دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 09:48 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي 3: جزم الفعل المضارع وفعل الأمر


وبعدَ غيرِ النفيِ جَزْمًا اعْتَمِدْ = إنْ تُسْقِط الْفَا والجزاءُ قدْ قُصِدْ
وشَرْطُ جَزْمٍ بعدَ نَهْيٍ أنْ تَضَعْ = إنْ قبلَ لا دُونَ تَخَالُفٍ يَقَعْ
والأمْرُ إنْ كانَ بغيرِ افْعَلْ فلا = تَنْصِبْ جَوابَهُ وجَزْمَهُ اقْبَلَا


  #2  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 07:06 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ابن عقيل (ومعه منحة الجليل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


وَبَعْدَ غَيْرِ النَّفْيِ جَزْمًا اعْتَمِدْ = إِنْ تَسْقُطِ الفَا وَالجَزَاءُ قَدْ قُصِدْ([1])
يجُوزُ في جوابِ غيرِ النفيِ مِنَ الأشياءِ التي سبَقَ ذِكْرُهَا أنْ تجْزمَ إذا سقَطَتِ الفاءُ، وقُصِدَ الجزاءُ نحو: " زُرْنِي أَزُرْكَ "، وكذلك الباقي وهلْ هو مجزومٌ بشرطٍ مُقَدَّرٍ أي: زُرْنِي فَإِنْ تَزُرْنِي أَزُرْكَ، أو بالجملةِ قبلَه قولانِ([2]) ولا يجُوزُ الجزمُ في النفيِ فلا تقولُ: "مَا تَأْتِينَا تُحَدِّثْنَا".
وَشَرْطُ جَزْمٍ بَعْدَ نَهْيٍ أَنْ تَضَعْ = "إِنْ" قَبْلَ "لاَ" دُونَ تَخَالُفٍ يَقَعْ([3])
لا يجُوزُ الجزمُ عندَ سقوطِ الفاءِ بعدَ النهيِ إلا بشرطِ أنْ يصِحَّ المعنى بتقديرِ دخولِ إنِ الشرطيةِ على لا، فتقولُ "لا تَدْنُ مِنَ الأسدِ تَسْلَمْ" بجزمِ "تَسْلَمْ" إِذْ يصِحُّ "إِنْ لا تَدْنُ مِنَ الأسدِ تَسْلَمْ" ولا يجُوزُ الجزمُ في قولك: "لا تَدْنُ مِنَ الأسدِ يَأْكُلْكَ" إذ لا يصِحُّ "إِنْ لا تَدْنُ مِنَ الأسدِ يَأَكْلْكَ" وأجاز الكِسَائِيُّ ذلك، بناءٌ على أنَّهُ لا يُشْتَرَطُ عندَهُ دخولُ "إنِ" على "لا" فجزمُه على معنى "إِنْ تَدْنُ مِنَ الأسدِ يَأْكُلْكَ".
والأَمْرُ إِنْ كَانَ بِغَيْرِ افْعَلْ فَلاَ = تَنْصِبْ جَوَابَهُ، وَجَزْمَهُ اقْبَلاَ([4])
قَدْ سَبَقَ أنه إذا كانَ الأمرُ مدلولاً عليه باسمِ فعْلٍ، أو بلفظِ الخبرِ، لم يَجُزْ نَصْبُه بعدَ الفاءِ([5]) وقدْ صرَّحَ بذلك هنا فقال: متى كان الأمرُ بغيرِ صيغةِ افْعَلْ ونحوَها فلا يَنْتَصِبُ جوابُه، ولكن لو أَسقطْتَ الفاءُ جزَمْتَه كقولِك "صَهٍ أُحْسِنْ إِلَيْكَ، وَحَسْبُكَ الحديثُ يَنَمِ الناسُ"([6]) وإليه أشارَ بقولِه: (وَجَزْمَهُ اقْبَلاَ).


([1])(وبعد) ظرف متعلق بقوله (اعتمد) الآتي, وبعد مضاف، و(غير) مضاف إليه، وغير مضاف و(النفي) مضاف إليه (جزما) مفعول مقدم لاعتمد (اعتمد) فعل أمر وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت (إن) شرطية (تسقط) فعل مضارع فعل الشرط (ألفا) قصر ضرورة: فاعل تسقط (والجزاء) الواو واو الحال الجزاء: مبتدأ (قد) حرف تحقيق (قصد) فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الجزاء، والجملة من قصد ونائب فاعله المستتر فيه في محل رفع خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ وخبره في محل نصب حال.

([2])ذهب الجمهور إلى أن الجازم بعد الطلب هو شرط مقدر، وذهبوا أيضا إلى أنه يجب تقدير (إن) من بين أدوات الشرط وذهب قوم إلى أن الجازم هو نفس الجملة السابقة وهؤلاء على فريقين: فريق منهم قال: تضمنت الجملة معنى الشرط فعملت عمله كما عمل "ضربا" في نحو قولك: "ضربا زيدا" عمل اضرب حين تضمن معناه وفريق قال: بل العامل الجملة لكونها نائبة عن أداة الشرط ومن الناس من قال: الجازم لام أمر مقدرة، فالأقوال – على التفصيل – أربعة عند التحقيق.

([3])(وشرط) مبتدأ وشرط مضاف و(جزم) مضاف إليه (بعد) ظرف متعلق بـ (شرط) أو بـ (جزم) وبعد مضاف و(نهي) مضاف إليه أن مصدرية تضع فعل مضارع منصوب بأن، وسكن للوقف وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت و(أن) المصدرية وما دخلت عليه في تأويل مصدر مرفوع خبر المبتدأ (إن) قصد لفظه: مفعول به لتضع (قبل) ظرف متعلق بتضع، وقبل مضاف و(لا) قصد لفظه: مضاف إليه (دون) ظرف متعلق بمحذوف حال من (إن) السابق، ودون مضاف و(تخالف) مضاف إليه (يقع) فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى تخالف، والجملة من يقع وفاعله المستتر فيه في محل جر نعت لتخالف.

([4])(والأمر) مبتدأ (إن) شرطية (كان) فعل ماض ناقص فعل الشرط واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الأمر (بغير) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر (كان) وغير مضاف و(افعل) مضاف إليه (فلا) الفاء لربط الجواب بالشرط لا: ناهية تنصب فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت (جوابه) جواب: مفعول به لتنصب وجواب مضاف والهاء مضاف إليه والجملة من تنصب وفاعله ضمير مستتر فيه في محل جزم جواب الشرط وجملة الشرط وجوابه في محل رفع خبر المبتدأ و(جزمه) الواو عاطفة أو للاستئناف جزم: مفعول به مقدم لقوله: (اقبلا) الآتي، وجزم مضاف والهاء مضاف إليه، (اقبلا) فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا للوقف وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

([5])يريد: "لم يجز نصب جوابه بعد الفاء" فحذف المضاف.

([6])ومن ذلك قول قطري بن الفجاءة التميمي:
وقولي كلما جشأت وجاشت = مكانك تحمدي أو تستريحي


  #3  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 07:06 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي أوضح المسالك لجمال الدين ابن هشام الأنصاري (ومعه هدي السالك للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


وإذا سَقَطَتِ الفاءُ بعدَ الطلبِ وقُصِدَ معنى الجزاءِ جُزِمَ الفعلُ جواباً لشرطٍ مُقَدَّرٍ، لا لِلطَّلَبِ؛ لِتَضَمُّنِهِ معنى الشرطِ، خِلافاً لِزَاعِمِي ذلك([1])، نحوُ: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ}([2])، بخلافِ نحوِ: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي}([3]) في قراءةِ الرفعِ، فإنَّه قَدَّرَهُ صِفَةً لِولِيًّا، لا جواباً لِهَبْ كما قَدَّرَهُ مَن جَزَمَ.
وشَرَطَ غيرُ الكِسَائِيِّ لِصِحَّةِ الجزمِ بعدَ النهيِ صِحَّةَ وُقُوعِ (إنْ لا) في مَوْضِعِهِ، فمِن ثَمَّ جَازَ (لا تَدْنُ مِنَ الأسدِ تَسْلَمْ) بالجزمِ، ووَجَبَ الرفعُ في نحوِ: (لا تَدْنُ من الأسدِ يَأْكُلْكَ)، وأمَّا (فلا يَقْرَبْ مَسْجِدَنَا يُؤْذِنَا) فالجزمُ على الإبدالِ، لا الجوابِ.
وأَلْحَقَ الكِسَائِيُّ في جوازِ النصبِ بالأمرِ ما دَلَّ على معناه من اسمِ فِعْلٍ، نحوُ: (نَزَالِ فَنُكْرِمَكَ)، أو خبرٍ، نحوُ: (حَسْبُكَ حَدِيثٌ فَيَنَامَ الناسُ)، ولا خِلافَ في جَوَازِ الجَزْمِ بعدَهما إذا سَقَطَتِ الفاءُ؛ كقولِهِ:
504- مَكَانَكِ تُحْمَدِي أَوْ تَسْتَرِيحِي([4])
وقولِهِم: (اتَّقَى اللهَ امْرُؤٌ فَعَلَ خَيْراً يُثَبْ عَلَيْهِ)؛ أي: لِيَتَّقِ اللهَ ولْيَفْعَلْ([5]). وأَلْحَقَ الفَرَّاءُ التَّرَجِّيَ بالتمنِّي، بدليلِ قِرَاءَةِ حَفْصٍ، {فَأَطَّلِعَ}([6]) بالنصبِ.


([1]) قولُ المؤلِّفِ: (وقُصِدَ معنى الجزاءِ) معناه: أنْ تُقَدِّرَ الفعلَ المضارِعَ مُسَبَّباً عن الطلَبِ المتقدِّمِ ومُتَرَتِّباً عليه، كما أنَّ جزاءَ الشرطِ وجوابَه مُتَسَبَّبٌ عن فعلِ الشرطِ ومترتِّبٌ عليه.
والحاصِلُ أنه لا بدَّ مِن تحقُّقِ ثلاثةِ شروطٍ:
الأوَّلُ: أنْ يَتَقَدَّمَ كلامٌ يَدُلُّ على أمرٍ أو نهيٍ أو استفهامٍ، أو نحوِ ذلكَ مِن أنواعِ الطلَبِ السابقِ بَيَانُها.
الثاني: أنْ يَقَعَ بعدَ هذا الطلبِ فعلٌ مضارعٌ مجرَّدٌ مِن الفاءِ.
الثالِثُ: أنْ يَقْصِدَ المتكلِّمُ أنَّ هذا المضارِعَ متسبَّبٌ عن ذلك الطلبِ، فحينَئذٍ يكونُ هذا الفعلُ المضارِعُ مجزوماً. وفي جازمِه ثلاثةُ أقوالٍ سَنُبَيِّنُها فيما يلي، فإنِ اخْتَلَّ شرطٌ مِنها لم يَكُنْ هذا المضارِعُ مجزوماً.
ومن أمثلةِ ذلك قولُه تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ} فقد تَقَدَّمَ الطلبُ وهو (تَعَالَوْا)، وتأخَّرَ عنه المضارِعُ، وهو (أَتْلُ)، وقُصِدَ أنْ تكونَ التلاوةُ عليهم متسبَّبَةً عن إتيانِهم، فجُزِمَ المضارِعُ بحذفِ حرفِ العِلَّةِ، ومثلُ ذلكَ قولُ امْرِئِ الْقَيْسِ بنِ حُجْرٍ الْكِنْدِيِّ:
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَمَنْزِلِ = بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
ومِن أمثلتِهِ قولُكَ: (ائْتِنِي أُكْرِمْكَ)، وقولُكَ: (هل تأتيني أُحَدِّثْكَ)، وقولُكَ: (لا تَكْفُرْ تَدْخُلِ الجنَّةَ).
فإنْ كانَ المتقدِّمُ غيرَ طلبٍ – بأنْ كانَ نفياً، نحوُ: (ما تَزُورُنا تُحَدِّثُنَا) أو كانَ خبراً مُثْبَتاً، نحوُ: (أنتَ تَزُورُنا تُحَدِّثُنَا) وَجَبَ رَفْعُ الفعلِ المضارِعِ؛ لأنَّ هذا الفعلَ المضارعَ لا يكونُ مُتَسَبَّباً عن الخبرِ المُثْبَتِ ولا عن النفيِ.
وإنْ تَقَدَّمَ الطلبُ وتَأَخَّرَ عنه الفعلُ المضارِعُ، لكنِ اقْتَرَنَ هذا المضارِعُ بالفاءِ، نحوُ: (زُرْنِي فَأُكْرِمَكَ)، ونحوُ: (هل تَزُورُنِي فأُكْرِمَكَ)، فهذا هو الذي تَقَدَّمَ الكلامُ عليه، وحُكْمُه أنْ يَنْتَصِبَ المضارِعُ؛ لكونِه واقعاً بعدَ فاءِ السبَبِيَّةِ في جوابِ الطلبِ.
وإنْ تَقَدَّمَ الطلبُ وتَأَخَّرَ المضارِعُ المُجَرَّدُ مِن الفاءِ، ولكِنْ لم يُقْصَدِ الجزاءُ ارْتَفَعَ الفعلُ المضارِعُ، وكانَ هو وفاعلُه جملةً، فإنْ كانَ قبلَه نَكِرَةٌ مَحْضَةٌ فهذه الجملةُ نعتٌ للنكرةِ، نحوُ قولِهِ تعالى: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي} فقد تَقَدَّمَ الطلَبُ وهو (هَبْ)، وتأخَّرَ المضارِعُ المجرَّدُ مِن الفاءِ، وهو (يَرِثُنِي)، ولم يُقْصَدِ الجزاءُ، وكذلك قولُكَ: (جِئْنِي برَجُلٍ يُؤَدِّي وَاجِبَه بإخلاصٍ)، وإنْ تَقَدَّمَ على المضارِعِ معرفةٌ كانَتْ جملتُه حالاً من هذه المعرفةِ، نحوُ قولِه تعالى: {وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ}، والمعرفةُ هي الضميرُ المستَتِرُ في (تَمْنُنْ)، وقد تكونُ جملةُ المضارِعِ مُسْتَأْنَفَةً؛ كما في قولِ الشاعِرِ:
وقالَ رَائِدُهُمْ أَرْسُوا نُزَاوِلُهَا = فَحَتْفُ كُلِّ امْرِئٍ يَجْرِي لِمِقْدَارِ
وقدِ اخْتَلَفَ النُّحَاةُ في جازِمِ الفعلِ المضارِعِ إذا اسْتَوْفَى الكلامُ الشروطَ الثلاثةَ التي سَبَقَ بَيَانُها، ولهم في ذلك ثلاثةُ أقوالٍ:
الأوَّلُ: أنَّ جازِمَه أداةُ شرطٍ مُقَدَّرَةٌ، فنحوُ قولِكَ: (زُرْنِي أُكْرِمْكَ)، تقديرُه: (زُرْنِي إِنْ تَزُرْنِي أُكْرِمْكَ)، فالأداةُ هي إنْ مُقَدَّرَةٌ، وفعلُ الشرطِ مُتَصَيَّدٌ من الكلامِ السابِقِ، والمضارِعُ جوابُ الشرطِ، وهذا قولُ جمهورِ النحاةِ، وصَحَّحَهُ المتأخِّرُونَ.
والقولُ الثاني: أنَّ الجازِمَ هو نفسُ الطلَبِ المتقدِّمِ؛ لأنَّه يَتَضَمَّنُ معنى أداةِ الشرطِ، وهذا قولُ الخليلِ وسِيبَوَيْهِ، وظاهرُ عبارةِ ابنِ هِشَامٍ في كتابِه (قَطْرِ الندَى) يَجْرِي عليه.
والقولُ الثالِثُ: أنَّ الجازِمَ هو نفسُ الطلبِ المتقدِّمِ؛ لأنَّه نابَ عن أداةِ الشرطِ، كما أنَّ المصدرَ يَنْصِبُ المفعولَ به في نحوِ: (ضَرْباً زَيْداً)؛ لكونِه قد نابَ عن فعلِ الأمرِ، لا لأنَّه تَضَمَّنَ معناه، وهذا مَذْهَبُ أبي سعيدٍ السِّيرَافِيِّ وأبي عليٍّ الفارِسِيِّ.

([2]) سورةُ الأَنعامِ، الآيةُ: 151

([3]) سورةُ مَرْيَمَ، الآيتيْنِ: 5و6

([4]) 504- هذا الشاهدُ من كلامِ عمرِو بنِ الإطنابةِ الخَزْرَجِيِّ، والإِطْنَابَةُ: اسْمُ أُمِّهِ، واسمُ أبيه زَيْدُ بنُ مَنَاةَ، والذي أَنْشَدَهُ المؤلِّفُ عَجُزُ بَيْتٍ مِن الوافِرِ، وصدرُه قولُه:
*وَقَوْلِي كُلَّمَا جَشَأَتْ وَجَاشَتْ*

وقبلَ البيتِ المستشهَدِ هنا بعَجُزِهِ قولُه:
أَبَتْ لِي هِمَّتِي وَأَبَى بَلاَئِي = وَأَخْذِ الْحَمْدَ بِالثَّمَنِ الرَّبِيحِ
وإِقْحَامِي على المَكْرُوهِ نَفْسِي = وضَرْبِي هَامَةَ البَطَلِ المُشِيحِ
اللغةُ: (جَشَأَتِ) الحديثُ عن نفسِه كما رأيتَ في البيتيْنِ اللذين أنْشَدْناهُما، وجَشَأَتْ نفسُه؛ أي: ثَارَتْ ونَهَضَتْ مِن فَزَعٍ أو حَزَنٍ أو نَحْوِهِما، (جَاشَتْ) غَلَتْ كما تَغْلِي القِدْرُ بالماءِ، والمرادُ منه قريبٌ مِن المرادِ من سابقِه، (مَكَانَكَ)؛ أي: اثْبُتِي وقَرِّي ولا تَثُورِي، (تُحْمَدِي) يَحْمَدْكِ الناسُ ويَشْكُروا لَكِ ثَبَاتَكِ، (تَسْتَرِيحِي) تَطْمَئِنَّ خَوَالِجُكِ، وتَسْكُنْ ثَوْرَتِكِ، ويَهْدَأُ ما بِكِ مِن فَزَعٍ واضْطِرَابٍ.
الإعراب: (وقولي) الواوُ حرفُ عطفٍ، قَوْلِ: معطوفٌ على هِمَّتِي وبَلائِي في أوَّلِ الأبياتِ مرفوعٌ بضمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ على ما قبلَ ياءِ المتكلِّمِ، وقَوْلِ مضافٌ وياءُ المُتَكَلِّمِ مضافٌ إليه، (كُلَّمَا) ظرفٌ مُتَعَلِّقٌ بقَوْلِي، (جَشَأَتْ) جَشَأَ: فِعْلٌ ماضٍ، والتاءُ للتأنيثِ، وفاعلُه ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جَوَازاً تقديرُه هي يعودُ إلى نفسِي، (وَجَاشَتِ) الواوُ حرفُ عطفٍ، جاشَ: فعلٌ ماضٍ، والتاءُ دالٌّ على التأنيثِ، والفاعلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جَوَازاً تقديرُه هي يعودُ إلى النفسِ، (مَكَانَكِ) مَكَانَ: اسمُ فِعْلِ أمرٍ بمعنى اثْبُتِي، مَبْنِيٌّ على الفتحِ، لا مَحَلَّ له من الإعرابِ، والكافُ حرفٌ دالٌّ على الخِطَابِ، وفاعلُ اسمِ الفعلِ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تقديرُه أنتَ، (تُحْمَدِي) فعلٌ مضارِعٌ مَبْنِيٌّ للمجهولِ مجزومٌ في جوابِ الأمرِ باسمِ الفعلِ، وعلامةُ جزمِه حذفُ النونِ، وياءُ المؤنَّثَةِ المخاطَبَةِ نائبُ فاعلِه مَبْنِيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ رفعٍ، (أَوْ) حرفُ عطفٍ مَبْنِيٌّ على السكونِ، لا مَحَلَّ له من الإعرابِ، (تَسْتَرِيحِي) فعلٌ مضارِعٌ معطوفٌ على تَحْمَدِي مجزومٌ بحذفِ النونِ، وياءُ المخاطَبَةِ فاعلُه.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (تُحْمَدِي)؛ حيثُ جَزَمَه بحذفِ النونِ؛ لكونِه واقعاً في جوابِ الأمرِ، والأمرُ هنا – كما هو ظاهِرٌ – بغيرِ صيغةِ افْعَلْ؛ لأنَّه اسمُ فِعْلٍ، والمرادُ بصيغةِ افْعَلْ فِعْلُ الأمرِ.

([5]) بدليلِ جزمِ الفعلِ المضارِعِ، وهو (يُثَبْ) بعدَه، والمضارعُ إنما يُجْزَمُ في جوابِ الأمرِ.

([6]) سورةُ غافرٍ، الآيةُ: 37.



  #4  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 07:09 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ألفية ابن مالك للشيخ: علي بن محمد الأشموني


689- وَبَعْدَ غَيْرِ النَّفْيِ جَزْمًا اعْتَمِدْ = إنِ ْتُسْقِطَ الفاءَ والجَزَاءُ قَدْ قُصِدْ
(وبعدَ غيرِ النَّفْيِ "جَزْمًا" اعْتَمِدْ) "جَزْمًا" مفعولٌ بِهِ مُقَدَّمٌ، أيْ: اعْتَمِدْ الجزمَ (إِنْ تُسْقِطَ الفَا والجَزَاءُ قَدْ قُصِدْ) أيْ: انْفَرَدَتْ الفاءُ عَنِ الواوِ بِأَنَّ الفعلَ بَعْدَهَا يَنْجَزِمُ عِنْدَ سُقُوْطِهَا، بِشَرْطِ أَنْ يُقْصَدَ الجَزَاءُ، وذلكَ بعدَ الطلبِ بأنواعِهِ كقولِهِ [مِنَ الطَّوِيْلِ]:
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيْبٍ ومَنْزِلِ = بِسِقْطِ اللِّوَى بينَ الدَّخُولِ فَحَومَلِ
وكذَا بقيةُ الأمثلةِ، أمَّا النفيُ فَلا يُجْزَمُ جوابُهُ، لأنَّهُ يَقْتَضِي تَحَقُّقَ عَدَمِ الوقوعِ، كَمَا يَقْتَضِي الإيجابُ تَحَقُّقَ الوقوعِ، فَلا يُجْزَمُ بَعْدَهُ كَمَا لَا يُجْزَمُ بَعْدَ الإِيْجَابِ، ولذلكَ قالَ: "وَبَعْدَ غيرِ النفيِ" واحْتَرَزَ بقولِهِ: "والجزاءُ قَدْ قُصِدْ" عَمَّا إذَا لَمْ يُقْصَدِ الجزاء، ُ فإنَّهُ لَا يُجْزَمُ بَلْ يُرْفَعُ: إمَّا مَقْصُودًا بِهِ الوصفُ، نحوُ: "لَيْتَ لِي مَالَا أُنْفِقُ مِنْهُ" أو الحالُ، أو الاستئنافُ، ويَحْتَمِلُهُمَا قولُهُ تَعَالَى: {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيْقًا فِي البحرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا} وقولُهُ [مِنَ البَسِيْطِ]:
1045- كرُّوا إلى حَرَّتَيْكُمْ تَعْمُرُونَهَا = كَمَا تَكَرُّ إِلَى أَوْطَانِهَا البَقَرُ
تنبيهانِ: الأوَّلُ: قَالَ فِي (شَرْحِ الكَافِيَةِ): الجزمُ عِنْدَ التَّعَرِّي مِنَ الفاءِ جَائِزٌ بِإِجْمَاعٍ.
الثانِي: اخْتُلِفَ فِي جَازِمِ الفِعْلِ حينئذٍ، فقيلَ: إِنَّ لَفُظَ الطلبِ ضُمِّنَ مَعْنَى حرفِ الشرطِ فَجُزِمَ، وإليهِ ذَهَبَ ابْنُ خَرُوْفٍ، واختَارَهُ المصنفُ، ونَسَبَهُ إِلَى الخليلِ وسِيْبَويْهِ، وقِيْلَ: إِنَّ الأَمْرَ والنهيَ وبَاقِيْهَا نَابَتْ عَنِ الشرطِ، أيْ: حُذِفَتْ جُمْلَةُ الشرطِ، وأُنْيِبَتْ هَذِهِ فِي العَمَلِ مَنَابَهَا؛ فَجُزِمَتْ وهو مذهبُ الفارِسِيِّ والسِّيْرَافِيِّ، وابْنِ عُصْفُورٍ، وقيلَ: الجزمُ بِشَرطٍ مُقَدَّرٍ، دَلَّ عليهِ الطلبُ وإليهِ ذَهَبَ أَكْثَرُ المتأخرينَ، وقِيْلَ: الجزمُ بِلَامٍ مُقَدَّرَةٍ، فَإِذَا قِيْلَ: "أَلَا تَنْزِلُ تُصِبْ خَيْرًا"، فَمَعْنَاهُ: لِتْصِبْ خَيْرًا وهو ضعيفٌ، ولا يَطَّرِدُ إلا بِتَجَوِّزٍ، وتَكَلُّفٍ، والمختارُ القولُ الثالثُ، لا مَا ذَهَبَ إليهِ المصنفُ، لأنَّ الشرطَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ فِعْلٍ، ولَا جَائِزَ أَنْ يكونَ هو الطلبَ بنفسِهِ، ولا مُضَمَّنًا لهُ مَعَ مَعْنَى حرفِ الشرطِ؛ لِمَا فِيْهِ مِنْ زِيادةِ مُخَالَفَةِ الأصلِ، وَلَا مُقَدَّرًا بعدَهُ، لامتناعِ إِظْهَارِهِ بِدُونِ حرفِ الشرطِ، بخلافِ إِظْهَارِهِ مَعَهُ، ولأنَّهُ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يكونَ العاملُ جُمْلَةً، وذلكَ لَا يُوْجَدُ لهُ نظيرٌ، انْتَهَى.
690- وَشَرْطُ جَزْمٍ بَعْدَ نَهْيٍ أَنْ تَضَعْ = "إِنْ" قِيْلَ لَا دُوْنَ تَخَالُفٍ يَقَعْ
(وشرطُ جَزْمٍ بَعْدَ نَهْيٍ) فِيْمَا مَرَّ أَنْ يَصِحَّ (أَنْ تَضَعَ إِنْ) الشرطيةَ (قَبْلَ لَا) النافيةِ (دُوْنَ تَخَالُفٍ) فِي المعنَى (يَقَعْ) وَمِنْ ثَمَّ جَازَ "لَا تَدْنُ مِنَ الأَسَدِ تَسْلَمِ" وامْتَنَعَ "لَا تَدْنُ مِنَ الأَسَدِ يَأْكُلْكَ" بالجزمِ خِلَافًا للْكِسَائِيِّ.
أمَّا قولُ الصَّحَابِيِّ "يَا رَسُوْلَ اللهِ لَا تُشْرِفْ يُصِبْكَ سَهْمٌ"، وقولُهُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: ((مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشجرةِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا يُؤْذِنَا بِرِيْحِ الثَّوْمِ)) فجَزَمَهُ عَلَى الإِبْدَالِ مِنْ فعلِ النهيِ لَا عَلَى الجوابِ، عَلَى أَنَّ الروايةَ المَشْهُورةَ فِي الثانِي "يُؤْذِيْنَا" بثبوتِ الياءِ.
تنبيهاتٌ: الأوَّلُ: قالَ فِي (شَرْحِ الكَافِيَةِ): لَمْ يُخَالِفْ فِي الشرطِ المَذْكورِ غيرُ الكِسَائِيِّ، وقالَ المُرَادِيُّ: وقدْ نُسِبَ ذلكَ إلى الكُوْفِيِّيْنَ.
الثانِي: شَرْطُ الجَزْمِ بَعْدَ الأمرِ صِحَّةُ وضعِ "إِنْ تَفْعَلْ" كمَا أَنَّ شَرْطَهُ بَعْدَ النهيِ صِحَّةُ وَضْعِ "إِنْ لَا تَفْعَلْ" فيَمْتَنِعُ الجزمُ فِي نحوِ: "أَحْسِنْ إِلَىَّ لِا أُحْسِنُ إِلَيْكَ" فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ "إِنْ تُحْسِنْ إِلَىَّ لَا أُحْسِنْ إِلَيْكَ" لكونِهِ غيرَ مُنَاسبٍ، وكلامُ التَّسْهِيْلِ يُوْهِمُ إِجْرَاءَ خِلافِ الكِسَائِيِّ فيهِ، انتهى.
691- وَالأَمْرُ إِنْ كَانَ بِغَيْرِ افْعَلْ فَلَا = تَنْصُبْ جَوَابَهُ، وجَزْمَهُ اقْبَلَا
(والأمرُ إِنْ كَانَ بِغَيرِ افْعَلْ) بِأَنْ كَانَ بِلفظِ الخَبَرِ، أوْ باسْمِ فِعْلٍ، أو باسْمٍ غيرِهِ (فَلا تَنْصِبْ جَوَابَهُ) مَعَ الفاءِ كَمَا تَقَدَّمَ (وجَزْمَهُ اقْبَلَا) عندَ حَذْفِهَا، قَالَ فِي (شَرْحِ الكَافِيَةِ): بإجماعٍ، وذلكَ نحوُ قولِهِ تَعَالَى: {تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُوْلِهِ وَتُجَاهِدُوْنَ فِي سَبِيْلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ويُدْخِلَكُمْ} وقولِهِ: اتَّقَى اللهَ امْرُؤٌ فَعَلَ خَيْرًا يُثَبْ عليهِ، وقولِهِ [مِنَ الوَافِرِ]:
1046- أَبَتْ لِي عِفَّتِي وَأَبَى بَلَائِي = وَأَخْذِيَ الحَمْدَ بالثمنِ الرَّبِيْحِ
وإِمْسَاكِي عَلَى المَكْرُوهِ نَفْسِي = وضَرْبي هَامَةَ البَطَلِ المُشِيْحِ
وقَوْلِي كُلَّمَا جَشَأْتُ وَجَاشَتْ = مَكَانَكَ تُحْمَدِي أَوْ تَسْتَرِيْحِي
وقولِهِمْ: "حَسْبُكَ الحديثُ يَنَمِ الناسُ" فَإِنَّ المَعْنَى آمِنُوا، ولْيَتَّقِ واثْبُتِي، واكْفُفْ.
تنبيهانِ: الأوَّلُ: أَجَازَ الكِسَائِيُّ النَّصْبَ بعدَ الفاءِ المُجَابِ بِهَا اسْمُ فِعْلِ أَمْرٍ، نحوُ: "صَهْ" أو خبرٍ بِمَعْنَى الأمرِ، نحوُ: "حَسْبُكَ" وذكَرَ فِي (شَرْحِ الكَافِيَةِ) أَنَّ الكِسَائِيَّ انْفَرَدَ بِجَوَازِ ذلكَ ولكنْ أَجَازَهُ ابْنُ عُصْفُورٍ فِي جَوَابِ "نِزَالِ" ونحوِهِ مِنْ اسْمِ الفِعْلِ المُشْتَقِّ، وحَكَاهُ ابنُ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ جِنِّيٍ فالذَي انْفَرَدَ بِهِ الكِسَائِيُّ مَا سِوَى ذلكَ.
الثانِي: أَجَازَ الكِسَائِيُّ أيضًا نَصْبَ جَوَابِ الدعاءِ المدلولِ عليهِ بالخَبَرِ، نحوُ: "غَفَرَ اللهُ لِزَيْدٍ فَيُدْخِلَهُ الجَنَّةَ".

  #5  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 07:19 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


جَزْمُ المُضَارِعِ في جوابِ الطَّلَبِ
689- وَبَعْدَ غَيْرِ النَّفْي جَزْماً اعْتَمِدْ = إنْ تَسْقُطِ الْفَا وَالْجَزاءُ قَدْ قُصِدْ
690- وَشَرْطُ جَزْمٍ بَعْدَ نَهْيٍ أَنْ تَضَعْ = إنْ قَبْلَ لا دُونَ تَخَالُفٍ يَقَعْ
تَقَدَّمَ أنَّ المُضَارِعَ إذا وَقَعَ بعدَ (الفاءِ) التي تَقَدَّمَها نفيٌ أوْ طَلَبٌ فإنَّهُ يُنْصَبُ بـ(أنْ) مُضْمَرَةٍ وُجوباً.
وذَكَرَ هنا أنَّ (الفاءَ) إذا حُذِفَتْ بعدَ غيرِ النفيِ، وهوَ الطَّلَبُ، وقُصِدَ الجزاءُ، جُزِمَ المُضَارِعُ الذي بعدَها، فشَرْطُ الْجَزْمِ ثلاثةُ أُمُورٍ:
1- أنْ يَتقدَّمَ لفْظٌ دالٌّ على الطلَبِ؛ كالأمْرِ والنهيِ.
2- أنْ يُقْصَدَ الجزاءُ، بمعنى: أنَّ هذا المُضَارِعَ مُتَسَبِّبٌ وناتجٌ عنْ ذلكَ الطلَبِ.
3- إنْ كانَ الطلَبُ بغيرِ النهيِ؛ كالأمْرِ، فشَرْطُهُ: صِحَّةُ المعنى بوَضْعِ (إِن) الشرطيَّةِ وفِعْلٍ مفهومٍ مِن السياقِ مَوْضِعَ الطلَبِ. وإنْ كانَ الطلَبُ بالنهيِ فشَرْطُهُ: أنْ يَستقيمَ المعنى بِحَذْفِ (لا) النافِيَةِ، ووَضْعِ (إن) الشرطيَّةِ وبعدَها (لا) النافيَةُ مَحَلَّ (لا) الناهِيَةِ.
مِثالُ ذلكَ: عَامِلِ الناسَ بالْحُسْنَى يَأْلَفُوكَ. فالفعلُ (يَأْلَفُوكَ) مجزومٌ، وعلامةُ جزْمِهِ حذْفُ النُّونِ؛ لأنَّهُ مِن الأمْثِلَةِ الخمسةِ، وقدْ تَقَدَّمَ عليهِ طلَبٌ، وهوَ الأمْرُ (عامِلْ)، ويَصِحُّ إحلالُ (إنْ) والفعلِ مَحَلَّ الطلَبِ، فَيُقَالُ: إنْ تُعَامِلِ الناسَ بالْحُسْنَى يَأْلَفُوكَ، والجازِمُ لهُ هوَ وُقوعُهُ في جوابِ الطَّلَبِ.
ومنهُ قولُهُ تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ}، فـ (أَتْلُ): فعْلٌ مُضارِعٌ مجزومٌ بحذْفِ حرْفِ العِلَّةِ، وهوَ الواوُ؛ لوُقوعِهِ في جوابِ الطلَبِ (تَعَالَوْا)، وقدْ قُصِدَ الجزاءُ؛ إذ المعنى: تَعَالَوْا فإنْ تَأْتُوا أَتْلُ عَلَيْكُمْ. فالتلاوةُ مُسَبَّبَةٌ وناتجةٌ عنْ مَجِيئِهم.
ومِثالُ النهيِ: لا تَعْجَلْ في أُمُورِكَ تَسْلَمْ. فالفعلُ (تَسْلَمْ) مجزومٌ لوُقوعِهِ في جوابِ الطلَبِ، وهوَ النهيُ، ويَصِحُّ أنْ تَضَعَ (إنْ) قبلَ (لا)، فتقولَ: إنْ لا تَعْجَلَ في أُمُورِكَ تَسْلَمْ.
فإنْ لم يَتَقَدَّمْ طلَبٌ، بلْ تَقَدَّمَ نَفْيٌ أوْ خَبَرٌ مُثْبَتٌ، لم يَصِحَّ جَزْمُ الْمُضارِعِ، بلْ يَجِبُ رَفْعُهُ، نحوُ: ما تَأْتِينا تُحَدِّثُنا، ونحوُ: أنتَ تَأْتِينَا تُحَدِّثُنا، برَفْعِ (تُحَدِّثُنا) في الْمِثالَيْنِ.
وكذا إنْ لم يَقْصِد الجزاءَ، نحوُ: ائْتِنِي بِرَجُلٍ يُحِبُّ اللَّهَ ورَسُولَهُ. فلا يَجوزُ جَزْمُ المُضَارِعِ (يُحِبُّ) لِعَدَمِ قَصْدِ الجزاءِ؛ لأنَّ الْمَحَبَّةَ لَيْسَتْ ناتجةً عن الإتيانِ بهِ، وإنَّما المُرادُ أنَّ هذهِ صِفتُهُ.
وكذا إنْ لم يَسْتَقِم المعنى بوَضْعِ (إنْ) وفِعْلٍ مفهومٍ مِن السياقِ مَوْضِعَ الطَّلَبِ، نحوُ: أينَ مَنْزِلُكَ أَقِفُ في الشارعِ؟ برَفْعِ (أَقِفُ)، ولا يَجوزُ جَزْمُهُ؛ إذْ لا يَصِحُّ أنْ يُقالَ: إنْ تُعَرِّفْنِي مَنْزِلَكَ أَقِفْ في الشارِعِ؛ لعَدَمِ استقامةِ الْمَعْنَى.
وكذا يَجِبُ الرفْعُ إذا لم يَسْتَقِم المعنى عندَ إحلالِ (إِن) الشرطيَّةِ و(لا) النافِيَةِ معاً مَحَلَّ (لا) الناهيَةِ، نحوُ: لا تَدْنُ مِن الأَسَدِ يَأْكُلُكَ، برَفْعِ (يَأْكُلُكَ)، ولا يَجوزُ جَزْمُهُ؛ إذْ لا يَصِحُّ: إنْ لا تَدْنُ مِن الأسَدِ يَأْكُلْكَ.
وهذا معنى قولِهِ: (وبعدَ غَيْرِ النفيِ جَزْماً اعْتَمِدْ.. إلخ)؛ أي: اعْتَمِدْ جَزْمَ المُضَارِعِ بعدَ غيرِ النفيِ، والمُرَادُ الطلَبُ، (إنْ تُسْقِطِ الفاءَ)؛ أيْ: لم تُوجَدْ معَ قَصْدِ الجزاءِ. ثمَّ ذَكَرَ أنَّ شَرْطَ الجزْمِ بعدَ النهيِ صِحَّةُ وَضْعِ (إن) الشرطيَّةِ قبلَ (لا) الناهيَةِ، بشَرْطِ ألاَّ يَقَعَ اختلافٌ في المعنى قبلَ مَجيءِ (إنْ) سابقةً (لا) وبعدَ مَجِيئِها.
حُكْمُ جوابِ الأمْرِ إذا كانَ الأمرُ بغَيْرِ صِيغَتِهِ:
691- وَالأَمْرُ إِنْ كَانَ بِغيْرِ افْعَلْ فَلا = تَنْصِبْ جَوَابَهُ وَجَزْمَهُ اقْبَلا
تَقَدَّمَ أنَّ الأمْرَ إذا كانَ مَدلولاً عليهِ باسمِ فِعْلٍ أوْ بلفْظِ الخبرِ لم يَجُزْ نَصْبُ المُضَارِعِ بعدَ الفاءِ عندَ الأكثرينَ، وقدْ صَرَّحَ بذلكَ هنا، نحوُ: صَهْ فأُحَدِّثُكَ. وحَسْبُكَ الحديثُ فَيَنَامُ الحاضرونَ. برَفْعِ الفعلَيْنِ (أُحَدِّثُكَ، ويَنامُ).
فإنْ سَقَطَت الفاءُ جُزِمَ المُضَارِعُ لوُقوعِهِ في جوابِ الطلَبِ، فتقولُ: صَهْ أُحَدِّثْكَ، وحَسْبُكَ الحديثُ يَنَم الحاضرونَ.
ومنهُ قولُهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ}، بجَزْمِ المُضارعيْنِ (يَغْفِرْ ويُدخِلْ) في جوابِ الْجُملةِ الْخَبريَّةِ (تُؤْمِنُونَ وَتُجَاهِدُونَ)؛ لأنَّها وما عُطِفَ عليها بمعنى الأَمْرِ، والتقديرُ، واللَّهُ أعلَمُ: آمِنُوا وجَاهِدوا يُغْفَرْ لَكُم.
وليسَ الجزْمُ راجعاً لِوُقُوعِهما جواباً للاستفهامِ (هَلْ أَدُلُّكُمْ..)؛ لأنَّ غُفرانَ الذُّنُوبِ لا يَتَسَبَّبُ عن الدَّلالةِ، بلْ عن الإيمانِ والْجِهادِ.
وهذا معنى قولِهِ: (والأمرُ إنْ كانَ بغيرِ افْعَلْ.. إلخ): أيْ أنَّ الأمْرَ - وهوَ مِنْ أنواعِ الطلَبِ - إنْ كَانَتْ صِيغتُهُ لَيْسَتْ الصيغةَ الصريحةَ فيهِ - وهيَ صيغةُ (افْعَلْ)- بلْ كانَ بلَفْظِ الخبرِ مَثَلاً؛ فإنَّهُ لا يَجوزُ نَصْبُ المُضَارِعِ بعدَ الفاءِ.
وأمَّا جزْمُ هذا المُضَارِعِ بعدَ سُقوطِ الفاءِ فهوَ جائزٌ.
وقولُهُ: (اقْبَلا) أَصْلُها: اقْبَلَنْ، فهوَ فِعْلُ أَمْرٍ مَبْنِيٌّ على الفَتْحِ؛ لاتِّصالِهِ بنونِ التوكيدِ الخفيفةِ الْمُنْقَلِبَةِ ألِفاً للوَقْفِ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
3, جزم

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:24 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir