دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > عوامل الجرجاني

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 جمادى الآخرة 1431هـ/11-06-2010م, 12:53 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي أنواع العوامل اللفظية السماعية: النوع الأول: حروف تجر الاسم فقط

وتَتنوَّعُ السماعيَّةُ منها على ثلاثةَ عشرَ نوعًا:
النوعُ الأوَّلُ: حُروفٌ تَجُرُّ الاسمَ فَقَطْ، وهي تِسْعةَ عَشَرَ حَرْفًا (البَاءُ، وَمِن، وَإِلَى، وفِي، واللامُ، ورُبَّ، وَعَلَى ، وَعَنْ ، والكافُ ، وَمُذْ، ومُنْذُ، وحَتَّى، وباءُ القَسَمِ، وتَاءُ القَسَمِ، ووَاوُ القَسَمِ، وحَاشَا، وَعَدا، وَخَلا.

  #2  
قديم 22 رجب 1431هـ/3-07-2010م, 10:26 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العوامل المائة للشيخ خالد الأزهري


وتتنوع السماعية منها على ثلاثة عشر نوعا:
- أي تتنوع العوامل السماعية من اللفظية ثلاثة عشر نوعا.
- قوله: السماعية – فاعل تتنوع _ وقوله: ثلاثة عشر: مفعول تتنوع.
- ونوعا: منصوب على التمييز.
النوع الأول
حروف تجر الاسم الواحد فقط
أي النوع الأول من ثلاثة عشر نوعا حروف تجر الاسم. فاللام في النوع الأول للعهد الخارجي.
وحروف الجر: ما وضع للإفضاء بفعل أو شبهه أو معناه إلى ما يليه وهو الاسم الصريح.
- فالفعل: نحو: مررت بزيد فإن الباء أفضى معنى الفعل إلى الاسم الصريح وهو زيد.
- وشبه الفعل: نحو: أنا مار بزيد، فإن الباء أفضى معنى مار وهو شبه الفعل إلى زيد.
- ومعنى الفعل: نحو زيد في الدار لإكرامك: أي استقر فيها له.
* والاسم المؤول: كقوله تعالى: {وضاقت عليهم الأرض بما رحبت} أي برحبها.
* فما مصدرية – والفعل مؤول بالمصدر وهو الرحب.
- فإن قيل: كيف سمى الشيخ رحمه الله لجميع هذه الكلمات حروفا بل بعضها حروف وبعضها أسماء – وبعضها أفعال.
- قيل: إن ما ذكره الشيخ منها: الباء – ومن – وإلى – وحتى – واللام – ورب – وواو القسم – وتاء القسم – وفي –
فهذه التسعة لا تكون إلا حروفا باعتبار معانيها الأصلية.
- وأما كون اللام فعل في قولك: لـ زيدا، من ولي – يلي.
- و– من – جاء فعل أمر – من مان – يمين: أي كذب.
- وإلى – جاء اسما. إذا كانت بمعنى النعمة.
جاء فعل أمر للمؤنث من، وفي: يفي –و- في:
- و– في: جاء أيضا اسما من الأسماء الستة، نحو: فيك. فلا ينافي كون هذه التسعة حروفا – أن اللام – و– من – و– في: أفعال باعتبار الاشتقاق – ولا اشتقاق في الحروف. وأما كون "إلى" بمعنى النعمة و"في" اسما من الأسماء الستة فلا ينافي كونهما حرفين من الحروف؛ لأن كون الشيء على صورة الشيء لا يستلزم أن يكون عين ذلك الشيء.
* ومنها: عن – وعلى – والكاف – ومذ – ومنذ.
- وكون هذه الخمسة أسماء لا ينافي حرفيتها؛ لأن الحرفية قد غلبت عليها في الاستعمال.
* ومنها: عدا – وخلا – وحاشا.
- وكون هذه الثلاثة أفعالا لا ينافي حرفيتها لأنها استعملت في باب الاستثناء أدوات بمعنى "إلا".
فتسمية الشيخ لجميع هذه الكلمات بالحروف – وإطلاق الحروف على هذه الكلمات لا ينافي أمثال هذه الأمور العارضة لها – والله أعلم.
- فإن قيل: لم سميت هذه الحروف حروف الجر؟
- قيل: إنها تجر معاني الأفعال إلى الأسماء – لأنك إذا قلت: "مررت بزيد" فاتصل معنى المرور بزيد.
- وقيل: تسميتها بالحروف باعتبار عملها – فيكون من قبيل تسمية المؤثر باسم الأثر – كما سميت حروف الجزم لأن عملها الجزم.
-فإن قيل: لم قدمت حروف الجر على الحروف المشبهة بالفعل مع أنها أقوى باعتبار المشابهة بالفعل؟
- قيل: إن حروف الجر لما كانت بسبب كثرة عددها وكثرة وقوعها في الكلام أحق بالتقديم – فقدمت.
وهي سبعة عشر حرفا
* أي حروف تجر الاسم سبعة عشر حرف.
* قوله: وهي سبعة عشر حرفا.
* الواو: للاعتراض.
* وهي: مبتدأ.
* وسبعة عشر: خبر للمبتدأ – مرفوع المحل.
* والجملة الاسمية معترضة لبيان كمية عدد الحروف الجارة.
* وحرفا: منصوب على أنه تمييز.
...........................
الباء وإنما قدم الباء من حروف الجر لرسوخ قدميها في الحرفية.
* وهي تجيء لخمسة عشر معنى.
1 – لإلصاق الفعل:
أي الأول منها لإلصاق الفعل بالمجرور.
* إما حقيقة: نحو: به داء – أي التصق الداء به.
* أو مجازا: نحو: مررت بزيد أي التصق مروري بمكان يقرب منه زيد.
2 - وللتعدية:
أي والثاني الباء لتعدية الفعل اللازم. وهي المعاقبة للهمزة – بعد التعدية بالباء في تصيير الفاعل مفعولا – تقول في: "ذهب زيد".
* ذهبت بزيد – وأذهبته.
3 – وللاستعانة:
أي الثالث الباء للاستعانة وهي الداخلة على آلة الفعل، نحو: كتبت بالقلم. أي استعنت بالقلم في الكتابة. فالباء داخلة على القلم الذي هو آلة الكتابة، قيل منها باء "بسم الله الرحمن الرحيم" – لأن الفعل لا يتأتى أي لا يحصل على الوجه الأكمل إلا بها.
4 – وللمصاحبة:
أي: والرابع: الباء للمصاحبة، نحو: "دخلت عليه بثياب السفر".
- فإن قيل: ما الفرق بين المصاحبة والإلصاق؟
-قيل: إن الإلصاق يستلزم المصاحبة – والمصاحبة لا تستلزمه. لأنك إذا قلت: "بفلان داء".
فالداء صاحب له – من حيث صار جزءا منه، ولا ينفك عنه، وإذا قلت: "دخلت عليه بثياب السفر".
فالثياب مصاحبة له لكن لا من حيث إنها جزؤه وعدم انفكاكها عنه – واختلف في الباء من قوله تعالى: {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا}. فقيل: للمصاحبة – والحمد: مضاف إلى المفعول – أي: فسبحه حال كونك حامدا له – أي: نزهه عما لا يليق به وأثبت له ما يليق به.
- وقيل: الباء هنا للاستعانة – والحمد مضاف إلى الفاعل – أي: سبحه بما حمد به نفسه – إذ ليس كل تنزيه بمحمود.
واختلف في "سبحانك اللهم وبحمدك".
فقيل جملة واحدة على أن الواو زائدة: "سبحانك اللهم بحمدك" وقيل: جملتان على أنها عاطفة – ومتعلق الباء محذوف أي: وبحمدك سبحتك.
وقال: الخطابي: المعنى وبمعونتك التي هي نعمة توجب علي حمدك سبحتك لا بحولي وقوتي.
5 – وللمقابلة:
أي والخامس: الباء للمقابلة:
نحو: اشتريت الدار بألف: أي اشتريتها مقابلة ألف – وبعتها بألفين: أي مقابلة ألفين.
ومنها: {ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون} – تعملون – أي مقابلة شيء كنتم عاملين به.
6 – والزيادة:
أي والسادس "الباء" للزيادة – وزيادتها في الخبر في الاستفهام – بهل والنفي قياسا نحو:
هل زيد بقائم – أي هل زيد قائم.
فهل: للاستفهام – وزيد مبتدأ – وقائم: خبر المبتدأ - والباء: زائدة.
لا يقال: أزيد بقائم.
وما زيد بقائم، أي ما زيد قائما.
فما: بمعنى ليس يطلب الاسم والخبر – وزيد: اسم ما – وقائما خبر ما والباء زائدة.
وفي غير الخبر الواقع في الاستفهام، والنفي سماعا.
فزيادتها: إما: في المبتدأ: نحو: بحسبك درهم: أي: حسبك درهم. فحسب: مبتدأ – ومضاف إلى الكاف – ودرهم: خبره، والباء زائدة.
وإما: في الخبر لكن لا في الاستفهام والنفي نحو: حسبك بزيد أي: حسبك زيد.
فحسب: مبتدأ مضاف إلى الكاف، وزيد خبره – والباء: زائدة.
- وإما: في الفاعل – نحو: {كفي بالله شهيداً} أي كفي الله شهيدا، فكفى: فعل ماض معروف، ولفظ الله: فاعل كفى، والباء: زائدة. وشهيدا: حال من لفظ الله.
- وقد زيدت الباء في مفعول كفى المتعدية.
ومنه: الحديث: ((كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع)).
أي: كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع.
فالباء زائدة – وأن يحدث بتأويل المصدر فاعل كفى.
- وقد زيدت الباء في غير مفعول كفى كقوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}، أي: لا تلقوا أيديكم إلى التهلكة.
فلا: للنهي، وتلقوا: فعل منهي مجزوم بلا وعلامة جزمه سقوط النون، وأيدي: مفعول لتلقوا – وأيدي: مضاف، وكم مضاف إليه وإلى: جار –
والتهلكة مجرور بإلى – والجار والمجرور متعلق بلا تلقوا.
وقيل: الباء للسببية – والمعنى: لا تلقوا أنفسكم بسبب أيديكم إلى التهلكة.
7- وللقسم:
أي والسابع الباء للقسم نحو: بالله لأفعلن كذا. فالباء: حرف جر وقسم – والله: مقسم به.
والجار والمجرور: متعلق بالفعل المحذوف وهو أقسم بالله.
وإن قيل: لم حذف الفعل والأصل في العامل أن يكون مذكورا؟
قيل: إنما حذف الفعل لكثرة استعمال القسم – وكثرة الاستعمال تقتضي الخفة في الكلام.
* واللام في لأفعلن في جواب القسم للتأكيد – وأفعلن: فعل وفاعل جواب القسم – وقد تجيء الباء زائدة في القسم الاستعطافي نحو: بحياتك أخبرني.
8 – وللتبعيض:
أي والثامن "الباء" للتبعيض نحو: شربت بماء البحر، أي: بعض ماء البحر – كقوله تعالى: {عينا يشرب بها عباد الله}، أي: عينا يشرب بعضها عباد الله – فيشرب: فعل مضارع معروف – والباء: للتبعيض جار – والهاء: مجرور – والجار والمجرور متعلق بيشرب – والعباد: فاعل – مضاف – ولفظ الله: مضاف إليه.
ومن التبعيض: الباء في قوله تعالى: {وامسحوا برءوسكم} أي: وامسحوا بعض رءوسكم.
وهذا وإن كان يقوي لمذهب الشافعي رحمه الله، لأن وجوب المسح عندهم مسمى مسح لبشرة رأسه – أو شعرا في خده – فلا ينافي المذهب الحنفي – رحمه الله؛ لأن الوجوب عند الحنفيين مسح ربع الرأس – لأن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الناصية – والناصية لا حد لها معين – فأخذوا ربع الرأس احتياطا.
- وقيل: الباء في الآية للاستعانة – وفي الكلام حذف وقلب تقديره: وامسحوا رءوسكم بالماء.
* وقيل: الباء في الآية للإلصاق – وهذا يقوي مذهب المالكية؛ لأن المسح عندهم واجب كل الرأس.
9 – والباء بمعنى إلى:
أي والتاسع: الباء بمعنى إلى نحو: {وقد أحسن بي} أي قد أحسن إلي – بدليل قولهم: "أحسن إلى الناس" – وقيل ضمن بمعنى لطف – فمعناه: قد لطف بي.
10 – والباء للظرفية:
أي والعاشر الباء للظرفية كقوله تعالى: {ولقد نصركم الله ببدر} أي في بدر – واللام في توطئة القسم – وقد: للتحقيق، ونصر: فعل ماض معروف – وكم: مفعول به منصوب المحل – واسم الله: فاعل نصر والباء: بمعنى في جار – وبدر: مجرور بالباء – والجار مع المجرور: متعلق بنصر.
{ونجيناهم بسحر} أي عند سحر.
- وقيل: الباء في كلا الموضعين بمعنى: عند. أي: لقد نصركم الله عند بدر – ونجيناهم عند سحر.
11 – والباء بمعنى عن:
أي والحادي عشر: الباء بمعنى عن – قوله تعالى: {سأل سائل بعذاب واقع} أي: سأل سائل عن عذاب واقع.
فسأل: فعل ماض معروف.
وسائل: فاعل سأل.
والباء بمعنى عن جار.
وعذاب: مجرور بالباء – والجار مع المجرور متعلق بسأل بدليل قوله تعالى: {عم يتساءلون * عن النبأ}.
12 – والباء للسببية:
والثاني عشر: الباء للسببية كقوله تعالى: {إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل} أي بسبب اتخاذكم العجل – فإن: من الحروف المشبهة بالفعل لتأكيد مضمون الجملة يطلب الاسم والخبر – وكم: في محل النصب بإن – وظلمتم: فعل وفاعل، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر لإن – وأنفس: مفعول مضاف – والكاف: في محل الجر مضاف إليه – والباء: للسببية، جار – واتخاذ مجرور بالباء – والجار والمجرور متعلق بظلمتم، واتخاذ: مضاف إلى كم – من قبيل إضافة المصدر إلى الفاعل – والعجل منصوب مفعول للاتخاذ.
وكذا الباء في قولهم زيد أخذ بذنبه – أي: أخذ بسبب ذنبه – فزيد: مبتدأ – وأخذ: فعل ماض مجهول – والضمير المستتر في أخذ عائد إلى زيد – هو – مفعول ما لم يسم فاعله – والجملة الفعلية في محل الرفع خبر زيد – والباء: للسببية جار – والذنب: مجرور بالباء – والجار مع المجرور متعلق بأخذ.
13- والباء للاستعلاء:
أي والثالث عشر: الباء للاستعلاء كقوله تعالى: {وإذا مروا بهم يتغامزون} أي: إذا مروا عليهم، فإذا: ظرف فيه معنى الشرط، وهو كون الأول سببا للثاني.
ومر: فعل – والواو: ضمير الجمع المذكورين الغائبين عبارة عن المنافقين، والباء: بمعنى على – جار – وهم: مجرور المحل – والجار والمجرور متعلق بمروا، ويتغامزون: جواب الشرط.
بدليل قوله تعالى: {وإنكم لتمرون عليهم}.
14 – والباء للبدل:
أي والرابع عشر الباء للبدل: نحو: "ليت لي بهم قوما" أي ليت لي بدلهم قوما.
15 – وللاعتياض:
أي والخامس عشر الباء للاعتياض، نحو: "اعتضيت به خيرا منه".
16 – وللتفدية:
أي والسادس عشر الباء للتفدية نحو: "بأبي أنت وأمي" أي: فداك أبي أنت وفداك أمي أنت.
2 – و– من
أي الثاني من سبعة عشر حرفا – "من".
فإن قيل: لم قدم "من" على "إلى"؟
قيل: "من" لابتداء الغاية و"إلى" لانتهاء الغاية.
والابتداء مقدم على الانتهاء – لأن الانتهاء لا يتصور إلا بعد "الابتداء"، نحو: "سرت من البصرة إلى الكوفة".
أي ابتداء سيري من البصرة – وانتهاء سيري إلى الكوفة. وتجيء "من" لثلاثة عشر معنى:
1 – لابتداء الغاية:
الأول من ثلاثة عشر معنى: أن "من" تجيء لابتداء الغاية – وذلك فيما يصلح له انتهاء.
نحو: سرت من البصرة إلى الكوفة. أو ما يفيد معناه، نحو: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم". لأن معنى أعوذ به: ألتجئ إليه.
وهذا الابتداء إما من المكان: نحو: سرت من البصرة...
أو من الزمان:
نحو: ممطرنا من الجمعة إلى الجمعة.
وقد تجيء لغير الزمان والمكان: نحو: أعوذ بالله، أي: ألتجئ إليه.
2 – وللتبعيض:
أي والثاني أن "من" للتبعيض وذلك فيما يصلح مكانها لفظ بعض نحو: "أخذت من الدراهم" أي بعضها.
فأخذت: فعل وفاعل – ومن للتبعيض جار والدراهم: مجرور بمن والجار والمجرور: متعلق بأخذت.
وقوله تعالى: {ومنهم من كلم الله}.
ومنهم: مبتدأ باعتبار المدلول والمفهوم لا باعتبار المنطوق.
ومن كلم الله: خبر مبتدأ.
أي: بعضهم من كلمه الله.
وكقوله تعالى: {يغفر لكم من ذنوبكم} أي: يغفر لكم بعض ذنوبكم، فإذا كانت من للتبعيض – يناقض قوله تعالى: {إن الله يغفر الذنوب جميعا}.
فهنا جوابان: الأول بطريق المنع.
والجواب الثاني بطريق التسليم.
تقرير المنع: أن يقال: لا نسلم أن الخطاب في الآية الأولى لأمة محمد صلى الله عليه وسلم لجواز أن يكون خطابا لأمة نوح عليه السلام – كما يدل عليه الكلام السابق.
وأن الله يغفر الذنوب جميعا في حق أمة محمد عليه الصلاة والسلام فلا تناقض حينئذ.
وتقرير التسليم: أن يقال: ولو سلمنا أن الخطاب في الآية الأولى
والآية الثانية لأمة واحدة – فلا تناقض أيضا لأن غفران بعض الذنوب بل عدم غفران بعضها لا يناقض غفران كلها.
- فإن قيل: عدم غفران البعض معلوم من غفران البعض.
قيل: هذا في حيز المنع لأنه ساكت – ولئن سلمنا فجاز أن يكون قوله تعالى: {يغفر الذنوب جميعا} لبعضهم – ويغفر لكم من ذنوبكم لبعض، فلا يلزم التناقض لاختلاف المحل.
3 – وللتبيين:
أي والثالث أن "من" للتبيين أي لبيان المقصود من الشيء المبهم – وعلامة صحته – وضع الموصول في محله كقوله تعالى: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان} – فإنك إذا قلت: فاجتنبوا الرجس الذي هو الوثن استقام المعنى:
فاجتنبوا: فعل وفاعل – والرجس: مفعول به.
ومن: حرف جر لبيان الجنس – والأوثان: مجرور بمن.
والجار والمجرور متعلق بقوله: فاجتنبوا.
وقيل: "من" للابتداء – والمعنى: واجتنبوا من الأوثان الرجس.
- وكثيرا ما يقع "من" لبيان الجنس بعد: ما ومهما – وهما بها أولى لإفراط إبهامهما – نحو: - {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها}.
فمن رحمة: بيان لما يفتح الله.
* {ما ننسخ من آية}.
- فمن آية: بيان لما.
* و{مهما تأتنا به من آية}.
فمن آية: بيان لمهما.
- ومن مخفوضها في المواضع الثلاث في موضع نصب على الحال.
4 – والزيادة:
أي والرابع أن "من" للزيادة – وعلامة الزيادة أي يبقى أصل المعنى على حاله بحذفها، ولا بد لكونها زائدة من تقدم نفي بما وهل أو نهي.
*نحو: {ما تسقط من ورقة إلا يعلمها}.
أي ما تسقط ورقة إلا يعلمها.
* {ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت}.
أي: ما ترى في خلق الرحمن تفاوتا.
* {فارجع البصر هل ترى من فطور}
أي فارجع البصر هل ترى فطورا.
وتقول: "لا يقم من أحد" أي: لا يقم أحد.
فمن في هذه الآيات الثلاث – وفي المثال زائدة – وهذه الآيات والمثال مذكور في المنفي.
وأما الكوفيون والأخفش يجوزون زيادة "من" في الكلام الموجب أيضا، مستدلين بقول العرب: وقد كان من مطر – تقديره: وقد كان مطر.
وأجيب عن استدلالهم بأنه متأول للتبعيض – أي: وقد كان بعض مطر – أو للتبيين أي: وقد كان شيء من مطر – أو هو وارد على الحكاية – كأن قائلا قال:
هل كان من مطر؟.
فأجاب عنه بأنه: قد كان من مطر.
5 – وللتعليل:
أي والخامس: أن "من" للتعليل نحو قوله تعالى: {مما خطيئاتهم أغرقوا} أي لأجل خطيئاتهم أغرقوا.
وكقولهم "أكرهه من سوء أدبه"، أي لأجل سوء أدبه.
6 – وللبدل:
أي والسادس أن "من" للبدل ويعرف بصحة قيام لفظ البدل مقامها نحو: {أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة} أي: أرضيتم بالحياة الدنيا بدل الآخرة.
- "ولا ينفع ذا الجد منك الجد" أي: لا ينفع ذا الحظ حظه من الدنيا بذلك أي بدل طاعتك أو بدل حظك أي: بدل حظه منك.
- وقيل: من بمعنى عند أي: لا ينفع ذا الجد منك الجد: أي عندك.
7 – وبمعنى "في":
أي والسابع أن "من" بمعنى "في" كقوله تعالى: {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة} – أي في يوم الجمعة.
8 – وبمعنى "عند"
أي والثامن أن "من" بمعنى عند نحو: {لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا} أي عند الله شيئا.
9 – قال أبو عبيدة وبمعنى "على":
أي والتاسع أن "من" بمعنى "على" نحو: {نصرناه من القوم} أي: على القوم.
وقيل على التضمين: أي معناه: قويناه منهم بالنصر.
10 – وبمعنى: "عن"
أي: والعاشر أن "من" بمعنى "عن" أي: عن هذا.
نحو: {قد كنا في غفلة من هذا}.
وزعم ابن مالك أن من في نحو: "زيد أفضل من عمرو" للمجاوزة، وكأنه قيل: جاوز زيد عمرا في الفضل.
قال: وهو أولى من قول سيبويه وغيره: إنها: لابتداء الارتفاع في نحو: زيد أفضل منه – وابتداء الانحطاط نحو: زيد شر منه – إذ لا يقع بعدها إلى – (انتهى كلامه).
11 – وللفصل:
أي: والحادي عشر أن "من" للفصل، وهي الداخلة على ثاني المتضادين، نحو: {والله يعلم المفسد من المصلح}.
{حتى يميز الخبيث من الطيب}.
قال ابن مالك: وفيه نظر: لأن الفصل مستفاد من العامل – فإن: ماز – وميز بمعنى: فصل.
والعلم: صفة توجب التمييز.
والظاهر أن "من" في الآيتين للابتداء.
12 – وبمعنى: عن – والتجريد:
أي والثاني عشر أن "من" للتجريد نحو: لقيت من زيد أسدا – أي لقيت من لقائه أسدا، على حذف مضاف كأنه جرد على جميع الصفات إلا على صفة الأسد.
وإنما سمي تجريدا لأنه بمعنى: لقيت زيدا هو أسد على التجريد عن من.
13 – وللقسم:
أي والثالث عشر أن "من" بمعنى باء القسم نحو: "من الله لأفعلن كذا".
ونحو قول القائل: "النار في الشتاء خير، من الله ورسوله" أي: أقسم بالله ورسوله: النار في الشتاء خير، لدفع البرد من الغير.
3 – و– "إلى" لانتهاء الغاية.
أي والثالث من سبعة عشر حرفا "إلى" لانتهاء الغاية: وهي بهذا المعنى مقابلة لـ "من" لأنها لابتداء الغاية – وإلى لانتهاء الغاية – سواء كان في المكان كقوله تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى}.
ونحو: "خرجت إلى السوق".
أو الزمن نحو: {أتموا الصيام إلى الليل}.
أو غيرهما نحو: "قلبي إليك" – فإن قلب المخاطب منه إليه باعتبار الشوق والميل.
وإذا ثبت أن "من" لابتداء الغاية – و"إلى" لانتهاء الغاية فإذا قلت: اشتريت من هذا الموضع إلى ذلك الموضع فالموضعان لا يدخلان في الشراء.
ويجوز دخولهما بالقرينة نحو قرأت الكتاب من أوله إلى آخره.
واعلم أنه إن كانت الغاية بحيث لو لم تدخل كلمة إلى لم يتناولها صدر الكلام لم تدخل تحت المغيا – كالليل في الصوم، كما في قوله تعالى: {أتموا الصيام إلى الليل}.
وإن كانت بحيث يتناولها الصدر تدخل تحت المغيا "كالمرافق".
فالحاصل: أن النحويين في كلمة "إلى" أربعة مذاهب:
الأول: دخول ما بعدها فيما قبلها إلا مجازا.
والثاني: عدم الدخول إلا مجازا.
والثالث: الاشتراك.
والرابع: الدخول إن كان ما بعدها من جنس ما قبلها كما في المرافق.
وعدمه إن لم يكن ما بعدها من جنس ما قبلها كما في الليل في قوله تعالى: {وأتموا الصيام إلى الليل}.
2- والثاني تجيء "إلى" بمعنى "مع" قليلا فيدخل ما بعدها في حكم ما قبلها كقوله تعالى: {ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم}: أي مع أموالكم.
3- والثالث يجيء "إلى" بمعنى "اللام":
نحو: {الأمر إليك} أي: لك.
- وقيل: إلى هنا لانتهاء الغاية – أي: الأمر منه إليك.
4 – والرابع: يجيء "إلى" بمعنى "في": نحو قوله: "فلا تتركني بالوعيد كأنني إلى الناس". أي: في الناس.
5 – والخامس: تجيء "إلى" بمعنى "عند". كقوله: "أشهى إلي من الرحيق السلسل" أي: أشهى عندي.
4 – و– "حتى" لانتهاء الغاية
نحو: أكلت السمكة حتى رأسها. ونمت البارحة حتى الصباح.
فمجرور حتى في المثالين داخل في حكم ما قبله – أي: قد أكل الرأس – ونيم الصباح.
وقال السيرافي: لا يتناول النوم الصباح – كما يتناول الأكل الرأس.
- فإن قيل: كل واحد من "إلى" – و– "حتى" لانتهاء الغاية فما الفرق بينهما؟
- قيل: الفرق بينهما من وجوه ثلاثة:
* الأول منها: أن "حتى" تجيء بمعنى "مع" كثيرا، و"إلى" بمعنى "مع" قليلا.
* والثاني: أن "حتى" مختصة بالظاهر كما في المثالين المذكورين فلا تدخل على المضمر.
- وأما ما ذهب إليه المبرد من نحو: "حتاه بالقوم لا حق" فلا يعتد به. لأنه نادر.
- بخلاف "إلى".
* فإنها تدخل على المظهر نحو: سرت من البصرة إلى الكوفة.
- وتدخل على المضمر نحو: "إليه".
والثالث: أن المجرور بعد حتى يجب أن يكون آخر جزء مما قبله نحو: أكلت السمكة حتى رأسها.
أو ما يلافي آخر جزء منه، نحو: نمت البارحة حتى الصباح، فالصباح من أجزاء اليوم لا من أجزاء الليلة.
- وليس بمشروط في مجرور "إلى" أن يكون بهذه المشابهة.
- ألا ترى إلى قوله تعالى: {وأيديكم إلى المرافق} أن المرافق ليست بآخر جزء من الأيدي، ولا بملاف لآخر جزء منها: لأن الأيدي من رؤوس الأصابع إلى المناكب.
- ولهذا امتنع أكلت: السمكة حتى نصفها، ولم يمتنع إلى نصفها.
والسر في ذلك أن الغاية: إما خلقية، كالرأس في السمكة، والصباح من الليلة.
- وإما جعلية كنصف السمكة:
* فعينت حتى للأولى.
* وإلى للثانية، إذ لا شك أن الخلقي أكمل في كونه غاية من الجعلي.
- وإلى أنقص من حتى بحرف فجعل الناقص للناقص، والكامل للكامل.
- ولحتى وجهان آخران:
-أحدهما: أن تكون عاطفة وهي في هذا الوجه جارية مجرى الجارة في تضمنها معنى الغاية ولذا وجب أن يكون المعطوف أقوى جزءا من المعطوف عليه كقولك:
* "مات الناس حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام".
* أو دونه كقولك: قدم الحاج حتى المشاة.
* وثانيهما: أن تكون حتى ابتدائية مستأنف الكلام بعدها تقول:
* ذهب القوم حتى زيد ذهب – أو حتى ذهب زيد.
- ولذا قال في الصحاح: وتكون حتى جارة بمنزلة إلى في انتهاء الغاية – وتكون عاطفة بمنزلة الواو – وتكون حرف ابتداء يستأنف الكلام بعدها.
- ويجوز في قولك: أكلت السمكة حتى رأسها الوجوه الثلاثة: قولك حتى رأسها: بالجر على أن حتى حرف جر – وبالنصب على أنه معطوف على السمكة، وبالرفع على أنه مبتدأ وخبره محذوف أي: حتى رأسها مأكول، وحتى حرف ابتداء.
5 – و– "في" للظرفية.
الخامس: من سبعة عشر حرفا "في" للظرفية.
1- لحلول الشيء في غيره، فيكون ما قبل "في" مغاير لما بعده نحو:
* السيف في الغمد.
* فالسيف: مظروف، والغمد: ظرف، وهما متغايران.
* والظرف: الوعاء – وتركيبه يدل على أنه يجب أن يكون الظرف حاويا للمظروف على وجه يمنعه عن التفرق.
* وتلك الظرفية:
- إما حقيقة: كقولك: المال في الكيس.
- أو مجازية: نحو: النجاة في الصدق، وكذا: نظرت في الكتاب؛ لأن الكتاب والنظر لما كان أحدهما مشتملا على الآخر كاشتمال الظرف على المظروف سمي أحدهما ظرفا، والآخر مظروفا.
- وقد اجتمعت الظرفية المكانية والزمانية في قوله تعالى: {الم * غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين}.
- فقوله تعالى: {في أدنى الأرض} ظرفية مكانية.
وقوله تعالى: {في بضع سنين} ظرفية زمانية أي مدة سنين.
- وأما نحو: "أدخلت الخاتم في إصبعي" فهو من المكانية لكنه محمول على المجاز.
- ومن الزمانية: نحو: سرت في سنة كذا.
2 – والثاني: تجيء "في" معنى "على" قليلا.
نحو: قوله تعالى: {ولأصلبنكم في جذوع النخل} أي: على جذوع النخل.
والذي غير بين موقعي "في" – و– "على" للاحتواء والاستعلاء. فالاستعلاء موقع "على". والاحتواء موقع "في"، ومكانه صالحا لهما فهو موقعهما، نحو: جلس في الأرض وعليها.
وعلى قول ما قال: إن المراد بالظرف ما كان المظروف ممكنا فيه فكان "في" في الآية بمعناه لا بمعنى "على" كما اختاره صاحب الكشاف؛ لأن المصلوب في الجذوع متمكن فيه تمكن المظروف في الظرف.
3 – والثالث: تجيء "في" "للمصاحبة".
نحو: {فخرج على قومه في زينته}. أي: مع زينته.
4 – والرابع: تجيء "في" للتعليل:
* كما في الحديث: ((إن امرأة دخلت النار في هرة حبستها)): أي لأجل هرة حبستها.
5 – والخامس: تجيء "في" مرادفة "إلى".
نحو: {فردوا أيديهم في أفواههم}.
أي: إلى أفواههم.
6 – و– "اللام"
أي السادس من سبعة عشر حرفا "اللام".
1 – (أ) إما للاختصاص الملكي: نحو: الدار لزيد.
(ب) وإما الاختصاص الاستحقاقي: نحو: الجل للفرس.
- وقد اجتمع الاختصاص الملكي والاستحقاقي في نحو "الحمد لله".
- وأما اللام في نحو: {العزة لله} فللاختصاص الاستحقاقي.
- {الملك لله}، فالظاهر أن اللام فيه للاختصاص الملكي.
فإن قيل: هل يكون مالك الشيء مستحقا له أو لا؟.
قيل: مالك الشيء قد يكون مستحقا إذا كان المالك أهلا للشيء، فيكون مستحقا، كالنساخ المالك للعبد.
- أما إذا كان المالك غير أهل، كالكناس المالك للعبد فإنه مالك له وليس مستحقا.
(جـ) وإما بمجرد الاختصاص مع قطع النظر إلى كون ذلك الاختصاص ملكيا، أو استحقاقيا نحو: "الحلاوة للعسل".
2 – والثاني تجيء اللام للقصد:
نحو: حضرته للانتفاع به أي لقصد الانتفاع به لأنه علة غائية.
والثالث تجيء اللام للعاقبة:
وتسمى هذا اللام لام الصيرورة والمآل، كما جاء في الحديث: ((لدوا للموت وابنوا للخراب)) أي: عاقبة الولادة الموت، وعاقبة البناء الخراب.
4 – والرابع: تجيء اللام بمعنى "على":
نحو: {يخرون للأذقان} أي يخرون على الأذقان.
5 – والخامس: تجيء بمعنى "في":
نحو قوله تعالى: {قدمت لحياتي}.. أي: في حياتي.
6 – والسادس: تجيء بمعنى "عند":
في قراءة البعض في قوله تعالى {بل كذبوا بالحق لما جاءهم}.
بكسر اللام وتخفيف الميم فيكون المعنى: بل كذبوا بالحق عندما جاءهم.
7 – والسابع تجيء بمعنى بعد:
نحو: {أقم الصلاة لدلوك الشمس}، أي بعد دلوك الشمس، وفي الحديث: ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)) أي صوموا بعد رؤية الهلال وأفطروا بعد رؤيته.
8 – والثامن: تجيء بمعنى "من":
نحو: سمعت له صراخا، أي سمعت منه صراخا.
9- والتاسع: تجيء بمعنى "إلى":
نحو: {الحمد لله الذي هدانا لهذا} أي إلى هذا.
10 – والعاشر: تجيء بمعنى "واو القسم، للتعجب":
نحو: "لله لا يؤخر الأجل".
فاللام: بمعنى واو القسم للتعجب جار.
ولفظ "الله": مقسم به – مجرور – والجار والمجرور متعلق بأقسم المحذوف.
ولا: حرف للنفي.
ويؤخر: فعل مضارع مجهول منفي بلا.
والأجل: مفعول ما لم يسم فاعله.
11 – والحادي عشر: تجيء "للتعجب" المجرد عن القسم:
نحو: دره فارسا.
12 – والثاني عشر: تجيء زائدة.
نحو: {ردف لكم} أي "ردفكم".
13 – والثالث عشر: تجيء بمعنى "عن" مع القول:
نحو: قوله تعالى: {قال الذين كفروا للذين آمنوا}: أي عن الذين آمنوا.
14 – والرابع عشر: تجيء للتمليك:
نحو: وهبت لزيد دينارا، أي جعلت الدينار ملكا له.
15- والخامس عشر تجيء للتبيين:
* وهي إما مبينة للفاعلية نحو: تبا لزيد – وويحا له – فإنهما في معنى: خسر زيد وهلك، فإن رفعتهما بالابتداء حيث تقول: تب لزيد، وويح له – فللام ومجرورها خبر، ومحلها الرفع ولا تبيين لعدم تمام الكلام.
* وإما مبينة للمفعولية: نحو: سقيا لزيد وجدعا له.
7 – و"رب" للتقليل
أي السابع من سبعة عشر حرفا: "رب" للتقليل اعلم أن في "رب" عشر لغات.
ضم الراء وفتحها مع فتح الباء المشددة – والمخففة – أربعتها:
- مع تاء التأنيث أو بدونها.
- وضم الراء مع سكون الباء – أو ضمها مخففة.
رُبَّ رَبَّ - رُبَ رَبَ
رُبَّه رَبَّه – رُبَتْ رَبَتْ.
رُبْ رَبْ.
يعني: رب تجيء لإنشاء تعليل نوع من جنس مختصة بنكرة موصوفة لتحقيق التقليل الذي هو مدلول رب لأنه إذا وصف الشيء صار أخص وأقل مما لم يوصف ومحل مجرورها في نحو: رب رجل صالح عندي، رفع على الابتداء.
وفي نحو: رب رجل صالح لقيت: نصب على المفعولية.
وفي نحو: رب رجل صالح لقيته: رفع أو نصب.
قال البعض: رب: اسم نحو: كم، فإذا قلت: رب رجل جاء: كان مبتدأ.
وإذا قلت: رب رجل لقيته: كان مرفوعا على أنه مبتدأ، أو منصوبا على أنه مفعول.
- وبعضهم لا يوجبون كون تلك النكرة موصوفة. ويقولون: إن عاملها نائب عن الصفة.
شعر:
ألا رب مولود وليس له أب = وذي ولد لم يلده أبوان
وذي شامة سوداء في حر وجهه = مجللة لا تنجلي لزمان
ويكمل في تسع وخمس شبابه = ويهرم في سبع مضت وثمان
والأصح أن تلك النكرة موصوفة.
إما بالمفرد: نحو: "رب رجل كريم".
أو بالجملة نحو: رب رجل أبو كريم.
وفعلها يجب أن يكون ماضيا لفظا نحو: "رب رجل كريم لقيت" أو معنى: نحو: "رب رجل كريم لم أفارقه".
- فإن قيل: يرد عليه قوله تعالى: {ربما يود الذين كفروا} إذ فعله ليس بماض لا لفظا ولا معنى.
قيل: إنه كالماضي لأن أخبار الله تعالى في المستقبل تجري في التحقيق مجرى الماضي.
"فيود" بمنزلة: ود.
ويحذف ذلك الفعل الماضي غالبا لوجود القرائن نحو: رب رجل كريم أي: لقيته.
- وقد تدخل رب على مضمر مبهم لا مرجع له مميز بنكرة منصوبة على التمييز نحو: "ربه رجلا".
- وقيل تدخل رب على مضمر مبهم عائد إلى شيء في الذهن ومن ثم التزم التمييز والضمير مفرد إن كان المميز مثنى أو مجموعا ومذكر إن كان المميز مؤنثا: نحو:
ربه رجلا.
وربه رجلين.
وربه رجالا.
أو ربه امرأة –
وربه امرأتين –
وربه نساء.
خلافا للكوفيين في مطابقة المميز الضمير في الإفراد – والتثنية _ والجمع – والتذكير – والتأنيث.
فإنهم يقولون: ربه رجلا.
ربهما رجلين.
وربهم رجالا.
وربهما امرأة.
وربهما امرأتين
وربهن نساء.
- والحاصل مما ذكر أن الضمير في نحو: ربه رجلا عند البصريين
مجهول، يؤتى به في غير قصد إلى ظاهر لفظا أو تقديرا بقصد عوده إليه، ثم يميز لإبهامه كما في قوله:
نعم رجلا زيد.
- وعند الكوفيين: هو ضمير راجع إلى مذكور، كأن قائلا قال: هل من رجل جواد؟
فقيل: ربه رجلا.
والصحيح قول البصريين لأن التمييز إنما يجاء به للإبهام ولا إبهام على مذهب الكوفيين لكون المرجع معلوما ولكونه لو صح مذهب الكوفيين لصح: رب الرجل إذ المضمر بتقدير وجود المرجع أعرف بالمعارف، فإذا جاز دخول رب على الأعرف فعلى المعرف باللام أجود.
وإذا لحقت رب "ما" الكافة دخلت على الجملتين:
- أي الاسمية: نحو: ربما زيد قائم.
- والفعلية: نحو: ربما قام زيد.
وتكون رب لتقليل النسبة الحاصلة في تلك الجملة.
فإن قيل: إذا كانت ربما لتقليل النسبة الحاصلة في تلك الجملة فكيف يصح قوله تعالى: {ربما يود الذين كفروا}.
قيل: إن كلمة رب استعملت في هذه الآية بعد الكف لتحقيق النسبة كما أن "قد" استعملت للتحقيق في قوله تعالى: {قد يعلم الله المعوقين} وإن كان هو القليل في المضارع.
ورب المكفوفة لا محل لها من الإعراب لكونها كحرف النفي الداخل على الجملة.
ولا تعمل "رب" مع "ما" الكافة المانعة عن العمل وتدخل بعد لحوق "ما" على الجمل نحو: {ربما يود الذين كفروا}.
- وتعمل "رب" مع "ما" الزائدة غير المانعة عن العمل فتدخل على
الاسم وتجره نحو: ربما ضربة بسيف صقيل.
أي: رب ضربة بسيف صقيل.
وكقوله تعالى: {فبما رحمة من الله} أي فبرحمة من الله.
واعلم أن رب تخالف حروف الجر بوجوه:
الأول: أنها تقع في صدر الكلام بخلاف حروف الجر لأنها لا يلزمها صدر الكلام.
والثاني: أنها لا تعمل إلا في النكرة نحو: "رب رجل" وحروف الجر تعمل في النكرة، نحو: "مررت برجل" وفي المعرفة: نحو: مررت بزيد.
والثالث: أن "رب" يلزم مجرورها الصفة نحو: "رب رجل كريم لقيت" وحروف الجر لا يلزم مجرورها الصفة.
واعلم أن "رب" قد تكون فعلا مشتقا من التربية، نحو: رب: فعل ماض مجهول، من رب – يرب – تربية.
فإذا قيل: رب زيد عمرا.
فرب: فعل ماض معلوم، وزيد: فاعل رب، وعمرا: مفعوله، وإن قيل: "رب زيد".
فرب: فعل ماض مجهول.
وزيد: مفعول ما لم يسم فاعله، كما في قول القائل:
حدثوني أن زيد قائما = رب بكر يوم عيد صائما
فحدثوني: فعل – وفاعل – والنون للوقاية – وياء المتكلم مفعول.
وأن: مصدر مضاف إلى زيد وقائما: حال من زيد.
ورب: فعل ماض مجهول، وبكر: مفعول ما لم يسم فاعله.
ويوم: مفعول فيه مضاف إلى عيد، وصائما: حال من بكر.
- وتضمر "رب" من بعد الفاء قليلا:
"فمثلك حبلى".
وبعد الواو كثيرا: "وبلدة ليس بها أنيس".
أي: ورب بلدة ليس بها أنيس.
فإن قيل: ما تقول في جر بلدة؟ أهو مجرور برب المقدرة، أم بالواو المذكورة؟
مثل لفظ "الله" مجرور بالواو المذكورة في قولهم: "والله لأفعلن كذا".
فلفظ "الله" مجرورا بالواو المذكورة.
قيل: إن بلده مجرورة برب المقدرة لا بالواو المذكورة – لأنها ليست جارة بل هذه الواو للعطف، بخلاف الواو في: "والله لأفعلن" لأنها الواو الجارة للقسم.
فإضمار "رب" بعد الواو – إنما هي الواو للعطف عند سيبويه.
فإن لم تكن هذه الواو في أول الكلام فكونها للعطف ظاهر – لأن الكلام السابق يكون معطوفا عليه.
وإن كانت هذه الواو في أول الكلام فيقدر له معطوف عليه كما إذا قيل ابتداء مثلا:
"وقرية ليس بها ساكن" فيقدر المعطوف عليه، ويقال: دخلت في البلاد ووجد رب قرية ليس بها ساكن.
وأما عند الكوفيين فهذه الواو حرف عطف ثم صارت قائمة مقام "رب" جارة بنفسها لصيرورتها بمعنى "رب" فلا يقدرون المعطوف عليه لأن تقديره تعسف بخلاف "واو" القسم – لأنها لم تكن في الأصل واو العطف – بل هي جارة – ولذا جاز دخول العاطف عليها.
8 – و"على" للاستعلاء
أي: والثامن من سبعة عشر حرفا "على" وهي تجيء لتسعة معان:
1 – الأول: تكون للاستعلاء:
وهو كون الشيء فوق الشيء، وذلك الاستعلاء:
(أ) إما حقيقي حسي: نحو: زيد على السطح.
(ب) وإما حقيقي معنوي: نحو: عليه دين – كأن الدين يستولي على من يلزم.
فدين: مبتدأ مؤخر.
وعليه: جار ومجرور ومتعلق بكائن خبر مقدم، وتقديم الخبر ممنوع لوقوع المبتدأ نكرة.
- وكذا يقال: فلان أمير علينا في الحقيقي المعنوي: أي فلان مستول علينا بالغلبة.
(جـ) وإما ذلك الاستعلاء مجازي: نحو: مررت عليه، أي جاوزته في المرور، لأنك بمجاوزتك إياه كأنك سرت عليه بكثرة السير.
2 – والثاني: تكون "على" بمعنى "مع": نحو قوله تعالى: {وآتى المال على حبه}، أي: وآتى المال مع حبه، وقولهم: فلان على جلاله سيقول كذا، أي: فلان مع جلاله يقول كذا.
3 – والثالث: تكون "على" "للتعليل": نحو: {لتكبروا الله على ما هداكم} أي لهدايتكم.
فعلى: بمعنى اللام التعليلية – وما مصدرية.
4 – والرابع: تكون "على" بمعنى "في":
نحو: {ودخل المدينة على حين غفلة} أي: دخل المدينة في حين غفلة.
5 – والخامس: تكون "على" بمعنى "من": نحو: {وإذا اكتالوا على الناس يستوفون}، أي: وإذا اكتالوا من الناس يستوفون.
6 – والسادس: تكون "على" بمعنى "الباء":
نحو: {حقيق على ألا أقول} أي: حقيق بي ألا أقول، وقالوا: فلان ركب على اسم الله، أي: فلان ركب باسم الله.
7 – والسابع: تكون "على" للاستدراك والإضراب:
كقولك: "فلان لا يدخل الجنة لسوء فعله على أنه لا ييأس من رحمة الله – أي: فلان لا يدخل الجنة لسوء فعله لكنه لا ييأس من رحمة الله.
8 – والثامن: تكون اسما بمعنى "الفوق": نحو: من على زيد – أي من فوق زيد – فعلى هنا اسم لدخول حرف الجر عليها.
* أهي معربة أم مبنية؟
قيل: هي مبنية لمشابهتها بعلى الحرفية، والدليل على بنائها أنه إذا أدخلت عليها "من" قيل: من عليه بقلب الألف ياء.
وقد ثبت أنهم إنما يقلبون الألف ياء في غير المتمكن نحو: لديه – وإليه – وعليه.
ولو كانت معربة لقيل: من علاه – نحو: من عصاه.
اعلم أن "على" تجيء حرفا – نحو: زيد على السطح.
وتجيء اسما نحو: من عليه.
وتجيء فعلا من: العلو – نحو قوله: "علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم".
فعلا: فعل ماض معروف.
وزيد: فاعل علا – وزيد: مضاف – و"نا": مضاف إليه.
ويوم: مفعول فيه منصوب على الظرفية – ويوم: مضاف - والنقا: مضاف إليه.
ورأس: مفعول به – ورأس: مضاف – وزيد: مضاف إليه.
وزيد: مضاف – وكم: مضاف إليه.
- فإن قيل: كيف يصح إضافة العلم مع أن العلم لا يضاف؟
- قيل: إن العلم يضاف إذا نكر بأن يؤول بواحد من الجماعة المسماة به.
نحو: جاء زيد، ورأيت زيدا آخر.
فوقع آخر صفة لزيد – لأن المراد من زيد في قولك: رأيت زيدا – زيد من الزيود.
ومما نحن فيه: جاء إبراهيمكم – فإبراهيم: مضاف لأنه نكر.
9 – و"عن" للبعد – والمجاوزة
أي: والتاسع من سبعة عشر حرفا: عن وهي تجيء لعشرة معان:
1 – أحدها: للبعد والمجاوزة، أي لمجاوزة شيء عن شيء إلى شيء وذلك:
(أ) إما بزوال الشيء الأول عن الشيء الثاني ووصوله إلى الشيء الثالث:
نحو: "رميت السهم عن القوس إلى الصيد"
فالسهم هو الشيء الأول – زال عن الشيء الثاني وهو القوس – ووصل إلى الشيء الثالث وهو الصيد.
فرميت: فعل وفاعل.
والسهم: مفعول به.
وعن القوس: جار ومجرور ومتعلق برميت.
وإلى الصيد: جار ومجرور متعلق بمقدر حال عن السهم.
والمعنى: رميت السهم عن القوس – حال كون ذلك السهم واصلا إلى الصيد.
(ب) وإما بالوصول وحده – نحو: أخذت عن زيد العلم:
فالعلم وصل إلى المحل الثاني – وهو المتكلم – مع ثبوت ذلك العلم في المحل الأول، وهو زيد.
(جـ) وإما بالزوال وحده – نحو: أديت عن زيد الدين.
فالدين الذي في ذمة من عليه الدين زال عن ذمته وما وصل إلى الآخر.
2 – والثاني: تجيء "عن" للبدل: نحو: {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس}، أي لا تجزي نفس بدل نفس.
وفي الحديث: ((صومي عن أمك)) أي بدل أمك.
3 – والثالث: تجيء "عن" بمعنى "على":
نحو: {فإنما يبخل عن نفسه}.
- أي: "فإنما يبخل على نفسه".
4 – والرابع: تجيء "عن" للتعليل: نحو: {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه}.
أي: لأجل موعدة وعدها إياه.
5 – والخامس: تجيء "عن" بمعنى "بعد": نحو: {لتركبن طبقا عن طبق}.
أي: بعد طبق.
6 – والسادس: تجيء "عن" بمعنى "من":
نحو: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده}.
أي: يقبل التوبة من عباده – بدليل: {ربنا تقبل منا}.
7 – والسابع: تجيء "عن" بمعنى "الباء": نحو: {ما ينطق عن الهوى}.
- والظاهر أن عن هنا على حقيقتها أي ما يصدر الكلام عن الهوى.
8 – والثامن: تجيء "عن" بمعنى "الاستعانة":
نحو: رميت السهم عن القوس:
أي: رميت السهم باستعانة القوس.
كما قال ابن مالك: لأنهم يقولون: رميت بالقوس.
9 – والتاسع: تجيء "عن" حرفا مصدريا:
وذلك أن بني تميم يقولون في نحو: أعجبني أن تفعل، - "عن تفعل" أي: أعجبني فعلك.
وكذا يفعلون في "أن" المشددة فيقولون: "أشهد عن محمدا رسول الله".
وعن: بمعنى أن المشددة المشبهة بالفعل – تطلب الاسم والخبر، ومحمدا: اسم عن.
ورسول الله: خبر عن، وعن مع اسمه وخبره في محل النصب قائم مقام مفعولي أشهد. لأنه بمعنى أعلم.
وتسمى عن هذه عنعنة تميم.
10- والعاشر: أن تكون "عن" اسما بمعنى "جانب" تدخل عليها "من" كثيرا: نحو: من عن يميني مرة وأمامي.
أي: من جانب يميني مرة وأمامي.
وتدخل عليها "على" قليلا – نحو: على عن يميني.
أي: على جانب يميني.
10 – و"الكاف للتشبيه"
[أي: والعاشر من سبعة عشر حرفا: [الكاف].
الكاف لتشبيه أمر بآخر في معنى – نحو: زيد كالأسد.
فزيد: مشبه، والأسد: مشبه به
وآلة التشبيه الكاف، ووجه الشبه: الشجاعة.
فتشبيه أمر المشبه – بأمر آخر – هو المشبه به – في معنى: هو وجه الشبه أعني الشجاعة.
واعلم أن التشبيه لا بد له من ستة أشياء:
المشبه – والمشبه – والمشبه به.
وآلة التشبه – ووجه التشبيه – والغرض من التشبيه.
والمشبه بكسر الباء في قولنا: زيد كالأسد هو المتكلم.
والمشبه بفتح الباء: هو زيد.
والمشبه به: هو الأسد.
وآلة التشبيه: هي الكاف.
ووجه الشبه: هو الشجاعة.
وغرض التشبيه: هو مدح زيد.
وقولهم: الذي كزيد أخوك.
الكاف في كزيد:
إما أن تكون اسمية بمعنى: مثل خبر عن مبتدأ محذوف والجملة الاسمية: صلة الذي، والذي مع صلته: في محل الرفع مبتدأ.
وأخوك: خبر عن المبتدأ، تقديره: الذي هو مثل زيد: أخوك.
وإما أن تكون حرفية على أنها متعلقة بمحذوف وهو كان.
والجملة الفعلية صلة الذي، والذي مع صلته: في محل رفع مبتدأ. وأخوك: خبر عنه، تقديره: الذي كان كزيد: أخوك.
وقد تجيء الكاف زائدة:
نحو: قوله تعالى: {ليس كمثله شيء}.
قال الأكثرون: في تقدير ليس مثله شيء، فالكاف زائدة إذ لو لم تقدر زائدة صار المعنى: ليس مثل مثله شيء، فيلزم المحال: وهو إثبات المثل لله، تعالى الله عن ذلك.
فإن قيل: ما الحكمة في زيادة الكاف مع أنها توهم خلاف المراد، وهو إثبات المثل – تعالى الله عن ذلك؟.
قيل: إنما زيدت الكاف هنا لتأكيد النفي.
لأنهم إذا بالغوا في نفي الفعل عن أحد، قالوا: مثلك لا يفعل كذا، ومرادهم:
إنما هو النفي عن ذاته.
أي: أنت لا تفعل كذا، ولكنهم إذا نفوه عمن هو على أخص أوصافه فقد نفوه عنه.
وقيل: "المثل" زائد – لا " الكاف".
- ورد: بأن زيادة الحرف أولى من زيادة الاسم.
- وهنا مذهب ثالث: وهو: أن لا تكون كل واحدة منهما زائدة. وأن الكلام مسوق لنفي المثل بطريق الكناية، يعني: نفي الشيء بنفي لازمه.
لأن نفي اللازم يستلزم نفي الملزوم _ لأنه – إذا نفى أن يكون لمثل الله تعالى مثل فقد نفى مثل، إذ لو كان له مثل لكان هو مثل مثله، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
- وقد تجيء "الكاف" اسما بصحة دخول حروف الجر عليها:
كقول الشاعر:
يضحكن عن كالبرد المنهم.
أي يضحكن عن ثغر مثل البرد الذائب في اللطاقة والبياض.
وقد تجيء "الكاف" للاستعلاء:
ذكره الأخفش والكوفيون – وأن بعضهم قيل له: كيف أصبحت؟ قل: كخير: أي أصبحت على خير.
وقيل: الكاف، بمعنى: الباء – أي أصبحت بخير.
ورد: أن الكاف لم يثبت مجيئه بمعنى الباء.
وقيل: الكاف للتشبيه على حذف مضاف – أي: أصبحت كصاحب خير.
وتجيء "ما" الكافة بعد الكاف – وتكون لها ثلاثة معان:
أحدها: تشبيه مضمون جملة بمضمون جملة أخرى – كما كانت قبل الكاف لتشبيه المفرد بالمفرد، قال الله تعالى: {اجعل لنا آلهة كما لهم آلهة}.
* والثاني: أن تكون "كما" بمعنى لعل:
حكى سيبويه عن العرب: انتظر كما آتيك -: لعلما آتيك.
* والثالث: أن تكون كما بمعنى: قران الفعلين في الوجود.
نحو قولك: كما قام زيد قعد عمرو.
وجوز الكوفيون: نصب المضارع بعد كما على أن يكون أصله "كيما" فحذفت الياء تخفيفا وأنشدوا: "لا تظلموا كما لا تظلموا".
وأصله: لا تظلمون – فحذفت النون حال النصب.
* وقال ابن مالك: هذا تكلف بل هي كاف التعليل. وما: كافة – ونصب الفعل بها.
لشبهها بـ "كي" في المعنى.
* والبصريون: ينشدونه على الإفراد: كما لا تظلم، بمعنى: لعلما.
"وكما تكونوا يولى عليكم" – من هذا النوع.
وذهب بعضهم إلى أن: "ما " مصدرية – عملت عمل أن المصدرية.
فائدة:
قوله تعالى: {كما بدأنا أول خلق نعيده}.
وإن قدرته نعتا لمصدر: فهو إما معمول لنعيده.
أي: نعيد أول خلق إعادة مثلما بدأناه.
أو لنطوي: أي نفعل هذا الفعل العظيم كفعلنا هذا الفعل.
وإن قدرته: حالا – فذو الحال مفعول نعيده – أي: نعيده مماثلا الذي بدأناه.
فائدة أخرى:
نحو: {أرأيتك هذا الذي كرمت علي}.
فالتاء: في أرأيتك فاعل، والكاف فيه: حرف خطاب.
هذا هو الصحيح وهو قول سيبويه.
وعكس ذلك الفراء: فقال: التاء حرف خطاب، والكاف: فاعل لكونها مطابقة للمسند إليه.
ويرده: صحة الاستغناء عن الكاف – وأنها لم تقع قط مرفوعة، وقال الكسائي: التاء: فاعل – والكاف: زائدة.
ويلزمه أن يصح الاختصار على المنصوب في نحو: أرأيتك زيدا ما صنع: لأنه: المفعول الثاني – ولكن الفائدة لا تتم عنده – فلا يجوز الاختصار.
11 – و"مذ" و"منذ"
أي الحادي عشر من سبعة عشر حرفا "مذ" و"منذ".
فإن قيل: لم قدم "مذ" على "منذ" مع أنهما حرفا جر؟.
قيل: إن مذ أشبه بالحروف الجارة في عدد الحروف. نحو: عن ومن.
وأصل: مذ: منذ بدليل رجوعهم إلى ضم ذال مذ عند ملاقاة الساكن نحو: مذ اليوم – ولولا أن الأصل الضم لكسروا – فلأن بعضهم يقول: "مذ زمن طويل" فيضم مع عدم السكون.
وإنما بني "مذ" على السكون لأن السكون أصل في البناء.
"ومنذ" على الضم اتباعا للميم – إذ الفاصل غير حصين.
ومما يدل على حرفيتهما قولهم: "أنت عندنا مذ الليلة".
"وأنت مستقر عندنا مذ الليلة".
فمذ أوصل معنى الاستقرار إلى الليلة – كما تقول: "أنت عندنا في الليلة".
وهما لابتداء الزمان – في الزمان الماضي – يعني: أريد بهما الزمان الماضي.
فالمراد أن مبتدأ زمان الفعل المثبت أو المنفي هو ذلك الزمان الماضي الذي أريد بهما لا جميعه.
كما إذا قلت: سافرت من البلد مذ سنة كذا.
أو: ما رأيت فلانا مذ سنة كذا.
بشرط أن تكون هذه السنة ماضية – لا يكون ذلك الزمان فيها.
فإن معناه: أن مبتدأ مسافرتي.
أو عدم رؤيتي كان هذه السنة وامتد إلى الآن.
ومذ – ومنذ: للظرفية المحضة من غير اعتبار معنى الابتداء في الزمان الحاضر الذي اعتبرته حاضراً.
وإن مضى بعضه يعني: إذا أريد بهما الزمان الذي اعتبر حاضراً.
فالمراد: أن جميع زمان الفعل هو ذلك الزمان الحاضر.
ما رأيته مذ شهرنا – ومنذ يومنا، أي: جميع زمان انتفاء رؤيتنا هو هذا الشهر واليوم الحاضر عندنا – لأنهما لم ينقضيا بعد – ولم يمتد زمان الفعل إلى ما ورائهما: أي ما رأيت ما رأيت في شهرنا وفي يومنا.
وقد يكون "مذ – ومنذ" اسمين:
فتارة: يكونان بمعنى أول المدة – فيقع بعدهما الاسم المفرد المعرفة.
نحو: ما رأيته مذ يوم الجمعة.
أي: أول مدة عدم رؤيتي إياه يوم الجمعة.
وتارة: يكونان بمعنى جميع المدة فيليهما المقصود بالعدد.
نحو: ما رأيته مذ يومان.
أي: جميع أجزاء مدة زمان عدم رؤيتي إياه يومان.
فكل واحد من مذ ومنذ مبتدأ – وخبرهما ما بعدهما.
خلافا للزجاج: فإنهما عنده: خبر المبتدأ – والمبتدأ ما بعدهما.
والأصح: هو الأول:
12 – و– "الواو" للقسم
أي: الثاني عشر من سبعة عشر حرفا: الواو للقسم بفتح القاف والسين المهملة بمعنى اليمين:
وحروف القسم من حروف الجر – وسميت حروف الجر حروف القسم لدخولها على المقسم به.
و – واو – القسم: تكون عند حذف الفعل الذي يكون للقسم: فلا يقال: أقسمت والله، وذلك لكثرة استعمال واو القسم فتدل على فعل القسم.
فهي أكثر استعمالا من أصلها أعني: الباء.
وتكون مختصة بالاسم الظاهر سواء كان الاسم الظاهر اسم الله تعالى: نحو:
والله لأفعلن، أو غير اسم الله تعالى. نحو {يس * والقرآن الحكيم}.
قالوا: (و) في – والقرآن: إما واو القسم لأن القرآن مقسم به.
و – ياسين: منادى مفرد معرفة.
وحرف النداء: محذوف: تقديره: يا إنسان – لأن معنى: ياسين: يا إنسان بلغة "طيئ" ثم حذف حرف النداء؛ لأن حرف النداء يحذف مع العلم كثيرا.
وإما: واو – العطف: إن جعل ياسين مقسما به – وحرف الجر مقدر أي: أقسم بياسين والقرآن الحكيم.
وجواب القسم: {إنك لمن المرسلين} أي: إنك لمن الذين أرسلوا {على صراط مستقيم}.
13 – و– "تاء القسم"
أي: الثالث عشر من سبعة عشر حرفا: "تاء القسم":
وهي مختصة بلفظ الله تعالى.
نحو: "تالله لأفعلن".
فلا يقال: تا الرحمن، وتا الرحيم.
وأما ما جاء في قولهم: ترب الكعبة فشاذ.
14 – و– "باء القسم"
أي: والرابع عشر من سبعة عشر حرفا "باء القسم":
فإنها تدخل على المظهر، نحو: بالله لأفعلن.
وعلى المضمر نحو: بك لأفعلن.
وأصل التاء الواو، نحو: تجاه أصله وجاه، ثم أبدلت الواو تاء.
وقد تحذف في قولهم "لا ها الله ذا" أصله: "لا والله ذا" فحذف الواو وعوض عنه "ها" التنبيه لأن القسم "باب مبالغة وتأكيد" وفي "هاء" التنبيه أيضا مبالغة وتوكيد، فصلح أن يستعمل "هاء" التنبيه مقام حرف القسم، نحو "الله ذا". وفيه طريقان – ومذهبان:
أما الطريقان:
فالأول منهما: قطع همزة "الله" حتى لا يلزم اجتماع الألفين الساكنين في اللام الساكنة.
والطريق الثاني: وصل الهمزة كما هو الأصل في ألف التعريف وعلى تقدير الوصل فحذف ألف "الله" ومدة كلمة "ها" ليكون جمعا بين ساكنين على حدهما.
وأما المذهبان:
فالأول منهما: أن خبر المقسم عليه محذوف عند الخليل.
يعني: أن "ذا" مقسم عليه وهو خبر مبتدأ محذوف، تقديره: "لا والله الأمر ذا".
فحذف الأمر الذي هو المبتدأ لكثرة الاستعمال.
والثاني: إن "ذا" من جملة القسم كأنه قال: قسمي ذا.
ولهذا يجاء بالمقسم عليه بعده.
15 – و– "حاشا" للتنزيه
نحو: أساء القوم حاشا زيد
أي: الخامس عشر من سبعة عشر حرفا "حاشا" للتنزيه، وقوله تعالى: {حاش لله} تنزيها له من صفات العجز – وتعجبا من قدرته على خلق مثله.
وأصله: حاش الله: حاشا الله: حذف الألف الأخيرة.
وقرأ الأعمش: (حشا الله) بحذف الألف الأولى.
وقرئ: "حاش الله" بسكون الشين – وهذه القراءة ضعيفة لما فيه من التقاء الساكنين على غير حده.
وهو حرف من حروف الجر يفيد معنى التنزيه في باب الاستثناء فوضع موضع التنزيه.
واللام في "الله" للبيان – كما في قولك: سقيا لك.
وقرئ: "حاشا الله" بغير اللام: بمعنى: براءة الله.
"وحاشا لله" بالتنوين على تنزيله على منزلة المصدر.
وذهب سيبويه _ وأكثر البصريين إلى أن حاشا: حرف جر دائما بمنزلة: إلا لكنها تجر المستثنى.
وذهب المبرد – والزجاج – والأخفش، وغيرهم إلى أنها تستعمل كثيرا حرفا جرا – وقليلا فعلا ماضيا بمعنى: جانب – متعديا جامدا لتضمنه معنى إلا.
وسمع: "اللهم اغفر لي ولمن سمع دعائي حاشا الشيطان".
وإن كان حاشا فعلا على ما هو الأقل – ففاعله: ضمير مستتر عائد على مصدر الفعل المتقدم عليه – أو "البعض" المفهوم من الاسم العام، فإذا قيل: قام القوم حاشا زيدا.
فالمعنى: جانب هو – أي قيامهم – أو القائم منهم – أو بعضهم زيدا.
16 – 17 – و– "عدا" و– "خلا" للاستثناء
أي السادس عشر – والسابع عشر من سبعة عشر حرفا: عدا – وخلا للاستثناء:
أي لاستثناء ما بعدهما عما قبلهما.
فإذا جررت بهما ما بعدهما يكونان حرفين جارين، تقول: جاء القوم عدا زيد، وخلا زيد.
وجاء: عدا – وخلا: فعلين ماضيين:
أما عدا: فهو من عدا يعدو عدا، إذا جاوزه مثل: جاء القوم عدا زيدا.
وأما خلا: فهو من خلا يخلو خلوا، نحو: جاء القوم خلا زيدا.
وخلا في الأصل لازم يتعدى المفعول – بـ "من". نحو: خلت الديار من الأنيس.
وقد يضمن معنى جاوز – ويحذف من ويوصل الفعل فيتعدى بنفسه.
والتزموا هذا التضمن أو الحذف والإيصال في باب الاستثناء ليكون ما بعدها في صورة المستثنى بإلا – التي هي أم الباب.
وفاعل "عدا" و"خلا": ضمير راجع:
إما إلى: مصدر الفعل المتقدم.
أو إلى: اسم الفاعل من الفعل المتقدم.
أو إلى: بعض مطلق من المستثنى منه.
والتقدير: جاء القوم عدا مجيئهم – أو الجائي منهم – أو بعض منهم وخلا مجيئهم _ أو الجائي منهم – أو بعض منهم زيدا.
ومحل عدا – وخلا – منصوب على الحالية.
فإن قيل: إن وقع الماضي المثبت حالا فلا بد معه من قد ظاهرة نحو: جاء زيد وقد ركب أبوه.
أو مقدرة نحو: جاء وحصرت صدورهم.
أي: قد حصرت صدورهم؟
قيل: لا بد معه من قد سواء كانت ظاهرة أو مقدرة، لكن لما لم يظهر معهما قد لكونهما أشبه بإلا التي هي الأصل في باب الاستثناء – فكانت "قد" مقدرة – فلا تنحرف القاعدة المقررة بين النحاة.
- ويمكن أن يكون كل واحد من عدا زيدا – وخلا زيدا جملة مستأنفة جوابا عن سؤال مقدر.
لأنه: إذا قيل: جاء القوم، فظن المخاطب: جاء زيد لأنه واحد من القوم، فقال في جوابه: عدا زيدا، وخلا زيدا، أي: جاء القوم جاوز بعضهم زيدا.
وإذا كان كل واحد منهما جملة مستأنفة فلا محل لها من الإعراب.
وإذا دخلت "ما" على "عدا" – و"خلا" فلا يكونان إلا فعلين، لأن "ما" مصدرية مختصة بالأفعال.
نحو: جاء القوم ما عدا زيدا – وما خلا عمرا – تقديره: خلو زيد – وعدو عمرو.
وبالنصب على الظرفية بتقدير مضاف: أي وقت خلوهم من زيد – أو وقت خلو مجيئهم من زيد – ووقت مجاوزتهم – أو مجاوزة مجيئهم عمرا.
وعلى الحالية بجعل المصدر بمعنى اسم الفاعل – أي جاءوا خاليا بعضهم أو مجيئهم من زيد ومجاوزا بعضهم أو مجيئهم عمرا.
وعن الأخفش: إنه أجاز الجر بهما على أن "ما" زائدة – لكن هذا لم يثبت عند الثقات.


  #3  
قديم 22 رجب 1431هـ/3-07-2010م, 10:27 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي وسائل الفئة للشيخ: بدر الدين العيني



قوله: "وتتنوع السماعية" أي العوامل السماعية على ثلاثة عشر نوعًا، وقد عرفت أن السماعية أحد وتسعون، وقد شرع يبين ذلك بأنواعه.
قوله: "النوع الأول" أي النوع الأول من الأنواع الثلاثة عشر: في حروف الجر، إنما قدم هذا النوع لكثرة وقوعه في الكلام بالنسبة إلى غيره.
قوله: "وهي سبعة عشر" أي حروف الجر سبعة عشر حرفًا.
قوله: "الباء" أي الأول من السبعة عشر "الباء" نحو: مررت بزيد أي ألصقت مروري بزيد وهو وارد على الاتساع، والمعنى التصق مروري بمكان يقرب منه زيد، وإنما أورد المصنف هذا المثال ليبين أن أصل الباء في اللغة الإلصاق، وإن كانت تجيء لمعان أخرى على ما نذكرها، ومن هذا القبيل أقسمت بالله، فالباء للقسم وحقيقتها إلصاق معنى القسم بالاسم المقسم به، وتكون للاستعانة نحو: كتبت بالقلم، وللمصاحبة نحو: دخلت عليه بثياب السفر أي معها، والفرق بين الباء ومع، أن "مع" لإثبات المصاحبة ابتداء، والباء لاستدامتها، وقد يراد في المنصوب نحو: {ولا تلقوا بأيديكم} [سورة البقرة: 2/ 195] على أحد التأويلين، وفي المرفوع نحو: {كفى بالله} [سورة العنكبوت: 29/52] أي كفى الله.
قوله: "ومن" أي الثاني من حروف الجر كلمة "من"، ومعناها ابتداء الغاية في المكان نحو: خرجت من البصرة، تريد أن مبدأ الخروج كان من البصرة، وقد يكون للتبعيض نحو: أخذت من المال، وللبيان نحو: عشرة من الدراهم، وتكون مزيدة في المرفوع نحو: ما جاءني من أحد، وفي المنصوب نحو: ما رأيت من أحد، ولا تزاد في الإثبات عند سيبويه، وأجاز ذلك أبو الحسن مستشهدا بقوله تعالى: {يغفر لكم من ذنوبكم} [سورة نوح: 71/4].
قوله: "وإلى" أي الثالث كلمة "إلى"، وهي لانتهاء الغاية نحو: سرت من البصرة إلى الكوفة تريد أن منتهى السير هو الكوفة، وقد تكون بمعنى المصاحبة نحو: قوله تعالى: {ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم} [سورة النساء: 4/2] أي مع أموالكم، وحمل بعضهم هذا المعنى الذي في آية الوضوء.
و"حتى" في معناها، ولكنها تفارقها من وجوه كثير، وقد عرفت في موضعها، ويكفيك الفارق بينهما أن إلى تدخل الظهر والمضمر نحو: إلى زيد وإليه، وحتى لا تدخل إلا على المظهر استعمالاً، فلا يقال: حتاه، وما ورد فهو شاذ.
قوله: "وفي" أي الرابع كلمة "في"، وهي للظروف، ويقال: للوعاء، ويقال: للاشتمال نحو: المال في الكيس.
قوله: "واللام" أي الخامس كلمة "اللام"، قال الشيخ أصل اللام أن تكون للتمليك نحو: المال لزيد، وقد يكون للاستحقاق المجازي نحو: الجل للفرس.
قوله: "وعن" أي السادس "عن"، وهي للبعد والمجاوزة نحو: رميت عن القوس على معنى أن السهم قد بعد عنها وجاوزها إلى غيرها، ونحوه: أخذت عنه العلم؛ لأن العلم قد تعدى إليك، ويجيء عن اسما كما يجيء حرفا نحو: قولك: جلست من عن يمينه أي عن جانبه.
قوله: "ورب" أي السابع كلمة "رب"، وهي للتقليل نحو: رب رجل لقيته، قال سيبويه: إن كم في الخبر نظير رب، والمقصود إن رب للتقليل وكم للتكثير، فإنك إذا قلت: رب رجل لقيته كأنك تريد أن تقلل ذلك، هذا أصلها ثم غلب عليه الاستعمال بمعنى الكثرة بدليل أنهم يستعملونها في مواضع المدح نحو:

ألا رب يوم لك

واعلم أن رب تفارق سائر حروف الجر بأشياء:
منها: أن تقتضي صدر الكلام، فلا يقال: جاءني رب رجل.
ومنها: أنها تختص بالنكرة، فلا يقال: رب زيد.
ومنها: أن فعلها يجب أن يكون ماضيًا، وأما قوله تعالى: {ربما يود الذين كفروا} [سورة الحجر: 15/2] فراجع إلى معنى المضي.
وفيها أبحاث كثيرة هذا بموضعها.
قوله: "وعلى" أي الثامن كلمة "على"، وهي للاستعلاء، نحو: زيد على السطح، وهي تارة تكون اسما مضافا نحو قول الشاعر:

غدت من عليه بعدما تم ظمؤها

أي من أعلاه، إذ لو كان حرفا لما دخله الجار.
قوله: "والكاف" أي التاسع حرف "الكاف"، وهي للتشبيه، نحو: الذي كزيد في الدار، والدليل على كونها حرفًا، وصلهم الذي به، ولو كان اسما لما جاز ذلك، إذا لا يقال: الذي مثل زيد في الدار، وقد يكون اسما في قوله:

يضحكن عن كالبرد المنهم

أي عن مثل البرد.
قوله: "ومنذ ومذ" أي العاشر والحادي عشر من حروف الجر حرفا "منذ ومذ"، فإنهما لابتداء الغاية في الزمان نحو: ما رأيته منذ يوم الجمعة، ومذ يوم الجمعة، تريد أن مبدأ انتفاء الرؤية يوم الجمعة، وقد يكونان اسمين فترفع ما بعدهما.
قوله: "وحتى" أي الثاني عشر كلمة "حتى" نحو: أكلت السمكة حتى رأسها، ويجوز في رأسها ثلاثة أوجه، الجر على كون حتى جارة، والنصب على كونها عاطفة، والرفع على كونها ابتدائية، والخبر محذوف أي حتى رأسها مأكول.
قوله: "وواو القسم" أي الثالث عشر من حروف الجر "واو القسم" نحو: والله لأفعلن.
قوله: "وباؤه" أي "باء القسم"، نحو: أقسم بالله، وهي الرابعة عشرة من حروف الجر، والأصل في القسم الباء، والواو تبدل عن الباء لتقاربهما في المخرج، وفي المعنى إذ معنى الجمع والإلصاق متقاربان.
قوله: "وتاؤه" أي "تاء القسم"، وهي الخامسة عشرة من حروف الجر، وذلك نحو: تالله لأفعلن، أصله والله أبدلت التاء من الواو، وهو كثير في كلام العرب نحو: تراث وتجاه وتحمة أصلها وراث ووجاه ووحمة، ثم الفرق بين هذه الأحرف الثلاثة أن الباء لأصالتها يجوز إظهار الفعل معها، ويجوز دخولها على المظهر والمضمر نحو: بالله وبه لأعبدنه، والواو تدخل على المظهر فقط لكونها فرعا على الباء، والتاء لا تدخل إلا على واحد، وهو "الله"؛ لكونها فرع الفرع، وأما ما قيل: ترب الكعبة، فهو شاذ.
وقوله: "حاشا" أي السادس عشر من حروف الجر كلمة "حاشا"، وهي للتنزيه نحو:
أساء القوم حاشا زيد وهي حرف جر عند سيبويه ويدل عليه قول الشاعر:
حاشا أبي ثوبان إن به ضنا على الملحاة والشتم
ومذهب المبرد أنها فعل ماض بمعنى جانب نحو: جاءني القوم حاشا زيدا أي جانب بعضهم زيدا.
قوله: "وعدا وخلا" أي السابع عشر من حروف الجر كلمتا "عدا وخلا"، وهما للاستثناء نحو: جاءني القوم عدا زيد وخلا زيد، ويكونان فعلين، ويكون ما بعدهما منصوبًا على المفعولية، والفاعل مضمر نحو: جاءني القوم عدا زيدا أي عدا بعضهم زيدًا، وخلا زيدًا أي خلا بعضهم زيدًا، وإنما لا يتصرفان على تقدير كونهما فعلين لجريانهما مجرى "إلا"، وهي حرف غير متصرف، وإذا دخلت ما على عدا وخلا تنصبان البتة لتمخضهما حينئذ للفعلية، وذكر في بعض النسخ واو رب أيضًا وأدخلها في العدد والظاهر أنه ليس بثابت؛ لأنه وإن كان من حروف الجر، ولكن عده مستقلا مما يزيد على العدد المعين وهو داخل في نوع رب، نحو:

وقاتم الأعماق خاوي المخترق

أي رب قاتم الأعماق، وفيه اختلاف بين الكوفيين والبصريين، فقال الكوفيون: إن الاسم مجرور بالواو لتنزلها منزلة رب، وقال البصريون: إن الاسم مجرور على أن رب مضمرة أضمرت بعدها لكثرة الاستعمال.
والقاتم: اسم فاعل من القتام، وهو الغبار، والأعماق: هي الجوانب جمع عمق، والخاوي: بمعنى الخالي، والمخترق: الطريق.
ومعناه: رب مهمة مسود الجانب خال الطريق، وتمام البيت:

مشتبه الأعلام لماع الخفق.

والخفق: السراب.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أنواع, العوامل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:49 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir