دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > جامع متون الأحاديث > جامع الأصول من أحاديث الرسول

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 جمادى الأولى 1431هـ/6-05-2010م, 01:01 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي كتاب القيامة ومايتعلق بها: الباب الثاني: أحوال القيامة

الباب الثاني: في أحوال القيامة
الفصل الأول: في النفخ في الصور والنشور
7939 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن، وحنا جبهته، وأصغى سمعه، ينتظر أن يؤمر فينفخ؟ فكأن ذلك ثقل على أصحابه، فقالوا: فكيف نفعل يا رسول الله، أو نقول؟ قال: قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، على الله توكلنا، وربما قال: توكلنا على الله» أخرجه الترمذي.

7940 - (د ت) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: قال: «جاء أعرابي إلى النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: ما الصّور؟ قال: قرن ينفخ فيه». أخرجه أبو داود والترمذي.
7941 - (خ م ط د س) أبو هريرة - رضي الله عنه -قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما بين النفختين أربعون، قيل: أربعون يوما؟ قال أبو هريرة: أبيت، قالوا: أربعون شهرا؟ قال: أبيت، قالوا: أربعون سنة؟ قال: أبيت، ثم ينزل من السماء ماء، فينبتون كما ينبت البقل، وليس من الإنسان شيء إلا بلي، إلا عظم واحد، وهو عجب الذّنب، منه يركّب الخلق يوم القيامة» أخرجه البخاري ومسلم.
ولمسلم طرف في ذكر عجب الذّنب، قال: «إنّ في الإنسان عظما لا تأكله الأرض أبدا، فيه يركّب يوم القيامة، قالوا: أيّ عظم هو يا رسول الله؟ قال: عجب الذّنب».
وفي رواية له وللموطأ وأبي داود والنسائي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «كلّ ابن آدم تأكله الأرض، إلا عجب الذّنب، منه خلق، وفيه يركّب».

[شرح الغريب]
عجب الذّنب: هو عظم الصلب المستدير الذي يكون في أصل العجز، وأصل الذنب.

7942 - (ط س) كعب بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان يحدّث أّن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنما نسمة المؤمن طير يعلق في شجر الجنة، حتى يرجعه الله في جسده يوم يبعثه». أخرجه الموطأ.
وأخرجه النسائي، ولم يذكر «يعلق».

[شرح الغريب]
النّسمة: الرّوح والنّفس، و«يعلق» أي يأكل.

7943 - أبو رزين العقبلي - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله «كيف يعيد الله الخلق، وما آية ذلك في خلقه؟ قال: أما مررت بوادي قومك جدّبا، ثم مررت به يهّتزّ خضرا؟ قلت: نعم، قال: فتلك آية الله في خلقه كذلك يحيي الله الموتى». أخرجه..
7944 - (خ) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: «قال في قوله تعالى: {فإذا نقر في الناقور} [المدثر: 8] الصور، قال: والراجفة: النفخة الأولى، والرّادفة: الثانية» أخرجه البخاري في ترجمة باب.
7945 - أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: «ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صاحب الصور، وقال: عن يمينه جبريل، وعن يساره: ميكائيل». أخرجه..
الفصل الثاني: في الحشر
7946 - (خ م) سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء، كقرصة النّقيّ ليس فيها علم لأحد».
وفي رواية إلى قوله: «كقرصة النّقيّ». ثم قال: قال سّهل، أو غيره: «ليس فيها معلم لأحد» أخرجه البخاري ومسلم.

[شرح الغريب]
عفراء: أرض عفراء: بيضاء، والعفرة: البياض.
النقي: أراد به الخبز الأبيض الحواري.

7947 - (خ م ت س) عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب على المنبر يقول: «إنّكم ملاقو الله حفاة عراة غرلا» زاد في رواية في أوله: «مشاة» وزاد في رواية: قال سفيان: هذا مما يعدّ أنّ ابن عباس سمعه من النبيّ -صلى الله عليه وسلم-.
وفي أخرى قال: قام فينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بموعظة، فقال: يا أيها الناس، إنّكم محشورون إلى الله حفاة عراة غرلا {كما بدأنا أول خلق نعيده، وعدا علينا إنّا كنّا فاعلين} [الأنبياء: 104] ألا إنّ أول الخلائق يكسى يوم القيامة: إبراهيم عليه السلام، ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي، فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يا ربّ، أصحابي، فيقول: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح: {وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم} - إلى قوله - {العزيز الحكيم} [المائدة: 117، 118] قال: فيقال لي: إنّهم لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم.
زاد في رواية: «فأقول: فسحقا، فسحقا» أخرجه البخاري ومسلم.
وأخرج الترمذي والنسائي الثانية، وللنسائي مثل الأولى.
وله في أخرى: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: يحشر النّاس يوم القيامة عراة غرلا، أول الخلائق يكسى: إبراهيم عليه السلام، ثم قرأ: {كما بدأنا أول خلق نعيده} [الأنبياء: 104].
وفي أخرى للترمذي: أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: يحشرون حفاة عراة غرلا، فقالت: امرأة: أيبصر - أو يرى - بعضنا عورة بعض؟ قال: يا فلانة {لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه} [عبس: 37].

[شرح الغريب]
غرلا: الغرلة: القلفة التي تقطع من جلدة الذكر، وهو موضع الختان.
سحقا: أي: بعدا.

7948 - (خ م س) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يحشر الناس حفاة عراة غرلا»، قالت عائشة، فقلت: الرجال والنساء جميعا ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال: الأمر أشد من أن يهمّهم ذلك.
وفي رواية: «من أن ينظر بعضهم إلى بعض» أخرجه البخاري ومسلم والنسائي وللنسائي في أخرى قال: «لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه».

7949 - (خ م) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: أنّ رجلا قال: «يا رسول الله، قال الله تعالى: {الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم} [الفرقان: 34] أيحشر الكافر على وجهه؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أليس الذي أمشاه على رجليه في الدنيا قادر على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة؟» قال قتادة حين بلغه: بلى، وعزّة ربّنا. أخرجه البخاري ومسلم.
7950 - (ت) بهز بن حكيم - رحمه الله -: عن أبيه عن جده قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إنّكم تحشرون رجالا وركبانا، وتجرّون على وجوهكم» أخرجه الترمذي.
7951 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف: صنفا مشاة، وصنفا ركبانا، وصنفا على وجوههم، قيل: يا رسول الله، وكيف يمشون على وجوههم؟ قال: إنّ الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم، أما إنّهم يتّقون بوجوههم كلّ حدب وشوك» أخرجه الترمذي.
7952 - (س) أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه - قال: قال: إن الصّادق المصدوق حدّثني: «أنّ الناس يحشرون ثلاثة أفواج: فوجا راكبين طاعمين كاسين، وفوجا تسحبهم الملائكة على وجوههم، وتحشرهم النّار، وفوجا يمشون ويسعون، يلقي الله الآفة على الظهر، فلا يبقى، حتى إن الرجل لتكون له الحديقة يعطيها بذات القتب، لا يقدر عليها» أخرجه النسائي.
[شرح الغريب]
الفوج: الجماعة من الناس.
حديقة: الحديقة: البستان الذي قد جعل عليه حائط يحدق به.

7953 - (خ م س) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يحشر النّاس يوم القيامة على ثلاث طرائق: راغبين وراهبين، واثنان على بعير، وثلاثة على بعير، وأربعة على بعير، وعشرة على بعير، وتحشر بقيّتهم النار، تقيل معهم حيث قالوا، وتبيت معهم حيث باتوا، وتصبح معهم حيث أصبحوا، وتمسي معهم حيث أمسوا» أخرجه البخاري ومسلم والنسائي.
[شرح الغريب]
طرائق: جمع طريقة، وهي الحالة.
تقيل: من القائلة، والقيلولة: كسر الحر.

7954 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يعرق الناس يوم القيامة، حتى ذهب في الأرض عرقهم سبعين ذراعا، وإنه يلجمهم حتى يبلغ آذانهم» أخرجه البخاري ومسلم.
7955 - (خ م ت) نافع مولى ابن عمر «أن ابن عمر - رضي الله عنه - تلا: {ألا يظنّ أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين} [المطففين: 4-6] قال: يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه» أخرجه البخاري ومسلم والترمذي.
ورواه الترمذي مرفوعا وموقوفا.

7956 - (م ت) المقداد بن الأسود - رضي الله عنه - قال: قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «تدنى يلشمس يوم القيامة من الخلق، حتى تكون منهم كمقدار ميل - زاد الترمذي: أو اثنين، قال سليم بن عامر: فوالله ما أدري ما يعني بالميل: أمسافة الأرض، أو الميل الذي تكحل به العين؟ - قال: فيكون النّاس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما، وأشار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده إلى فيه». أخرجه مسلم والترمذي.
وفي رواية الترمذي قال: «فتصهرهم الشمس، فيكونون في العرق كقدر أعمالهم... الحديث».

[شرح الغريب]
حقويه: الحقو: مشد الإزار عند الخصر.

7957 - (م) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يبعث كل عبد على مامات عليه». أخرجه مسلم.
الفصل الثالث: في الحساب والحكم بين العباد
نوع أول
7958 - (خ ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من كانت عنده مظلمة لأخيه، من عرضه أو شيء منه، فليتحلّله منه اليوم، من قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه، فحمل عليه» أخرجه البخاري.
وفي رواية الترمذي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «رحم الله عبدا كانت لأخيه عنده مظلمة...» الحديث.

7959 - (م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوما: «أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. قال: إن المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطايهم فطرحت عليه، ثم يطرح في النار» أخرجه مسلم والترمذي.
7960 - (م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لتؤدّنّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء» أخرجه مسلم والترمذي.
وزاد رزين: «ويسأل الحجر الذي انكبّ على الحجر، ولم نكأ الرّجل الرّجل».

[شرح الغريب]
الجلحاء: شاة جلحاء: لا قرن لها.

7961 - أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: «كنّا نسمع أن الرجل يتعلق بالرجل يوم القيامة وهو لا يعرفه، فيقول له: مالك إليّ وما بيني وبينك معرفة؟ فيقول: كنت تراني على الخطأ وعلى المنكر ولا تنهاني» أخرجه..
نوع ثان
7962 - (خ م ت د) عائشة - رضي الله عنها -: قال ابن أبي مليكة: «إنّ عائشة كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه، وإّن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: منّ نوقش الحساب عذّب، فقلت: أليس يقول الله تعالى: {فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا، وينقلب إلى أهله مسرورا} [الانشقاق: 7- 9]؟ فقال: إنما ذلك العرض، وليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك».
وفي رواية: «وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة إلا عذّب».
وفي أخرى: قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ليس أحد يحاسب إلا هلك، قلت: يا رسول الله، جعلني الله فداك، أليس الله تعالى يقول: {فأمّا من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا} قال: ذلك العرض تعرضون، ومن نوقش الحساب هلك» أخرجه البخاري ومسلم.
وأخرج الترمذي الثانية.
وأخرج أبو داود هذا الحديث بمعناه في جملة حديث.
وفد ذكر في تفسير (سورة النساء) من كتاب «تفسير القرآن» في حرف التاء.

[شرح الغريب]
نوقش: المناقشة في الحساب: تحقيقه وتدقيقه، والاستقصاء فيه.

7963 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «من حوسب عذّب» أخرجه الترمذي.
نوع ثالث
7964 - (ت س) حريث بن قبيصة: قال: «قدمت المدينة، فقلت: اللهم يسّر لي صالحا، قال: فجلست إلى أبي هريرة - رضي الله عنه - فقلت: إني سألت الله أن يرزقني جليسا صالحا، فحدّثني بحديث سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لعلّ الله أن ينفعني به، فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إنّ أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله: صلاته، فإن صلحت، فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت، فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيئا، قال الربّ تبارك وتعالى: انظروا، هلّ لعبدي من تطوع؟ فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك».
وفي أخرى عن أبي هريرة بمعناه أخصر منه، أخرجه الترمذي والنسائي.

7965 - (د) أنس بن حكيم الضبي: أنه خاف من زياد - أو ابن زياد - فأتى المدينة، فلقي أبا هريرة - رضي الله عنه - قال: فنسبني، فانتسبت له قال: يا بنيّ، ألا أحدّثك حديثا؟ قال: قلت: بلى يرحمك الله - قال يونس: وأحسبه ذكره عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّ أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم: الصلاة، قال: يقول ربنا عز وجل لملائكته: انظروا في صلاة عبدي، أتمّها أم نقصها؟ فإن كانت تامّة، كتبت له تامة، وإن كان انتقص منها شيئا، قال: انظروا، هل لعبدي من تطوع؟ فإن كان له تطوع، قال: أتمّوا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تؤخذ الأعمال على ذلك».
أخرجه أبو داود.

7966 - (د) تميم الداري - رضي الله عنه: عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهذا المعنى قال: «ثم الزكاة مثل ذلك، ثم تؤخذّ الأعمال على حسب ذلك». أخرجه أبو داود هكذا.
7967 - (ط) يحيى بن سعيد - رحمه الله -: قال بلغني: «أنّ أول ما ينظر فيه من عمل المرء: الصلاة، فإن قبلت منه نظر فيما بقي من عمله، وإن لم تقبل منه، لم ينظر في شيء من عمله» أخرجه الموطأ.
7968 - (خ م ت س) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء». أخرجه البخاري، ومسلم والترمذي والنسائي.
وللنسائى: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أوّل ما يحاسب عليه العبد: الصلاة، وأول ما يقضى بين الناس: في الدماء».

نوع رابع
7969 - (ت) أبو برزة الأسلمي رضي الله عنه: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة، حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه؟ وعن علمه ما عمل به؟ وعن ما له من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيما أبلاه؟» أخرجه الترمذي.

7970 - (ت) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه، حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه؟ وعن شبابه فيما أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم؟» أخرجه الترمذي.
7971 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «يجاء بابن آدم يوم القيامة كأنه بذج، فيوقف بين يدي الله تعالى، فيقول الله تعالى: أعطيتك وخوّلتك، وأنعمت عليك، فماذا صنعت؟ فيقول: يا رب، جمعته وثمرته، وتركته أكثر ما كان، فارجعني آتك به، فيقول له: أرني ما قدّمت، فيقول: ربّ جمعته وثمرته وتركته أكثر ما كان، فارجعني آتك به، فإذا عبد لم يقدّم خيرا، فيمضى به إلى النّار» أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
بذج: البذج: كلمة فارسية، تكلمت بها العرب، وهو أضعف ما يكون من الحملان، يجمع على بذجان.

7972 - (ت) أبو سعيد الخدري، وأبو هريرة- رضي الله عنهما-: قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يؤتى بالعبد يوم القيامة، فيقول له: ألم أجعل لك سمعا وبصرا ومالا وولدا؟ وسخّرت لك الأنعام والحرث؟ وتركتك ترأس وتربع؟ فكنت تظنّ أنّك ملاقيّ يومك هذا؟ فيقول: لا، فيقول له: اليوم أنساك كما نسيتي». أخرجه الترمذي، وقال: معنى قوله: «اليوم أنساك كما نسيتني». اليوم أتركك في العذاب.
[شرح الغريب]
ترأس: الترؤس: التقدم على القوم وأن يصير رئيسهم.
وتربع: أي: تأخذ المرباع، وهو ما يأخذه رئيس الجيش لنفسه من المغانم، وهو ربعها، وقد روي: «ترتع» بتاءين من التنعم والرتع، يقال: رتعت الإبل، وأرتعها صاحبها: إذا كانت في موضع خصيب.

7973 - (م) أبو هريرة - رضي الله عنه -قال: قالوا: «يا رسول الله هل نرى ربّنا يوم القيامة؟ فقال: هل تضارّون في رؤية الشمس في الظهيرة ليست في سحابة؟ قالوا: لا، قال: فهل تضارّون في روية القمر ليلة البدر ليس في سحابة؟ قالوا: لا، قال: فوالذي نفسي بيده لا تضارّون في رؤية ربّكم إلا كما تضارّون في رؤية أحدهما، فيلقي العبد ربّه، فيقول: أي فل، ألم أكرمك وأسوّدك وأزوّجك، وأسخّر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى يا رب، فيقول: أظننت أنك ملاقيّ؟ فيقول: لا، فيقول: فإني أنساك كما نسيتني، ثم يلقى الثاني، فيقول: أي فل: ألم أكّرمك وأسوّدك وأزوجك، وأسّخر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى يا رب، فيقول: أظنّنت أنك ملاقيّ؟ فيقول: لا، فيقول: فإني أنساك كما نسيتني، ثم يلقي الثالث، فيقول: أي فل، ألم أكرمك،وأسوّدك، وأزوّجك، وأسخّر لك الخيل، والإبل، وأذرك تررس، وتربع؟ فيقول: بلى يارب فيقول: أظننت أنّك ملاقيّ؟ فيقول: أي رب: آمنت بك وبكتابك وبرسلك، وصلّيت وصمت وصدّقت، ويثني بخير ما استطاع، فيقول: هاهنا إذن، ثم يقول: الآن نبعث شاهدا عليك، فيتفكر في نفسه: من ذا الذي يشهد عليه؟ فيختم على فيه، ويقال لفخذه: انطقي، فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله، وذلك ليعذر من نفسه، وذلك المنافق ذلك الذي يسخط الله عليه». أخرجه مسلم.
وهذا الحديث هو الحديث الذي قبله، إلا أنّه أطول منه، وذلك عن أبي هريرة وأبي سعيد، وهذا عن أبي هريرة وحده، فلذلك أفردناه.

[شرح الغريب]
تضارون: روي بتخفيف الراء من الضير، يقال: ضاره يضيره: إذا ضره، وروي بتشديد الراء،من المضارة، يقال: ضارّه يضاره، مثل ضره يضره، والمعنى فيهما سواء، أي: لا يضايق بعضكم بعضا في رؤيته، ولا ينازعه ولا يخالفه، بل يكونون متفقين في رؤيته، وقال الجوهري: يقال: أضرني فلان: إذا دنا مني دنوّا شديدا، وفي الحديث: «لا تضارون في رؤيته» وبعضهم يقول: لا تضارون، بفتح التاء، أي: لا تضامون،فيكون من الانضمام عنده والازدحام، على ما ذهب إليه من تفسيره بالقرب والدنو، أي: لا يقرب بعضكم من بعض فتزدحمون.
الظهيرة: شدة الحر وقت الظهر.
أي فل: منقوص من فلان، كأنه قال: يا فلان، قال الجوهري: حذفت الألف والنون بغير ترخيم، ولو كان ترخيما لقال: يا فلا، وقال الأزهري: ليست ترخيم فلان، ولكنها كلمة على حدة، فبنو أسد يوقعونها على الواحد والاثنين والجمع والمؤنث بلفظ واحد، وغيرهم يثني ويجمع ويؤنث.
أسودك: سودت الرجل: إذا جعلته سيّدا في قومه.
أذرك: أي: أتركك.

نوع خامس
7974 - (خ م ت) سعيد بن المسيب، وعطاء بن يزيد الليثي: أنّ أبا هريرة أخبرهما: «أنّ الناس قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربّنا يوم القيامة؟ قال: هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا، قال: فإنكم ترونه كذلك، يحشر الناس يوم القيامة، فيقول: من كان يعبد شيئا فيلتّبع، فمنهم من يتبع الشمس، ومنهم من يتّبع القمر، ومنهم من يتبع الطواغيت، وتبقى هذه الأمّة فيها منافقوها، فيأتيهم الله، فيقول: أنا ربّكم، فيقولون: هذا مكاننا حتى يأتينا ربّنا، فإذا جاء ربّنا عرفناه، فيأتيهم الله فيقول: أنا ربكم، فيقول: أنت ربّنا؟ فيدعوهم، ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم، فأكون أول من يجوز من الرّسل بأمّته، ولا يتكلّم يومئذ أحد إلا الرّسل، وكلام الرّسل يومئذ: اللهم سلّم سلّم، وفي جهنم كلاليب، مثل شوك السّعدان، هل رأيتم شوك السعدان؟ قالوا: نعم، قال: فإنها مثل شوك السعدان، غير أنّه لا يعلم قدر عظمها إلا الله تعالى، تخطف الناس بأعمالهم، فمنهم من يوبق بعمله، ومنهم يخردل، ثم ينجو، حتى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النار -، وفي رواية: فمنهم المؤمن بقي بعمله، ومنهم المجازي حتى ينجّي - حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد، وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار، أمر الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله فيخرجونهم، ويعرفونهم بآثار السجود، وحرّم الله على النار أن تأكل أثر السجود، فيخرجون من النار، فكلّ ابن آدم تأكله النار، إلا أثر السجود، فيخرجون من النار قد امتحشوا، فيصبّ عليهم ماء الحياة، فينبتون كما تنبت الحبّة في حميل السيل، ثم يفرغ الله من القصاص بين العباد، ويبقى رجل بين الجنة والنار، وهو آخر أهل النار دخولا الجنة - مقبل بوجهه قبل النار، فيقول: يا ربّ اصرف وجهي عن النار، قد قشبني ريحها، وأحرقني ذكاها - فيدعو الله بما شاء أن يدعوه - فيقول: هل عسيت إن أفعل ذلك أن تسأل غير ذلك؟ فيقول: لا وعزّتك، فيعطي الله ما شاء الله من عهد وميثاق، فيصرف الله وجهه عن النار، فإذا أقبل بوجهه على الجنة، ورأى بهجتها، سكت ما شاء الله أن يسكت، ثم قال: يا ربّ، قدّمني عند باب الجنة، فيقول الله له: أليس قد أعطيت العهود والمواثيق أن لا تسأل غير الذي كنت سألت؟ فيقول: يا رب لا أكون أشقى خلقك، فيقول: فما عسيت إن أعطيت ذلك أن تسأل غيره؟ فيقول: لا وعزّتك، لا أسألك غير هذا، فيعطي ربّه ما شاء من عهد وميثاق، فيقدّمه إلى باب الجنة، فإذا بلغ بابها، رأى زهرتها، وما فيها من النّضرة والسّرور.
- وفي رواية: فإذا قام إلى باب الجنة انفهقت له الجنة، فرأى ما فيها من الحبرة والسرور، فسكت ما شاء الله أن يسكت،- فيقول: يا رب أدخلني الجنة، فيقول الله: ويحك ! يا ابن آدم ما أغدرك؟ أليس قد أعطيت العهود أن لا تسأل غير الذي قد أعطيت؟ فيقول: يا رب، لا تجعلني أشقى خلقك، فيضحك الله منه، ثم يأذن له في دخول الجنة، فيقول: تمنّ: فيتمنى، حتى إذا انقطع أمنيته، قال الله تعالى: تمّن من كذا، وكذا - يذكّره ربّه - حتى إذا انتهت به الأماني قال الله: لك ذلك ومثله معه».
قال أبو سعيد الخدري لأبي هريرة رضي الله عنهما: إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «قال الله: لك ذلك وعشرة أمثاله» قال أبو هريرة: لم أحفظ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا قوله: «لك ذلك ومثله معه» قال أبو سعيد: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: لك ذلك وعشرة أمثاله، قال أبو هريرة: وذلك الرجل آخر أهل النار دخولا الجنة.
أخرجه البخاري، وأخرجه مسلم عن عطاء بن يزيد.
وأخرجه عن عطاء وابن المسيب، وقال: قال أبو هريرة: «إنّ الّناس قالوا للنّبيّ -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله، هل نرى ربّنا يوم القيامة؟...» وساق الحديث بمثله، هكذا قال مسلم، ولم يذكر لفظه، وأخرجه البخاري عن عطاء وحده بنحوه.
وأخرجه الترمذي عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أخصر من هذا: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد، ثم يطّلع عليهم ربّ العالمين، فيقول: ألا ليتبع كلّ إنسان ما كان يعبد فيتمثل لصاحب الصليب صليبه، ولصاحب التصاوير تصاويره، ولصاحب النار ناره، فيتّبعون ما كانوا يعبدون، ويبقى المسلمون، فيطلّع عليهم ربّ العالمين، فيقول: ألا تتّبعون الناس؟ فيقولون: نعوذ بالله منك نعوذ [بالله منك] الله ربّنا، وهذا مكاننا حتى نرى ربّنا، وهو يأمرهم ويثبّتهم،[ثم يتوارى ثم يطلع، فيقول: ألا تتبعون الناس؟ فيقولون: نعوذ بالله منك نعوذ بالله منك، الله ربّنا وهذا مكاننا حتى نرى ربّنا، وهو يأمرهم ويثبّتهم] قالوا: وهل نراه يا رسول الله؟ قال: وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر؟ قالوا: لا يارسول الله، قال: فإنّكم لاتضارّون في رؤيته تلك الساعة، ثم يتوارى، ثم يطلع، فيعرّفهم نفسه، ثم يقول: أنا ربكم فاتّبعوني فيقوم المسلمون، ويوضع الصراط، فيمرّ عليه مثل جياد الخيل، والركاب وقولهم عليه، سلّم سلم، ويبقى أهل النار، فيطرح منهم فيها فوج، فيقال: هل امتلأت؟ فتقول: هل من مزيد؟] ثم يطرح فيها فوج، فيقال: هل امتلأت؟ فتقول: هل من مزيد؟ [حتى إذا أوعبوا فيها وضع الرحمن قدمه فيها، وأزوي بعضها إلى بعض، ثم قال: قط، قالت: قط قط، فإذا دخل أهل الجنة الجنّة، وأهل النّار النّار: أتي بالموت ملبّيا، فيوقف على السور الذي بين أهل الجنة، وأهل النار، ثم يقال: يا أهل الجنة، فيطلعون خائفين، ثم يقال: يا أهل النار، فيطلعون مستبشرين، يرجون الشفاعة، فيقال لأهل الجنة، وأهل] النار: هل تعرفون هذا؟ فيقولون - هؤلاء وهؤلاء - قد عرفناه، هو الموت الذي وكّل بنا، فيضجع، فيضجع، فيذبح ذبحا على السور، ثم يقال لهم: يا أهل الجنة، خلود لا موت ويا أهل النار، خلود لا موت».
وأخرج النسائي منه طرفا من وسطه، وهو قوله: «فتأتي الملائكة فتشفع ويشفع الرسل، وذكر الصراط، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فأكون أول من يجيز، فإذا فرغ الله من القضاء بين خلقه، وأخرج من النار من يريد أن يخرج، أمر الله الملائكة والرسل أن تشفع، فيشفعون بعلامتهم، إنّ النار تأكل كلّ شيء من بني آدم إلا موضع السجود، فيصب عليهم ماء الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في السيل» هذا القدر أخرج منه النسائي، ولقلة ما أخرج منه لم نثبت له علامة، على أن رواية الترمذي أيضا مباينة لرواية البخاري ومسلم، فإن فيها زيادة ليست فيها، ونقصا هو فيها، ولو أفردت عنها الجاز.

[شرح الغريب]
السعدان: نبت ذو شوك معقف من مراعي الإبل الجيدة.
يوبق: أوبقته الذنوب، أي: أهلكته.
يخردل: المخردل: المرمي المصروع، وقيل: هو المقطع، والمعنى أنه تقطعه كلاليب الصراط، حتى يقع في النار.
امتحشوا: الامتحاش: الاحتراق، وقيل: هو أن تذهب النار الجلد، وتبدي العظم.
الحبة: بكسر الحاء: البزورات، وبفتحها: كالحنطة والشعير.
حميل السيل: الزبد وما يلقيه على شاطئه، وهو فعيل بمعنى مفعول.
قشبني ريحها: آذاني، والقشب: السم، والقشيب: المسموم، فكأنه قال: قد سمّني ريحها.
ذكاها: ذكا النار: مفتوح الأول مقصورا: اشتعالها ولهبها.
الزهرة: الحسن والنضارة والبهجة.
انفهقت: أي: انفتحت واتسعت.
الحبرة: السرور والنعمة.
زويت: الشيء إلى الشيء: ضممت بعضه إلى بعض، وجمعته إليه.
قط قط: بمعنى حسبي وكفاني.
ملببّا: كأنه أخذ بتلابيبه، وهو استعارة، والأخذ بالتلابيب: أن يجمع على الإنسان ثوبه، ويأخذ بمقدمه فيجر به.

7975 - (خ م س) أبو سعيد الخدري- رضي الله عنه -قال: إن ناسا في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- - وفي رواية: قال قلنا - يا رسول الله، هل نرى ربّنا يوم القيامة؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: نعم، فهل تضارّون في رؤية الشمس بالظهيرة صحوا ليس معها سحاب؟ وهل تضارّون في رؤية القمر ليلة البدر صحوا ليس فيها سحاب قالوا: لا يا رسول الله، قال: فما تضارّون في رؤية الله تعالى يوم القيامة إلا كما تضارّون في رؤية أحدهما، إذا كان يوم القيامة أذّن مؤذّن: لتتّبع كلّ أمّة ما كانت تعبد، فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله - من الأصنام والأنصاب - إلا يتساقطون في النار، حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من برّ وفاجر، وغبر أهل الكتاب، فيدعى اليهود، فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزيرا ابن الله، فيقال: كذبتم، ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فماذا تبغون؟ قالوا: عطشنا يا ربّنا فاسقنا، فيشار إليهم: ألا تردون؟ فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضا، فيتساقطون في النّار، ثم يدعى النّصارى، فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنّا نعبد المسيح ابن الله، فيقال لهم: كذبتم، ما اتّخذ الله من صاحبة ولا ولد، فماذا تبغون؟ فيقولون: عطشنا يا ربّنا فاسقنا، فيشار إليهم: ألا تردون؟ فيحشرون إلى جهنّم كأنّها سراب يحطم بعضها بعضا، فيتساقطون في النار، حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من برّ وفاجر، أتاهم الله في أدنى صورة من التي رأوها فيها، قال: فما تنظرون؟ تتبع كلّ أمّة ما كانت تعبد، قالوا: يا ربّنا، فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنّا إليهم، ولم نصاحبهم، فيقول: أنا ربّكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، لا نشرك بالله شيئا - مرتين أو ثلاثا - حتى إنّ بعضهم ليكاد أن ينقلب، فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟ فيقولون: نعم، فيكشف عن ساق، فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود ولا يبقى من كان يسجد الله اتقاء ورياء، إلا جعل الله ظهره طبقة واحدا، كلما أراد أن يسجد خرّ على قفاه، ثم يرفعون رؤوسهم وقد تحوّل في صورته التي رأوه فيها أول مرة، فقال: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربّنا، ثم يضرب الجسر على جهنم، وتحل الشاعة، ويقولون: اللهم سلم سلم، قيل: يا رسول الله، وما الجسر؟ قال: دحض مزلّة،فيه خطاطيف وكلاليب وحسكة تكون بنجد، فيها شويكة، يقال لها: السعدان، فيمر المؤمنون كطرف العين، وكالبرق والريح، وكالطير، وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلّم ومخدوش مرسل، ومكدوس في نار جهنّم، حتى إذا خلص المؤمنون من النار، فوالذي نفسي بيده، ما من أحد منكم بأشدّ منا شدة لله في استيفاء الحق من المؤمنين يوم القيامة لإخوانهم الذين في النّار - وفي رواية: فما أنتم بأشد مناشدة في الحق قد تبين لكم من المؤمنين يومئذ للجبار، إذا رأوّا أنّهم قد نجوا في إخوانهم - فيقولون: ربّنا كانوا يصومون معنا، ويصلّون ويحجّون، فيقال لهم: أخرجوا من عرفتم، فتحرم صورهم على النّار، فيخّرجون خلقا كثيرا قد أخذت النار إلى نصف ساقه، وإلى ركبتيه، ثم يقولون: ربّنا ما بقي فيها أحد ممن أمرتنا به، فيقول: ارجعوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقا كثيرا، ثم يقولون: ربّنا لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا، ثم يقول: ارجعوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار، من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقا كثيرا، ثم يقولون: ربّنا لم نذر فيها ممن أمرتنا أحدا، ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرّة من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقا كثيرا، ثم يقولون: ربّنا لم تذر فيها خيرا، وكان أبو سعيد يقول: إن لم تصدّقوني بهذا الحديث فاقرؤوا إن شئتم {إنّ الله لا يظلم مثقال ذرّة، وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما} [النساء: 40] فيقول الله عز وجل: شفعت الملائكة، [وشفع النبيون]، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار، فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط، قد عادوا حمما، فيلقيهم الله في نهر في أفواه الجنة، يقال له: نهر الحياة، فيخرجون كما تخرج الحبّة في حميل السّيل، ألا ترونها تكون إلى الحجر أو إلى الشجر، ما يكون إلى الشمس أصيفر وأخيضر، وما يكون منها إلى الظل، يكون أبيض؟ فقالوا: يا رسول الله، كأنك كنت ترعى بالبادية، قال: فيخرجون كالؤلؤ، في رقابهم الخواتيم، يعرفهم أهل الجنة، هؤلاء عتقاء الله الذين أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه، ولا خير قدّموه، ثم يقول: ادخلوا الجنة، فما رأيتموه فهو لكم، فيقولون: ربّنا أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين، فيقول: «لكم عندي أفضل من هذا، فيقولون: يا ربّنا أيّ شيء أفضل من هذا؟ فيقول: رضاي، فلا أسخط عليكم بعده أبدا».
قال مسلم: قرأت على عيسى بن حماد - زغبة - المصري هذا الحديث في الشفاعة، وقلت له: أحدّث بهذا الحديث عنك، أنكّ سمعته من الليث بن سعد؟ فقال: نعم.
وقال مسلم عن أبي سعيد: إنّه قال: «قلنا: يا رسول الله، أنرى ربّنا؟ قال: هل تضارون في رؤية الشمس إذا كان يوم صحو؟ قلنا: لا..» وساق الحديث، حتى انقضى إلى آخره، وزاد بعد قوله: «بغير عمل عملوه، ولا قدم قدّموه». «فقال لهم: لكم ما رأيتم ومثله معه». قال أبو سعيد: بلغني أن الجسر أدقّ من الشعرة، وأحد من السيف، وليس فيه «فيقولون: ربّنا أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين»، وما بعده.
وفي رواية قال: «قلنا: يا رسول الله، هل نرى ربّنا؟ قال: هل تضارّون في رؤية الشمس إذا كانت صحوا؟ قلنا: لا قال: فإنكم لا تضارّون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارّون في رؤيتها؟ قال: ثم ينادي مناد: ليذهب كلّ قوم إلى ما كانوا يعبدون، فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم، وأصحاب كلّ آلهة مع آلهتهم، حتى يبقى من كان يعبد الله عز وجل من برّ وفاجر، وغبرات من أهل الكتاب، ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها السراب، فيقال لليهود: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزيرا ابن الله، فيقال: كذبتم، لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ قالوا: نريد أن تسقينا، فيقال: اشربوا، فيتساقطون في جهنّم، ثم يقال للنّصارى: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: كنا نعبد المسيح ابن الله، فيقال: كذبتم، لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ فيقولون: نريد أن تسقينا، فيقال: اشربوا، فيتساقطون، حتى يبقى من كان يعبد الله من برّ وفاجر، فيقال لهم: ما يحبسكم وقد ذهب النّاس؟ فيقولون: فارقناهم ونحن أحوج منا إليهم اليوم، فإنا سمعنا مناديا ينادي: ليلحق كلّ قوم ما كانوا يعبدون، وإنما ننتظر ربّنا، قال: فيأتيهم الجبّار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربّكم، فيقولون: أنت ربّنا؟ فلا يكلمه إلا الأنبياء، فيقال: هل بينكم وبينه آية تعرفونها؟ فيقولون: نعم، الساق، فيكشف عن ساقه، فيسجد له كلّ مؤمن، ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة، فيذهب كيما يسجد، فيعود ظهره طبقا واحدا، ثم يؤتى بالجسر، فيجعله بين ظهري جهنم، قلنا: يا رسول الله، وما الجسر؟ قال: مدحضة مزلّة، عليها خطاطيف وكلاليب وحسكة مفلطحة، لها شوكة عقيفة تكون بنجد، يقال لها: السعدان، يمرّ المؤمن عليها كالطّرف وكالبرق، وكالريح، وكأجاويد الخيل، والركاب، فناج مسلّم، وناج مخدوش، ومكدوس في نار جهنم، حتى يمرّ آخرهم، يسحب سحبا، فما أنتم بأشدّ لي مناشدة في الحق قد تبين لكم منالمؤمن يومئذ للجبار، فإذا رأوا أنهم قد نجوا شفعوا في إخوانهم، يقولون: ربّنا، إخواننا كانوا يصلّون معنا، ويصومون معنا، ويعملون معنا، فيقول الله عز وجل: اذهبوا، فمنّ وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه، ويحرّم الله صورهم على النّار بذنوبهم، فبعضهم قد غاب في النار إلى قدميه، وإلى أنصاف ساقيه، فيخرجون من عرفوا، ثم يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه، فيخرجون من عرفوا، ثم يعودون، فيقول: اذهبوا. فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرّة من إيمان فأخرجوه، فيخرجون من عرفوا - قال أبو سعيد: فإن لم تصدّقوني، فاقرؤوا {إن الله لا يظلم مثقال ذرّة، وإن تك حسنة يضاعفها} [النساء: 40] فيشفع النبيون، والملائكة، والمؤمنون، فيقول الجبار: بقيت شفاعتي، فيقبض قبضة من النار فيخرج أقواما قد امتحشوا، فيلقون في نهر بأفواه الجنّة، يقال له: ماء الحياة، فينبتون في حافّتيه كما تنبت الحبّة في حميل السيل، قد رأيتموها إلى جانب الصخرة، فما كان إلى الشمس منها كان أخضر، وما كان إلى جانب الظل منها كان أبيض، فيخرجون كأنهم اللؤلؤ، فيجعل في رقابهم الخواتيم، فيدخلون الجنة فيقول أهل الجنّة: هؤلاء عتقاء الرحمن، أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه، ولا خير قدّموه، فيقال لهم: لكم ما رأيتم ومثله معه» أخرج الأولى مسلم، والثانية البخاري.
وفي رواية النسائى طرف منه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما مجادلة أحدكم في الحقّ يكون له في الدنيا بأشدّ مجادلة من المؤمنين لربهم في إخوانهم الذين أدخلوا النار، قال: فيقول: ربّنا، إخواننا كانو يصلّون معنا، ويصومون معنا، ويحجّون معنا، فأدخلتهم النّار؟ قال: فيقول: اذهبوا فأخرجوا من عرفتم منهم، قال: فيأتونهم فيعرفونهم بصورهم، فمنهم من أخذته النار إلى أنصاف ساقيه، ومنهم من أخذته إلى كعبيه، فيخرجونهم، فيقولون: ربّنا قد أخرجنا من أمرتنا، قال: ثم يقول: أخرجوا من كان في قلبه وزن دينار من إيمان، ثم من كان في قلبه وزن نصف دينار، حتى يقول: من كان في قلبه وزن ذرّة، قال أبو سعيد: فمن لم يصدّق، فليقرأ هذه الآية {إنّ الله لا يظلم مثقال ذرّة وإن تك حسنة يضاعفها، ويؤت من لدنه أجرا عظيما} [النساء: 40].

[شرح الغريب]
غبر: جمع غابر، وهو الباقي، وغبرات جمع الجمع.
الحطم: الكسر والدق، أي: ينكسر بعضها على بعض.
اتقاء: فعلت ذلك اتقاء، أي: خوفا.
طبقة: الطبقة والطبق: الصحيفة الواحدة.
دحض: الدحض: الزلق، وهو الماء والطين.
مزلة: موضع الزلل، وأن لا يثبت القدم على شيء فيسقط صاحبها.
خطاطيف: الخطاطيف كالكلاليب المعقفة المعوجة.
كأجاويد الخيل: الجواد: الفرس الرائع للذكر والأنثى، والجمع جياد، وأجاويد، وكأن أجاويد جمع الجمع.
مخدوش: المخدوش: المجروح، والمكدوس قال الحميدي: كذا وقع في الروايات: مكدوس، وقد سمعت بعضهم يقول: إنه تصحيف من الرواة، وإنما هو مكردس، فإن صحت الرواية في مكدوس، فلعله من الكدس، وهو المجتمع من الطعام، فكأن الأنسان تجمع يداه ورجلاه ويشد، ويلقى في النار، وهو بمعنى المكردس، وقد جاء في بعض نسخ مسلم «مكدوش» بالشين المعجمة، فإن صح، فهو من الكدش بمعنى الخدش، والكدش أيضا: السوق الشديد، والكدس - بالسين المهملة - إسراع المثقل في السير، فيجوز أن يكون منه، كأنه مثقل بذنوبه، وله من يحثه على المشي، وذلك آكد في تعذيبه وتعبه.
حمما: جمع حممة، وهي الفحمة.
مفلطحة: المفلطح: الذي فيه عرض.
عقيفة: المعقف: الملوي مثل الصنارة، والتعقيف: التعويج.
مناشدة: المناشدة: المسألة.

نوع سادس
7976 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يعرض النّاس يوم القيامة ثلاث عرضات، فأما عرضتان، فجدال ومعاذير وأما العرضة الثالثة، فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي، فآخذ بيمينه، وآخذ بشماله» أخرجه الترمذي، وقال: لا يصح هذا الحديث، من قبل أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة، وقد رواه بعضهم عن الحسن عن أبي موسى.

7977 - (خ م) صفوان بن محرز المازني: قال: «بينما ابن عمر-رضي الله عنه- يطوف، إذ عرض له رجل، فقال: يا أبا عبد الرحمن، أخبرني ما سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في النجوى، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: يدنى المؤمن من ربه حتى يضع عليه كنفه، فيقرّره بذنوبه: تعرف ذنّب كذا وكذا؟ فيقول: أعرف ربّ، أعرف - مرتين - فيقول ستترتها عليك في الدنيا، وأغفرها لك اليوم، ثم تطوى صحيفة حسناته، وأما الآخرون - أو الكفار، أو المنافقون - فينادى بهم على رؤوس الخلائق: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم، ألا لعنة الله على الظّالمين» أخرجه البخاري ومسلم.
[شرح الغريب]
النجوى: في الأصل: السر، والمراد به مناجاة الله تعالى للعبد يوم القيامة، وسياق الحديث يدل عليه.
كنفه: كنف الإنسان: ظله وجانبه، والمراد به: قرب الله تعالى ودنو رحمته وفضله من العبد، وتقول: أنا في كنف فلان، أي: في ظله وجانبه.

7978 - (ت) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: «جاء رجل، فقعد بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله، إن لي مملوكين يكذبونني ويخونونني ويعصونني، وأشتمهم، وأضربهم، فكيف أنا منهم؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا كان يوم القيامة يحسب ما خانوك وعصوك وكذّبوك وعقابك إياهم، فإن كان عقابك إياهم بقدر ذنوبهم: كان كفافا، لا لك، ولا عليك، وإن كان عقابك إياهم دون ذنوبهم، كان فضلا لك، وإن كان عقابك إياهم فوق ذنوبهم، اقتصّ لهم منك الفضل، فتنحّى الرجل وجعل يهتف ويبكي فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أما تقرأ قول الله تعالى: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة، فلا تظلم نفس شيئا، وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها، وكفى بنا حاسبين} [الأنبياء: 47] فقال الرجل: يا رسول الله، ما أجد لي ولهؤلاء شيئا خيرا من مفارقتهم، أشهدك أنّهم كلّهم أحرار». أخرجه الترمذي.
7979 - (م) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «كنّا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فضحك، فقال: هل تدرون ممّ أضحك؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: من مخاطبة العبد ربّه، فيقول: يا ربّ ألم تجرني من الظلم؟ قال: يقول بلى، فيقول: فإني لا أجيز اليوم على نفسي شاهدا إلا مني، فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا، والكرام الكاتبين شهودا، قال: فيختم على فيه، ويقال لأركانه: انطقي، فتنطق بأعماله، ثم يخلّى بينه وبين الكلام، فيقول: بعدا لكنّ وسحّقا، فعنكنّ كنت أناضل». أخرجه مسلم.
وزاد رزين: «وعنكنّ كنت أجاحش».

[شرح الغريب]
لا أجيز اليوم: أي: لا أمضي ولا أقبل علي شاهدا.
المناضلة: النضال في السهام: أن ترمي أنت ورام آخر، يطلب كل منكما غلبة صاحبه. والمراد به هاهنا: المجادلة والمخاصمة، وكذلك المجاحشة، بمعنى المحاماة والمدافعة.

7980 - (ت) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إنّ الله سيخلّص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر له تسعة وتسعين سجلا، كلّ سجلّ مثل مدّ البصر، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئا؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا، يا ربّ، فيقول: أفلك عذر؟ فيقول: لا يارب، فيقول الله تعالى: «بلى إنّ لك عندنا حسنة، فإنه لا ظلم اليوم، فتخرج بطاقة فيها: أشّهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فيقول: احضر وزنك، فيقول: يا ربّ ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقول: فإنّك لا تظلم فتوضع السجلات في كفّة، والبطاقة في كفّة، فطاشت السّجلات، وثقلت البطاقة، ولا يثقل مع اسم الله شيء» أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
سجل: السجل: الكتاب الكبير.
بطاقة: البطاقة: رقيعة صغيرة، وهي ما تجعل في طي الثوب يكتب فيها ثمنه.
طاشت: خفت.

7981 - (م ت) أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة، وآخر أهل النار خروجا منها: رجل يؤتى به يوم القيامة، فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه، وارفعوا عنه كبارها، فيعرض عليه صغارها، فيقال له: عملت يوم كذا وكذا، كذا وكذا، وعملت يوم كذا وكذا، كذا وكذا؟ فيقول: نعم لا يستطيع أن ينكر، وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه، فيقال له: فإنّ لك مكان كل سيئة حسنة، فيقول: ربّ، قد عملت أشياء لا أراها هاهنا، قال: فلقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ضحك حتى بدت نواجذه». أخرجه مسلم والترمذي.
7982 - (خ م) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رجل «يا رسول الله، أنؤاخذ بما عملناه في الجاهلية؟ قال: من أحسن في الإسلام لم يواخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر».
7983 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما من داعى عى إلى شيء إلا كان موقوفا يوم القيامة، لازما به لا يفارقه وإن دعى رجل رجلا، ثم قرأ: {وقفوهم إنهم مسؤولون} [الصافات: 24]» أخرجه الترمذي.
الفصل الرابع: في الحوض، والصراط، والميزان
الفرع الأول: في صفة الحوض
7984 - (م ت) أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه - قال: قلت: «يا رسول الله، ما أنية الحوض؟ قال: والذي نفس محمد بيده، لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها، في الليلة المظلمة المصحية، آنية الجنة من شرب منها لم يظمأ آخر ما عليه، يشخب فيه ميزابان من الجنة[من شرب منه لم يظمأ] عرضه مثل طوله، ما بين عمّان إلى أيّلة، ماؤه أشدّ بياضا من اللبن، وأحّلى من العسل» أخرجه والترمذي، وليس عند الترمذي «يشخب فيه ميزابان من الجنة».

[شرح الغريب]
يشخب: شخب يشخب شخبا: سال وجرى كما يجري الميزاب.

7985 - (خ م ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما بين ناحيتي حوضي، كما بين صنعاء والمدينة».
وفي رواية: «مثل ما بين المدينة وعمّان».
وفي أخرى: «ما بين لابتي حوضي».
وفي أخرى قال: «يرى فيه أباريق الذهب، والفضة، كعدد نجوم السماء».
وفي أخرى مثله، وزاد: «أو أكثر من عدد نجوم السماء».
وفي أخرى قال: «إنّ قدر حوضي كما بين أيلة وصنعاء اليمن، وإن فيه من من الأباريق كعدد نجوم السماء» أخرجه البخاري ومسلم.
وقد تقدّم لأنس في ذكر الحوض روايات كثيرة في تفسير سورة الكوثر وأخرجه أبو داود، والترمذي والنسائي، وروايتهم مذكورة هناك.
وقد أخرج الترمذي من هذه الروايات: الرواية الثانية، ولم نثبت هاهنا إلا علامة البخاري، ومسلم والترمذي.

[شرح الغريب]
لابتي حوضي: اللابة: الحرة، وأراد بها ها هنا: الجانب.

7986 - (خ م) حارثة بن وهب - رضي الله عنه - قال: أنّه سمع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: حوضه: ما بين صنعاء، والمدينة، فقال المستورد: ألم تسمعه قال: «الأواني؟ قال: لا، قال المستورد: ترى فيه الآنية مثل الكوكب» أخرجه البخاري ومسلم.
7987 - (م) جابر بن سمرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ألا إني فرط لكم على الحوض، وإنّ بعد ما بين طرفيه: كما بين صنعاء وأيلة، كأنّ الأباريق فيه النجوم» أخرجه مسلم.
[شرح الغريب]
الفرط: المتقدم على القوم الواردين الماء.

7988 - (خ م) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «حوضي مسيرة شهر، ماؤه أبيض من اللّبن، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السماء، منّ شرب منه لايظمأ أبدا».
وفي رواية: «مسيرة شهر، وزواياه سواء، وماؤه أبيض من الورق...» وذكر نحوه أخرجه البخاري ومسلم.

7989 - (خ م د) عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنه أمامكم حوضي، ما بين جنبيه كما بين جربا وأذرح - قال بعض الرواة: هما قريتان بالشام، بينهما مسيرة ثلاث ليالي».
وفي رواية: «فيه أباريق كنجوم السماء من ورده فشرب منه لم يظمأ بعدها أبدا» أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود.

7990 - (م ت) ثوبان - رضي الله عنه - قال: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّي لبعقر حوضي أذود النّاس لأهل اليمن، أضرب بعصاي حتى يرفض عليهم، فسئل عن عرضه؟ فقال: من مقامي إلى عمّان، وسئل عن شرابه؟ فقال: أشدّ بياضا من اللّبن، وأحلى من العسل، يغثّ فيه ميزابان يمدّانه من الجنّة، أحدهما من ذهب، والآخر من ورق» أخرجه مسلم.
وفي رواية الترمذي، عن أبي سلام الحبشي ممطور، قال: بعث إلي عمر بن عبد العزيز، فحملت على البريد، فلما دخلت إليه، قلت: يا أمير المؤمنين، لقد شّق علي مركبي البريد، فقال: يا أبا سلام ما أردت أن أشّقّ عليك، ولكن بلغني عنك حديث تحدثه عن ثوبان عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحوض، فأحببت أن تشافهني به، فقلت: حدّثني ثوبان: أنّ رسول الله: -صلى الله عليه وسلم- قال: «حوضي مثل ما بين عدن إلى عمّان البلقاء، ماؤه أشدّ بياضا من الثّلج، وأحلى من العسل، وأكوابه عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا، أول الناس ورودا عليه فقراء المهاجرين الشّعث رؤوسا، الدّنس ثيابا، الذين لا ينكحون المنعّمات، ولا تفتح لهم أبواب السّدد، فقال عمر: قد أنكحت المنعّمات - فاطمة بنت عبد الملك - وفتحت لي أبواب السّدد، لا جرم لا أغسل رأسي حتى يشعث، ولا ثوبي الذي يلي جسدي حتى يتّسخ».

[شرح الغريب]
بعقر حوضي أذود: عقر الحوض: مؤخره، وقوله: «لأهل اليمن» أي: لأجل أن يرد أهل اليمن، والذود: الطرد والدفع.
يرفضّ: يتفرق، وارفضّ الدمع: إذا جرى متفرقا مترشّشا، والمراد: حتى يسيل عليهم ماء الحوض.
يغتّ: غتّ الماء يغتّ: إذا جرى جريا له صوت، وقيل: يدفق الماء فيه دفقا متتابعا.
البريد: خيل البريد: هي المرصدة في الطريق لحمل الأخبار من البلاد يكون منها في كل موضع شيء معد لذلك وقد تقدم فيما مضى من الكتاب شرح ذلك مستوفى.
الشّعث: جمع أشعث، وهو البعيد العهد بالدهن والغسل وتسريح الشعر.
الدّنس: جمع دنس: وهو الوسخ الثوب.
السّدد: جمع سدة، وهي الباب ها هنا.

7991 - (د) عبد السلام بن أبي حازم أبو طالوت: قال: شهدت أبا برزة -رضي الله عنه -دخل على عبيد الله بن زياد، فحدّثني فلان سماه مسلم يعني ابن إبراهيم - وكان في السماط، فلما رآه [عبيد الله]، قال: «إن محمّديكم هذا الدحداح، ففهمها الشيخ، فقال: ما كنت أحسب أن أبقى في قوم يعيّرونني بصحبة محمد -صلى الله عليه وسلم-، فقال له: عبيد الله: إنّ صحبة محمد -صلى الله عليه وسلم- لكم زين غير شين، ثم قال: إنما بعثث إليك لأسألك عن الحوض، هل سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر فيه شيئا؟ قال أبو برزة: نعم، لا مرّة، ولا مرتين، ولا ثلاثا، ولا أربعا، ولا خمسا، فمن كذّب به فلا سقاه الله منه، ثم خرج مغضبا». أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
السماط: الصف من الناس.
الدحداح: القصير.

7992 - (ت) سمرة بن جندب - رضي الله عنه - قال: «إنّ لكلّ نبيّ حوضا ترده أمّته، وإنهم ليتباهون: أيّهم أكثر واردة وإني لأرجو أن أكون أكثرهم واردة» أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
واردة: الواردة: الجماعة ترد الماء.

7993 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما الكوثر؟ فقال: ذاك نهّر أعطانيه الله - يعني في الجنة - أشدّ بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، فيه طير أعناقها كأعناق الجزر، قال عمر: إنّ هذه لناعمة قال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أكلتها أنعم منها». أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
الجزر: جمع جزور، وهو البعير ذكرا أكان أو أنثى، إلا أن اللفظة مؤنثة.

الفرع الثاني: في ورود الناس عليه
7994 - (خ م) جندب [بن عبد الله] - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «أنا فرطكم على الحوض» أخرجه البخاري ومسلم.

7995 - (خ م) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أنا فرطكم على الحوض، وليرفعنّ إليّ رجال منكم، حتى إذا أهويت إليهم لأناولهم اختلجوا دوني، فأقول: أيّ ربّ، أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك؟» أخرجه البخاري ومسلم.
[شرح الغريب]
اختلجوا: أي: استلبوا، وأخذوا بسرعة.

7996 - (خ م) أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ليردّنّ عليّ الحوض رجال ممّن صاحبني، حتى إذا رأيتهم، ورفعوا إليه اختلجوا دوني، فلأقولنّ: أي ربّ، أصيحابي، أصيحابي، فليقالنّ لي: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك».
وفي رواية: «ليردنّ عليّ ناس من أمّتي... الحديث، وفي آخره: فأقول: سحقا لمنّ بدلّ بعدي» أخرجه البخاري ومسلم.

7997 - (خ م) أبو حازم - رحمه الله -: عن سهل بن سعد -رضي الله عنه-، قال: سمعت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: «أنا فرطكم على الحوض، منّ وررد شرب، ومن شرب لم يظمأ أبدا، وليردنّ عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني، ثم يحال بيني وبينهم، قال أبو حازم: فسمع النعمان بن أبي عيّاش وأنا أحدّثهم هذا الحديث، فقال: هكذا سمعت سهلا يقول: فقلت: نعم، قال: وأنا أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته يزيد، فيقول: فإنهم منّي فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقا سحقا لمن بدّل بعدي» أخرجه البخاري ومسلم.
7998 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي - أو قال: من أمّتي - فيحلّؤون عن الحوض، فأقول: يا ربّ أصحابي، فيقول: إنه لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدّوا على أدبارهم القهّقري».
وفي رواية «فيجلوّن» أخرجه البخاري ومسلم.
وللبخاري: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «بينا أنا قائم على الحوض، إذ زمرة، حتى إذا عرفتهمّ خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلّمّ، فقلت: إلى أين؟ فقال: إلى النار والله، فقلت: ما شأنهم؟ فقال: إنّهم قد ارتدّوا على أدبارهم القهقري، ثم إذا زمرة أخرى، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال لهم: هلمّ، قلت: إلى أين؟ قال: إلى النار والله، قلت ما شأنهم؟ قال: إنّهم قد ارتدّوا على أدبارهم، فلا أراه يخلص منه إلا مثل همل النّعم».
ولمسلم: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ترد عليّ أمتي الحوض، وأنا أذود الناس عنه كما يذود الرجل إبل الرجل عن إبله، قالوا: يا نبيّ الله تعرفنا؟ قال: نعم، لكم سيما ليست لأحد غيركم، تردون غفرا محجّلين من آثار الوضوء، وليصدّن عني طائفة منكم، فلا يصلون، فأقول: يا ربّ، هؤلاء من أصحابي، فيجيبني مالك، فيقول: وهل تدري ما أحدثوا بعدك؟».
وفي أخرى قال: «إن حوضي أبعد منّ أيلة من عدن لهو أشد بياضا من الثّلج، وأحّلى من العسل باللبن، ولآنيته أكثر منّ عدد النجوم، وإني لأصدّ الناس عنه كما يصدّ الرّجل إبل الناس عن حوضه، قالوا: يا رسول الله، أتعرفنا يومئذ؟ قال: نعم لكم سيما ليست لأحد من الأمم، تردون غرا محجّلين منّ أثر الوضوء».

[شرح الغريب]
فيحلّؤون: أي: يدفعون عن الماء، ويطردون عن وروده، ومن رواه «فيجلون» بالجيم، فهو من الجلاء: النفي عن الوطن، وهو راجع إلى الطرد.
زمرة: الزمرة: الجماعة من الناس.
همل النعم: النعم الهمل: الإبل الضالة، والمعنى: أن الناجي منها قليل كهمل النعم.
لأصد: الصد: المنع.
سيما: السّيما: العلامة.

7999 - (م) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول وهو بين ظهراني أصحابيه: «إني على الحوض أنظر منّ يرد عليّ منكمّ، فوالله ليقتطعنّ دوني رجال، فلأقولنّ: أي ربّ، مني ومن أمّتي، فيقول: إنك لا تدري ما عملوا بعدك، مازالوا يرجعون على أعقابهم» أخرجه مسلم.
[شرح الغريب]
ليقتطعن: الاقتطاع: أخذ طائفة من الشيء، تقول: اقتطعت طائفة من أصحابه: إذا أخذتهم دونه.

8000 - (خ م) أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما -: قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إني على الحوض أنظر منّ يرد عليّ منكم، وسيؤخذ ناس دوني، فأقول: يا رب، مني ومن أمتي».
وفي رواية: «فأقول: أصحابي، فيقال: هل شعرت ما عملوا بعدك؟ والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم» أخرجه البخاري ومسلم.

8001 - (م) أم سلمة - رضي الله عنها -: قالت: «كنت أسمع الناس يذكرون الحوض، ولم أسمع ذلك من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما كان يوما من ذلك والجارية تمشّطني، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: أيها الناس، فقلت للجارية: استأخري عنّي، قالت: إنما دعا الرجال، ولم يدع النساء، فقلت: إني من الناس، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إني لكم فرط على الحوض، فإيّاي لا يأتينّ أحدكم فيذبّ عني كما يذبّ البعير الضّال، فأقول: فيم هذا فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقا» أخرجه مسلم.
8002 - (خ) سعيد بن المسيب - رحمه الله -: كان يحدّث عن أصحاب النبيّ أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «يرد عليّ الحوض رجال من أصحابي، فيحلؤون عنه فأقول: ياربّ، أصحابي، فيقول: إنّك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدّوا على أدبارهم القهقرى» أخرجه البخاري.
8003 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «والذي نفسي بيده: لأذودنّ رجالا عن حوضي، كما تذاد الغريبة من الإبل عن الحوض» أخرجه البخاري ومسلم.
8004 - (م) حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن حوضي لا بعد من أيلة من عدن، والذي نفسي بيده: إنّي لآذود عنه الرجال، كما يذود الرجل الإبل الغريبة عن حوضه، قالوا: يارسول الله، وتعرفنا؟ قال: نعم تردون عليّ غرا محجّلين من آثار الوضوء ليست لأحد غيركم» أخرجه مسلم.
8005 - (د) زيد بن أرقم - رضي الله عنه - قال: كنّا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فنزلنا منزلا، فقال: ما أنتم جزء من مائة ألف جزء ممّن يرد عليّ الحوض، قيل: كم كنتم يومئذ؟ قال: سبعمائة، أو ثمانمائة. أخرجه أبو داود.
الفرع الثالث: في الصراط والميزان
8006 - (ت) المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «شعار المؤمنين على الصراط يوم القيامة: ربّ سلّم سلّمّ» أخرجه الترمذي.

8007 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال: «سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يشفع لي يوم القيامة، فقال: أنا فاعل إن شاء الله، قلت: فأين أطلبك؟ قال: أو ما تطلبني على الصراط، قلت: فإن لم ألقك على الصراط؟ قال: فاطلبني عند الميزان، قلت: فإن لم ألقك عند الميزان؟ قال: فاطلبني عند الحوض، فإني لا أخطيء هذه الثلاثة مواطن» أخرجه الترمذي.
8008 - (د) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: «ذكرت النار فبكيت فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما يبكيك؟ قلت: ذكرت النار فبكيت، فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة؟ قال: أمّا في ثلاثة مواطن، فلا يذكر أحد أحدا: عند الميزان حتى يعلم أيخف ميزانه، أم يثقل؟ وعند تطاير الصحف حتى يعلم أين يقع كتابه: في يمينه، أم في شماله، أم من وراء ظهره؟ وعند الصراط إذا وضع بين ظهريّ جهنم حتى يجوز» أخرجه أبو داود.
وفي رواية ذكرها رزين، قالت: قلت: أو قيل - «يا رسول الله، هل تذكرون أهليكم يوم القيامة؟ قالت - أو قيل: فأين نجدك؟ قال: لا أخطيء ثلاثة مواطن: عند الميزان، وعند الصراط، وعند الحوض».

الفصل الخامس: في الشفاعة
8009 - (خ م) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «كلّ نبيّ سأل سؤالا - أو قال: لكل نبيّ دعوة قد دعاها لأمته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة» أخرجه البخاري ومسلم.
ولمسلم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أنا أول الناس يشفع في الجنة، وأنا أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة، وأنا أول من يقرع باب الجنة».

8010 - (م) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «لكل نبي دعوة قد دعا بها في أمته، وخبأت دعوتي شفاعة لأمّتي يوم القيامة». أخرجه مسلم.
8011 - (خ م ط ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لكلّ نبي دعوة مستجابة، فتعجّل كلّ نبيّ دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمّتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمّتي لا يشرك بالله شيئا».
وفي رواية: أن أبا هريرة قال لكعب الأحبار: إنّ نبيّ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لكلّ نبي دعوة يدعوها، فأريد إن شاء الله: أنّ أختبئ دعوتي شفاعة لأمّتي يوم القيامة، فقال كعب لأبي هريرة: أنت سمعت هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم» أخرجه البخاري ومسلم، وأخرج الترمذي الأولى، وأخرج الموطأ المسند من الثانية.

8012 - (ت د) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «شفاعتي لأهل الكبائر منّ أمّتي» أخرجه الترمذي وأبو داود.
8013 - (ت) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: مثله، وزاد فيه: قال الراوي: فقال لي جابر: «يا محمد من لم يكن من أهل الكبائر، فما له وللشفاعة؟». أخرجه الترمذي.
8014 - (ت) عوف بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أتاني آت من عند ربي، فخيّرني بين أن يدخل نصف أمّتي الجنة، وبين الشفاعة، فاخترت الشافعة، فهي نائلة من مات لا يشرك بالله شيئا». أخرجه الترمذي.
8015 - (خ م) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال معبد بن هلال العنزي: «انطلقنا إلى أنس بن مالك، وتشفّعنا بثابت، فانتهينا إليه وهو يصلّي الضحى، فاستأذن لنا ثابت، فدخلنا عليه، وأجلس ثابتا معه على سريره فقال له: يا أبا حمزة، إن إخوانك من أهل البصرة يسألونك أن تحدّثهم حديث الشفاعة، فقال: حدّثنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، قال: إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم إلى بعض، فيأتون آدم، فيقولون: اشفع لذرّيّتك، فيقول لست لها، ولكنّ عليكم بإبراهيم، فإنه خليل الله، فيأتون إبراهيم، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بموسى، فإنه كليم الله، فيؤتى موسى، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بعيسى، فإنه روح الله وكلمته، فيؤتى عيسى، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بمحمد، فأوتى فأقول: أنا لها، ثم أنطلق فأستأذن على ربي، فيؤذن لي، فأقوم بين يديه، فأحمده بمحامد لا أقدر عليها إلا أن يلهمنيها، ثم أخرّ لربنا ساجدا، فيقول: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعطه، واشفع تشفّع، فأقول: يا رب أمّتي أمّتي، فيقول: انطلق، فمن كان في قلبه مثقال حبة من برّة أو شعيرة من إيمان فأخرجه منها، فأنطلق فأفعل، ثم أرجع إلى ربي فأحمده بتلك المحامد، ثم أخرّ له ساجدا، فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعطه، واشفع تشفّع، فأقول: يا ربّ، أمّتي أمّتي، فيقال لي: انطلق فأفعل، ثم أعود إلى ربي أحمده بتلك المحامد، ثم أخرّ له ساجدا، فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسك وقل يسمع لك، وسل تعطه، واشفع تشفّع، فأقول: يا ربّ، أمّتي أمّتي، فيقال لي: انطلق، فمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبّة من خردل من إيمان فأخرجه من النار، فأنطلق فأفعل». هذا حديث أنس الذي أنبأنا به، فخرجنا من عنده، فلما كنّا بظهر الجبّان، قلنا: لو ملنا إلى الحسن فسلّمنا عليه وهو مستخف في دار أبي خليفة؟ قال: فدخلنا عليه، فسلّمنا عليه، قلنا: يا أبا سعيد، جئنا من عند أخيك أبي حمزة، فلم نسمع بمثل حديث حدثّناه في الشفاعة، قال: هيه، فحدّثناه الحديث، فقال: هيه، قلنا: مازادنا؟ قال: قد حدّثنا به منذ عشرين سنة، وهو يومئذ جميع، ولقد ترك شيئا ما أدري: أنسي الشيخ، أم كره أن يحدثكم فتتكلوا؟ قلنا له: حدثنا، فضحك، وقال: خلق الإنسان من عجل، ما ذكرت لكم هذا إلا وأنا أريد أن أحدّثكموه، قال: ثم أرجع إلى ربي في الرابعة، فأحّمده بتلك المحامد، ثم أخرّ له ساجدا، فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعطه واشفع تشفّع. فأقول: يا ربّ، ائذن لي فيمن قال: لا إله إلا الله، قال: فليس ذلك لك أو قال: ليس ذلك إليك، ولكن وعزّتي وكبريائي وعظمتي لأخرجنّ منها من قال: لا إله إلا الله». قال: فأشهد على الحسن أنّه حدّثنا به أنه سمع أنس بن مالك - أراه قال: قبل عشرين سنة - وهو يومئذ جميع.
وفي رواية قتادة عن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يجمع الله الناس يوم القيامة، فيهتمّون لذلك - وفي رواية: فيلهمون لذلك - فيقولون: لو استشفعنا إلى ربّنا، حتى يريحنا من مكاننا هذا؟ قال: فيأتون آدم، فيقولون: أنت آدم أبو الخلق، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا فيقول: لست هناكم، فيذكر خطيئته التي أصاب، فيستحي ربّه منها، ولكن ائتوا نوحا أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض، قال: فيأتون نوحا، فيقول: لست هناكم، فيذكر خطيئته التي أصاب، فيستحي ربّه منها، ولكن ائتوا إبراهيم الذي اتخذه الله خليلا، فيأتون إبراهيم، فيقول: لست هناكم، وذكر خطيئته التي أصاب، فيستحي ربّه منها، ولكن ائتوا موسى الذي كلّمه الله وأعطاه التوراة، قال: فيأتون موسى فيقول: لست هناكم ويذكر خطيئته التي أصاب، فيستحي ربّه منها، ولكن ائتوا عيسى روح الله وكلمته، فيأتون عيسى روح الله وكلمته، فيقول: لست هناكم، ولكن ائتوا محمدا، عبدا غفر الله له ما تقدّم من ذنّبه وما تأخر، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «فيأتونني، فأستأذن على ربي فيؤذن لي، فإذا أنا رأيته وقعت ساجدا، فيدعني ما شاء الله، فيقال: يا محمد، ارفع، قل يسمع، سل تعطه، اشفع تشفّع، فأرفع رأسي، فأحمد ربي بتحميد يعلّمنيه ربّي، ثم أشفع، فيحدّ لي حدا، فأخرجهم من النار، وأدخلهم الجنة، ثم أعود فأقع ساجدا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقال لي: ارفع يا محمد، قل يسمع، سل تعطه، اشفع تشفع، فأرفع رأسي، فأحمد ربي بتحميد يعلّمنيه، ثم أشفع، فيحد لي حدا، فأخرجهم من النار، وأدخلهم الجنة - قال: فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة - فأقول: يا ربّ، ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن، أي وجب عليه الخلود» أخرجه البخاري ومسلم.
وأخرجه البخاري تعليقا: عن قتادة عن أنس أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «يحبس المؤمنين يوم القيامة...» وذكر نحوه، وفي آخره: ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن - أي وجب عليه الخلود - ثم تلا هذه الآية: {عسى أن يبعثك ربّك مقاما محمودا} [الإسراء: 79] قال: وهذا المقام المحمود الذي وعده نبيّكم -صلى الله عليه وسلم-.
زاد في رواية: فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: «يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، ثم يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن برّة، ثم يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرّة».
قال يزيد بن زريع: فلقيت شعبة، فحدّثته بالحديث، فقال شعبة: حدّثنا به قتادة عن أنس بن مالك عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالحديث، إلا أن شعبة جعل مكان «الذّرّة» «ذرة» قال يزيد: صحف فيها أبو بسطام، كذا في كتاب مسلم، من رواية يزيد عن شعبة. قال البخاري: وقال أبان عن قتادة بنحوه. وفيه «من إيمان» مكان «خير» زاد في رواية: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: في حديث سؤال المؤمنين الشفاعة - «فيأتوني فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه» وللبخاري طرف منه عن حميد عن أنس قال: سمعت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا كان يوم القيامة شفعت، فقلت: يا ربّ، أدخل الجنة من كان في قلبه خردلة، فيدخلون، ثم أقول: أدخل الجنة من كان في قلبه أدنى شيء. قال أنس: كأني أنظر إلى أصابع النبيّ -صلى الله عليه وسلم-».

[شرح الغريب]
يلهمنيه: الإلهام: ضرب من الوحي الذي يلقيه الله في قلوب عبادة الصالحين.
الجبان: والجبانة: المقابر.
جميع: رجل جميع: أي مجتمع الخلق قوي، لم يهرم ولم يضعف.
في داره: أي في حضرة قدسه.وقيل: في جنته، فإن الجنة تسمى دار السلام، والله هو السلام.

8016 - (خ م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -قال: «كنّا مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في دعوة، فرفع إليه الذّراع - وكانت تعجبه - فنهس منها نهسة، وقال: أنا سيد الناس يوم القيامة، هل تدرون: ممّ ذلك؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد فيبصرهم الناظر، ويسمعهم الداعي، وتدنو منهم الشمس، فيبلغ الناس من الغمّ والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول الناس: ألا ترون إلى ما أنتم فيه، إلى ما بلغكم، ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول: بعض الناس لبعض: أبوكم آدم، فيأتونه، فيقولون: يا آدم، أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، وأسكنك الجنة، ألا تشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه وما بلغنا؟ فقال: إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة، فعصيت، نفسي، نفسي، نفسي، اذّهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحا، فيقولون: يا نوح، أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وقد سمّاك الله عبدا شكورا، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما بلغنا؟ ألا تشفع لنا عند ربك؟ فيقول: إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنّه قد كان لي دعوة دعوت بها على قومي، نفسي، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم، فيأتون إبراهيم فيقولون: أنت نبيّ الله، وخليله من أهل الأرض، اشفع لنا إلى ربّك، أما ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول لهم: إنّ ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني كنت كذبت ثلاث كذبات... فذكرها نفسي، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى، فيأتون موسى فيقولون: أنت رسول الله، فضّلك برسالاته وبكلامه، على الناس، اشفع لنا إلى ربك، أما ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إنّ ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قد قتلت نفسا لم أومر بقتلها، نفسي، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى، فيأتون عيسى، فيقولون: يا عيسى، أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، وكلمت الناس في المهد، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول عيسى، إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، ولم يذكر ذنبا، نفسي، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد، فيأتون محمدا -صلى الله عليه وسلم- - وفي رواية: فيأتوني - فيقولون: يا محمد، أنت رسول الله وخاتم الأنبياء، قد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فأنطلق، فآتي تحت العرش، فأقع ساجدا لربّي، ثم يفتح الله عليّ من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي، ثم يقال: يا محمد، ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفّع، فأرفع رأسي، فأقول: أمتي يا رب، أمّتي يا ربّ أمّتي يارب، فيقال: يا محمد، أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنّة، وهمّ شركاء النّاس فيما سوى ذلك من الأبواب، ثم قال: والذي نفسي بيده، إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة، كما بين مكة وهجر - أو كما بين مكة وبصرى - وفي كتاب البخاري: كما بين مكة وحمير».
وفي رواية: قال: «وضعت بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قصعة من ثريد ولحم، فتناول الذراع - وكانت أحبّ الشاة إليه - فنهس نهسة، فقال: أنا سيّد النّاس يوم القيامة، ثم نهس أخرى، فقال: أنا سيد النّاس يوم القيامة، فلما رأى أصحابه لا يسألونه، قال: ألا تقولون: كيّفه؟ قالوا: كيفه يا رسول الله؟ قال: يقوم الناس لرب العالمين... وساق الحديث بمعنى ما تقدّم، وزاد في قصة إبراهيم فقال: وذكر قوله في الكوكب: هذا ربي وقوله لآلهتهم: بل فعله كبيرهم هذا، وقوله: إني سقيم، وقال: والذي نفس محمد بيده، إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة إلى عضادتي الباب لكما بين مكة وهجر، أو هجر ومكة، لا أدري أيّ ذلك قال» أخرجه البخاري ومسلم والترمذي، إلا أن في كتاب مسلم «نفسي نفسي» مرتين في قول كل نبي والحميديّ ذكر كما نقلناه، وفي رواية الترمذي «نفسي، نفسي، نفسي» ثلاثا في الجميع.

[شرح الغريب]
فنهس النهس: أخذ اللحم بمقدم الأسناس.

8017 - (م) حذيفة بن اليمان، وأبو هريرة - رضي الله عنهما -: قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يجمع الله تبارك وتعالى النّاس، فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنّة، فيأتون آدم، فيقولون: يا أبانا، استفتح لنا الجنة، فيقول: وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم؟ لست بصاحب ذلك اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله، قال: فيقول: إبراهيم: لست بصاحب ذلك، إنما كنت خليلا من وراء وراء، اعمدوا إلى موسى الذي كلمه تكليما، قال: فيأتون موسى، فيقول: لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه، فيقول عيسى: لست بصاحب ذلك، فيأتون محمدا -صلى الله عليه وسلم-، فيقوم فيؤذن له، وترسل الأمانة والرحم، فتقومان جنبيي الصراط يمينا وشمالا، فيمرّ أولكم كالبرق، قال: قلت بأبي وأمي، أيّ شيء كالبرق، قال: ألم تروا إلى البرق كيف يمرّ ويرجع في طرفة عين؟ ثم كمرّ الريح، ثم كمرّ الطير، وشدّ الرّحال، تجري بهم أعمالهم، ونبيّكم قائم على الصراط، يقول: ربّ سلم سلم، حتى تعجز أعمال العباد، حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا، قال: وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة، تأخذ من أمرت به، فمخدوش ناج، ومكدوس في النّار، والذي نفس أبي هريرة بيده، إنّ قعر جهنّم لسبعين خريفا» أخرجه مسلم.
[شرح الغريب]
تزلف أي: تقرب وتدنى.
كشد الشد: العدو.

8018 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ - آدم فمن سواه - إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشقّ عنه الأرض ولا فخر، قال: فيفزع النّاس ثلاث فزعات، فيأتون آدم، فيقولون: أنت أبونا آدم، فاشفع لنا إلى ربك، فيقول: إنّي أذنبت ذنبا فأهبطت به إلى الأرض، ولكن ائتوا نوحا، فيأتون نوحا، فيقول: إني دعوت على أهل الأرض دعوة فأهلكوا، ولكن اذهبوا إلى إبراهيم، فيأتون إبراهيم، فيقول: إني كذبت ثلاث كذبات، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما منها كذّبة إلا ماحل بها عن دين الله، ولكن ائتوا موسى، فيأتون موسى، فيقول: قد قتلت نفسا، ولكن ائتوا عيسى، فيأتون عيسى، فيقول: إني عبدت من دون الله، ولكن ائتوا محمدا -صلى الله عليه وسلم-، فيأتوني، فأنطلق معهم. قال ابن جدعان: قال أنس: فكأني أنظر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: فآخذ بحلقة باب الجنة، فأقعقعها، فيقال: منّ هذا؟ فيقال: محمد فيفتحون لي ويرحبّون، فيقولون: مرّحبا، فأخرّ ساجدا، فيلّهمني الله من الثناء والحمد، فيقال لي: ارفع رأسك، سل تعط، واشفع تشفّع، وقل يسمع لقولك، وهو المقام المحمود الذي قال الله تعالى: {عسى أن يبعثك ربّك مقاما محمودا} [الإسراء: 79]» قال سفيان: ليس عن أنس إلا هذه الكلمة «فآخذ بحلّقة باب الجنة فأقعقعها» أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
فيفزع فزعت إلى فلان: إذا لجأت إليه، واعتمدت عليه.
ماحل المماحلة: المخاصمة والمجادلة.

8019 - (م) يزيد بن صهيب الفقير: قال: «كنت قد شغفني رأي من رأي الخوارج، فخرجنا في عصابة ذوي عدد - نريد أن نحج - ثم نخرج على الناس، قال: فمررنا على المدينة، فإذا جابر بن عبد الله جالس إلى سارية يحدّث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإذا هو قد ذكر الجهنّميّين، فقلت: يا صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما هذا الذي تحدّثوننا؟ والله يقول: {ربّنا إنّك من تدخل النار فقد أخزيته} [آل عمران: 192] و{كلّما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها} [السجدة: 20] فما هذا الذي تقولون؟ قال: أتقرأ القرآن؟ قلت: نعم، قال: فاقرأ ما قبله، إنه في الكفار، ثم قال: فهل سمعت بمقام محمد الذي يبعثه الله فيه؟ قلت: نعم، قال: فإنه مقام محمد -صلى الله عليه وسلم- المحمود الذي يخرج الله به من يخرج، قال: ثم نعت وضع الصراط، ومرّ النّاس عليه، قال: وأخاف أن لا أكون أحفظ ذاك، قال: غير أنّه قد زعم أنّ قوما يخرجون من النّار بعد أن يكونوا فيها، قال - يعني - فيخرجون كأنهم عيدان السّماسم، قال: فيدخلون نهرا من أنهار الجنة، فيغتسلون فيه، فيخرجون كأنهم القراطيس، فرجعنا، قلنا: ويحكم أترون هذا الشيخ يكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فرجعنا، فلا والله ما خرج غير رجل واحد - أو كما قال» أخرجه مسلم، إلا قوله: «فاقرأ ما قبله إنّه في الكفار» فإنه فيما ذكره رزين.
[شرح الغريب]
شغفني: أي: دخل شغاف قلبي، وهو غلاف القلب.
عيدان السماسم: السماسم: جمع سمسم، وعيدانه تراها إذا قلعت وتركت ليؤخذ حبّها سودا دقاقا كأنها محترقة، فشبّه هؤلاء الذين يخرجون من النار بها.

8020 - (م) أبو الزبير - رضي الله عنه - سمع جابرا يسأل عن الورود؟ فقال: «نجيء نحن يوم القيامة عن كذا وكذا، انظر - أي ذلك فوق الناس - قال: فتدعى الأمم بأوثانها، وما كانت تعبد: الأول فالأول، ثم يأتينا ربّنا بعد ذلك فيقول: من تننتظرون؟ فنقول: ننتظر ربّنا، فيقول: أنا ربّكم، فيقولون: حتى ننظر إليه، فيتجلّى لهم يضحك، قال: فينطلق بهم، ويتّبعونه، ويعطى كلّ إنسان منهم - منافق أو مؤمن - نورا، ثم يتّبعونه، وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك، تأخذ من شاء الله، ثم يطفأ نور المنافقين، ثم ينجو المؤمنون، فتنجو أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر، سبعون ألفا، لا يحاسبون، ثم الذين يلونهم كأضوء نجم في السماء، ثم كذلك، ثم تحلّ الشفاعة، ويشفعون حتى يخرج من النّار من قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، فيجعلون بفناء الجنة، ويجعل أهل الجنة يرشّون عليهم الماء، حتى ينبتوا نبات الشيء في السّيل، ويذّهب خراقه، ثم يسأل حتى تجعل له الدنيا وعشرة أمثالها معها». أخرجه مسلم.
[شرح الغريب]
حراقه: الحراقة: الموضع المحترق من الجسم.

الفصل السادس: في أحاديث مفردة، تتعلق بالقيامة
8021 - (م) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يوتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في النّار صبغة، ثم يقال: يا ابن آدم، هل رأيت خيرا قط؟ هل مرّ بك من نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ويؤتى بأشد الناس بؤسا من أهل الجنة، فيصبغ صبغة في الجنة، فيقال له: يا ابن آدم، هل رأيت بؤسا قط؟ هل مرّ بك منّ شدّة قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ما مرّ بي بؤس قط، ولا رأيت شدّة قط» أخرجه مسلم.

[شرح الغريب]
فيصبغ أي: يغمس في النار أو الجنة غمسة، كأنه يدخل إليها إدخالة واحدة.

8022 - (خ م) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يقول الله تعالى لأهون أهل النار عذابا: لو كانت لك الدنيا كلّها، أكنت مفتديا بها؟ فيقول: نعم، فيقول: قد أردت منّك أيسر من هذا، وأنت في صلب آدم: أن لا تشرك بي ولا أدخلك النّار، وأدخلك الجنة، فأبيت إلا الشرك» أخرجه مسلم.
وفي رواية له وللبخاري قال: «يجاء بالكافر يوم القيامة، فيقال له: أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا، أكنت تفتدي به؟ فيقول: نعم، فيقال له: لقد كنت سئلت ما هو أيسر من ذلك: أن لا تشرك بي».

8023 - (خ م) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «إذا صار أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار: جيء بالموت، حتى يجعل بين الجنة والنار، فيذبح، ثم ينادي مناد: يا أهل الجنة لا موت، يا أهل النار لا موت، فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم، وأهل النار حزنا إلى حزنهم».
وفي رواية: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «يدخل الله أهل الجنة الجنة، وأهل النّار النّار، ثم يقوم مؤذّن بينهم، فيقول: يا أهل الجنة لا موت، ويا أهل النار لا موت كل خالد فيما هو فيه» أخرجه البخاري ومسلم.

8024 - (خ م ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: «يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح، فينادي مناد: يا أهل الجنة، فيشرئبّون وينظرون، فيقول لهم: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموت، وكلّهم قد رآه، ثم ينادي مناد: يا أهل النّار، فيشرئبّون وينظرون، فيقول لهم هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم هذا الموت، وكلّهم قد رآه فيذبح بين الجنّة والنّار، ثم يقول: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، ثم قرأ: {وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون} [مريم: 39] وأشار بيده إلى الدنيا» أخرجه البخاري ومسلم.
وأخرجه الترمذي قال: «إذا كان يوم القيامة أتي بالموت كالكبش الأملح، فيوقف بين الجنة والنار، فيذبح وهم ينظرون، فلو أنّ أحدا مات فرحا لمات أهل الجنة، ولو أنّ أحدا مات حزنا لمات أهل النار» وأخرجه أيضا نحو الرواية الأولى، وذكر في آخره مثل ما ذكر في روايته المختصرة.

[شرح الغريب]
كبش أملح الأملح: المختلط البياض والسواد، وقوله: " فيذبح شبه اليأس من مفارقة الحالتين في الجنة والنار والخلود فيهما بحيوان يذبح فيموت، فلا يبقى يرجى له حياة ولا وجود، وكذلك حال أهل الجنة والنار بعد الاستقرار فيهما وإخراج من يخرجه الله من النار في اليأس من مفارقة حالتيهما وانقطاع الرجاء من زوالها.
فيشرئبون اشرأب إلى الشيء: إذا تطلع ينظر إليه، ومالت نحوه نفسه.

8025 - (خ) أبو هريرة - رضي الله عنه -قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يقال لأهل الجنّة: خلود لا موت، ولأهل النّار: خلود لا موت». أخرجه البخاري.


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القيامة, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:04 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir