دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السادس

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #12  
قديم 17 ذو القعدة 1440هـ/19-07-2019م, 10:16 AM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد العبد اللطيف مشاهدة المشاركة
الاسلوب المقاصدي

تفسير قوله تعالى:

{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (5) الجمعة

الحمد لله الذي خلق الانسان من علق ويسر له سبل الهداية فأرسل الرسل وأنزل الكتب فمن آمن بها وعمل بما جاء فيها فقد اهتدى والصلاة والسلام علي معلم الناس الخير الذي بعثه الله رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى من سار على دربه الى يوم الدين، اما بعد؛ فهذه بعض تأملات في تفسير قوله تعالى:
{ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } وفيها عدة مسائل:

المسألة الأولى: في هذه الآية دليل على التحذير لمن تعلم القرآن ولم يعمل به كما ورد عن ميمون بن مهران قوله: " يا أهل القرآن اتّبعوا القرآن قبل ان يتبعكم " ثم تلا هذه الآية. وأورد ابن كثير قول الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَير، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَنْ تَكَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَهُوَ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا، وَالَّذِي يَقُولُ لَهُ "أنصت"، ليس له جمعة.

ومن تدبر المقاصد الرئيسة لسورة الجمعة يجد في اولها بيان فضل الله على العرب خاصة والناس كافة ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به من البينات والهدى فقال { ذَ ٰ⁠لِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ یُؤۡتِیهِ مَن یَشَاۤءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِیمِ} ثم اتبع ذلك بقوله { مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} وفي هذا المثل رد على شبهة اليهود بأنه صلى الله عليه وسلم انما بُعث الى العرب خاصة ولم يُبعث البهم فشبههم بالحمار الذي لا ينتفع بما يُحمل عليه من الاسفار وهي الكتب حيث لم ينتفعوا بما جاء في التوراة من العلم وبما فيها من البشارة ببعثته صلى الله عليه وسلم ووجوب اتباعه.

المسألة الثانية: في قوله {حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا} قال ابن عاشور في التحرير والتنوير"مَعْنى حُمِّلُوا: عُهِدَ بِها إلَيْهِمْ وكُلِّفُوا بِما فِيها فَلَمْ يَفُوا بِما كُلِّفُوا، يُقالُ: حَمَّلْتُ فُلانًا أمْرَ كَذا فاحْتَمَلَهُ، قالَ تَعالى ﴿إنّا عَرَضْنا الأمانَةَ عَلى السَّماواتِ والأرْضِ والجِبالِ فَأبَيْنَ أنْ يَحْمِلْنَها وأشْفَقْنَ مِنها وحَمَلَها الإنْسانُ إنَّهُ كانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾" وفيها ييان جهل اليهود وذمهم في عدم العمل بما جاءهم من العلم كما قال ابن القيم في هداية الحيارى (أنَّهم - أي اليهود - حَيْثُ حُمِّلُوها تَكْلِيفًا وقَهْرًا لَمْ يَرْضَوْا بِها ولَمْ يَحْمِلُوها رِضاءً واخْتِيارًا، وقَدْ عَلِمُوا أنَّهم لا بُدَّ لَهم مِن حَمْلِها، وأنَّهم إنْ حَمَلُوها اخْتِيارًا كانَتْ لَهُمُ العاقِبَةُ في الدُّنْيا والآخِرَةِ).

المسألة الثالثة: في التشبيه بالحمار دون غيره وجوه منها ما ذكره الرازي في مفاتح الغيب أنَّهُ تَعالى قال ﴿والخَيْلَ والبِغالَ والحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وزِينَةً﴾ والزِّينَةُ في الخَيْلِ أكْثَرُ وأظْهَرُ؛ بِالنِّسْبَةِ إلى الرُّكُوبِ، وحَمْلِ الشَّيْءِ عَلَيْهِ، وفي البِغالِ دُونَ الخَيْلِ، وفي الحِمارِ دُونَ البِغالِ، فالبِغالُ كالمُتَوَسِّطِ في المَعانِي الثَّلاثَةِ، وحِينَئِذٍ يَلْزَمُ أنْ يَكُونَ الحِمارُ في مَعْنى الحَمْلِ أظْهَرَ وأغْلَبَ بِالنِّسْبَةِ إلى الخَيْلِ والبِغالِ، وغَيْرِهِما مِنَ الحَيَواناتِ.
ومِنها: أنَّ هَذا التَّمْثِيلَ لِإظْهارِ الجَهْلِ والبَلادَةِ، وذَلِكَ في الحِمارِ أظْهَرُ.
ومِنها: أنَّ في الحِمارِ مِنَ الذُّلِّ والحَقارَةِ ما لا يَكُونُ في الغَيْرِ، والغَرَضُ مِنَ الكَلامِ في هَذا المَقامِ تَعْيِيرُ القَوْمِ بِذَلِكَ وتَحْقِيرُهم، فَيَكُونُ تَعْيِينُ الحِمارِ ألْيَقَ وأوْلى، ومِنها أنَّ حَمْلَ الأسْفارِ عَلى الحِمارِ أتَمُّ وأعَمُّ وأسْهَلُ وأسْلَمُ، لِكَوْنِهِ ذَلُولًا، سَلِسَ القِيادِ، لَيِّنَ الِانْقِيادِ، يَتَصَرَّفُ فِيهِ الصَّبِيُّ الغَبِيُّ مِن غَيْرِ كُلْفَةٍ ومَشَقَّةٍ، وهَذا مِن جُمْلَةِ ما يُوجِبُ حُسْنَ الذِّكْرِ بِالنِّسْبَةِ إلى غَيْرِهِ.
ومِنها: أنَّ رِعايَةَ الألْفاظِ والمُناسَبَةِ بَيْنَها مِنَ اللَّوازِمِ في الكَلامِ، وبَيْنَ لَفْظَيِ الأسْفارِ والحِمارِ لَفْظِيَّةٌ لا تُوجَدُ في الغَيْرِ مِنَ الحَيَواناتِ فَيَكُونُ ذِكْرُهُ أوْلى." انتهى

المسألة الرابعة: وصف المثل في قوله {بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ الله} راجع الى القوم وإن كان في الظاهر لِلمثل، فكأنه قالَ: بِئس القوم مثلهم هكذا. قالَ الزمخشري في الكَشّافِ عَنْ بَعْضِهِمْ: افْتَخَرَ اليَهُودُ بِأنَّهم أهْلُ كِتابٍ. والعَرَبُ لا كِتابَ لَهم. فَأبْطَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِشَبَهِهِمْ بِالحِمارِ يَحْمِلُ أسْفارًا.

المسألة الخامسة: في ختم الآية بقوله {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} مناسبة ان اليهود ومن شابههم لما استحقوا الوصف بالظلم حتى صار الظلم من صفاتهم الثابتة قال ﴿والله لا يَهْدِي القَوْمَ الظالمين﴾ أيِ الذين تعمدوا الظلم بنبذ الحق واتباع الباطل.

والله اعلم.

المراجع:
١- التحرير والتنوير – ابن عاشور
٢- جامع البيان – ابن جرير الطبري
٣- تفسير ابن كثير – الحافظ ابن كثير
٤- الكشْاف – الزمخشري
٥- مفاتح الغيب – فخر الدين الرازي
٦- نظم الدرر – البقاعي
٧- هداية الحيارى – ابن القيم
٨- اجتماع الجيوش الإسلامية – ابن القيم
٩- المحرر الوجيز – ابن عطية
١٠- الجواهر الحسان – الثعالبي
١١- الكشف والبيان – الثعلبي
١٢- روح المعاني - الالوسي
بارك الله فيك وسددك.
رسالتك أقرب للاسلوب الاستنتاجي ، وكان الأولى بعد ذكرك للمقصد العام للسورة أن تقف بشيء من التفصيل على مقاصد هذه الآية وترابطها مع المقصد الرئيسي للسورة؛ وتبين هداياتها ومواطن الضلال التي يقع في كثير من أعمال المسلمين اليوم.
الدرجة:ج

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:47 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir