استفسارات طلاب المستوى الأول (المجموعة الأولى) من برنامج إعداد المفسّر

[فروخ الأكبروف]

السلام عليكم ورحمة الله.
متى نعبر عند استخلاص المسائل بـ"معنى" ومتى نعبر بـ "المراد"؟ فمثلا قال الأشقر في قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَاداً} "المِهَادُ:الوِطَاءُ وَالْفِرَاشُ، كالمَهْدِ للصَّبِيِّ، وَهُوَ مَا يُمَهَّدُ لَهُ فَيُنَوَّمُ عَلَيْهِ"؛ وقال السعدي: "{الأَرْضَ مِهَاداً} أي: ممهَّدة مهيَّأةً لكمْ ولمصالحكمْ، منَ الحروثِ والمساكنِ والسبلِ". فأي من التعبيرين أختار؟ وقد أتردد أحيانا في اختيار التعبير المناسب.

[إدارة برنامج إعداد المفسر]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فروخ الأكبروف

السلام عليكم ورحمة الله.
متى نعبر عند استخلاص المسائل بـ"معنى" ومتى نعبر بـ "المراد"؟ فمثلا قال الأشقر في قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَاداً} "المِهَادُ:الوِطَاءُ وَالْفِرَاشُ، كالمَهْدِ للصَّبِيِّ، وَهُوَ مَا يُمَهَّدُ لَهُ فَيُنَوَّمُ عَلَيْهِ"؛ وقال السعدي: "{الأَرْضَ مِهَاداً} أي: ممهَّدة مهيَّأةً لكمْ ولمصالحكمْ، منَ الحروثِ والمساكنِ والسبلِ". فأي من التعبيرين أختار؟ وقد أتردد أحيانا في اختيار التعبير المناسب.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بالنسبة للمعنى والمراد فهذه مسألة تختلط على كثير من طلاب العلم في بداية التعرض لها، لكن بمجرد أن يتضح الفرق سيصبح الأمر يسيرا بفضل الله.
أولا المعنى: هو المعنى اللغوي، أي: ما وضع للفظ من تعريف في اللغة.
أما المراد فهو ما يقصد من خلال السياق غالبا.

ولعل بالمثال يتضح المقال:
ففي قول الله تعالى: ﴿وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ﴾
قال ابن كثير في تفسيره : قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ، وَأَبُو صَالِحٍ، وَمَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ} يَعْنِي: مُحَمَّدًا ﷺ.
فهذا هو المراد، وإذا نظرنا في المعاجم لنعلم معنى لفظة (صاحب) نجد أن (صَحَبَ) الصَّادُ وَالْحَاءُ وَالْبَاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى مُقَارَنَةِ شَيْءٍ وَمُقَارَبَتِهِ، كما قال ابن فارس في مقاييس اللغة،
وقال ابن منظور: صَاحَبَهُ: عَاشَرَهُ.
فمعنى كلمة صاحب في اللغة: الذي يقارن الشيء ويقاربه، ويعاشره، ويلزمه.
أما المراد به فهو بحسب السياق، وهنا في قول الله تعالى: {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ} يراد به: محمد صلى الله عليه وسلم.

ونوضح أمراً أن المراد له اتصال بالمعنى اللغوي غالبا، فهنا مثلا المراد ب( صاحبكم): محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عاشر قريشا ولازمهم ولازموه، فهو صاحبهم من هذه الجهة،
فدلالة وصفه بالصاحب؛ لأن الصاحب لا يخفى حاله على صاحبه الذي يلازمه، فقريش تعلم خلق محمد صلى الله عليه وسلم وسلامة عقله وراجحته، وقد علموا خلوه من الجنون.

ومما يعين في التفريق بين مسألتي المعنى والمراد الرجوع إلى المعاجم فننظر فيما وُضع من تعريف للفظة في اللغة، وننصح بالرجوع للسان العرب لابن منظور ومقاييس اللغة لابن فارس.

وبالنسبة للمثال الذي ذكرت، وهو قول الله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَاداً}
ففي قول الأشقر في قول الله تعالى:{أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَاداً} المِهَادُ:الوِطَاءُ وَالْفِرَاشُ، كالمَهْدِ للصَّبِيِّ، وَهُوَ مَا يُمَهَّدُ لَهُ فَيُنَوَّمُ عَلَيْهِ).
فهو هنا ذكر معنى كلمة ( مهاد)، وبالنظر في معاجم اللغة نجد أن ابن منظور قال المهاد: الفراش. فيقال: مهدت الفراش مهدا: بسطته ووطأته، ويقال للفراش : مهاد لوثارته.

أما قول السعدي في قوله تعالى:{الأَرْضَ مِهَاداً} أي: ممهَّدة مهيَّأةً لكمْ ولمصالحكمْ، منَ الحروثِ والمساكنِ والسبلِ.
يقصد هنا المعنى الإجمالي للآية، فالله جعل الأرض كالفراش مبسوطة مهيأة لتقوم عليها مصالح العباد، وقد قال الله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ فِرَاشًا} يعني ممهدة، فهى كالمهاد.

والله تعالى أعلم.