دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > الأدب > المفضليات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 جمادى الآخرة 1431هـ/7-06-2010م, 03:09 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي 8: قصيدة الحادرة : بكرت سميّة بكْرة فَتَمَتّعِ = وغدتْ غدوَّ مفَارقٍ لم يربعِ َ

قال الحادرة:

بَكَرَتْ سُمَيَّةُ بُكْرَةً فَتَمَتَّعِ = وغَدَتْ غُدُوَّ مُفَارِقٍ لم يَرْبَعِ َ
وتَزَوَّدَتْ عَيْني غَدَاةَ لَقِيتُها = بِلِوَى البُنَيْنَةِ نَظْرةً لم تُقْلِعِ
وتصدَّفَتْ حتَّى اسْتَبَتْكَ بواضِحٍ = صَلْتٍ كمُنْتَصِبِ الغَزَالِ الأَتْلَعِ
وبِمُقَلتَيْ حَوْرَاءَ تَحْسِبُ طَرْفَها = وَسْنَانَ، حُرَّةِ مُسْتَهَلِّ الأَدْمُعُ
وإِذا تُنَازِعُكَ الحدِيثَ رأَيتَها = حسناً تَبَسُّمُها، لذيذَ المَكْرَعِ
بِغَرِيضِ ساريةٍ أَدَرَّتْهُ الصَّبا = مِن ماءٍ أسْجَرَ طَيِّبِ المُسْتَنْقَعِ
ظَلَمَ البِطاحَ لهُ انهلالُ حَرِيصةٍ = فَصَفا النِّطافُ لهُ بُعَيْدَ المُقْلَعِ
لَعِبَ السُّيُولُ به فأَصبَحَ ماؤُهُ = غَلَلاً تَقَطَّعَ في أصولِ الخِرْوَعِ
أَسُمَّيَ وَيْحَكَ هل سمعتِ بِغَدْرَةٍ = رُفع اللِّوَاءُ لنَا بِها في مَجمعِ
إِنَّا نَعِفُّ فلا نُرِيبُ حَلِيفَنَا = ونكُفُّ شُحَّ نُفوسِنا في المَطْمَعِ
ونَقِي بِآَمِنِ مَالِنَا أَحسابَنا = ونُجِرُّ في الهَيْجا الرماحَ ونَدَّعِي
ونَخُوضُ غَمْرَةَ كلِّ يومِ كَرِيهةٍ = تُرْدِى النُّفوسَ وغُنْمُها لِلأَشْجَعِ
ونُقيمُ في دارِ الحِفاظِ بُيُوتَنا = زَمناً، ويَظْعَنُ غَيْرُنا لِلأَمْرَعِ
ومَحَلِّ مَجْدٍ لا يُسَرِّحُ أَهلُهُ = يومَ الإِقامةِ والحُلولِ لِمَرْتَعِ
بِسَبيلِ ثَغْرٍ لا يُسَرِّحُ أَهلُهُ = سَقِمٍ يُشارُ لِقاؤُهُ بِالإِصْبَعِ
فسمي ما يدريك أن رب فتية = باكرت لذتهم بأدكن مترع
مُحْمَرَّة عَقِبَ الصَّبُوحِ عُيونُهمْ = بِمَرىً هناك من الحياةِ ومَسْمَعِ
مُتَبَطِّحِينَ علَى الكَنيفِ كأَنَّهم = يَبْكُونَ حولَ جِنَازَةٍ لم تُرْفَعِ
بَكَرُوا عليَّ بِسُحْرَةٍ فَصَبحْتُهمْ = مِن عاتقٍ كَدَمِ الغزالِ مُشَعْشَعِ
ومُعَرَّضٍ تَغْلِي المَرَاجِلُ تحتَه = عَجَّلْتُ طَبْخَته لرَهْطٍ جُوَّعِ
ولَدَيَّ أَشْعَثُ باسطٌ لِيَمِيِنِهِ = قَسَماً لقدْ أَنضجتَ لم يَتَوَرَّعِ
ومُسَهَّدِينَ مِن الكَلاَلِ بَعَثْتُهُمْ = بعدَ الكَلاَلِ إِلى سَوَاهِمَ ظُلَّعِ
أَوْدَى السِّفارُ بِرِمِّها فتَخالُها = هِيماً مُقَطَّعَةً حِبالُ الأَذرُعِ
تَخِدُ الفَيافِيَ بالرِّحالِ وكلُّها = يَعْدُو بِمُنْخَرِقِ القَميصِ سَمَيْدَعِ
ومَطِيَّةٍ حَمَّلْتُ رَحْلَ مطيَّةٍ = حَرَجٍ تُنَمُّ مِن العِثارِ بدَعْدَعِ
وتَقِي إِذا مَسَّتْ مَناسِمُها الحَصَى = وَجَعاً وإِنْ تُزْجَرْ به تَتَرَفَّعِ
ومُناخِ غَير تَئِيَّةٍ عَرَّسْتَهُ = قَمَنٍ منَ الحَدْثَانِ نابِي المَضْجَعِ
عَرَّسْتُهُ وَوِسادُ رأسي ساعدٌ = خاظِي البَضيعِ عُروقُه لم تَدْسَعِ
فَرَفَعْتُ عنه وهْو أَحمرُ فاترٌ = قد بانَ مِنَّي غيرَ أَنْ لم يُقْطَعِ
فَتَرى بحيثُ تَوَكَّأَتْ ثَفِناتُها = أَثَراً كمُفْتَحَصِ القَطا لِلْمَهْجَعِ
ومتاع ذعلبة تخب براكب = ماض بشيعته وغير مشيع


  #2  
قديم 19 جمادى الآخرة 1432هـ/22-05-2011م, 05:40 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات للشيخين: أحمد شاكر وعبد السلام هارون



8

وقال الحادرة






1: بَكَرَتْ سُمَيَّةُ بُكْرَةً فَتَمَتَّعِ = وغَدَتْ غُدُوَّ مُفَارِقٍ لم يَرْبَعِ
2: وتَزَوَّدَتْ عَيْني غَدَاةَ لَقِيتُها = بِلِوَى البُنَيْنَةِ نَظْرةً لم تُقْلِعِ
3: وتصدَّفَتْ حتَّى اسْتَبَتْكَ بواضِحٍ = صَلْتٍ كمُنْتَصِبِ الغَزَالِ الأَتْلَعِ
4: وبِمُقَلتَيْ حَوْرَاءَ تَحْسِبُ طَرْفَها = وَسْنَانَ، حُرَّةِ مُسْتَهَلِّ الأَدْمُعُ
5: وإِذا تُنَازِعُكَ الحدِيثَ رأَيتَها = حسناً تَبَسُّمُها، لذيذَ المَكْرَعِ
6: بِغَرِيضِ ساريةٍ أَدَرَّتْهُ الصَّبا = مِن ماءٍ أسْجَرَ طَيِّبِ المُسْتَنْقَعِ
7: ظَلَمَ البِطاحَ لهُ انهلالُ حَرِيصةٍ = فَصَفا النِّطافُ لهُ بُعَيْدَ المُقْلَعِ
8: لَعِبَ السُّيُولُ به فأَصبَحَ ماؤُهُ = غَلَلاً تَقَطَّعَ في أصولِ الخِرْوَعِ
9: أَسُمَّيَ وَيْحَكَ هل سمعتِ بِغَدْرَةٍ = رُفع اللِّوَاءُ لنَا بِها في مَجمعِ
10: إِنَّا نَعِفُّ فلا نُرِيبُ حَلِيفَنَا = ونكُفُّ شُحَّ نُفوسِنا في المَطْمَعِ
11: ونَقِي بِآَمِنِ مَالِنَا أَحسابَنا = ونُجِرُّ في الهَيْجا الرماحَ ونَدَّعِي
12: ونَخُوضُ غَمْرَةَ كلِّ يومِ كَرِيهةٍ = تُرْدِي النُّفوسَ وغُنْمُها لِلأَشْجَعِ
13: ونُقيمُ في دارِ الحِفاظِ بُيُوتَنا = زَمناً، ويَظْعَنُ غَيْرُنا لِلأَمْرَعِ
14: ومَحَلِّ مَجْدٍ لا يُسَرِّحُ أَهلُهُ = يومَ الإِقامةِ والحُلولِ لِمَرْتَعِ
15: بِسَبيلِ ثَغْرٍ لا يُسَرِّحُ أَهلُهُ = سَقِمٍ يُشارُ لِقاؤُهُ بِالإِصْبَعِ
16: فسمي ما يدريك أن رب فتية = باكرت لذتهم بأدكن مترع
17: مُحْمَرَّة عَقِبَ الصَّبُوحِ عُيونُهمْ = بِمَرىً هناك من الحياةِ ومَسْمَعِ
18: مُتَبَطِّحِينَ علَى الكَنيفِ كأَنَّهم = يَبْكُونَ حولَ جِنَازَةٍ لم تُرْفَعِ
19: بَكَرُوا عليَّ بِسُحْرَةٍ فَصَبحْتُهمْ = مِن عاتقٍ كَدَمِ الغزالِ مُشَعْشَعِ
20: ومُعَرَّضٍ تَغْلِي المَرَاجِلُ تحتَه = عَجَّلْتُ طَبْخَته لرَهْطٍ جُوَّعِ
21: ولَدَيَّ أَشْعَثُ باسطٌ لِيَمِيِنِهِ = قَسَماً لقدْ أَنضجتَ لم يَتَوَرَّعِ
22: ومُسَهَّدِينَ مِن الكَلاَلِ بَعَثْتُهُمْ = بعدَ الكَلاَلِ إِلى سَوَاهِمَ ظُلَّعِ
23: أَوْدَى السِّفارُ بِرِمِّها فتَخالُها = هِيماً مُقَطَّعَةً حِبالُ الأَذرُعِ
24: تَخِدُ الفَيافِيَ بالرِّحالِ وكلُّها = يَعْدُو بِمُنْخَرِقِ القَميصِ سَمَيْدَعِ
25: ومَطِيَّةٍ حَمَّلْتُ رَحْلَ مطيَّةٍ = حَرَجٍ تُنَمُّ مِن العِثارِ بدَعْدَعِ
26: وتَقِي إِذا مَسَّتْ مَناسِمُها الحَصَى = وَجَعاً وإِنْ تُزْجَرْ به تَتَرَفَّعِ
27: ومُناخِ غَير تَئِيَّةٍ عَرَّسْتَهُ = قَمَنٍ منَ الحَدْثَانِ نابِي المَضْجَعِ
28: عَرَّسْتُهُ وَوِسادُ رأسي ساعدٌ = خاظِي البَضيعِ عُروقُه لم تَدْسَعِ
29: فَرَفَعْتُ عنه وهْو أَحمرُ فاترٌ = قد بانَ مِنَّي غيرَ أَنْ لم يُقْطَعِ
30: فَتَرى بحيثُ تَوَكَّأَتْ ثَفِناتُها = أَثَراً كمُفْتَحَصِ القَطا لِلْمَهْجَعِ
31: ومتاع ذعلبة تخب براكب = ماض بشيعته وغير مشيع



ـ
ترجمته: الحادرة لقب، وأصل (الحادر) الضخم، ونبز بذلك لقول صاحبه زبان بن سيار فيه يشبهه بضفدع غليظة:
كأنك حادرة المنكبيـ.......ـن رصعاء تنقض في حائر
ويقال له (الحويدرة) أيضا على التصغير. واسمه: قضبة بن محصن بن جرول بن حبيب بن عبد العزى بن خزيمة بن رزام بن مازن بن ثعلبة بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان. وفي اللسان 5: 366 أن اسمه (قطبة بن أوس الغطفاني) وهو شاعر جاهلي مقل.
جو القصيدة: يبدؤها بالغزل والنسيب، ثم يذهب مذهب العرب في الفخر بالوفاء والنجدة ومعاناة الحروب وحفظ الذمار، ويذكر الخمر ومجلسها، وتجشمه الأسفار، ويصف ناقته. وهي من جيد الشعر. ففي الأغاني 3: 80 عن الأصمعي قال: (سمعت شيخا من بني كنانة من أهل المدينة يقول: كان حسان بن ثابت إذا قيل له تنوشدت الأشعار في بلدة كذا وكذا يقول: فهل أنشدت كلمة الحويدرة) يعني هذه القصيدة. وفيه أبي عبيدة (هي من مختار الشعر، أصمعية مفضلية) وفي شرح ديوانه (قال أبو سعيد: هي في اختياره يعني الأصمعي واختيار المفضل).
تخريجها: هي في ديوانه المخطوط عدا الأبيات 14، 18، 24، 26، 31. والبيت الأول في الخزانة 3: 437. والبيتان 5، 6 في اللسان 5: 366 مع اختلاف كثير في رواية أولهما. والأبيات 1، 3، 16، 19 في الأغاني 3: 79. والبيت 11 في الخزانة 1: 425 غير منسوب. وفي الفصول والغايات 1: 452 بيت ملفق من البيتين 22، 23. وانظر الشرح 48-63.
(1) لم يربع: من قولهم (ربع بالمكان) إذا أقام. يقول: إن سمية اعتزمت الرحيل مبكرة، وغدت مفارقة، فأصب متعة من وداع.
(2) اللوى: منعرج الرمل. والبنينة، بهيئة التصغير: موضع. لم تقلع: لم تكف.
(3) تصدفت، بالفاء: أعرضت وانحرفت. استبتك: غلبتك وصيرتك سبيا لها. الواضح: الناصح الخالص، يعني عنقها. الصلت: المشرق الجميل. كمنتصب الغزال: شبه عنقها بطول جيد الغزال، وروي بكسر الصاد، وتوجيهه واضح، وبفتحها، مصدر ميمي، أي كما ينتصب. الأتلع: الطويل العنق.
(4) المقلة: حشو العين بياضها وسوادها. الحور، بفتح الواو: شدة سواد العين مع شدة بياضها. وسنان: به سنة، وهي النعاس. يريد: تظن أن بعينها نعاسا، وذلك موصوف في النساء، أن يكون في نظرها فتور. حرة: نعت للحوراء. والمستهل: مجرى الدمع. والمعنى: أنها حرة الوجه كريمته.
(5) تنازعك الحديث: تحادثك، تجاذبك إياه. المكرع: ما يكرع من ريقها، أي يرتشف. وأتى بالصفة المشبهة (لذيذ) بلفظ المذكر، وهو صفة لها، رعاية للمضاف إليه، وهو قليل، وله شواهد.
(6) الغريض: الطري من كل شيء، وهو ههنا: الماء القريب العهد بالسحابة. السارية: السحابة تسري بالليل: أدرته: استخرجته كما يستخرج الحالب اللبن. الصبا، يفتح الصاد: ريح مهبها من الشرق، وإنما خصها لسكونها ولينها وأن المطر يأتي بها سهلا. الماء الأسجر: الذي فيه كدرة لم يصف كل الصفو، وإنما وصف ماء المطر بهذا، وأصله الصفاء، لأنه يتغير لما يخالطه من التراب إذا صار إلى الأرض. المستنقع: الموضع الذي استنقع فيه الماء، وكلما طاب الموضع من الأرض طاب له الماء. يريد بهذا البيت والبيتين بعده وصف طيب ريقها وعذوبته.
(7) البطاح: جمع أبطح، وهو بطن الوادي يكون فيه حصى صغار. والحريصة: المطرة التي تحرص وجه الأرض، أي تقشره. وانهلالها: تدفقها. فإذا جاءت المطرة في غير وقتها قيل إنها ظلمت البطاح. يقال: أرض مظلومة، أصابها المطر في غير وقته. النطاف: المياه، الواحدة نطفة. مقلع، بفتح اللام: مصدر ميمي بمعنى الإقلاع، أي الكف أي: فصفا ماء هذه السحابة بعد أن أقلعت. (له) في الموضعين، أي من أجله، والضمير للغريض في البيت السابق.
(8) الغلل:الماء يجري في أصول الشجر. والخروع، بالكسر: نبت معروف، لين خوار. أي: جاءته السيول من كل شق وناحية، فكأنها في إتيانها لاعبة.
(9) سمي: ترخيم سمية. كانوا في الجاهلية إذا غدر الرجل رفعوا له بسوق عكاظ لواء ليعرفوه الناس.
(10) لا نريب حليفنا: لا نغدر به ولا تأتيه منا ريبة، يقال رابني الشيء ريبا: إذا تيقنت منه بالريبة، وأرابني: إذا كنت فيه شاكا. فكف إلخ، يقول: نمنع أنفسنا من البخل عند طمع الطامع في معروفنا.
(11) آمن المال، بفتح الميم: أوثقه في نفوسهم. وآمنه، بكسرها: ما قد أمن لنفاسته أن ينحر، أو خالص المال وشريفه. يقول: نجود بأفاضل أموالنا نقي بها أعراضنا. نجر: من (الإجرار) وهو: أن يطعن الرجل الرجل ثم يترك الرمح فيه، ليكون ذلك أعنت له. وندعي: ننتسب. وكان العرب إذا ضرب الضارب أو طعن الطاعن قال: خدها وأنا ابن فلان، أو: وأنا الفلاني، ينتسب إلى أبيه أو قبيله ليعرف.
(12) يقول: نخوض الغمرات في الكرائه والصعوبات التي تردي الناس، أي تهلكهم، ولا يظفر فيها إلا الشجاع.
(13) دار الحفاظ: التي لا يقيم فيها إلا من حافظ على حسبه وصبر على ما لا يصبر عليه، وذلك أنه لا يحافظ على حسبه إلا الشريف. يظعن: يرحل. الأمرع، بضم الراء: جمع مرع بسكونها، وهو الكلأ والخصب. والأمرع، بفتح الراء: الموضع الأكثر مراعة وخصبا.
(14) ومحل مجد: عطف على (دار الحفاظ) والمجد: من قولهم (مجدت الإبل) بفتح الجيم: إذا أكلت نصف الشبع. المرتع: مكان الرتع، وهو الرعي في الخصب. يريد أنهم إذا كانوا في جدب لم يتركوا أحياءهم وعشائرهم ويرحلوا في طلب الخصب. وهذا البيت زيادة من رواية ابن الأعرابي وحده.
(15) الثغر: موضع المخافة. سقم، بفتح القاف وكسرها، روايتان: مخوف، وهو مما لم يذكر في المعاجم. يشار لقاءه، أي نحوه، فهو ظرف مكان. ويشار لقاؤه، أي عند لقائه، يقال: هذا مخوف فاحذروه، قاله الأنباري.
(16) فسمي: حذف حرف النداء. رب، بفتح الباء: مخفف (رب) بالتشديد. الأدكن: ما لونه إلى السواد، عنى به هنا الزق. مترع: مملوء. وانظر 24: 15.
(17) الصبوح، بالفتح: شرب الغداة. بمرمى: أراد بمرأى بالهمزة، فترك الهمز. يقول: بمنظر من الحياة ومسمع، أي: حيث يرون ما يشتهون ويسمعون.
(18) متبطحين: مستلقين على وجوههم. الكنيف: حظيرة من خشب أو شجر تتخذ للإبل لتقيها الريح والبرد. هذا البيت ذكره الأنباري بعد البيت الآتي، ونص على أنه رواية زائدة عن غير أبي عكرمة، وأن راويه رواه بعد البيت 17 وقبل البيت 19 ولكن الناسخين والناشرين إذ نقلوا المتن وحده، أخطأوا موضعه، فقدموا عليه البيت 19 ولم يتنبهوا إلى نص الأنباري.
(19) السحرة، بضم السين: السحر، بفتحتين، وهو الوقت قبل الفجر. صبحتهم: سقيتهم الصبوح. العاتق: الخمر العتيقة القديمة. المشعشع: المرقق بالماء لا كثيرا ولا قليلا.
(20) المعرض، بتشديد الراء المفتوحة: اللحم الذي لم يبلغ نضجه. المراجل: جمع مرجل، وهو ما يطبخ فيه. الأشعث: المضرور المحتاج، أصله من شعث الرأس. باسط ليمينه: باذل لها، يحلف من الجهد والضر ليطعمه، يقول: قد أنضجت، ولم ينضج.
(22) المسهد: الممنوع من النوم. الكلال: الإعياء. السواهم: الإبل الضامرة لشدة التعب. وظلعها، بسكون اللام: أن تشتكي أيديها. يحث أصحابه على السفر ومتابعة السير بعد ما أخذ منهم الجهد.
(23) أودى به: ذهب به. السفار مصدر (سافر) قياسي لم ينص عليه في المعاجم. الرم، بكسر الراء: مخ العظم أي ذهب السفار بلحومها وشحومها. الهيم: جمع (هيماء) من الهيام، بضم الهاء، وهو داء يأخذ الإبل شبيه بالحمى، من شهوتها الماء، تشرب فلا تروى، فإذا أصابها ذلك فصد لها عرق فيبرد ما تجد. أي: كأنها مقطعة العروق ما تقدر على المشي.
(24) تخد: من الوخدان، وهو أن يرمي البعير بقوائمه كمشي النعام. الفيافي: القفار. السميدع: الجميل الشجاع، وجعله منخرق القميص لمعالجته السفر وابتذاله فيه نفسه.
(25) حرج، بفتحتين: الناقة الضامرة، أو الجسيمة الطويلة على وجه الأرض. انظر البيت 8 من المفضلية 11. يريد أنه إذا أنضى مطية حمل رحلها على غيرها. تنم: من النم وهو الإغراء. دع دع: كلمة يدعى بها للعاثر ليرتفع، في معنى قم وانتعش واسلم. قال الأصمعي: كانت الإبل في الجاهلية إذا عثرت قيل (دعدع) لتنمي وترتفع، فلما جاء الإسلام كره ذلك. فقالوا: اللهم ارفع وانفع.
(26) هذا البيت لم يروه أبو عكرمة ولا الأصمعي، ورواه ابن الأعرابي في هذا الموضع، كما نص عليه الأنباري، وإن أتى به هو بعد البيت 30 فرددناه إلى موضعه، لاتصال معناه بما قبله. تقي: من الوقي، بفتح فسكون، وهو الحفاء. يقال: فرس واق، إذا حفى من غلظ الأرض ورقة الحافر. المناسم: جمع منسم بكسر السين، وهو خف البعير. وجعا: مفعول مطلق من معنى (تقى) به أي: بقوله (عدع). تترفع. ترتفع في سيرها وتسرع.
(27) المناخ: موضع إناخة الإبل. التئية: التمكث والانتظار، يقال قد تأييت بالمكان، أي تمكث به. التعريس: نزول القوم من السفر ليلا، عدى الفعل بنفسه توسعا، ولم يذكر في المعاجم، وأصله: عرست فيه. قمن، بفتح الميم وكسرها: خليق وجدير. ونصوا على أن الكسر شاهد هذا البيت. الحدثان بكسر الحاء مع سكون الدال، وبفتحهما: نوب الدهر وحوادثه. أي: خليق أن يكون فيه الحدثان. نابي المضجع: لا يطمئن فيه لخوفه منه.
(28) البضيع: اللحم، جمع (بضع) بفتح فسكون، وهو من نادر الجمع، مثل كلب وكليب، ورهن ورهين. والخاظي، من اللحم، بمعجمتين: الكثير. لم تدسع: لم تمتلئ من الدم. يصف خوف هذا الموضع وأن صاحبه ليس بمطمئن، فتوسد ذراعه.
(29) يعني ساعده، رفعه من تحت رأسه وهو أحمر خدر. كأنه مقطوع غير أن لم يقطع. وهذا البيت آخر القصيدة في رواية ابن الأعرابي.
(30) الثفنات، بكسر الفاء: مواصل الذراعين والعضدين من باطن، وهي التي تلي الأرض منها إذا بركت. مفتحص القطا: حيث يفحص في الأرض لبيضه. المهجع: موضع الهجوع. وإنما جعل آثار ثقناتها كأفاحيص القطا لصغرها، لأن نجائب الإبل تصغر ثفناتها. وهذا البيت آخرها في رواية الأصمعي.
(31) الذعلبة: الناقة السريعة. تخب: من الخبب، وهو ضرب من العدو. وهذا البيت ذكره الأنباري في آخر القصيدة، ونص على أنه لم يروه أبو عكرمة، ولم يفسره، ولم ينص على المكان المناسب له فيها.


  #3  
قديم 11 شعبان 1432هـ/12-07-2011م, 04:22 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات لابن الأنباري



وقال الحادرة

قال أبو عكرمة وكان حسان بن ثابت رضي الله عنه إذا قيل له أنشدنا شعرًا، يقول هل أنشدتم كلمة الحويدرة يعني هذه القصيدة.
1: بكرت سمية بكرة فتمتع.......وغدت غدو مفارق لم يربع
ويروى: صرمت (سمية وجهة فتمتع)، أي أصب متعة من وداع وحديث وسلام، وقوله: (فتمتع)، أي فتزود من النظر إليها والسلام عليها، والحديث معها، وقوله: (لم يربع): لم يقم، ولم يكف عن السير، يقال ربع بالمكان إذا أقام به، لم يقل أبو عكرمة في هذا البيت أكثر من هذا، ولم ينسبه، ونسبه أحمد.
الحادرة لقب والحويدرة تصغيره، واسمه قطبة بن محصن بن جرول بن حبيب بن عبد العزى بن خزيمة بن رزام بن مازن بن ثعلبة بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان.
قال وقد قيل إن اسمه قطبة بن قيس بن الأعظم واسم الأعظم حبيب بن عبد العزى، وإنه خرج هو وزبان بن سيار يصطادان، فاصطادا صيدًا فجعلا يضهبان، وجعل زبان يشتوي ويأكل، وهما في الليل، فقال الحادورة:
2: تركت رفيق رحلك قد تراه.......وأنت لفيك بالظلماء هاد
فحقد ذلك عليه زبان ثم إنهما أتيا غديرًا فتجرد الحادرة، وكان له منكبان ضخمان، وكان حادر الخلقة، وإنما سمي الحادرة ببيت قاله زبان بن سيار مجيبا له عن شعر قاله فيه:
ذكرت اليوم دارا هيجتني.......لزبان بن يسار بن عمرو
ليالي تستبيك بجيد رئم.......ومفلوق عليه الفرم يجري
فقال زبان:
كأنك حادرة المنكبيـ.......ـن رصعاء تنقض في حائر
عجوز الضفادع قد حدرت.......تطيف بها ولدة الحاضر
أي إنك مشتهر بنظر الناس إليك، فحدره زبان في هذا البيت فسمي الحادرة به، وقوله حادرة المنكبين، أي ضخمهما، وكل ضخم فهو حادر، يقال وتر حادر إذا كان غليظا ورمح حادر إذا كان غليظ الكعوب، ويقال بجسده حدور أي آثار، ومنه قول ذي الرمة: درم حدورها، ويقال عين حدرة بدرة فحدره مجتمعة صلبة وبدرة نحو منها، ومنه قيل غلام بدر إذا امتلاء واستدار، ويقال جاء ببدرة من لبن أي جاء بسقاء صغير ممتلئ لبنًا، وقد قيل في قوله عين بدرة أي تبدر بالنظر، وسمي البدر بدرًا لاستدارته وامتلائه، وقد قيل لمبادرته غروب الشمس، والرصع والرسح والزلل واحد، يقال رجل أزل وامرأة زلاء، وكذلك في الرصع والرسح، وكل ذئب أزل، وقال أبو ذؤيب في غائص:
أجاز إليها لجة بعد لجة.......أزل كغرنيق الضحول عموج
يصف غائصًا: أجاز نفذ إلى الدرة، وأزل يعني أن الغائص أرسح، وغرنيق طائر يشبه الكركي، والضحول: جمع ضحل وهو الماء القليل، عموج يتلوى في الماء، يتعمج أي يتلوى، وتنقض أي تنق يريد ضفدعًا، يقال أنقضت الضفدع وأنقضت العقاب تنقض إنقاضًا إذا صوتت، وانقضت إذا انحدرت تنقض إنقضاضًا وأنشد:
قطعن ما بين الحمى والجولان.......تنقض أيديها نقيض العقبان
ومنه قول رؤبة: إذا دنا منهن إنقاض النقق، يعني الضفادع، والحائر مكان مرتفع ما حوله مطمئن وسطه فيتحير فيه الماء، فأجابه الحادرة:
لحا الله الزبان من شاعر.......أخي خنعة غادر فاجر
يقال لحى العود يلحاه لحيًا إذا قشره، واستأصله، ويقال لألحينك لحي العصا، ولألحونك لحو العصا، ومنه قول الحجاج: يا أهل العراق والله لألحونكم لحو العصا، ولأعصبنكم عصب السلمة، ولأضربنكم ضرب غريبة الإبل، وأنشد لأوس بن حجر:
لحينهم لحي العصا فطردتهم.......إلى سنة جرذانها لم تحلم
ويروى لحونهم لحو العصا، وفي معناه لحا العود يلحوه، ويروى بيت أوس، ولحا الرجل صاحبه إذا بالغ في سبه، ويقال بين الرجلين لحاء شديد، وإنما خص أوس الجرذان لأنها تدخر لأنفسها ما تأكل ولا يفعل ذلك شيء من الدواب إلا الجرذان واليرابيع، والنمل، فلذلك خصها يصف جدبًا فيقول إذا لم تحلم الجرذان التي تدخر لأنفسها أي لم تسمن فغيرها هالك، يقال قد تحلم الغلام إذا سمن، والخنعة الغدرة وما يستحيا منه، يقال وقع فلان في خنعة.
كأنك فقاحة نورت.......مع الصبح في طرف حائر
(الفقاحة) الزهرة من زهر البقل على أي لون كانت، ونورت ظهر نورها، والزهرة البياض يقال فلان أزهر بين الزهرة والزهر ورجل أزهر وامرأة زهراء، والزهرة النجم الذي في السماء، والزاهر المتوقد يقال ظل سراجه يزهر ليلته حتى أصبح، وقد زهر سراجه، والمزهر البربط، وهجا الحادرة زبان فقال:
لعمرك ما أهجو منولة كلها.......ولكنما أهجو الشرار بني عمرو
مشاتيم لابن العم في غير كنهه.......مباشيم عن أكل العوارض والتمر
قوله: في غير كنهه، أي في غير قدره يقال ما بلغت كنه هذا الأمر أي قدره، قال الذبياني:
وعيد أبي قابوس في غير كنهه.......أتاني ودوني راكس فالضواجع
أي أوعد (وعيدًا) لم يكن على قدر الجناية دونه، مباشيم من البشم، أي متخمون من لحم العوارض، أي لا هم ممن ينحر ناقة صحيحة فيأكل من لحمها، ولكن إن بلغ بها داء، وعلم أنها ميتة نحرها، والعوارض أصلها في الإبل والغنم أن تصيبها علة تداء منها فيخاف على الناقة الموت فتنحر أو الشاة فتذبح، فيقول يغتنمون لحمها فيتخمون عنه، يقال داء الرجل يداء وأداءته العلة أي صيرته ذا داء، ويقول الرجل لصاحبه ما عرضت أهلك أي ما اشتريت لهم والعراضة الهدية ومنه قول الآخر: حمراء من معرضات الغربان، يصف ناقة تتقدم الإبل فتنفرد، وتبعد من الحادي فتقع الغربان على ما عليها من الحمولة مما تأكله الغربان لانفرادها وتقدمها من الحادي فتأكل فكأنها عرضت الغربان أهدت لها ذلك ومنه قول الآخر: وعرضوا المجلس محضًا ماهجًا، أي أهدوا لهم، والماهج الخالص مأخوذ من مهجة النفس وهو خالصها.
مفاريط للماء الظنون بسحرة.......تغاديك قبل الصبح عانتهم تجري
الرواية: تغاديك مرحاهم تصبح أو تسري، الظنون من الماء الذي لا يوثق ببقائه، والظنون من الرجال الذي لا يوثق بما يقول، ولا خير عنده من فضل، ولا عقل، ولا رأي، والظنين: المتهم، والضنين: البخيل، ومن الظنون قول الشماخ:
كلا يومي طوالة وصل أروى.......ظنون آن مطرح الظنون
موضع كلا نصب يقول وصولها ظنون لا يوثق به في كلا يوميها كأنها وعدته وعدتين في يومين، فكان وعدها ظنونًا، فيقول وصلها ظنون في كلا اليومين، ثم قال آن مطرح الظنون أي قد حان أن أطرحه ولا ألتفت إليه إذ لم أكن أثق به، وتغاديك أي يباكرون ذلك الماء الظنون قبل الصبح يستقون منه لإبلهم، وإنما يبكرون لأنهم أذلاء يتعمدون الوقت الذي لا يحضره الناس لأن الناس ما باتوا حتى اكتفوا، ويقال بل جعله ظنونًا لأن الناس لا يثقون به فيتجافون عنه فيقصد هؤلاء لانحراف الناس عنه، والعانة الحمير أي أنهم أصحاب حمير.
يرجون أسدام المياه بأسواق.......مثاليب مسود مغابنها أدر
(يرجون) يخضخضون الماء بأرجلهم كما يرج الوطب إذا مخض، والأسدام الأبار المندفنة، والمغابن أصول الآباط، وبواطن المرافق والركب، ويروى وجهة فتمتع، أي: أدركها وأصب منها متعة من سلام ووداع، وحديث ونظرة.
2: وتزودت عيني غداة لقيتها.......بلوى البنينة نظرة لم تقلع
يريد أنه أدام النظر إليها و(البنينة) موضع، و(اللوى) حيث يفضي الرمل إلى الجدد يقال قد ألوى القوم إذا بلغوا اللوى، وقد ألويتم فانزلوا، ويروى (بلوى البنية)، ويروى بلوى عنيزة نظرة لم تنقع، ويروى بلوى لبينة نظرة، لم تنقع، لم ترو ويقال شرب حتى نقع، أي روي وكذلك قصع صارته، أي روي أو قارب، وقد نقع ينقع، والصارة حرارة العطش، قال ذو الرمة:
حتى إذا زلجت عن كل حنجرة.......إلى الغليل ولم يقصعنه نغب
يصف حميرًا وردت ماء، وهي تخاف الصائد، وزلجت انحدرت وجرت، والنغب الجرع نغبة، ونغب مثل جرعة وجرع، وقوله: (عن كل حنجرة إلى الغليل)، و(الغليل) حرارة العطش في أجوافها، ولم يقصعنه، أي لم يقتلن عطشهن، وغليلهن، والحنجرة من اللهوات إلى المريء، وإنما جعل الحمر كذلك، لم ترو لأنه أسرع لها إذا ذعرت فعدت، وهذا أجود من قول العجاج، بل قد عيب على العجاج قوله: حتى إذا ما عيرها تحببا، أي امتلأ ريًا، وقد خطأه العلماء في هذا، لأنه حينئذ لا يقدر أن يعدو، ويروى: غداة رأيتها.
3: وتصدفت حتى استبتك بواضح.......صلت كمنتصب الغزال الأتلع
(تصدفت) أعرضت وانحرفت، وقوله (استبتك) أي غلبتك وصيرتك سبيًا لها، يقال جاء السيل بعود سبي وهو غريب، والواضح الناصع الخالص يعني عنقها، و(الصلت) المشرق الظاهر، وقوله (كمنتصب الغزال)، شبه عنقها لطولها بجيد الغزال، و(الأتلع) الطويل العنق، يقال رجل أتلع وامرأة تلعاء، وطول العنق موصوف في النساء، قال ذو الرمة:
والقرط في حرة الذفري معلقة.......تباعد الحبل منها فهو يضطرب
ويروى: وتطرفت حتى وتصدفت أعرضت يقال صدف عنه أعرض، ومنه: {سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا}، أي: يعرضون عنها، و(استبتك) غلبتك على عقلك، (كمنتصب) أي كما ينتصب، والمعنى لطول العنق، و(الصلت) المنحسر من اللحم الأملس أراد أن عنقها ليست بكثيرة اللحم، وهي طويلة أعرضت منتصبة العنق، يقال سبيت العدو بغير همز أي باعدته عن موضعه، وسبأت الخمر أسبؤها مهموز، ويروى: حتى (استبتك) بآنس صلت كمنتص الغزال.
4: وبمقلتي حوراء تحسب طرفها.......وسنان حرة مستهل الأدمع
(المقلة) حشو العين بياضها وسوادها، و(الحور) شدة سواد العين وشدة بياضها.
وقوله: (تحسب طرفها وسنان)، وذلك موصوف في النساء، أن يكون في نظر المرأة فتور، قال جرير:
إن العيون التي في طرفها مرض.......قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
و(مستهل الأدمع) حيث تستهل، وأصل الاستهلال رفع الصوت ومنه الإهلال بالحج، ومنه استهلال الصبي عند سقوطه من بطن أمه، وسنان كأنه به سنة، والسنة النعاس، قال أحمد حرة نعت للحوراء، والمستهل مجرى الدمع، والمعنى أنها حرة الوجه كريمته، والحر الكريم.
5: وإذا تنازعك الحديث رأيتها.......حسنًا تبسمها لذيذ المكرع
(منازعتها الحديث) محادثتها إياه، و(المكرع) تقبيله إياها أخذه من قولك كرعت في الماء، ويروى (لذيذ) المشرع، والمشرع مستقاها، وإنما يريد أن مقبلها طيب، يذهب إلى ريقها جعله مشرعًا يقول يطيب مقبلها إذا شرعت فيه كما يطيب (المكرع) في الماء العذب الطيب، ويروى: (حسناء مبسمها لذيذ المكرع)، أحمد المكرع ما يكرع من ريقها، قال (لذيذ المكرع) فنقل الفعل، وأقره على الثاني، فتركه مذكرًا، وليس هو بالأصل، لأنك إذا نقلت الفعل إلى الأول أضفت، وأجريته على الأول في تذكيره وتأنيثه، وتثنيته وجمعه، وربما أقروه على الثاني وهو قليل، فتقول إذا أجريت المنقول على الثاني، وأقررته له مررت بامرأة كريم الأب، وأنشد:
يا ليلة خرس الدجاج طويلة.......ببغداد ما كادت عن الصبح تنجلي
وقال الراعي:
ملس الحصى باتت توجس فوقه.......لغط القطا بالجلهتين نزولا
وقال امرؤ القيس:
فهل تسلينها جسرة أرحبية.......مداخلة صم العظام أصوص
ومثله: مررت برجل كرام الآباء، فنقل وأضاف، وأقره على الآخر، وليس هذا إلا على شبيه بالغلط:
6: بغريض سارية أدرته الصبا.......من ماء أسجر طيب المستنقع
ويروى: بنزيل أزهر، الغريض الطري من كل شيء من اللحم واللبن، وهو ههنا الماء القريب العهد بالسحابة، وأنشد في الغريض يصف صائدًا:
إذا لم يجترر لبنيه لحمًا.......غريضًا من هوادي الوحش جاعوا
و(السارية) السحابة تسري بالليل، وقوله: (أدرته الصبا) أي استخرجته كما يستخرج الحالب اللبن، وإنما خص (الصبا) لسكونها، ولينها وأن المطر بهما يأتي سهلاً، و(الأسجر) الماء الذي فيه كدرة، لم يصف كل الصفو، ومنه قولهم في عين فلان سجرة، وقوله (طيب المستنقع) يريد الموضع الذي استنقع فيه الماء وكلما طاب الموضع من الأرض طاب له الماء، ويروى: (كغريض سارية أدرته الصبا)، غريض ماء طري حديث عهد بالسارية، وهي السحابة تسري ليلاً، ويقال أدرته، واستدرته استخرجت ماءه، ويقال لماء السماء قبل أن يصفو أسجر، وإن فيه لسجرة، وقال العجير السلولي:
غدت كالنطفة السجراء راحت.......أمام مزمزم لجب نفاها
والعين السجراء أيضًا التي فيها حمرة كالكدر، يقال رجل أسجر وامرأة سجراء، ويروى ببزيل أسجر، ذهب إلى الدن أي فيه حمرة، ويروى تنفحه أي تبرده، قال أحمد أي تهب عليه ببرد، النفح للبرد واللفح للحر، قال أحمد: وإنما جعل ماء السارية أسجر وليس بأسجر، ولكنه صاف، فإذا صار إلى الأرض تغير بما يخالطه من تراب الأرض فيصير سجرة، وإنما توصف بهذا أمواه السيول، ويروى: كغريض غادية، ويروى بسبيل أسجر.
7: ظلم البطاح له انهلال حريصة.......فصفا النطاف له بعيد المقلع
(البطاح) جمع أبطح وهو بطن الوادي يكون فيه حصى صغار وقوله: (ظلم البطاح) أي حمل عليها المطر وأصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه ومنه قولهم: سقاء مظلوم، أي شرب منه قبل بلوغه ومنه قول النابغة: والنوى كالحوض بالمظلومة الجلد، وقوله (له) أي من أجله، و(الانهلال) شدة صوب المطر، و(الحريصة) المطرة التي تحرص وجه الأرض، أي تقشره، ومنه قولهم: حرص القصار الثوب، ومنه الحارصة من الشجاج التي تقشر، ومثل هذا المعنى قول أوس:
يقشر جلد الحصى أجش مبترك.......كأنه فاحص أو لاعب داح
و(النطاف) المياه الواحدة نطفة، وذكر أن خالد بن صفوان قال: ما رأيت أرضًا أعذب نطفة ولا أذل مطية ولا أقرب مسافة من الأبلة، فقال له أعرابي إلى جانبه فعلام تضرب أكباد الإبل إلى بيت الله الحرام، فقال أبو عمرو بهذا الكلام وأشباهه غلب هذا والنابغة الناس، قال أحمد قوله ظلم أي جاء في غير وقته، ويقال أرض مظلومة أصابها المطر في غير وقته، ويقال ظلم السيل الأرض إذا خدد في غير موضع تخديد، وأصل الظلم كله وضع الشيء في غير موضعه، ويروى: (انهلال)، وكيفة أي انهلال سحابة تكف بالمطر، وانهلال سيل يقال انهلت السماء سالت، أي فصفا ماء هذه السحابة بعد أن أقلعت.
8: لعب السيول به فأصبح ماؤه.......غللا تقطع في أصول الخروع
قال أحمد الخروع ههنا النبت: شرب الماء فلان، وتثنى ونعم فصار خروعًا، أي جاءته السيول من كل شق وناحية فكأنها في إتيانها لاعبة، و(الغلل) الماء يجري في أصول الشجر، و(الخروع) شجر لين خوار، ومنه قول عنترة يصف النساء:
فزجرتها عن نسوة من عامر.......أفخاذهن كأنهن الخروع
ويقال للمرأة الناعمة المتثنية خريع، قال متمم بن نويرة:
وآثر سيل الواديين بديمة.......ترشح وسميًا من النبت خروعا
ويقال شباب (خروع) إذا كان سهلاً لين المعاش، ويقال انخرع النبت إذا كان لينًا ناعمًا، قال (الغلل) الماء يجري من أصول الشجر، والغيل الماء يجري على وجه الأرض، ويقال الخريع الناعمة من النساء، والخريع الفاجرة، وتخرع الرجل إذا كبر وانخزل، واستشهد أبو عكرمة ببيت متمم بن نويرة ولم يفسره، وفسره غيره فقال: الوسمي أول مطر الربيع، يقال هذه أرض موسومة، والولي المطر الثاني يتلو الوسمي، يقال هذه أرض مولية إذا أصابها الولي، وقوله ترشح أي تنبت، وقد قيل تغذو، ويقال للظبية هي ترشح خشفها أي تغذوه. ويقال بل تعلمه المشي حين يقوى قليلاً.
9: أسمي ويحك هل سمعت بغدرة.......رفع اللواء لنا بها في مجمع
ويروى (في المجمع)، لم يقل أبو عكرمة في هذا البيت شيئًا، ويقال إن لكل غادر (لواء)، فيقول هل كان منا ما يرفع بين الناس، ويشهر والغادر كأنما رفع له بغدره لواء، نصب له في الناس ليعرفوه به كما قال زهير:
وتوقد ناركم شررًا ويرفع.......لكم في كل مجتمعة لواء
وكانوا في الجاهلية إذا غدر الرجل رفعوا له بسوق عكاظ لواء ليعرفوه الناس، ويروى: فأخلي سمي فهل سمعت بغدرة، ويروى: فأخلي إليك فهل سمعت، والعرب تقول هذه الكلمة في موضعين عند التحذير، والتحرز، وعند أمرك للرجل أقبل على شأنك، قال عامر بن الطفيل:
فاخلي إليك فلا هوادة بيننا.......بعد الفوارس إذا ثووا بالمرصد
وقال:
أتين على إخوتي تسعة.......وعدن على العاشر الأفرد
ويروى: وعدن على ربعي الأفرد، يريد أهل ربعي والربع المنزل
10: إنا نعف فلا نريب حليفنا.......ونكف شح نفوسنا في المطمع
أي لا نأتي حليفنا بأمر يريبه، أخبر أنه يعف ويفي بذممه، وقوله: (فلا نريب حليفنا) أي: لا نغدر به ولا تأتيه منا ريبة يقال رابني الشيء ريبًا إذا تيقنت منه بالريبة وأرابني إذا كنت فيه شاكًا، قال جميل:
بثينة قالت يا جميل أربتني.......فقلت كلانا يا بثين مريب
والشح البخل يقول نمنع أنفسنا من البخل عند طمع الطامع في معروفنا، قال أحمد لا نريب حليفنا يقول إن افتقرنا لم نأكل حلفاؤنا وجيراننا، أي لا تشح نفوسنا فتحملنا على أكلهم إن أضقنا بل نعف عن ذلك ونتكرم، ولا نجعل أموالهم وقاية لأموالنا، قال: ويكون أيضًا أنا نغنم فنعف عن أخذ غنيمتنا كما قال عنترة:
يخبرك من شهد الوقيعة أنني.......أغشى الوغى وأعف عند المغنم
أي لا آخذه بل أوثر به، ويروى: أم هل نبر ولا يرع حليفنا، ويروى أم هل نعف، ابن الأعرابي روى أم هل نبر فلا نخون.
11: ونقي بآمن مالنا أحسابنا.......ونجر في الهيجا الرماح وندعي
آمن المال أوثقه في نفوسهم، يقول نجود بأفاضل أموالنا نقي به أعراضنا، و(الإجرار) أن يطعن الرجل الرجل ثم يترك الرمح فيه، ليكون ذلك أعنت له، وأنشد الأصمعي:
ويها فداء لك يا فضاله.......أجره الرمح ولا تهاله
وقال الآخر في عجز بيت: يجر الأسنة كالمحتطب، وقال أوس بن حجر:
وأبيض جعدًا عليه النسور.......وفي ضبنه ثعلب منكسر
والثعلب ما دخل من القناة في جبة السنان، وقوله: ندعي يقول أنا الضارب إذا ضرب أو طعن الطاعن يقول خذها، وأنا ابن فلان وأنا الفلاني، أي يدعي إلى قومه ليعرف، أي فنحن نفعل ذلك، وقال الهذلي:
ورميت فوق ملاءة محبوكة.......وأبنت للأشهاد حزة أدعي
يقال قد احتبك فلان إزاره وبإزاره إذا شده عليه، وحزة وقت، قال أبو عمرو حزة ساعة، ويروى ونقي بصالح مالنا، ومنه قول عمرو بن معدي كرب:
فلو أن قومي أنطقتني رماحهم.......نطقت ولكن الرماح أجرت
أي لم يصنعوا صنيعًا ينطق لساني بشكرهم والثناء عليهم، وكأنهم شدوا لساني أو شقوه فمنعوه الكلام، ومنه قول عبد يغوث:
أقول وقد شدوا لساني بنسعة.......أمعشر تيم أطلقوا عن لسانيا
أي افعلوا بي خيرًا حتى ينطق لساني بشكركم، والأصل في هذا أن يلهج الفصيل بالرضاع، فيشق لسانه ويخل بخلال حتى يمنعه ذلك من الرضاع، ويروى: (ونجر) أي نجرها إلى أعدائنا.
12: ونخوض غمرة كل يوم كريهة.......تردي النفوس وغنمها للأشجع
يقول: (نخوض الغمرات) في الكرائه والصعوبات التي تردي الناس أي تهلكهم ولا يظفر فيها إلا الشجاع وجمع الشجاع شجعاء وشجعان وشجعة وشجعة، ويروى: وكسبها (للأشجع)، أي لا يكسب فيها الغنيمة والرفعة وينال الظفر إلا الشجاع، و(غمرة) كل شيء معظمه.
13: ونقيم في دار الحفاظ بيوتنا.......زمنًا ويظعن غيرنا للأمرع
ويروى: (وتقيم في دار الحفاظ بيوتنا)، وروى ابن الأعرابي بعد قوله (للأمرع بيتًا) وهو:
14: ومحل مجد لا يسرح أهله.......يوم الإقامة والحلول لمرتع
قال الأصمعي: (دار الحفاظ) التي لا يقيم فيها إلا من حافظ على حسبه وصبر على ما لا يصبر عليه، ولك أنه لا يحافظ على حسبه إلا الشريف، و(الأمرع) الخصب، ومثله قول سلامة بن جندل:
يقال محبسها أدنى لمرتعها.......وإن تعادى ببكء كل محلوب
يقول نحبسها في (دار الحفاظ) ليهابنا عدونا فهو أدنى لأن ترتعي حيث شاءت، وتعادى توالى والبكء قلة اللبن، يقال بكأت وبكوت إذا قل لبنها، يقول نحن نقيم وإن صارت إبلنا كلها بكاء، ومثله قول الآخر:
تقيم على دار الحفاظ بيوتهم.......فهم خير أيسار وخير فوارس
ومثله قول عمرو بن كلثوم:
ونحن الحابسون بذي أراطى.......تسف الجلة الخور الدرينا
الدرين ما تحات من ورق الشجر، قال أحمد أي نقيم بالثغر، وموضع المخافة لنعز أهلنا ونمنع أحياءنا وعشيرتنا، يقول وإن كنا في جدب لا نترك أحياءنا وعشائرنا ونرحل في طلب الخصب.
15: بسبيل ثغر لا يسرح أهله.......سقم يشار لقاؤه بالإصبع
ويروى: (بسبيل) أغبر ما يقام بثغره، ويروى يشار وراءه، ورواه أبو عكرمة سقم بكسر القاف، وروى أحمد سقم بفتح القاف، يقول لا يسلكه أحد من خوفه وإنما يشار إليه بالإصبع، و(سقم) مخوف، ولقاءه أمامه، يقول من خوفه لا يسرحون فيه ولا يرعون، قوله: (بسبيل ثغر) أي بطريقه، (لا يسرح أهله) أي لا يسرحون مالهم من خوف العدو، (سقم) سقيم، ويشار لقاؤه أي يشار عند لقائه يقال هذا مخوف فاحذروه وقد يقال ليس به أهل فيسرحوا مالهم كما قال عمرو بن أحمر:
لا تفزع الأرنب أهوالها.......ولا ترى الضب بها ينجحر
وكما قال النابغة: مثل الزجاجة لم تكحل من الرمد، وكقول أبي ذؤيب: كالقرط صاو غبره لا يرضع
16: فسمي ما يدريك أن رب فتية.......باكرت لذتهم بأدكن منزع
ويروى (أسمي ما يدريك)، وروي فسمي ويحك هل سمعت بفتية غاديت لذتهم، قال الأصمعي: قوله (بأدكن) يريد الزق ومنزع مملوء
17: محمرة عقب الصبوح عيونهم.......بمرى هناك من الحياة ومسمع
ابن الأعرابي: أراد (بمرأى) بالهمز، فترك الهمز يقول بمنظر من الحياة ومسمع، ويروى فهم (بمرأى) في الحياة ومسمع، أي حيث يرون ما يشتهون ويسمعون وقال العبسي:
أقول ولم أملك سوابق عبرة.......لقد كنت عن هذا بمرأى ومسمع
و(الصبوح) شرب الغداة، و(عقب) كل شيء آخره، يقال أتيتك على عقب وعقب ذاك وعقب ذاك وعقب ذاك وعقبان ذاك، ويقال ليس لفلان عاقبة أي ولد، ويقال للرجل إذا كان مقطاع الكلام لو كان له عقب تكلم يريد لو كان له جواب تكلم، ويقال رأيت عليه عقبة السرو وعقبة السرو والكسر أجود أي سيماء السرو والكرم، وعقبة القمر أي عودته، قال الشاعر:
لا يطعم المسك والأدهان لمته.......ولا الذريرة إلا عقبة القمر
أي في عودته أي في الشهر مرة، وعقبة القدر ما التصق بأسفلها، ويقال جاءنا في عقب الشهر أي في آخره، ويقال العقبى لك في الخير، والعقبى إلى الله أي المرجع، ومحمرة نعت الفتية.
18: بكروا علي بسحرة فصبحتهم.......من عاتق كدم الغزال مشعشع
ويروى (كدم الذبيح والمشعشع المرقق) بالماء، فإذا أكثر ماؤه فهو المنذى وإذا أقل ماؤه فهو المغرق، (عاتق) عتيقة (كدم الذبيح) كأنها دم دابة ذبيح، (فدمه) طري، وروى غيره: قبل بكروا علي بسحرة هذا البيت، وهو:
19: متبطحين على الكنيف كأنهم.......يبكون حول جنازة لم ترفع
وبعده بكروا علي بسحرة البيت الذي قبله:
20: ومعرض تغلي المراجل تحته.......عجلت طبخته لرهط جوع
ويروى (طبخته)، والمعرض اللحم الذي لم يبلغ نضجه، قال الشاعر وهو السليك بن السلكة:
سيكفيك صرب القوم لحم معرض.......وماء قدور في القصاع مشيب
والصرب اللبن الحامض الشديد الحموضة، وروى ابن الأعرابي: ومجيش تغلي المراجل تحته، يعني: مرجلاً تجيش بالغلي
21: ولدي أشعث باسط ليمينه.......قسمًا لقد أنضجت لم يتورع
قال أحمد (لم يتورع) لم يستثن، الأشعث المضرور أصله من شعث الرأس، وقوله (باسط ليمينه) أي باذل لها، يحلف من الجهد والضر ليطعمه يقول قد أنضجت ولم ينضج.
22: ومسهدين من الكلال بعثتهم.......بعد الكلال إلى سواهم ظلع
(المسهد) الممنوع من النوم، و(الكلال) الإعياء، و(السواهم) الإبل الضامرة لشدة التعب، و(الظلع) في الإبل بمنزلة الغمز في الخيل، وهو أن تشتكي أيديها، ويروى: ومهجدين على (الكلال)، ويروى بعد الرقاد، ويروى إلى قلائص أربع.
23: أودى السفار برمها فتخالها.......هيمًا مقطعة حبال الأذرع
(أودى) به ذهب به، أي ذهب (السفار) بلحومها وشحومها، وفي مثل (أودى) درم، ومثله قول الأعشى: كما قيل في الحرب أودى درم، و(الهيام) داء يأخذها شبيه بالحمى من شهوتها الماء فتشرب فلا تروى فإذا أصابها ذلك فصد لها عرق فيبرد ما تجد، ومثل ذلك قول الأعشى:

لم تعطف على حوار ولم يقـ.......ـطع عبيد عروقها من خمال

والخمال داء أيضًا، وأنشد الأصمعي في الهيام لذي الرمة:
فأصبحت كالهيماء لا الماء مبرد.......صداها ولا يقضي عليها هيامها
الصدى العطش، وجمع (الهيماء) هيم، وذكرها أهيم وهيم فعل، قال أحمد قوله (فتخالها هيمًا مقطعة) أي كأنها مقطعة العروق ما تقدر على المشي.
24: تخد الفيافي بالرحال وكلها.......يعدو بمنخرق القميص سميدع
(الفيافي) القفار، و(السميدع) الجميل الشجاع وقوله (بمنخرق القميص) لمعالجته السفر وابتذاله فيه نفسه، ويروى: متوسدي أيدي نجائب كلها يعدو.
25: ومطية حملت رحل مطية.......حرج تنم من العثار بدعدع
ويروى (حملت) ظهر مطية يريد أنه إذا أنضى مطية في السفر وحسرها (حمل رحلها) على غيرها، وإنما يكون ذلك في شدة السير، قال الأصمعي كانت الإبل في الجاهلية إذا عثرت قيل دعدع لتنمي وترتفع فلما جاء الإسلام كره ذلك فقالوا اللهم ارفع وانفع ولعًا في معنى دعدع، وأنشد قول الأعشى:
بذات لوث عفرناة إذا عثرت.......فالتعس أدنى لها من أن أقول لعا
يعني أنها قوية لا تعثر ولم يرد أنه إذا عثرت قال لها لعا قال الراجز:
وإن هوى العاثر قلنا دعدعا.......له وعالينا بتنعيش لعا
وكذلك لعل قال خليد العبدي:
وإذا يعثر في تجمازه.......أقبلت تسعى وفدته لعل
ويروى: هيما أضر بها السفار فكلها حرج
26: ومناخ غير تئية عرسته.......قمن من الحدثان نابي المضجع
(قمن) أي خليق أن يكون فيه (الحدثان)، وأنشد: أو ترحلون فإنا منك قمن، و(التئية) التمكث والانتظار، يقال قد تأييت بالمكان أي تمكثت به، أي أنه مكان مخوف قال الكميت:
قف بالديار وقوف زائر.......وتأي إنك غير صاغر
وقال لبيد:
وتأييت عليه قافلاً.......وعلى الأرض غيايات الطفل
أي تمكثت وسرت سيرًا رفيقًا، تئية تلبث يقال مالك فيه تئية، يقول خليق أن يكون الحدثان بهذا الموضع والوحشة، و(نابي المضجع) لا يطمئن فيه لخوفه منه
27: عرسته ووساد رأسي ساعد.......خاظي البضيع عروقه لم تدسع
يصف خوف هذا الموضع وأن صاحبه ليس فيه بمطمئن فتوسد ذراعه، وقوله: (لم تدسع) يقول لم تمتلئ عروق يده من الدم كما تمتلئ عروق يد الشيخ، يقال (دسع) البعير بجرته إذا ملأت فمه، و(البضيع) اللحم، و(الخاظي) من اللحم الكثير، قال النمري:
لها متنتان خظاتا كما.......أكب على ساعديه النمر
يقال لحمه خظا بظا أي كثير، قال أحمد قوله (عروقه لم تدسع) يقول ليس برهل ممتلئ العروق، ومثله قول بشر بن أبي خازم (قال أحمد ويروى لقيس بن الخرع):
لها رسغ مكرب أيد.......فلا العظم واه ولا العرق فارا
أي لم ينتفخ فيكون رهلاً، وذلك أن البعير إذا دسع بجرته امتلأت منها غلصمته فشبه امتلاء العروق بدسع البعير بجرته، يقال فار العرق إذا ظهرت فيه نفخ وعقد، والتعريس وقعة من آخر الليل.
و(البضيع) اللحم وهو اسم وحده كما قالوا دخيس.
28: فرفعت عنه وهو أحمر فاتر.......قد بان مني غير أن لم يقطع
لم يقل أبو عكرمة فيه شيئًا: يعني ساعده رفعه من تحت رأسه وهو أحمر خدر كأنه مقطوع غير أنه (لم يقطع).
29: فترى بحيث توكأت ثفناتها.......أثرًا كمفتص القطا للمهجع
(ثفناتها) رؤوس ذراعيها في رؤوس ساقيها ورؤوس الساقين في رؤوس الفخذين من باطنها، و(مفتحص القطا) حيث يفحص في الأرض لبيضه، وإنما جعل (آثار ثفناتها كأفاحيص القطا) لصغرها، لأن نجائب الإبل تصغر ثفناتها وكراكرها وتسبط مشافرها، ويروى: لها (بحيث توكأت ثفناتها أثر)، قال أحمد الثفنات مواصل الذراعين والعضدين من باطن وهي التي تلي الأرض منها إذا بركت، والكركرة ثفنة، فيقول يرى مواقع ثفنات ناقته كمواقع قطا تمت، وروى غيره ههنا بيتين:
30: وتقي إذا مست مناسمها الحصى.......وجعًا وإن تزجر به تترفع
أراد (تتقي وترتفع) في سيرها، هذا البيت في رواية ابن الأعرابي بعد قوله بدعدع وآخرها في رواية الأصمعي (كمفتحص القطا) للموقع، وآخرها في رواية ابن الأعرابي: فرفعت عنه، وهو أحمر فاتر.
31: ومتاع ذعلبة تخب براكب.......ماض بشيعته وغير مشع
[شرح المفضليات: 48-63]


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
8, قصيدة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:36 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir