دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 ذو الحجة 1429هـ/10-12-2008م, 03:45 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي أنواع بناء الضمير


وكلُّ مُضْمَرٍ لهُ الْبِنَا يَجِبْ = ولفظُ ما جُرَّ كلفظِ ما نُصِبْ
للرفْعِ والنصْبِ وجَرِّ (نَا) صَلَحْ= كاعْرِفْ بِنَا فإِنَّنَا نِلْنَا الْمِنَحْ
وألِفٌ والواوُ والنونُ لِمَا = غابَ وغيرِهِ كقامَا واعْلَمَا

  #2  
قديم 12 ذو الحجة 1429هـ/10-12-2008م, 03:48 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي منحة الجليل على شرح ابن عقيل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد


وكلُّ مُضْمَرٍ لَهُ البِنَا يَجِبْ = ولَفْظُ ما جُرَّ كَلَفْظِ مَا نُصِبْ (1)
المُضْمَرَاتُ كلُّها مَبْنِيَّةٌ؛ لِشَبَهِهَا بالحروفِ في الجُمُودِ (2)؛ ولذلك لا تُصَغَّرُ ولا تُثَنَّى ولا تُجْمَعُ، وإذا ثَبَتَ أنها مَبْنِيَّةٌ فمِنها ما يَشْتَرِكُ فيه الجرُّ والنصبُ، وهو كلُّ ضميرِ نَصْبٍ أو جَرٍّ مُتَّصِلٍ، نحوُ: أَكْرَمْتُكَ ومَرَرْتُ بِكَ، وإنَّه, ولَهُ، فالكافُ في (أَكْرَمْتُكَ) في موضِعِ نصبٍ، وفي (بِكَ) في موضعِ جرٍّ، والهاءُ في (إنَّه) في موضعِ نصبٍ، وفي (لَهُ) في موضعِ جرٍّ، ومنها ما يَشْتَرِكُ فيه الرفعُ والنصبُ والجرُّ، وهو (نا)، وأشارَ إليه بقولِهِ:
للرفعِ والنصبِ وجَرٍّ (نَا) صَلَحْ = كاعْرِفْ بِنَا فَإِنَّنَا نِلْنَا الْمِنَحْ(3)
أي: صَلَحَ لفظُ (نا) للرفعِ، نحوُ: نِلْنَا، وللنصبِ، نحوُ: فإنَّنا، وللجرِّ، نحوُ: بِنَا، وممَّا يُسْتَعْمَلُ للرفعِ والنصبِ والجرِّ الياءُ، فمثالُ الرفعِ نحوُ: (اضْرِبِي)، ومثالُ النصبِ نحوُ: (أَكْرَمَنِي)، ومثالُ الجرِّ نحوُ: (مَرَّ بِي)، ويُسْتَعْمَلُ في الثلاثةِ أيضاً (هُم)، فمثالُ الرفعِ (هم قائِمُونَ)، ومثالُ النصبِ (أَكْرَمْتُهُمْ)، ومثالُ الجرِّ (لهم).
وإنما لم يَذْكُرِ المصنِّفُ الياءَ وهم؛ لأنَّهما لا يُشْبِهَانِ (نا) من كلِّ وجهٍ؛ لأنَّ (نا) تكونُ للرفعِ والنصبِ والجرِّ، والمعنَى واحدٌ، وهي ضميرٌ متَّصِلٌ في الأحوالِ الثلاثةِ، بخلافِ الياءِ؛ فإنَّها وإنِ اسْتُعْمِلَتْ للرفعِ والنصبِ والجرِّ وكانَتْ ضميراً متَّصِلاً في الأحوالِ الثلاثةِ لم تَكُنْ بمعنًى واحدٍ في الأحوالِ الثلاثةِ؛ لأنَّها في حالِ الرفعِ للمخاطَبِ(4)، وفي حالَتَيِ النصبِ والجرِّ للمتكلِّمِ، وكذلك (هم)؛ لأنَّها وإنْ كانَتْ بمعنًى واحدٍ في الأحوالِ الثلاثةِ فلَيْسَتْ مثلَ (نا)؛ لأنَّها في حالةِ الرفعِ ضميرٌ منفصِلٌ، وفي حالَتَيِ النصبِ والجرِّ ضميرٌ متَّصِلٌ.
وألفٌ والواوُ والنونُ لِمَا = غابَ وغَيْرِهِ كَقَاما واعْلَمَا(5)
الألفُ والواوُ والنونُ من ضمائرِ الرفعِ المتَّصِلَةِ، وتكونُ للغائبِ وللمخاطَبِ، فمِثالُ الغائبِ: (الزيدانِ قامَا، والزيدونَ قامُوا، والهِندَاتُ قُمْنَ)، ومثالُ المخاطَبِ: (اعْلَمَا، واعْلَمُوا، واعْلَمْنَ)، ويَدْخُلُ تحتَ قولِ المصنِّفِ: (وغَيْرِهِ) المخاطَبُ والمتكلِّمُ، وليسَ هذا بجَيِّدٍ؛ لأنَّ هذه الثلاثةَ لا تكونُ للمتكلِّمِ أصلاً، بل إنما تكونُ للغائبِ أو المخاطَبِ كما مَثَّلْنَا.

([1]) (وكلُّ) مبتدأٌ أَوَّلُ، وكلُّ مضافٌ و(مُضْمَرٍ) مضافٌ إليه، (لَهُ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بيَجِب الآتي، (البِنَا) مبتدأٌ ثانٍ، (يَجِبْ) فعلٌ مضارعٌ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جوازاً تقديرُه هو يعودُ إلى البِنَا، والجملةُ مِن الفعلِ وفاعلِه في محلِّ رفعِ خبرِ المبتدأِ الثاني، وجملةُ المبتدأِ الثاني وخبرِه في محلِّ رفعِ خبرِ المبتدأِ الأوَّلِ، (ولفظُ) مبتدأٌ، ولفظُ مضافٌ و(ما) اسمٌ موصولٌ مضافٌ إليه مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ جرٍّ، (جُرَّ) فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ للمجهولِ، ونائبُ الفاعلِ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جوازاً تقديرُه هو يعودُ إلى ما الموصولةِ، والجملةُ لا محلَّ لها من الإعرابِ؛ صِلَةٌ، (كَلَفْظِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبرِ المبتدأِ، ولفظِ مضافٌ و(ما) اسمٌ موصولٌ مضافٌ إليه، (نُصِبْ) فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ للمجهولِ، ونائبُ الفاعلِ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جوازاً تقديرُه هو يعودُ إلى ما المجرورةِ مَحَلاًّ بالإضافةِ، والجملةُ من الفعلِ ونائبِ فاعلِه لا مَحَلَّ لها مِن الإعرابِ؛ صِلَةُ الموصولِ.
([2]) قد عَرَفْتَ ـ فيما مضَى أوَّلَ بابِ المعرَبِ والمبنيِّ ـ أنَّ الضمائرَ مبنيَّةٌ لشَبَهِهَا بالحروفِ شَبَهاً وَضْعِيًّا؛ بسببِ كونِ أكثرِها قد وُضِعَ على حرفٍ واحدٍ أو حرفيْنِ، وحُمِلَ ما وُضِعَ على أكثرَ من ذلكَ عليه؛ حَمْلاً للأقلِّ على الأكثرِ.
وقد ذَكَرَ الشارِحُ في هذا الموضِعِ وَجهاً ثانياً من وُجُوهِ شَبَهِ الضمائرِ بالحروفِ، وهو ما سَمَّاهُ بالشَّبَهِ الجُمُودِيِّ، وهو: كونُ الضمائرِ بحيثُ لا تَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَ الأسماءِ، فلا تُثَنَّى ولا تُصَغَّرُ ولا تُجْمَعُ، وأمَّا نحوُ: (هما وهم وهُنَّ وأنتما وأنتم وأنتُنَّ)، فهذه صِيَغٌ وُضِعَتْ مِن أوَّلِ الأمرِ على هذا الوجهِ، وليسَتْ علامةُ المثنَّى والجمعِ طارئةً عليها.
ونقولُ: قد أَشْبَهَتِ الضمائرُ الحروفَ في وجهٍ ثالثٍ، وهي أنها مُفْتَقِرَةٌ في دَلالَتِها على مَعْنَاهَا أَلْبَتَّةَ إلى شيءٍ، وهو المرجِعُ في ضميرِ الغائبِ، وقرينةُ التكلُّمِ أو الخِطابِ في ضميرِ الحاضرِ.
وأَشْبَهَتْهُ في وجهٍ رابعٍ، وهو أنها اسْتَغْنَتْ بسببِ اختلافِ صِيَغِها عن أنْ تُعْرَبَ، فأنتَ تَرَى أنهم قد وَضَعُوا للرفعِ صِيغةً لا تُسْتَعْمَلُ في غيرِه، وللنصبِ صِيغَةً أُخْرَى، ولم يُجِيزُوا إلاَّ أنْ تُسْتَعْمَلَ فيه، فكانَ مُجَرَّدُ الصِّيغةِ كافياً لبيانِ موقعِ الضميرِ، فلم يَحْتَجْ للإعرابِ ليَبِينَ موقِعُه، فأَشْبَهَ الحروفَ في عدمِ الحاجةِ إلى الإعرابِ، وإنْ كانَ سببُ عدمِ الحاجةِ مُخْتَلِفاً فيهما، (وانظر: ص 15).
([3]) (للرفعِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بصَلَحَ الآتي، (والنصبِ وجرٍّ) معطوفانِ على الرفعِ، و(نا) مبتدأٌ وقد قُصِدَ لفظُه، (صَلَحْ) فعلٌ ماضٍ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جوازاً تقديرُه هو يعودُ إلى نَا، والجملةُ مِن صَلَحَ وفاعلِه في محلِّ رفعِ خبرِ المبتدأِ، (كاعْرِفْ) الكافُ حرفُ جرٍّ، والمجرورُ محذوفٌ، والتقديرُ: كقَوْلِكَ، والجارُّ والمجرورُ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبرٍ لمبتدأٍ محذوفٍ؛ أي: وذلكَ كائنٌ كقولِكَ... إلخ، واعْرِفْ: فعلُ أمرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تقديرُه أنتَ، (بِنَا) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ باعْرِفْ، (فَإِنَّنَا) الفاءُ تعليليَّةٌ، وإنَّ: حرفُ توكيدٍ ونصبٍ، ونا: اسْمُها، (نِلْنَا) فعلٌ وفاعلٌ، والجملةُ مِن نالَ وفاعلِه في محَلِّ رفعِ خبرِ إنَّ، (المِنَحْ) مفعولٌ به لنَالَ، منصوبٌ بالفتحةِ الظاهرةِ؛ وسُكِّنَ لأجلِ الوقفِ.
([4]) كانَ على الشارحِ أنْ يقولَ: (للمخاطَبَةِ)؛ لأنَّ الياءَ في نحوِ: (اضْرِبِي) ضميرُ المؤنَّثةِ المخاطَبَةِ، ويُعْتَذَرُ عنه بأنه أرادَ الجِنْسَ.
([5]) (ألفٌ) مبتدأٌ ، وهو نكرةٌ، وسَوَّغَ الابتداءَ به عَطْفُ المعرفةِ عليها، (والواوُ والنونُ) معطوفانِ على ألفٌ، (لِمَا) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبرِ المبتدأِ، (غَابَ) فعلٌ ماضٍ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جوازاً تقديرُه هو يعودُ على ما، والجملةُ لا مَحَلَّ لها؛ صِلَةُ ما، (وغَيْرِهِ) الواوُ حرفُ عطفٍ، غيرِ: معطوفٌ على ما، وغيرِ مضافٌ والضميرُ مضافٌ إليه، (كَقَامَا) الكافُ جارٌّ لقولٍ محذوفٍ، والجارُّ والمجرورُ يَتَعَلَّقَانِ بمحذوفٍ خبرٍ لمبتدأٍ محذوفٍ؛ أي: وذلك كائنٌ كقولِكَ، وقاما: فعلٌ ماضٍ وفاعلٌ، (واعْلَمَا) الواوُ عاطفةٌ، واعْلَمَا: فعلُ أمرٍ، وألفُ الاثنيْنِ فاعِلُه، والجملةُ معطوفةٌ بالواوِ على جملةِ قَامَا.


  #3  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 10:14 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي أوضح المسالك لجمال الدين ابن هشام الأنصاري (ومعه هدي السالك للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)

وَيَنْقَسِمُ المُتَّصِلُ، بِحَسَبِ مَوَاقِعِ الإعرابِ، إِلَى ثَلاثَةِ أقسامٍ:
1 - مَا يَخْتَصُّ بِمَحَلِّ الرَّفْعِ، وَهُوَ خَمْسَةٌ: التَّاءُ كَقُمْتُ، وَالأَلِفُ كَقَامَا، وَالْوَاوُ كَقَامُوا، وَالنُّونُ كَقُمْنَ، وَيَاءُ المُخَاطَبَةِ كَقُومِي.
2 - وَمَا هُوَ مُشْتَرِكٌ بَيْنَ مَحَلِّ النَّصْبِ وَالجَرِّ فَقَطْ، وَهُوَ ثَلاثَةٌ: يَاءُ الْمُتَكَلِّمِ نَحْوُ: {رَبِّي أَكْرَمَنِي} ([1])، وَكَافُ الْمُخَاطَبِ نَحْوُ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} ([2])، وَهَاءُ الْغَائِبِ نَحْوُ: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ} ([3]).
3 - وَمَا هُوَ مُشْتَرِكٌ بَيْنَ الثلاثةِ، وَهُوَ (نَا) خَاصَّةً نَحْوُ: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا}([4]).
وَقَالَ بَعْضُهُمْ ([5]): لا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِكَلِمَةِ (نَا) بَل الْيَاءُ، وَكَلِمَةُ (هُمْ) كَذَلِكَ؛ لأَنَّكَ تَقُولُ: (قُومِي) وَ (أَكْرَمَنِي) وَ (غُلامِي) وَ (هُمْ فَعَلُوا) وَ (إِنَّهُمْ) وَ (لَهُمْ مَالٌ). وَهَذَا غَيْرُ سَدِيدٍ؛ لأَنَّ يَاءَ المخاطبةِ غَيْرُ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ، وَالمُنْفَصِلَ غَيْرُ المُتَّصِلِ.
وألفاظُ الضمائرِ كُلُّهَا مَبْنِيَّةٌ ([6])، وَيَخْتَصُّ الاسْتِتَارُ بِضَمِيرِ الرفعِ ([7]).

([1]) سُورَةُ الفجرِ، الآيَةُ: 15.

([2]) سُورَةُ الضُّحَى، الآيَةُ: 3.
([3]) سُورَةُ الكَهْفِ، الآيَةُ: 34.
([4]) سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ، الآيَةُ: 193.
([5]) قَائِلُ ذَلِكَ هُوَ أَبُو حَيَّانَ، وَقَدْ نَظَرَ أَبُو حَيَّانَ فِي هَذَا الاعتراضِ إِلَى لفظِ الضميرِ مِنْ غَيْرِ اعتبارٍ لِمَعْنَاهُ، وَلا لِكَوْنِهِ مُتَّصِلاً أَوْ مُنْفَصِلاً، وَهُوَ قصورٌ، وَحَاصِلُ رَدِّ المُؤَلِّفِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ تَصَدُّوا لِلرَّدِّ عَلَى أَبِي حَيَّانَ: أَنَّهُ لا بُدَّ مِن النظرِ إِلَى مَعْنَى الضميرِ وَإِلَى نَوْعِهِ، فَإِنِ اتَّحَدَ اللفظُ وَالمَعْنَى وَالنَّوْعُ كَانَ ضَمِيراً وَاحِداً، وَإِنِ اتَّحَدَ اللفظُ وَاخْتَلَفَ المَعْنَى كَيَاءِ المُتَّكَلِّمِ وَيَاءِ المُخَاطَبَةِ، أَو اتَّحَدَ اللَّفْظُ وَاخْتَلَفَ النوعُ كَكَلِمَةِ (هُمْ) فَإِنَّهَا فِي قَوْلِكَ: (لَهُمْ) وَقَوْلِكَ: (إِنَّهُمْ) ضميرٌ مُتَّصِلٌ، وَفِي قولِكَ: (هُمْ يَفْعَلُونَ) ضَمِيرٌ مُنْفَصِلٌ - فَهُمَا مُتَغَايِرَانِ، بِخِلافِ (نا)؛ فَإِنَّ لَفْظَهَا وَاحِدٌ، وَمَعْنَاهَا - وَهُوَ المُتَكَلِّمُ المُعَظِّمُ نَفْسَهُ أَوْ مَعَهُ مَوَاقِعُ الإعرابِ الثلاثةِ: الرَّفْعُ، والنَّصْبُ، وَالجَرُّ.
([6]) اتَّفَقَ النُّحَاةُ عَلَى أَنَّ الضمائرَ كُلَّهَا مَبْنِيَّةٌ، وَاتَّفَقَ جُمْهُورُهُمْ عَلَى أَنَّ سَبَبَ بِنَائِهَا هُوَ شَبَهُهَا للحرفِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي نوعِ مُشَابَهَتِهَا للحرفِ،
فَقِيلَ: قَدْ أَشْبَهَتِ الحرفَ شَبَهاً وَضْعِيًّا؛ لأَنَّ أكثرَ الضمائرِ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ أَوْ حَرْفَيْنِ، والقليلُ الزائدُ عَلَى الحَرْفَيْنِ مَحْمُولٌ عَلَى الكثيرِ.
وَقِيلَ: أَشْبَهَتِ الحرفَ شَبَهاً مَعْنَوِيًّا؛ لأَنَّ التَّكَلُّمَ وَالْخِطَابَ وَالْغَيْبَةَ مِنْ مَعَانِي الحروفِ.
وَقِيلَ: أَشْبَهَتِ الحرفَ شَبَهاً افْتِقَارِيًّا؛ لأَنَّ كُلَّ ضَمِيرٍ يَحْتَاجُ فِي الدلالةِ عَلَى مَعْنَاهُ إِلَى ضَمِيمَةِ مُشَاهَدَةٍ أَوْ غَيْرِهَا.
وَقِيلَ: أَشْبَهَتِ الحرفَ شَبَهاً جُمُودِيًّا.
وَأَمَّا غَيْرُ جُمْهُورِ النُّحَاةِ فَقَالُوا: إِنَّ سببَ بِنَاءِ الضمائرِ هُوَ اخْتِلافُ صِيَغِهَا؛ لاختلافِ مَعَانِيهَا وَاختلافِ مَوَاقِعِهَا مِنَ الإعرابِ، وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ السببَ الحاملَ عَلَى الإعرابِ هُوَ الدلالةُ بِهِ عَلَى المعانِي المختلفةِ، فَلَمَّا كَانَت الدلالةُ عَلَى المعانِي المختلفةِ مِنَ الفاعليَّةِ والمفعوليَّةِ فِي الضمائرِ حَاصِلَةٌ بِصِيَغِهَا المختلفةِ، لَمْ تَحْتَجْ إِلَى الإعرابِ.
([7]) فَإِنْ قُلْتَ: فَإِنِّي أَجِدُ ضَمِيرَ النصبِ مُقَدَّراً فِي نَحْوِ (إِنِّي أُكْرِمُ الَّذِي تُكْرِمُ)؛ أَي: الَّذِي تُكْرِمُهُ، وَفِي ضميرِ الجرِّ، نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ}؛ أَيْ: مِنْهُ، فَكَيْفَ تَقُولُونَ: إِنَّ الاسْتِتَارَ لا يَكُونُ إِلاَّ لِضَمِيرِ الرفعِ؟
فَالجوابُ: أَنْ نُنَبِّهَكَ إِلَى أَنَّ مَا ذَكَرْتُ مِنْ بَابِ الحذفِ؛ أَيْ: أَنَّ الضميرَ كَانَ مَذْكُوراً فِي الْكَلامِ ثُمَّ حُذِفَ، وَلا كَذَلِكَ المُسْتَتِرُ؛ فَقَد الْتَبَسَ عليكَ الحَذْفُ بالاستتارِ.


  #4  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 10:17 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ألفية ابن مالك للشيخ: علي بن محمد الأشموني

57- وَكُلُّ مَضْمرٍ لهُ البِنَا يَجِـــبْ = ولفْظُ مَا جُرَّ كَلَفْظِ مَا نُصِـــبْ
(وكلُّ مضمرٍ) مُتَصِلاً كانَ أَوْ مُنْفَصِلاً (له البِنَا يَجِبْ) باتِّفَاقِ النحاةِ، واختُلِفَ في سببِ بنائِه؛ فقيلَ: لمشابهتِهِ الحرفَ في المعنى ؛لأنَّ كلَّ مضمرٍ مضمَّنُ معنَى التكلُّمِ أو الخِطَابِ أو الغيبةِ، وهي من معاني الحروفِ.
وذَكَرَ في (التسهيلِ) لبنائِها أربعةَ أسبابٍ:
الأَوَّلُ: مشابهةُ الحرفِ في الوضعِ؛ لأنَّ أكثرَها على حرفٍ أو حرفينِ، وحُمِلَ الباقي على الأكثرِ.
والثاني: مشابهتُهُ في الافتقارِ؛ لأنَّ المضمرَ لا تتمُّ دلالتُه على مُسَمَّاهُ إلا بضميمةٍ من مشاهدةٍ أو غيرِها.
والثالثُ: مشابهتُهُ له في الجمودِ؛ فلا يتصرَّفُ في لفظِه: بوجهٍ مِنَ الوجوهِ حتى بالتصغيرِ ولا بأنْ يوصَفَ أو يُوصَفُ بِهِ.
الرابعُ: الاستغناءُ عِنِ الإعرابِ باختلافِ صيغِه لاختلافِ المعانِي.
قالَ الشارحُ: ولعلَّ هذا هو المعتبرُ عند الشيخِ في بناءِ المضمراتِ؛ ولذلك عقَّبَهُ بتقسيمِها بحسبِ الإعرابِ، كأنَّهُ قصَدَ بذلكَ إظهارَ علَّةِ البناءِ فقالَ: (ولفظُ مَا جُرَّ كلفظِ مَا نُصِبْ)، نحوُ: "إنَّهُو"لَهُ" و"رأيتُكَ"، و"مررْتُ بِكَ".
58- للرفْعِ والنصبِ وجرٍّ "نا" صَلَح = كـ "اعرِفْ بِنَا فَإِنَّنَا نَلِنَا المِنَـــحْ"

(للرفعِ والنصبِ وجرٍّ نا) الدالُّ على المتكلِّمِ المشارِكِ أو المعظِّمِ نفسَه (صَلَحَ) معَ اتِّحَادِ المعنى والاتصالِ (كَأَعْرِفْ بِنَا فَإِنَّنَا نَلْنَا المِنَحْ) فـ "نا" في "بنا" في موضعِ جرٍّ بالباءِ، وفي "فإِنَّنَا" في موضعِ نصبٍ بـ "إن"، وفي "نَلْنَا" في موضعِ رفعٍ بالفاعليَّةِ، وأما الياءُ و"هم" فإنَّهُما يستعملانِ للرفعِ والنصبِ والجرِ، لكن لا يشبهانِ "نا" مِنْ كلِّ وجهٍ؛ فإن الياءَ وإنِ اسْتُعْمِلَتْ للثلاثةِ وكانَتْ ضميراً متصلاً فيها إلا أنَّهَا ليست فيها بمعنًى واحدٍ ؛لأنَّهَا في حالةِ الرفعِ للمخاطَبَةِ، نحوُ: "اضْرِبِي"، وفي حالةِ الجرِّ والنصبِ للمتكلِّمِ ، نحوُ: "لي"، و"إني"، و"هم" تستعملُ للثلاثةِ وتكونُ فيها بمعنًى واحدٍ؛ إلا أنَّهَا في حالةِ الرفعِ ضميرٌ منفصلٌ، وفي الجرِّ والنصبِ ضميرٌ متَّصِلٌ.
59- وألفٌ والواوُ والنونُ لــمَا = غَابَ وغَيْرِهِ، كقَامَا وَاعْلَمَـــا
(وألفٌ والواوُ والنونُ) ضمائرُ رفعٍ بارزةٍ متَّصِلَةٍ (لمَا غَابَ وَغَيْرِهِ) أي: المخاطَبِ، فالغائبِ (كقامَا) وقامُوا، وقُمْنَ، (و) المخاطَبُ نحوُ: (اعْلَمَا) واعلمُوا، واعلمَنَّ.
تنبيهٌ : رفْعُ تَوَهُّمِ شمولِ قولِه و"غَيْرِه" المُتَكَلِّمِ بالتمثيلِ.


  #5  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 10:17 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان

بناءُ الضميرِ والموقِعُ الإعرابيِّ للضميرِ المُتَّصِلِ

57- وكلُّ مُضْمَرٍ لهُ الْبِنَا يَجِبْ = ولفظُ ما جُرَّ كلفظِ ما نُصِبْ
58- للرفْعِ والنصْبِ وجَرٍّ نا صَلَحْ = كاعرِفْ بِنَا فإننا نِلْنَا الْمِنَحْ
59- وألِفٌ والواوُ والنونُ لِمَا = غابَ وغيرِه كقامَا واعْلَمَا
تَقَدَّمَ في بابِ المعرَبِ والْمَبْنِيِّ أنَّ ألفاظَ الضمائرِ كلَّها مَبْنِيَّةٌ، وإذا ثَبَتَ أنها مَبنيَّةٌ، فلا بُدَّ أنْ يكونَ لها مَحَلٌّ مِن الإعرابِ.
فالضميرُ المُتَّصِلُ يَنقسِمُ بحَسَبِ مَواقِعِه مِن الإعرابِ ثلاثةَ أقسامٍ:
الأوَّلُ: ما يكونُ في مَحَلِّ رفعٍ فقطْ، وهو خمسةُ ضَمائرَ: التاءُ الْمُتَحَرِّكَةُ للمُتَكَلِّمِ والمُخاطَبِ والمُخاطَبةِ؛ كقولِه تعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}، وألِفُ الاثنينِ؛ كقولِه تعالى: {فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً}، وواوُ الجماعةِ؛ كقولِه تعالى: {وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا}، وياءُ المُخاطَبةِ؛ كقولِه تعالى: {فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً}، ونونُ الإناثِ؛ كقولِه تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ}.
الثاني: ما هو مُشْتَرِكٌ بينَ مَحَلِّ النصْبِ والْجَرِّ فقطْ، وهو ثلاثةٌ: ياءُ المُتَكَلِّمِ؛ كقولِه تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً}، وكافُ المُخاطَبِ؛ كقولِه تعالى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ}، وهاءُ الغائبِ؛ كقولِه تعالى: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ}.
الثالثُ: ما هو مُشترِكٌ بينَ مَحَلِّ النصْبِ والرفْعِ والجَرِّ، وهو (نا)؛ كقولِهِ تعالى: {رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا}.
وإلى بعضِ هذه الأنواعِ أَشَارَ بقولِه: (وكُلُّ مُضْمَرٍ.. إلخ)؛ أي: الْمُضْمَرَاتُ كُلُّها مَبنيَّةٌ، لا فَرْقَ في ذلك بينَ ما يكونُ مَحَلُّهُ الْجَرَّ أو مَحَلُّه النَّصْبَ، ثم ذَكَرَ أنَّ الضميرَ (نا) صَلَحَ للأمورِ الثلاثةِ، فيكونُ في مَحَلِّ جَرٍّ، مثلُ: اعْرِفْ بنا؛ (أي: اعتَرِفْ بقَدْرِنا)، وفي مَحَلِّ نصْبٍ، نحوُ: إننا، وفي مَحَلِّ رفعٍ، مثلُ: نِلْنَا.
ثُمَّ ذَكَرَ أنَّ ألِفَ الاثنيْنِ وواوَ الجماعةِ ونونَ الإناثِ، وهي مِن ضَمائِرِ الرفْعِ المُتَّصِلَةِ تكونُ للغائِبِ وغيرِه، وهو المُخاطَبُ فقطْ، فالغائِبُ نحوُ (قامَا)، والمُخاطَبُ نحوُ (اعْلَمَا).
هذا ومِمَّا يُسْتَعْمَلُ في الرفْعِ والنصْبِ والجَرِّ (هم)، فالرفْعُ نحوُ: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا}، والنصْبُ: {سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ}، والجَرُّ: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي}، وكذلك (الياءُ)، فالرفْعُ نحوُ: {فَكُلِي وَاشْرَبِي}، والنصْبُ نحوُ: {وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً}، والجَرُّ نحوُ: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}.
لكنَّهما لا يُشْبِها (نا) مِن كلِّ وَجْهٍ؛ لأَنَّ (نا) تأتي للأوْجُهِ الثلاثةِ، وهي ضميرٌ مُتَّصِلٌ للمُتَكَلِّمِ بخِلافِ الياءِ؛ فإنها وإنْ كانَتْ تأتِي للأَوْجُهِ الثلاثةِ، وهي ضميرٌ مُتَّصِلٌ، إلاَّ أنها في حالةِ الرفْعِ للمُخاطَبَةِ، وفي حالَتَي النصْبِ والجَرِّ للمُتَكَلِّمِ، وكذلك (هم)، فهي في حالةِ الرفْعِ ضميرٌ منْفَصِلٌ، وفي حالَتَيِ النَّصْبِ والجَرِّ ضميرٌ مُتَّصِلٌ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أنواع, بناء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:32 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir