دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الجهاد

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #5  
قديم 14 ربيع الثاني 1432هـ/19-03-2011م, 10:48 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَتُمْلَكُ الغَنِيمَةُ بِالاستِيلاَءِ عَلَيْهَا فِي دَارِ الحَرْبِ. وَهْيَ لِمَنْ شَهِدَ الوَقْعَةَ مِنْ أَهْلِ القِتَالِ، فَيُخْرِجُ الخُمُسَ..
قوله: «وتملك الغنيمة بالاستيلاء عليها في دار الحرب» أي: إذا قاتل المسلمون أعداءهم، وهزم الأعداء، واستولى المسلمون على المال، فإن المال يكون ملكاً للمسلمين، ولو كانوا في دار الحرب، أي في ديار الكفار.
فمثلاً: لو قاتلنا الكفار، ودخلنا عليهم أرضهم وهربوا وتركوا الأموال فإننا نملك الأموال، ولو كانت في دار الحرب، ولا يلزم أن نحوزها إلى بلاد الإسلام، هذا معنى قول المؤلف: «في دار الحرب» ، فلا يشترط أن نحوزها إلى ديار الإسلام، بل بمجرد الاستيلاء عليها تكون ملكاً لنا، وإذا كانت ملكاً هل يجوز أن تقسم هناك؟ الجواب: نعم يجوز أن تقسم هناك؛ لأنها ما دامت ملكت فلا حاجة إلى تأخير قسمتها، فيعطى كل إنسان ما يناله منها ويتصرف به يميناً وشمالاً، وإن خيف من شر فللإمام ألا يقسمها إلا في بلاد الإسلام.
قوله: «وهي لمن شهد الوقعة من أهل القتال» وهم الرجال الذين يقاتلون، فمن شهد منهم فإنه يقسم له، وأما من جاء بعد انتهاء الحرب فإنه لا شيء له منها، وكذلك من انصرف قبل بدء الحرب فإنه ليس له منها شيء، وإنما هي لمن حضر الوقعة من أهل القتال، واستدل المؤلف في الشرح بقول عمر ـ رضي الله عنه ـ: «الغنيمة لمن شهد الوقعة» [(1)]، وأما من لم يشهدها فإنه لا حظَّ له فيها.
قوله: «فيخرج الخُمس» الضمير يعود على الإمام أو نائبه، أي: يخرج الإمام الذي هو الرئيس الأعلى في الدولة أو من ينوب عنه كقائد الجيش ـ مثلاً ـ الخمس، أي: خمس الغنيمة؛ لقول الله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: 41] ، فيخرج الخمس ويصرف على ما ذكر الله في القرآن: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}، فهؤلاء خمسة، إذاً الخمس يقسم خمسة أسهم فيكون: (لله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم) من أصل الغنيمة جزء من خمسة وعشرين جزءاً.
وأين يصرف هذا؟
الجواب: خمس الخمس يكون فيئاً في مصالح المسلمين، هذا هو الصحيح.
وقيل: ما لله فهو فيء، وما للرسول صلّى الله عليه وسلّم فللإمام؛ لأن الإمام نائب مناب الرسول صلّى الله عليه وسلّم في الأمة، ولكن الصحيح أن ما لله وللرسول صلّى الله عليه وسلّم يكون فيئاً يدخل في بيت المال ويصرف في مصالح المسلمين.
{وَلِذِي الْقُرْبَى}، وهم قربى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهم بنو هاشم، وبنو المطلب، هؤلاء هم أصحاب خمس الخمس.
وكيف يقسم بينهم؟
قيل: يقسم بينهم بحسب الحاجة، وقيل: بل للذكر مثل حظ الأنثيين[(2)]، وقيل: بل الذكر والأنثى سواء.
أما من قال: بحسب الحاجة، قال: لأننا نعلم أن من مقاصد الشرع دفع الحاجات، لكن خص ذوي القربى؛ لأنهم أحق الناس بمثل هذه الغنيمة.
وأما من قال: هم سواء، فقال: لأنهم يستحقونه بوصفٍ وهو القرابة، وهذا يستوي فيه الذكور والإناث، كما لو وقف على قريبه فإنه يستوي الذكر والأنثى.
وأما من قال: إنه يفضل الذكر على الأنثى، فقال: لأن الإرث في القرابة يكون هكذا للذكر مثل حظ الأنثيين.
والأقرب الأول وهو أننا نراعي الحاجة، فإن كانوا كلهم سواء في الغنى أو في الحاجة أعطيناهم بالتساوي.
{وَالْيَتَامَى} جمع يتيم، وهو من مات أبوه قبل أن يبلغ، وسواء كان ذكراً أو أنثى، وهل يختص بالفقراء منهم[(3)] أو لا يختص؟.
الصحيح أنه لا يختص؛ لأننا لو جعلناه خاصاً بالفقراء لم يكن لعطف المساكين عليهم فائدة.
فالصواب أن اليتيم يستحق خمس الخمس من الغنيمة ولو كان غنيّاً؛ جبراً للنقص الذي حصل له بفقد أبيه، ولا سيما إذا كان اليتيم مترعرعاً في الشباب، أي يعرف قدر وجود أبيه، ويعرف ما يفوته بفقد أبيه، لكن لا شك أن من كان أحوج فهو أحق.
{وَالْمَسَاكِينِ} هم الفقراء، وهنا يدخل الفقراء في اسم المساكين.
{وَابْنَ السَّبِيلِ} هم المسافرون الذين انقطع به السفر، فيعطون ما يوصلهم إلى سفرهم، يعطون تذكرة أو متاعاً أو ما أشبه ذلك مما يحتاجون إليه.
وهل الفيء كالزكاة، بمعنى أنه يجوز الاقتصار على واحد من هؤلاء، أو يجب التعميم؟
المشهور من المذهب أنه يجب التعميم، أي: أننا نعمم بحسب القدرة والطاقة، فمثلاً اليتامى في البلد لا نقول: إنه يجزئ أن نعطي ثلاثة منهم، أي: أقل الجمع، بل نبحث عن كل يتيم في البلد ونعطيه من هذا الذي هو خمس الخمس، أما مستحق الزكاة فقد سبق أنه يجوز الاقتصار على واحد.
فإن قال قائل: ما الفرق؟ قلنا: الفرق أنه ثبت في السنّة جواز الاقتصار على واحد كما في حديث معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ: «أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم» [(4)]، ولم يذكر بقية الأصناف مع أن هذا بعد نزول الآية، وأما هنا فقال الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: 41] ، فكل من قام به هذا الوصف استحق.

ثُمَّ يَقْسِمُ بَاقِي الغَنِيْمَة لِلرَّاجِلِ سَهْمٌ، وَلِلفَارِسِ ثَلاَثَةُ أسْهُمٍ، سَهْمٌ لَهُ وَسهْمَانِ لِفَرَسِهِ. .
قوله: «ثم يقسم باقي الغنيمة للراجل سهم، وللفارس ثلاثة أسهم، سهم له وسهمان لفرسه» الباقي أربعة أخماس، للراجل سهم، وللفارس ثلاثة أسهم، سهم له وسهمان لفرسه؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم فعل ذلك في خيبر، جعل للراجل ـ الذي على رِجْله ـ سهماً واحداً، وللفارس ثلاثة أسهم[(5)]، لماذا فرَّق بينهما؟.
الجواب: لأن غَناء الفارس ونفعه أكثر من غناء الراجل.
فإذا قال قائل: فماذا تقولون في حروب اليوم؟ فالناس لا يحاربون على خيل وإبل، بل بالطائرات والدبابات وما أشبهها؟.
فالجواب: يقاس على كل شيء ما يشبهه، فالذي يشبه الخيل الطائرات؛ لسرعتها وتزيد ـ أيضاً ـ في الخطر، والذي يشبه الإبلَ الدباباتُ والنقلياتُ وما أشبهها، فهذه لصاحبها سهم ولها سهمان، والراجل الذي يمشي على رجله مثل القناصة له سهم واحد.
فإن قال قائل: الطيار لا يملك الطائرة، فهل تجعلون له ثلاثة أسهم؟.
نقول: نعم نجعل له ثلاثة أسهم سهم له وسهمان للطائرة، وسهما الطائرة يرجعان إلى بيت المال؛ لأن الطائرة غير مملوكة لشخص معين، بل هي للحكومة، وإذا رأى ولي الأمر أن يعطي السهمين لقائد الطائرة فلا بأس؛ لأن في ذلك تشجيعاً له على هذا العمل الخطير.
وَيشَارِك الجَيْشُ سَرَايَاهُ فِيمَا غَنِمَت، وَيُشَارِكُونَهُ فِيمَا غَنِمَ. قوله: «ويشارك الجيش سراياه فيما غنمت ويشاركونه فيما غنم» لأن الجيش واحد، والمراد سراياه التي يبثها إذا دخل دار الحرب، وسبق أنه يمكن أن يبعث سرية في ابتداء القتال، وسرية في الرجوع بعد القتال، وما غنمته السرايا يضم إلى غنيمة الجيش، وكذلك غنائم الجيش تضم إلى غنائم السرايا، لكن سبق أن للإمام أن ينفل الثلث في الرجعة والربع في البدأة، قال ابن المنذر: روينا أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ((ترد سراياهم على قَعدهم)) [(6)]، والعلة واضحة أن هذا جيش واحد انطلق في وجه واحد فصاروا شركاء.



[1] أخرجه عبد الرزاق (9689)؛ وابن أبي شيبة (12/411)؛ وسعيد بن منصور (2791)؛ والطحاوي في «الشرح» (3/245)؛ والبيهقي (9/50)، وصحح إسناده، وأخرجه البيهقي (9/50، 51) عن أبي بكر وعلي ـ رضي الله عنهما ـ.
[2] وهو المذهب.
[3] وهو المذهب.
[4] أخرجه البخاري في الزكاة/ باب وجوب الزكاة (1395) ومسلم في الإيمان/ باب الدعاء إلى الشهادتين (19).
[5] أخرجه البخاري في المغازي/ باب غزوة خيبر (4228)؛ ومسلم في الجهاد/ باب كيفية قسمة الغنيمة بين الحاضرين (1762)، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ.
[6] رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ويجير عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم، ويرد مشدهم على مضعفهم، ومتسريهم على قاعدهم)).
أخرجه الإمام أحمد (2/180)؛ وأبو داود في الجهاد/ باب في السرية ترد على أهل العسكر (2751)؛ وابن ماجه في الديات/ باب المسلمون تتكافأ دماؤهم (2685)؛ وعبد الرزاق (9445)؛ وابن المنذر في «الأوسط» (11/151)، وصححه الألباني في «الإرواء» (7/265).


 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الغنيمة, كيف

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:04 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir