دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > الأدب > المفضليات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 شعبان 1432هـ/13-07-2011م, 10:06 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تابع شرح المفضليات لابن الأنباري

25: يأوي إلى حسكل زعر حواصله.......كأنهن إذا بركن جرثوم
قال الضبي: (الحسكل) الفراخ الواحد حسكلة وجمع الحساكل وكذلك هو من صغار الصبيان والغنم قال الراجز:
إن القبور تنكح الأيامى.......الصبية الحسكلة اليتامى
المرء لا ينقي له سلامى
ويروى: (يأوي) إلى دردق. وقوله (زعر حواصله) يريد صغرهن: يقال رجل أزعر إذا كان قليل الشعر. و(جرثوم): جمع جرثومة وهي أصول الشجر تسفي عليها الرياح التراب ويجتمع إليها السفى وحطام النبت حتى يغيبها فتكون أشد إشرافا مما حولها كأنها الروابي: فشبه الفراخ بها لاجتماعها. ورواها الرستمي عن يعقوب: يأوي إلى خرق زعر قوادمها: وكذلك رواها أحمد بن عبيد. ورواها بندار الكرخي:
إلى خرق. قوله (يأوي) يصير إليها فيأتها يقال أويت إلى المكان فأنا آوي إليه وآويت غيري أوويه إيواء: وأويت له رحمته ورققت عليه مأوية وإية: ومنه الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم في الصلاة حتى نأوي له أي: نرق له من طول قيامه: وأنشدني أحمد وعامر وغيرهما:
أراني ولا كفران لله إية.......لنفسي لقد حاولت غير منيل
أي رحمة لنفسي. ووأيت الرجل وأيا وعدته. والخرق فراخه ورئاله وهي اللواصق ويقال للشيء إذا فزع ولصق بالأرض قد خرق. والدردق أيضًا الصغار من الرئال وجمع دردق درادق. ويروى: يأوي إلى حزق: وهي الجماعات الواحدة حزقة والجمع حزق: ويقال حزيقة والجمع حزائق. وزعر قوادمها لا ريش عليها والزعر والزمر قلة الشعر ومنه فلان زمر المروءة: ومنه قول عمرو بن أحمر يصف فرخ قطاة:
مطلنفئا لون الحصى لونه.......يحجز عنه الذر ريش زمر
أي: قليل. و(حواصل) جمع حوصلة وحوصلاء.
26: فطاف طوفين بالأدحي يقفره.......كأنه حاذر للنخس مشهوم
قال الضبي: أي طاف الظليم بالأدحي طوفين يستأنس هل يرى أثرا سبق صاحبه إلى البيض. و(الأدحي) مبيض النعام وهو أفعول من دحوت وذلك أنها تدحو برجلها موضعا للبيض ليتسع لها ويلين وهو للقطاة الأفحوص. وقوله (يقفره) أي ينظر إليه هل يرى به أثرا و(القفر) اتباع الأثر: قال عمرو ابن أحمر:
وإنما العيش بربانه.......وأنت من أفنانه مقتفر
وقوله (حاذر للنخس) يقول يحذر أن ينخس. و(المشهوم) المفزع يقال شهنته إذا أفزعته ومنه رجل شهم أي: ذكي كأنه مرتاع فهو ينظر ويخاف.
27: حتى تلافى وقرن الشمس مرتفع.......أدحي عرسين فيه البيض مركوم
قال الضبي: قرن الشمس جانب من جوانبها. وقوله (مرتفع) أي: وعليه نهار. و(تلافى) تدارك. وقوله (عرسين) أي هو والنعامة [هو] عرس لها وهي عرس له.
28: يوحي إليها بإنقاض ونقنقة.......كما تراطن في أفدانها الروم
يوحي اليها يصوت لها فتفهم عنه. و(النقنقة) صوت الظليم وبه سمي نقنقا. و(الإنقاض) الصوت مثل النقر بالشاة والبكارة من الإبل: قال الراجز:
رب عجوز من أناس شهبره.......علمتها الإنقاض بعد القرقره
و(الأفدان) جمع فدن وهي القصور. ويروى: كما تنآءم في أفدانها الروم، من النئيم وهو الصوت. قال الرستمي: أصل الوحي الكلام يقال أوحيت إليه إيحاء ووحيت وحيا. ويقال أنقض إنقاضا كما تنقض الدجاجة: قال الراجز: أنفض إنفاضا الدجاج المخض. ومثله نقنق نقنقة. ويقال لصوت الظليم العرار ولصوت النعامة الزمار، وقال لبيد:
متى ما أشأ أسمع عرارا بقفرة.......يجيب زمارا كاليراع المثقب
وقال الآخر:
نبيط ما مطوا جملا بنسع.......ولا شدوا لصاهلة عذارا
ولا حلت ظعائنهم غداة.......ولا سمعوا النزيب ولا العرارا
النزيب من أصوات الظباء والعرار من أصوات الظلمان. ويقال نقع الظليم ينقع إذا صاح: وقد يستعار في الناس قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما على نساء بني المغيرة أن يهرقن من أدمعهن على أبي سليمان سجلا أو سجلين ما لم يكن نقع ولا لقلقة. وقال تميم بن أبي مقبل العجلاني يصف ناقة:
وكأن نابيها بأخطب ضالة.......مستنقعان على فضول المشفر
و(التراطن )كل كلام تسمعه ولا تفهم معناه ككلام العجم. ويقال: أسكت الله نأمته ونامته: والنأمة من الصوت والنامة من النعيم ما ينم عليه من حركاته.
