40: قصيدة امرئ القيس: نطعنُهمْ سُلْكى ومَخلُوجَةً = لفتَكَ لأمينِ عَلى نابلِ

[محمد أبو زيد]

قالَ أبو سَعيدٍ: سمِعتُ أبا عمرِو بنَ العلاءِ يُنشِدُ هذه القصيدةَ لامْرِئِ القَيْسِ:
نَطْعَُنُهُمْ سُلْكَى ومَخْلُوجَةً = لَفْتَكَ لَأُمَيْنِ عَلَى نابِلِ
إذْ هِيَ أَقْسَاطٌ كرِجلِ الدَّبَا = أو كقَطَا كاظِمَةَ النَّاهِلِ
حَلَّتْ لِيَ الخَمْرُ وكُنْتُ امْرأً = عَنْ شُرْبِهَا في شُغُلٍ شَاغِلِ
فاليومَ أشْرَبْ غيرَ مُستَحقِبٍ = إثمًا مِنَ اللهِ ولا وَاغِلِ

[محمد أبو زيد]

40

قال أبو سعيد: سمعت أبا عمرو بن العلاء ينشد هذه

القصيدة لامرئ القيس *

1 نطعنهم سلكى ومخلوجة = لفتك لأمين على نابل
ـــــــــــ
(*) ترجمته: هو امرء القيس بن حجر بن الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار بن معاوية بن ثور وهو كندة. وأماه فاطمة بنت ربيعة أخت كليب ومهلهل ابني ربيعة التغلبين. ويعده الرواة شيخ الشعراء في الجاهلية ويعدونه مبتدعًا لكثير من المعاني التي سطا عليها الشعراء من بعده. وأخباره مسهبة في الأغاني 8: 62 – 74 والشعراء 360 – 56 والمؤتلف 9، 11، 141، 200 والخزانة 1: 299 وكثير غيرها من المراجع القديمة والحديثة.
جو القصيدة: كانت بنو دودان – وهم قبيلة من بني أسد – قتلت حجرًا والد امرئ القيس فحلف امرؤ القيس لا يغسل رأسه ولا يشرب خمرًا حتى يثأر بأبيه، فتبعهم في إحدى غزواته فأدركهم وقتل فيهم قتلا ذريعًا، صوره في هذه الأبيات التي وصف فيها الطعن الدراك، ونعت الخيل وكثرتها وشدة عدوها في الغارة. ثم أشار إلى أنه قد أحل لنفسه ما كان قد حرم عليها بعد مصرع أبيه من شرب الخمر، التي جعل الآن يحتسها حرًا راضيًا.
تخريجها: هي في الأوربية برقم 59 وهي في ضمن قصيدة في ديوانه بشرك الوزير أبي بكر 148 – 150 وشعراء الجاهلية 18 – 19. والبيت 1 في اللسان 3: 84، 12: 328، 16: 3 والجمهرة 2: 24، 62 والموشح 105 والوساطة 311. و1، 3، 4 وقبلها بيتان في الشعراء 44 و2 في الأضداد للأصمعي 38 ولأبي حاتم 100 ولابن السكيت 191 واللسان 9: 254، 15: 426. و3 في الشعراء 522 و3، 4 في حماسة البحتري 36. و4 في الجمهرة 3: 151 وسيبويه 2: 297 وابن السكيت 225، 256 والشعراء 32، 520 والأنباري 480 واللسان 1: 315 و14: 259 والوساطة 12 والضرائر 225، 270.
(1) السلكي: الطعنة المستقيمة تلقاء الوجه. المخلوجة: الطعنة إذا كانت غير مستقيمة، تذهب يمنة أو يسرة. اللفت: الرد. لأمين: مثنى «لأم» يقال «سهم لأم» أي عليه ريش لؤام، قال في اللسان: «ريش لؤام: يلائم بعضه بعضًا، وهو ما كان بطن القذة منه يلي ظهر الأخرى، وهو أجود ما يكون». النابل: الرامي بالنبل. يقول: يذهب الطعن فيهم ويرجع كما ترد سهمين على رام رمي بهما. وذكر ابن دريد في الجمهرة 2: 24، 62 أنه روى «لفت كلامين» أي تثنية «كلا» وفسره بأنه كقولك «ارم ارم» في السرعة، يريد تكرار الأمر بالرمي. ورواه صاحب اللسان 3: 84 و12: 328 «كرك لأمين» وهي بمعنى الرواية الأولى، وذكر في 12: 328 أنه روى أيضًا «كر كلامين» وهي تؤيد الرواية الثانية لابن دريد.


2 إذ هي أقساط كرجل الدبا = أو كقطا كاظمة الناهل
3 حلت لي الخمر وكنت امرأ = عن شربها في شغل شاغل
4 فاليوم أشرب غير مستحقب = إثًما من الله ولا واغل
ــــــــــــــ
(2) أقساط: قطع، يريد الخيل، جمع «قسط». الدبا: الجراد قبل أن يطير. ورجليه: جماعته. كاظمة: جو على سيف البحر من البصرة على مرحلتين، وفيها ركايا كثيرة وماؤها شروب. الناهل: العطشان. شبه الخيل في سرعتها برجل من الدبا أو بقطا عطاش تطلب الماء فهي لا تألو طيرانا.
(4) «أشرب» سكن الباء للتخفيف، انظر الضرائر 225، 270. المستحقب: من قولهم «احقب فلان الإثم» كأنه جمعه واحتقبه من خلفه. الواغل: الداخل على القوم في شرابهم ولم يدع إليه.

[شرح الأصمعيات: 129-130]