دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > الأدب > المفضليات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 جمادى الآخرة 1431هـ/7-06-2010م, 03:28 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي 20: قصيدة الشنفرَى الأزدي: أَلاَ أُمّ عَمروٍ أَجْمعتْ فاستقَلّتِ = وما وَدعتْ جيرانَها إِذْ تَوَلّتِ

قال الشنفرى الأزدي:

أَلاَ أُمُّ عَمْروٍ أَجْمَعَتْ فاسْتقَلَّتِ = وما وَدَّعَتْ جِيرانَها إِذْ تَوَلَّتِ
وقد سَبَقَتْنَا أُمُّ عَمْروٍ بأَمرِها = وكانت بأَعْناقِ المَطِيِّ أَظَلَّتِ
بِعَيْنَيَّ ما أَمْستْ فبَاتتْ فأَصبحت = فقَضَّتْ أُمُوراً فاستقَلَّتْ فَوَلَّتِ
فَوَاكَبِدَا على أُميْمَةَ بَعْدَ ما = طَمِعْتُ، فهَبْها نِعْمةَ العَيْشِ زَلَّتِ
فيَا جارَتِي وأَنتِ غيرُ مُلِيمَة = إِذَا ذُكِرَتُ، ولاَ بِذَاتِ تَقَلَّتِ
لقد أَعْجَبَتْنِي لا سَقُوطاً قِناعُها = إِذا ما مَشَتْ، ولا بِذَات تَلَفُّتِ
تَبِيتُ بُعيدَ النَّوْمِ تُهْدِي غَبُوقَها = لِجارَتِها إِذَا الهَدِيّةُ قَلَّتِ
تَحُلُّ بِمِنْجَاةٍ مِن اللَّوْمِ بَيْتَها = إِذا ما بُيُوتٌ بالمَذَمَّةِ حُلَّتِ
كأَنَّ لهَا في الأَرضِ نِسْياً تَقُصُّهُ = على أَمِّها، وإِنْ تُكَلِّمْكَ تَبْلَتِ
أُميْمةُ لا يُخْزِي نَثَاهَا حَلِيلَها = إِذا ذُكِرَ النِّسْوَانُ عَفَّتْ وجَلَّتِ
إِذا هُوَ أَمْسَى آبَ قُرَّةَ عَيْنِهِ = مآبَ السَّعيدِ لم يَسَلْ أَيْنَ ظَلَّتِ
فَدَقَّتْ وجَلَّتْ واسْبَكَرَّتْ وأُكْمِلَتْ = فَلْوْجُنَّ إِنسانٌ من الحُسْنِ جُنَّتِ
فَبِتْنا كأَنَّ البَيْتَ حُجِّرَ فَوْقَنَا = برَيْحانِةٌ رِيحَتْ عِشاءً وطُلَّتِ
بِريْحانَةٍ مِن بَطْنِ حَلْيَةَ نَوَّرَتْ = لهَا أَرَجٌ، ما حَوْلهَا غيرُ مُسْنِتِ
وبَاضِعَةٍ حُمْرِ القِسِيِّ بَعَثْتُها = ومَنْ يَغْزُ يَغْنَمْ مَرَّةً ويُشَمَّتِ
خَرجْنا مِن الوَادِي الَّذِي بيْنَ مِشْعَلٍ = وبَيْنَ الجَبَا هَيْهاتَ أَنشَأْتُ سُرْبَتِي
أُمَشِّي على الأَرضِ التي لن تَضُرَّنِي = لأَِنْكِيَ قوماً أَو أَصادِفَ حُمَّتِي
أُمَشِّي على أَيْنِ الغَزَاةِ وبُعْدها = يُقَرِّبُنِي مِنها رَوَاحِي وغُدْوَتي
وأُمُّ عِيَالٍ قد شَهِدتُ تَقُوتُهُمْ = إِذا أَطَعَمْتُهْمْ أَوتَحَتْ وأَقَلَّتِ
تَخافُ علينا العَيْلَ إِنْ هي أَكثرتْ = ونحْنُ جِيَاعٌ، أَيَّ آلٍ تَأَلَّتِ
وما إِنَّ بها ضِنٌّ بما في وِعَائِها = ولكنَّها مِن خِيفِةِ الجُوعِ أَبْقَتِ
مُصَعْلِكَةٍ لا يَقْصُرُ السِّتْرِ دُونَها = ولاَ تُرْتَجَى للبَيْتِ إِن لم تُبَيِّتِ
لها وفْضةٌ فيها ثلاثونَ سَيْحَفاً = إِذا آنَسَتْ أُولَى العَدِيّ أقْشَعَرَّتِ
وتأْتِي العَدِيَّ بارِزاً نِصْفُ سَاقِها = تَجُولُ كَعَيْرِ العَانَةِ المُتَلَفِّتِ
إِذَا فَزِعُوا طارتْ بأَبيضَ صارِمٍ = ورامَتْ بِما فِي جَفْرِها ثُمَّ سَلَّتِ
حُسامٍ كلَوْنِ المِلْح صافٍ حَديدُهُ = جُزَارٍ كأَقطاعِ الغَدِيرِ المُنَعَّتِ
تَرَاها كأَذْنابِ الحَسِيلِ صَوَادِراً = وقد نَهِلَتْ مِنَ الدِّمَاءِ وعَلَّتِ
قَتَلْنَا قَتِيلاً مُهْدِياً بِمُلَبِّدٍ = جِمَارَ مِنىً وَسْطَ الحَجِيجِ المُصَوِّتِ
جَزَيْنا سَلاَمَانَ بنَ مُفْرِجَ قَرْضَها = بما قَدَّمتْ أَيديهِمُ وأَزلَّتِ
وهُنِّيءَ بِي قومٌ وما إِنْ هَنأْتُهُمْ = وأَصبحتُ في قومٍ وليْسوا بمُنْيَتي
شَفَيْنَا بِعَبْدِ اللهِ بَعْضَ غَلِيلِنَا = وعَوْفٍ لَدَى المَعْدَى أَوَانَ اسْتَهَلَّتِ
إِذا ما أَتَتْنِي مِيتَتي لم أُبالِهَا = ولم تُذْرِ خَالاتِي الدُّمُوعَ وعمَّتِي
ولو لم أَرْمِ في أَهْلِ َبْيِتِيَ قاعداً = إِذَنْ جاءَنِي بينَ العمودَيْنِ حُمَّتِي
أَلاَ لا تَعُدْنِي إِنْ تَشَكَّيتُ، خُلَّتِي = شَفَانِي بِأَعْلَى ذِى البُرَيْقَيْنِ غَدْوَتِي
وإِنِّي لَحُلْوٌ إِنْ أُرِيدَتْ حَلاَوَتِي = ومُرُّ إِذا نَفْسُ العَزُوفِ اسْتَمرَّتِ
أَبِيٌّ لِمَا آبى سَرِيعٌ مَباءَتِي = إِلى كلِّ نَفْسِ تَنْتَحِي في مَسَرَّتِي


  #2  
قديم 19 جمادى الآخرة 1432هـ/22-05-2011م, 06:11 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات للشيخين: أحمد شاكر وعبد السلام هارون

20


وقال الشنفرى الأزدي




1: أَلاَ أُمُّ عَمْروٍ أَجْمَعَتْ فاسْتقَلَّتِ = وما وَدَّعَتْ جِيرانَها إِذْ تَوَلَّتِ
2: وقد سَبَقَتْنَا أُمُّ عَمْروٍ بأَمرِها = وكانت بأَعْناقِ المَطِيِّ أَظَلَّتِ
3: بِعَيْنَيَّ ما أَمْستْ فبَاتتْ فأَصبحت = فقَضَّتْ أُمُوراً فاستقَلَّتْ فَوَلَّتِ
4: فَوَاكَبِدَا على أُميْمَةَ بَعْدَ ما = طَمِعْتُ، فهَبْها نِعْمةَ العَيْشِ زَلَّتِ
5: فيَا جارَتِي وأَنتِ غيرُ مُلِيمَة = إِذَا ذُكِرَتُ، ولاَ بِذَاتِ تَقَلَّتِ
6: لقد أَعْجَبَتْنِي لا سَقُوطاً قِناعُها = إِذا ما مَشَتْ، ولا بِذَات تَلَفُّتِ
7: تَبِيتُ بُعيدَ النَّوْمِ تُهْدِي غَبُوقَها = لِجارَتِها إِذَا الهَدِيّةُ قَلَّتِ
8: تَحُلُّ بِمِنْجَاةٍ مِن اللَّوْمِ بَيْتَها = إِذا ما بُيُوتٌ بالمَذَمَّةِ حُلَّتِ
9: كأَنَّ لهَا في الأَرضِ نِسْياً تَقُصُّهُ = على أَمِّها، وإِنْ تُكَلِّمْكَ تَبْلَتِ
10: أُميْمةُ لا يُخْزِي نَثَاهَا حَلِيلَها = إِذا ذُكِرَ النِّسْوَانُ عَفَّتْ وجَلَّتِ
11: إِذا هُوَ أَمْسَى آبَ قُرَّةَ عَيْنِهِ = مآبَ السَّعيدِ لم يَسَلْ أَيْنَ ظَلَّتِ
12: فَدَقَّتْ وجَلَّتْ واسْبَكَرَّتْ وأُكْمِلَتْ = فَلْوْ جُنَّ إِنسانٌ من الحُسْنِ جُنَّتِ
13: فَبِتْنا كأَنَّ البَيْتَ حُجِّرَ فَوْقَنَا = برَيْحانِةٌ رِيحَتْ عِشاءً وطُلَّتِ
14: بِريْحانَةٍ مِن بَطْنِ حَلْيَةَ نَوَّرَتْ = لهَا أَرَجٌ، ما حَوْلهَا غيرُ مُسْنِتِ
15: وبَاضِعَةٍ حُمْرِ القِسِيِّ بَعَثْتُها = ومَنْ يَغْزُ يَغْنَمْ مَرَّةً ويُشَمَّتِ
16: خَرجْنا مِن الوَادِي الَّذِي بيْنَ مِشْعَلٍ = وبَيْنَ الجَبَا هَيْهاتَ أَنشَأْتُ سُرْبَتِي
17: أُمَشِّي على الأَرضِ التي لن تَضُرَّنِي = لأَِنْكِيَ قوماً أَو أَصادِفَ حُمَّتِي
18: أُمَشِّي على أَيْنِ الغَزَاةِ وبُعْدها = يُقَرِّبُنِي مِنها رَوَاحِي وغُدْوَتي
19: وأُمُّ عِيَالٍ قد شَهِدتُ تَقُوتُهُمْ = إِذا أَطَعَمْتُهْمْ أَوتَحَتْ وأَقَلَّتِ
20: تَخافُ علينا العَيْلَ إِنْ هي أَكثرتْ = ونحْنُ جِيَاعٌ، أَيَّ آلٍ تَأَلَّتِ
21: وما إِنَّ بها ضِنٌّ بما في وِعَائِها = ولكنَّها مِن خِيفِةِ الجُوعِ أَبْقَتِ
22: مُصَعْلِكَةٍ لا يَقْصُرُ السِّتْرِ دُونَها = ولاَ تُرْتَجَى للبَيْتِ إِن لم تُبَيِّتِ
23: لها وفْضةٌ فيها ثلاثونَ سَيْحَفاً = إِذا آنَسَتْ أُولَى العَدِيّ أقْشَعَرَّتِ
24: وتأْتِي العَدِيَّ بارِزاً نِصْفُ سَاقِها = تَجُولُ كَعَيْرِ العَانَةِ المُتَلَفِّتِ
25: إِذَا فَزِعُوا طارتْ بأَبيضَ صارِمٍ = ورامَتْ بِما فِي جَفْرِها ثُمَّ سَلَّتِ
26: حُسامٍ كلَوْنِ المِلْح صافٍ حَديدُهُ = جُزَارٍ كأَقطاعِ الغَدِيرِ المُنَعَّتِ
27: تَرَاها كأَذْنابِ الحَسِيلِ صَوَادِراً = وقد نَهِلَتْ مِنَ الدِّمَاءِ وعَلَّتِ
28: قَتَلْنَا قَتِيلاً مُهْدِياً بِمُلَبِّدٍ = جِمَارَ مِنىً وَسْطَ الحَجِيجِ المُصَوِّتِ
29: جَزَيْنا سَلاَمَانَ بنَ مُفْرِجَ قَرْضَها = بما قَدَّمتْ أَيديهِمُ وأَزلَّتِ
30: وهُنِّيءَ بِي قومٌ وما إِنْ هَنأْتُهُمْ = وأَصبحتُ في قومٍ وليْسوا بمُنْيَتي
31: شَفَيْنَا بِعَبْدِ اللهِ بَعْضَ غَلِيلِنَا = وعَوْفٍ لَدَى المَعْدَى أَوَانَ اسْتَهَلَّتِ
32: إِذا ما أَتَتْنِي مِيتَتي لم أُبالِهَا = ولم تُذْرِ خَالاتِي الدُّمُوعَ وعمَّتِي
33: ولو لم أَرْمِ في أَهْلِ َبْيِتِيَ قاعداً = إِذَنْ جاءَنِي بينَ العمودَيْنِ حُمَّتِي
34: أَلاَ لا تَعُدْنِي إِنْ تَشَكَّيتُ، خُلَّتِي = شَفَانِي بِأَعْلَى ذِي البُرَيْقَيْنِ غَدْوَتِي
35: وإِنِّي لَحُلْوٌ إِنْ أُرِيدَتْ حَلاَوَتِي = ومُرُّ إِذا نَفْسُ العَزُوفِ اسْتَمرَّتِ
36: أَبِيٌّ لِمَا آبى سَرِيعٌ مَباءَتِي = إِلى كلِّ نَفْسِ تَنْتَحِي في مَسَرَّتِي



ترجمته: الشنفرى شاعر جاهلي من بني الحرث بن ربيعة بن الإواس بن الحجر بن الهنء بن الأزد بن الغوث. والشنفرى اسمه، وقيل لقب له، ومعناه عظيم الشفة. وهو ابن أخت تأبط شرا. وكان أحد الثلاثة العدائين، كما مضى في ترجمة تأبط شرا، وضرب المثل في العدو به، فقيل (أعدى من الشنفرى). و(الأواس) و(الحجر) بفتح أولهما وكسره. و(الهنء) بكسر الهاء وسكون النون وآخره همزة، وقيل (الهنو) بالواو، وقيل (الهنئ) بالتصغير.
جو القصيدة: أخذ الشنفرى أسير فداء بني سلامان بن مفرج، وهو غلام صغير، فنشأ فيهم، فلما أساؤا إليه وعلم بأمره غضب، وتوعدهم أن يقتل مائة رجل منهم، فقتل تسعة وتسعين، وكان ممن قتل منهم رجل يقال له حرام بن جابر، قتله بمنى حين أخبر أنه قاتل أبيه، وأشار إلى مقتله في البيت 28. وقد بدأ القصيدة بالغزل والتشبيب، وأبدع في وصف مشية صاحبته والتنويه بمحاسنها. ثم نعت قوته وشدة بأسه، ونوه بصديقه تأبط شرا، ونعت السيف. ثم أشار إلى ثأره من قاتل أبيه، وفخر باستهانته بالحياة، ومجازاته الخير والشر بمثلهما.
تخريجها: منتهى الطلب 2: 205-207 ما عدا الأبيات 5، 26، 28 وفيه بيتان زائدان على ما في الأنباري، أثبتناهما هنا برقمي 21، 33 وفي روايته اختلاف قليل في اللفظ والترتيب والأغاني 21: 90-91 ما عدا الأبيات 3، 5، 11، 15، 18 وفيه بيت زائد، وفي روايته خلاف كثير في الترتيب. والبيت 9 في الفصول والغايات 427، والمخصص 14: 27. والبيت 12 في الحيوان 3: 108. والبيت 22 في اللسان 17: 414. والبيت 28 في الخزانة 2: 18. وانظر الشرح 194-207.
(1) أجمعت: عزمت أمرها. استقلت: ارتحلت.
(2) سبقتنا بأمرها: استبدت واستأثرت به. وكانت: أي فجأتنا بالإبل حتى أظلتنا بها.
(3) يعيني: يأسف أن يرى رحيلها ولا حيلة له.
(4) زلت: ذهبت، من قولهم زل عمره: ذهب.
(5) مليمة: من قولهم (ألام) إذا أتى مما يلام عليه. تقلت: تبغضت، والتبغض: مقابل التحبب. وقوله: (ولا بذات تقلت) أي: ليست ممن يقال فيها أنها تقلت، فأضاف الفعل على تقدير: ولا بذات صفة يقال لها من أجلها تقلت فلانة. وهذا البيت لم يروه أبو عكرمة.
(6) يقول: لا يسقط قناعها لشدة حيائها، لا تكثر التلفت، فإنه فعل أهل الريبة.
(7) الغبوق: ما يشرب بالعشي. تهديه لجارتها، أي: تؤثرها به لكرمها. إذا الهدية قلت: أي في الجدب حيث تنفد الأزواد وتذهب الألبان.
(8) تحل بيتها: فعل متعد بنفسه، ويعدى أيضا بالحرف. المنجاة: مفعلة من النجوة، وهي الارتفاع.
(9) النسي: الشيء المفقود المنسي. تقصه: تتبعه. أمها، بفتح الهمزة: قصدها الذي تريده. يقول: كأنها من شدة حيائها إذا مشت تطلب شيئا ضاع منها، لا ترفع رأسها ولا تلتفت. تبلت: تنقطع في كلامها لا تطيله.
(10) النثا، بالقصر وتقديم النون على الثاء: ما أخبرت به عن الرجل من حسن أو سيء، يقال نثا الحديث والخبر: حدث به وأشاعه. حليلها: زوجها.
(11) آب: رجع. (قرة) مفعول، وقد وردت تعديته في شعر آخر في اللسان 1: 212 أو هو على نزع الخافض. لم يسئل أين ظلت، لأنها لا تبرح بيتها. قال الأصمعي: (هذه الأبيات أحسن ما قيل في خفر النساء وعفتهن، وأبيات أبي قيس بن الأسلت) وقد ذكرها الأنباري في الشرح 202.
(12) اسبكرت: طالت وامتدت.
(13) حجر: أحيط. ريحت: أصابتها ريح فجاءت بنسيمها. طلت: أصابها الطل، وهو الندى. وإنما قال (عشاء) لأنه أظهر لرائحة الرياحين.
(14) حلية: واد بتهامة، أعلاه لهذيل وأسفله لكنانة، وبطن حلية في حزن، أي أرض غليظة، ونبت الحزن أطيب من غيره ريحا. الأرج: توهج الريح وتفرقها في كل جانب. المسنت: المجدب.
(15) الباضعة: القاطعة، يعني قوما غزاة. حمر القسي: غزوا مرة بعد مرة بعد مرة فاحمرت قسيهم للشمس والمطر. بعثتها: بعثت هؤلاء وغزوت بهم. يشمت: من قولهم (شمته الله) أي: خيبه، و(الشمات) بكسر الشين وتخفيف الميم: الخيبة.
(16) مشعل، والجبا: موضعان. السربة: الجماعة. و(أنشأت سربتي) أي أظهرتهم من مكان بعيد، يصف بعد مذهبه في الأرض طلبا للغنيمة.
(17) لن تضرني: لا أخاف بها أحدا. لأنكي: يقال نكى العدو ينكيه نكاية. أي أصاب منه. الحمة: المنية.
(18) أمشي: إشارة إلى غزوه على رجليه وأنه لا يركب. على أين الغزاة: على ما يصيبني من تعب الغزوة.
(19) أراد بأم عيال تأبط شرا. لأنهم حين غزوا جعلوا زادهم إليه، وكان يقتر عليهم أن تطول الغزاة بهم فيموتوا جوعا، والأزد تسمي رأس القوم وولي أمرهم (أما). وفي اللسان عن الشافعي (قال: العرب تقول للرجل يلي طعام القوم وخدمتهم: هو أمهم) واستشهد الشافعي بهذا البيت. أوتحت: أعطت قليلا، كأقلت. وقد ساق القول عن تأبط شرا بضمير المؤنث مسارقة للفظ (أم)، وقال الأصمعي: (وكنايته عن تأبط شرا كأوابد الأعراب التي يلغزون فيها).
(20) العيل والعيلة: الفقر. أي آل تألت: أي سياسة ساست؟ يقال ألته أؤوله أولا: إذا سسته، وبابه (قال).
(والآل) هو (الأول) قلبت واوه ألفا، ولم يذكر هذا في المعاجم. (وتألت) قال في اللسان 5: 236: (تفعلت من الأول، إلا أنه قلب فصيرت الواو في موضع اللام). ولم يذكره في مادته.
(21) هذا البيت زيادة من منتهى الطلب. ونقله أيضا مصحح الشرح في حاشيته عن المرزوقي. ضن: بخل، وهو بكسر الضاد، والفتح لغة فيه، نقلها اللسان عن ابن سيده.
(22) مصعلكه: صاحبة صعاليك، وهم الفقراء. ورواية اللسان: (عفاهية) بدل (مصعلكة)، على أنها رواية. وقال: (وقيل: العفاهية الضخمة، وقيل: هي مثل العفاهمة، يقال: عيش عفاهم، أي ناعم. وهذه انفرد بها الأزهري، وقال: أما العفاهية فلا أعرفها، وأما العفاهمة فمعروفة). لا يقصر الستر دونها: لا تغطي أمرها، يقول: هي مكشوفة الأمر. لا ترتجي أن تكون مقيمة، إلا أن تريد هي ذاك فتجيء.
(23) الوفضة: جعبة السهام. السيحف: السهم العريض النصل. آنست: أحسست. العدي: جماعة القوم يعدون راجلين للقتال ونحوه، لا واحد له من لفظه. اقشعرت: تهيأت للقتال.
(24) بارزا نصف ساقها: يريد أنه مشمر جاد. العير: حمار الوحش. العانة: القطيع من حمر الوحش، وإنما شبهه بعير العانة لأن الحمار أغير ما يكون، فهو يتلفت إلى الحمير يطردها عن آتنه.
(25) الأبيض: السيف. الصارم: القاطع. الجفر: كنانة السهام، وهو مما فات المعاجم، وإنما فيها بمعناه (الجفير) يعني أنه يرمي بما في كنانته ثم يحارب بسيفه.
(26) الجراز: السيف القاطع. أقطاع: جمع قطع، بكسر فسكون، كالقطعة. والمراد بأقطاع الغدير أجزاء الماء يضربها الهواء فتتقطع ويبدو بريقها. المنعت: مبالغة من النعت، وهو الوصف بالحسن. ولم يذكر هذا الحرف بالتضعيف في المعاجم. وهذا البيت لم يروه أبو عكرمة.
(27) الحسيل: جمع حسيلة، وهي أولاد البقر. شبه السيوف بأذناب الحسيل إذا رأت أمهاتها فجعلت تحرك أذنابها. والنهل والعلل هنا للسيوف.
(28) مهديا: محرما ساق الهدي. بملبد: بمحرم لبد رأسه، أي جعل في رأسه شيئا من صمغ ليتلبد شعره. يريد: قتلنا رجلا محرما برجل محرم. وفي رواية الأغاني (قتلنا حراما مهديا بلمبد) ومثلها في رواية الأنباري في ترجمة للشاعر 198 والخزانة 2: 18 بلفظ (قتلت). جمار منى: أي عند الجمار. المصوت: الملبي. وهذا البيت لم يروه أبو عكرمة.
(29) سلامان بن مفرج: هم الذين أسروه فداء، ومنهم حرام بن جابر قاتل أبيه. أزلت: قدمت.
(30) يريد: هنئ بي بنو سلامان حين أخذوني في الفدية، وما انتفعوا بي. بمنيتي: أي ليس هؤلاء القوم ممن أحب وأتمنى. وقال أحمد بن عبيد: (الرواية) بمنيتي: أي بأصلي وعشيرتي، ومن روى بمنيتي فقد صحف. ورواية أحمد توافق رواية الأغاني ومنتهى الطلب.
(31) الغليل: حرارة العطش، وهو هنا العطش إلى القتل. عبد الله وعوف: من بني سلامان بن مفرج. المعدى: موضع العدو، والمراد ساحة القتال. أوان استهلت: في الوقت الذي ارتفعت فيه الأصوات للحرب.
(33) لم أرم: لم أبرح. العمودين: لعله أراد بهما عمودي الخباء. الحمة: المنية. وهذا البيت رواه صاحب المنتهى ووضعه بعد البيت 32 وجعلهما آخر القصيدة، فأثبتناه هنا لمناسبته لما قبله. ونقل مصحح الشرح أنه ثابت أيضا في نسختي فينا والمتحف البريطاني.
(34) الخلة: الخليل. يطلب من خليله أن يعوده إذا مرض، وذلك أنه متطوح يلزم القفر مخافة الطلب. ذو البريقين: موضع. العدوة: المرة من العدو. يريد أن سرعة عدوه سلاح يشتفي به كرا وفرا.
(35) العزوف: المنصرف عن الشيء. استمرت: استفعلت من المرارة. يقول: أنا سهل لمن ساهلني، مر على من عاداني.
(36) المباءة: الرجوع. تنتحي في مسرتي: تقصد إلى ما يسرني.


  #3  
قديم 11 شعبان 1432هـ/12-07-2011م, 05:42 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات لابن الأنباري

وقال الشنفرى الأزدي

1: ألا أم عمرو أجمعت فاستقلت.......وما ودعت جيرانها إذ تولت
يقال: أجمع على الأمر إذا عزم عليه وهو من قول الله تعالى: {فأجمعوا أمركم وشركاءكم}، وقال الراجز:
يا ليت شعري والمنى لا تنفع.......هل أغدون يومًا وأمري مجمع
ولم يأت أبو عكرمة بخبر هذه القصيدة، وقال أحمد بن عبيد وغيره: خرج الشنفرى وكانت أمه سبية وكان في هذيل، فخرج في ثلاثين رجلاً ومعه تأبط شرًا يريدون الغارة على بني سلامان بن مفرج من الأزد، فباتوا بواد يقال له مشعل قريب من محل بني سلامان، فبينا هم كذلك إذ سمعوا يعارًا، فلما سمعوه علموا أن قربه إنسانا، فرمقوه حتى إذا وقع الذئب في القترة، ثاروا فإذا رجل على القترة، فلما رآهم اقتحم القترة مع الذئب، فجعلوا يرمونهما في القترة، فإذا صاح الرجل من النبل قال تأبط شرًا: أأنت أم الذئب، فقتلوهما، وخافوا أن يتبعوا، وكان مع تأبط شرًا عدة من فهم، فاستخرجوا الرجل وقالوا من يعرفه، فقال مرة الفهمي: هذا والله ابن الأفطس أعرفه وأنتم والله متبعون، فمروا في أسفل الوادي ذاهبين حتى مروا بغنم نشر، فقالوا: هذه غنم الغلام الذي قتلتموه، فأخذوا منها شويهات فذبحوها في ليلة قرة فأكلوا وساروا مسرعين، فأصبحوا وهم في ظل جبل، وكان الذي يلي زادهم تأبط شرًا، فبرز تأبط شرًا للشمس من ظل الجبل وذلك أنه وجد البرد فنام، وكانت أصبعان ملتصقتان من أصابع رجله، وتبعتهم بني سلامان فعرفوه بأصبعي رجليه حين تحرك وهو نائم في الشمس، فقالوا القوم في ظل الجبل، فقال لهم الأفطس أبو الغلام المقتول: هذا تأبط شرًا فأطيعوني وانصرفوا عنه فإن القوم في ظل الجبل، وإنما وجد البرد فبرز للشمس وإنه إن سمع حسكم وثب فأنذر القوم، فانحرفوا يتذرون بالجبل حتى إذا كانوا بهدف منه يطلعون على القوم سقطت قوس أحدهم فصل الوتر، فسمع تأبط شرًا ذلك فصاح يعاط، قال أبو عمرو: يعاط يعاط مرتين هكذا تقول العرب في الإنذار لا مرة واحدة، فوثب أصحابه وهم في ظل الجبل إلى سلاحهم، وغشيهم الأزديون وردفهم تأبط شرًا من خلفهم فشغلهم حتى أخذ القوم سلاحهم، فاقتتلوا قتالاً شديدًا، فأوسعهم الفهميون شرًا ولغب القوم وفشت الجراحات في الفريقين، وكان تأبط شرًا يلي زاد أصحابه، فكان يقوتهم منه، ويقول: إني أخاف عليكم ألا تبلغوا وقد أخطأتكم الغنيمة، فقال الشنفرى في ذلك: ألا أم عمرو باكرت فاستقلت.
وقال مؤرج: حدثني عبد الله بن هشام بن أبي عمير النمري أن الشنفرى من الإواس بن الحجر بن الهنيء بن الأزد، وأن بني شبابة وهم حي من فهم بن عمرو بن قيس بن عيلان أسروه وهو غلام صغير، فلم يزل فيهم حتى أسرت بنو سلامان بن مفرج رجلاً من فهم ثم أحد بني شبابة ففدته بنو شبابة بالشنفرى، فكان الشنفرى في بني سلامان يظن أنه أحدهم حتى نازعته ابنة الرجل الذي هو في حجره وكان قد اتخذه ابنًا، فقال لها: اغسلي رأسي يا أخية، فأنكرت أن يكون أخاها فلطمته، فذهب مغاضبًا إلى الذي هو في حجره فقال له: أخبرني من أنا، فقال أنت من الإواس بن حجر، فقال: أما أني سأقتل منكم مائة رجل بما اعتبدتموني، وقال للجارية السلامية:
ألا ليت شعري والتلهف ضلة.......بما ضربت كف الفتاة هجينها
قال: ويقال إنه كان سبب غزوة الشنفرى إياهم وقتلهم أن رجلاً منهم وثب على أبيه فقتله والشنفرى صغير، فلما رأت أم الشنفرى أن ليس يطلب بدمه أحد ارتحلت به وبأخ له أصغر منه حتى جاورت في فهم، فلم تزل فيهم حتى كبر الشنفرى، فجعلت تبدو منه عرامة وجعل يكره جانبه، فوقع في نفس تأبط شرًا وكان يكرمه ويدنيه، وكان يغير مع تأبط شرًا حتى صار لا يقام لسبيله، وكان أول شعر قاله وهو صغير أن أخاه مات وهو غلام يفعة فخرجت أمه تولول عليه وتبكيه، فقال الشنفرى:
ليس لوالدة همها.......ولا قيلها لابنها دع دع
تطوف وتحذر أحواله.......وغيرك أملك بالمصرع
قال: والأزد تسمي رأس القوم وولي أمرهم أمًا فجعل الشنفرى تأبط شرًا أمًا لأنه كان يلي تدبير أمرهم وزادهم، قال: وقال مؤرج: عن عبد الله بن هشام بن أبي عمير النمري قال: قتل الشنفرى من بني سلامان تسعة وتسعين رجلاً، قال: وكان إذا لقي السلامي يقول له: أأطرفك، ثم يرميه في عينه، فأقعدت له بنو سلامان بني الرمد من غامد، والرمد هو حي كبير، فجاءهم للغارة، فطلبوه ففاتهم، فأرسلوا عليه كلبًا يقال له حبيش ففاته، وإنه مر برجلين من بني سلامان فأعجله فراره عنهما، فقال:
قتيلا فخار أنتما إن قتلتما.......بجنب دحيس أو تبالة تسمعا
يريد يا هذان اسمعا، وهما موضعان، قال فاقعدوا له أسيد بن جابر السلامي، وحازمًا البقمي (البقوم من حوالة بن الهنيء بن الأزد)، بالناصف من أبيدة، وهو واد، فرصدوه، فأقبل في الليل قد نزع إحدى نعليه وهو يضرب برجله، فقال حازم هذه الضبع، فقال أسيد: بل هو الخبيث، فلنا دنا توجس ثم رجع، فمكث قليلاً ثم عاد إلى الماء ليشرب، فوثبوا عليه فأخذوه فربطوه وأصبحوا به في بني سلامان، فربطوه إلى شجرة، وقالوا له أنشدنا:
فقال: إنما النشيد على المسرة فذهبت مثلاً، وجاء غلام قد كان الشنفرى قتل أباه فضرب يده بشفرة فتبعرصت يريد اضطربت، فهو حيث يقول فيها: لا تبعدي أما هلكت شامه. ثم قالوا له بعد الصلب: أين نقبرك؟، فقال:
لا تقبروني إن قبري محرم.......عليكم ولكن أبشري أم عامر
إذا احتملوا رأسي وفي الرأس أكثري.......وغودر عند الملتقى ثم سائري
هنالك لا أرجو حياة تسرني.......سجيس الليالي مبسلاً بالجرائر
قال: ثم قال له رجل من بني سلامان: أأطرفك؟ ثم رماه في عينه فقتله، فقال له الشنفرى: كاك كنا نفعل بكم، يريد كذاك كنا نفعل بكم، فقال جزء بن الحارث في قتله:
لعمرك للساعي أسيد بن جابر.......أحق بها منكم بني عقب الكلب
قال مؤرج: قال الأزدي: كانت حلفة الشنفرى على مائة قتيل من بني سلامان فبقي عليه منهم رجل إلى أن قتل، فمر رجل من بني سلامان بجمجمته فضربها فعقرته، فمات فتم به عدد المائة، قال: وأنشدني رجل للشنفرى:
لا تحسبيني مثل من هو قاعد.......على عثة أو واثق بكساد
العثة: العجوز، يعني: إني لا أقعد على عجوز ولا وثقت بكسادي عند النساء.
إذا انفلتت مني جواد كريمة.......وثبت فلم أخطئ عنان جوادي
فهذه رواية مؤرج، قال: وقال غير مؤرج: إنما وقع الشنفرى وأمه في فهم أن الأزد قتلت رجلاً منهم في خفرة رجل يقال له الحارث بن السائب الفهمي فرهنوهم الشنفرى وأمه وأخاه وأسلموهم ولم يفدوهم، فنشأ فيهم الشنفرى فكان شديد البأس والنفس، وكان أشد فهم على الأزد قتلاً وسلبًا، وقتل أباه قبل ذلك بعض أهله، وقد كان في موضع من أهله ولكنه كان في قلة، ومن قوله فيه:
أضعتم أبي إذ مال شق وساده.......على جنف قد ضاع من لم يوسد
فإن تطعنوا الشيخ الذي لم تفوقوا.......منيته وغبت إذ لم أشهد
فطعنة خلس منكم قد تركتها.......تمج على أقطارها سم أسود
قال: ولما قتلت الأزد الحارث بن السائب الفهمي أبت أن تبينه فباء بقتله رجل منهم يقال له حرام بن جابر، قال: ولما ترعرع الشنفرى جعل يغير على الأزد فيقتل من أدرك، ثم قدم منى وبها حرام بن جابر فقيل له: هذا قاتل أبيك، فشد عليه فقتله، ثم سبق الناس على رجليه، فقال:
قتلت حرامًا مهديًا بملبد.......ببطن منى وسط الحجيج المصوت
قال: فأتى آت على أسيد بن جابر الغامدي، وكان من رجال العرب، فقال: رأيت آنفًا الشنفرى بسوق حباشة، فقال: أسيد أثبته، فقال: نعم والله، فقال: لا يرجع والله أبدا حتى يأكل من جنى أبيدة، فخرج له أسيد بن جابر ومعه أبنا أخ له وهما ابنا حرام بن جابر الذي باء بالحارث بن السائب الفهمي وكان الشنفرى قتله بمنى، فجلسوا له على الطريق في ليلة ظلماء فلم ينشبوا أن طلع لهم الشنفرى في إحدى رجليه نعل والأخرى لا نعل فيها، وإنما صنع ذلك، لئلا يعرف أنه مشي إنسان، فلما سمع الحس الغلامان قالا: هذه والله الضبع، قال: لا ولكنه هو، فاجعلا نعالكما على مقاتلكما، فلما رأى سوادهم الشنفرى نكص، فقال الغلامان: فطن والله، فقال الشيخ: كلا إنه يستطرد لنا لنتبعه هو راجع، فلم ينشب أن رجع، فلما رآهم مكانهم رمى بسهم فنظمه في ساقي أسيد فلم يتحرك، وأقبل الشنفرى حتى إذا كان بينهم وثبوا عليه فأخذوه فربطوه، ثم وردوا به الحي، فاجتمع الناس عليه فلما اختلفوا فيه وهو مربوط ملقى على وجهه مكتوفًا، فجعل بعضهم يقول: منوا عليه وأطلقوه واستصلحوه لأنفسكم فإنه منكم، ويقول بعضهم: اقتلوه، وسمع ذلك غلام منهم كان قد قتل أباه في من قتل فخشي أن يطلق، فهوى إليه وهم مشاغيل في المراء فاحتز يده من كوعها فقطعها، فألقاها بين يديه، ورأوا ما صنع فأقبلوا عليه، والشنفرى يقول: وكانت في يده تلك شامة في راحته سوداء، فجعل ينظر إليه ويقول:
لا تبعدي أما هلكت شامه.......فرب خرق قطعت عظامه.......ورب خرق قطعت قتامه
ثم إن أسيد بن جابر قال: من كان يطلبه بشيء فليحضر، فحضروا، ثم ربط إلى شجرة حتى مات، فقال تأبط شرًا يرثيه:
على الشنفرى ساري الغمام ورائح.......غزير الكلى وصيب الماء باكر
عليك جزاء مثل يومك بالجبا.......وقد رعفت منك السيوف البواتر
ويومك يوم العيكتين وعطفة.......عطفت وقد مس القلوب الحناجر
تجول ببز الموت فيه كأنهم.......لشوكتك الحدى ضئين نوافر
ويروى ضئين بالفتح والكسر، بز الموت السلاح فيه في اليوم، ويروى فيهم: أي في القوم، والحدى: فعلى من الحدة وأراد الحادة، فيه مذهب مدح، أراد هي أشد حدًا كما تقول الفضلى، وضئين جمع ضأن مثل معز ومعيز، ومنهم من يكسر الضاد لكسرة الهمزة كما يقال برين وبرين، وجعلهم ضئينًا لأنها أضعف، وجعلها نوافر أي نفرت من الذئاب، شبه فرارهم منه بفرار الغنم من الذئاب، ثم قال تأبط شرًا:
فإنك لولا قيتني بعد ما ترى.......وهل يلقين من غيبته المقابر
قوله: بعد ما ترى كأنه يخاطبه وهو حاضر على الغلط، ثم قال: وهل يلقين من غيبته المقابر، وهذا كقولهم:
فلا تبعدن يا خير عمرو بن جندب.......بلى إن من زار القبور ليبعدا
وقوله:
قف بالديار التي لم يعفها القدم.......بلى وغيرها الأرواح والديم
قال: وذرع خطو الشنفرى فوجدوا أول خطوة إحدى وعشرين خطوة والثانية سبع عشرة خطوة، والثالثة خمس عشرة خطوة، وروى غير أبي عكرمة: أرى أم عمرو باكرت فاستقلت.
2: وقد سبقتنا أم عمرو بأمرها.......وكانت بأعناق المطي أظلت
يقول: استبدت أي استأثرت به وسبقتنا به، وقوله: (وكانت بأعناق المطي أظلت)، أي: فجأتنا بالإبل حتى أظلتنا بها.
3: بعيني ما أمست فباتت فأصبحت.......فقضت أمورًا فاستقلت فولت
ويروى (فقضت) خطوبًا، غير أبي عكرمة: فتامت قلوبًا أي ذهبت بها.
4: فوا كبدا على أميمة بعدما.......طمعت فهبها نعمة العيش زلت
ويروى (فوا أسفا على أميمة)، وروى أحمد: فهبها نعمة الدهر، ويروى فوا ندما على أميمة، وروى غير أبي عكرمة ههنا بيتًا وهو:
5: فيا جارتي وأنت غير مليمة.......إذا ذكرت ولا بذات تقلت
قال أحمد: أي ليست من صواحب هذه الكلمة الموصوفات بها، و(تقلت) تفعلت من القلاء، أي: لا توصف بهذا، يقال ألام الرجل إذا أتى بما يلام عليه، (وليم) فهو ملوم إذا لامه الناس على قبيح فعله.
6: لقد أعجبتني لا سقوطًا قناعها.......إذا ما مشت ولا بذات تلفت
يقول: لا تسرع المشي فيسقط قناعها، ولا تكثر (التلفت) فإنه من فعل أهل الريبة، أي ليست كذلك، ويقال: (لا يسقط قناعها) لشدة خفرها وحيائها، قال الأصمعي: وقد تلقي المرأة خمارها لحسنها وهي على عفة، وأنشد قول الشماخ: أطارت من الحسن الرداء المحبرا، وأنشد لأبي النجم:
من كل غراء سقوط البرقع.......عجزاء لم تحفظ ولم تضيع
7: تبيت بعيد النوم تهدي غبوقها.......لجارتها إذا الهدية قلت
قوله: (تبيت بعيد النوم)، يقال بات يفعل كذا وكذا إذا فعله ليلاً، وظل يفعل كذا وكذا إذا فعله نهارًا، وقوله: (تهدي غبوقها لجارتها)، يريد أنها تؤثر جارتها بزادها لكرمها، كما قال الشاعر:
أقسم جسمي في جسوم كثيرة.......وأحسوا قراح الماء والماء بارد
وقوله: (إذا الهدية قلت) أي في الجدب، وبرد الشتاء وصعوبته حيث تنفد الأزواد، وتذهب الألبان.
8: تحل بمنجاة من اللوم بيتها.......إذا ما بيوت بالمذمة حلت
(المنجاة): المفعلة من النجوة وهي الارتفاع، يريد أنها لا تذم لإيثارها الناس على نفسها، (فالذم) لا يلحقها.
و(المنجاة) ههنا مثل، ويروى: (يحل بمنحاة من اللوم بيتها)، ويروى من اللؤم.
9: كأن لها في الأرض نسيًا تقصه.......على أمها وإن تكلمك تبلت
قال أحمد: (البليت) الذي إذا تكلم بكلام فصل به وأوجز، يقول: كأنها من شدة حيائها إذا مشت تطلب شيئًا ضاع منها، لا ترفع رأسها ولا تلتفت، و(تبلت): تنقطع في كلامها لا تطيله، و(أمها): قصدها الذي تريده، ويروى تخاطبك، و(تبلت): تفصل، و(النسي): الفقد.
10: أميمة لا يخزي نثاها حليلها.......إذا ذكر النسوان عفت وجلت
(نثاها): ما ينث عليها من أفعالها، يقول: إذا ذكرت أفعالها لم تسوء حليلها لحسن مذهبها وعفتها، و(النثا) في الشر وهو مقصور، والثناء ممدود في الخير والشر.
11: إذا هو أمسى آب قرة عينه.......مآب السعيد لم يسل أين ظلت
(آب): أي رجع لما يسره منها، لم يسأل أين ظلت لأنها لا تبرح بيتها، قال الأصمعي: هذه الأبيات أحسن ما قيل في خفر النساء وعفتهن، وأبيات أبي قيس بن الأسلت وهي:
ويكرمها جاراتها فيزرنها.......وتعتل عن إتياهن فتعذر
وليس بها أن تستهين بجارة.......ولكنها من ذاك تحيا وتحصر
وإن هي لم تبرز لهن أتينها.......نواعم بيض مشيهن التأطر
12: فدقت وجلت واسبكرت وأكملت.......فلو جن إنسان من الحسن جنت
أراد (دقت) محاسنها ورقت، والمعنى دقت في حسنها وجلت في خلقها، (واسبكرت): طالت وامتدت، ومنه قول امرئ القيس: إذا ما اسبكرت بين درع ومجول، أي تمت فهي بين من يلبس الدرع وبين من يلبس المجول.
13: فبتنا كأن البيت حجر فوقنا.......بريحانة ريحت عشاء وطلت
قوله: (حجر فوقنا بريحانة) يريد: طيب ريحها، و(ريحت): أصابتها ريح فجاءت بنسيمها، (وطلت): أصابها الطل، وهو الندى وإنما قال عشاء لأنه أبرد للريح عند مغيب الشمس.
14: بريحانة من بطن حلية نورت.......لها أرج ما حولها غير مسنت
(بطن حلية) في حزن ونبت الحزن أطيب من غيره ريحًا، كما قال الأعشى:
ما روضة من رياض الحزن معشبة.......خضراء جاد عليها مسبل هطل
ويروى وابل هطل، و(نورت): خرج نورها، و(الأرج): توهج الريح وتفرقها في كل جانب، و(المسنت): المجدب، يقول (ما حولها غير مسنت) فهو أطيب لها وأحسن.
15: وباضعة حمر القسي بعثتها.......ومن يغز يغنم مرة ويشمت
(الباضعة): القاطعة، يعني قومًا غزاة، يقال: بضع يبضع بضعًا إذا قطع، وقوله: (بعثتها) أي غزوت بهم، وقوله (حمر القسي) يقول قد غزوا مرة بعد مرة فاحمرت قسيهم للشمس والمطر، والقسي تحمر على القدم، ويشمت يخيب ولا يغنم، وروى غيره ويشمت والمعنى واحد، غيره: وناصعة الذين قد نصعوا أي برزوا، بعثتهم من النوم، (ومن يغز يغنم مرة) ويخيب أخرى.
16: خرجنا من الوادي الذي بين مشعل.......وبين الجبا هيهات أنشأت سربتي
(السربة): الجماعة، وقوله: (أنشأت سربتي) أي: أظهرتهم من مكان بعيد يصف بعد مذهبه في الأرض طلبًا للغنيمة.
17: أمشي على الأرض التي لن تضرني.......لأنكي قومًا أو أصادف حمتي
ويروى (لأنكأ قومًا)، و(حمته): منيته، يقال قد حم الأمر إذا قدر، يقال أنكأت القرحة أنكؤها نكًا ونكيت في العدو أنكي نكاية، وقوله (لن تضرني) أي لا أخاف بها أحدًا.
18: أمشي على أين الغزاة وبعدها.......يقربني منها رواحي وغدوتي
كان يغزو على رجليه ولا يركب، قوله (على أين الغزاة) أي على ما يصيبني من تعبها، وأنا مع ذلك أمشي.
و(يقربني رواحي وغدوتي) إليها وإن كنت معييًا.
19: وأم عيال قد شهدت تقوتهم.......إذا أطعمتهم أو تحت وأقلت
ويروى: أحترت (وأقلت)، الحتر: الشيء القليل، وأراد بأم عيال تأبط شرًا لأنهم حين غزوا جعلوا زادهم إليه، وكان يقتر عليهم مخافة أن تطول الغزاة بهم فيموتوا جوعًا، وروى غيره: إذا حترتهم أو تحت وأقلت، أي: إذا أنفقت عليهم قللت وأوتحت.
20: تخاف علينا العيل إن هي أكثرت.......ونحن جياع أي آل تألت
(العيل) والعيلة: الفقر، يقال: قد عال الرجل يعيل فهو عايل إذا افتقر، وقوله: (أي آل تألت) أي: أي سياسة ساست يقال ألته أؤوله أولاً إذا سسته، ويروى (أي أول تألت)، ويروى تخاف علينا الهزل، وهو الفقر، ومنه قول لبيد:
بصبوح صافية وجذب كرينة.......بموتر تأتاله إبهامها
21: مصعلكة لا يقصر الستر دونها.......ولا ترتجى للبيت إن لم تبيت
(مصعلكة): صاحبة صعاليك، وقوله (لا ترتجي للبيت)، أي لا ترتجي أن تكون مقيمة إلا أن تريد هي ذاك فتجيء، وقوله: (لا يقصر الستر دونها)، أي لا تغطي أمرها يقول هي مكشوفة الأمر، قوله (إن لم تبيت)، أي: إن لم تأت من غزوة، ويروى (مصعلكة) أي نحيفة كالصعلوك وهو: الفقير الذي لا شيء له، ومن كسر اللام أراد صاحبة الصعاليك.
22: لها وفضة فيها ثلاثون سيحفًا.......إذا آنست أولى العدي اقشعرت
قال: أحمد أراد (بالسيحف) النصل المذلق الحاد، كأنه فيعل من سحف يسحف إذا جرد وقشر، والمذلق: هو العريض الحاد، (والوفضة): الجعبة وجمعها وفاض، و(السيحف): السهم العريض النصل، و(آنست): أحست، و(العدي): القوم من الرجالة قوله (اقشعرت) أي: تهيأت للقتال، والنساء لا يفعلن هذا، وليس للعدي واحد هو جمع لا واحد له من لفظه، قال أحمد: (السيحف): النصل العريض، يقال: إنه لسيحف اللسان وسيحفاني اللسان إذا كان ذلقه، ويروى: إذا واجهتهن النفوس (اقشعرت).
23: وتأتي العدي بارزًا نصف ساقها.......تجول كعير العانة المتلفت
قوله: (بارزًا نصف ساقها) يريد أنه مشمر جاد، قال الشاعر:
وكنت إذا جاري دعا لمضوفة.......أشمر حتى ينصف الساق مئزري
وإنما وصفه بهذا ليعلم أنه لا يعني امرأة، قال الأصمعي: وكنايته عن تأبط شرًا كأوابد الأعراب التي يلغزون فيها، وإنما شبهه بعير العانة لأن الحمار أغير ما يكون، فهو يتلفت إلى الحمير يطردها عن آتنه، والمضوفة: الذي يضاف منه، أي يحذر ويخشى.
24: إذا فزعوا طارت بأبيض صارم.......ورامت بما في جفرها ثم سلت
(الأبيض): السيف، و(الصارم): القاطع، و(الجفر) والجفير: الكنانة، يقول: يرمي بما في كنانته ثم يحارب بسيفه.
ويروى إذا فزعت طارت، وبيت لم يروه أبو عكرمة.
25: حسام كلون الملح صاف حديده.......جراز كأقطاع الغدير المنعت
26: تراها كأذناب الحسيل صوادرًا.......وقد نهلت من الدماء وعلت
(الحسيل): جمع حسيلة، وهي: أولاد البقر، شبه السيوف بأذناب الحسيل إذا رأت أمهاتها فجعلت تحرك أذنابها، و(النهل) والعلل ههنا للسيوف، وروى غير أبي عكرمة:
27: قتلنا قتيلاً مهديًا بملبدٍ.......جمار منى وسط الحجيج المصوت
أي: (قتلنا) رجلاً محرمًا برجل محرم، أي عند (الجمار) وبقرب الجمار، (المصوت) الملبي.
28: جزينا سلامان بن مفرج قرضها.......بما قدمت أيديهم وأزلت
ويروى دينها، و(سلامان بن مفرج) من قومه، وهم قتلوا أباه.
29: وهنئ بي قوم وما إن هنأتهم.......وأصبحت في قوم وليسوا بمنيتي
قال: (هنئ بي قوم وما) انتفعوا بي، وذلك أنه أخذ رهينة، ويقال: أخذ في فدية، فبقي في القوم الذين أخذوه فصارت نصرته لهم، قال أحمد: الرواية (بمنبتي)، أي بأصلي وعشيرتي، ومن روى منيتي فقد صحف.
30: شفينا بعبد الله بعض غليلنا.......وعوف لدى المعدى أوان استهلت
(الغليل): حرارة العطش، وهو ههنا العطش إلى القتل، فيقول بردنا بعض غليلنا بعبد الله لما قتلناه وبعوف، وهما من بني سلامان بن مفرج، و(المعدى): موضع القتال، و(الأوان): الوقت، و(استهلت) يكون للحرب أي: ارتفعت الأصوات فيها غيره: المعدى المفعل من العدو، يقال عدا يعدو عدوًا ومعدى، قال تأبط شرًا:
ليلة صاحوا وأغروا بي سراعهم.......بالعيكتين لدى معدى بن براق
أي: لدى عدوه.
31: إذا ما أتتني ميتتي لم أبالها.......ولم تذر خالاتي الدموعى وعمتي
قوله: (لم أبالها) أي: للجرأة، ولم يبك علي لأني قد احتسبت لكثرة جرائري، غيره: لم أبالها لأني قد بلغت ما أريد فما أبالي متى مت، كما قال الأسعر الجعفي:
ولقد ثأرت دماءنا من واتر.......فاليوم إن زار المنون قد اكتفى
32: ألا لا تعدني إن تشكيت خلتي.......شفاني بأعلى ذي البريقين عدوتي
وروى أحمد شفتني، قوله: (ألا لا تعدني) يريد أنه إذا مرض لم يعده خليل له، وذلك أنه متطوح يلزم القفر مخافة الطلب، و(الخلة): الصداقة و(الخلة): الخليل، قال الشاعر:
ألا بلغا خلتي جابرًا.......بأن خليلك لم يقتل
ويكون الخليل أيضًا فعيلاً من الخلة وهي الحاجة والفقر، كما قال زهير:
وإن أتاه خليل يوم مسغبة.......يقول لا غائب مالي ولا حرم
33: وإني لحلو إن أريدت حلاوتي........ومر إذا نفس العزوف استمرت
(استمرت): استفعلت من المرارة، يقول: أنا سهل لمن سامحني ومر عند الخلاف علي، و(العزوف): المنصرف عن الشيء، رغبة عنه مخافة الأذى، يقول: أنا أتباعد مما يتباعد منه العزوف وآنف مما يأنف منه.
34: أبي لما آبى سريع مباءتي.......إلى كل نفس تنتحي في مسرتي
ويروى (أبي لما يأبى)، يعني العزوف و(المباءة): الرجوع، و(تنتحي): تعتمد، وروى أحمد: سريع مفيئتي من فاء يفيء أي رجع، وزن مفيعتي.
[شرح المفضليات: 194-207]


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
20, قصيدة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:32 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir