دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > أصول الفقه > متون أصول الفقه > جمع الجوامع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 04:26 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الغيث الهامع لولي الدين العراقي


ص: مسألة: اللفظ إما حقيقة أو مجاز أو حقيقة ومجاز باعتبارين، والأمران منتفيان قبل الاستعمال.
ش: اللفظ الواحد قد يكون حقيقة فقط، كإطلاق الأسد على الحيوان المعروف، وقد يكون مجازاً فقط كإطلاقه على الشجاع، وقد عرف هذان القسمان، وقد يكون حقيقة ومجازاً باعتبارين، وذلك قد يكون بمعنيين مختلفين، كلفظ العام المخصوص على قول من يقول إنه حقيقة باعتبار دلالته على ما بقي، مجاز باعتبار سلب دلالته على ما أخرج، وقد يكون بمعنى واحد، لكن بحسب وضعين كلغوي وعرفي، كاستعمال لفظ الدابة في الإنسان فهو حقيقة باعتبار اللغة ومجاز باعتبار العرف، فأما بمعنى واحد من واضع واحد فمحال لامتناع اجتماع النفي والإثبات من جهة واحدة، وقد لا يكون حقيقة ولا مجازاً، وهو اللفظ قبل الاستعمال فإنه لا يوصف بواحد منهما، لاشتراط الاستعمال في كليهما، وذكر البيضاوي في هذا القسم الرابع الأعلام أيضاً.
قال الشارح: وقد يقال: التقسيم ناقص، وبقي عليه اجتماعهما في الإرادة على قولنا: يجوز الجمع بين الحقيقة والمجاز.
قلت: و قد يدعى دخوله في قوله: أو حقيقة ومجاز باعتبارين.
ص: ثم هو محمول على عرف المخاطب أبداً ففي الشرع الشرعي لأنه عرفه ثم العرفي العام ثم اللغوي، وقال الغزالي والآمدي في الإثبات الشرعي وفي النفي الغزالي: مجمل والآمدي: اللغوي.
ش: هذه المسألة في تعارض الحقيقة الشرعية والعرفية واللغوية، وضابط ذلك أن اللفظ محمول على عرف المخاطب ـ بكسر الطاء ـ أبداً، فإن كان الخطاب من الشارع حمل على الحقيقة الشرعية، لأنه عليه الصلاة والسلام بعث لبيان الشريعة لا اللغة، فإن تعذر حمل على الحقيقة العرفية العامة، فإن تعذر حمل على الحقيقة اللغوية، ومن أمثلة ذلك إذا حلف لا يبيع الخمر أو المستولدة وأطلق لم يحنث حملاً على الشرعي، لأن البيع الشرعي لا يتصور فيها، فإن أراد أنه لا يتلفظ بلفظ العقد مضافاً إليها حنث به تنزيلاً على العرف، فإن تعذر حمله على هذه الحقائق حمل على مجازاتها وينزل مجاز كل واحدة منزلتها، هذا رأي الجمهور، ووراء ذلك مذهبان.
أحدهما: قاله الغزالي: إن ورد في الإثبات حمل على الشرعي كقوله عليه الصلاة والسلام ((إني أذن أصوم)) فيستدل به على صحة صوم النفل بنية من النهار، وإن كان في النفي فهو مجمل كالنهي عن صوم يوم النحر، فإنه لو حمل على الشرعي لدل على صحته لاستحالة النهي عما لا يتصور وقوعه.
ثانيهما: وهو اختيار الآمدي: أنه في الإثبات محمول على الشرعي، وفي النهي على اللغوي.
تنبيه:
هذا المذكور هنا من تقديم العرفي على اللغوي يخالفه قول الفقهاء: ما لا حد له في اللغة ولا في الشرع يرجع فيه إلى العرف، وجمع السبكي بينهما بأن مراد الأصوليين: إذا تعارض معناه في العرف ومعناه في اللغة قدمنا العرف، ومراد الفقهاء: إذا لم يعرف حده في اللغة فإنا نرجع فيه إلى العرف، ولهذا قالوا: كل ما ليس له حد في اللغة، ولم يقولوا: معنى فالمراد أن أهل اللغة لم ينصوا على حده بما يبينه فيستدل عليه بالعرف، انتهى.
وحكى الشارح هذا الجمع عن الباجي، قال: وجمع بعضهم بينهما بحمل كلام الأصوليين على اللفظ الصادر من الشارع، وكلام الفقهاء على الصادر من غيره، قال: وفيه نظر، فإن الفقهاء يستعملون هذه العبارة في لفظ الشارع أيضاً، كالقبض في البيع وغيره.
قلت: كلام الرافعي يقتضي ترجيح تقديم اللغوي على العرفي في أصول المدلول، فقال في كتاب الطلاق: إذا تعارض المدلول اللغوي والعرفي فكلام الأصحاب يميل إلى اعتبار الوضع، والإمام والغزالي يريان اتباع العرف، ثم ذكر بعده بقليل مثله، فقال في مسألة الأصح: وبه أجاب المتولي مراعاة للفظ، فإن العرف لا يكاد ينضبط.
قلت: وهذا لا ينافي الجمع المتقدم عن بعضهم) فإن الظاهر أن كلام الرافعي في ألفاظ الآدميين فالعبارة المتقدمة عن الفقهاء إن أطلقوها في ألفاظ الشارع فالجمع ما ذكره السبكي، وإن أطلقوها في كلام غيره فهي موافقة لكلام الرافعي، والجمع بينهما وبين كلام الأصوليين أنها في ألفاظ غير الشرع، وكلام الأصوليين في ألفاظ الشرع والله تعالى أعلم.
ص: وفي تعارض المجاز الراجح والحقيقة المرجوحة أقوال ثالثها المختار مجمل.
ش: إذا غلب الاستعمال المجازي على الحقيقي كالدابة فإنها في اللغة كل ما يدب، ثم نقلت في العرف إلى الحمار، وكثر حتى صار حقيقة عرفية، وصار الوضع الأول مجازاً بالنسبة إلى العرف لقلة استعماله فيه:
فقال أبو حنيفة: تقدم الحقيقة، وقال أبو يوسف: يقدم المجاز، وقال الإمام في (المعالم) يتساويان فيكون مجملاً، وحكاه في (المحصول) عن بعضهم، ونقله الصفي الهندي عن الشافعي واختاره المصنف.
ومحل الخلاف إذا لم تهجر الحقيقة بالكلية فإن هجرت فالمجاز مقدم بالاتفاق.
ص: وثبوت حكم يمكن كونه مراداً من خطاب لكن مجازاً لا يدل على أنه المراد منه بل يبقى الخطاب على حقيقته خلافاً للكرخي والبصري.
ش: إذا كان للخطاب حقيقة ومجاز، ووجدنا حكماً شرعياً ثابتاً يمكن كونه مستنبطاً من ذلك الخطاب بتقدير المجاز، فهل نجعله مأخوذاً منه ونقول: إنه المراد منه ويحمل الخطاب المذكور على المجاز، أو يبقى ذلك الخطاب على حقيقته؟ ولعل لذلك الحكم دليلاً غير مجاز هذا الخطاب كقوله تعالى: {أو لامستم النساء} فحقيقة اللمس الجس باليد، ومجازه الجماع، وقد ثبت هذا الحكم للجماع بالإجماع على جواز التيمم للجماع، فهل يدل ذلك على حمل الآية على المجاز دون الحقيقة، حتى لا ينقض الوضوء باللمس أو الآية على حقيقتها دالة على الانتقاض باللمس؟
في المسألة مذهبان: ذهب إلى الأول الكرخي من الحنفية، والبصري من المعتزلة، وذهب إلى الثاني القاضي عبد الجبار، وتبعه في (المحصول) واختاره المصنف.
واعلم أن هذا الخلاف مفرع على امتناع استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، كما صرح به الأصفهاني، فإن حمل عليهما فلا ينافي.
وكان ينبغي للمصنف التنبيه على هذا، وقد ظهر أن كلامه مفرع على قول مرجوح عنده، والله أعلم.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الحقيقة, تعارض

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:22 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir