دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الثامن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14 ربيع الأول 1440هـ/22-11-2018م, 02:07 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس الأول: مجلس مذاكرة القسم الحادي عشر من تفسير سورة البقرة

مجلس مذاكرة القسم الحادي عشر من تفسير سورة البقرة
الآيات (142 - 158)

أجب على إحدى المجموعات التالية:
المجموعة الأولى:
1: فسّر
قول الله تعالى:

{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)} البقرة.
2: حرّر القول في كل من:

أ: معنى قوله تعالى: {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتّبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه}.
ب: هل كانت الصلاة إلى بيت المقدس بوحي متلوّ؟
3: بيّن ما يلي:
أ: متعلّق "كما" في قوله تعالى: {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا} الآية.
ب: كيف كان تحويل الصلاة إلى الكعبة دليلا على عناية الله بهذه الأمة.
ج: مناسبة قوله تعالى: {ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع} لما قبله.

المجموعة الثانية:
1: فسّر قول الله تعالى:

{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)}.
2:
حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالشهادة في قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس}.
ب: معنى قوله تعالى: {لئلا يكون للناس عليكم حجّة إلا الذين ظلموا منهم}.
3: بيّن ما يلي:
أ: الحكمة من تكرار الأمر بتحويل القبلة في الآيات.
ب: فضل سادات الصحابة في حادثة تحويل القبلة، مع الاستدلال.
ج: متعلّق الاستعانة في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة}.


المجموعة الثالثة:
1: فسّر قول الله تعالى:

{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158) }.
2:
حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالسفهاء وموقفهم من تحويل القبلة في قوله تعالى: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها}.

ب: معنى قوله تعالى: {إلا لنعلم من يتّبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه} الآية.
3: بيّن ما يلي:
أ: المخاطب في الآية، ومعنى الذكر في قوله تعالى: {فاذكروني أذكركم}.
ب: المراد بالإيمان وفائدة التعبير عنه بوصف الإيمان في قوله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}.
ج: معنى الصبر، وأنواعه، وفضله.



تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16 ربيع الأول 1440هـ/24-11-2018م, 09:44 PM
مها محمد مها محمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 251
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
المجموعة الثالثة:
إجابة السؤال الأول: فسّر قول الله تعالى::
{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158)}.
الصفا والمروة جبلان بمكة ، والصفا مأخوذ من البياض والصلابة ، والمروة واحدة من المرو وهي الحجارة التي فيها لين ، وفي هذه الآية يبين الله عز وجل أنهما من شعائر الله أي: من معالم عبادته ومواضعها ، فقد سعت بينهما السيدة هاجر عليها السلام بحثاً عن الماء، وسعى سيدنا إبراهيم وسعى النبي صلى الله عليه وسلم ،أما قوله تعالى: ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ) خبر بمعنى الأمر، وقد سن النبي صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما في الحج والعمرة ، وقال ( خذوا عني مناسككم) ، والمؤمن الذي يحج البيت أو يعتمر مطالب بالسعي بينهما ، واختلف العلماء في حكم السعي بين الصفا والمروة على أقوال : فذهب الشافعي ومالك وأحمد في رواية إلى أنه ركن في الحج ، وذهب أحمد في رواية إلى أنه واجبٌ وليس بركنٍ فإن تركه عمدًا أو سهوًا جبره بدمٍ، وذهب أبو حنيفة والثّوريّ والشّعبيّ وابن سيرين إلى أنه مستحب ، والذي يترجح القول الأول لأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بينهما وقال: «لتأخذوا عنّي مناسككم» وذكر الله عز وجل أن الطواف بينهما من الشعائر التي شرعها للخليل إبراهيم ، ولقوله صلى الله عليه وسلم ( اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي).
ومعنى نفي الجناح في الطواف بين الصفا والمروة يوضحه سبب نزول الآية؛ فقد ورد فيها عدة أسباب للنزول:
1- أنهم كانوا في الجاهلية يطوفون هنالك ، وكانت العرب تعتقد أن ذلك السعي إجلالا لإساف ونائلة، وكان الساعي يتمسح بإساف عند الصفا، فإذا بلغ المروة تمسح بنائلة وكذلك حتى تتم أشواطه، فلما جاء الإسلام كرهوا السعي ، وظنوا أنه من عمل أهل الجاهلية وتحرجوا فنزلت الآية.
ويدل لذلك ما جاء في البخاري عن عاصم بن سليمان قال: «سألت أنسًا عن الصّفا والمروة قال: كنّا نرى ذلك من أمر الجاهليّة، فلمّا جاء الإسلام أمسكنا عنهما، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {إنّ الصّفا والمروة من شعائر اللّه}»رواه البخاري.
2- أن الآية نزلت في الأنصار أنهم كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة التي كانوا يعبدونها عند المشلل وكان من أهلَّ لها يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة إجلالا لها ، وبعدما أسلموا قالوا لرسول الله ( يارسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة في الجاهلية ) فأنزل الله الآية.
ويدل لذلك مارواه الإمام أحمد عن عروة، عن عائشة قالت: «قلت: أرأيت قول الله تعالى: {إنّ الصّفا والمروة من شعائر اللّه فمن حجّ البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما}» قلت: «فواللّه ما على أحدٍ جناحٌ أن لا يطّوف بهما؟ » فقالت عائشة: «بئسما قلت يا ابن أختي إنّها لو كانت على ما أوّلتها عليه كانت: فلا جناح عليه ألّا يطّوف بهما، ولكنّها إنّما أنزلت أنّ الأنصار كانوا قبل أن يسلموا كانوا يهلّون لمناة الطّاغية، التي كانوا يعبدونها عند المشلّل. وكان من أهلّ لها يتحرّج أن يطوّف بالصّفا والمروة، فسألوا عن ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالوا: يا رسول اللّه، إنّا كنّا نتحرّج أن نطّوف بالصّفا والمروة في الجاهليّة. فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {إنّ الصّفا والمروة من شعائر اللّه}إلى قوله: {فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما} قالت عائشة: ثمّ قد سنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الطّواف بهما، فليس لأحدٍ أن يدع الطّواف بهما». أخرجاه في الصّحيحين.
3- أن الآية نزلت في الأنصار لما قالوا ( إنما أمرنا بالطواف بالبيت ولم نؤمر بالطواف بين الصفا والمروة ، فأنزل الله الآية.
4- روي أن الجن كانت تعزف وتطوف بينهما في الجاهلية فكانت طائفة من تهامة لا تطوف بينهما في الجاهلية لذلك ، فلما جاء الإسلام تحرجوا من الطواف .
فلعل الآية نزلت في هؤلاء وهؤلاء ، وهو الراجح كما قال أبو بكر بن عبد الرحمن وهو من أئمة التابعين ؛ فالأحداث قد تتعدد وتكون كلها سبباً لنزول آية واحدة .
ثم قال تعالى:( ومن تطوع خيراً ) أي: من زاد بعد الواجب ، ومن المعلوم أن التطوع بالسعي استقلالاً لم يشرعه الله ، فالمقصود أنه من حج أو اعتمر تطوعاً بعد الفريضة ،وتحتمل الآية أن المقصود التطوع في سائر العبادات ، كما تحتمل بظاهرها الزيادة في الطواف بينهما على القدر الواجب بأن يزيد ثامنة أو تاسعة ، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى دليل.
وختم الله الآية باسمين كريمين جليلين عظيمين يدلان على معاملة الله لعباده المتقربين إليه بالطاعات فمن تطوع خيراً (فإن الله شاكر ) يعطي على العمل القليل الأجر العظيم ، ويضاعف للعبد أضعافاً مضاعفة (عليم ) بنيته وبعمله على وجه الدقة، وبقدر مايستحقه من الثواب فيثيبه ولايضيع عنده عمل عامل ، وختام الآية بهذين الاسمين الكريمين مما يقوى القلب ويطمعه في فعل الطاعات ويحثه على الإخلاص وابتغاء الأجر من الله وحده.

إجابة السؤال الثاني:حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالسفهاء وموقفهم من تحويل القبلة في قوله تعالى: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها}.
معنى السفه في اللغة : الخفة والهلهلة ، والسفهاء هم خفاف الأحلام والعقول.
واختلف المفسرون في المراد بالسفهاء في الآية على أقوال:
الأول:أنهم اليهود ذكره الزجاج ، وابن عطية عن السدي ، وحاصل كلام ابن كثير .
الثاني :كفار قريش ، ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير عن الزجاج.
الثالث:المنافقون ، ذكره ابن عطية وابن كثير عن السدي .
الرابع :أحبار اليهود ، ذكره ابن عطية عن ابن عباس وابن كثير عن مجاهد .
والخلاصة :أن المراد بالسفهاء يعم كل هؤلاء ويعم كل من قال ( ما ولاهم) كما ذكر ذلك ابن عطية، وكما قال ابن كثير.
موقف هؤلاء من تحويل القبلة:
لما أمر الله نبيه بتحويل القبلة حصل من أهل الزيغ شك وتخبط وانكروا تحويل القبلة ومنهم من طلب من النبي صلى الله عليه وسلم العودة للقبلة الأولى ومنهم من طمع في رجوع النبي صلى الله عليه وسلم عن دينه وقالوا: {ما ولاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها} أي: ما لهؤلاء تارةً يستقبلون كذا، وتارةً يستقبلون كذا؟
أما اليهود حصل لهم ارتياب وقالوا ( ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها) ، وأما كفار قريشقالوا : ما ولاه عن قبلته؟ ما رجع إلينا إلا لعلمه أننا على الحق وسيرجع إلى ديننا، وأما أحبار اليهود فقد جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يامحمد ما ولاك عن قبلتك ؟ ارجع إلينا نؤمن بك ، يريدون فتنته.
وأما المنافقونفقد قالوها استهزاءً قبحهم الله، وذلك أنهم قالوا: اشتاق الرجل إلى وطنه.
ب: معنى قوله تعالى: {إلا لنعلم من يتّبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه} الآية.
الإشكال في لفظ الآية هو ورود علم الله تعالى بلفظ الاستقبال ، وعلم الله أزلي فالله يعلم ماكان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، لذلك اختلف المفسرون في معنى قوله تعالى( إلا لنعلم) على أقوال:
1- أي : ليعلم رسولي وأوليائي المؤمنون به من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه ، قاله ابن عطية، وهذا التفسير مبني على حذف مضاف ، وجاء مسنداً إلى الله تعالى لأنهم حزبه وخاصته ، ومثل هذا الاستعمال شائغ في كلام العرب ، كما يقول القائل فتح عمر العراق وإنما فعل جنده.
2- المراد أن الله قد علم في الأزل من يتبع الرسول ، واستمر العلم حتى وقت حدوثه ، ويستمر بعد ذلك ، فالله متصف في كل ذلك بأنه يعلم ، وأراد بقوله (لنعلم) ذكْرَ علمه وقت مواقعتهم الطاعة أو المعصية، إذ بذلك الوقت يتعلق الثواب والعقاب ، فليس معنى لنعلم لنبتديءالعلم ، بل يكون المعنى لنعلم ذلك موجوداً ، والمعنى ليظهر حال من يتبعك ويطيعك ، فهذا علم يحاسبهم عليه وهو حاصل ما ذكره ابن عطية وحاصل كلام ابن كثير.
3- معنى لنعلم أي لنثيب، والمعنى : لنعلم في حال استحقوا فيها الثواب، وعلق العلم بأفعالهم لتقوم عليهم الحجة ولا مدافعة لهم فيه، حكاه ابن عطية عن ابن فورك.
4- معنى لنعلم أي لنميز ، ذكره ابن عطية عن ابن فورك وذكره الطبري عن ابن عباس.
5- معنى لنعلم أي لنرى ، حكاه الطبري.
الخلاصة : هذه الأقوال قال عنها ابن عطية متقاربة ، لكن أصح الأقوال والله أعلم هو القول الثاني ، أن المقصود هو العلم الذي يحاسبهم الله عليه ولهذا نظائر في القرآن.
----

:إجابة السؤال الثالث:بيّن ما يلي:
أ: المخاطب في الآية، ومعنى الذكر في قوله تعالى: {فاذكروني أذكركم}.
أقوال المفسرين في المخاطب في الآية:
القول الأول:الخطاب لمشركي العرب قاله الزجاج ، أي أن الله عز وجل خاطبهم بما دلهم على إثبات رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال:كما أرسلنا فيكم محمدا - صلى الله عليه وسلم - وهو رجل منكم أمّي تعلمون أنه لم يتل كتابا قبل رسالته، ولا بعدها إلا بما أوحي إليه. وإنكم كنتم أهل جاهلية لا تعلمون الحكمة ، ولا أخبار الأنبياء، فُأرسل إليكم النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنبأكم بأخبار الأنبياء، وبما كان من أخبارهم مع أممهم، فكما أنعمت عليكم بإرساله فاذكروني بتوحيدي، وتصديقه صلى الله عليه وسلم ، أذكركم برحمتي ومغفرتي.
القول الثاني:الخطاب لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله ابن عطية وحاصل كلام ابن كثير .
ويمكن الجمع بين القولين فكل واحد من بني آدم له حظ من هذا المعنى ، فالله عز وجل أمر الكافر بذكره أي بتوحيده ، وأمر المؤمن بذكره أي بدعائه وتسبيحه وطاعته.
المراد بالذكر في الآية:
ذكر السلف معان للذكر من باب التفسير بالمثال فقالوا :
- قال سعيد بن جبير: معنى الآية اذكروني بالطاعة أذكركم بالثواب والمغفرة ، وفي رواية أذكركم برحمتي وفي رواية بمغفرتي.
- قال الربيع والسدي: المعنى اذكروني بالدعاء والتسبيح ونحوه.
- قال الحسن البصريّ في قوله: {فاذكروني أذكركم} قال: (اذكروني، فيما افترضت عليكم أذكركم فيما أوجبت لكم على نفسي).
- عن ابن عبّاسٍ في قوله {فاذكروني أذكركم} قال: «ذكر اللّه إيّاكم أكبر من ذكركم إيّاه»..
قال ابن عطية : اذكروني عند كل أموركم فيحملكم خوفي على الطاعة فأذكركم حينئذ بالثواب.
والخلاصة :
كل هذه المعاني للذكر لا تنافي بينها بل هي من باب التفسير بالمثال، فالذكر اللساني يدخل في المقصود بالذكر قطعاً ولكنه ليس مقتصرا عليه ، ويشهد لذلك قول سعيد بن جبير فالطاعة تشمل الذكر اللساني وغيره من الطاعات الظاهرة والباطنة.

ب: المراد بالإيمان وفائدة التعبير عنه بوصف الإيمان في قوله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}.
الأقوال في المراد بالإيمان في الآية:
1- الصلاة إلى بيت المقدس قبل تحويل القبلة ، وهو قول ابن عباس والبراء بن عازب وقتادة والسدي والربيع وغيرهم ، وذكره الزجاج وابن كثير وابن عطية.
2- ايمانكم بالقبلة الأولى ، وتصديقكم نبيكم واتباعه إلى القبلة الأخرى ، أي ما كان الله ليضيع أجركم في الحالين ، قاله ابن عباس وذكره الزجاج وابن كثير.
3-المراد ما كان الله ليضيع محمداً صلى الله عليه وسلم وانصراف الصحابة معه حيث انصرف، وهذا القول مروي عن الحسن البصريّ وذكره ابن كثير.
لا تعارض بين هذه الأقوال ؛ فالقولين الثاني والثالث من لازم القول الأول المشهور بأنها الصلاة ولا تنافي بينهم.
وفائدة التعبير عن الصلاة بوصف الإيمان:
1- سميت الصلاة إيماناً لأنها صادرة عن الإيمان والتصديق في وقت ما كانت الجهة لبيت المقدس وفي وقت التحويل.
2- ولأن الإيمان الأصل الذي تدور عليه الأعمال ، فلا يمكن أن تكون صلاة بدون إيمان ، فالإيمان أصل في الصلاة وغيرها من الأوامر والنواهي.
3- الصلاة شعبة من شعب الإيمان ، فهي الإيمان العملي.
4- ولئلا يدخل في اسم الصلاة صلاة المنافقين إلى بيت المقدس .
----
ج: معنى الصبر، وأنواعه، وفضله.
معنى الصبر لغةً:
الصَّبْـرُ نقيض الجَزَع، وأَصل الصَّبْر الحَبْس وكل من حَبَس شيئًا فقد صَبَرَه، والصبر: حبس النفس عن الجزع والتسخط.
معنى الصبر اصطلاحًا:
(الصبر هو حبس النفس عن محارم الله، وحبسها على فرائضه، وحبسها عن التسخط والشكاية لأقداره).
وقيل هو:(ترك الشكوى من ألم البلوى لغير الله لا إلى الله)
أنواع الصبر:
1- الصبر على الطاعة:
وهو أعلى أنواع الصبر ويكون ذلك بالعلم عن الله ومن خلال معرفة طريقه المستقيم الموصل لجنات النعيم ؛الطريق الذي ينجي الإنسان، فيطيع الله ، ويداوم على ذلك ويصبر عليه، ويتحمل في سبيل ذلك جميع المصاعب والعقبات التي قد تواجهه في حياته، فيرزقه الله حلاوة الإيمان ويصبح صابراً ومحتسباً عند الله تعالى، وهناك العديد من الطاعات التي فرضها الله تعالى على عباده كالصلاة والصيام والزكاة وغيرها من الطاعات، فعندما يؤدّيها المسلم ويلتزم بها ويداوم عليها يشعر بحلاوتها وبراحة نفسيّة لم يحصل عليها عند ترك هذه العبادات، ويتجلّى الصبر في العبادات، عند قيام المسلم بفرض الصيام، فهو ينمّي في نفسه الصبر والتحمّل على الجوع والعطش، وبالتالي الصبر والتحمّل على الشدائد والابتلاءات.
2- الصبر عن المعصية والمخالفات:
طبيعة الحياة تحتم على الإنسان السعي فيها والاختلاط بالناس ، مما يجعله دائما معرضا لارتكاب المعاصي والمخالفات ، وكلما قوي إيمانه كبح نفسه وصبر عن المعصية خوفا من الله ، وهذا الصبر في الدرجة الثانية بعد الصبر على الطاعات. وهو صبر محمود يقوى عزم الإنسان في سيره إلى الله.
3-الصبر على الأقدار المؤلمة:
كتب الله عز وجل أن تكون الدنيا دار الاختبار ، ومن اختبارات الله أن يمرر على العبد الأقدار المؤلمة ليختبر صبره ؛ كما قال تعالى ( لنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين )، فإذا علم العبد أن كلّ شيء في هذه الحياة بيد الله تعالى، وأنه مقدّر ومكتوب للإنسان منذ ولادته، سهل عليه العيش بسلام وراحة في هذه الدنيا، ويتجلّى ذلك عند فقد الإنسان لشخص عزيز عليه، يجب أن يتحلّى بالصبر على ذلك، وتقبّل الأمر بكل إيمان، وتجنّب التذمّر والشكوى لحدوث ذلك؛ لأنّه يؤدّي إلى خسارة الأجر والثواب، والعيش بحياة تعيسة وكئيبة.
فضل الصبر:
1-الصبر خير للمؤمن،كما جاء في الحديث: «عجبًا للمؤمن. لا يقضي اللّه له قضاءً إلّا كان خيرًا له: إن أصابته سرّاء، فشكر، كان خيرًا له؛ وإن أصابته ضرّاء فصبر كان خيرًا له».
2-أجود ما يستعان به على تحمّل المصائب الصّبر والصّلاة، كما في قوله: {واستعينوا بالصّبر والصّلاة وإنّها لكبيرةٌ إلا على الخاشعين}[البقرة: 45].
وفي الحديث كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا حزبه أمرٌ صلّى.
3-يدخل الصابرون الجنة بلا حساب ، قال عليّ بن الحسين زين العابدين: «إذا جمع اللّه الأوّلين والآخرين ينادي منادٍ: أين الصّابرون ليدخلوا الجنّة قبل الحساب؟ قال: فيقوم عنق من النّاس، فتتلقّاهم الملائكة، فيقولون: إلى أين يا بني آدم؟ فيقولون: إلى الجنّة. فيقولون: وقبل الحساب؟ قالوا: نعم، قالوا: ومن أنتم؟ قالوا: الصّابرون، قالوا: وما كان صبركم؟ قالوا: صبرنا على طاعة اللّه، وصبرنا عن معصية اللّه، حتّى توفّانا اللّه. قالوا: أنتم كما قلتم، ادخلوا الجنّة، فنعم أجر العاملين».
--------

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16 ربيع الأول 1440هـ/24-11-2018م, 11:09 PM
فداء حسين فداء حسين غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - مستوى الإمتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 955
افتراضي

المجموعة الثالثة:
1: فسّر قول الله تعالى:
{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158) }.

جاء في الصحيحين عن سبب نزول هذه الآية ما روته عائشة رضي الله عنها, إذ قالت:... أنزلت أنّ الأنصار كانوا قبل أن يسلموا كانوا يهلون لمناة الطاغية، التي كانوا يعبدونها عند المشلل. وكان من أهل لها يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة، فسألوا عن ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالوا: يا رسول اللّه، إنّا كنّا نتحرّج أن نطّوف بالصّفا والمروة في الجاهليّة. فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {إنّ الصّفا والمروة من شعائر اللّه}إلى قوله: {فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما}...(الحديث.
وقد قيل بأنه كان على الصفا صنم يدعى إسافا، وعلى المروة صنم يدعى نائلة, وهما رجل وامرأة زنيا في الكعبة فخسفا حجارة, فأخرجا من الكعبة ووضعا في هذا الموضع ليعتبر الناس بهما, ولم يمض الزمان حتى عبدا, فكانت العرب تعتقد أن السعي إجلالا لإساف ونائلة.
وفي هذا بيان لسبب حرص الشريعة على سد الذرائع الموصلة للشرك بتحريم التماثيل والصور ولو مع قول الناس: الشرك منا بعيد!

وجاء أيضا في سبب نزولها ما رواه الزهري حيث قال:حدثت بهذا الحديث (أي حديث عائشة رضي الله عنها) أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشامٍ، فقال: «إن هذا العلم، ما كنت سمعته، ولقد سمعت رجالًا من أهل العلم يقولون إنّ النّاس -إلا من ذكرت عائشة -كانوا يقولون: إن طوافنا بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية. وقال آخرون من الأنصار: إنما أمرنا بالطواف بالبيت، ولم نؤمر بالطواف بين الصفا والمروة، فأنزل اللّه تعالى: {إن الصّفا والمروة من شعائر اللّه}.
وقد قال أبو بكر بن عبد الرحمن: «فلعلها نزلت في هؤلاء وهؤلاء».

قوله تعالى:{إِنّ الصفَا وَالمَروَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}: أما الصفا في اللغة فهي الحجارة الصلبة الصلدة التي لا تنبت شيئا, وعكسها (المروة) وهي الحجارة اللينة الصغيرة, وقيل الصلبة, وقيل كلاهما.
والصفا والمروة من معالم الحج البينة الواضحة, فهما كالعلامة عليه, وقد شرعها اللّه تعالى لإبراهيم , وجعلها في مناسك الحج.
والسعي بين الصفا والمروة مأخوذ من تردد هاجر بين الصفا والمروة لما ذهبت تبحث عن الماء حين تركهما إبراهيم في واد غير ذي زرع كما قال تعالى مخبرا عنه:{ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم} فلما نفد الماء, وجاع إسماعيل ولدها, وجف الحليب في صدرها: مضت تطلب الغوث من الله سبحانه وتعالى, فأخذت تتردد بين الصفا والمروة راجية رحمة ربها, فقيرة متذللة إليه, حتى كشف الله ما بها ونبع الماء من عند قدمي إسماعيل الرضيع, ماء زمزم الذي قال فيه عليه الصلاة والسلام:( طعام طعمٍ، وشفاء سقمٍ).
ونحن إذا نتبع ما أمر الله تعالى من الطواف بين الصفا والمروة, علينا أن نسعى والقلوب مليئة بالرجاء والافتقار والذل والخشية من الرب كاشف الكربات ومقيل العثرات, وغافر الزلات, وساتر الذنوب والخطايا سبحانه.

وقوله:{فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعتمر فَلَا جناحَ عَلَيه أَن يَطوّفَ بِهِمَا} قد يبدو من ظاهر الآية أن السعي بين الصفا والمروة من المستحبات في الحج, لا على وجه الإلزام, وهذا ما ظنه عروة بن الزبير رضي الله عنه, فذهب يسأل خالته عائشة رضي الله عنها, كما جاء في الحديث المخرج في الصحيحين حيث قال لها:( أرأيت قول الله تعالى: {إنّ الصّفا والمروة من شعائر اللّه فمن حجّ البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما}» قلت: «فواللّه ما على أحدٍ جناحٌ أن لا يطّوف بهما؟ » فقالت عائشة: «بئسما قلت يا ابن أختي إنّها لو كانت على ما أوّلتها عليه كانت: فلا جناح عليه ألّا يطّوف بهما...) ثم ذكرت سبب نزول الآية, ثم قالت:( ثم قد سن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الطواف بهما، فليس لأحد أن يدع الطّواف بهما».
فيكون معنى:{فلا جناح عليه} نفي الإثم ورفع الحرج الذي وقع في نفوس البعض من الطواف بينهما، فالجناح هو الإثم والميل عن الحق, فأخبرهم الله بأن ما وقع في نفوسهم ليس بصحيح، فليس معنى الآية إباحة الطواف لمن شاء كما ظن عروة، لأن ذلك بعد الأمر لا يستقيم.
وقد اختلف العلماء في حكم السعي بين الصفا والمروة على ثلاثة أقوال: فقالوا هو ركن من أركان الحج لا يصح إلا به, وقال بعضهم بل هو واجب إن تركه جبره بدم, وقال آخرون بل هو مستحب وهو أضعف الأقوال لما جاء في الحديث السابق.
والصحيح بأنه ركن من أركان الحج, وقد حج عليه الصلاة والسلام, وقال: "لتأخذوا عني مناسككم", وكان يسعى وهو يقول: "اسعوا، فإن اللّه كتب عليكم السعي", كما أخبرت بهذا حبيبة بنت أبي تجراة . رواه أحمد.

وقوله:{ وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ } أي: من زاد في أعمال الخير: سواء حج مرة أخرى أو اعتمر بعد عمرة الفريضة , أو عمل أي عمل آخر من أعمال البر: فالله سبحانه شاكر شكور يثيب على العمل القليل الأجر الكثير بمنه وكرمه سبحانه, وهو عليم بنوايا القلوب, ويعلم المخلص من غيره, فيثيب على النوايا كما يثيب على الأعمال الظاهرة.
وقد فسر من قال بأن السعي من المستحبات الآية : أي: من تطوع بالسعي بينهما، وقال بعضهم بأن المعنى: من زاد في طوافه بينهما على قدر الواجب, وهذا ضعيف لأن العبادات مبناها على التوقيف, وقد سبق قوله عليه الصلاة والسلام:"خذوا عني مناسككم".

2: حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالسفهاء وموقفهم من تحويل القبلة في قوله تعالى: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها}.

جاءت اقوال المفسرين في المراد ب(السفهاء) وموقفهم من تحويل القبلة على أربعة أقوال:
القول الأول: قالوا بأن المراد بهم أهل الكتاب, جاء هذا عن البراء حيث قال: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يصلّي نحو بيت المقدس، ويكثر النّظر إلى السّماء ينتظر أمر اللّه, فأنزل اللّه:{قد نرى تقلّب وجهك في السّماء فلنولّينّك قبلةً ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام}فقال رجالٌ من المسلمين: وددنا لو علمنا علم من مات منّا قبل أن نصرف إلى القبلة، وكيف بصلاتنا نحو بيت المقدس؟ فأنزل اللّه:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم}وقال السّفهاء من النّاس -وهم أهل الكتاب-: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فأنزل اللّه:{سيقول السّفهاء من النّاس}إلى آخر الآية».رواه محمد بن إسحاق عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي إسحاق، عن البراء.
ولعله أراد اليهود خاصة, كما جاء في لفظ آخر عنه:(وهم اليهود), وهذا لندرة النصارى في المدينة وقتها.

القول الثاني: قالوا بأن المراد بهم اليهود, وقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله: «أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لمّا هاجر إلى المدينة، أمره اللّه أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بضعة عشر شهرًا، وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحب قبلة إبراهيم، فكان يدعو اللّه وينظر إلى السّماء، فأنزل اللّه عزّ وجلّ:{فولّوا وجوهكم شطره}أي: نحوه. فارتاب من ذلك اليهود، وقالوا: ما ولّاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فأنزل اللّه:{قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}». رواه أبو طلحة. ذكره ابن كثير في تفسيره, وقاله البراء أيضا.
وخصهم ابن عباس ومجاهد بالأحبار, كما ذكر ذلك ابن كثير, ولعله قصد ابتداء القول ونشره بين أتباعهم, والله سبحانه وتعالى قد ذم اليهود والنصارى لاتباعهم الأحبار في الباطل فقال: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله }, وقد فسرها -عليه الصلاة والسلام- لعدي بأن اتخاذهم الأحبار أربابا: أي طاعتهم فيما حرموه وحللوه افتراء على الله وكذبا عليه.
وكان موقفهم هذا ريبة أرادوا بثها في المسلمين لفتنتهم عن دينهم, فهم يمنعون النسخ في شريعتهم, ولا يقولون به كذبا على الله, فأظهروا التشكيك والتكذيب, كما أرادوا فتنة النبي عليه الصلاة والسلام, فجاؤوا إليه فقالوا:( يا محمد ما ولاك عن قبلتنا؟ ارجع إليها ونؤمن بك). وهم في هذا كاذبون ولذلك فضحهم الله تعالى وبين سفه عقولهم, فقد كان يعجبهم أن يستقبل النبي -عليه الصلاة والسلام- قبلتهم, كذلك قالوها استهزاء به عليه الصلاة والسلام وبأصحابه, كما قال السدي: (قالها بعض اليهود والمنافقون استهزاء، وذلك أنهم قالوا: اشتاق الرجل إلى وطنه).
ومثله يقال في أصحاب القول الأول.

القول الثالث: قالوا المراد بهم كفار أهل مكة، قاله الزجاج, وذكره ابن عطية, وذكره ابن كثير.
أما موقفهم هذا فلأنهم ظنواأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أراد بتحويل القبلة الرجوع إليهم, فقالوا: (ما رجع إلينا إلا لعلمه أنّا على الحق وسيرجع إلى ديننا كله). فكذبهم الله سبحانه وتعالى ووصفهم بالسفه.

القول الرابع: قالوا بأن المراد بهم المنافقون, قاله السدي, ذكره ابن كثير.
وهؤلاء قالوها استهزاء قالوها استهزاء, لكن أرادوا بقولهم مثل ما أراد اليهود بقولهم (تشابهت قلوبهم), فالغرض بث الريبة في صفوف المسلمين وفتنتهم عن دينهم, كما قال تعالى فيهم:{لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ}.

الراجح:
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:(والآية عامّةٌ في هؤلاء كلّهم، واللّه أعلم), وهو الصحيح, لأن الله أخبر عن حالهم بصيغة المستقبل بدلا من الماضي, وقد نص ابن عباس وغيره أن الآية نزلت بعد قولهم, فيكون في هذا دلالة على استدامة ذلك، وأنهم سيستمرون على ذلك القول، وهذا حاصل إلى يومنا هذا, فهناك من الكفار واليهود والنصارى, وحتى منافقي الأمة: من يشكك إلى الآن في شأن تحويل القبلة, وكيف تتغير الأحكام مرة هنا ومرة هناك!! وهذا من سفه عقولهم, فقد أعمى الله بصيرتهم فلم يروا الحكمة من ذلك, لذلك فُصل الكلام في القرآن في شأن تحويل القبلة, وكثرت الآيات في سورة البقرة التي تحدثت عنه, ليبين الله الابتلاء به, (ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة).


ب: معنى قوله تعالى: {إلا لنعلم من يتّبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه} الآية.
جاء في معنى الآية عدة معان:
المعنى الأول: أي: ليعلم الرسول والمؤمنون به، وجاء الإسناد بنون العظمة لأنهم حزبه وخاصته، وهذا معروف في كلام العرب, كما يقال: فتح عمر العراق، مع إن جنده هم الذين فعلوا ذلك. وهذا القول قاله ابن عطية.
وهذا القول يرده ظاهر الآية وفيه بعض تكلف.
المعنى الثاني: أي: لنرى. ذكره ابن عطية ونسبه للطبري, وهذا وهم منه لأن الطبري قد ذكر هذا القول ولكنه رده بقوله: ( وهذا تأويل بعيد...).
المعنى الثالث: أي: لنثيب, حكاه ابن فورك. ذكره ابن عطية وقال: (فالمعنى لنعلمهم في حال استحقوا فيها الثواب، وعلق العلم بأفعالهم لتقوى الحجة ويقع التثبت فيما علمه لا مدافعة لهم فيه).
المعنى الرابع: أي: لنميز، قاله ابن فورك, وذكره الطبري عن ابن عباس. ذكر ذلك ابن عطية.
وهذا لأن التمييز يقع بالعلم, فهو لازم وواقع حتما بعد اختبار الله لعباده, فيظهر المصدق من المكذب والشاك, وهذا كقوله تعالى:(ليميز الله الخبيث من الطيب).
المعنى الخامس: أي: لنعلم علم يترتب عليه الجزاء. ذكره ابن عطية.
المعنى السادس: ليظهر حال من يتبع وحال من ينقلب على عقبيه وهو قول ابن كثير.
- وقرأ الزهري :{ليُعلم} ، على بناء الفعل للمفعول الذي لم يسم فاعله ، فالفاعل قد يكون غير الله تعالى . ذكره ابن عطية.

الراجح:
الله سبحانه وتعالى- علمه أزلي كامل لم يسبقه جهل ولا يلحقه نسيان سبحانه, علم سبحانه ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون, والمعنى على ظاهره لا إشكال فيه فالمراد العلم الذي يترتب عليه الثواب والعقاب, فالله سبحانه من رحمته بعباده لا يحاسبه بما علمه من أعمالهم, ولا يحاسبهم بما هو مكتوب في اللوح المحفوظ, لكن الثواب والعقاب بحسب ما كسبت أيدي العباد, وبحسب ما كتبه الكتبة, فتبين بأن بالاختبار يتحقق:
- إظهار علم الله السابق لكي يكون العلم فيه مشتركا بين فاعله وبين الله -جل وعلا- إقامة للحجة على الفاعل.
- ترتب الجزاء والعقاب على ما تحقق وقوعه من أعمالهم.
- ظهور الأمر للناس, وبيان المؤمن المتيقن من المنافق المرتابو وبهذا يحصل التمييز بينهم.


3: بيّن ما يلي:
أ: المخاطب في الآية، ومعنى الذكر في قوله تعالى: {فاذكروني أذكركم}.

المخاطب في الآية:
جاءت الأقوال بعموم الخطاب في الآية:
- فقد ذكر ابن عطية دخول الكفار في الخطاب, فقال: روي أن الكافر إذا ذكر الله ذكره الله باللعنة والخلود في النار. ولم ينسبه وعلى هذا يكون الذكر من الكافر: ذكره لله سبحانه, وذكر الله له: يكون باللعنة والخلود في النار.
- وذكر ابن عطية وابن كثير أن العصاة من ضمن المخاطبين أيضا, قال ابن عطية: (وكذلك العصاة يأخذون بحظ من هذا المعنى)، وذكر أثر جاء فيه: أن الله تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام «قل للعاصين لا يذكروني».
أما ابن كثير فقد ذكر ما رواه ابن أبي حاتم من طريق مكحول الأزدي: قال: قلت لابن عمر: أرأيت قاتل النفس، وشارب الخمر والسارق والزاني يذكر اللّه، وقد قال اللّه تعالى: {فاذكروني أذكركم}؟» قال: «إذا ذكر اللّه هذا ذكره اللّه بلعنته، حتى يسكت».
فيكون ذكر الله للعاصي إن ذكره لعنته إياه حتى يسكت.
- إن الخطاب موجه للمؤمنين. ذكره ابن عطية وابن كثير.

ثم تنوعت الأقوال في بيان نوع ذكر المؤمنين لربهم:
* فقالوا المراد بالذكر هنا طاعة الله فيما أمر, والمراد بذكر الله للعبد هو الثواب والمغفرة والرحمة, وهو قول سعيد ابن جبير. ذكره ابن عطية وقال: (اذكروني عند كل أموركم فيحملكم خوفي على الطاعة فأذكركم حينئذ بالثواب), وهو معنى قول الحسن في قوله: {فاذكروني أذكركم} قال: «اذكروني، فيما افترضت عليكم أذكركم فيما أوجبت لكم على نفسي», وقد جاء في حديث معاذ :(...وحقُّ العبادِ على اللَّهِ، إذا فعَلوا ذلِكَ أن لا يُعذِّبَهُم) وهذا يتضمن المغفرة والرحمة والثواب.
* وجاء بأن المراد بذكر المؤمن لربه أي: الدعاء والتسبيح. وهو قول الربيع والسدي. ذكره ابن عطية. وهذا القول يدخل في القول الأول لأن الله أمر بدعائه وتسبيحه, يكون هذا العمل من طاعة الله فيما أمر.
* وجاء في الحديث: إن الله تعالى يقول: «ابن آدم اذكرني في الرخاء أذكرك في الشدة».
* وجاء في الحديث القدسي:"قال اللّه عز وجل: يا ابن آدم، إن ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي، وإن ذكرتني في ملأٍ ذكرتك، في ملأٍ من الملائكة أو قال: في ملأٍ خيرٍ منهم ...". أخرجه البخاريّ من حديث قتادة
*وعن ابن عبّاسٍ في قوله {فاذكروني أذكركم} قال: «ذكر اللّه إيّاكم أكبر من ذكركم إيّاه».

الراجح:
أما الخطاب فظاهر الآية بأنه يشمل المؤمن والمسلم ولا يشمل الكافر, لأن سياق الآيات في خطاب المؤمنين, وفي سياق المدح, ويكون ذكر الله لكل من المؤمن والعاصي بحسب عمله وإخلاصه في الذكر, فذكر العاصي لربه ليس كذكر المؤمن, ونصيب المؤمن المتقي من ذكر ربه ليس كنصيب العاصي.

أما المراد بالذكر فيشمل:
- نوع الذكر نفسه: فيشمل ما ورد من أقوال: فيكون إما دعاء مسألة او دعاء عبادة بالطاعات والتسبيح.
- حال الذاكر: فيذكر ربه في الرخاء, ومن باب أولى في الشدة, ويكون ذكر الله له في الحالين كذلك.
- مكان الذكر: فإن ذكره العبد ربه في نفسه ذكره الرب في نفسه, وإن ذكره العبد في ملأ ذكره الرب في ملأ خير منهم وهو الملأ الأعلى, وأنعم بهم من ملأ.
- الكمية: فذكر الله أكبر واعظم سبحانه.


ب: المراد بالإيمان وفائدة التعبير عنه بوصف الإيمان في قوله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}.
جاءت عدة أقوال عن السلف في تفسير المراد بالإيمان في الآية:
الأول: الإيمان هنا الصلاة, أي: ثواب صلاتكم إلى بيت المقدس. ذكره ابن عطية, وذكره ابن كثير.
وقد جاء في الصحيح من حديث أبي إسحاق السّبيعي، عن البراء، قال: «مات قوم كانوا يصلون نحو بيت المقدس فقال الناس: ما حالهم في ذلك؟ فأنزل اللّه تعالى:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم}».
الثاني: جاء عن ابن عباسٍ في قوله تعالى: {وما كان اللّه ليضيع إيمانكم} أي: (بالقبلة الأولى، وتصديقكم نبيكم، واتباعه إلى القبلة الأخرى), فيتحصل لهم أجر اتباعهم للنبي في شأن القبلتين. ذكر قول ابن عباس ابن كثير.
الثالث: جاء عن الحسن البصري في قوله تعالى: {وما كان اللّه ليضيع إيمانكم} أي: ما كان اللّه ليضيع محمدًا صلى اللّه عليه وسلم, وانصرافكم معه حيث انصرف. ذكره ابن كثير.

والراجح هو القول الأول بدلالة سبب نزول الآية, وهو ما عليه أكثر المفسرين.
وسميت الصلاة في الآية إيمانا: لأنها صدرت عن إيمان وتصديق في وقت بيت المقدس وفي وقت التحويل، فهو الأصل الذي تنبثق منه جميع الأعمال.
كذلك لكي يكون الخطاب خاص بالمؤمنين حقا, فيخرج منه صلاة المنافقين إلى بيت المقدس, لأن صلاتهم تفتقد ركن الإيمان.
وسميت الصلاة إيمانا لأنها شعبة من شعب الإيمان كما جاء في الحديث.


ج: معنى الصبر، وأنواعه، وفضله.
قال سعيد بن جبيرٍ: «الصبر اعتراف العبد للّه بما أصاب منه، واحتسابه عند اللّه رجاء ثوابه، وقد يجزع الرجل وهو متجلد لا يرى منه إلا الصبر», ومعنى كلامه رحمه الله تعالى, بأن الصبر هو إيمان العبد بأن ما وقع كان بقضاء الله وقدره, واحتسابه الأجر عند الله, وهذا يدل على حبس العبد نفسه عن التسخط إذا وقع البلاء, سواء كان التسخط بالقول أو الجوارح أو القلب, لذلك قال: (وقد يجزع الرجل وهو متجلد لا يرى منه إلا الصبر) فيكون جزعه في قلبه مع إظهاره التجلد للناس خوفا من مذمتهم أو طلبا في مدحهم.
فالصبر هو الثبات وهو ثلاثة أنواع:
الأول: ما ذكره سعيد بن جبير وهو الصبر على أقدار الله المؤلمة.
الثاني: الصبرعن المحارم التي حرمها الله تعالى.
الثالث: الصبر على فعل الطاعات.
وهذا كما قال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: «الصبر في بابين، الصبر للّه بما أحب، وإن ثقل على الأنفس والأبدان، والصبر للّه عما كره وإن نازعت إليه الأهواء. فمن كان هكذا، فهو من الصابرين الّذين يسلم عليهم، إن شاء اللّه».

أما فضل الصبر, فيكفي أهله أنهم في معية الله سبحانه وتعالى, فقد قال:{إن الله مع الصابرين}.
كذلك عظم أجر الصبر, فقد قال تعالى:{إنّما يوفّى الصّابرون أجرهم بغير حسابٍ}.
وقد جاء في قوله عليه الصلاة والسلام:(عجبا للمؤمن. لا يقضي اللّه له قضاء إلا كان خيرا له: إن أصابته سراء، فشكر، كان خيرا له؛ وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له).
وقد جعله العلماء شطر الدين لما تقدم من حاجة العبد إليه للقيام بالمأمورات وترك المنهيات, وحاجة العبد للصبر على تحمل المصائب, وأيضا لردعه عن المعاصي, لذلك قال تعالى: {واستعينوا بالصّبر والصّلاة وإنّها لكبيرةٌ إلا على الخاشعين}.
وقد جاء عن علي بن الحسين زين العابدين في فضل الصبر قوله: (إذا جمع اللّه الأوّلين والآخرين ينادي منادٍ: أين الصّابرون ليدخلوا الجنّة قبل الحساب؟ قال: فيقوم عنق من النّاس، فتتلقّاهم الملائكة، فيقولون: إلى أين يا بني آدم؟ فيقولون: إلى الجنّة. فيقولون: وقبل الحساب؟ قالوا: نعم، قالوا: ومن أنتم؟ قالوا: الصّابرون، قالوا: وما كان صبركم؟ قالوا: صبرنا على طاعة اللّه، وصبرنا عن معصية اللّه، حتّى توفّانا اللّه. قالوا: أنتم كما قلتم، ادخلوا الجنّة، فنعم أجر العاملين).

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23 ربيع الأول 1440هـ/1-12-2018م, 04:04 PM
فاطمة احمد صابر فاطمة احمد صابر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 370
افتراضي

المجموعة الأولى:
1: فسّر
قول الله تعالى:

{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)} البقرة.

يخاطب الله نبيه الكريم فيقول: {قد نرى تقلب وجهك في السماء } تتقلب عينيه في السماء دعاء و ليؤذن له في الدعاء، وعبر بالوجه لأنه المقصود في الرغائب وهو أشرف الأعضاء ، ولأن السماء جهة الرحمة والمطر والعلو والنعم
{فلنولينك قبلة ترضاها } أي قبلة تحبها، وقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم ) يحب التوجه إلى الكعبة ليصيب قبلة إبراهيم، وليخالف اليهود الذين قالوا ما علم محمد دينه حتى اتبع قبلتنا، ولأن توجهه إلى الكعبة أدعى إلى إيمان قومه
{فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} أمر باستقبال الكعبة في المدينة وحيث كان الناس ولا يستثنى إلا النافلة في السفر وحال المسايفة في القتال وحال من جهل القبلة واجتهد فيها فأخطأ أي: فتوجه نحو ميزاب الكعبة كما قال ابن عباس أو المراد بالبيت الحرام البيت كله دون تخصيص،
واستدل بعض العلماء بالآية على أن الأصل التوجه لعين القبلة لقوله تعالى {فول وجهك شطر المسجد الحرام }
ولكن الأكثرون على أن المراد المواجهة واستدلوا بحديث " ما بين المشرق والمغرب قبلة لأهل المسجد ووالمسجد قبلة لأهل الحرم والحرم قبلة لأهل الأرض"
{وإن الذين أوتو الكتاب} اليهود والنصارى وقيل اليهود فقط {ليعلمون أنه الحق من ربهم} ليعلمون في كتبهم أن قبلة النبي (صلى الله عليه وسلم ) إلى الكعبة ويعلمون أن النبي حق ولكنهم يكذبون لذلك هددهم الله بقوله {وما الله بغافل عما يعملون} وسيحاسبهم على ذلك
وقد نزلت الاية في تحويل القبلة قيل في صلاة الظهر وتحول المسلمون بعد ركعتين وقيل بل نزلت في غير صلاة وأول صلاة صلاها النبي إلى الكعبة كانت صلاة العصر على الراجح والله أعلم.
___________

أ: معنى قوله تعالى: {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتّبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه}.
اختلف المفسرون في المراد بالقبلة هنا على قولين:
الأول: أنها بيت المقدس أي وما جعلنا صرف القبلة التي كنت عليها أو ما جعلنا قبلة بيت المقدس أولا إلا فتنة للعرب لنعلم من يتبع الرسول منهم مروي عن قتاة والسدي وعطاء ذكره ابن عطية
الثاني: الكعبة أي التي أنت عليها (كقوله تعالى {كنتم خير أمة أخرجت للناس} أي أنتم ) قاله ابن عباس ذكره ابن عطية

ب: هل كانت الصلاة إلى بيت المقدس بوحي متلوّ؟
اختلف المفسرون في ذلك على قولين
الأول: أنها كانت بوحي متلو وأن آية تحويل القبلة أول نسخ في القرآن
الثاني: أنها كانت بوحي غير متلو وأن الآية اختبار لمن آمن من العرب وقيل بأن النبي (صلى الله عليه وسلم) خير فاختار بيت المقدس ليستألف أهل الكتاب
______________

3: بيّن ما يلي:
أ: متعلّق "كما" في قوله تعالى: {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا} الآية.
اختلف المفسرون فيها على أقوال
الأول: أنها متعلقة بقوله تعالى {فاذكروني أذكركم} أي فاذكروني أذكركم كما أرسلت إليكم الرسول
الثاني: أنها جوابا لقوله تعالى {لعلكم تهتدون} أي لعلكم تهتدون كما أرسلنا الرسول هداية لكم
الثالث: أنها جوابا لقوله تعالى {ولأتم نعمتي عليكم } وعليه فالمراد أن الرسول من جملة النعم في بيان سنة إبراهيم

ب: كيف كان تحويل الصلاة إلى الكعبة دليلا على عناية الله بهذه الأمة.
حيث اختصها الله عز وجل باستقبال الكعبة قبلة إبراهيم وأنها هداية من الله لهذه الأمة كما في الحديث " إنهم لا يحسدوننا على شيء كما يحسدوننا على الجمعة والقبلة التي هدانا الله إليها وقولنا خلف الإمام آمين"
ووصفها الله بهذه الهداية إلى أنها أمة وسطا أي أخيارا عدولا فهي لم تغل كاليهود ولم تغالي كالنصاري

ج: مناسبة قوله تعالى: {ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع} لما قبله.
أن الابتلاء بهذه الأشياء هو الذي يبين من يصبر ومن لا يصبر فناسب ذكره بعد قوله { ياأيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين}، وأنه لا يصبر على ذلك إلا من كان مؤمنا حقا وضح له الحق والبرهان فيصبر على فراق الإخوان والابتلاء بحو ذلك.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 4 ربيع الثاني 1440هـ/12-12-2018م, 10:44 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة القسم الحادي عشر من تفسير سورة البقرة
الآيات (142 - 158)


أحسنتم، بارك الله فيكم ونفع بكم وزادكم علما.

المجموعة الأولى:
1: فاطمة أحمد صابر ج+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ج1: انتبهي إلى عبارة ابن عطية -رحمه الله- في أن السماء جهة قد تعود العالم منها الرحمة كالمطر والأنوار والوحي فهم يجعلون رغبتهم حيث توالت النعم، فإن هذا من اعتقاد الأشاعرة أنهم ينفون عن الله أن يكون في السماء، وينفون علوّه تعالى على خلقه، والصحيح أن النبي صلى الله كان ينظر إلى السماء متوجّها إلى الله تعالى بالدعاء، فلينتبه إلى ذلك.
ج2 أ: إذا كان سؤال التحرير في معنى آية، فإننا نفسّرها باختصار أولا بما اتّفق عليه المفسّرون ثم نشرع بعدها في بيان الخلاف.
ولم تبيّني الراجح من القولين، كما يلاحظ اقتصارك على تفسير ابن عطية فقط.
ج2 ب: لم تنسبي القولين ولم تستدلّي لهما، والقول الثاني مشتمل على قولين، فكون التحويل بوحي غير متلوّ غير أن يكون اجتهادا واختيارا من النبي صلى الله عليه وسلم، والراجح أن التوجّه إلى بيت المقدس كان بوحي لقوله تعالى: {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها}، فلو صحّ أثر ابن عباس "أول ما نسخ من القرآن القبلة" كان متلوّا، وإن لم يصحّ كان التحويل بوحي غير متلوّ.
- خصمت نصف درجة للتأخير.





المجموعة الثالثة:
2: مها محمد أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

3: فداء حسين أ
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ج3 أ: الذي قال بأن الخطاب للمشركين هو الزجّاج فقط بدلالة قوله تعالى: {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم} الآية، وأن معنى ذكره هو توحيده وتصديق نبيه.
ويشهد لهذا القول أن الله تعالى خاطب الناس عامّة في مواضع كثيرة بالإيمان به كما قال تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتّقون} وإن كان يضعف هذا القول في الآية أن السياق كله في خطاب المؤمنين.
أما ابن عطية فقصر الخطاب على المؤمنين فقط وردّ أن يكون الخطاب للكفار بما أورد من الآثار، إذ لا يتصوّر أن يأمر الله الكافر بذكره ثم يلعنه، فمراده أن الخطاب والوعد للمؤمنين فقط، أما قوله: "وكذلك العصاة يأخذون بحظ من هذا المعنى" يريد عطفهم على الكفار وأخذهم بحظ من معنى اللعن.
وإلى ذلك ذهب ابن كثير أيضا كما هو ظاهر كلامه.



رزقكم الله العلم النافع والعمل الصالح

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الأول

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:28 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir