سورة القيامة
فإن قيل: ما معنى قوله تعالى: (فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه)
والقارئ له على النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو جبريل عليه السلام؟
قلنا: معناه فإذا جمعناه في صدرك، ويؤيده أول الآية: (إنّ علينا جمعه وقرآنه) أي إن علينا ضمه وجمعه في صدرك فلا تعجل بقراءته قبل أن يتم حفظه، وقيل: إنما أضيفت القراءة إلى الله تعالى، لأن جبريل عليه السلام يقرؤه بأمره كما تضاف الأفعال إلى الملوك والأمراء بمجرد الأمر، مع أن المباشر لها أعوانهم أو أتباعهم.
فإن قيل: كيف قال الله تعالى: (وجوهٌ يومئذٍ ناضرةٌ) والذي يوصف بالنظر الذي هو الإبصار والإدراك إنما هو العين دون الوجه؟
قلنا: قيل إنما أراد بالوجوه هنا السعداء وأهل الوجاهة يوم القيامة لا الوجه هو العضو، ولا أرى هذا الجواب مطابقًا لقوله تعالى: (ووجوهٌ يومئذٍ باسرةٌ) لأن العبوس والقطوب إنما يوصف به الوجه الذي هو العضو، ومما يؤيد أن المراد بقوله تعالى: (وجوهٌ يومئذٍ ناضرةٌ) الأعضاء المعروفة قوله تعالى: (تعرف في وجوههم نضرة النّعيم)
[أنموذج جليل: 547]
فإن قيل: النطفة المنى، فما فائدة قوله تعالى: (ألم يك نطفةً من منيٍّ يمنى)؟
قلنا: النطفة استعملت هنا بمعنى القطرة لأن النطفة تطلق على الماء القليل والكثير، ومنه الحديث: حتى يسير الراكب بين النطفتين لا يخشى جوازًا، أراد بحر المشرق والمغرب.
[أنموذج جليل: 548]