29: صعل كأن جناحيه وجؤجؤه.......بيت أطافت به خرقاء مهجوم
قال الضبي: (الصعل) الخفيف الرأس والعنق. فيقول يرفع جناحيه في عدوه ويحطهما وكذلك يفعل الظليم فكأنه بيت شعر أو صوف ترفعه امرأة خرقاء غير صناع فمتى ترفعه يسقط. وقال الرستمي: الصعل الصغير الرأس الدقيق العنق. والجؤجؤ: الصدر والجمع الجئآجئ. قال: وقوله بيت أطافت به يعني بيتا من شعر: وبيوت العرب بيت من شعر وخباء من وبر وخيمة من شجر وأقنة من حجر. و(الخرقاء): المرأة التي ليست بصناع رفيقة والذكر أخرق. و(المهجوم): الساقط المصروع. وأنشد يصف الظليم وسقوطه على بيضه:
وبيض رفعنا في الدجى عن متونها.......سماوة جون كالخباء المقوض
هجوم عليها نفسه غير أنه.......متى يرم في عينيه بالشخص ينهض
يعني بالبيض بيض النعام: وسماوة كل شيء شخصه. ويقال قد هجم بيته إذا نقضه وأسقطه: ولما قتل بسطام بن قيس ما ترك بسفوان بيت إلا هجم إعظاما لقتل بسطام. ويقال هاجرة هجوم أي: حلوب للعرق: ويقال هجم الحالب ما في ضرع الناقة من اللبن واهتجم أي: حلبه أجمع، قال الراجز:
فاهتجم العبدان من أخصامها.......غمامة تبرق من غمامها
ويقال أطافت به أتته هذه الخرقاء لتصلحه فلم تحسن فاسترخت عيدانه وأطنابه: فشبه الظليم باسترخاء جناحيه ونشره إياهما ببيت مهجوم. وقال أحمد: المعنى أن هذا الظلم جاء فسقط على بيضه فشبهه في سقوطه عليه ببيت ضربته خرقاء فلم تحسن أن تستوثق منه فسقط. وقال أحمد: أخصامها مخارج اللبن منها الواحد خصم شبهه بأخصام المزادة وهي زواياها التي يخرج الماء منها كل زاوية خصم وشبه الناقة في غزرها وبياضها به.
30: تحفه هقلة سطعاء خاضعة.......تجيبه بزمار فيه ترنيم
(سطعاء) طويلة العنق. و(الزمار): صوت الأنثى والعرار صوت الذكر يقال عار الظليم النعامة. والترنيم تطريب في الصوت. قال الرستمي: تحفه الهاء للظليم والفعل للنعامة أي: تأتيه من حافته وتحيط به وحافاته جوانبه وجوانب كل شيء حافاته الواحدة حافة. و(الهقلة): النعامة والذكر هقل وهي الهيقة والذكر هيق وهي الصعونة والصعون الذكر والظليم والظليمة والهجف والهجفة الجافيان. والزأجل ماء الظليم والرئال فراخه قال الشاعر:
فما بياض ذي لبد هجف.......شربن بزأجل حتى روينا
وواحد الرئال رأل: قال امرؤ القيس: كأن مكان الردف منه على رال: لا يجوز همزه في البيت لأن الألف ردف ولو همزت لفسد البناء. وهو الحفان أيضًا والواحدة حفانة. وسطعاء: طويلة العنق كأن عنقها سطاع وهو عمود وسط البيت: وقد سطع إذا مد عنقه ورفعه في السماء. و(الخاضعة): الطويلة العنق ويقال هي التي أمالت رأسها للرعي.
31: بل كل قوم وإن عزوا وإن كثروا.......عريفهم بأثافي الشر مرجوم
يقول كل قوم وإن كانت لهم منعة فتصيبهم نوائب الدهر. و(عريفهم) سيدهم. و(الأثافي) الحجارة التي تنصب عليها القدر جعلها مثلا جعلها مثلا للرمي. وقال أحمد بن عبيد: العريف ههنا سيدهم ومعروفهم: قال الآخر:
أو كلما وردت عكاظ قبيلة.......يعلو إلي عريفهم يتوسم
فتوسموني إنني أنا ذاكم.......شاك سلاحي في الحوادث معلم
قال أحمد: و(أثافي الشر) ههنا عظائمه وإنما أراد الدواهي أي: هي كأمثال الجبال: وأنشدني هو والضبي:
فلما أن طغوا وبغوا علينا.......رميناهم بثالثة الأثافي
أي: بجيش كأنه جبل: وإنما معناه رميناهم بداهية مثل الجبل تذهب بعزهم وخيرهم المذكور حتى تهلكهم وتميت ذكرهم. قال الرستمي: وجعل للشر أثافي كأثافي القدر وهي الأحجار التي تنصب القدر عليها: قال: والمعنى أنهم وإن كانوا أعزاء فيصيبهم الدهر بدواهي شره.
32: والحمد لا يشترى إلا له ثمن.......مما يضن به الأقوام معلوم
قال الضبي: إلا له ثمن يشق على مشتريه: يقال ضننت بالشيء أضن به ضنا وضنانة وضننت أضن لغة وهو رجل ضنين من قوم أضناء. وقال الرستمي: يقول لا يحمد المرء إلا ببذل المضنون [به] من ماله. قال أحمد: معناه أنه لا يشترى الحمد إلا بأثمان تضن بها النفوس: أي يغالى به فيبذل فيه المضمون به.
33: والجود نافية للمال مهلكة.......والبخل باق لأهليه ومذموم
ويروى: (مبق لأهليه). يقول الجود ينفي المال ويهلكه والبخل يوفره وأهله مذمومون. وأدخل الهاء في نافية على المبالغة مثل علامة ونسابة.
34: والمال صوف قرار يلعبون به.......على نقادته واف ومجلوم
قال الضبي: (القرار) النقد وهو صغار الغنم حمر صغار الأجرام قصار الواحدة نقدة. وقوله (يلعبون به) أي يتداولونه ويعبثون فيه. و(واف) كثير ومجلوم مجزوز بالجلم وهذا مثل: يريد منهم من يعطي القليل ومنهم من يعطي الكثير كما أن الصوف على النقد قليل وكثير فاللفظ على الصوف والمعنى على المال. قال أحمد بن عبيد: جعل المال كصوف قرار يلعبون به: وقوله (واف ومجلوم) أي: كثير وقليل: كثير عند البخلاء لمنعهم إياه وقليل عند الأسخياء لبذلهم له. وقال الرستمي: قال يعقوب: قال أبو عمرو: (القرار) غنم صغار الأجسام لطاف الآذان الواحدة قرارة. وقوله (على نقادته) أي: على صغر أجسامه وواحد النقادة نقد وواحد النقد نقدة: ويقال في مثل أذل من نقدة. و(الوافي): التام الكثير. (والمجلوم) المجزوز. والمعنى: الناس مختلفون منهم الغني المكثر ومنهم الفقير الذي لا مال له كالقرار على صغر أجسامه منه ما هو وافي الصوف أي كثيره ومنه ما لا صوف عليه.
35: ومطعم الغنم يوم الغنم مطعمه.......أنى توجه والمحروم محروم
قال الضبي: يقول الذي جعل الغنم له طعمة فسيطعمه في يوم الغنم أينما توجه ومن حرمه فليس يناله. وقال الرستمي: فيه شبيها بهذا وقال: المعنى أن قضاء الله عز وجل كائن لا محالة.
36: والجهل ذو عرض لا يستراد له.......والحلم آونة في الناس معدوم
قال الضبي: (لا يستراد له) أي لا يراد ولا يطلب أي يعرض لك وأنت لا تريده ولا تطلبه. و(آونة) أحيانا الواحد أوان وإوان بالكسر والفتح حكاه الكسائي عن أبي جابر (يعني: الكسر). وقال أحمد: المعنى يقول الناس يسرعون إلى الشر فمتى ما أرادوه وجدوه.
37: ومن تعرض للغربان يزجرها.......على سلامته لا بد مشؤوم
قال الضبي: هذا الإيمان بالطيرة: يقول من يزجر الطير وإن سلم فلا بد أن يصيبه شؤم: وأنشد:
أقام كأن لقمان بن عاد.......أشار له بحكمته مشير
تعلم أنه لا طير إلا.......على متطير وهو الثبور
بلى شيء يوافق بعض شيء.......أحايينا وباطله كثير
قال الرستمي: يقول (الغربان) يتشاءم بها فمن تعرض لها يزجرها ويطردها خوفا أن يصيبه الشؤم فلا بد أن يقع بما يخاف ويحذر.
38: وكل حصن وإن طالت سلامته.......على دعائمه لا بد مهدوم
قال الضبي: ويروى: على إقامته يقول وكل حصن دامت سلامة أهله فيه فإنه لا بد أن يهلكوا ويخرب الحصن ودعائمه أركانه التي يقوم بها.
39: قد أشهد الشرب فيهم مزهر رنم.......والقوم تصرعهم صهباء خرطوم
قال الضبي: (الشرب) جمع شارب يقال شارب وشرب وراكب وركب وصاحب وصحب. والمزهر البربط و(الرنم): المترنم الذي له صوت يطرب فيه. و(الصهباء): خمر من عصير عنبٍ أبيض. والخرطوم أول ما ينزل منها صافية. قال الرستمي: الشرب القوم يشربون والمزهر العود.
40: كأس عزيزٍ من الأعناب عتقها.......لبعض أحيانها حانية حوم
قال الضبي: قوله (لبعض أحيانها) يقول أعدها لفصحٍ أو عيد. (حانية) نسبها إلى الحانة وبعضهم يقول للحانوت حانة والحاني صاحب الحانوت. و(الحوم) الكثير يقال نعم حوم أي كثير وحومة الماء معظمه وحومة القتال معظمه وأصله الفتح ولكن ضمه للروي، قالت الأخيلية:
أبعد عثمان ترجو الخير أمته.......وكان أيمن من يمشي على ساق
خليفة الله أعطاهم وخولهم.......ما كان من ذهبٍ حومٍ وأوراق
قال الرستمي: العزيز الملك. والأعناب: جمع عنبٍ يقال هو العنب والعنباء والوين. قال الراجز: كأنه الوين إذا يجنى الوين، وقال أحمد بن عبيد: فارسي معرب. وعتقها أطال حبسها. ويروي: لبعض أربابها: يقول لمن أراد شراها. والحانية والحواني نسبها إلى الحانة يقول رجل حاني وحانوي وحانوت. وكان سيار حانوتًا أي صاحب حانوت. وحوم سود: فأراد عتقها حانية حوم. قال: وقال الأصمعي: حوم كثير وأراد حومًا وهو مثل شهدٍ وشهدٍ. ويقال الحانية قوم نسبهم إلى الحوانيت. وهم الخمارون. وحوم أصله ضم الواو جمع حائم مثل صبر جمع صابر فخفف والمعنى من حام يحوم إذا طاف حولها.
41: تشفي الصداع ولا يؤذيك صالبها.......ولا يخالطها في الرأس تدويم
قال الضبي: (صالبها) وجع في الرأس يدور منه. و(التدويم) الدوار يقال قد أخذه دوام وقد ديم به وأديم به ودير به وأدير به وهو الدوام والدوار. قال الرستمي: شفيته أشفيه، ويقال أشفني عسلاً أي اجعله لي شفاءً كقولك أخلقني ثوبك أي أعطنيه إذا أخلق وأنضني بعيرك، ويقال أشفى على كذا وكذا وأشاف أي أشرف. قال الأصمعي: هذه الأدواء لا تأتي إلا مضمومة مثل الصداع والنحاز والركاع والقلاب. قال أبو عمرو: وقد تأتي بغير الضم. ويقال أذيت به آذى آذىً شديدًا وآذاني هو يؤذيني. وأنشد أبو عمرو:
لقد أذوا بك ودوا لو تفارقهم.......أذى الهراسة بين النعل والقدم
و(صالبها) حمياها وسؤرتها وهو ما صلب منها، ويقال رجل صلب وصليب ويقال أتاني بتمرةٍ مصلبةٍ أي يابسة.
تقول العرب: أطيب مضغةٍ أكلها الناس صيحانية مصلبة، وأخبث الذئاب ذئب الغضا، وأخبث الأفاعي أفعى الحدب، وأشد الناس الأعجف الضخم (أي: قليل اللحم كثير العصب) وأسرع الأرانب أرنبة الخلة (وذلك أن الخلة تطويها وتلقي وبرها والحمض يفتقها ويكثر وبرها): وأجمل النساء الفخيمة الأسيلة وأقبحهن الجهمة القفرة. وأغلظ المواطئ الحصى على الصفا: وأسرع التيوس تيس الحلب (وذلك أنه يطويه): وأطيب الإبل لحامًا آكل السعدان. وأطيب الغنم لحامًا آكل الحربث. وآكل الدواب دابة رغوث.
قال: وقيل لأعرابي ما أمطر السحاب؟ قال: إذا رأيتها كأنها بطن أتان قمراء فهي أمطر ما يكون. و(التدويم) الدوار يقال دوم الطائر تدويمًا إذا طار وتحلق في السماء: قال ذو الرمة:
حتى إذا دومت في الأرض أدركه.......كبر ولو شاء نجى نفسه الهرب
ويروى: راجعه كبر. قال الأصمعي: قد أخطأ ذو الرمة في هذا لأن التدويم لا يكون إلا في السماء. قال: وأصاب الآخر:
تأتي المنايا على أسامة في الـ.......ـخيس عليه الطرفاء والأسل
وتصرع الطائر المدوم في الـ.......ـجو ويشقى بريبها الوعل
42: عانية قرقف لم تطلع سنةً.......يجنها مدمج بالطين مختوم
الضبي: (عانية) منسوبة إلى عانة قريةٍ من قرى الجزيرة، و(القرقف) التي تأخذ شاربها منها رعدة. وقوله (لم تطلع سنةً) أي: مكثت سنة في دنها لم ينظر إليها. ويجنها يسترها وسمي الجنين جنينًا لاستتاره في بطن أمه وسمي الترس مجنًا لأنه يستتر به وسميت الجن جنًا لاستتارهم عن أعين الناس. ومدمج يعني الدن أدمج بالطين أي طين به. ومختوم معلم عليه يقال ختمته إذا أعلمت عليه فهو مختوم ويقال رجل متختم إذا كان ذا خاتمٍ والخاتم والخاتم والخيتام والخاتام. ويقال محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين. وقول الله عز وجل: {ختامه مسك} أي: آخر ما تجد من طعمه إذا أنت قطعته عن فيك رائحة المسك وطعمه ومنه قول تميم بن أبي بن مقبل:
صرف ترقرق في الناجود ناطفها.......بالفلفل الجون والرمان مختوم
ناطفها ما نطف منها ويروى نأطلها وهو المكيال والمعنى آخر ما تجد من طعمها طعم الفلفل والرمان ويقال رجل متختم أي معتم: قال الراعي:
متختمين على معارفهم.......تثنى لهن حواشي العصب
ويروى: متلثمين. ومعارفهم وجوههم ولهن الهاء والنون للمعارف والعصب ضرب من البرد وحواشيه: جوانبه ويروى: متلثمين على معارفنا.
43: ظلت ترقرق في الناجود يصفقها.......وليد أعجم بالكتان مفدوم
قال الضبي: (ترقرق) تذهب وتجيء و(الناجود): أول ما يخرج من البزال: قال: وأراه فارسيًا معربًا وأنشد:
كأنما المسك نهبى بين أرحلنا.......مما تضوع من ناجودها الجاري
ويقال أيضًا هو ما سال من المصفاة، وقال أبو عمرو: (الناجود) الباطية العظيمة والإجانة يجعل فيها النبيذ ثم يغرف منها. و(الأعجم) العجم وأنشد: بحضرموت وبلاد الأعجم، ويقال لما جعل على الفم الفدام. ورواها الرستمي ترقرق: أي تحول من إناء إلى إناء لتصفو. و(يصفقها) يمزجها يقال صفقتها وصفقتها إذا مزجتها.
ويروى ترقرق: أي تصفو وترق. قال: و(الناجود) الباطية. قال: وقال غير الأصمعي: الكأس. وقوله (وليد أعجم) يريد خادم ملكٍ أعجم. وجمع أعجم عجم كقولك أحمر وحمر والأعجم الذي في لسانه عجمة وإذا نسبت إليه قلت رجل أعجمي. ويقال قوم عجم وهو اسم قبيلةٍ كقولك قوم عرب فإذا نسبت قلت رجل عربي وعجمي.
ومفدوم مفعول من الفدام وهو الخرقة يشدها الغلام على فيه إذا أراد أن يسقي القوم يقال مفدوم ومفدم، ويقال فدمت الإناء وفدمته إذا شددت على فيه بخرقة والخرقة هي الفدام. وقال أحمد بن عبيد: هذا من زي الفرس إذا أراد الساقي أن يسقي القوم شد على فيه بخرقة لئلا يخرج من فيه شيء فيصل إلى القدح.
44: كأن إبريقهم ظبي على شرفٍ.......مفدم بسبا الكتان مرثوم
قال الضبي: ويروى: ملثوم. شبه انتصابه وبياضه بظبيٍ على شرفٍ وهو المكان المرتفع و(المفدم) الذي يجعل على فمه خرقة. وقوله (بسبا) أراد السبيبة. وقال غيره: أراد السبائب فحذف وهي الشقاق كما قال لبيد: درس المنا بمتالعٍ فأبان، أراد المنازل فحذف، وقولهم هم بين حاذفٍ وقاذفٍ أراد بين حاذفٍ بالعصا وقاذفٍ بالحجر. و(المرثوم) الذي قد رثم أنفه مثل كسر يقال رثمت أنفه إذا كسرته ورثمته إذا أسلت دمه حكى لي هذين الحرفين أحمد بن يحيى أبو العباس. وقال الرستمي: الأباريق جمع إبريق من الآنية. و(الإبريق) أيضًا في غير هذا الموضع السيف، قال الشاعر:
قد جئتمونا بأباريقكم.......كأننا دون بني الأسلع
أي: بسيوفكم و(الإبريق) البراقة من النساء و(الشرف) المكان المرتفع فشبه الإبريق بظبيٍ على مكانٍ مرتفع وإذا كان كذلك كان أبين لحسنه وأشد لانتصابه. و(مفدم) من نعت الإبريق ورفعه على الاستئناف أراد كأن إبريقهم وهو مفدم ظبي. وقوله (بسبا الكتان) أراد السبني من الثياب. قال: ويقال أراد السبائب فحذف وأنشد للعجاج: أوالفًا مكة من ورق الحمي، أراد الحمام. وقال الفرزدق: فأطرق إطراق الكرا من أحاربه، أراد الكروان وهو طائر وجمعه كروان. وإطراقه أنه إذا رأى العقاب لبد بالأرض وسكن. ومفدوم وملثوم واحد وهو مأخوذ من قولك تلثم الرجل إذا شد عمامته على فمه وتلفم مثلها، وقال بعضهم: لا يكون التلفم إلا على الأنف.
45: أبيض أبرزه للضح راقبه.......مقلد قضب الريحان مفغوم
قال الضبي: (الضح) الشمس. أبرزه أخرجه لتصيبه الريح: يقال جاء فلان بالضح والريح أي بالشيء الكثير أي جاء بما طلعت عليه الشمس وبما جرت عليه الريح: قال: وحدثني إسحاق ابن إبراهيم قال رجل منا كان تبع إذا كتب قال: باسم إلاه السماء ملك برٍ وبحرٍ وضحٍ وريحٍ. وراقبه الذي يرصد صلاحه وإدراكه يعني الخمار. (مفغوم) تقول فغم سد كما تقول فغمتني منه رائحة إذا سدت أنفك يكون ذلك للطيب والنتن. و(الفغمة) نفحة من طيب. قال الرستمي: تقول العرب ضحيت للشمس فأنا أضحى. قال: وقال ابن عمر رحمه الله تعالى ورأى محرمًا قد استظل: أضح لمن أحرمت له أي أبرز للشمس. والمحدثون يقولون أضح وهو خطأ. وضواحي الروم ما برز من بلادهم ويقال مكان مضحاة إذا كان مكانًا لا تفارقه الشمس.
ومكان مقنأة إذا كان مكانًا لا تقربه الشمس ولا تطلع عليه، ويقال سمين الضواحي أي: ما برز من بدنه عن ثيابه ورأيته سمينًا: قال الشاعر:
سمين الضواحي لم تؤرقه ليلةً.......وأنعم أبكار الهموم وعونها
أراد لم تؤرقه أبكار الهموم وعونها ليلةً وأنعم أي زاد على هذه الصفة ومنه الحديث في المتحابين في الله عز وجل وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما أي زادا على هذا. ومنه: دق الدواء نعمًا أي بالغ في دقه.
وراقبه حافظه وحارسه. ومفعوم طيب الرائحة يقال فغمتني ريح طيبة إذا دخلت في أنفك فسدت خياشيمك والفغمة في الفم والأنف ويقال فاغم الرجل المرأة إذا وضع أنفه على أنفها والاسم الفغام، والمفاقمة أن يضع الرجل شفتيه على شفتيها: والفقمان الشفتان يقال أخذ الحواء بفقمي الحية ففتح فاها: قال الراجز: ولا الفغام دون أن تفاقما، والفغمة الريح الطيبة والقنمة الريح المنتنة. ويقال فغمتني ريح طيبة ولا يقال قنمتني ريح منتنة ويقال وجدت قنمة ويجوز أن يكون مفغوم في تأويل فاغم والعرب قد تجعل المفعول فاعلاً والفاعل مفعولاً: قال الله عز وجل: {خلق من ماءٍ دافقٍ} بمعنى مدفوقٍ. وقال جل وعز: {في عيشةٍ راضية} بمعنى مرضيةٍ. قالت أم ناشرة:
لقد عيل الأقوام طعنة ناشره.......أناشر لا زالت يمينك آشره
ويروى الأيتام مكان الأقوام وآشرة أي مأشورة. وقال أحمد بن عبيد: المفاغمة أن يضع أنفه وفمه على أنفها وفمها والمفاقمة أن يدخل شفتيه على شفتيها وشفتاها بين شفتيه.
46: وقد غدوت على قرني يشيعني.......ماضٍ أخو ثقةٍ بالخير موسوم
ويروى: وقد غدوت إلى الحانوت يصحبني * برز (أخو ثقةٍ). الحانوت بيت الخمار. والبرز العفيف. قال العجاج: برز وذو العفافة البرزي، و(موسوم) عليه سمة. وقال أحمد بن عبيد: البرز الكامل في كل شيء من دين وأصلٍ وحسبٍ: وكذلك المرأة يقال امرأة برزة إذا كانت كذلك. وقال الرستمي: القرن الذي يقارنك في قتال أو علمٍ أو شدةٍ، وقرنك لدتك وسنك. و(يشيعني) يجرئني يقال رجل مشيع إذا كان جريئًا كأن معه شيعةٍ وأعوانًا. وعنى ههنا بالماضي قلبه فيقول يشيعني ويجرئني على أقراني قلبي.
وقوله أخو ثقةٍ يقول أنا واثق بجرأة قلبي. و(موسوم) أي معروف عليه ميسم يقال فلان موسوم بالخير و(موسوم) بالشر. ويقال إنه عنى بالماضي سيفه أي هو ماضٍ في ضريبته يوثق بذلك منه، كقول طرفة:
أخو ثقةٍ لا ينثني عن ضريبةٍ.......إذا قيل مهلاً قال حاجزه قد
47: وقد يسرت إذا ما الجوع كلفه.......معقب من قداح النبع مقروم
قال الضبي: (يسرت) أخذت في الميسر. وقوله (إذا ما الجوع كلفه معقب) يقول اشتدت الحال حتى صار لا يأخذ في الميسر إلا للقوت فذلك مما حمله عليه شدة الحال فكلف الجوع القدح. وفسره مرةً أخرى فقال: يقول قد أخذت في الميسر في الوقت الذي يكلف الجوع فيه القداح ليس معول على لبنٍ ولا طعام غير الضرب بها. ومثله لابن قميئة:
بأيديهم مقرومة ومغالق.......تعود بأرزاق العيال منيحها
(معقب) مشدود بالعقب. (مقروم) معضوض عليه علامة قد عض بالأسنان. وأنشد: به علمان من عقب وضرس. قال الرستمي: (يسرت) ضربت بالقداح وقامرت واليسر والياسر واليسير واحد الأيسار وهم الذين يضربون بالقداح. ومعقب يعني قدحًا قد شد بالعقب. ويروى معقب أي يفوز اليوم ويعقب غدًا فيفوز. والتعقيب في شهر رمضان أن يصلي الرجل أول الليل وآخره.
ومقروم محزز معلم والحزة يقال لها القرمة والقرمة. وقال أحمد بن عبيد: مقروم معلم بعض أو بنارٍ أو بغير ذلك. ومعقب قال يشد بالعقب علامةً. ومن كسر القاف أراد أنه يفوز فوزًا بعد فوزٍ.
48: لو ييسرون بخيلٍ قد يسرت بها.......وكل ما يسر الأقوام مغروم
قال الضبي: يقول إنما يكون الميسر بالإبل وإنما يأخذ في الميسر كبارهم يقول فلو صاروا إلى أن ييسروا بالخيل ليسرت بها قال أبو عكرمة: وأخبرني من سمع الأصمعي يقول: هذا البيت بعد صفة الفرس وذلك أنه وصفه بما وصف ثم قال: لو ييسرون بالخيل ليسرت بهذه الفرس التي حالها على ما وصفت. لم ينكر أن يكون في هذا الموضع غير أنه قال سمعناه في ذلك الموضع وهو أجود المعنيين وقوله (كل ما يسر الأقوام مغروم) يقول إذا خرج عليه شيء غرمه لأنه يستحيي أن يدفع حقًا وجب عليه. قال الرستمي: ويروى: (وكل ما ييسر الأقوام). يقول لو يسروا بخيلٍ فذبحوها على نفاستها لقامرت بها.
49: وقد أصاحب فتيانًا طعامهم.......خضر المزاد ولحم فيه تنشيم
قال الضبي: (خضر المزاد) يعني المزاد المطحلبة التي قد اخضرت مما يحمل فيها الماء وقال بعضهم: بل كروش كانوا يحملون فيها الماء. و(التنشيم) بدء تغير الريح يقال قد نشم اللحم إذا بدأ فيه التغير وقد نشم الرجل في الحاجة إذا بدأ فيها ومنه الحديث: لما نشم الناس في عثمان رحمه الله تعالى: أي ابتدؤوا في الطعن عليه ويقال قد نشم فلان في فعل سوء والمعنى إذا غزوا كان هذا طعامهم. قال الأصمعي: كان ينبغي أن يقول شرابهم خضر المزاد فجمع اللحم والشرب كقول العجاج:
قرقور ساجٍ ساجه مطلي.......بالقيرٍ والضبات زنبري
يريد مقيرا بالقير مشدود بالضبات وقال آخر:
إذا ما دعت شيبٍ بجنبي عنيزةٍ.......مشافرها في ماء مزنٍ وباقل
خفض شيبٍ على الحكاية حكى أصوات مشافرها شاربةً للماء ولم يدخل باقلاً في الحكاية. قال: وسأل الحجاج رجلاً قدم عليه من السند عن ابن عمٍ له كان واليًا فقال: كيف رأيتم فلانًا. فأثنى عليه: ثم قال: إلا أنه قال يومًا على المنبر: أطعموني ماءً. يعيبه بذلك. فقال الحجاج: قال الله جل وعز: {فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني}.
وقال الرستمي: فتىً وفتيان وفتو وفتية ومن قال فتو بناه على المصدر والمصدر الفتوة وإنما قيل بالواو لأن مصادر ذوات الواو على الفعولة قليلة فحملت مصادر ذوات الياء على مصادر ذوات الواو.
وقوله (طعامهم خضر المزاد) يقول طال سفرهم فاخضر مزادهم وصار عليه شبيه بالطحلب. وإنما كان ينبغي أن يقول شرابهم خضر المزاد فقال: (طعامهم) والطعام ههنا الشرب بعينه يقال طعمت ماءً أي شربته قال الله عز وجل: {من لم يطعمه فإنه مني}. أي من لم يشربه فجمع بين الطعام والشراب كقول العجاج وقد تقدم. ويقال خضر المزاد ماء الكرش. يفتظونها فيشربون ماءها من العطش.
50: وقد علوت قتود الرحل يسفعني.......يوم تجيء به الجوراء مسموم
قال الضبي: (قتود الرحل) وأقتاده عيدانه. (يسفعني) يصيبني حره. و(مسموم) فيه سموم. وقال أبو عبيدة: السموم تكون بالنهار وقد تكون بالليل والحرور: بالليل وقد تكون بالنهار.
51: حامٍ كأن أوار النار شامله.......دون الثياب ورأس المرء معموم
قال الضبي: (أوار النار) لهبها وأوار الظهيرة أشدها. (شامله) أي صار فيه أجمع. و(دون الثياب) أن يصل الحر من شدته دون الثياب و(العمامة) أي يتجاوز ذلك في البدن. قال الرستمي: حام شديد الحر. و(أوار النار) حرها.
و(شامله) مخالط بدنه. ويروى: كأن أوار النار شاملة. فأنث شاملة والأوار مذكر. كما قال الأعشى:
وتشرق بالقول الذي قد أذعته.......كما أشرقت صدر القناة من الدم
وإنما أراد كما أشرقت القناة من الدم لأن صدر القناة من القناة. وكقولهم: كل ذي لحيةٍ تخضب. وكل ذي نفسٍ تموت. فأنث تموت وهو خبر لكل لتأنيث النفس.
ويقال نار وأنوار ونيرة ويروى: كأن أوار الشمس. ومعموم ومعتم ومتختم واحد. فيقول أوار النار وهو شدة حرها قد شمل بدن هذا الراكب المعتم على أنه معتم فذاك أشد الحر.
52: وقد أقود أمام الحي سلهبةً.......يهدي بها نسب في الحي معلوم
قال الضبي: (السلهبة) الطويلة. (يهدي بها) يقدمها أخذ من الهوادي وهي المتقدمات أي: يقودها نسب لا ينقطع أي أنها ذات عرقٍ كريم. قال الرستمي: (السلهبة) الطويلة من الخيل وكذلك الرجل السلهب الطويل والجمع السلاهب.
ويروى: ينمي بها نسب ويهدي وينمي واحد أي يتبين فيها وإذا رآها الناظر قال: هذه من ولد الغراب. والغراب فرس لغني كما قال طفيل:
بنات الغراب والوجيه ولاحقٍ.......وأعوج تنمي نسبة المتنسب
ومعلوم معروف.
53: لا في شظاها ولا أرساغها عتب.......ولا السنابك أفناهن تقليم
(الشظا): عظم دقيق مثل المخرز فإذا تحرك ذلك العظم شظي الدابة كأنه فسخ، وقال آخرون: هو انشقاق العصب، يقال شظي يشظى شظىً وقد تشظى العود إذا تشقق و(العتب) العيب من قولك فلان لا يتعتب عليه في شيء. ويروى عنت. تقليم أي: سنابكها صلبة لم تأكلها الأرض. و(السنابك): مقاديم الحوافر. قال الرستمي: يروى عتب وعنت جميعًا. يقول لم تشظ فتعتل لذلك. و(الأرساغ): جمع رسغ وهو موصل الوظيف في الحافر.
والعنت الكسر والضعف والعتب العيب. والحوامي ما عن يمين السنبك وشماله والدوابر مآخير الحوافر، والنسور ما غمض في باطن الحافر تراه كالنوى وقطع الأوتار.
والأشعر الشعر المحيط بالحافر والجبة مدخل الحوشب في الحافر، والحوشب عظيم دقيق في طرف الوظيف داخل في الجبة. فيقول هي وافية السنبك لم تأكله الأرض.
54: سلاءة كعصا النهدي غل لها.......ذو فيئةٍ من نوى قران معجوم
ويروى: منظم من نوى قران. (سلاءة) يعني فرسه وشبهها بشوكة النخلة لإرهاف صدرها وتمام عجزها وكذلك خلقة الشوكة وقد يستحب في الإناث ويستحب للذكور أن تتم صدورها وتستخف أعجازها وهذا مثل قوله:
إذا أقبلت قلت دباءة.......من الخضر مغموسة في الغدر
يقول خلقتها خلقة الشوكة. وقوله (كعصا النهدي) أي كأنها عصا نبعٍ في اندماجها وملاستها وإنما خص نهدًا لأن النبع ينبت في بلادها وقوله (غل لها) أي أدخل لها إدخالاً في باطن حافرها في موضع النسور: شبه النسور بالنوى لأنها صلاب وأنها لا تمس الأرض لأن الحافر مقعر. وقوله: (ذو فيئة) أي: ذو رجعةٍ يقول له رجوع لا يكون ذلك إلا من صلابته. وهو أن يؤكل النوى ثم يفت البعر فيستخرج منه النوى فتعلفه الإبل مرةً أخرى فلا يكون ذلك إلا من صلابته. وقران قرية باليمامة لبني حنيفة كثيرة النخل ونخلها معطش جوازئ وذلك أصلب لنواها. وقوله معجوم أي نوى الفم وهو أجود ما يكون من النوى وأصلبه والمعجوم المعضوض.
وقال أحمد بن عبيد: لم يخص النهدي لمعنىً إنما كان له راعٍ نهدي فرأى عصاه فوصفها.
قال: وقوله (ذو فيئة) أي رجوعٍ يريد تمرًا أكل ولم يطبخ فهو أصلب لنواه وأنشد أحمد:
مفج الحوامي عن نسورٍ كأنها.......نوى القسبٍ ترت عن جريمٍ ملجلج
وقال فيه الرستمي شبيهًا بقول الضبي غير أنه زاد عليه: إنما خص النهدي لأنه أراد شيخًا من نهدٍ قد كبر وطال عمره واملاست عصاه فلانت. ويقال: نعم غلول الشيخ هذا: للشيء الحار يدخله جوفه: هذا في قوله غل لها.
وقال في قوله (ذو فيئةٍ) أي: ذو رجعةٍ يعني نوىً قد أكلته الإبل فلم تقدر على اجتراره لصلابته فبعرته صحاحًا.
ثم غسل ثانيةً فعلفته، وهو مأخوذ من قولهم فاء يفيء إذا رجع، فشبه نسورها في صلابتها بهذا النوى الذي هذه حاله.
ومن روى منظم أي أدخل في مفاصلها المنظم وهو أصلب لها. وروى عمارة محطم، يقال حطم لها النوى مع القت وخلط فأكلته فصلبت عليه.
والقت العض والعض علف الأمصار. وقران قرية باليمن وخص قران لأنها معطشة لا ماء لها وهو أصلب لنواها.
ومعجوم قد عض بالفم يقال عجمت العود أعجمه عجمًا إذا عضضته لتنظر أصلب هو أم رخو. فيقول ليس هذا النوى من نوى النبيذ هو من نوى الفم وهو أصلب.
55: تتبع جونًا إذا ما هيجت زجلت.......كأن دفًا على العلياء مهزوم
أي تتبع هذه الفرس إبلاً جونًا تسقى من ألبانها فإن أغير على الإبل فزع عليها.
و(الجون) أقل سوادًا من الدهم والجون أغزر الإبل. وقوله (إذا ما هيجت) يعني إذا ما الإبل هيجت للورد سمعت لها زجلاً لكثرتها و(الزجل): ارتفاع الصوت و(المهزوم) المشقوق. قال الرستمي: الجون الأسود والجون الأبيض ويقال للنهار جون وأنشد للراجز:
غير يا ابنة الحليس لوني.......مر الليالي اختلاف الجون
وسفر كان قليل الأون
أي: قليل الرفق. يقال أن على نفسك أي ارفق بها. وهيجت أي للحلب. فتحانت وارتفعت أصواتها. و(الزجل): اختلاط الصوت. فيقول كأن حفيفها صوت دفٍ على مكان مرتفع. و(مهزوم) مخروق فهو أبح للصوت. ويقال مهزوم ذو صوتٍ يقال سمعت هزمة الرعد أي صوته.
56: إذا تزغم من حافاتها ربع.......حنت شغاميم في حافاتها كوم
قال الضبي: (تزغم) حن حنينًا خفيًا أي تزغم لأمه لترضعه. و(حافاتها) نواحيها. و(الربع) ما نتج في الربيع.
و(الشغاميم) المسان التوأم الواحدة شغموم. الرستمي: (الربع) ما نتج في الربيع والأم مربع، والهبع الصيفي نتج في آخر النتاج وهو أضعف النتاج، وروي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قال: كنت بحضرة سليمان بن عبد الملك وهو على رمقٍ فقال:
إن بني صبية صيفيون.......أفلح من كان له ربعيون
فقال عمر: بل أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى. وحنت صوتت. و(الشغاميم) الحسان الطوال الواحد شغموم. و(الكوم) العظام الأسنمة الواحد أكوم والأنثى كوماء. قال: وإنما يريد الربع يجيء إلى أمه يريد اللبن فتنحيه أمه.
57: يهدي بها أكلف الخدين مختبر.......من الجمال كثير اللحم عيثوم
ورواها أحمد: كنيز اللحم ويهديها يكون هاديها تتبعه. و(أكلف الخدين) يعني فحلها و(الكلفة) حمرة فيها سواد وهو يستحب. مختبر مجرب. و(العيثوم): الضخم الجرم الكثير اللحم. قال الأخطل: وطئت عليك بخفها العيثوم، قال الرستمي: (يهدي بها) أي يهديها ومعناه يتقدمها يقال: جاءت الحمر يهدي بها فحلها أي يقدمها: قال ربيعة بن مقروم الضبي:
إذا لم يجتزر لبنيه لحمًا.......غريضًا من هوادي الوحش جاعوا
و(الكلفة) السواد. ومختبر معروف بالنجابة ويقال رجل خبير وخابر ويقال من أين خبرت هذا أي: من أين علمته. ويقال اشتر من مجهولات الإبل ولا تشتر من مخبوراتها والمخبورة التي عرف غزرها فلا تباع إلا بغلاء ويروى: أكلف الخدين مختبر، والمختبر الكثير اللحم والوبر ويقال للوبر الخبير: قال الراجز: حتى إذا ما طار من خبيرها، أي من وبرها. وقال الراجز: مختبر النحض عريض الكشح، والعيثوم قال أبو عمرو: هو عظيم الخف وقال غيره: الكثير اللحم الغليظ. وقال غيره: الفيلة عيثوم شبه الفحل بها. قال أحمد: ومن روى مختبر أراد فحلاً عالما بلقاح الإبل ما لم يلقح منها وما لقح إذا رآها عرفها و(العيثوم) الناقة الضخمة ومن زعم أنها الفيلة فليس بشيء.
[شرح المفضليات: 805-823]


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
120, قصيدة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:57 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir