يحرم أكلها وأما غيره فليس بمحرم.
ـ واستدلوا: بما رواه مسلم من حديث ابن عباس أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (إذا دبغ الأديم فقد طهر ).
وهو عند الأربعة بلفظ: (أيما إهاب دبغ فقد طهر). وفي صحيح ابن حبان عن عائشة قالت: (أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن نستمتع بجلود الميتة إذا دبغت). وثبت ـ عنده ـ أي ابن حبان ـ بإسناد صحيح أنه قال: (دباغ جلود الميتة طهورها). فهذه أحاديث تدل على أن الميتة جلدها إذا دبغ فإنه يطهر.
ـ أما الجواب على دليل أهل القول الأول. فالجواب أن يقال: أما على القول يتضعيف الحديث فلا إشكال.
ـ أما على القول بتصحيحه ـ وهو الراجح ـ فالجواب: أن يقال إن الإهاب كما ذكر غير واحد من اللغويين كالخليل وغيره إن الإهاب إنما يطلق على الجلد قبل أن يدبغ ، أما إذا دبغ فإنه لا يسمى إهاباً. فعلى ذلك ، حديث عبد الله بن عكيم (ألا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب) معناه: أي لا تنتفعوا من جلود الميتة قبل أن تدبغوها ـ وهذا ما اتفق عليه أهل العلم.
والجواب الآخر: أن يقال: إن هذه الأحاديث التي استدللنا بها أصح من هذا الحديث الذي لم يروه أحد من أهل الصحيحين ، وهو كذلك مختلف في صحته كما تقدم ـ وليس صريحا ـ كذلك ـ في تحريمه ـ أما أهل القول الأول: فقد أجابوا على أهل القول الثاني: بأن قالوا: إن حديث عبد الله بن عكيم ناسخ للأحاديث ، فإن في بعض رواياته: (قبل موته بشهر أو شهرين).
والجواب على هذا: أن يقال: وما المانع أن تكون الأحاديث الأخرى قد وردت قبل شهرين دون ذلك فإنها ليس فيها التصريح بأنها كانت قبل هذه المدة التي قرأ فيها كتاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أرض جهينة. إذن: الراجح ما ذهب إليه أهل القول الثاني من القول بأن جلود الميتة تطهر بالدباغ ـ فإذا ثبت لنا هذا ، فاعلم أن الأصحّ أن هناك مذهبان هما أصح المذاهب فيمن قال بطهارة جلود الميتة بعد دباغها:
1ـ القول الأول: أن جلد ما كان طاهر في الحياة فإنه يطهر بالدباغ سواء كان مأكول اللحم أم لم يكن مأكول اللحم. فكل جلد لحيوان طاهر في الحياة سواء أكل لحمه كالأنعام أم لم يكن مأكول اللحم كالهر فإنه يطهر إذا دبغ وهذا القول رواية عن الإمام أحمد وقد اختارها بعض أصحابه. وحكى صاحب الإنصاف أن شيخ الإسلام ابن تيمية اختار هذا القول أن جلد الميتة التي هي طاهرة مأكولة اللحم أم لم تكن مأكولة ، وقد اختاره الشيخ محمد بن إبراهيم ـ وسيأتي بحث أهل العلم فيما يكون نجساً في الحياة.
2ـ القول الثاني: أن الحيوانات التي يطهر جلدها إنما هي مأكولة اللحم فحسب. فإذا كان الحيوان يؤكل لحمه فإن الدبغ يؤثر في جلده فيكون طاهراً ، وهذا مذهب الليث وإسحاق والأوزاعي ، وهو ما اختاره شيخ الإسلام كما في الفتاوي وكما في شرح العمدة ، فعلى ذلك يكون ما ذكره صاحب الإنصاف من اختيار شيخ الاسلام للقول الأول فيه نظر ، أو أن يكون المشهور عن شيخ الإسلام ابن تيمية هو هذا القول ؛ لأن شيخ الاسلام شرح العمدة على طريقة المذهب وقد شرحه قبل أن يشتهر بالترجيح والاجتهاد وأما الفتاوى فهي بهد أن اشتهر بالإجتهاد. فهذا إذن: هو قول شيخ الاسلام ابن تيمية ، واختاره من المتأخرين الشيخ عبد الرحمن بن سعدي وطائفة من المعاصرين.
إذن عندنا قولان هما أصح الأقوال عند القائلين بطهارة الجلد بعد دباغها.
أما القول الأول: فهو أن الحيوان الطاهر في الحياة سواء أكل لحمه أم لم يؤكل فإنه يطهر.
واستدلوا: بعموم قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (إذا دبغ الإهاب فقد طهر) ، وأصرح منه عموماً: (أيما إهاب دبغ فقد طهر). وكذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: (دباغ جلود الميتة طهورها) وقد أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن نستمتع بجلود الميتة إذا دبغت. فهذه كلها عمومات تدل على أن كل حيوان يدبغ جلده فإن الجلد يطهر. وإنما استثينا ما كان نجساً في الحياة ؛ لأنه نجس عين ، لذا هو نجس حياً ميتاً فلم يكن الدبغ مؤثراً فيه: (وهذا فيه لمن عم الحيوانات النجسة في الحياة).
ـ أما أهل القول الثاني: فالذين قالوا: لا يطهر إلا جلد مأكول اللحم: فاستدلوا: بما رواه أحمد وأبي داود والنسائي بإسناد صحيح أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (دباغ الأديم ذكاته).
فقالوا: قد ذكر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن دباغ الأديم الذكاة له ، فلم يكن ذلك مؤثراً ـ أي الدباغ ـ إلا فيما تؤثر فيه الزكاة من الحيوانات. وفي هذا الدليل نظر: فإن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (دباغ الأديم ذكاته) فنسب إضافة الذكاة إلى الإهاب أو الأديم ، ومعلوم أن الذكاة التي جعلوها دليلاً على هذه المسألة إنما تنسب إلى الحيوان نفسه ولا تنسب إلى أديمه.
فيكون المعنى هنا: (دباغ الأديم طهوره) أي ذكاته أي كما أن الذكاة تؤثر فيه طهارة وحلاً ، فإن دباغ الجلود كذلك يؤثر فيه طهارة وحلاً. وحديث ابن عباس في بعض ألفاظه: (دباغة طهوره) وقد تقدم حديث سلمة بن المحبق (دباغ جلود الميتة طهورها) على ذلك: الذكاة هي نفسها الطهور.
ـ ولذا: لا يقال بحله طعاما وهو مذهب جمهور الفقهاء يقول تعالى:{حرمت عليكم الميتة} ، وقوله: {إنما حرم أكلها}. خلافا لما ذهب إليه بعض الشافعية وبعض الحنابلة إستدلالاً بهذه اللفظة. فإن قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (إنما حرم أكلها) صريح بتحريم كل شيء وأن الجلد إنما ينتفع به في غير الأكل.
فالأرجح: هو هذا القول وهو ما ذهب إليه الإمام أحمد في الرواية المتأخرة عنه: وأن الجلد الذي يطهر إنما هو جلد الحيوان الطاهر في الحياة فهذا هو الذي يؤثر فيه الدباغ وأما غيره فإنه لا يؤثر فيه وقريب منه في القوة المذهب الذي هو أضيق منه وهو القائل: بأنه لا يطهر من جلود الميتة إلا جلد ما كان مأكول اللحم. ومن أدلة أهل القول الثاني: ما ثبت في سنن أبي داود والنسائي أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:(نهى عن جلود السباع) وفي الترمذي: (أن تفترش).
قالوا: فهذا دليل ـ وقد استدل به شيخ الاسلام ـ على هذا القول. ولكن هذا الإستدلال فيه نظر ، فنعم الحديث إسناده صحيح لكن الاستدلال به فيه نظر فإن الحديث إنما فيه تحريم الإفتراش ونحوه الذي بجلود السباع وليس فيه أنها نجسه. كما حرم الشارع الذهب والحرير على الرجال وليس ذلك لنجاستها. وإنما حرم الشارع الجلوس والإفتراش على جلود السباع لما فيها من الخيلاء والاستطالة ونحو ذلك فليس في الحديث أن ذلك لنجاستها ـ على أنه لا يحل دباغها ؛ لأن في دباغها إستعمالاً لها ـ ولكن لا يعني ذلك أنه إذا فعل ذلك فإنها تكون نجسة بحيث أنها إذا أصابت ماءاً أو نحوه فإنها تنجسه فإن الحديث ليس فيه شيء من ذلك وإنما فيه النهي فحسب وليس فيه ذكر نجاسها. كما كان من شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ كما تقدم في مسألة النهي عن البول في الماء الراكد ـ وذكر أن ذلك ليس لنجاسته وإنما فيه مجرد النهي وهذا نظير له. فالأرجح إذن: طهارة الجلود أولاً: من حيث الجملة ، ثانياً: أن الجلد الذي يؤثر فيه الدبغ إنما هو جلد ما كان طاهراً في الحياة.
ـ واعلم أن الدبغ: يشترط أن يكون فيما يذهب خبثه ونجاسته ورجسه من القرظ ونحوه وقد ثبت في سنن أبي داود والنسائي أن النبي عليه الصلاة والسلام: ( مرّ بشاة يجرونها ، فقال: لو أخذتم أهابها ، فقالوا: إنها ميتة ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: يطهرها الماء والقرْظ)
والقرظ: مادة مطهرة معروفة.
ـ وإذا طهر كذلك بعدها فلا بأس ، والواجب أن تكون هذه المادة مطهرة تزيل النجس ، والخبث الموجود في هذا الجلد. وقد ثبت في مستدرك الحاكم وصححه ووافقه الذهبي ، ورواه البيهقي وقال: إسناده صحيح أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أتى إلى سقاءٍ يتوضأ منه ، فقيل: إنه ميته ـ أي هذا الجلد من ميته ـ فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:(دباغه يذهب خبثه أو نجسه أو رجسه). فالدباغ لابد وأن يذهب الخبث أو النجس أو الرجس. وهل يشترط أن يكون مع هذا المزيل ماء أو لا يشترط ذلك ؟
قولان في مذهب الحنابلة.
1ـ أنه يشترط
2ـ أنه لا يشترط ذلك.

والأظهر: عدم إشتراط ذلك للقاعدة التي تقدم ذكرها ، وإنما ذكره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ لأنه من أفضل المطهرات ، فقال: (يطهرها الماء والقرظ). لذا نحن لا نشترط القرظ بعينه بل نجيزه كذلك بغيره فكل شيء أزال خبثه ونجسه من قرظ أو غيره مع ماء أو دون ماء ، فإن ذلك يزيله ، فإذا أزال الخبث الذي فيه فإنه لا يشترط أن يكون ماءً ولا قرظاً.


الدرس العاشر:
* قال المصنف: رحمه الله: (( ولبنها وكل أجزائها نجسة غير شعر ونحوه )):
ـ تقدم البحث في جلد الميتة ، وأن الراجح من أقوال أهل العلم: أن جلد الميتة يطهر بدباغه إن كان طاهراً في الحياة.أما هنا: ففي قصة أجزاء الميتة.
ـ أما لبن الميتة فالمشهور في المذهب أنه نجس ، وكذلك أنفحتها ، والإنفحة هي سائل أبيض صفراوي يوجد في وعاء في بطن الجدي ونحوه ، فيجبن اللبن ويسمى (المخبّنة: فهي التي تجعل اللبن ـ عندما توضع فيه ـ وتجعله جبنا. فهذه ومثلها اللبن في المشهور من المذهب وهو مذهب الجمهور: هي نجسة واستدلوا: بالأثر والنظر.
أما الأثر: فاستدلوا بأثار عن الصحابة منها:
ما روى الطبراني ورجاله ثقات: كما قال الهيثمي ، وقد رواه البيهقي عن ابن مسعود قال:(لا تأكلوا الجبن إلا ما صنع المسلمون وأهل الكتاب) ، وذلك لأنه يستخرج من ذبائحهم وذبائحهم حلال ، كما قال البيهقي وقد ذكره البيهقي عن ابن عباس وأنس ابن مالك ـ رضي الله عنه ـ وقال: وكل استدل بآثار ينقلها عن الصحابة.
قالوا: ـ أي الجمهور ـ فهذه آثار عن الصحابة ولم يتبين لنا مخالف لهم فحينئذ: تكون حجة على نجاسة الإنفحَّة ، ومثلها اللبن.
ـ أما النظر: فقالوا: هذا وعاء نجس ، وقد لاقى ـ أي اللبن أو الإنفحة ـ نجاسة فينجس بها ، فهذه الميتة نجسه وهذه الإنفحة أو هذا اللبن قد لاقاها فيكون نجساً ، وهذا على القول بأن المائعات تنجس بملاقاة النجاسة ولو لم تتغير وهذا قول ضعيف. بل الراجح أن المائعات لا تنجس إلا بالتغير كالماء.
قالوا: وهي جزء من الميتة ، فالأنفحة جزء من الميتة وكذلك اللبن قبل أن يستخرج منها فما هو إلا جزء فيها ، فعلى ذلك هو ميتة ، وقد قال تعالى {حرمت عليكم الميتة}.
وذهب الأحناف إلى أن الإنفحة ليست بنجسه ومثلها اللبن وهو إحدى الروايتين عن أحمد إختارها صاحب الفائق ، وقال الشافعية إن كانت السخلة لا تشرب إلا اللبن دون غيره فهي طاهرة وهو قول الأكثرين واختاره النووي.
واستدلوا: بأن الصحابة لما أتوا المدائن كانوا يأكلون الجبن ، مع أن أهل المدائن كانوا مجوساً وذبائحهم لا تحل ومع ذلك أكل الصحابة هذا الجبن المصنوع.
أما النظر: فقالوا: اللبن والإنفحة منفصل عن الميتة فهي ليست من الميتة فعلى ذلك هي طاهرة. والأظهر هو القول الأول وهو مذهب جمهور أهل العلم. واختار قول الأحناف شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الفتاوي وغيرها.
والراجح القول الأول لصحة الآثار الثابتة عن الصحابة في ذلك.
ـ أما ما ذكره الأحناف وذكره شيخ الإسلام فإنهم لم يسندوه إلى كتاب فينظر في صحته هذا أولاً.
وثانياً: وهو أضعف من الجواب المتقدم ـ قيل أن الجزارين الذين كانوا يذبحون ذبائحهم كانوا من اليهود والنصارى وذبيحة اليهود والنصارى حلال ، فهي دولة ذات ملك عظيم وكان الذابحون لهم من اليهود والنصارى فإذا ذبحوا فذبيحتهم حلال. لكن الوجه الأول أقوى ، وهو أن يقال: إن الآثار لم تسند إلى كتاب فينظر في صحتها، وعندنا آثار عن الصحابة لا نعلم لها مخالف.
والثاني: أنها جزء من الميتة وقد قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ:(إنما حرم أكلها) وقال تعالى: { قل لا أجد فيما أوحي إليّ محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة }. والجبن مطعوم وهو متضمن للأنفحة ، وكذلك اللبن مطعوم وهو يستخرج من الميتة ، كما أنه لا يؤمن أن يتسرب إليه أشياء من تعفنات الميتة ، فعلى ذلك لا تحل الأجبان المصنوعة من الأنفحة التي تؤخذ من ذبائح غير شرعية تكون نجسة ، لأنها من الميتة وقد قال تعالى: {حرمت عليكم الميتة} وقبل ذلك الألبان التي يستخرج منها فإنها نجسة وهذا مذهب جمهور الفقهاء ، وهو مذهب من تقدم ذكرهم من الصحابة ولا يعلم لهم مخالف. أما البيضة التي في الميتة:
فالمشهور في المذهب: أنها إذا كانت ذات قشر فإنها تكون طاهرة وذلك لأنها قد تم تخلقها وهي ـ حينئذ ـ منفصلة عن الميتة فأشبهت الولد الذي يكون في بطن الميتة فإنه إذا استخرج منها فإنه له حكم الأحياء. فإذن: إذا كان فيها قشر فهي كالولد. وإن لم يكن بها قشر فهي كالأنفحة واللبن. هذا هو المشهور في المذهب وهو مذهب بعض الأحناف وبعض الشافعية.
ـ وأما مذهب أبي حنيفة فإنه كمذهبه في اللبن والأنفحة فقد رأى أنها مطلقاً تكون طاهرة وهذا هو المشهور في مذهب المالكية.
ـ وذهب بعض الشافعية إلى نجاستها مطلقاً.
والراجح هو القول الأول للتعليل السابق: فهي إذا كانت ذات قشر فإنها كالولد في الميتة منفصل وهي ذات أجزاء منفصلة إنفصالاً تاماً لا مماسة إلا من خارجه ، ولا يكون مؤثراً فيه ولا يمكن أن يتسرب إلى البيضة شيء من ذلك فهي طاهرة. أما إن لم تكن ذات قشر فهي كاللبن والأنفحة. وهذا هو المشهور في المذهب وهو مذهب بعض الأحناف وبعض الشافعية وهو الراجح. أما عظم الميتة وظفرها أو حافرها ونحوه هل هو نجس أم لا ؟؟
1ـ فذهب جمهور أهل العلم إلى القول بنجاسته ؛ لأنه داخل في الميتة وقد قال تعالى: {حرمت عليكم الميتة }.
قالوا: وقد كان العظم أو نحوه يتألم ويتحرك وهذه هي الحياة ، فما كان قابلاً للحياة فهو قابل للموت فيدخل في قوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة }.
وذهب الأحناف وهذا اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم إلى أن العظم والظفر ونحوهما ليس بنجس. وهذا القول أصح من القول الأول ، ويدل عليه قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (إنما حرم أكلها) وفي رواية أحمد: (إنما حرم لحمها).
ـ أما كون العظم: يتحرك ويتألم ونحو ذلك فهذه ليست صفة ثابتة فيه بنفسه وإنما ثابتة له تبعاً لوجوده في هذا الكائن الحي ، فهي صفة ليست ثابتة فيه بإرادته فهو يتحرك بلا إرادة وإنما هو تبع هذا الكائن الحي ـ هذا هو الرد على تعليلهم. وأما الدليل على ذلك: فهو أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد حكم على الماء الذي يقع فيه الذباب بأنه لا ينجس وقاس عليه أهل العلم ، باتفاقهم كل ما ليس له دم من الكائنات. فالكائنات التي لا دم لها فلا تنجس بالموت كالجراد ، ونحوه ، فإذا ثبت هذا فأولى منه في هذا الحكم العظم فإنه لا دم فيه.
وكذلك الحركة فيه أضعف من الحركة فيها ، فالحركة فيها بإرادتها فهي حركة تامة في حيوان تام ، أما هو فحركته تبعاً وليست بإرادية وهذا هو الأرجح وإنه ليس بنجس.
فإن قيل: قلنا بنجاسة الجلد ؟؟
قالوا: لأن الجلد يتسرب إليه النجاسات بخلاف العظم. فإن الجلد يتسرب إليه الدم الذي يكون محبوساً في هذا الحيوان وهذا القول ـ في الحقيقة ـ راجح. إلا أنه قد يضعف فيما إذا تبين رقة العظم وأنه يتسرب إليه النجاسات ويمكن إنتقالها إليه فإنه ـ حينئذ ـ يقوى القول بنجاسته ـ هذا على القول بأن سبب نجاسة الميتة هذا الدم المحبوس فيها وهذا هو مذهب جماهير العلماء ـ أي أن سبب ـ نجاسة الميتة هو الدم المحبوس فيها. إذن: عظم الميتة ، وظفرها ونحوه ليس بنجس كما هو مذهب الأحناف واختيار شيخ الإسلام.
ـ أما ريش الميتة وشعرها ووبرها وصوفها ، فقد اختلف فيه أهل العلم:
1ـ فذهب جمهور أهل العلم إلى أنه طاهر ـ وذهب الشافعية إلى أنه نجس ، فدليلهم هو نفس الدليل المتقدم ، وهو قوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة} ، والميتة شامل لكل ذي روح قد فارقته روحه ، وما يتصل به ، والشعر متصل به فعلى ذلك هو مُحَرَّم.
ـ وأما الجمهور فقالوا إنا بالإجماع نقول: إن الحيوان إذا جُزّ شعره وهو حي فإن هذا الشعر طاهر فدل على المفارقة بين اللحم والشعر ، فإن اللحم إذا فارق الحي فإنه نجس وهو ميتة. أما الشعر فإنه طاهر بالإجماع وهو حلال ، فدل على أن هناك فرقاً بين الشعر وبين اللحم. فالشعر ينجس بجزه من الحي ، ويكون طاهراً بإجماع أهل العلم كما حكاه ابن حجر. وأما اللحم فإنه بالإجماع إذا قطع من الحية فإنه ميتة نجس محرم. فدل على أن الشارع فرق بين الأمرين. على أن الشعر لا يحل فيه الحياة مطلقاً ، فهو ليس موضعاً للحياة على الإطلاق وعلى قولنا بأن العظم ليس بنجس وهذا الراجح فأولى منه الشعر وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إنما حرم لحمها). فإذن: الميتة شعرها ووبرها وريشها وصوفها: كل ذلك طاهر سواء جُزّ منها ميتة أو حية ـ وسيأتي بيان هذا إن شاء الله عند الكلام على القضية الأخرى. ومما استدل به أهل العلم على أن هذه الأشياء ـ أي الصوف ـ أنها طاهرة وليست بنجسه ، قوله تعالى: { ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إلى حين } ، فذكر الله ـ عز وجل ـ أن مِنْ مِنَنِهِ على عباده أنه منّ عليهم بالأصواف والأوبار والشعور يتمتعون بها في هذه الحياة ، وما كان في سياق الإمتنان فإنه يدل على العموم ـ كما هو معروف عند أهل العلم ـ فتكون هذه الأصواف وغيرها طاهره في كل حال لأن الآية تدل على العموم. وهي ـ عند جمهور العلماء طاهرة ، وقالوا: يشترط أن تكون من طاهر في الحياة. إذن: إذا جُزّت من بهيمة الأنعام ونحوها مما هو طاهر في الحياة سواء كان مأكول اللحم أو غير مأكول فإنها طاهرة ـ أما إذا جُزّت من كلب ونحوه مما هو نجس في الحياة فمذهب جمهور أهل العلم أنها لا تكون طاهرة. وذهب شيخ الإسلام إلى أنها طاهرة ـ وهذا على مذهبه ـ في أن المستحيل من النجس ليس بنجس ، فإذا استحال شيء من النجاسات إلى شيء آخر فليس بنجس ، فالشعر الخارج من الحيوانات النجسة ليس بنجس وهذا القول هو الراجح وسيأتي تقريره في باب إزالة النجاسة. إذن شيخ الإسلام يرى أن كل صوف أو شعر طاهر سواء كان من طاهر أو نجس. أما الطاهر فلا إشكال ، وأما النجس فلأنه طهر باستحالته.

* قوله: (( وما أبين من حي فهو كميتته )):
أي ما قطع من البهيمة فإن حكم هذا المقطوع كحكم ميتته أي كما لو أنك قطعتها وهي ميته.
ـ فإذا قطعت منها رِجْلاً مثلاً وهي حية ، فكما أنه قطعتها منها وهي ميته فتكون محرمة نجسة وإن كان هذا الحيوان طاهراً لأنه حي ، وهذه القطعة التي قطعت منه بها حكم الميتة. ويدل على ذلك ما ثبت في سنن أبي داود والترمذي وابن ماجة بإسناد حسن ، والحديث حسنه التّرمذي أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميت).
وفي الترمذي: أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قدم المدينة وهم يحبون أسنمة الإبل وبقطعون أليات الغنم فقال: (ما قطع من البهيمة وهي حية فهو كميتته). فالسمك ميتته حلال فما قطع منها وهي حية فهو طاهر حلال ، وكذلك الجراد ونحوها. أما بهيمة الأنعام فميتتها محرمة كذلك ما قطع منها وهي حية فهو نجس.
ـ وهل مثل ذاك المسك والطريدة ؟
المسك: هو ما يستخرج من غزلان المسك ، وذلك بأن يشد عليه حتى تجري جرياً سريعاً ، حتى يخرج عند سرته شيء يتعلق كأنه دم ، ثم تربط في أعلاها بعد أن تخرج ثم بعد فترة تقع).
ـ فهل هذا داخل في ذلك ؟؟
الجواب: ليس داخل في ذلك بل هي أشبه بالمولود وهي أشبه بالبيض وأشبه باللبن ونحو ذلك وليست من الدم في شيء بل هي مستحيلة إلى مادة أخرى وهي المسك لذا باتفاق أهل العلم هي طاهرة لا شيء فيها.
ـ وأما الطريدة: فهو بعض الصيد الذي لا يمكن أن يدرك صيداً فإنه يجري خلفه بالسيف ونحوه ثم يقطع منه فهذه القطع كذلك مباحة ؛ لأنه لا يمكن ذبحه وسمي بالطريدة وسيأتي بيان حكمها في باب الصيد. إذن: (ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميت) كما قال ذلك النبي ـ صلى الله عليه وسلم.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
جلد, حكم

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:48 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir