دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 محرم 1430هـ/14-01-2009م, 09:29 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب الربا (3/9) [تحريم التفاضل بين نوعي الجنس الواحد من الطعام]


وعنْ أبي سعيدٍ وأبي هُريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا على خَيْبَرَ، فجاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟)) فقالَ: لا واللَّهِ يا رسولَ اللَّهِ، إنَّا لَنَأْخُذُ الصاعَ منْ هذا بِالصَّاعَيْنِ والثلاثةِ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا تَفْعَلْ، بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا)). وقالَ في الْمِيزانِ مِثلَ ذلكَ. مُتَّفَقٌ عليهِ.
ولمُسْلِمٍ: ((وَكَذَلِكَ الْمِيزَانُ)).
وعنْ جابرِ بنِ عبدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قالَ: نَهَى رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنْ بَيْعِ الصُّبْرَةِ مِنَ التَّمْرِ لا يُعْلَمُ مَكِيلُها بالْكَيْلِ الْمُسَمَّى مِن التَّمْرِ. رواهُ مسلمٌ.
وعنْ مَعْمَرِ بنِ عبدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: إنِّي كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: ((الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ))، وكانَ طعَامُنا يوْمَئِذٍ الشعيرَ. رواهُ مسلمٌ.


  #2  
قديم 18 محرم 1430هـ/14-01-2009م, 03:19 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


6/788 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلاً عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟)) فَقَالَ: لا، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلاثَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا تَفْعَلْ، بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيباً)). وَقَالَ فِي الْمِيزَانِ مِثْلَ ذَلِكَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِمُسْلِمٍ: وَكَذَلِكَ الْمِيزَانُ.
(وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلاً)، اسْمُهُ: سَوَادٌ؛ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ، ابْنُ غَزِيَّةَ: بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ والزَّايِ وَمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ بِزِنَةِ عَطِيَّةَ، وَهُوَ مِن الأَنْصَارِ، (عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ): بِالْجِيمِ الْمَفْتُوحَةِ وَالنُّونِ بِزِنَةِ عَظِيمٍ، يَأْتِي بَيَانُ مَعْنَاهُ، (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ فَقَالَ: لا، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، والصَّاعَيْنِ بالثَّلاثَةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تَفْعَلْ، بِعِ الْجَمْعَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمِيمِ: التَّمْرُ الرَّدِيءُ، (بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيباً. وَقَالَ فِي الْمِيزَانِ مِثْلَ ذَلِكَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِمُسْلِمٍ: وَكَذَلِكَ الْمِيزَانُ).
الْجَنِيبُ قِيلَ: الطَّيِّبُ، وَقِيلَ: الصُّلْبُ، وَقِيلَ: الَّذِي أُخْرِجَ مِنْهُ حَشَفُهُ وَرَدِيئُهُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لا يَخْتَلِطُ بِغَيْرِهِ. وَقَدْ فُسِّرَ الْجَمْعُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفاً. وَفُسِّرَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ بِأَنَّهُ الْخَلْطُ مِن التَّمْرِ، وَمَعْنَاهُ مَجْمُوعٌ مِنْ أَنْوَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْجِنْسِ بِجِنْسِهِ يَجِبُ فِيهِ التَّسَاوِي، سَوَاءٌ اتَّفَقَا فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ أَو اخْتَلَفَا، وَأَنَّ الْكُلَّ جِنْسٌ وَاحِدٌ. وَقَوْلُهُ: وَقَالَ فِي الْمِيزَانِ مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ فِيمَا كَانَ يُوزَنُ إذَا بِيعَ بِجِنْسِهِ مِثْلَ مَا قَالَ فِي الْمَكِيلِ بأنَّهُ لا يُبَاعُ مُتَفَاضِلاً، وَإِذَا أُرِيدَ مِثْلُ ذَلِكَ بِيعَ بِالدَّرَاهِمِ وَشُرِيَ مَا يُرَادُ بِهَا. وَالإِجْمَاعُ قَائِمٌ عَلَى أَنَّهُ لا فَرْقَ بَيْنَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ.
وَاحْتَجَّت الْحَنَفِيَّةُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكِيلاً لا يَصِحُّ أَنْ يُبَاعَ ذَلِكَ بِالْوَزْنِ مُتَسَاوِياً، بَلْ لا بُدَّ مِن اعْتِبَارِ كَيْلِهِ وَتَسَاوِيهِ كَيْلاً، وَكَذَلِكَ الْوَزْنُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إنَّهُمْ أَجْمَعُوا أَنَّ مَا كَانَ أَصْلُهُ الْوَزْنَ لا يَصِحُّ أَنْ يُبَاعَ بِالْكَيْلِ، بِخِلافِ مَا كَانَ أَصْلُهُ الْكَيْلَ فَإِنَّ بَعْضَهُمْ يُجِيزُ فِيهِ الْوَزْنَ، وَيَقُولُ: إِنَّ الْمُمَاثَلَةَ تُدْرَكُ بِالْوَزْنِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَغَيْرُهُمْ يَعْتَبِرُونَ الْوَزْنَ الْكَيْلَ بِعَادَةِ الْبَلَدِ، وَلَوْ خَالَفَ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَإِن اخْتَلَفَت الْعَادَةُ اعْتُبِرَ بِالأَغْلَبِ، فَإِن اسْتَوَى الأَمْرَانِ كَانَ لَهُ حُكْمُ الْمَكِيلِ إذَا بِيعَ بِالْكَيْلِ، وَإِنْ بِيعَ بِالْوَزْنِ كَانَ لَهُ حُكْمُ الْمَوْزُونِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِرَدِّ الْمَبِيعِ، بَل الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَرَّرَهُ، وَإِنَّمَا أَعْلَمَهُ بِالْحُكْمِ وَعَذَرَهُ لِلْجَهْلِ بِهِ، إلاَّ أَنَّهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إِنَّ سُكُوتَ الرَّاوِي عَنْ رِوَايَةِ فَسْخِ الْعَقْدِ وَرَدِّهِ لا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُقُوعِهِ. وَقَدْ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى -وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى مَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أبي سَعِيدٍ- نَحْوَ هَذِهِ الْقِصَّةِ، فَقَالَ: ((هَذَا الرِّبَا))، فَرَدَّهُ. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ تَعَدُّدُ الْقِصَّةِ، وَأَنَّ الَّتِي لَمْ يَقَعْ فِيهَا الرَّدُّ كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلالَةٌ عَلَى جَوَازِ التَّرْفِيهِ عَلَى النَّفْسِ بِاخْتِيَارِ الأَفْضَلِ.

7/789 - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الصُّبْرَةِ مِن التَّمْرِ لا يُعْلَمُ مَكِيلُهَا بِالْكَيْلِ الْمُسَمَّى مِن التَّمْرِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَعَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الصُّبْرَةِ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ: الطَّعَامُ الْمُجْتَمِعِ، (مِن التَّمْرِ لا يُعْلَمُ مَكِيلُهَا بِالْكَيْلِ الْمُسَمَّى مِن التَّمْرِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ لا بُدَّ مِن التَّسَاوِي بَيْنَ الْجِنْسَيْنِ، وَتَقَدَّمَ اشْتِرَاطُهُ، وَهُوَ وَجْهُ النَّهْيِ.
8/790 - وَعَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنِّي كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَكَانَ طَعَامُنَا يَوْمَئِذٍ الشَّعِيرَ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَعَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إنِّي كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَكَانَ طَعَامُنَا يَوْمَئِذٍ الشَّعِيرَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
ظَاهِرُ لَفْظِ الطَّعَامِ أَنَّهُ يَشْمَلُ كُلَّ مَطْعُومٍ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لا يُبَاعُ مُتَفَاضِلاً، وَإِن اخْتَلَفَ الْجِنْسُ وَالظَّاهِرُ، أَنَّهُ لا يَقُولُ أَحَدٌ بِالْعُمُومِ، وَإِنَّمَا الْخِلافُ فِي الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ كَمَا سَيَأْتِي عَنْ مَالِكٍ، وَلَكِنَّ مَعْمَراً خَصَّ الطَّعَامَ بِالشَّعِيرِ، وَهَذَا مِن التَّخْصِيصِ بِالْعَادَةِ الْفِعْلِيَّةِ؛ حَيْثُ لَمْ يَغْلِب الاسْمُ، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى التَّخْصِيصِ بِهَا الْحَنَفِيَّةُ.
وَالْجُمْهُورُ لا يُخَصِّصُونَ بِهَا، إلاَّ إذَا اقْتَضَتْ غَلَبَةُ الاسْمِ، وَإِلاَّ حُمِلَ اللَّفْظُ عَلَى الْعُمُومِ، وَلَكِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: ((فَإِذَا اخْتَلَفَتِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ))، بَعْدَ عَدِّهِ لِلْبُرِّ وَالشَّعِيرِ.
فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا صِنْفَانِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجَمَاهِيرِ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالأَوْزَاعِيُّ، فَقَالُوا: هُمَا صِنْفٌ وَاحِدٌ، لا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالآخِرِ مُتَفَاضِلاً، وَسَبَقَهُمْ إلَى ذَلِكَ مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَاوِي الْحَدِيثِ، فَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْهُ، أَنَّهُ أَرْسَلَ غُلامَهُ بِصَاعِ قَمْحٍ فَقَالَ: بِعْهُ، ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ شَعِيراً، فَذَهَبَ الْغُلامُ فَأَخَذَ صَاعاً وَزِيَادَةَ بَعْضِ صَاعٍ، فَقَالَ لَهُ مَعْمَرٌ: لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ، انْطَلِقْ فَرُدَّهُ، وَلا تَأْخُذَنَّ إلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... ثُمَّ سَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ.
فَقِيلَ لَهُ: فَإِنَّهُ لَيْسَ مِثْلَهُ، فَقَالَ: إنِّي أَخَافُ أَنْ يُضَارِعَ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ اجْتِهَادٌ مِنْهُ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ، وَنَصُّ حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا بَأْسَ بِبَيْعِ الْبُرِّ بِالشَّعِيرِ، وَالشَّعِيرُ أَكْثَرُ، وَهُمَا يَداً بِيَدٍ)).

  #3  
قديم 18 محرم 1430هـ/14-01-2009م, 03:20 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


712- وعَنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ وأبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما: أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلاً عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُ بتَمْرٍ جَنِيبٍ، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ: ((أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟)) فقالَ: لا واللَّهِ يا رسولَ اللَّهِ، إنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ وَالثَّلاثَةِ. فقالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ: ((لاَ تَفْعَلْ، بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيباً))، وقالَ في المِيزَانِ مثلَ ذلك. مُتَّفَقٌ عليهِ.
ولمُسْلِمٍ: وكذلكَ في المِيزَانِ.

مُفرداتُ الحديثِ:
-اسْتَعْمَلَ رَجُلاً: جعَلَهُ عَامِلاً: هو سَوادُ بنُ غَزِيَّةَ الأنْصارِيُّ، وسَوادُ بفَتْحِ السِّينِ المُهْملةِ وتَخْفيفِ الواوِ، وغَزِيَّةُ بوَزْنِ عَطِيَّةَ.
-خَيْبَرَ: بفتحِ الخاءِ، ثم يَاءٌ مُعْجَمَةٌ تَحْتِيَّةٌ، ثم باءٌ، وآخرُهُ راءٌ، بَلْدَةٌ تَبْعُدُ عن المَدينةِ المُنوَّرَةِ شَمالاً بـ( 165 ) كيلومتر على طريقِ الأُرْدُنِّ، وهي بَلْدَةٌ زِرَاعِيَّةٌ كثيرةُ النَّخْيلِ.
-جَنِيبٍ: بفتحِ الجيمِ المُعْجَمَةِ وكسرِ النُّونِ، ثم ياءٌ سَاكِنَةٌ، وآخرُهُ باءٌ مُوَحَّدَةٌ، والجَنِيبُ هو النَّوْعُ الطَّيِّبُ، جَمْعُه جُنُبٌ.
قالَ الخَطَّابِيُّ: هو أَجْودُ تُمورِهم.
-بالصاعَيْنِ والثلاثةِ: في بعضِ الرواياتِ: ((بِالثَّلاثِ)) بلا تَاءٍ، وكلاهما جَائِزٌ؛ لأنَّ الصاعَ يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ، والصاعُ مِكْيالٌ تُكالُ بهِ الحُبوبُ والثِّمارُ الجافَّةُ، والصاعُ النَّبَوِيُّ بالحَبِّ الرَّزينِ حَوالَيْ ( 3000 ) غرامٍ تقريباً.
-لا تَفْعَلْ: ( لا ) نَاهِيَةٌ، والفعلُ مَجْزومٌ بها.
-بِعِ الجَمْعَ: أي التَّمْرَ الذي يُقالُ له: ( الجَمْعُ ). بالدراهمِ.
-الجَمْعُ: بفتحِ الجيمِ المُعجمةِ وسُكونِ الميمِ، آخرُهُ عينٌ مُهْملَةٌ، والجمعُ يُرادُ به التَّمْرُ المُخْتَلِطُ من أنواعٍ مُتفَرِّقَةٍ غَيْرِ معروفةٍ ومرغوبٍ فيها.
وقالَ الخَطَّابِيُّ: هو كُلُّ لَوْنٍ من النَّخْلِ لا يُعْرَفُ اسْمُه.
وهو مُحْتَمِلٌ لهذهِ المعاني.
-ثُمَّ ابْتَعْ بالدَّرَاهِمِ؛ أي: ثم اشْتَرِ بالدراهمِ جَنِيباً.
-المِيزانِ: أي: المَوْزونُ حُكْمُه حُكْمُ المَكِيلِ في عَدَمِ التفاضُلِ.



713- وعن جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عنهما قالَ: نَهَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ عن بَيْعِ الصُّبْرَةِ مِنَ التَّمْرِ التي لا يُعْلَمُ مَكِيلُهَا بالْكَيْلِ المُسَمَّى مِن التَّمْرِ. رواهُ مُسْلِمٌ.
714- وعن مَعْمَرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عنه قالَ: إِنِّي كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ يَقولُ: ((الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلاً بمِثْلٍ، وكَانَ طَعَامُنَا يَوْمَئِذٍ الشَّعِيرَ)) رواهُ مُسْلِمٌ.

مُفرداتُ الحديثَيْنِ:
-الصُّبْرَةُ: بضَمِّ الصادِ وسُكونِ الباءِ، جَمْعُها صُبَرٌ مِثْلُ غُرْفَةٍ وغُرَفٍ، هي الكَوْمَةُ من الطَّعَامِ، سُمِّيَتْ صُبْرَةً؛ لإفراغِ بَعْضِها على بعضٍ.
قالَ ابنُ دُرَيْدٍ: اشْتَرَيْتُ الطَّعامَ صُبْرَةً، أي: بلا كَيْلٍ، ولا وَزْنٍ.
-الشَّعِيرُ: نَباتٌ عُشْبِيٌّ حَبِّيٌّ مِن الفَصيلةِ النَّجيلِيَّةِ، وهو دُونَ البُرِّ في الغذاءِ.

مَا يُؤْخَذُ من هذهِ الأحاديثِ:
1-تَحريمُ التفاضُلِ ببيعِ نَوْعَيِ الجنسِ الواحدِ من الأشياءِ الرَّبَوِيَّةِ، وهي على القَوْلِ الراجِحِ المَكِيلُ أو المَوْزُونُ مِن الطَّعَامِ، والحديثُ ( 712 ) نَصٌّ في التَّمْرِ، وما عَداهُ من المَكِيلاتِ مِثْلُه.
قالَ العَيْنِيُّ: ويَدْخُلُ في معنَى التَّمْرِ جميعُ الطعامِ، فلا يَجُوزُ في الجِنْسِ الواحدِ منه التفاضُلُ ولا النَّساءُ بالإجماعِ.
2- أنَّ التفاضُلَ بينَهما مُحَرَّمٌ، ولو كانَ أحَدُهما أجودَ مِن الآخَرِ، فالعِبْرةُ بالتساوي قَدْراً، لا جَوْدَةً أو رَدَاءَةً.
3-أنَّ مِعْيارَ الثِّمارِ هو الكَيْلُ، فلا يَجوزُ بَيْعُ نَوْعَيِ الجِنْسِ أحَدِهما بالآخَرِ إلاَّ بمِعْيارِه الشَّرْعِيِّ، إذ بغَيْرِه لا تَتَحقَّقُ المُساواةُ بينَهما، والجَهْلُ بالتساوي كالعِلْمِ بالتفاضُلِ في الحُكْمِ، ما لم يَكُنْ تَغْشاهُ الماءُ، أو صارَ مَكْنُوزاً، أو مَعْبوطاً، فيكونُ مِعْيارُه الوَزْنَ؛ إذ لا يُمْكِنُ كَيْلُه.
4-أنَّ ما يُوزَنُ له حُكْمُ ما يُكالُ مِن الأشياءِ الرَّبَوِيَّةِ، فمِعْيارُه الشَّرْعِيُّ الكَيْلُ، وهو إجماعُ العُلماءِ.
5-النَّهْيُ عن بيعِ الصُّبْرَةِ من التَّمْرِ بتَمْرٍ آخَرَ، ولو عُلِمَ الآخَرُ بمِعْيارِه الشَّرْعِيِّ وهو الكَيْلُ، إذ إنَّه يُجْهَلُ مُساواتُه للصُّبْرَةِ، والجَهْلُ بالتساوِي كالعِلْمِ بالتفاضُلِ في الحُكْمِ، والنَّهْيُ يَقْتضِي تحريمَ البيعِ، وفسادَ عقدِه.
6-جوازُ الحيلةِ المُباحةِ، التي لا تُحِلُّ حَراماً ولا تُحَرِّمُ حَلالاً، وإِنَّما تَكُونُ وسيلةً لاجتنابِ العُقودِ المُحرَّمَةِ إلى العُقودِ المُباحةِ الصحيحةِ.
قالَ ابنُ القَيِّمِ: فَصْلٌ: في أنواعٍ من الحِيَلِ المُباحَةِ.
القِسْمُ الثاني: أنْ تَكُونَ الطريقُ مَشْروعةً، وما يُفْضِي إليه مَشْروعًا، وهذه من الأسبابِ التي جَعَلَها الشارِعُ مُفْضِيَةً إلى مُسبَّباتِها، فيَدْخُلُ في هذا القِسْمِ التَّحَيُّلُ على جَلْبِ المَنافِعِ، وعلى دَفْعِ المَضارِّ.
وليسَ كَلامُنا ولا كلامُ السلَفِ في ذَمِّ الحِيَلِ مُتناوِلاً لهذا القِسْمِ، فمَن لم يَحْتَلْ، وقدْ أمْكَنَتْهُ الحِيلَةُ أضَاعَ فُرْصَتَه، وفَرَّطَ في مَصالِحِه.
7-وُجوبُ التساوي بينَ نَوْعَيِ الجنسِ الواحدِ فيما يَدْخُلُه الرِّبَا، وهو من الطعامِ ما كانَ مَكِيلاً أو مَوْزوناً، أمَّا غيرُ الأشياءِ الرَّبَوِيَّةِ فلا يُشْتَرَطُ التماثُلُ بينَها، كما لا يُشْتَرَطُ التقابُضُ في مَجْلِسِ العَقْدِ.
8-أنَّ جَابِيَ الزكاةِ لا يَأْخُذُ الجَيِّدَ إلاَّ برِضَا صَاحِبِه، كما لا يَأْخُذُ الرَّدِيءَ، وإِنَّما يَأْخُذُ الوَسَطَ؛ لِئَلاَّ يَظْلِمَ المُستَحَقِّينَ أو يَظْلِمَ أصحابَ الأموالِ.
9-الحديثُ يدُلُّ على جَوازِ مَسْألةِ التَّوَرُّقِ التي صَورَتُها: أنْ يَشْتَرِيَ السِّلْعَةَ إلى أجلٍ، لبَيْعِها على غَيْرِ البائِعِ ويَنْتَفِعَ بثَمَنِها، فإنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ " أمَرَ الجَابِيَ أنْ يَبِيعَ التَّمْرَ الرَّدِيءَ؛ ليَشْتَرِيَ بثَمَنِه تَمْراً جَيِّداً " رواهُ البُخارِيُّ ( 4/399 )، ومُسلِمٌ ( 1593 ) فهو لم يَقْصِدْ ببَيْعِه إلاَّ الحُصولَ على ثَمَنِ الرَّدِيءِ؛ ليَسْتَفِيدَ منه فيما أرادَ وقَصَدَ، ومَذْهَبُ الإمامَيْنِ؛ الشافعيِّ وأحمدَ جوازُها.
أمَّا شَيْخُ الإسلامِ ابنُ تَيْمِيَّةَ فيَرَى أنَّها لا تَجوزُ ويَمْنَعُ منها، ويَرَى أنَّ المعنَى الذي حُرِّمَ لأجْلِه الرِّبا موجودٌ فيها بعينِه، معَ زِيادَةِ الكُلْفةِ بالشراءِ والبيعِ، والخَسارةِ فيها.
أمَّا شَيْخُنا عبدُ الرحْمَنِ بنُ سَعْدِيٍّ فيَرَى جَوازَ مَسْألةِ التَّوَرُّقِ.
قالَ في أحَدِ كُتُبِه: لأنَّ المُشترِيَ لم يَبِعْها على البائعِ عليه، وعُمومُ النُّصوصِ تدُلُّ على جَوازِها، وكذلك المعنَى؛ لأنَّه لا فَرْقَ بينَ أنْ يَشْتَرِيَها ليَستعمِلَها في أَكْلٍ أو شُرْبٍ أو استعمالٍ، أو يَشْتَرِيَها ليَنْتَفِعَ بثَمَنِها، وليسَ فيها تَحَيُّلٌ على الرِّبا بوَجْهٍ من الوُجوهِ، معَ دُعاءِ الحَاجَةِ إليها.
وما دَعَتْ إليهِ الحاجةُ وليسَ فيه مَحْظورٌ شَرْعِيٌّ لم يُحَرِّمْهُ الشَّارِعُ على العبادِ.
وكذلك الشيخُ عبدُ العزيزِ بنُ بَازٍ يُجِيزُها فيَقولُ: مَسْأَلَةُ التَّوَرُّقِ اخْتَلَفَ العُلماءُ فيها على قولَيْنِ:
أحَدُهما: أنَّها مَمْنُوعَةٌ.
الثاني: جَوازُها؛ لدُخولِها في عُمومِ قولِه تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ} [البقرة: 275].
ولأنَّ الأصلَ في الشَّرْعِ حِلُّ جَمِيعِ المُعاملاتِ، إِلاَّ ما قَامَ الدَّلِيلُ على مَنْعِه، ولا نَعْلَمُ حُجَّةً شَرْعِيَّةً تَمْنَعُ هذهِ المُعامَلَةَ.
قُلْتُ: يَنْبَغِي على مَن يُرِيدُ التعامُلَ بها معَ المُستدِينِينَ أنْ تَكُونَ عندَه السِّلَعُ المُناسِبَةُ، ومَن جَاءَه مُريداً الشراءَ أخْبَرَه بالقِيمَةِ إذا كانَ الثمنُ نَقْداً حاضراً، وأخْبَرَه بالقيمةِ إذا كانَ مُؤجَّلاً، وأنْ لا يُعِيدَها بالشراءِ من المُشترِي، بل يُسَلِّمُه إيَّاها؛ ليَتَصَرَّفَ فيها حَسْبَ حَاجَتِه.
فإنْ أعادَها من المُشترِي بالشراءِ، فهذه مَسألَةُ العِينَةِ الآتيةُ إنْ شاءَ اللَّهُ تعالى.

قَرارُ المَجْمَعِ الفِقْهِيِّ الإسلامِيِّ بشَأْنِ حُكْمِ بَيْعِ التَّوَرُّقِ:
الحمدُ لِلَّهِ وَحْدَه، والصلاةُ والسلامُ على مَن لا نَبِيَّ بعدَه، سَيِّدِنا ونَبِيِّنا مُحمدٍ، صَلَّى اللَّهُ عليهِ وآلِه وصَحْبِه.
أمَّا بعدُ:
فإنَّ مجلسَ المَجْمعِ الفِقهيِّ الإسلاميِّ التابِعِ لرابطةِ العَالَمِ الإِسْلامِيِّ في دَوْرَتِه الخامسةَ عَشْرَةَ المنعقدةِ بمَكَّةَ المُكرَّمَةِ، التي بدَأَتْ يومَ السبتِ 11 رَجَبٍ 1419هـ، الموافقِ 31/10/1998م قدْ نَظَرَ في مَوْضوعِ حُكْمِ بَيْعِ التَّوَرُّقِ.
وبعدَ التداوُلِ والمُناقشةِ والرُّجوعِ إلى الأدِلَّةِ والقواعدِ الشرعِيَّةِ وكلامِ العلماءِ في هذهِ المسألةِ، قَرَّرَ المجلسُ ما يأتي:
أَوَّلاً: أنَّ بَيْعَ التَّورُّقِ هو شِراءُ سِلْعَةٍ في حَوْزَةِ البائعِ ومِلْكِه بثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ، ثم يَبِيعُها المُشترِي بنَقْدٍ لغيرِ البائعِ للحصولِ على النقْدِ ( الوَرَقِ ).
ثانياً: أنَّ بَيْعَ التَّوَرُّقِ هذا جَائِزٌ شَرْعاً، وبه قالَ جُمهورُ العُلماءِ؛ لأنَّ الأصْلَ في البُيوعِ الإباحةُ؛ لقولِ اللَّهِ تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ} [البقرة: 275]. ولم يَظْهَرْ في هذا البَيْعِ رِبًا لا قَصْداً ولا صُورَةً؛ ولأنَّ الحاجةَ دَاعِيَةٌ إلى ذلكَ؛ لقضاءِ دَيْنٍ، أو زَواجٍ، أو غيرِهما.
ثالثاً: جَوازُ هذا البيعِ مَشْروطٌ بأنْ لا يَبِيعَ المُشترِي السلعةَ بثَمَنٍ أقَلَّ مِمَّا اشْتراهَا به على بَائعِها الأَوَّلِ لا مُباشرةً ولا بالواسطةِ، فإنْ فَعَلَ فقَدْ وَقَعَا في بَيْعِ العِينَةِ المُحَرَّمِ شَرْعاً، لاشتمالِه على حِيلَةِ الرِّبا، فصَارَ عَقْداً مُحَرَّماً.
رَابعاً: إِنَّ المجلسَ وهو يُقَرِّرُ ذلك يُوصِي المُسلمِينَ بالعَمَلِ بما شَرَعَهُ اللَّهُ سبحانَه لعبادِه من القَرْضِ الحَسَنِ من طَيِّبِ أموالِهم طَيِّبَةً به نُفوسُهم ابتغاءَ مرضاتِ اللَّهِ، لا يُتْبِعُه مَنًّا ولا أَذًى، وهو من أجَلِّ أنواعِ الإنفاقِ في سبيلِ اللَّهِ تعالى؛ لِمَا فيهِ من التعاوُنِ، والتعاطُفِ، والتراحُمِ بينَ المُسلمِينَ، وتَفْرِيجِ كُرباتِهم، وسَدِّ حَاجَتِهم، وإنقاذِهم من الإثقالِ بالدُّيونِ، والوُقوعِ في المُعاملاتِ المُحرَّمَةِ، وإنَّ النُّصوصَ الشرعيَّةَ في ثَوابِ القَرْضِ الحَسَنِ والحَثِّ عليهِ كَثِيرَةٌ لا تَخْفَى، كما يَتَعَيَّنُ على المُستقرِضِ التحَلِّي بالوَفاءِ وحُسْنِ القضاءِ، وعَدَمِ المُماطَلَةِ.
وصَلَّى اللَّهُ علَى سَيِّدِنا مُحمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِه وسَلَّمَ تسليماً كَثِيراً، والحمدُ لِلَّهِ ربِّ العالَمِينَ.
10-يَدُلُّ الحديثُ رَقْمُ ( 712 ) على مَشْرُوعِيَّةِ بَعْثِ السُّعاةِ والجُباةِ للزكاةِ؛ إظهاراً لهذهِ الشَّعيرةِ العَظيمةِ، وقِياماً من الوالي بما يَجِبُ عليه، وتَخْلِيصاً لذِمَمِ المُتهاوِنِينَ، وقَبْضاً واستحصالاً لحَقِّ المُستحِقِّينَ.
11- جوازُ تَصَرُّفِ الفُضولِيِّ إذا أجازَه مَالِكُ التصَرُّفِ، فهذا الجابي يَقْبِضُ الزكاةَ، ويَسْتَبْدِلُ الرَّدِيءَ بالجَيِّدِ بلا تَوْكِيلٍ من وَلِيِّ الأَمْرِ، ولم يُنْكِرْ.
12-فيهِ جَوازُ الحَلِفِ الصادِقِ على الشيءِ، ولو لم يُسْتَحْلَفِ الحَالِفُ.
13-فيهِ مَشروعيَّةُ إشرافِ وُلاةِ الأمورِ على أعمالِ عُمَّالِهم، ومُناقَشَتِهم فيها وتَوْجيهِهم إلى ما هو الحقُّ والصوابُ.
14-فيهِ جوازُ نَقْلِ الزكاةِ من بَلَدِ المالِ إلى بَلَدٍ آخَرَ، ولو بَعْدَ مَسافَةِ قَصْرٍ، وعَدَمُ وُجوبِ تَفْريقِها في البَلَدِ الذي قُبِضَتْ منه، لا سِيَّما معَ وُجودِ المَصْلحةِ في ذلكَ.
15-الحديثُ يدُلُّ على جَوازِ التَّرفيهِ على النفْسِ بشراءِ المَأْكَلِ والمَشْرَبِ الطَّيِّبِ ونَحْوِ ذلك مِن مَتاعِ الدنيا وطَيِّباتِها المُباحةِ، ما لم يَصِلْ إلى حَدِّ السَّرَفِ، فله نُصوصٌ تَنْهَى عنه.
16- يَدُلُّ الحديثُ على أنَّ مَن كانَ يَتعاطَى عُقوداً غيرَ صحيحةٍ أو أعْمالاً مُحَرَّمةً عن جَهْلٍ بها، ثم عَلِمَ بحُرْمَتِها وفسادِها أنَّه لا يَجِبُ عليهِ أنْ يَرْجِعَ إلى تصحيحِ العُقودِ الماضيةِ، وإِنَّما عليهِ الامتثالُ من جَديدٍ، وأنْ لا يُقْدِمَ عليها بعدَ ذلك، فظاهِرُ الحديثِ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ أقَرَّه على عَمَلِه، وعَذَرَه بجَهْلِه عن الماضي، وإنَّما أعْلَمَهُ للمُسْتَقْبَلِ حينَما قالَ: ((لا تَفْعَلْ))، وهذهِ قَاعِدَةُ الشريعةِ المُحمَّديَّةِ السَّمْحةِ: أنَّ المُؤاخذةَ لا تَكُونُ إلاَّ بعدَ البلاغِ والإعلامِ.
17-أنَّ العَالِمَ إذا سُئِلَ عن مسألةٍ مُحرَّمةٍ، ونهَى المُسْتَفْتِيَ عنها، فعليهِ أنْ يَفْتَحَ أمامَه أبوابَ الطُّرُقِ المُباحةِ التي تُغْنيهِ عنها.
18-عِظَمُ مَعْصِيَةِ الرِّبا وكيفَ بَلَغَتْ مِن نَفْسِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ هذا المَبْلَغَ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الربا, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:11 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir