دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > كتاب التوحيد

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 شوال 1429هـ/26-10-2008م, 01:44 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي باب لا يقال: السلام على الله

بابٌ لا يُقالُ: السَّلامُ عَلَى اللهِ

فِي (الصَّحيحِ) عَنِ ابنِ مسْعودٍ رضي الله عنه قال: كُنَّا إِذا كُنّا مَعَ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ في الصَّلاةِ قُلْنا: السَّلامُ عَلى اللهِ مِنْ عِبادِه، السَّلام على فُلانٍ وفلانٍ، فَقالَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ((لا تَقُولوا السَّلامُ عَلى اللهِ فإنَّ اللهَ هُوَ السَّلامُ)).
فيهِ مسائل:
الأولى: تَفسيرُ السَّلامِ.
الثَّانِيةُ: أنّهُ تحِيَّةٌ.
الثَّالِثَةُ: أنَّها لا تَصْلُحُ للهِ.
الرّابعةُ: العِلَّةُ في ذلِكَ.
الخامِسَةُ: تَعليمُهُم التَّحِيَّةَ الّتي تصْلُحُ للهِ.


  #2  
قديم 4 ذو القعدة 1429هـ/2-11-2008م, 01:08 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تيسيرالعزيز الحميد لفضيلة الشيخ:سليمان بن عبدالله


(1) لمَّا كانَ حقيقةُ لفظِ الإسلامِ السلامةَ والبراءةَ والخلاصَ والنجاةَ من الشرِّ والعُيُوبِ، فإذا قالَ المسلمُ: السلامُ علَيْكُمْ، فهوَ دعاءٌ للمُسَلَّمِ عليهِ، وطلبٌ لهُ أنْ يَسْلَمَ من الشرِّ كُلِّهِ، واللهُ هوَ المطلوبُ منهُ لا المطلوبُ لهُ، وهوَ المدعوُّ لا المَدْعُوُّ لهُ، وهوَ الغنيُّ، لهُ ما في السماواتِ وما في الأرضِ، استحالَ أنْ يُسَلَّمَ عليهِ سُبْحَانَهُ وتعالى، بلْ هوَ المُسَلِّمُ على عبادِهِ كما قالَ تعالى: {قُلِ الْحَمْدُ للهِ وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى }[النمل:59].

وقالَ: {وَسَلاَمٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ }[الصافَّات:181].
وقالَ: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ }[الأحزاب:44] فهوَ السلامُ، ومنهُ السلامُ، لا إلهَ غيرُهُ، ولا رَبَّ سِوَاهُ.
(2) قولُهُ: (في الصحيحِ) أي: (الصحيحَيْنِ).


قولُهُ: (قُلْنَا: السلامُ على اللهِ) أيْ: يقولونَ ذلكَ في التَّشَهُّدِ الأخيرِ كما هوَ مُصَرَّحٌ بهِ في بعضِ ألفاظِ الحديثِ: كُنَّا نقولُ قبلَ أنْ يُفْرَضَ التشَهُّدُ: السلامُ على اللهِ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ اللهَ هُوَ السَّلاَمُ، وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ للهِ)).
قولُهُ: (فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لاَ تَقُولُوا: السَّلاَمُ عَلَى اللهِ))) أيْ واللهُ أعلمُ لِمَا تَقَدَّمَ. وكأنَّ السلامَ اسمُهُ، كما يُرْشِدُ إليهِ آخِرُ الحديثِ.
قولُهُ: (فإنَّ اللهَ هوَ السلامُ) أنكرَ -عليهِ السلامُ- التسليمَ على اللهِ، وأخبرَ أنَّ ذلكَ عَكْسُ ما يجبُ لهُ سُبْحَانَهُ؛ فإنَّ كُلَّ سلامٍ ورحمةٍ لهُ ومنهُ، فهوَ مالِكُها ومُعْطِيها، وهوَ السلامُ.
قالَ ابنُ الأَنْبَارِيِّ: (أَمَرَهُمْ أنْ يَصْرِفُوهُ إلى الخَلْقِ لحاجتِهم إلى السلامةِ).
وقالَ غيرُهُ: (وهذا كلُّهُ حمايَةٌ منهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجَنَابِ التوحيدِ؛ حتَّى يُعْرَفَ اللهُ تعالى وما يستَحِقُّهُ من الأسماءِ والصفاتِ وأنواعِ العباداتِ).
قولُهُ: (السلامُ على فلانٍ وفلانٍ).
اختلفَ العلماءُ في معنى السلامِ المطلوبِ عندَ التحيَّةِ على قولَيْنِ:
أحدُهُما: أنَّ المعنى اسمُ السلامِ عليكم، والسلامُ هنا اللهُ عَزَّ وجلَّ، ومعنى الكلامِ: نزلَتْ بَرَكَةُ اسمِ السلامِ عَلَيْكُمْ، وحَلَّتْ عَلَيْكُمْ. فَاخْتِيرَ في هذا المعنى منْ أسْمَائِهِ اسمُ السلامِ دُونَ غيرِهِ، ويدُلُّ عليهِ قولُهُ في آخرِ الحديثِ.


