دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > لمعة الاعتقاد

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 ذو القعدة 1429هـ/31-10-2008م, 11:58 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي قول الأوزاعي: (عليك بآثار من سلف...)

وَقَالَ الإِمَامُ أبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : ( عَلَيْكَ بِآثارِ مَنْ سَلَفَ وإِنْ رَفَضَكَ النَّاسُ، وَإيَّاكَ وآراءَ الرِّجَالِ، وَإِنْ زَخْرَفُوهُ لَكَ بالقَوْلِ ) .


  #2  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 04:26 PM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post شرح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

3 - مِنْ أقوالِ تابِعِي التابعينَ:
قالَ الأَوْزَاعِيُّ عبدُ الرحمنِ بنُ عمرٍو (المُتوفَّى سنَةَ 157هـ) : (عليكَ بآثارِ مَنْ سَلَفَ) ، الْزَمْ طريقةَ الصحابَةِ والتابعينَ لهم بإحسانٍ ؛ لأنَّها مَبْنِيَّةٌ على الكتابِ والسنَّةِ.
(وإنْ رَفَضَكَ الناسُ) : أبْعَدُوكَ واجْتَنَبُوكَ .

(وإيَّاكَ وآراءَ الرِّجالِ) : احْذَرْ آراءَ الرجالِ ، وهيَ ما قيلَ بمُجَرَّدِ الرأيِ مِنْ غيرِ اسْتِنادٍ إلى كتابِ اللهِ وسنَّةِ رسولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ.
(وإنْ زَخْرَفُوهُ)(3) : جَمَّلُوا اللفظَ وحَسَّنُوهُ ؛ فإنَّ الباطِلَ لا يعودُ حقًّا بزَخْرَفَتِهِ وتَحْسِينِهِ.

حاشية الشيخ صالح العصيمي حفظه الله :
(3) أخرجه ابن عبد البر في (جامع بيان العلم وفضله) (2/114) والخطيب في (شرف أصحاب الحديث) (ص7) وإسناده صحيح .


  #3  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 04:34 PM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post شرح الشيخ ابن جبرين حفظه الله

(3) الأَوْزَاعِيُّ: إِمَامُ أهلِ الشَّامِ مِنْ كِبَارِ تابعِي التَّابعينَ ، أَدْرَكَ كَثِيرًا منْ علماءِ التَّابعينَ ، وكانَ قُدْوَةً وَأُسْوَةً في عِلْمِهِ رَضِيَ اللهُ عنهُ وَرَحِمَهُ ، وكانَ أَيْضًا منْ جَهَابِذَةِ الأُمَّةِ ، ومِنْ عُلَمَائِهَا الَّذينَ حَفِظَ اللهُ بِهِم السُّنَّةَ في تِلْكَ البلادِ .

يَحُثُّنَا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في هذا الأثرِ على أنْ نَتَّبِعَ آثَارَ مَنْ سَبَقَ وإنْ هَجَرَنَا مَنْ هَجَرَنَا.
(وإنْ رَفَضَكَ النَّاسُ) : كأنَّهُ اسْتَشْعَرَ أنَّ هُنَاكَ مَنْ يَهْجُرُ الحَقَّ وَيَهْجُرُ أَهْلَهُ الَّذينَ يَرْوُونَ أحاديثَ السُّنَّةِ وأحاديثَ الصِّفاتِ ، وَيَمْقُتُهُم وَيَرْمِيهِم بأنَّهُم مُشَبِّهَةٌ ، وبأنَّهُم مُمَثِّلَةٌ ، فيقولُ : ( عَلَيْكَ بآثارِ مَنْ سَبَقَ ) : يَعْنِي : الآثارَ الَّتي يَرْوُونَهَا ، والَّتي يَقُولُونَهَا وَيَذْهَبُونَ إليها ، وَيُرِيدُ بِمَنْ سَبَقَ الصَّحابةَ والتَّابعِينَ منْ علماءِ الأُمَّةِ ، عليكَ بِآثَارِهِم : اتَّبِعْ آثَارَهُم ، وَسِرْ على نَهْجِهِم.
(وإنْ رَفَضَكَ النَّاسُ) : ولوْ لَقِيتَ هُجْرَانًا وإهانةً، ما دُمْتَ على الحقِّ، وما دُمْتَ مُتَّبِعًا لِمَنْ هُمْ عَلَى الحقِّ ، فلا تُبَالِ بِمَنْ هَجَرَكَ ، أوْ حَقَّرَكَ، أوْ مَقَتَكَ.
(وَإِيَّاكَ وَآرَاءَ الرِّجَالِ ، وَإِنْ زَخْرَفُوهَا لَكَ بِالْقَوْلِ ) : يَعْنِي: احْذَر الآراءَ.
(الآراءُ) : هُنَا جَمْعُ : رَأْيٍ.
والقولُ الَّذي لا دَلِيلَ عليهِ يُسَمَّى رَأْيًا ، وَجَمْعُهُ : آرَاءٌ ؛ وهيَ الأقوالُ الَّتي يَقُولُهَا بعضُ النَّاسِ بِمُجَرَّدِ فِكْرِهِ ، وَبِمُجَرَّدِ نَظَرٍ يَرَاهُ لا دَلِيلَ عليهِ ، فهؤلاءِ يَجِبُ أنْ نَحْذَرَهُم وَنَبْتَعِدَ عَنْهُم .
وهذا الأثرُ فيهِ أنَّ الحقَّ أَحَقُّ أنْ يُتَّبَعَ ، وأنَّ هُنَاكَ مَنْ يُشَجِّعُ على الباطلِ وَيَدْعُو إليهِ وَيُزَخْرِفُهُ، وَيَأْتِي لهُ بعباراتٍ مُشَوِّقَةٍ ، وما أكثرَهُم في زَمَانِنَا ، وَيَأْتُونَ بكلماتٍ وعباراتٍ مُبَهْرَجَةٍ يَمْدَحُونَ بها طُرُقَهُم ، كَطُرُقِ التَّصَوُّفِ مَثَلاً ، أو التَّشَيُّعِ ، أو النَّفْيِ ، أو التَّعطيلِ ، ونحوِ ذلكَ ، وَيَزْعُمُونَ أنَّ هذهِ الطَّريقةُ المُثْلَى ، وأنَّ سُلُوكَهَا هوَ الطَّريقُ الأقومُ ، وأنَّ الَّذينَ عَلَيْهَا هم أهلُ النَّجاةِ ، وأنَّ مَنْ خَالَفَهَا فهوَ منْ أهلِ الهلاكِ أو التَّرَدِّي ، وما أَكْثَرَهُم في كلِّ زمانٍ.


  #4  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 04:36 PM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post شرح الشيخ صالح آل الشيخ

وما حدث بعدَهُم فإنَّما حدث بالرَّأي ، مثل ما أوصاك به أبو عمرو الأوزاعيُّ الإمامُ المشهورُ إمامُ أهلِ الشَّامِ البيروتيُّ ، حيث قال : (إيَّاكَ وآراءَ الرِّجالِ وإن زخرفوه لك بالقولِ ) ، وإن زخرفوا الآراء بالأقوالِ ونمّقوا القولَ وزخرفوهُ وجمَّلوه ، فإيَّاكَ وإياه ، لا ترغبْ عن السّنَّةِ لأجلِ تحسينِ من حسَّنَ رأيَهُ بألفاظٍ ، وخُذْ بالسّنَّةِ وبما جاء عن أهلِهَا وإن كانَ أهلُهَا لا يحسنون اللفظَ ولا تجميلَهُ ، لأنَّ الميزانَ هو الاتِّباعُ، فمن اَّتبعَ فهو النَّاجي ومن ابتدعَ فهو الهالكُ ، وقانا اللهُ وإيَّاكُمْ سُبلَ الهلاكِ .


  #5  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 04:37 PM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post شرح الشيخ:صالح الفوزان .حفظه الله (مفرغ)

المتن:
(وقال الإمام أبو عمرو الأوزاعي رضي الله عنه)

الشرح:
الإمام أبو عمرو عبد الرحمن الأوزاعي ,إمام أهل الشام - رحمه الله -.

المتن:(عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس)

الشرح:
عليك بآثار من سلف، من الصحابة والتابعين والقرون المفضلة، (عليك) معناها الحث, (بآثار من سلف وإن رفضك الناس) يعني: وإن انتقدك الناسلاتباعك للسلف، وإن انتقدوك وجفوك فلا تلتفت إليهم ولا تعبأ بذمهم لأنك على حق ,وما دمت على حق فاثبت، فأنت لا تريد إرضاء الناس ومدح الناس، وإنما تريد إرضاء الله سبحانه وتعالى وتريد الحق، والحق لا شك أنه في اتباع السلف، فإذا رأيت من يصفك بالجمود ,ويصفك بالتخلف والرجعية، وبأنك من أهل العصور الوسطى ,وبكلام من هذا القبيل ,فلا تلتفت إليه أبداً؛ لأنك على الحق ,وهم على الباطل.

المتن:
(وإياك وآراء الرجال , وإن زخرفوه لك بالقول)

الشرح:
هذا كلام عمر رحمه الله ,(إياك وآراء الرجال)، هذا تحذير من أن تترك هدي السلف وتأخذ بآراء الرجال التي أحدثت من بعدهم.
(وإن زخرفوه): الزخرفة التزيين ,أصل الزخرف الذهب: { ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة ومعارج عليها يظهرون، وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ وزخرفاً } يعني: ذهب ,الزخرف في الأصل هو الذهب، فهم يزخرفون مقالاتهم ويزوقونها ,حتى تظهر كأنها حق ,كما قال الله سبحانه في أمثالهم: { وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون } ,يأتيك كلامهم مزخرفاً، على أنه براهين عقلية وأدلة يقينية، وقد يكون عندهم فصاحة وبلاغة يجذبون بها السامع ,لكن ما داموا ليسوا على هدي السلف لا تلتفت إليهم ,ولا تعبأ بكلامهم؛ لأنه زخرف ,والشاعر يقول:
في زخرف القـول تزيــين لبـاطله *****والحـق قد يعتــريه سـوء تعبــير

فزخرف القول يزين الباطل عند الناس، لكن البصير لا ينظر إلى المظاهر، وإنما ينظر إلى الحقائق، فما دام أن هذا الكلام لم يقله السلف الصالح في هذا الباب -في باب الأسماء والصفات -فاعلم أنه باطل ,وإن تزين بالألفاظ وحسن اللفظ ,فلا تعبأ بهما دام أنه مخالف لهدي السلف الصالح.
وهذا ينطبق على علم الكلام وعلم المنطق الذي زوقوه وزخرفوه ,وسموه براهين عقلية ,وقواعد يقينية... إلى آخر ما يقولون، فلا تلتفت إليهم، كيف تعادل قواعد المنطق وعلم الكلام بكلام رب العالمين وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم وكلام السلف الصالح؟! كيف يعادل هذا بهذا؟!.


  #6  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 04:38 PM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post تيسير لمعة الاعتقاد للشيخ: عبد الرحمن بن صالح المحمود .حفظه الله (مفرغ)

ثم نقل ابن قدامة رحمه الله كلمة الإمام الأوزاعي فقال : (( وقال الإمام أبو عمرو الأوزاعي )) الأوزاعي هو أحد الأئمة المشهورين ، ومن كبار الفقهاء ، وهو من أئمة التابعين الذين أناروا الدنيا بعلمهم وفقههم ، وقد توفي رحمه الله تعالى سنة سبع وخمسين ومائة .
يقول رحمه الله : (( عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس )) وهذه وصية جميع الأئمة : أي الزم آثار السلف رحمهم الله تعالى وإن رفضك الناس ، أي وان ابتعد عنك الناس ، أو رفضوا منهجك ، أو رفضوا طريقتك فلا تعبأ بهم ، ما دمت سائراً على منهج السلف الصالح متبعاً لهم .
(( وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول )) . أي إياك أن تجعل معتمدك آراء الرجال ولو زخرفوه وحسّنوه بالعبارات المنمّقة وغيرها ، فإياك أن تعتمد عليها وتترك الكتاب والسنة ، وتعبير الأوزاعي بعبارة ( آراء الرجال ) فيه إلماح إلى معنى دقيق وهو أن آراء الرجال التي تأتي من عند أنفسهم لا تقبل ، أما آراؤهم التي بنوها على الكتاب والسنة أو أقوالهم التي تأتي شارحة وموضحة لمنهج السلف الصالح ، فإن الاطلاع عليها مما يعين على ذلك ، أما إذا كانت آراء الرجال وزخرفتهم للقول وتنميقهم لـه مخالفاً لما ورد في كتاب الله وفي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهو مردود ولا كرامة .


  #7  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 01:42 PM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post شرح فضيلة الشيخ: يوسف بن محمد الغفيص




قال الموفق رحمه الله:[وقال الإمام أبو عمرو الأوزاعي : عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول] .

من فقه طالب العلم أن يسلك في كل مسألة أقوال المتقدمين، ولا يغتر بالآراء المحدثة، ولا يأتي بقول لم يسبق إليه، وليكن دائراً بين التزام إجماعات المتقدمين، والترجيح في خلافاتهم، فمسائل الأصول أو المسائل العقدية هي الجملة الإجماعات المعروفة مذهباً للسلف، أما المسائل الخلافية، فهي غالباً ما تكون في مسائل الفقه.

تقسيم الأقوال الفقهية من حيث بحث الخلاف
الأقوال الفقهية يمكن أن تقسم إلى خمسة أقسام، وهذا التقسيم إذا استوعبه طالب العلم تخلص من كثير من التعب وكثرة البحث والنظر في المسائل الفقهية: ......


مسائل حكي الإجماع فيها ولم يظهر فيها مخالف
القسم الأول: مسائل فقهية في: الصلاة، والزكاة، والعبادات، والمعاملات، حُكي الإجماع عليها عند الفقهاء، ولم يظهر فيها مخالف، فهذه المسائل لا ينبغي كثرة البحث فيها ولا التردد عليها؛ لكونها مسائل قد انضبطت وظهرت.

مسائل حكي الإجماع فيها وعند التحقيق يوجد فيها خلاف يقارب الشذوذ
القسم الثاني: مسائل حكي الإجماع أو الاتفاق عليها، ولكن عند التحقيق نجد فيها طرفاً ووجهاً من الخلاف يقارب الشذوذ أحياناً، فهذا النوع من المسائل لا ينبغي لطالب العلم أن يذهب وقته في تكلف ضبط هذا الخلاف أو البحث عن أصله ودليله. والرد عليه، بل يعتبر قول السواد من أهل العلم من الفقهاء، والقول الشاذ يترك؛ لكونه خالف السواد من أهل العلم، حتى حكي الإجماع على خلافه.

مسائل ذهب فيها جمهور السلف إلى قول وخالفهم فيها طائفة من السلف
القسم الثالث: مسائل ذهب إليها الجمهور من السلف، وذهب طائفة قليلة من السلف إلى خلاف هذا القول، وتكون المسألة عند التحقيق خلافية بين السلف أنفسهم، لكن جمهورهم على قول، والطائفة الثانية -وهم الأقل- على قول آخر. فهذه المسائل لا يجب على طالب العلم أن يتبع قول الجمهور فيها، ولكن لا يعني هذا أن قول الجمهور يكون كقول غيرهم، وعلى هذا كثير من الأئمة: كابن تيمية ، وأبي عمر بن عبد البر ، والشاطبي ، وابن كثير ، والذهبي ، وغيرهم ممن علق مثل هذا الكلام، وأشد من هؤلاء كلهم ابن رجب رحمه الله. ومحصل كلامهم: أن الجمهور من أئمة السلف -أي: من أئمة الفقهاء المتقدمين- إذا ذهبوا إلى قول، وقد اتفق عصرهم واختلف مصرهم ففي الجملة -أي: في الغالب- أن هذا القول هو الصواب، كما نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله". فمثلاً: هناك أربعة أئمة يعدون أئمة الدنيا في زمانهم كما يقول ذلك ابن تيمية رحمه الله ، وهم: الليث بن سعد في مصر، والأوزاعي في الشام، وسفيان الثوري في العراق وبلاد الري وما فوق العراق كبلاد فارس، والإمام مالك في الحجاز. فإذا اتفق هؤلاء الأربعة على قول، وسار عليه السواد الأعظم من بعدهم، ففي الغالب أن هذا القول يكون هو الصواب. وعلل شيخ الإسلام ابن تيمية ذلك بتعليل نظري وهو شرعي أيضاً، قال: "لأنه يبعد أن الحكم الشرعي يخفى على جمهور السلف، ولا سيما إذا تعددت أمصارهم" ففرق بين أن يتوارد علماء العراق على قول، وبين أن يكون هذا التوارد مشتركاً بين العراقيين والحجازيين..؛ لأنه في الحالة الأولى: قد يقال: إن هذا مبني على سنة لم تبلغ أهل العراق، أو على سنة لم تبلغ أهل الحجاز أو مصر أو ما إلى ذلك، فأما إذا رأيت جمهور أئمة مصر والشام والحجاز والعراق ذهبوا إلى قول واستقروا عليه، فهذا القول -في الجملة- يكون هو الراجح. ويمكن أن يقال: إن هذا من طرق الترجيح لطالب العلم، ولا سيما في ابتداء طلبه للعلم، في الزمن الذي لا يستطيع النظر بدقة في الأدلة، ولو نظر في الأدلة لربما اغتر ببعض الظواهر. مثلاً: لو قلت لطالب علم مبتدئ: ذهب قوم إلى أن غسل الجمعة واجب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (غسل الجمعة واجب على كل محتلم) أخرجه البخاري و مسلم ، والقول الثاني: أن الغسل مستحب؛ لربما رجح القول الأول؛ لكونه يرى أن هذا هو ظاهر النص. إذاً.. طالب العلم ينبغي أن يكون عنده إدراك، ولا يقال: إن قول الجمهور ملزم، بل يقال: إنه يستأنس به في الجملة، ويكون مائلاً إلى الصحة، وهذا يعني أن طالب العلم لا يتجاوز قول الجماهير من السلف إذا انضبط إلا إذا بان له وجه من كتاب الله وسنة نبيه خلافه فلا شك أن النصوص مقدمة على أقوال الرجال ولو كانوا جمعاً غفيراً. والمراد بالجمهور: أي جمهور السلف، وأما جمهور الفقهاء من أصحاب المذاهب الأربعة كجمهور الحنفية، أو جمهور الشافعية، أو جمهور المالكية، أو جمهور الحنابلة، فهؤلاء ليسوا بالضرورة يمثلون الجمهور من السلف، بل قد تكون هناك أقوال شاعت عند الفقهاء المتأخرين، وهي عند المتقدمين على خلاف ما شاعت عند المتأخرين، وهذا وإن كان قليلاً إلا أن له وجوداً.


مسائل اختلف فيها أئمة الفقهاء
القسم الرابع: مسائل اختلف فيها أئمة الفقهاء -من أصحاب المذاهب الأربعة ومن قبلهم- ومن صاحبهم، فإذا اختلفوا في مسألة اختلافاً بيناً، أو اختلف من هو أجل من هؤلاء كلهم، وهم الصحابة، فهذه المسائل التي اختلف فيها الأكابر -مع اتفاق العصر واختلاف المصر- اختلافاً بيناً وترددوا فيها، حتى أن الإمام الواحد قد يُحكى عنه أكثر من قول في المسألة، فهذه المسائل ينبغي لطالب العلم أنه إذا رجح فيها أن لا يخفض ويرفع، إنما يرجح بقدر من حسن التأني والاختصار. فمثلاً: الماء إذا كان دون القلتين وخالطته نجاسة ولم يظهر تغيره، هل يكون نجساً أو طاهراً؟ هذه مسألة اختلف فيها كبار الأئمة، حتى أن مالكاً تردد فيها، كذا أحمد ، ونقل عن الشافعي التردد، فهذه مسألة اختلف العلماء فيها نظرياً اختلافاً بيناً. فمثل هذه المسائل يرجح طالب العلم بحسب ما يظهر له من الأدلة، لكن لا ينبغي أن يبالغ ويغلط ويستطرد في تغليط أقوال السلف الأخرى والرد عليها. ومن باب الأولى أن طالب العلم إذا خرج عن قول الجمهور، لظاهر دليل وجب عليه التزامه، فيكون خروجه مأذوناً فيه، ولكن لا يصح له أن يطعن في قول الجمهور. وتعجب عندما تسمع بعض طلبة العلم يقرر ويقول: القول الأول قول الأئمة الأربعة وفلان، والقول الثاني قول ابن حزم ، والراجح قول ابن حزم ، وأما القول الأول فلا دليل عليه! ولو أخذنا المسألة بالعقل: هل يمكن أن السواد الأعظم من السلف والجمهور -بما فيهم الأئمة الأربعة- يذهبون إلى قول وليس عليه دليل؟! وهذا الأسلوب لا تجد أنه مستعمل في كلام العلماء أبداً أن قولاً من الأقوال التي عليها الجمهور من الأئمة، ثم يقال: هذا قول لا دليل عليه. ومسألة ظهور الأدلة الفقهية، أحياناً تكون مشكلة، فهي ليست كالسيرة، فمثلاً: الحائض إذا طهرت وقت العصر، هل تصلي الظهر؟ هذه مسألة خلافية، وقد سئل الإمام أحمد عنها، فقال: "تصلي الظهر والعصر". مع أنها لم تطهر إلا وقت العصر
ولما سئل عنها أحمد قيل له: يا أبا عبد الله ! من قال ذلك؟ قال: "عامة التابعين على هذا القول إلا الحسن ". هنا السؤال: كيف أطبق عامة التابعين على هذا القول؟ أنت كطالب علم أو كباحث معاصر قد لا تجد نصاً مباشراً على هذا القول، ومن هنا لا يجوز لك أن تقول: هذا القول لا دليل عليه؛ لأنه يورد عليك سؤال: هذا السواد من الأئمة الذين هم أعظم منا إمامة وعلماً من أين تواردوا على هذا؟ وكونك تقول: إن لهم دليلاً لكنه مرجوح.. لا بأس، لكن أن تقول: هذا قول لا دليل عليه.. هذه جملة منكرة، لا يجوز أن توصف بها أقوال الجماهير من الأئمة. ثم إن الأئمة أيضاً أخذوا فقه الشريعة استقراءً، فمثلاً: ابن عباس روى عنه مسلم في صحيحه، من رواية طاوس -وهو من أصحاب ابن عباس - عن ابن عباس أنه قال: "كان طلاق الثلاث على عهد رسول الله وأبي بكر ، وسنتين من خلافة عمر طلقة واحدة، فقال عمر : إن الناس استعجلوا في أمر لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم" من باب التعزير. والسؤال هو: هل هناك نص من القرآن أو السنة يقول: إن طلاق الثلاث بلفظ واحد يكون ثلاثاً؟ الجواب: ليس هناك نص صريح. قد يعجب طالب العلم اليوم من هذا! ولا عجب من ذلك إذا علم أن مسألة ظهور الأدلة الفقهية، ليست دائماً مسألة سهلة، كما عُوِّد عليها كثير من طلاب العلم اليوم، فقد يفهم الدليل بالاستقراء والاستنباط ونحو ذلك، مما كان يتميز به سلف الأمة. ولسنا بصدد الترجيح؛ إنما نريد أن نبين طريقة فقه السالفين. فذهب الجمهور بما فيهم الأئمة الأربعة، إلى أن طلاق الثلاث يعتبر ثلاثاً، وابن عباس يقول: [كان طلاق الثلاث على عهد رسول الله، وأبي بكر ، وسنتين من خلافة عمر طلقة واحدة...] حتى إن ابن رجب رحمه الله لشدة قوته في هذه المسألة يقول: "اعلم أنه لم يصح عن أحد من الصحابة أو التابعين أو الأئمة المتبوعين أنه جعل طلاق الثلاث واحدة". فكأنه يميل إلى أن هذا القول مقارب للإجماع، وهو يقصد بذلك الرد على شيخ الإسلام ابن تيمية الذي انتصر لكون طلاق الثلاث واحدة. ومن الخطأ القول: إن الأئمة تركوا قول ابن عباس وأخذوا بتعزير عمر ؛ لأنه سيقال: كيف يأخذون بتعزير عمر ويتركون فعل عمر الأول! ومن باب أولى: كيف يتركون فعل أبي بكر ؟ ومن باب أولى كيف يتركون سنة النبي صلى الله عليه وسلم ؟! العجب في هذا: أن الأئمة تركوا رواية ابن عباس مع أنها في صحيح مسلم . إذاً: لا شك أنهم فهموا ما لم نفهم نحن لبعد عهدنا وزمننا. مثال آخر: روى أبو داود وغيره عن ابن عباس في الحج أنه قال: "من ترك نسكاً فليهرق دماً" هل قال ابن عباس : هذه سنة رسول الله أو أبي بكر ؟ لا، ومع ذلك تجد أن السواد من الأئمة -بما فيهم الأئمة الأربعة- أطبقوا على أن من ترك واجباً في الحج فعليه دم، حتى حكي الإجماع على هذا القول، ومستندهم: قول ابن عباس . إذاً: ينبغي لطالب العلم أن يكون متفطناً لمسألة الدلائل، فلا يأتي لمسألة الطلاق مثلاً ويقول: قول الجمهور لا دليل عليه، ومخالف لما روى مسلم في الصحيح، وأيضاً قول ابن عباس في الحج، اجتهاد من الصحابي، والأصل براءة الذمة، وأن من ترك واجباً في الحج فليس عليه شيء.. فهذا اختصار مخل للفقه وليس ضرورة أن نقول: إن الراجح أن طلاق الثلاث ثلاث، أو إن الراجح أن من ترك واجباً فعليه دم، يمكن أن تقول: إن من ترك واجب لا يلزمه دم، لكن بقدر من حسن التأتي، وعدم اختصار المسائل وإسقاط فقه المتقدمين رحمهم الله.

مسائل لم يشتهر الخلاف فيها عند الأئمة أصلاً
القسم الخامس: خلاف لم يشتهر عند الأئمة أصلاً، إنما حكي أوجه في المذاهب الأربعة، فإذا قرأت في كتب الفقه تجد عبارة: وهذا وجه في مذهب الشافعي ، وهذا وجه في مذهب أحمد ، ونحو ذلك. ومعنى ذلك أنه قول لطائفة من أصحاب الأئمة، وأوجه الأصحاب، وهذه أكثرها محتمل، كما يقول مثلاً صاحب الإنصاف من الحنابلة: "ويحتمل كذا". أي: أن هذه مسألة لم ينص عليها الأصحاب قبل، فإذا وردت احتمل أن يقال فيها كذا. وأوجه الأصحاب أو التشقيقات الفقهية المتأخرة، لا ينبغي لطالب العلم أن يكثر التردد عليها، بل ينبغي له أن يعنى بحفظ مسائل الإجماع، ومسائل الخلاف المحفوظة بين الأئمة، وأما مسائل التشقيق المتأخرة فإن الأصحاب قد زادوا فيها في الجملة، وغرضهم في ذلك ضبط المذهب، أو الانتصار لها، وفي الغالب أنها ليست منضبطة كمذاهب للأئمة الأربعة. مثلاً: الحنابلة طبقات، لكنَّ المتأخرين منهم، معتبر المذهب عندهم ما قرره صاحب الإقناع والمنتهى، وصاحب الإقناع والمنتهى قيد المذهب الحنبلي بقيود كثيرة، حتى إن الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله يقول: أكثر ما في الإقناع والمنتهى مخالف لمذهب أحمد ونصه. فمسألة قيود الأصحاب ينبغي ألا تستهلك وقت طالب العلم، إنما يعنى بأقوال الأئمة المنضبطة، وبالخلاف المنضبط؛ لأن أوجه الأصحاب لا تناهي لها، فلو قرأت في التفريعات، كالإنصاف عند الحنابلة مثلاً، أو كتاب روضة الطالبين في فقه الشافعية، تجد أوجه الأصحاب لا تتناحى، وفي الغالب أنها تتعاكس، هذا يقول كذا، وهذا يقول كذا، هل معنى هذا أنها تسقط؟ لا، لكن نقول: هذه مرحلة متأخرة لطالب العلم


شرح لمعة الاعتقاد [5]
دلت نصوص الكتاب والسنة على إثبات الصفات لله تعالى إثباتاً حقيقياً يليق به عز وجل، فيجب إثباتها لله تعالى، مع تنزيهه سبحانه عن المثيل والشبيه والنظير، وعما يتخيله المتخيلون ويتصوره المتصورون، فإنه سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.


  #8  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 01:43 PM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post العناصر

العناصر

- ترجمة الإمام الأوزاعي رحمه الله تعالى .
- شرح وصية الإمام الأوزاعي .

  #9  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 01:44 PM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post الأسئلة

الأسئلة
س1: كيف ترد على من زعم تجهيل الصحابة بحقائق النصوص؟

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأوزاعي, قول

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:41 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir