دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > الأدب > المفضليات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 جمادى الآخرة 1431هـ/7-06-2010م, 03:30 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي 21: قصيدة المخبل السعدي: ذَكَرالربابَ وذِكرها سقمُ = فَصبَا، وليسَ ِلمنْ صبا حلمُ

قال المخبل السعدي:


ذَكَرالرَّبابَ وذِكْرُها سُقْمُ = فَصَبَا، ولَيْسَ ِلمَنْ صَبا حِلْمُ
وإِذا أَلَمَّ خَيالُها طُرِفَتْ = عَيني، فماءُ شُؤُونِها سَجْمُ
كاللُّؤلُؤِ المسْجُورِ أُغْفِلَ في = سِلْكِ النِّظَام فَخانهُ النَّظْمُ
وأَرَى لها دَاراً بأَغْدِرَةِال = سِّيدَانِ لم يَدْرُسْ لها رَسْمُ
إِلاَّ رَماداً هامِداً دَفَعتْ = عنهُ الرِّياحَ خَوَالِدٌ سُحْمُ
وَبقِيَّةَ النُّؤْيِ الذي رُفِعَتْ = أَعْضَادُهُ فَثَوى لهُ جِذْمُ
فكأَنَّ ما أَبقَى البَوارِحُ والـ = أَمطارُ من عَرَصاتِها الوَشْمُ
تَقْرُو بِها البقَرُ المَسَارِبَ واخْـ = تَلَطَتْ بها الآرَامُ والأُدْمُ
وكأَنَّ أَطْلاَءَ الجَآذِرِ وال = غِزْلاَنِ حَوْلَ رُسُومها البَهْمُ
ولقد تَحُلُّ بها الرَّبابُ لها = سَلَفٌ يَفُلُّ عَدُوَّها فَخْمُ
بَرْدِيَّةٌ سَبَقَ النَّعِيمُ بها = أَقْرَانَهَا وغَلاَ بِها عَظْمُ
وتُرِيكَ وَجْهاً كالصَّحيفَةِ لاَ = ظَمْآنُ مُخْتلَجٌ ولا جَهْمُ
كَعَقِيلَةِ الدُّرِّ اسْتَضَاءَ بِها = مِحْرَابَ عَرْشِ عَزِيزِها العُجْمُ
أَغْلَى بها ثَمناً، وجاءَ بِها = شَخْتُ العِظَامِ كأَنَّهُ سَهْمُ
بِلَبَانِهِ زَيْتٌ، وأَخْرَجَها = مِن ذِي غَوَارِبَ وَسْطَهُ اللُّخْمُ
أَوْ بَيْضَةِ الدِّعْصِ التي وُضِعَتْ = في الأَرضِ، ليس لِمَسِّها حَجْمُ
سَبَقَتْ قَرَائِنَهَا وأَدْفَأَهَا = قَرِدُ الجَناح كأَنَّهُ هِدْمُ
ويَضُمُّها دُونَ الجَناحِ بِدَفِّهِ = وتَحُفُّهُنَّ قَوَادِمٌ قُتْمُ
لم تَعْتذِرْ منها مَدَافِعُ ذِي = ضالٍ وَلاَ عُقَبٌ ولا الزُّخْمُ
وتُضِلُّ مِدْرَاها المَوَاشِطُ في = جَعْدٍ أَغَمَّ كأَنَّهُ كَرْمُ
هَلاَّ تُسَلِّي حاجَةً عَلِقَتْ = عَلَقَ القَرِينَةِ حَبْلُها جِذْمُ
ومُعَبَّدٍ قَلِقِ المَجَازِ كَبا = رِيِّ الصَّنَاعِ إِكامُهُ دُرْمُ
لِلقارِبَاتِ مِنَ القَطَا نُقَرٌ = في حافَتَيْهِ كأَنَّها الرَّقْمُ
عارَضْتُهُ مَلَثَ الظَّلاَمِ بِمذْ = عَانِ العَشِيِّ كأَنَّها قَرْمُ
تَذَرُ الْحَصَى فِلَقاً إِذا عَصَفَتْ = وجَرَى بِحَدِّ سَرابِها الأُكْمُ
قَلِقَتْ إِذَا انْحدَرَ الطَّرِيقُ لها = قَلَقَ المَحَالَةِ ضَمَّها الدَّعْمُ
لَحِقَتْ لَهَا عَجْزٌ مُؤَيَّدَةٌ = عَقْدَ الفَقَارِ وكاهِلٌ ضَخْمُ
وقَوائمٌ عُوجٌ كأَغْمِدَةِ الـ = بُنْيانِ عُولِيَ فَوْقَها اللَّحْمُ
وإِذا رَفَعْتَ السَّوْطَ أَفْزَعَها = تحتَ الضُّلوعِ مُرَوَّعٌ شَهْمُ
وتسُدُّ حاذَيْها بِذِى خُصَلٍ = عُقِمَتْ فَنَاعَمَ نَبْتَهُ العُقْمُ
ولهَا مَنَاسِمُ كالمَواقِعِ لا = مُعْرٌ أَشاعِرُها ولا دُرْمُ
وتَقِيلُ في ظِلِّ الخِبَاءِ كما = يغْشَى كِنَاسَ الضَّالَةِ الرِّئْمُ
كتَرِيكَةِ السَّيْلِ التي تُرِكَتْ = بِشَفَا المَسِيلِ ودُونَها الرَّضْمُ
بَلَّيْتُها حتَّى أُؤَدِّيَهَا = رِمَّ العِظَام ويَذْهَبَ اللَّحْمٌ
وتقولُ عاذِلَتِي وليسَ = لها بغَدٍ ولاما بَعْدَهُ عِلْمُ
إِنَّ الثَّرِاءَ هُوَ الخُلُودُ وإِ = نَّ المَرْءُ يُكْرَبُ يَوْمهُ العُدْمُ
إِنِّي وجَدِّكِ ما تُخَلِّدُني = مائةٌ يَطِيرُ عِفَاؤُها، أُدْمُ
ولَئِنْ بَنَيْتِ لِيَ المُشَقَّرَ في = هَضْبٍ تُقصِّرُ دُونَهُ العُصْمُ
لَتُنَقِّبَنْ عَنِّي المنِيَّةُ إِ = نَّ الله ليسَ كَحُكْمِهِ حُكْمُ
إِنَّي وَجَدْتُ الأَمْرَ أَرْشَدُهُ = تَقْوَى الالهِ وشَرُّهُ الإِثْمُ


  #2  
قديم 19 جمادى الآخرة 1432هـ/22-05-2011م, 06:12 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات للشيخين: أحمد شاكر وعبد السلام هارون

21


وقال المخبل السعدي



1: ذَكَرالرَّبابَ وذِكْرُها سُقْمُ = فَصَبَا، ولَيْسَ ِلمَنْ صَبا حِلْمُ
2: وإِذا أَلَمَّ خَيالُها طُرِفَتْ = عَيني، فماءُ شُؤُونِها سَجْمُ
3: كاللُّؤلُؤِ المسْجُورِ أُغْفِلَ في = سِلْكِ النِّظَام فَخانهُ النَّظْمُ
4: وأَرَى لها دَاراً بأَغْدِرَةِ الـ = ـسِّيدَانِ لم يَدْرُسْ لها رَسْمُ
5: إِلاَّ رَماداً هامِداً دَفَعتْ = عنهُ الرِّياحَ خَوَالِدٌ سُحْمُ
6: وَبقِيَّةَ النُّؤْيِ الذي رُفِعَتْ = أَعْضَادُهُ فَثَوى لهُ جِذْمُ
7: فكأَنَّ ما أَبقَى البَوارِحُ والـ = أَمطارُ من عَرَصاتِها الوَشْمُ
8: تَقْرُو بِها البقَرُ المَسَارِبَ واخْـ = تَلَطَتْ بها الآرَامُ والأُدْمُ
9: وكأَنَّ أَطْلاَءَ الجَآذِرِ وال = غِزْلاَنِ حَوْلَ رُسُومها البَهْمُ
10: ولقد تَحُلُّ بها الرَّبابُ لها = سَلَفٌ يَفُلُّ عَدُوَّها فَخْمُ
11: بَرْدِيَّةٌ سَبَقَ النَّعِيمُ بها = أَقْرَانَهَا وغَلاَ بِها عَظْمُ
12: وتُرِيكَ وَجْهاً كالصَّحيفَةِ لاَ = ظَمْآنُ مُخْتلَجٌ ولا جَهْمُ
13: كَعَقِيلَةِ الدُّرِّ اسْتَضَاءَ بِها = مِحْرَابَ عَرْشِ عَزِيزِها العُجْمُ
14: أَغْلَى بها ثَمناً، وجاءَ بِها = شَخْتُ العِظَامِ كأَنَّهُ سَهْمُ
15: بِلَبَانِهِ زَيْتٌ، وأَخْرَجَها = مِن ذِي غَوَارِبَ وَسْطَهُ اللُّخْمُ
16: أَوْ بَيْضَةِ الدِّعْصِ التي وُضِعَتْ = في الأَرضِ، ليس لِمَسِّها حَجْمُ
17: سَبَقَتْ قَرَائِنَهَا وأَدْفَأَهَا = قَرِدُ الجَناح كأَنَّهُ هِدْمُ
18: ويَضُمُّها دُونَ الجَناحِ بِدَفِّهِ = وتَحُفُّهُنَّ قَوَادِمٌ قُتْمُ
19: لم تَعْتذِرْ منها مَدَافِعُ ذِي = ضالٍ وَلاَ عُقَبٌ ولا الزُّخْمُ
20: وتُضِلُّ مِدْرَاها المَوَاشِطُ في = جَعْدٍ أَغَمَّ كأَنَّهُ كَرْمُ
21: هَلاَّ تُسَلِّي حاجَةً عَلِقَتْ = عَلَقَ القَرِينَةِ حَبْلُها جِذْمُ
22: ومُعَبَّدٍ قَلِقِ المَجَازِ كَبا = رِيِّ الصَّنَاعِ إِكامُهُ دُرْمُ
23: لِلقارِبَاتِ مِنَ القَطَا نُقَرٌ = في حافَتَيْهِ كأَنَّها الرَّقْمُ
24: عارَضْتُهُ مَلَثَ الظَّلاَمِ بِمذْ = عَانِ العَشِيِّ كأَنَّها قَرْمُ
25: تَذَرُ الْحَصَى فِلَقاً إِذا عَصَفَتْ = وجَرَى بِحَدِّ سَرابِها الأُكْمُ
26: قَلِقَتْ إِذَا انْحدَرَ الطَّرِيقُ لها = قَلَقَ المَحَالَةِ ضَمَّها الدَّعْمُ
27: لَحِقَتْ لَهَا عَجْزٌ مُؤَيَّدَةٌ = عَقْدَ الفَقَارِ وكاهِلٌ ضَخْمُ
28: وقَوائمٌ عُوجٌ كأَغْمِدَةِ الـ = بُنْيانِ عُولِيَ فَوْقَها اللَّحْمُ
29: وإِذا رَفَعْتَ السَّوْطَ أَفْزَعَها = تحتَ الضُّلوعِ مُرَوَّعٌ شَهْمُ
30: وتسُدُّ حاذَيْها بِذِي خُصَلٍ = عُقِمَتْ فَنَاعَمَ نَبْتَهُ العُقْمُ
31: ولهَا مَنَاسِمُ كالمَواقِعِ لا = مُعْرٌ أَشاعِرُها ولا دُرْمُ
32: وتَقِيلُ في ظِلِّ الخِبَاءِ كما = يغْشَى كِنَاسَ الضَّالَةِ الرِّئْمُ
33: كتَرِيكَةِ السَّيْلِ التي تُرِكَتْ = بِشَفَا المَسِيلِ ودُونَها الرَّضْمُ
34: بَلَّيْتُها حتَّى أُؤَدِّيَهَا = رِمَّ العِظَام ويَذْهَبَ اللَّحْمٌ
35: وتقولُ عاذِلَتِي وليسَ = لها بغَدٍ ولا ما بَعْدَهُ عِلْمُ
36: إِنَّ الثَّرِاءَ هُوَ الخُلُودُ وإِ = نَّ المَرْءُ يُكْرَبُ يَوْمهُ العُدْمُ
37: إِنِّي وجَدِّكِ ما تُخَلِّدُني = مائةٌ يَطِيرُ عِفَاؤُها، أُدْمُ
38: ولَئِنْ بَنَيْتِ لِيَ المُشَقَّرَ في = هَضْبٍ تُقصِّرُ دُونَهُ العُصْمُ
39: لَتُنَقِّبَنْ عَنِّي المنِيَّةُ إِ = نَّ الله ليسَ كَحُكْمِهِ حُكْمُ
40: إِنَّي وَجَدْتُ الأَمْرَ أَرْشَدُهُ = تَقْوَى الإلهِ وشَرُّهُ الإِثْمُ


ترجمته: (المخبل) بفتح الباء المشددة، أصله من أصيب بالخبل، وهو استرخاء المفاصل من ضعف أو جنون. وهذا لقب له، وكنيته أبو يزيد، واسمه: ربيع بن مالك بن ربيعة بن قتال بتشديد التاء بن أنف الناقة، واسمه جعفر، بن قريع بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم. التميمي ثم السعدي ثم القريعي، بضم القاف. شاعر مشهور، عمر في الجاهلية والإسلام عمرا طويلا، ومات في خلافة عمر أو عثمان وهو شيخ كبير. وانظر الإصابة 2: 218، و6: 167. وأخطأ صاحب القاموس ففرق بين المخبل السعدي والمخبل القريعي، وتبعه شارحه الزبيدي، وهو شاعر واحد نسب إلى جديه: سعد ثم قريع. وانظر المؤتلف للآمدي 177-178 والخزانة 2: 536.
جو القصيدة: بدأ بالذكرى والطيف، ووصف دار صاحبته وقد درست، وبدلت من ساكنها البقر والظباء. ثم نعت صاحبته، وشبهها فيما شبهها به بالدرة، ووصف الدرة ومستخرجها، وببيضة النعامة يحفها الظليم. ثم وصف الطريق وناقته التي اجتازت عليها. وانحنى على عاذلته، التي لامته في كرمه وإنفاقه، واحتج بأن الخلود في البذل لا في الثراء، وبأن المنية غاية الأحياء.
تخريجها: منتهى الطلب 1: 71-83 كاملة. والأبيات 35-39 في حماسة البحتري 98-99. والبيت 38 في الفصول والغايات 247. وانظر الشرح 207-224.
(2) الشؤون: مجاري الدمع، واحدها شأن. سجم: مصدر، يقال سجم الدمع أي سال، وأراد بالمصدر اسم الفاعل.
(3) المسجور: المنظوم المسترسل. أي كدر في سلك انقطع فتحدر دره.
(4) أغدرة: جمع غدير، كنصيب وأنصبة. وهذا الجمع لم تذكره المعاجم، ونص عليه ياقوت في البلدان. السيدان: أرض لبني سعد. الرسم: الأثر بلا شخص، ودروسه: ذهابه. يريد لم يذهب كله، وإذا لم يدرس الرسم كله كان أشد للحزن.
(5) إلا رمادا: أراد وأرى لها رمادا، قال أبو عبيدة: (معنى (إلا) الواو). هامدا: خامدا، وإنما همد لطول مكثه. الخوالد: البواقي، عنى بها الأثافي، وهي الحجارة التي تنصب عليها القدور. سحم: من السحمة، وهو لون يضرب إلى السواد. أراد أن الأثافي حفظت الرماد من أن تذروه الرياح.
(6) النؤي: الحاجز الذي يرفع حول البيت لئلا يدخله الماء. ويقال أيضا للحفيرة تحفر حول الخيمة لترد الماء عنها. وأعضاده: جوانبه. ثوى: أقام. الجذم: البقية تبقى من الشيء.
(7) ما: موصولة. البوارح: الرياح الشداد من الشمال خاصة، وهي من رياح الصيف. العرصات جمع عرصة، وهي ساحة الدار. الوشم: الخضرة تكون في اليد.
(8) تقرو: تتبع. المسارب: المراعي. الآرام: الظباء البيض البطون السمر الظهور، واحدها رئم. الأدم: الظباء البيض، واحدها أدماء. يريد أن الموضع قد استوحش فاجتمعت به الظباء والبقر.
(9) الأطلاء: جمع طلا، بالفتح والقصر، وهو الصغير من ذوات الظلف. الجآذر: جمع جؤذرة، بفتح الذال وضمها، وهو الصغير من أولاد البقر. البهم: صغار أولاد المعزى، الواحدة بهمة.
(10) السلف: الخيل المتقدمة، وهذا المعنى لم يذكر في المعاجم. يفل: يهزم. قال الأصمعي: كانت العرب إذا أرادت التحول تقدم السلف على الخيل، فنفضوا الطريق وأصلحوه حتى تأتي الظعن. ونفضوا الطريق: أرسلوا النفيضة، وهم الذين يبعثون في الأرض مستجسين لينظروا هل فيها عدو أو خوف. وهذا البيت ليس في رواية المفضل، ورواه أبو عكرمة وغيره. وانظر المفضلية 109: 8.
(11) بردية: أي كبردية. شبهها بالبردي في بياضها وصفائها واستوائها. وانظر ما سبق في 17: 11. غلا: ارتفع. يعني زاد النعيم في شبابها حتى ارتفعت على قرائنها في السن، وكبرت قبل لداتها وصواحبها.
(12) شبه وجهها بالصحيفة لملاسته ولينه. المختلج: القليل اللحم الضامر. الجهم: الكثير اللحم البشع.
(13) عقيلة كل شيء: خيرته. العجم: فاعل (استضاء) وهو فعل لازم، (محراب) منصوب على نزع الخافض. والمحراب: صدر المجلس.
(14) أغلى بها ثمنا: أي اشتراها العزيز بثمن كثير. شخت العظام: دقيقها، يعني الغائص الذي جاء بها. كأنه سهم: أي من سرعته ومضائه.
(15) اللبان: الصدر، وإنما جعل الزيت على صدره لخفوفة ماء البحر وملوحته. الغوارب: أعلى الأمواج، أراد بذي الغوارب البحر. اللخم: سمك كبير يقال له القرش، وجمعه ألخام، وهذا الجمع لم يذكر في المعاجم.
(16) الدعص: الجبيل من الرمل. شبهها أولا بالدرة ثم ببيضة النعام. الحجم: النتوء، يريد أنه ليس لها عظم ناتئ.
(17) سبقت قرائنها: يقول: هي أول بيضة باضت النعامة. والشعراء تصف النساء بذلك. قرد الجناح: يريد ذكر النعام، والقرد: المتكاثف من الريش. الهدم: الكساء الخلق الملقى، جمعه أهدام وهدوم، و(هدوم) لم يذكر في المعاجم.
(18) الدف: الجنب. أي يضم الظليم البيضة بجناحه إلى دفة يكنها. تحفهن: تكون حولهن، يعني البيض. القوادم: أوائل الريش من الجناح. القتم: الغبر، من القتام، وهو الغبرة.
(19) ذو ضال، وعقب، والزخم: مواضع. المدافع: أماكن اندفاع الماء إلى الأودية، وكانوا ينزلون مدافع الماء إلى الأودية. وقوله: (لم تعتذر منها) أي: لم تدرس ديارها وآثارها ولم تتغير، من قولهم تعذرت البلاد: إذا تغيرت ودرست.
(20) المدري: المشط. الجعد: الشعر المتقبض ليس بالسبط. الأغم: الشعر الكثير، وأصله من الغمم، وهو أن يسيل الشعر من كثرته في الوجه والقفا. الكرم: شجر العنب، شبهه به لكثرته. والجعد لا يكون إلا قليلا، فإذا كان كثيرا فهو غاية مدحه.
(21) تسلي حاجة: مضارع سلي بالتضعيف، بمعنى سلا، أي تسلو حاجة، وهو بهذا المعنى ليس في المعاجم. القرينة: الدابة تقرن مع أخرى في حبل. جذم: مقطوع، يريد أنه قصير، وإذا قصر الحبل كان أشد لتداني القرينتين. يقول: هلا سلوت هذه الحاجة التي لزمتك ولصقت بك.
(22) المعبد: الطريق الذي قد وطئ فيه وذلل حتى ذهب نبته. قلق المجاز: لا يستقر فيه من جازه وسلكه، ينجو ويسرع، إذ لا يصلح للمبيت. الباري: الحصير المنسوج. الصناع: الحاذق. الإكام: جمع أكمة، وهو النشز من الأرض. درم: من قولهم كعب أدرم، إذا كان اللحم قد واراه فلم يوجد له حجم. يقول: إكامه مستوية بأرضه، فهو أضل له.
(23) القاربات: التي تقرب الماء، والقرب، بفتح الراء: أن يكون بينها وبينه ليلة. النقر: الحفر التي ينقرها الطائر ليبيض فيها. الرقم: الدارات، وهي المواضع المستديرة من الرمل وغيره. وتفسير الرقم بالدارات لم يذكر في المعاجم. يريد أن هذا الطريق بعيد عن الماء، حتى إن القطا تبيت فيه قبل ورود الماء.
(24) عارضته: أخذت في عرضه بضم العين وسكون الراء أي سرت بإزائه وإنما عارضه مخافة أن يضل. انظر المفضلية 76: 40. ملث الظلام: اختلاطه، نصب على الظرفية. بمذعان: بناقة أذعنت للسير وصبرت له. وإنما قال: (بمذعان العشي) يريد أن يسير النهار لم يكسرها. القوم: الفحل المتروك من العمل.
(25) يقول: إنها تكسر الحصى لصلابة مناسمها وشدة وقعها. عصفت: اشتد عدوها كما نعصف الريح. وجرى إلخ: السراب إنما يرى عند اشتداد الحر، فإذا جرت الناقة مسرعة رأى راكبها الأكم كأنها تجري بحد السراب. أو المعنى. وجرى السراب بحد الأكم. والسراب يرى في شدة الحر وكأنه يجري. ويكون الفعل قد نسب لفظا إلى خبر فاعله. يتمدح سيرها في هذا الوقت العصيب.
(26) القلق: السير الحثيث. المحالة: بكرة البئر. الدعم: العودان اللذان اكتنفا البكرة، وهي بكسر الدال جمع دعمة. وأما الدعم بالفتح فهو مصدر دعمه يدعمه، وأراد ما تدعم به، وهو العودان أيضا، وأراد تشبيه سرعتها بسرعة البكرة عند الاستقاء.
(27) لحقت لها عجز: لم يخنها عجزها. مؤيدة عقد الفقار: المؤيد: المشدد، يريد المكتنز، و(مؤيدة) نعت سببي لعجز، و(عقد الفقار) منصوب على التشبيه بالمفعول به، والأصل: عجز مؤيد عقد فقارها.
(28) جعل قوائمها عوجا لأن اعوجاجهن أسرع لها. عولي: يريد أن لحمها قليل، وأنها عصب مدمج، وأن اللحم معالى فوقها.
(29) المروع: المفزع، يريد فؤادها. الشهم: الحديد. أراد: إذا رفع السوط فزعت وفزع قلبها فأفزعها.
(30) الحاذان: اللحمتان في ظاهر الفخذين، أراد أنها تسد ما بين حاذيها بذنبها لكثرته. عقمت: لم تحمل فزاد ذلك في قوتها. فناعم نبته: أحسن العقم نبات ذنبها وغذاءه.
(31) المنسم: بفتح الميم وكسر السين: طرف خف البعير. المواقع: المطارق، الواحدة ميقعة، شبه المناسم في صلابتها بالمطارق. معر: جمع أمعر، وهو قليل الشعر. الأشاعر: جمع أشعر، وهو ما أحاط بالخف أو الحافر من الوبر أو الشعر. الدرم: جمع أدرم، من قولهم كعب أدرم، إذا لم يتبين حجمه لكثرة اللحم.
(32) تقيل: من القيلولة. أراد كعب أدرم، إذا لم يتبين حجمه لكثرة اللحم.
(32) تقيل: من القيلولة. أراد أنها مكرمة لا تترك ترود. الكناس: مأوى الظبي. الضالة: السدرة البرية.
(33) تريكة السيل: الصخرة التي يأتي بها السيل. شفا المسيل: طرفه. الرضم: الحجارة المجتمعة بعضها إلى بعض.
(34) بليتها: أبليتها وأهلكتها من كثرة السفر. أؤديها: أردها. رم العظام: مأخوذ من الرمة والرميم وهو العظم البالي وهذا الحرف لم يذكر في المعاجم وإنما أراد المبالغة فأفرط لأن الرمة والبلى لا يكونان إلا بعد الموت.
(36) يكرب: يدني. يريد أن الفقر عليه مثل الموت.
(37) يطير عفاؤها: يذهب وبرها من السمن. الأدم: الإبل الخالصة البياض.
(38) المشقر: حصن بالبحرين. العصم: الوعول، واحدها أعصم. يريد أن الهضبة عالية لا ترقاها الوعول.


  #3  
قديم 11 شعبان 1432هـ/12-07-2011م, 06:41 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات لابن الأنباري

وقال المخبل السعدي

1: ذكر الرباب وذكرها سقم.......فصبا وليس لمن صبا حلم
لم يزد أبو عكرمة على اسمه ولم يرفع في نسبه، قال أحمد: هو أبو يزيد والمخبل لقبه، واسمه ربيع بن مالك بن ربيعة بن قتال بن أنف الناقة بن قريع بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر، وأنف الناقة اسمه جعفر، وإنما سمي جعفر أنف الناقة لأن أباه قريعًا نحر حزورًا فأخذ جعفر بأنف الناقة يجر رأسها إلى المنزل فسمي بذلك، قال أحمد: الرباب بنت عوف بن مالك بن ربيعة بن قتال بن أنف الناقة بن قريع، (الصبا) والصبوة: الرقة، تصابيت أي: رققت، وفعلت كما يفعل الصبيان، ومن فعل ذلك فليس بحليم.
2: وإذا ألم خيالها طرفت.......عيني فماء شؤونها سجم
ويروى طرفت، و(خيالها): شخصها، الذي يرى في منامه، وقوله (طرفت) أي: كأن طرفة أصابتها، فهي تسيل من الشوق عند رؤيته خيالها، و(الشؤون) مواصل قبائل الرأس، الواحد شأن مهموز، والدموع تجري من الشؤون إلى العينين، قال أوس بن حجر:
لا تحزنيني بالفراق فإنني.......لا تستهل من الفراق شؤوني
يقول لا أبكي وأصله الصوت، والاستهلال: شدة صوت المطر، ومنه استهل الصبي، واستهل بالعمرة، وقال سجم فجعل المصدر اسمًا، وكان القول ساجمًا، ومثل ذلك: إن لسانك لسح بالشر، وإنما هو يسح بالشر سحًا فجعل المصدر اسمًا، ومثله قول الشاعر: تنتح ذفراه بماء صب، والوجه بماء منصب، فسماه بالفعل.
وكذلك ماء غور وإنما هو غار يغور غورًا، وإنما كان غائرًا، ويقال ماء سكب وتمر بث أي متفرق، ومنه قول عبيد الله بن قيس الرقيات: تغدو جفانه رذمًا، إنما هو ترذم جفانه رذمًا، ويقال دموعه سجم، وجفنته رذم ورذم تقطر، و(تسجم): تسيل، وكذلك أذن حشر إنما هو حشرت حشرًا، غيره ويروى (طرفت) وطرفت أي طرفت هي عيني، ويروى (سجم)، قال وقال الفراء سجم بفتح السين ههنا أحب إلي ومن ضم فإنه جمع سجام ثم خفف، ويكون جمع سجوم ثم جمعه سجم ثم خفف.
3: كاللؤلؤ المسجور أغفل في.......سلك النظام فخانه النظم
(المسجور): المصبوب صبًا، يقال شعر منسجر إذا كان مسترسلاً، غيره: المسرود، قال وروى الفراء المسرو، وليس بشيء، قال ورواها الأصمعي المسجور، وقال هي الرواية وهو المنحدر، ويقال المنثور وقال أيضًا (المسجور): المتوقد.
4: وأرى لها دارًا بأغدرة.......السيدان لم يدرس لها رسم
أي: لم يذهب كله و(السيدان): وراء كاظمة، و(الرسم): الأثر بلا شخص، غيره: السيدان أرض لبني سعد، قال جرير:
أنسيت ويل أبيك غدر مجاشع.......ومجر جعثن ليلة السيدان
وقال أيضًا: على حفر السيدان لا قيت خزية، وإذا (لم يدرس الرسم) كله كان أشد لحزننا، قال ابن أحمر:
ألا ليت المنازل قد بلينا.......فلا يرمين عن شزن حزينا
5: إلا رمادًا هامدًا دفعت.......عنه الرياح خوالد سحم
كأنه قال وأرى لها (رمادًا هامدًا)، وإنما همد لطول مكثه، و(الهامد): الخامد، يقال همدت النار وقد أهمدتها أنا إذا خمدت وأخمدتها، ومنه قولهم أهمد الشأن أي أمته، ومنه قول رؤبة:
لما رأتني راضيًا بالإهماد.......كالكرز المشدود بين الأوتاد
ويروى المربوط، و(خوالد) يعني: الأثافي، هي بواق، و(السحمة) لون يضرب إلى السواد، ويقال بل أكذب نفسه كأنه قال وأرى رمادًا حائلاً لم يدرس، غيره: يقول درست رسومها إلا هذا الرماد فإنه لم يدرس على الاستثناء، وأنشد:
من كان أسرع في تفرق مازن.......فلبونه جربت معًا وأغدت
ويروى فالج وهي الرواية.
إلا كناشرة الذي ضيعتم.......كالغصن في غلوائه المتنبت
أراد وكناشرة الذي ضيعتم، قال ومثله: {إلا قوم يونس}، يريد والله أعلم وقوم يونس، قال: وقال أبو عبيدة قوله إلا رمادًا هامدًا معنى إلا الواو، أراد ورمادًا، وأنشد: من كان أسرع في تفرق مازن، البيتين قال أراد وناشرة، وأنشد أيضًا:
من مبلغ كسرى إذا حيينه.......عني قوافي عارمات شردا
إلا كخارجة المكلف نفسه.......وابني قبيصة أن أغيب ويشهدا
أراد وكخارجة وابني قبيصة، وقال ابن الأعرابي معنى إلا الاستثناء وقال ورسومها فيها بقية إلا أن الرماد ذهبت به الرياح، وقال: قوله (دفعت) أي كانت الأثافي قد دفعت عنه ثم أذهبته الرياح.
6: وبقية النؤي الذي رفعت.......أعضاده فثوى له جذم
(النؤي): الحاجز الذي يرفع حول البيت لئلا يدخله الماء، ويقال (النؤي): الحفيرة تحفر حول الخيمة لترد الماء عنها، وجمعه أنآء ونؤي، وأعضاد النؤي جوانبه، و(ثوى): أقام يقال ثوى يثوي وأثوى يثوي، و(الجذم) البقية تبقى من الشيء، قال الفراء: واحد الأعضاد عضد بالفتح.
7: فكأن ما أبقى البوارح وال.......أمطار من عرصاتها الوشم
ما بمعنى الذي، (البوارح): الرياح الشداد من الشمال خاصة، وهي من رياح الصيف، و(عرصات) الدار ساحتها والواحدة عرصة، و(الوشم) الخضرة تكون في اليد، وقال الأصمعي: العرصة جوبة منفتقة ليس فيها بناء فإذا حصل فيها بناء، فليست بعرصة، وقال (البوارح): جمع بارح وهو هائج يهيج في الصيف بريح شديدة، غيره البوارح: رياح حارة وهي رياح الصيف.
8: تقرو بها البقر المسارب.......واختلطت بها الآرام والأدم
قال أحمد: (اختلطت بها الآرام والأدم) أراد أن هذه الدار بين الرمل والجلد، فهو أعذى ما يكون وأطيبه وأعذب للماء وأطيب، وقد (اختلطت) فيها ظباء الجبال وظباء الرمل، ومنه قول ذي الرمة يصف الماء وطيبه وعذاءه:
تنزل عن زيزاءة القف وارتقى.......عن الرمل وانقادت إليه الموارد
لقى بين أجبال وجرعاء قابلت.......جبالاً بهن الجازئات الأوابد
يعني أن هذا الماء تنزل أي سال على زيزاءة القف، أي على الغلظ والارتفاع، وارتفع عن الرمل، وانقادت إليه الموارد صارت الطرق إليه، بهن تلك الأماكن، وقيل اختلطت بها الآرام يقول استوحش المكان فألفته الوحش، و(تقرو): تتبع، يقال خرج الرجل يقرو الأرض ويتقرى الناس ويتتبعهم، و(المسارب): المراعي، يقال: سرب يسرب إذا سرح فهو سارب، قال الشاعر:
وكل أناس شددوا قيد فحلهم.......ونحن خلعنا قيده فهو سارب
ويروى قاربوا قيد فحلهم، و(الآرام): الظباء البيض البطون السمر الظهور، و(الأدم): الظباء االبيض، يريد أن الموضع قد خلا فاجتمعت فيه الظباء والبقر، كما قال زهير:
بها العين والآرام يمشين خلفة.......وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم
ومجثم أيضًا، غيره: (الآرام): ظباء بيض البطون عفر الظهور طوال الأعناق، قال أحمد: (الآرام) الظباء البيض ومساكنها الرمال وأنشد لذي الرمة:
من المؤلفات الرمل أدماء حرة.......شعاع الضحى في متنها يتوضح
ولم يقل يعقوب في الأدم سوى أن قال: هي بيض البطون سمر الظهور يفصل بين لون بطونها وظهورها جدتان مسكيتان، ولم يذكر الجبال والرمال ولا بلاد قيس وهذيل ولا تميم، قال أحمد: وسألنا عن الأدم من الظباء أبو أيوب ابن أخت الوزير، فقال يعقوب هذا القول، فقال لي أبو أيوب: ما تقول؟، فقلت: هذه التي وصفها يعقوب مساكنها الجبال في بلاد قيس وهذيل وأما الأدم التي في بلاد تميم فهي خوالص البياض ومساكنها الرمال، فأنكر ذلك ولم يعرفه، واستأذن أبو عبد الله بن الأعرابي على أبي أيوب ونحن عنده على ذلك، فقال أبو أيوب: قد جاءكم من يفصل بينكم، فأذن له فدخل فقال له: يا أبا عبد الله ما تقول في الأدم من الظباء؟ فحكى ما قاله يعقوب كأنه نطق عن لسانه، فقال له يعقوب: قل لهذا الذي يكابر، فقلت له: يا أبا عبد الله ما تقول في قصيدة ذي الرمة صيدح فقال: هو بها أعرف منها به، فقلت: هو الذي يقول:
من المؤلفات الرمل أدماء حرة.......شعاع الضحى في متنها يتوضح
فأطرق، ثم قال: هي العرب تقول ما شاءت، وقالوا تقرو تتبع، قالوا: والبقر التذكير فيها أكثر.
قال وفي قراءة ابن مسعود: {إن البقر تشابَهَ علينا}، قال: وقد قرأها بعضهم: (إن البقر تشابَهُ علينا) على التأنيث.
9: وكأن أطلاء الجآذر والغزلان.......حول رسومها البهم
(الجآذر): جمع جؤذر وهو الصغير من أولاد البقر، يقال جؤذر وجؤذر وبرغز وفز، قال زهير:
كما استغاث بسيء فز غيطلة.......خاف العيون فلم ينظر به الحشك
ويقال له فرقد وبحزج، فيقول: كأن صغار الجآذر وصغار الغزلان حول رسوم هذه الدار البهم، وهي صغار أولاد المعزى الواحدة بهمة، ومن روى الغزلان بالنصب لم يرد صغار الغزلان ونسق بالغزلان على الأطلاء، قال أحمد: أراد الأطلاء من الجآذر والغزلان لأنه جعل للجاذر والغزلان أولادًا، غيره: أطلاء الجآذر كقولك أطفالها صغارها، قال: والبهم أولاد المعز، ويقال البهم صغار الشاء كله، وقال الفراء: أولاد الضأن سواء.
10: ولقد تحل بها الرباب لها.......سلف يفل عدوها فخم
قال الأصمعي: كانت العرب إذا أرادت التحول تقدم السلف على الخيل و(السلف) الخيل المتقدمة فنفضوا الطريق وأصلحوه حتى تأتي الظعن، والنفيضة والنفائض: الربايا الذين ينفضون الطريق كقول الشاعر:
يرد المياه حضيرة ونفيضة.......ورد القطاة إذا اسمأل التبع
(الفخم): الضخم، قال: وليس هذا البيت يعني، ولقد تحل في رواية المفضل، ورواه أبو عكرمة وغيره، قال أحمد: الحضيرة القوم يتقدمون أمام الجيش حيث يريد على المحجة، والنفيضة يعدلون يمنة ويسرة.
11: بردية سبق النعيم بها.......أقرانها وغلا بها العظم
قوله سبق النعيم بها أقرانها، أي زاد النعيم في شبابها حتى ارتفعت على قرائنها في السن، (وغلا بها) ارتفع، وغلاء السعر ارتفاعه، ومنه قول قيس بن الخطيم:
بيضاء أعجلها الشباب لداتها.......موسومة بالحسن غير قطوب
ومنه قول الآخر:
لم تلتفت للداتها.......ومضت على غلوائها
ومثله قول الآخر:
بنات لبونها عثج إليه.......يسفن الليت منه والقذالا
ومثله في صفة النخلة:
بنات بناتها وطوال أخرى.......صواد ما صدين وقد روينا
ويروى وبنات أخرى، غيره: ويروى: بردية سبق الشباب بها، أترابها وغلا به عظم، أي كبرت قبل لداتها وصواحبها، ويروى: و(غلا بها) جسم.
12: وتريك وجهًا كالصحيفة لا.......ظمآن مختلج ولا جهم
شبهه بالصحيفة لملاسته ولينه، و(الظمآن): القليل الماء، و(المختلج): القليل اللحم، و(الجهم): الكثير اللحم البشيع، أراد هو لا ظمآن ولا جهم، غيره: ظمآن لا ماء فيه، و(مختلج): ضامر، يقال أصبح فلان مختلج الوجه يابسه، و(الجهم): السمج القبيح، وقد قيل مختلج يختلج، وقيل المختلج الذي ليس بمستو ولا أملس، ويقال: بقي غير مختلج القفاف، يعني صعودًا وهبوطًا، قال أحمد: مختلج كأنه لم يكمل خلقه، يقال ناقة خلوج إذا ألقت ولدها لغير تمام.
13: كعقيلة الدر استضاء بها.......محراب عرش عزيزها العجم
(عقيلة) كل شيء خيرته، وجمعها عقائل، ثم جعلها يستضاء بها، و(المحراب): صدر المجلس وهو الغرفة أيضًا وأنشد:
ربة محراب إذا جئتها.......لم أدن حتى أرتقي سلمًا
و(العجم) العجم، ورفع العجم بفعلهم، أراد استضاء بها العجم بمحرابهم، وإنما صيرها يستضاء بها لضوئها، وأراد بالعجم الملوك.
14: أغلى بها ثمنًا وجاء بها.......شخت العظام كأنه سهم
(أغلى بها ثمنًا) أي: اشتراها بثمن كثير، و(شخت العظام): دقيقها، يعني غائصًا جاء بهذه الدرة، وقوله (كأنه سهم) من سرعته ومضائه، غيره أغلى بها يعني العزيز كأنه سهم يعني من دقته.
15: بلبانه زيت وأخرجها.......من ذي غوارب وسطه اللخم
قال الفراء: (اللخم): الضفادع، غير الفراء: (اللخم): دابة في البحر معروفة، اللبان: الصدر وإنما جعل الزيت على صدره لجفوفة ماء البحر وملوحته، وقوله (من ذي غوارب) أي: من البحر، و(الغوارب): أعلى الأمواج وقيل (اللخم): ضرب من السمك وقالوا: هي سمكة عظيمة وجمعها ألخام.
16: أو بيضة لدعص التي وضعت.......في الأرض ليس لمسها حجم
يقول هذه المرأة كدرة أو (بيضة) نعام و(الدعص): الجبيل من الرمل والجمع الدعصة، و(الحجم): النتوء، يقول هي ملساء، غيره: كل ما ندر فهو حجم، يقول ليس لها شيء ناتئ، يقال حجم ثديها إذا استبان من وراء الثوب يحجم حجما، يقول لا يستبين لثديها شخص ولا يوجد له مس، أي هي درماء لا يمس لها عظم.
17: سبقت قرائنها وأدفأها.......قرد الجناح كأنه هدم
قوله (سبقت قرائنها) يقول هي أول بيضة باضت النعامة، والشعراء تصف بذلك، قال امرؤ القيس:
كبكر المقاناة البياض بصفرة.......غذاها نمير الماء غير محلل
و(القرد): المتكاثف من الريش، و(الهدم): الكساء الملقى وجمعه هدوم وأهدام، قال أحمد: حرق الجناح وأنكر قرد، وروي: وألجأها * قرد كأن جناحه هدم، (قرد) متعقد، و(الهدم) الكساء المرقوع، قال وقوله (سبقت قرائنها) أي فاقت شرواها من البيض، والشروى المثل والشبه، قال الشاعر:
ولعمري لئن جزعت عليه.......لقليل شرواه فيما أطوف
أي مثله وشبهه، وقال هدم وأهدام أي أخلاق الثياب، ويقال سبقت قرائنها كانت أولهن بكرت وأسرعت، قال أحمد: إنما سبقت قرائنها في الخلق لا في الميلاد، وقال يستحب للبيضة أن تكون بكرًا وتوصف بذلك، ومقاناة مخلوط بياضها بصفرة، والقرد الجناح الذي ليس بمنبسط.
18: ويضمها دون الجناح بدفه.......وتحفهن قوادم قتم
أي يضم الظليم البيضة بجناحه إلى دفه يكنها، و(الدف): الجنب، و(القوادم): أوائل الريش من الجناح.
(وتحفهن) أي: تكون حولهن، و(القتم): الغبر، اشتق اسمها من القتام وهي الغبرة، ويروى: بزفه ويحفهن، ويروى: فيضمها دون الجناح له * وتحفهن.
19: لم تعتذر منها مدافع ذي.......ضال ولا عقب ولا الزخم
قوله (لم تعتذر منها) أي لم تدرس من آثارها هذه المواضع وتتغير، يقال قد اعتذر هذا المكان إذا درس ما فيه من أثر، قال عمرو بن أحمر:
أم كنت تعرف آيات فقد جعلت.......أطلال إلفك بالودكاء تعتذر
أي تدرس، وذو ضال موضع ينبت السدر نسبه إليه، والضال من السدر ما لم يشرب الماء، وقوله: (لم تعتذر منها مدافع ذي * ضال)، لأنهم ينزلون مدافع الماء إلى الأودية، (وعقب والزخم) موضعان، غيره. وقال أحمد: لم تعتذر أي هي بينة لم تدرس، ولم تتغير عن حالها، ويقال تعذرت عليه البلاد إذا تغيرت، وقد قيل الاعتذار أن لا ترى بها أحدًا، ويقال هذا المحل معتذر من فلان إذا كان لم ينزل به قط، وروى أحمد: عقب ولا الرخم، وروى المفضل: عقب ولا الزخم، ويقال هي أماكن، وقوله منها أي من المرأة، لم تعتذر والاعتذار أن تقوى وتعفو عنه، كما تقول تعذر علي كذا وكذا إذا لم تصبه، قال الأعشى: وألهت خيله عذراتها، واحدتها عذرة يعني غيبة الخيل عنه، يقال اعتذر منه عذرة يا فتى إذا غاب عنه، كقولك: ألهاني عنك كذا وكذا إذا لم تشهده، وقال الفراء: لم تعتذر منها من قولهم ألا تعتذر لي من فلان فعل كذا تلومه، وقال عقب أرض وذو ضال أرض من أرض بني عوف معروفة، وأنشد: بأسفل ذي ضال نعاما منفرًا. ويقال لم تعتذر: لم تدرس آثارها.
20: وتضل مدراها المواشط في.......جعد أغم كأنه كرم
أي (تضل المدرى) في الشعر لكثرته، و(الأغم): الشعر الكثير، وأصله الغمم، وهو أن يسيل الشعر من كثرته في الوجه والقفا، يقال رجل أغم وامرأة غماء والمصدر الغمم، قال الشاعر:
فلا تنكحي إن فرق الدهر بيننا.......أغم القفا والوجه ليس بأنزعا
وإنما قال (جعد) لأن الجعد لا يكون إلا قليلاً فإذا كان كثيرًا فهو غاية مدحه، شبهه بالكرم لكثرته، غيره: إنما شبهه بالعناقيد من سواده وجعودته، ويروى في سبط أغم، ويروى في جثل أغم، وإنما يريد كثرة شعرها.
21: هلا تسلي حاجة علقت.......علق القرينة حبلها جذم
قال أحمد: قوله (حبلها جذم) من جعل الألف والهاء للحاجة يقول: اقطع هذه المرأة إذا كان حبها منقطعًا، ومن جعلها للقرينة فهو أشد ما يكون، لأنهما قرنا في حبل قصير فقد خنقهما لأنه جذم أي قطعة حبل، فيقول: تسلها إذا غمتك كما غمت هذه القرينة في الحبل القصير، والسلوة رخاء العيش ونعمته، يقول لما لا تصير إلى نعمة من حاجتك يعني حبك إياها الذي قد علق بك ولزمك لزوم هذه القرينة قرينتها التي قرنت معها في حبل قصير وهو أشد للزومها، والجذم: قطعة من الحبل وإذا كان الحبل قصيرًا جذمًا كان أشد لتداني القرينتين، غيره: يقول قد لزمتك هذه الحاجة لزوم هذه القرينة صاحبتها في حبل قصير، ويروى لولا تسلي، أي هلا، ويقال علق القرينة، يقول علقتك علق القرينة، حبلها جذم من سائر الناس، أي: منقطع. ويقال: حبلها جذم منقطع فما لك لا تقطعها كما قطعتك، قال الفراء حبلها منقطع منك وأنت بها معني.
22: ومعبد قلق المجاز كبا.......ري الصناع إكامه درم
قال أحمد: كباري الصناع يعني: الطريق، كأنه باري منسوج، المعبد الذي قد وطئ فيه وذلل حتى ذهب نبته، ومن ذلك البعير المعبد وهو الذي كثر به الهناء حتى ذهب وبره، وقوله قلق المجاز، يقول من أراد أن يجوزه فليس فيه معرس، كما قال الشاعر: عافي الأياديم بلا اختلاط، وكما قال الآخر:
إذا اضطربت رحال القوم شدت.......ولا يثنى لقائمة وظيف
يقول إذا اضطربت رحالهم شدوها وهم يسيرون، وإذا ظلع عليهم بعير لم يثنوا وظيفه أي لم يقبلوا خفه من العجلة، ومثله قول ابن احمر: ولا يعدلن من ميل حلالا. الحلال: مركب من مراكب النساء.
وقوله كباري الصناع، شبه الطريق بالحصير في استوائه، كما قال العجاج: في لاحب تحسبه حصيرًا، والأياديم جمع إيدامة وهو المستوي الغليظ، و(الصناع): الحاذق من الرجال بعمله، ويكون للمرأة أيضًا، وأنشد قول ضخر الغي:
ولا أرقعنك رقع الصديع.......لآءم فيه الصناع الكتيفا
الكتيف: الضبة، الصناع ههنا الرجل، وقوله إكامه درم الإكام جمع أكمة وهو النشز من الأرض.
ويقال كعب أدرم إذا كان اللحم قد واراه فلم يوجد له حجم، يقول إكامه مستوية بأرضه، فهو أضل له، غيره: قلق المجاز، يقول من أراد أن يجوزه فليس فيه معرس، يقال قلق المجاز أي لا يستقر فيه من سلكه أي ينجو ويسرع، كما قال العجاج: ومهمه هالك من تعرجا، يريد هو هالك المتعرجين، قال أحمد: المعنى لا أكمة فيه، كقول ذي الرمة: درم حدورها، أي لا حدر بها، وقال في قوله: عافي الأياديم بلا اختلاط، أي: لم يختلط فيه آثار الأقدام فيستبين.
23: للقاربات من القطا نقر.......في حافتيه كأنها الرقم
الرقم: الدارات، ويروى في جانبيه، و(القاربات): التي تقرب الماء والقرب أن يكون بينها وبين الماء ليلة.
و(النقر): الأفاحيص، وهي المواضع التي تبيض فيها، يعني أنها تتخذ النقر لبعد هذا الماء في هذا الموضع، كما قال خفاف بن ندبة:
ومعبد بيض القطا بجنوبه.......ومن النواعج رمة وصليب
ويروى نقر القطا، وأنشد في النقر:
يا لك من مقبرة بمعمر.......خلا لك الجو فبيضي واصفري.......ونقري ما شئت أن تنقري
أي عششي، شبه النقر التي تبيض فيها بالرقم، وهي الدارات، قال أحمد يقول: من بعد هذا الماء تقصده القطا ولا تلحقه حتى تبيت في الطريق فتأكل من الأرض وتعرس، لأنها تجوع إلى أن تصل إليه، قال: وقوله للقاربات مثله بيت ابن مقبل في المبالغة:
إذا الجونة الكدراء باتت مبيتها.......أناخت بجعجاع جناحًا وكلكلا
ومثله بيت أوس:
فأوردها التقريب والشد منهلا.......قطاه معيد كرة الورد عاطف
24: عارضته ملث الظلام بمذ.......عان العشي كأنها قرم
(عارضته) أخذت في عرضه أي أسير بإزائه كما قال المثقب العبدي:
ورحت بها تعارض مسبطرًا.......على زيزائه وعلى الوجين
ويروى: على صحصاحه وعلى المتون، أي: تسير بإزائه كأنه اختصر الطريق، وإنما عارض الطريق مخافة أن يضل، والإذعان الإجابة في السير. فيقول: تذعن ولا تمتنع من كلال وملث الظلام اختلاطه، وملس الظلام في معناه يريد أنه يستر كما قال ربيعة بن مقروم:
ومطية ملث الظلام بعثتها.......تشكو الكلال إلى دامي الأظلل
و(المذعان): التي قد أذعنت للسير وصبرت له واعترفت به، وإنما قال بمذعان العشي يريد أن سير النهار لم يكسرها، والقرم والمقرم المتروك من العمل المودع للفحلة، ويقال عارضته أي كان على غير الطريق فعارضه، يعني جاز إليه حتى صار إليه. قال الفراء ملث الظلام، وملس الظلام وجنح الظلام واحد، وقد جنح يجنح جنوحًا وأجنح أيضًا، قال: ولم أسمع في ملس وملث شيئًا، ويقال في قوله بمذعان العشي، يقول يبكر ويدلج عليها بالسير، فإذا كان العشي أذعنت وخضعت، قال أحمد: مذعان مطيعة سهلة السير، وذلك أن الإبل إذا كلت ضعف سيرها، يقول فهذه ليست كذلك.
25: تذر الحصى فلقًا إذا عصفت.......وجرى بحد سرابها الأكم
يقول: إنها تكسر الحصى لصلابة مناسمها وشدة وقعها، وعصفت اشتد عدوها كما تعصف الريح، وهي عاصف ومعصفة، وقوله: (وجرى بحد سرابها الأكم)، أي يخيل إليك أنها تجري، وإنما أراد أنه يسير في وقت الحر الذي يشتد فيه السير، وقال الفراء حد السراب مثل حد الدار حيث حد الدار حيث نال.
غيره: حد السراب أوله قبل نصف النهار وهو أول ما يحمى النهار ويشتد الحر، قال أحمد: المعنى وجرى السراب بحد الأكم.
26: قلقت إذا انحدر الطريق لها.......قلق المحالة ضمها الدعم
ويروى الدعم، يقول لما انحدرت عن الصعود قلقت في عدوها، و(القلق): السير الحثيث، والمحالة: البكرة، وقوله (ضمها الدعم) أي ضمت إليها أداتها يستقى بها، شبهها بالبكرة يستقى بها، كما قال زهير: فتعرككم عرك الرحى بثفالها، أي وهي طاحنة، لأن الثفال لا يكون تحت الرحى إلا وهي تطحن، غيره: انحدر الطريق لها أي ذهب عنها الصعود واستمكنت من الحدور، أي قلق المحالة وأداتها معها قد هيئت للعمل، والقلق: الحثيث، وقال الدعم العودان اللذان اكتنفا البكرة، ويروى بها، قال أحمد: إنما أراد أنها تسير كما تجري البكرة على البئر في السرعة، وقال الفراء: (المحالة): بكرة لم تجد صنعتها ولم تصلح نعما، و(المحالة): فقرة الظهر والجماع الفقر والمحال، قال وبنو سعد يقولون مؤيدة عقد الفقار، مكسورة الفاء، قال: ولم أسمع الفقار إلا نصبًا، قال: و(الدعم) كل ما دعمت به المحالة أو كل شيء. والنعامتان: الخشبتان اللتان على رأس البئر، والزرنوق: العارضة التي عليها تعلق البكرة.
27: لحقت لها عجز مؤيدة.......عقد الفقار وكاهل ضخم
أي: لم يخنها عجزها أشبهت عقد فقارها في الوثاجة، و(الفقار) جمع فقارة، ويستحب من خلق الفرس (ضخم)، (كاهله) وعجزه، غيره: أي لم يخذلها، ومؤيدة مشددة، والأيد والآد: القوة، وقوله (مؤيدة) عقد الفقار كما تقول: هذا شديد معقد الإزار، ومثله:
حتى غدت في بياض الصبح طيبة.......ريح المباءة تخدي والثرى عمد
أي: يجتمع ويلتزق، وإنما نصبت عقد الفقار حين نونت، وهو بمنزلة قولك مررت برجل حسنة عينه فالحسنة للعين، فإذا قلت: مررت برجل حسن عين المرأة نصبت لأنك جعلت الحسن للرجل فكأنك أوقعت الفعل على العين فنصبتها، والحسن هو للعين إلا أنه صار للرجل ههنا، وكذلك المؤيد للعقد فنقلته إلى العجز ونونت فانتصب العقد.
28: وقوائم عوج كأعمدة الـ.......ـبنيان عولي فوقها اللحم
شبه (قوائمها بأعمدة البنيان) لطولهن، وجعلهن عوجًا لأن إعوجاجهن أسرع لهن ونفى أن يكون قسطًا جوامد، وقوله (عولي فوقها اللحم) يريد أن قوائمها تحصنت وأن لحمها قليل، وإنما هي عصب مدمج وأن اللحم معالى فوقها، غيره قال: جعل قوائمها ليست بقسط أي يابسة، هي مفروشة قال: والقسط الاستقامة في الرجل واليبس فيها يقال بعير أقسط وناقة قسطاء، والفرش أن يكون فيها إنحناء، وإذا أفرط الفرش صار عقلاً وعيب، قال النابغة الجعدي: مفروشة الرجل فرشًا لم يكن عقلاً، قال قوله (فوقها اللحم) يقول اللحم على رؤوس العظام، ومما يستحب أن يقل لحم القوائم، ويستحب إشراف الحارك وعظم العجيزة.
29: وإذا رفعت السوط أفزعها.......تحت الضلوع مروع شهم
ويروى بين (الضلوع)، (المروع) فؤادها، يريد حدته وذلك يستحب لها، كما قال ذو الرمة يصف نجيبًا:
يكاد من التصدير ينسل كلما......ترنم أو مس العمامة راكبه
و(الشهم): الحديد يقال شهم شهامة، أراد إذا رفع السوط فزعت وفزع قلبها (فأفزعها)، قال الفراء: أفزعها السوط ثم بدأ فقال: (تحت الضلوع مروع شهم) يعني القلب.
30: وتسد حاذيها بذي خصل.......عقمت فناعم نبته العقم
(الحاذان): اللحمتان في ظاهر الفخذين، أراد أنها تسد ما بين حاذيها بذنبها لكثرته.
قال الأصمعي: وقد أخطأ في صفته الذنب بالكثرة، ولم ير نجيب قط إلا وذنبه كذنب الأفعى، و(عقمت) أي: لم تحمل، فزاد ذلك في قوتها، غيره: قل ما رأيت مهريًا إلا رأيت ذنبه أعصل كأنه ذنب أفعى، وكذلك وأسحم ريان العسيب خطأ أيضًا والنعت الجيد.
فطار بكفي ذو خراش مشمر.......قليل ذلاذيل العسيب قصير
ويستحب في ذوات الحلب سبوغ الأذناب وكثرة هلبها، يقول لم تحمل فيكسرها الحمل، فنبته ناعم يعني الذنب ذو خراش: يعني المخرش الذي يحرك به البعير إذا أبطأ في سيره.
قال الفراء: سمعت عقمت وعقمت، قد عقمت فهي معقومة وعقمت فهي تعقم ولم تسمع عقمت ولا عقمت، وقالوا: عقرت فهي تعقر عقرًا وعقرًا وهي عاقر بينة العقر، وربما قالوا عقرت، ويقال عقر الرجل إذا أراد الأمر فأرتج عليه فبهت، يقال: بُهِت الذي كفر وبَهَت، ويقال للكلب قد غزل إذا أمكنه الغزال، فتركه لذاك وعقر، وقال آخر: عقمت أجودها وعقمت، وكذلك عقرت فيها ثلاث لغات.
31: ولها مناسم لا كالمواقع لا.......معر أشاعرها ولا درم
ويروى ولا كزم و(المنسم): طرف خف البعير، و(المواقع): المطارق الواحدة ميقعة، شبه المناسم في صلابتها بالمطارق، و(الأشعر): ما أحاط بالحافر من الوبر والشعر كالطرة، و(المعر): قلة الشعر، يقول: ليست أشاعرها كذلك، والدرم مأخوذ من قولهم كعب أدرم إذا لم يتبين حجمه لكثرة اللحم، فيريد أن مناسمها صلاب حداد، غيره: هي صلاب معر قد تحات شعرها، ويقال للرجل إذا افتقر حتى لا يبقى عنده شيء قد أمعر، ويقال ما أمعر من أدمن الحج والعمرة، قال: ودرم ههنا استعارة من قولهم مرفق أدرم لا يستبين عظمه وإنما أراد أنها لطاف كما قال: يقلبن المحارا، وكما قال الحارث بن حلزة:
أنمي إلى حرف مذكرة.......تهص الحصى بمواقع خنس
وهو يستحب من النجائب أن تقصر مناسمها وتغلظ، لأنها إذا غلظت وعرضت كانت عيبًا، قال: والميقعة واحدة المواقع، والميقعة: حجر أو مطرقة وكل ما يوقع به فهو ميقعة، يقال قع حديدتك فيقعها بين حجرين ويضربها بالميقعة وهو يقع الحديدة وقعًا، قال: وأسفل الرسغ هي الأشاعر، وهو كل شيء حجز بين الخف والحافر من فوقهما، وسمعت: اجعل الهناء في مشاعرها، وهي بطون الأوظفة والأرفاغ وما أشبهه، وهي الأشاعر أيضًا، وأطائب الجزور ومطائب. أبو عمرو بن ثعلب عن ابن الأعرابي وعن أبي نصر عن الأصمعي: الأطائب: من اللحم والمطائب من الفاكهة.
32: وتقيل في ظل الخباء كما.......يغشى كناس الضالة الرئم
قال أحمد: يصف ما هي عليه من الكرامة، (تقيل) من القائلة يقول: هي مقربة لا تترك ترود، هي في ظل الخباء كما تكون الظباء في كنس الضال، و(الضال): ما لم يشرب الماء من السدر، و(الرئم) الظبي الأسمر الظهر الأبيض البطن، غيره: (تقيل في ظل الخباء) لذلها وأنسها، كما قال:
وتشرب في العقب الصغير وإن تقد.......بمشفرها يومًا إلى الرحل تنقد
يريد أنها ذلول، و(الضالة) السدرة البرية، ويقال بل للألف والأنس بمكانها فهي لا تنفر.
33: كتريكة السيل التي تركت.......بشفا المسيل ودونها الرضم
(تريكة السيل): الصخرة التي يأتي بها السيل وهي التي تسمى أتان الضحل شبهها بها لصلابتها و(شفا المسيل): طرفه، و(الرضم): الحجارة المجتمعة بعضها إلى بعض، ومنه قيل للبعير قد رضم بنفسه إذا سقط من الإعياء، غيره: (التريكة): الصخرة يجرفها السيل فإذا ذهب معظمه بقيت وهي أتان الثميل، أي تركت في الماء فهو أصلب لها، قوله (ودونها الرضم) يريد قد انفردت من الحجارة، و(الرضوم): صخور عظام أمثال الجزر، وأصغر وأكبر يقع بعضها على بعض، يقال: بني فلان فرضم الحجارة رضمًا، وذلك إذا نضد بعضها فوق بعض، ومن ذلك قيل للبعير إذا رمى بنفسه فلم ينبعث، قد رضم بنفسه، وقال آخر (تريكة السيل): الصخرة كقول الآخر: أبرز عنها جحاف مضر، ويقال (تريكة السيل) الغثاء وما يجيء به السيل يقول: قد كلت وأعيت فهي بمنزلة ذلك.
وقال الفراء: (تريكة السيل): الصخرة، وقال الأصمعي: تريكة السيل كما قال الفراء.
34: بليتها حتى أؤديها.......رم العظام ويذهب اللحم
أي أذهب بمخها فتصير كأنها (رم) مما ذهب من مخها، ويروى وينفد (اللحم)، بليتها وأبليتها واحد.
وقوله (رم العظام) مأخوذ من الرمة والرميم، وإنما أراد المبالغة فأفرط لأن الرمة والبلى لا يكونان إلا من بعد الموت، وقال الأصمعي: هذا مثل قولهم تركت فلانًا ميتًا، وهو حي وتركت فلانًا هالكًا وإنما تريد ما به من الجهد، وكذلك قولهم ذهب ماله وهلك ولده، وإنما يريد مصيبة نزلت به، يقول الفقر يقارب الموت، غيره قال: بليتها وأبليتها بمعنى واحد، وأنشد قول ابن أحمر: وبليت أعمامي وبليت خاليًا، قال وقوله رم العظام أي: بالية العظام وهي التي لا مخ بها، كما يقال: تركت فلانًا ميتًا من العطش والضعف إذا ضعف ضعفًا شديدًا وليس بميت والمعنى أرتم عظامها يعني أتمششها، قال رؤبة: من سنة ترتم كل رم.
35: وتقول عاذلتي وليس لها.......بغد ولا ما بعده علم
36: إن الثراء هو الخلود وإ.......ن المرء يكرب يومه العدم
(يكرب): يدني، غيره: (الثراء): المال، وقوله (يكرب يومه العدم) يريد يساوي موته الفقر، والفقر عليه مثل الموت، وقال الأصمعي المعنى أن الفقر عدل الموت.
37: إني وجدك ما تخلدني.......مائة يطير عفاؤها أدم
(عفاؤها): وبرها يريد أنها سمان وذلك لأنها لامته على إنفاق ماله فقال: كثرة المال لا تخلدني.
قال عمرو بن أحمر:
هل يهلكني بسط ما في يدي.......أو يخلدني منع ما أدخر
أو ينسأن يومي إلى غيره.......أني حوالي وأني حذر
غيره: (العفاء): وبر الإبل، وشعر الحمار أيضًا عفاء، يقول: تسمن فيطير وبرها، كما قال رؤبة: طير عنها النسء حولي العقق، والأدم التي صدق بياضها فلم يخلطه لون غيره إلا أنها سود الحماليق والأشفار قوية البصر، هذا قول وقد مر تفسيره على حقه.
38: ولئن بنيت لي المشقر في.......هضب تقصر دونه العصم
(المشقر): قصر معروف بالبحرين، يقول لو بنيته لي على هضبة لم يحرزني ذلك من الموت. و(العصم): الوعول واحدها أعصم، سميت عصمًا لبياض في أيديها في موضع المعصم من الإنسان، قال المشقر قصر بالبحرين، كما قال أوس:
ولو كنت في ريمان يحرس بابه.......أراجيل أحبوش وأغضف آلف
إذًا لأتتني حيث كنت منيتي.......يخب بها هادٍ إلى الموت قائف
ويروى بإثري قائف، وقال العصم الوعول التي في أيديها ألوان تخالف لون سائر جسدها، غيره: بنيت
(لي المشقر) أي: مثل المشقر، والمشقر بيت منقور من حجارة بهجر، وهجر مدينة بالبحرين ومحلم يجري وراء هجر.
39: لتنقبن عني المنية إ.......ن الله ليس كحكمه حكم
قوله: (لتنقبن عني المنية) أي: لتطوفن عني المنية، قال الشاعر:
وقد نقبت في الآفاق حتى.......رضيت من الغنيمة بالإياب
أي طوفت، غيره: (لتنقبن) مأخوذ من قوله عز وجل: {فنقبوا في البلاد هل من محيص}
40: إني وجدت الأمر أرشده.......تقوى الإله وشره الإثم
تمت
[شرح المفضليات: 207-224]


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
21, قصيدة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:17 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir