الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أمابعد:
بعض الفوائد المتعلقة بدرس اليوم(الاثنين):
أولا: الآثار الواردة عن السلف رحمهم الله في فضل العلم كثيرة كلها تبين عظم تعلم العلم الشرعي النافع للعبد في دينه ودنياه وقد جاء من الآثار العجب العجاب في حرصهم على طلب العلم وسيرهم الحثيث في هذا وخصوصا أهل الحديث وفقنا الله للمضي في ركابهم والسير على منوالهم .
وهنا فائدة تتعلق بقول مطرف بن الشخير:(فضل العلم أحب الي من فضل العبادة وخير دينكم الورع) فقد جاء هذا الأثر مرفوعا للنبي صلى الله عليه وسلم كما عند الحاكم في المستدرك والترمذي في العلل والطبراني في الأوسط وغيرهم من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه بسند فيه انقطاع بين الأعمش ومطرف , وفيه عبدالله بن عبدالقدوس ضعيف وجاء من طرق أخرى عن غيره من الصحابة لايصح منها شئ ولاترتقي به الى درجة الحسن لغيره فلا يصح مرفوعا الى النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم , وانما صح من قول مطرف بن الشخير كما بين هذا البيهقي في "المدخل" فقال:هذا الحديث يروى مرفوعا بأسانيد ضعيفة وهو صحيح من قول مطرف بن عبدالله بن الشخير.
وبين هذا أيضا الدارقطني في العلل , فجزاكم الله خيرا على حرصكم في توخي الصحة وبارك في جهودكم.
ثانيا: من أنفع الكتب التي صنفت في فضل العلم والحث على طلبه كتاب"جامع بيان العلم وفضله" لابن عبدالبر وهو كتاب نفيس ينبغي ان يحرص عليه كل طالب علم ففيه ذكر المؤلف فضل العلم وفضل تعلمه والعناية به كما بين فيه فساد القول في دين الله بلا علم , وذكر فيه آداب العالم والمتعلم , وذكر فيه الكثير من الأحاديث النبوية والآثار الواردة عن السلف وجملة من الأشعار المتعلقة بهذا الباب , والمطالعة في هذا الكتاب يشد العزيمة ويقوي الرغبة لدى طالب العلم في التحصيل والطلب وعلو الهمة
ومن يجد الطريق الى المعالي .......فلايذر المطي بلاسنام
ولم أر في عيوب الناس نقصا.......كنقص القادرين على التمام
وصاحب الهمة مايهمه الحر , ولايخيفه القر , ولايزعجه الضر , ولايقلقه المر, لأنه توكل على الله وتدرع بالصبر , ولابد دون الشهد من ابر النحل , رزقني الله واياكم الهمة العالية .
ثالثا: العلم الشرعي هو أفضل العلوم وأنفعها ومن وفقه الله لهذا العلم ويسر له سبله الصحيحة وأخذ العلم عن الأكابر فقد نال خيرا عظيما فنسأل الله من فضله.
ومن أضر العلوم وأخبثها السحر والتنجيم والكهانة وعلم الكلام والفلسفة , وكم زلت الأقدام بسبب هذا , ومن خاض في علم الكلام أو جالس أهله أفسد على نفسه دينه ودنياه , ولذلك حذر السلف من مجالسة أهل الأهواء حتى قال أيوب السختياني رحمه الله لرجل من هؤلاء أراد أن يكلمه , فلما ناداه الرجل وقال:يا أبانصر أريد أن أكلمك بكلمة
فوضع أيوب السختياني رحمه الله يديه على أذنيه ومضى من أمامه وقال:ولانصف كلمة
وهذا من حرصهم رحمهم الله على سلامة قلوبهم , فان الشبه خطافة , وأهل الكلام أهل حيرة وضياع وهم أكثر الناس شكا عند الموت عافانا الله وثبتنا على الحق حتى نلقاه وبعضهم من الله عليه بالهداية فرجع بعد طول بحث الى مذهب اهل السنة واعلن براءته مما كان عليه كأبي الحسن الاشعري رحمه الله الذي بقي على الاعتزال اربعين سنة ثم اعتزل الناس في بيته خمسة عشر عاما كما بين هذا ابن عساكر في كتابه "التبيين" ثم هداه الله لمذهب أهل السنة ورجع عن أقواله وألف كتابه "الابانة" , فمن أجل النعم التي امتن الله بها على عباده نعمة الاسلام ونعمة اتباع السنة وطلب العلم النافع.