حرّر القول في واحدة من المسألتين التاليتين:
1: معنى "السيد" في قوله تعالى: {وسيّدا وحصورا ونبيّا من الصالحين}.
ذكر في معنى السيد أقوال:
الأول: الذي يفوق في الخير قومه. وهو قول الزجاج.
الثاني: في العلم والعبادة والحلم والورع. وهو قول قتادة. ذكره ابن عطية, وابن كثير.
الثالث: حليما تقيا. وهو قول ابن عباس, سعيد بن جبير, والضحاك. ذكره ابن عطية.
الرابع: الشريف. وهو قول ابن زيد. ذكره ابن عطية, وابن كثير.
الخامس: الفقيه العالم. وهو قول ابن المسيب. ذكره ابن عطية, وابن كثير.
السادس: الذي لا يغلبه الغضب. وهو قول عكرمة. ذكره ابن عطية, وابن كثير.
السابع: الحكيم: وهو قول ابن عبّاس, أبو العالية، والرّبيع بن أنس، وقتادة، وسعيد بن جبير، والثّوري، والضّحّاك. ذكره ابن كثير.
الثامن: في خلقه ودينه. وهو قول عطية. ذكره ابن كثير.
التاسع: الكريم على اللّه، عزّ وجل. وهو قول مجاهد. ذكره ابن كثير.
الدراسة:
اختلف أهل العلم في المراد بالسيد في الآية الكريمة إلى عدة أقوال وهو راجع إلى الخلاف في معناها في اللغة, ومعنى السيد في اللغة راجع إلى الملك والسيادة والرئاسة كما ذكر الأزهري نقلا عن الفراء قال: السيد: الملك. والسيد: الرئيس. والسيد: الحليم. والسيد: السخي. والسيد: الزوج.
وكما ذكر ابن جرير في تفسيره فقال: والسّيّد: الفيعل، من قول القائل: ساد يسود.
وبهذا تكون هذه المعاني التي ذكرها المفسرون كالأمثلة على معنى السيد المراد في الآية.
وقد رد أكثر هذه المعاني ابن عطية في تفسيره, وذكر أن معنى السؤدد راجع إلى الحلم, ومن فسره بذلك فقد أحرز أكثر معناه, ومن فسره بغيره كالعلم والتقى ونحوه فلم يفسره حسب كلام العرب, فقال: كل من فسر من هؤلاء العلماء المذكورين السؤدد بالحلم فقد أحرز أكثر معنى السؤدد ومن جرد تفسيره بالعلم والتقى ونحوه فلم يفسر بحسب كلام العرب, ثم ذكر كلاما لطيفا في معنى السؤدد فقال: وخصه الله بذكر السؤدد الذي هو الاحتمال في رضى الناس على أشرف الوجوه دون أن يوقع في باطل، هذا لفظ يعم السؤدد، وتفصيله أن يقال: بذل الندى، وهذا هو الكرم وكف الأذى، وهنا هي العفة بالفرج واليد واللسان واحتمال العظائم، وهنا هو الحلم وغيره من تحمل الغرامات وجبر الكسير والإفضال على المسترفد, والإنقاذ من الهلكات.
والله أعلم