قولُهُ: (فإنَّ اللهَ هوَ السلامُ) فهذا صريحٌ في كَوْنِ السلامِ اسمًا منْ أسمائِهِ، فإذا قالَ المُسَلِّمُ: السلامُ عليكم؛ كانَ معناهُ: اسمُ السلامِ عليكم، يدُلُّ عليهِ ما رَوَاهُ أبو داودَ عن ابنِ عمرَ أَنَّ رجلاً سَلَّمَ على النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلمْ يَرُدَّ عليهِ حتَّى استقبلَ الجدارَ، ثمَّ تيَمَّمَ وردَّ عليهِ وقالَ:((إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللهَ إِلاَّ عَلَى طُهْرٍ)) ففي هذا بيانٌ أنَّ السلامَ ذِكْرٌ للهِ، وإنَّما يكونُ ذِكْرًا إذا تَضَمَّنَ اسمًا منْ أسمائِهِ.
الثاني: أنَّ السلامَ مصدرٌ بمعنى السلامةِ، وهوَ المطلوبُ المدعوُّ بهِ عندَ التحيَّةِ؛ لأنَّهُ يُنَكَّرُ بلا أَلِفٍ ولامٍ، فيجوزُ أنْ يقولَ المُسَلِّمُ: سلامٌ عليكم، ولوْ كانَ اسمًا منْ أسمائِهِ تعالى لمْ يُسْتَعْمَلْ كذلكَ، بلْ كانَ يُطْلَقُ عليهِ مُعَرَّفًا كما يُطْلَقُ على سائرِ أسمائِهِ الحُسْنى فيُقَالُ: السلامُ، المُؤْمِنُ، المُهَيْمِنُ، فَإِنَّ التنكيرَ لا يَصْرِفُ اللَّفْظَ إلى مُعَيَّنٍ، فضلاً عنْ أنْ يَصْرِفَهُ إلى اللهِ وحدَهُ، بخلافِ المُعَرَّفِ فإنَّهُ ينْصَرِفُ إليهِ تعيينًا إذا ذُكِرَتْ أسماؤُهُ الحسنى، ويدلُّ على ذلكَ عطفُ الرحمةِ والبركةِ عليهِ في قولِهِ: سلامٌ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ، ولأنَّهُ لوْ كانَ اسمًا منْ أسمائِهِ تعالى لمْ يستقِم الكلامُ بالإضمارِ، وذلكَ خلافُ الأصلِ ولا دليلَ عليهِ، ولأنَّهُ ليسَ المقصودُ من السلامِ هذا المعنى، وإنَّما المقصودُ منهُ الإيذانُ بالسلامةِ خبرًا ودعاءً.


قالَ ابنُ القَيِّمِ: (والصوابُ في مجموعِهما؛ أي: القولَيْنِ، وذلكَ أنَّ مَنْ دعا اللهَ بأسمائِهِ الحسنى يسألُ في كلِّ مطلوبٍ ويتوَسَّلُ إليهِ بالاسمِ المُقْتَضِي لذلكَ المطلوبِ المناسبِ لحصولِهِ، حتَّى كأنَّ الداعيَ مُسْتَشْفِعٌ إليهِ، مُتَوَسِّلٌ بهِ، فإذا قالَ: رَبِّ اغفرْ لي، وتُبْ عَلَيَّ؛ إنَّكَ أنتَ التوَّابُ الرحيمُ الغفورُ، فقدْ سألَهُ أمرَيْنِ، وتَوَسَّلَ إليهِ باسمَيْنِ منْ أسمائِهِ، مُقْتَضِيَيْنِ لحُصُولِ مطلوبِهِ، وهذا كثيرٌ جدًّا.
وإذا ثبتَ هذا فالْمَقَامُ لَمَّا كانَ مَقَامَ طلبِ السلامةِ التي هيَ أهمُّ ما عندَ الرجلِ أَتَى فِي طَلَبِهَا بصيغةِ اسمٍ منْ أسمائِهِ تعالى، وهوَ السلامُ الذي تُطْلَبُ منهُ السلامةُ.
فتضَمَّنَ لفظُ السلامِ معنيَيْنِ:
أحدُهُما: ذِكْرُ اللهِ تعالى كما في حديثِ ابنِ عمرَ.


والثاني: طلبُ السلامةِ، وهوَ مقصودُ المُسَلِّمِ، فقدْ تضمَّنَ (سلامٌ عليكمْ) اسمًا منْ أسماءِ اللهِ، وطلبَ السلامةِ منهُ) انتهى مُلَخَّصًا.


  #3  
قديم 4 ذو القعدة 1429هـ/2-11-2008م, 01:09 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي فتح المجيد لفضيلة الشيخ:عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ


(1) قَالَ المُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (بابُ لا يُقَالُ: السَّلامُ عَلَى اللهِ).


(2) فِي (الصَّحيحِ) عَن ابنِ مسْعودٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: كُنَّا إِذا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ في الصَّلاةِ قُلْنا: السَّلامُ عَلى اللهِ مِنْ عِبادِهِ، السَّلامُ على فُلانٍ وفلانٍ، فَقالَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ((لاَ تَقُولُوا: السَّلاَمُ عَلَى اللهِ؛ فَإِنَّ اللهَ هُوَ السَّلاَمُ)).


هذا الحديثُ رواهُ البخاريُّ ومسلِمٌ وأبو دَاوُدَ والنَّسَائِيُّ وابنُ مَاجَهْ منْ حديثِ شَقيقِ بنِ سَلَمَةَ، عنْ عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: (كُنَّا إِذا جَلَسْنا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصَّلاةِ قُلنا: السَّلامُ عَلَى اللهِ قَبْلَ عِبَادِهِ، والسَّلامُ عَلَى فُلانٍ وَفُلانٍ) الحديثَ.


وفي آخِرِهِ ذِكْرُ التَّشَهُّدِ الأخيرِ.
ورواهُ التِّرمذيُّ منْ حديثِ الأسودِ بنِ يَزِيدَ، عن ابنِ مَسعودٍ، وذَكَرَ في الحديثِ سَبَبَ النهيِ عنْ ذلكَ بقَوْلِهِ: ((فَإِنَّ اللهَ هُوَ السَّلاَمُ، وَمِنْهُ السَّلاَمُ)).
وقدْ كانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا انْصَرَفَ من الصلاةِ الْمَكتوبةِ اسْتَغْفَرَ ثَلاَثًا وقالَ:

((اللهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ، وَمِنْكَ السَّلاَمُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ)).
وفي الحديثِ: ((إِنَّ هَذَا هُوَ تَحِيَّةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ لِرَبِّهِمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى)) وفي التنزيلِ ما يَدُلُّ على أنَّ الربَّ تَبارَكَ وتَعَالَى يُسَلِّمُ عليهم في الْجَنَّةِ، كما قالَ تعالى: {سَلاَمٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ}[يس:58].


ومعنى قولِهِ: (إِنَّ اللهَ هُوَ السَّلاَمُ) أنَّهُ تَعَالَى سالِمٌ منْ كُلِّ نَقْصٍ ومِنْ كلِّ تَمثيلٍ، فهوَ الموصوفُ بكلِّ كَمالٍ، الْمُنَزَّهُ عنْ كلِّ عَيْبٍ ونَقْصٍ.
قالَ في (البَدَائِعِ): (السلامُ اسمُ مَصْدَر، وهوَ مِنْ أَلفاظِ الدُّعاءِ، يَتَضَمَّنُ الإِنشاءَ والإِخبار، فجِهَةُ الْخَبَرِيَّةِ فيهِ لا تُنَاقِضُ الْجِهَةَ الإِنشائيَّةَ، وهوَ معنى السلامِ الْمطلوبِ عندَ التَّحِيَّةِ).

وفيهِ قَولانِ مَشْهُورَانِ:
الأَوَّلُ: أنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وهوَ السَّلاَمُ.


ومعنى الكلامِ: نَزَلَتْ بَرَكَتُهُ عليكُمْ، ونحوُ هذا، فاخْتِيرَ في هذا المعنى منْ أسمائِهِ عَزَّ وجَلَّ اسمُ السلامِ دُونَ غيرِهِ من الأسماءِ.


الثاني: أنَّ السلامَ مَصدَرٌ بمعنى السلامةِ.


وهوَ الْمَطلوبُ الْمَدْعُوُّ بهِ عندَ التَّحِيَّةِ، ومِنْ حُجَّةِ أصحابِ هذا القوْلِ أنَّهُ يَأْتِي مُنَكَّرًا، فيقولُ الْمُسَلِّمُ: سَلامٌ عَلَيكُمْ، ولوْ كانَ اسمًا منْ أسماءِ اللهِ لمْ يُستَعْمَلْ كذلكَ.
ومِنْ حُجَّتِهم أنَّهُ ليسَ المقصودُ من السلامِ هذا المعنى؛ وإنَّمَا المقصودُ منهُ الإيذانُ بالسلامةِ خَبَرًا ودُعاءً.


قالَ العَلاَّمَةُ ابنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ:
(وفصْلُ الْخِطابِ أنْ يُقالَ: الحقُّ في مجموعِ القولَيْنِ، فَكُلٌّ منهما بَعْضُ الْحَقِّ، والصوابُ في مَجموعِهما، وإنَّمَا يَتَبَيَّنُ ذلكَ بقَاعدةٍ، وهيَ: أنَّ حَقَّ مَنْ دَعَا اللهَ بأسمائِهِ الْحُسْنَى أنْ يَسألَ في كلِّ مَطلوبٍ ويَتَوَسَّلَ بالاسمِ الْمُقْتَضِي لذلكَ المطلوبِ الْمُنَاسِبِ لِحُصولِهِ، حتَّى إنَّ الدَّاعِيَ مُتَشفِّعٌ إلى اللهِ تعالى مُتَوَسِّلٌ إليهِ بهِ، فإذا قالَ: رَبِّ اغْفِرْ لي وَتُبْ عَلَيَّ إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الغفورُ، فقدْ سألَهُ أَمْرَيْنِ وتَوَسَّلَ إليهِ باسمَيْنِ منْ أسمائِهِ مُقْتَضِيَيْنِ لحُصولِ مَطلوبِهِ، وقالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبي بكرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وقدْ سألَهُ ما يَدْعُو بهِ ((قُلِ: اللهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ؛ وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)).
فالْمَقامُ لَمَّا كانَ مَقامَ طَلَبِ السلامةِ التي هيَ أَهمُّ عندَ الرَّجُلِ، أتى بلَفْظِهَا بصيغةِ اسمٍ منْ أسماءِ اللهِ وهوَ (السلامُ) الذي تُطلَبُ منهُ السلامةُ،

فتَضَمَّنَ لفظُ السلامِ مَعْنَيَيْنِ:
أحدُهما: ذِكْرُ اللهِ.


والثَّانِي: طَلَبُ السلامةِ، وهوَ مَقصودُ الْمُسلِّمِ.


فقدْ تَضَمَّنَ (سَلامٌ عليكُمْ) اسْمًا منْ أسماءِ اللهِ تعالى وطَلَبَ السلامةِ منهُ، فتَأَمَّلْ هذهِ الفائدةَ. وحَقيقَتُهُ: الْبَراءةُ والْخَلاصُ والنجاةُ من الشَّرِّ والعُيوبِ، وعلى هذا المعنى تَدُورُ تَصاريفُهُ.
فمِنْ ذلكَ قولُكَ:


سلَّمَكَ اللهُ، ومنهُ دُعاءُ المؤمنينَ على الصراطِ (رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ)، ومنهُ سَلِمَ الشيءُ لفُلانٍ؛ أيْ: خَلَصَ لهُ وَحْدَهُ، قالَ تعالى: {ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَمًا لِرَجُلٍ}[الزمر:29]؛ أيْ: خالصًا لهُ وَحْدَهُ لا يَمْلِكُهُ معهُ غيرُهُ.

ومنهُ السِّلْمُ ضِدُّ الْحَرْبِ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ من الْمُتَحَارِبَيْنِ يَخْلُصُ ويَسْلَمُ مِنْ أَذَى الآخَرِ؛ ولهذا بُنِيَ فيهِ على الْمُفَاعَلَةِ، فقيلَ: الْمُسالَمَةُ مثلُ الْمُشارَكَةِ.


ومنهُ: القلبُ السليمُ، وهوَ النَّقِيُّ من الدَّغَلِ والعَيْبِ.


وحَقيقتُهُ الذي قدْ سَلِمَ للهِ وَحْدَهُ فخَلَصَ منْ دَغَلِ الشِّرْكِ وغِلِّهِ، ودَغَلِ الذُّنُوبِ والْمُخالَفاتِ، بلْ هوَ المُستقيمُ على صِدْقِ حُبِّهِ وحُسْنِ مُعامَلَتِهِ، وهذا هوَ الذي ضَمِنَ لهُ النجاةَ منْ عذابِ اللهِ، والفوزَ بكَرامتِهِ.
ومنهُ أُخِذَ الإسلامُ؛ فإنَّهُ مِنْ هذهِ الْمَادَّةِ؛ لأنَّهُ الاستسلامُ والانقيادُ للهِ والتخَلُّصُ منْ شَوائبِ الشِّرْكِ، فسَلِمَ لرَبِّهِ وخَلَصَ لهُ، كالعبدِ الذي سَلِمَ لِمَولاهُ ليسَ لهُ فيهِ شُركاءُ مُتشاكِسونَ. ولهذا ضَرَبَ سُبحانَهُ هذَيْنِ الْمَثَلَيْنِ للمسلِمِ الخالِصِ لرَبِّهِ وللمُشْرِكِ به).


  #4  
قديم 4 ذو القعدة 1429هـ/2-11-2008م, 01:10 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي القول السديد لفضيلة الشيخ : عبدالرحمن السعدي


(1) وقدْ بيَّنَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا المعْنَى بقولِه:((فَإِنَّ اللهَ هُوَ السَّلاَمُ)) فهو تعالَى السلامُ السَّالِمُ مِن كلِّ عيْبٍ وَنَقْصٍ، وعَنْ مماثلَةِ أحدٍ مِن خَلْقِه له، وهو المسلِّمُ لعبادِه مِن الآفاتِ والبَلِيَّاتِ، فالعِبادُ لن يبلُغوا ضُرَّه فَيَضُرُّوه، ولن يبلُغوا نَفْعَه فيَنْفَعُوه، بَلْ هم الفقراءُ إليه، المُحْتاجون إليه في جميعِ أحوالِهم، وهو الغَنِيُّ الحميدُ.


  #5  
قديم 4 ذو القعدة 1429هـ/2-11-2008م, 01:11 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تهذيب القول المفيد لفضيلة الشيخ:صالح بن عبدالله العصيمي


(1) هذهِ التَّرجمةُ أتَى بها المُؤَلِّفُ بصيغةِ النَّفي، وهوَ مُحْتَمِلٌ للكراهةِ والتَّحريمِ، لكنَّ استدلالَهُ بالحديثِ يَقْتَضِي أنَّهُ للتَّحريمِ. وهوَ كذلكَ.
والسَّلامُ

لهُ عِدَّةُ معانٍ:
الأول: التَّحيَّةُ، كما يُقالُ: سَلَّمَ على فلانٍ؛ أيْ: حيَّاهُ بالسَّلامِ.


الثاني: السَّلامةُ من النَّقصِ والآفاتِ، كقَوْلِنَا: (السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ).


الثالث: أنه اسمٌ منْ أسماءِ اللهِ تعالى، قالَ تعالى: {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ}.


قولُهُ: (لا يُقالُ: السَّلامُ عَلَى اللهِ) أيْ: لا تَقُل: السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَبِّ؛ لأِمرين:
الأول: أنَّ مثلَ هذا الدُّعَاءِ يُوهِمُ النَّقصَ في حقِّهِ، فَتَدْعُو اللهَ أنْ يُسَلِّمَ نفسَهُ منْ ذلكَ؛ إذْ لا يُدْعَى لشيءٍ بالسَّلامِ منْ شيءٍ إلاَّ إذا كانَ قابلاً أنْ يَتَّصِفَ بهِ، واللهُ سبحانَهُ مُنَزَّهٌ عنْ صِفاتِ النَّقصِ.


الثاني: أنك إذا دَعَوْتَ اللهَ أنْ يُسَلِّمَ نفسَهُ فقدْ خالفْتَ الحقيقةَ؛ لأنَّ اللهَ يُدَعَى ولا يُدْعَى لهُ، فهوَ غَنِيٌّ عنَّا، لكنْ يُثْنَى عليهِ بصفاتِ الكمالِ، مثلِ: غَفُورٍ، سميعٍ، عليمٍ....


ومُنَاسَبَةُ البابِ لتوحيدِ الصِّفَاتِ ظاهرةٌ:
لأنَّ صفاتِهِ عُلْيَا كَامِلَةٌ، كما أنَّ أسماءَهُ حُسْنَى.


- والدَّليلُ على أنَّ صفاتِهِ عُلْيَا قولُهُ تعالى: {لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى}.


- وقولُهُ تعالى: {وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}والمَثَلُ الأعلى: الوَصْفُ الأَكْمَلُ.


فإذا قُلْنَا: (السَّلامُ على اللهِ) أَوْهَمَ ذلكَ أنَّ اللهَ سبحانَهُ قدْ يَلْحَقُهُ النَّقصُ، وهذا يُنافِي كمالَ صفاتِهِ.
ومناسبةُ هذا البابِ لِمَا قبلَهُ ظاهرةٌ:
لأنَّ موضوعَ البابِ الَّذي قبلَهُ إثباتُ الأسماءِ الحسنى للهِ المتضمِّنَةِ لصفاتِهِ.
وموضوعُ هذا البابِ:
سلامةُ صفاتِهِ منْ كلِّ نقصٍ، وهذا يتضمَّنُ كمالَهَا، ولا يَتِمُّ الكمالُ؛ إلاَّ بإثباتِ صفاتِ الكمالِ ونفيِ ما يُضَادُّهَا، والرَّبُّ سبحانَهُ وتعالى يَتَّصِفُ بصفاتِ الكمالِ، ولكنَّهُ إذا ذُكِرَ ما يُضادُّ تلكَ الصِّفةَ صارَ ذلكَ أكملَ.
ولهذا أَعْقَبَ المؤلِّفُ يَرْحمُهُ اللهُ البابَ السَّابقَ بهذا البابِ؛ إشارةً إلى أنَّ الأسماءَ الحسْنَى والصِّفاتِ العُلَى لا يَلْحَقُهَا نقصٌ.
والسَّلامُ: اسمٌ ثُبُوتِيٌّ سَلْبِيٌّ.
فَسَلْبِيٌّ: أيْ: أنَّهُ يُرادُ بهِ نفيُ كلِّ نقصٍ، أوْ عَيْبٍ يَتَصَوَّرُهُ الذِّهنُ، أوْ يَتَخَيَّلُهُ العقلُ؛ فلا يَلْحَقُهُ نقصٌ في:
- ذاتِهِ.


- أوْ صفاتِهِ.
- أوْ أفعالِهِ.


- أوْ أحكامِهِ.


وثُبُوتِيٌّ: أيْ يُرَادُ بهِ ثبوتُ هذا الاسمِ لهُ والصِّفَةِ الَّتي تضَمَّنَهَا، وهيَ السَّلامةُ.
(2) قولُهُ: (فِي الصَّحيحِ) هذا أعمُّ مِنْ أنْ يكونَ ثابتًا في (الصَّحيحَيْنِ) أوْ أحدِهِمَا، أوْ غيرِهِمَا.


قولُهُ: (كُنَّا إِذا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلَّمَ في الصَّلاةِ) الغالبُ أنَّ المَعِيَّةَ معَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلَّمَ في الصَّلاةِ لا تكونُ إلاَّ في الفرائضِ؛ لأنَّها هيَ الَّتي يُشْرَعُ لها صلاةُ الجماعةِ، ومشروعيَّةُ صلاةِ الجماعةِ في غيرِ الفرائضِ قليلةٌ؛ كالاستسقاءِ.
قولُهُ: (قُلْنا: السَّلامُ عَلى اللهِ مِنْ عِبادِهِ) أيْ: يَطْلُبونَ السَّلامةَ للهِ مِن الآفاتِ، يَسْأَلونَ اللهَ أنْ يُسَلِّمَ نفسَهُ من الآفاتِ، أوْ أنَّ اسمَ السَّلامِ على اللهِ منْ عبادِهِ؛ لأنَّ قولَ الإنسانِ: (السَّلامُ عليكُمْ) لهُ معنيانِ:
أحدهما: اسمُ السَّلامِ عليكَ؛ أيْ: عليكَ بَرَكَاتُهُ باسمِهِ.
والآخر: السَّلامةُ من اللهِ عليكَ، فهوَ سلامٌ بمعنى تسليمٍ، ككلامٍ بمعنى تكليمٍ.


قولُهُ: (السَّلامُ على فُلانٍ وفلانٍ) أيْ: جبريلَ وميكائيلَ.
وكلمةُ فلانٍ يُكَنَّى بها عن الشَّخصِ، وهيَ مصروفةٌ؛ لأنَّهَا ليْسَتْ عَلَمًا ولا صفةً، كصَفْوَانٍ في قولِهِ تعالى: {كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ}.
وقدْ جاءَ في لفظٍ آخَرَ: (السَّلامُ عَلَى جِبريلَ وَمِيكَالَ) كانُوا يقولونَ هكذا في السَّلامِ، فقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلَّمَ: ((لاَ تَقُولُوا: السَّلاَمُ عَلَى اللهِ؛ فَإِنَّ اللهَ هُوَ السَّلاَمُ)).
وهذا نهيُ تحريمٍ، والسَّلامُ لا يحتاجُ إلى سلامٍ، إذ هوَ نفسُهُ عزَّ وجلَّ سلامٌ سالمٌ منْ كلِّ نقصٍ، ومنْ كلِّ عيبٍ.
(3) فيهِ مسائلُ:


الأولى: (تَفسيرُ السَّلامِ)فبالنِّسبةِ لكونِهِ اسمًا منْ أسماءِ اللهِ معناهُ: السَّالمُ منْ كلِّ نقصٍ وعيبٍ.


وبالنِّسْبَةِ لكونِهِ تَحِيَّةً لهُ معنَيَانِ:
الأوَّلُ: تقديرُ مضافٍ؛ أي: اسمُ السَّلامِ عليكَ؛ أي: اسمُ اللهِ الَّذي هوَ السَّلامُ عليكَ.


الثَّاني: أنَّ السَّلامَ بمعنى التَّسليمِ، اسمُ مصدرٍ كالكلامِ بمعنى التَّكليمِ؛ أيْ: تُخْبِرُ خبرًا يُرادُ بهِ الدُّعَاءُ أنَّ السَّلامَ على فلانٍ، ولكنَّهُ خبرٌ لفظًا، إنشاءٌ معنًى؛ أيْ: أَسْأَلُ اللهَ أنْ يُسَلِّمَكَ تسليمًا.


(4) الثَّانِيَةُ: (أنَّهُ تحِيَّةٌ) وسبقَ ذلكَ.


(5) الثَّالِثَةُ: (أنَّها لا تَصْلُحُ للهِ) وإذا كانَتْ لا تَصْلُحُ لهُ كانَتْ حَرَامًا.


(6) الرَّابعةُ: (العِلَّةُ في ذلِكَ) أنَّ اللهَ هوَ السَّلامُ، وقدْ سبقَ بيانُهَا.


(7) الخامِسَةُ: (تَعليمُهُم التَّحِيَّةَ التي تصْلُحُ للهِ)وتُؤْخَذُ منْ تكملةِ الحديثِ: ((التَّحِيَّاتُ للهِ...)).

ويُستفادُ من الحديثِ:
أنَّهُ لا يَجُوزُ الإقرارُ على المحرَّمِ؛ لقولِهِ: ((لاَ تَقُولُوا: السَّلاَمُ عَلَى اللهِ)) وهذا واجبٌ على كلِّ مسلمٍ.


  #6  
قديم 4 ذو القعدة 1429هـ/2-11-2008م, 01:12 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح فضيلة الشيخ :صالح بن عبدالعزيزبن محمد آل الشيخ (مفرغ)


باب لا يقال: السلام على الله
ومناسبة هذا الباب للباب الذي قبله:
أنَّ ترك قول: السلام على الله هو مِنْ تعظيم الأسماء الحسنى، ومن العلم بها؛ ذلك أن السلام هو الله جل جلاله، والسلام من أسمائه سبحانه وتعالى.
- فهو المتصف بالسلامةِ الكاملةِ من كل نقصٍ وعيب.
- وهو المنزّه والمبعَد عن كل آفةٍ، أو نقصٍ، أو عيبٍ؛ فله الكمال المطلق في ذاته، وصفاته الذاتية، وصفاته الفعلية جل وعلا.
والسلام في أسماء الله، معناه أيضاً: الذي يُعطي السلامة ويجعل السلامة؛ وأثر هذا الاسم في ملكوت الله: أنَّ كلَّ سلامةٍ في ملكوت الله من كل شرٍّ يؤذي الخلق؛ فإنها من آثار هذا الاسم (السلام) فإنه لكون الله -جل وعلا- هو السلام، فإنه يُفيض السلامة على العباد.
إذا كان كذلك فالله -جل جلاله- هو الذي يفيض السلامة، وليس العباد هم الذين يُعطون الله السلام؛ فإن الله -جل وعلا- هو الغني عن خلقه؛ هو الغني بالذات، والعباد فقراء بالذات {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد}.
فالعبد هو الذي يُعطى السلام، والله -جل وعلا- هو الذي يُسلِّم؛ ولهذا كان من الأدب الواجب في جناب الربوبية، وأسماء الله وصفاته: ألا يُقال: (السلام على الله) بل أنْ يُقال: (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) السلام على فلان وفلان، السلام عليك يا فلان، ونحو ذلك.

فتدعو له بأن يُبارك باسم الله السلام، أو أنْ تَحِلَّ عليه السلامة.
فإذاً: وجه مناسبة هذا الباب للذي قبله ظاهره.

ومناسبته لكتاب التوحيد:
أنَّ الأدب مع أسماء الله -جل وعلا- وصفاته: أن لا يخاطب بهذا الخطاب، وألا يقال: (السلام على الله) لأن في هذا نقصاً في تحقيق التوحيد؛ فتحقيق التوحيد الواجب: أن لا تُقال هذه الكلمة؛ لأن الله غني عن عباده، والفقراء هم الذين يحتاجون إلى السلام.

قال: )في (الصحيح) عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: (كنا إذا كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة قلنا: السلام على الله من عباده، السلام على فلان وفلان)
(السلام على الله من عباده): قالوها مع كونهم موحِّدين، عالمين بحق الله جل وعلا؛ قالوها ظنّاً أنها تحية لا تحوي ذلك المعنى؛ فجعلوها من باب التحية، والتحية في هذه الشريعة مرتبطة بالمعنى.
فالسلام على الله من عباده، كأنهم قالوا: (تحية لله من عباده) وهذا المعنى وإن كان صحيحاً من حيث القصد لكنه ليس بصحيحٍ من حيث اللفظ؛ لأن هذا اللفظ لا يجوز من جهة أن الله -جل وعلا- هو السلام؛ كما قال النبي عليه الصلاة والسلام.
والعباد مسلَّمون، هم الذين يُسلِّمهم الله جل وعلا، ويفيض عليهم السلام؛ وهم الفقراء المحتاجون، فليسوا هم الذين يُعطون الله السلام.
فمعنى (السلام على الله) يعني: السلامة تكون على الله من عباده؛ وهذا لا شك أنه باطل، وإساءة في الأدب مع ما يجب لله -جل وعلا- في:
- ربوبيته.
- وأسمائه وصفاته.
لهذا قال لهم النبي عليه الصلاة والسلام:((لا تقولوا السلام على الله، فإن الله هو السلام)) نهاهم، وهذا النهي للتحريم؛ ولا يجوز لأحد أن يقول: (السلام على الله) لأن السلام على الله مقتضٍ لاهتضام جناب الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات.
إذا كان كذلك، فما معنى قولك حين تُسلِّم على أحد: السلام عليك يا فلان؛ أو السلام عليكم، ورحمة الله، وبركاته؟

فهذه هي تحية المؤمنين في الدنيا وفي الآخرة {تحيتهم يوم يلقونه سلام}.
قال بعض أهل العلم: (إنَّ معناها، وهذا هو أحد المعنيين:
- معنى (السلام عليكم)

يعني: كل اسم لله -جل وعلا- عليكم، يعني: اسم (السلام) عليكم؛ فيكون ذلك تبركاً بأسماء الله جل وعلا، وبصفاته.
فاسم (السلام) عليكم، يعني: اسم الله عليكم؛ فيكون ذلك تبركاً بكل الأسماء، ومنها اسم الله -جل وعلا- (السلام).
والثاني: ما قاله آخرون من أهل العلم: أنَّ قول القائل: (السلام عليكم ورحمة الله)
يعني: السلامة التي اشتمل عليها اسم (السلام) عليكم، نسأل الله أن يُفيضها عليكم.
أو أن يكون المعنى: كلُّ سلامة عليكم مني؛ فإنك لن تجد مني إلا السلامة؛ وهذا يصدق حين تُنَكِّر فتقول: (سلامٌ عليكم، ورحمة الله وبركاته) يعني: كل سلامة مني ستأتيك:
- فلن أخفرك في عِرضِك.
- ولن أخفرك في مالك.
- ولن أخفرك في نفسك.
وكثيرٌ من المسلمين يقول هذه الكلمة، وهو لا يعي معناها؛ كيف أنه حين قال لمن أتاه: السلام عليكم، كأنه عاهده بأنه لن يأتيه منه إلا السلامة، ثم هو يخفر هذه الذمة؛ وربما أضره، أو تناول عرضه، أو تناول ماله، أو نحو ذلك.
فهذا فيه التنبيه على فائدةٍ مهمة، وهو: أنَّ طالب العلم بالخصوص، بل كل عاقل بعامة: إذا نطق بكلام لا بد أن يتبيَّن ما معنى هذا الكلام؟

فكونه يستعمل كلاماً لا يعي معناه: هذا من العيب، وليس من أخلاق الرجال أصلاً أن يتكلموا بكلام ولا يعون معناه؛ فيأتي بكلام ثم ينقضه في فعله، أو في قوله: هذا ليس من أفعال الذين يعقلون، فضلاً عن أن يكون من أفعال أهل العلم، أو طلبة العلم الذين يعون عن الله -جل وعلا- شرعه ودينه.
فإذاً: صار هنا قولان، وكلا القولين صواب؛ فإنَّ قول القائل: السلام عليكم: يشمل الأول والثاني؛ فتبركٌ بكل اسم من أسماء الله، وتبرك باسم الله (السلام) الذي من آثاره السلامة عليك في دينك ودنياك؛ فهو دعاء لك بالسلامة في:
- الدين.
- وفي الدنيا.
- وفي الأعضاء.
- والصفات.
- والجوارح، إلى آخر ذلك؛ أو أن تكون بالمعنى الثاني، كلٌّ منهما صحيح.


  #7  
قديم 4 ذو القعدة 1429هـ/2-11-2008م, 01:14 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي العناصر


مناسبة باب (لا يقال السلام على الله) لكتاب التوحيد
مناسبة باب: (لا يقال السلام على الله) لما قبله
مناسبة باب: (لا يقال السلام على الله) لتوحيد الصفات
شرح ترجمة الباب (لا يقول عبدي)
- بيان معنى الاسم الثبوتي، والاسم السلبي
- بيان معاني السلام
شرح حديث ابن مسعود: (لا تقولوا السلام على الله ...)
- المراد بالصلاة في قول ابن مسعود: (كنا إذا كنا مع النبي في الصلاة)
- بيان متى كان الصحابة يقولون: (السلام على الله)
- حكم قول: (السلام على الله)
- بيان الحكمة من المنع من قول: (السلام على الله)
- المراد بقول ابن مسعود: (السلام على فلان وفلان)
- بيان معنى السلام عند التحية
- بيان معنى تحية الإسلام (السلام عليكم)
- بيان عدم جواز الإقرار على محرم
- معنى قوله: (فإن الله هو السلام)

شرح مسائل باب: (لا يقال السلام على الله)


  #8  
قديم 4 ذو القعدة 1429هـ/2-11-2008م, 01:14 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الأسئله

الأسئله
س1: بين الحكمة من النهي عن قول: (السلام على الله)؟
س2: بين معاني السلام عند التحية؟
س3: ما مناسبة باب (لا يقال السلام على الله) لكتاب التوحيد ؟
س4: ما مناسبة باب (لا يقال السلام على الله) لما قبله؟
س5: بين الفرق بين الاسم الثبوتي والاسم السلبي؟
س6: ما المراد بفلان وفلان في قول ابن مسعود: (السلام على فلان وفلان)؟
س7: اذكر بعض المسائل المستنبطة من باب (لا يقال السلام على الله)؟
س8: تعليل الحكم له فوائد، اذكرها؟
س9: يستفاد من حديث ابن مسعود: ((كنا إذا كنا مع النبي ...)) الحديث أنه لا يجوز الإقرار على محرم، ما وجه ذلك؟
س10: ما مناسبة باب (قول اللهم اغفرلي إن شئت) لكتاب التوحيد؟
س11: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((ليعزم المسألة))؟
س12: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه))؟
س13: قول: (اللهم اغفرلي إن شئت) ونحوه محظور من وجوه، اذكرها؟
س14: بين الفرق بين قول: (اللهم اغفر لي إن شئت) وقول: ((اللهم توفني إذا كانت الوفاة خيرا لي)) ونحو ذلك؟
س15: فصل القول في حكم إضافة لفظ (عبد) و (أمة) إلى غير الله تعالى؟
س16:اذكر أقسام إضافة لفظ (رب) إلى غير الله، مبينا حكم كل قسم؟
س17: متى يجوز إطلاق لفظ (السيد) على غير الله تعالى؟
س18 ما علة النهي عن قول السيد: (عبدي)، (أمتي)؟
س19: ما المراد بالأمر في قوله: (وليقل: سيدي ومولاي)؟ ولماذا؟
س20: اذكر ما استفدته من دراستك لهذا الدرس؟


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ما, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:06 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir