ما جاء فيمن درس من كتابه بعض الإسناد والمتن, هل يجوز له استدراكه من كتب غيره ؟
قال أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيبُ البغدادي (ت: 463هـ): (أخبرنا أبو عبد الله -الحسين بن الحسن بن محمد بن القاسم المخزومي-, قال: ثنا أبو جعفر- محمد بن عمرو بن البختري الرزاز-, قال: ثنا محمد بن عبيد بن أبي الأسد, قال: حدثني أبو جعفر -محمد بن منصور الطوسي-, قال: سمعت شعيب بن حرب يقول: كلما درس بعض الإسناد؛ فأكاد أحم.
- أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله الكاتب, قال: أنا محمد بن حميد المخرمي, قال: ثنا علي بن الحسين بن حبان قال: وجدت في كتاب أبي قال: أبو زكريا, قلت لنعيم بن حماد, وكان لي أخاً وصديقاً كنا جميعا بالبصرة, فلما قدمت مصر بلغني أن نعيم بن حماد يأخذ كتب ابن المبارك من غلام يكون بعسقلان, قال: أبو زكريا: وقد رأيت هذا الغلام, وكان خاله سمع هذه الكتب من ابن المبارك, فجاءني نعيم يوما بمصر:-
فقلت له: بلغني أنك تأخذ كتب ابن المبارك من غلام سمعه خاله من ابن المبارك فتحدث بها.
فقال: يا أبا زكريا, من كنت أظن أنه يتوهم علي شيئا من ذلك, ما كنت أحسب أنك أنت تتوهم علي شيئا من هذا, إنما كتابي أصابه ماء فدرس بعضه فأنا أنظر في بيان هذا, فإذا أشكل علي حرف نظرت في كتابه, ثم أنظر في كتابي فأعرفها, فأما أن أكتب منه شيئا لا أعرفه, أو أصلح منه كتابي فمعاذ الله.
قلت: وفي المحدثين من لا يستجيز أن يلحق في كتابه ما درس منه, وإن كان معروفا محفوظا, وممن سمي لنا أنه كان يسلك هذه الطريقة أبو محمد -عبد الله بن إبراهيم بن أيوب بن ماسي البزاز- فإن بعض كتبه إحترق, وأكلت النار من حواشيه بعض الكتابة, ووجد نسخ بما احترق, فلم ير أن يستدرك المحترق من تلك النسخ.
وإستدراك مثل هذا عندي جائز إذا وجد نسخة يوثق بصحتها, وتسكن النفس إليها, ولو بين ذلك في حال الرواية كان أولى, وهو بمثابة استثبات الحافظ ما شك فيه من كتاب غيره أو حفظه, وقد تقدمت منا الروايات عن غير واحد من أهل العلم في إجازة ذلك.
- أخبرنا أبو القاسم الأزهري قال: أنا محمد بن العباس الخزاز, قال: أنا إبراهيم بن محمد الكندي, قال: ثنا أبو موسى -محمد بن المثنى- قال: سألت عبد الله بن داود عن الرجل يسمع الحديث فيذهب من عنده, أو يذهب منه الشيء, فيذكره صاحب له يصير إليه. قال: نعم, قال الله تعالى {فتذكر إحداهما الأخرى}). [الكفاية في علوم الرواية: ؟؟]