دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 صفر 1430هـ/23-02-2009م, 02:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الخامس: خيار العيب

الخامسُ: ( خِيارُ الْعَيْبِ ) وهو ما يَنْقُصُ قِيمةَ الْمَبيعِ كمَرَضِه وفَقْدِ عُضْوٍ أو سِنٍّ أو زِيادتِهما، وزِنَا الرقيقِ، وسَرِقَتِه وإباقِه وبَوْلِه في الفِراشِ، فإذا عَلِمَ الْمُشْتَرِي العَيْبَ بعدُ أَمْسَكَه بأَرْشِه , وهو قِسْطُ ما بينَ قِيمةِ الصِّحَّةِ والْعَيْبِ، أو رَدَّهَ وأَخَذَ الثَّمَنَ، وإن تَلِفَ الْمَبيعُ أو عَتَقَ العبدُ تَعَيَّنَ الأَرْشُ، وإن اشْتَرَى ما لم يَعْلَمْ عَيْبَه بدونِ كَسْرِه كجَوْزِ هِنْدٍ وبَيْضِ نَعامٍ فكَسَرَه فوَجَدَه فاسدًا فأَمْسَكَه فله أَرْشُه , وإن رَدَّه رَدَّ أَرْشَ كَسْرِه ، وإن كان كبيضِ دَجاجٍ رَجَعَ بكلِّ الثَّمَنِ، وخيارُ عيبٍ مُتَرَاخٍ ما لم يُوجَدْ دليلُ الرِّضَا، ولا يَفْتَقِرُ إلى حُكْمٍ ولا رِضًا ولا حُضورِ صاحبِه، وإن اخْتَلِفَا عندَ مَن حَدَثَ العيبُ، فقولُ مُشْتَرٍ معَ يمينِه، وإن لم يَحْتَمِلْ إلا قولَ أحدِهما قُبِلَ بلا يَمينٍ.


  #2  
قديم 28 صفر 1430هـ/23-02-2009م, 06:54 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

........................

  #3  
قديم 28 صفر 1430هـ/23-02-2009م, 07:54 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(الخَامِسُ) مِن أقسامِ الخيارِ: (خِيَارُ العَيْبِ) وما بمَعناه، (وهو)؛ أي: العيبُ (ما يَنْقُصُ قِيمَةَ المَبِيعِ) عادةً فما عَدَّه التُّجَّارُ في عُرْفِهِم مُنْقِصاً أُنِيطَ الحُكْمُ به، وما لا فلا، والعَيْبُ (كمَرَضِه) على جميعِ حالاتِه في جميعِ الحيواناتِ، (وفَقْدِ عُضْوٍ) كأُصْبُعٍ (وسِنٍّ أو زِيَادَتِهِما، وزِنَا الرقيقِ) إذا بَلَغَ عَشْراً مِن عَبْدٍ أو أَمَةٍ، (وسَرِقَتِه) وشُرْبِه مُسْكِراً، (وإِبَاقِه وبَوْلِه في الفِرَاشِ) وكَوْنِه أَعْسَرَ لا يَعْمَلُ بيَمِينِه عَمَلَها المُعتادَ، وعَدَمِ خِتانِ ذَكَرٍ كَبِيرٍ، وعَثْرَةِ مَرْكُوبٍ، [وحِرَانِه] ونَحْوِه، وبَخَرٍ، وحَوَلٍ، وخَرَسٍ، وطَرَشٍ، وكَلَفٍ، وقَرَعٍ، وحَمْلِ أَمَةٍ ، وطُولِ مُدَّةِ نَقْلِ ما في دارٍ مَبِيعةٍ عُرْفاً، وكَوْنِها يَنْزِلُها الجُنْدُ، لا سُقُوطِ آياتٍ يَسيرةٍ بمُصْحَفٍ ونَحْوِه، ولا حُمَّى ولا صُدَاعٍ يَسِيرَيْنِ، ولا ثُيُوبَةٍ، أو كُفْرٍ، أو عدمِ حَيْضٍ، ولا معرفةِ غِناءٍ. (فإذا عَلِمَ المُشْتَرِي العَيْبَ بعدَ العَقْدِ (أَمْسَكَه بأَرْشِه) إن شَاءَ؛ لأنَّ المتبايعَيْنِ تَرَاضَيَا على أنَّ العِوَضَ في مُقَابلةِ المَبيعِ فكُلُّ جُزْءٍ مِنه يُقَابِلُه جُزْءٌ مِن الثَّمَنِ، ومعَ العيبِ فَاتَ جُزءٌ مِن المَبيعِ فله الرُّجُوعُ ببَدَلِه وهو الأَرْشُ.
(وهو)؛ أي: الأَرْشُ (قِسطُ مَا بينَ قِيمةِ الصحَّةِ والعيبِ) فيُقَوَّمُ المَبيعُ صَحِيحاً ثُمَّ مَعيباً ويُؤْخَذُ قِسطُ ما بَينَهُما مِن الثَّمَنِ، فإن قُوِّمَ صَحيحاً بعَشْرَةٍ ومَعيباً بثَمَانِيَةٍ رَجَعَ بخُمُسِ الثَّمَنِ قَليلاً كَانَ أو كثيراً، وإن أَفْضَى أَخْذُ الأَرْشِ إلى رِباً كشِراءِ حُلِيِّ فِضَّةٍ بزِنَتِه دَرَاهِمَ أَمْسَكَ مَجَّاناًً إن شَاءَ (أو رَدَّه وأَخَذَ الثمنَ) المَدفوعَ للبائعِ، وكذا لو أَبْرَأَ المُشترِيَ مِن الثمنِ أو وَهَبَ له ثُمَّ فَسَخَ البيعَ لعَيبٍ أو غيرِه رَجَعَ بالثمنِ على البائعِ، وإن عَلِمَ المُشترِي قبلَ العقدِ بعيبِ المَبيعِ أو حَدَثَ العيبُ بعدَ العَقْدِ فلا خِيارَ له إلا في مَكيلٍ ونَحْوِه تَعَيَّبَ قبلَ قَبْضِه، (وإن تَلَفَ المَبيعُ) المَعِيبُ (أو عُتِقَ العَبْدُ) أو لم يَعْلَمْ عَيْبَه حتَّى أَصْبَغَ الثوبَ أو نَسَجَ، أو وَهَبَ المَبيعَ أو بَاعَه أو بَعْضَه (تَعَيَّنَ الأَرْشُ) لتَعَذُّرِ الردِّ وعدمِ وُجودِ الرضَا به نَاقصاً، وإن دَلَّسَ البائعُ بأن عَلِمَ العَيبَ وكَتَمَه عَن المُشترِي فمَاتَ المَبيعُ أو أَبَقَ ذَهَبَ على البائعِ؛ لأنَّه غَرَّه ورَدَّ للمُشترِي ما أَخَذَه. (وإن اشتَرَى مَا لم يَعْلَمْ عَيْبَه بدونِ كَسْرِه كجَوْزِهِنْدٍ وبَيْضِ نَعَامٍ فكَسَرَه فوَجَدَه فَاسِداً فأَمْسَكَه فله أَرْشُه، (وإن رَدَّه رَدَّ أَرْشَ كَسْرِه) الذي تَبْقَى له معَه قيمةٌ وأَخَذَ ثَمَنَه؛ لأنَّ عقدَ البيعِ يَقْتَضِي السلامةَ. ويَتَعَيَّنُ أَرْشٍ معَ كَسْرٍ لا تَبْقَى معَه قِيمَةٌ. (وإن كَانَ) المَبيعُ (كبيضِ دَجاجٍ) فكَسَرَه فوَجَدَه فاسداً (رَجَعَ بكُلِّ الثمنِ)؛ لأنَّا تَبَيَّنَّا فَسادَ العقدِ مِن أَصْلِه لكَوْنِه وَقَعَ على ما لا نَفْعَ فيه، وليسَ عليه رَدُّ فَاسدٍ إلى بَائِعِه لعدمِ الفائدةِ فيه. (وخِيارُ عَيْبٍ مُتَرَاخٍ)؛ لأنَّه لدَفْعِ ضَررٍ مُتَحَقَّقٍ فلم يَبْطُلْ بالتأخيرِ (ما لم يُوجَدْ دليلُ الرِّضَا) كتصرُّفٍ فيه بإجارةٍ أو إعارةٍ أو نحوِهما عَالماً بعيبِه واستعمَالِه لغيرِ تَجرِبَةٍ. (ولا يَفْتَقِرُ) الفَسْخُ للعيبِ (إلى حُكْمٍ ولا رِضاً ولا حُضورِ صَاحِبِه)؛ أي: البائعِ كالطلاقِ، ولمُشترٍ معَ غيرِه معيباً أو بشَرْطِ خيارِ الفَسْخِ في نَصيبِه ولو رَضِيَ الآخَرُ، والمَبيعُ بعدَ فسخِ أمانةٍ بيَدِ مُشترٍ، (وإن اختَلَفَا)؛ أي: البائِعُ والمُشترِي في مَعيبٍ (عندَ مَن حَدَثَ العيبُ) معَ الاحتمالِ (فقَوْلُ مُشترٍ معَ يمينِه) إن لم يَخْرُجْ عَن يَدِه؛ لأنَّ الأصلَ عدمُ القَبْضِ في الجُزْءِ الفائتِ، فكان القَولُ قَوْلَ مَن يَنْفِيه فيَحْلِفُ أنَّه اشتَرَاهُ وبه العيبُ، أو أنَّه ما حَدَثَ عندَه ويَرُدُّه. (وإن لم يَحْتَمِلِ الأقوال=([1]) أحدهما) كالأُصْبُعِ الزائدَةِ والجُرْحِ الطرِيِّ الذي لا يَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ قبلَ العقدِ (قُبِلَ قَوْلُ المُشترِي) في المثالِ الأوَّلِ، والبائعِ في المثالِ الثانِي (بلا يمينٍ) لعدمِ الحاجةِ إليهِ، ويُقْبَلُ قولُ البائعِ أنَّ المبيعَ المعيبَ ليسَ المَرْدودَ، إلا في خيارِ شَرطٍ؛ فقولُ مُشترٍ، وقَوْلُ قابضٍ في ثَابتٍ في ذِمَّةٍ مِن ثمنٍ وقَرْضٍ وسَلَمٍ ونحوِه إن لم يَخْرُجْ عَن يَدِه، وقَوْلُ مُشترٍ في عينِ ثَمَنٍ مُعَيَّنٍ بعَقْدٍ، ومَن اشتَرَى مَتَاعاً فوَجَدَه خَيْراً ممَّا اشتَرَى فعَلَيه رَدُّه إلى بائِعِه.



(1) كذا بالأصل ولعلها : إلا قول.



  #4  
قديم 28 صفر 1430هـ/23-02-2009م, 07:56 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(الخامس) من أقسام الخيار (خيار العيب)([1]) وما بمعناه([2]) (وهو) أي العيب (ما ينقص قيمة المبيع) عادة([3]) فما عده التجار في عرفهم منقصا أنيط الحكم به، وما لا فلا([4]).
والعيب (كمرضه) على جميع حالاته، في جميع الحيوانات([5]) (وفقد عضو) كإصبع (وسن([6]) أو زيادتهما([7]) وزنا الرقيق) إذا بلغ عشرًا، من عبد أو أمة([8]) (وسرقته) وشربه مسكرا([9]) (وإباقه، وبوله، في الفراش) ([10]).
وكونه أعسر، لا يعمل بيمينه عملها المعتاد([11]) وعدم ختان ذكر كبير([12]) وعثرة مركوب، وحرنة ونحوه([13]) وبخر، وحول، وخرس([14]) وطرش، وكلف وقرع([15]).
وحمل أمة([16]) وطول مدة نقل ما في دار مبيعة عرفا([17]) وكونها ينزلها الجند([18]) لا سقوط آيات يسيرة من مصحف ونحوه([19]).
ولا حمى، وصداع يسيرين([20]) ولا ثيوبة، أو كفر([21]) أو عدم حيض([22]) ولا معرفة غناء([23]) (فإذا علم المشتري العيب بعد) العقد (أمسكه بأرشه) إن شاء([24]).
لأن المتبايعين تراضيا على أن العوض في مقابلة المبيع، فكل جزء منه يقابله جزء من الثمن([25]) ومع العيب فات جزء من المبيع، فله الرجوع ببدله وهو الأرش([26]) (وهو) أي الأرش (قسط ما بين قيمة الصحة والعيب) ([27]) فيقوم المبيع صحيحا، ثم معيبا([28]) ويؤخذ قسط ما بينهما من الثمن([29]).
فإن قوم صحيحا بعشرة، ومعيبا بثمانية، رجع بخمس الثمن قليلا كان أو كثيرا([30]).
وإن أفضى أخذ الأرش إلى ربا -كشراء حلي فضة بزنته دراهم-([31]) أمسك مجانا إن شاء([32]) (أو رده وأخذ الثمن) المدفوع للبائع([33]).
وكذا لو أبرئ المشتري من الثمن([34]) أو وهب له، ثم فسخ البيع لعيب، أو غيره، رجع بالثمن على البائع([35]) وإن علم المشتري قبل العقد بعيب المبيع([36]) أو حدث العيب بعد العقد، فلا خيار له([37]) إلا في مكيل ونحوه تعيب قبل قبضه([38]) (وإن تلف المبيع) المعيب([39]).
(أو عتق العبد) ([40]) أو لم يعلم عيبه حتى صبغ الثوب، أو نسجه([41]) أو وهب المبيع([42]) أو باعه، أو بعضه (تعين الأرش) لتعذر الرد([43]) وعدم وجود الرضا به ناقصا([44]) وإن دلس البائع بأن علم العيب وكتمه عن المشتري فمات المبيع([45]).
أو أبق، ذهب على البائع، لأنه غره([46]) ورد للمشتري ما أخذه([47]).
(وإن اشترى ما لم يعلم عيبه بدون كسره، كجوز هند([48]) وبيض نعام، فكسره فوجده فاسدا، فأمسكه فله أرشه([49]) وإن رده رد أرش كسره) الذي تبقى له معه قيمة وأخذ ثمنه([50]) لأن عقد البيع يقتضي السلامة([51]).
ويتعين أرش مع كسر لا تبقى معه قيمة([52]) (وإن كان) المبيع (كبيض دجاج)([53]) فكسره فوجده فاسدا (رجع بكل الثمن) ([54]) لأنا تبينا فساد العقد من أصله، لكونه وقع على مالا نفع فيه([55]) وليس عليه، رد فاسد ذلك إلى بائعه، لعدم الفائدة فيه([56]) (وخيار عيب متراخ) ([57]) لأنه لدفع ضرر متحقق، فلم يبطل بالتأخير([58]).
(ما لم يوجد دليل الرضا) ([59]) كتصرف فيه بإجارة، أو إعارة، أو نحوهما([60]) عالما بعيبه([61]) واستعماله لغير تجربة([62]) (ولا يفتقر) الفسخ للعيب (إلى حكم([63]) ولا رضا، ولا حضور صاحبه) أي البائع، كالطلاق([64]).
ولمشتر مع غيره معيبا([65]) أو بشرط خيار، الفسخ في نصيبه([66]) ولو رضي الآخر([67]) والمبيع بعد فسخ أمانة بيد مشتر([68]) (وإن اختلفا) أي: البائع والمشتري في معيب (عند من حدث العيب) مع الاحتمال([69]).
(فقول مشتر مع يمينه) ([70]) إن لم يخرج عن يده([71]) لأن الأصل عدم القبض في الجزء الفائت، فكان القول قول من ينفيه([72]) فيحلف أنه اشتراه وبه العيب([73]) أو أنه ما حدث عنده، ويرده([74]).
(وإن لم يحتمل إلا قول أحدهما) كالإصبع الزائد([75]) والجرح الطري، الذي لا يحتمل أن يكون قبل العقد([76]) (قبل) قول المشتري في المثال الأول([77]) والبائع في المثال الثاني (بلا يمين) لعدم الحاجة إليه([78]) ويقبل قول بائع أن المبيع المعيب ليس المردود([79]).
إلا في خيار شرط، فقول مشتر([80]) وقول قابض في ثابت في ذمة([81]) من ثمن، وقرض، وسلم ونحوه([82]) إن لم يخرج عن يده([83]) وقول مشتر في عين ثمن معين بعقد([84]) ومن اشترى متاعا، فوجده خيرا مما اشترى، فعليه رده إلى بائعه([85]).



([1]) وتقدم أنه من التدليس، وأنه حرام، وفي الاختيارات: يحرم كتم العيب في السلعة، وكذا لو أعلمه به، ولم يعلمه قدر عيبه، ويجوز عقابه بإتلافه، والتصدق به، وقد أفتى به طائفة من أصحابنا.
([2]) أي ويثبت الخيار بما هو بمعنى العيب، كطول مدة نقل ما في الدار المبيعة عرفا كما سيأتي.
([3]) أو عينه، ولو زادت القيمة كخصاء، وهذا في باب البيع، أما الأضحية فلا، فإذا كانت ناقة مثلا يوجد فيها عيب لا ينقصها بالنسبة إلى الذبح عندما تجلب، فليس بعيب، وإذا اختلفوا رجع إلى ما عدوه عيبا.
([4]) أي ما عداه التجار المعتبرون في عرفهم منقصا للبيع، علق الحكم به، واعتمد عليه، وما لم يعدوه منقصا لم يثبت الخيار به، وقال الشيخ: لا يطمع في إحصاء العيوب، لكن يقرب من الضبط ما قيل: إن كان ما يوجد بالمبيع مما ينقص العين أو القيمة، نقصا يفوت به غرض صحيح، يثبت الرد إذا كان الغالب في جنس المبيع عدمه.
([5]) أي جميع حالات المريض، في جميع الحيوانات الجائز بيعها.
([6]) أي والعيب كفقد عضو من أعضاء الحيوانات، إصبع، أو يد، أو رجل، أو ذهاب سن من آدمي من ثغر، ولو من آخر الأضراس.
([7]) أي زيادة نحو إصبع، أو سن فيهما يشوه المنظر، وينقص الصنعة فذلك عيب، يثبت به الخيار.
([8]) فيثبت به الخيار للمشتري، قال الوزير وغيره: واتفقوا على أن الزنا عيب في الجارية، وفي الغلام إلا أبا حنيفة، فقال: إذا تكرر منه، وكذا اللواط ممن بلغ عشرا، فاعلا أو مفعولا به، لأنه ينقص قيمته، ويقلل الرغبة فيه، لما فيه من الخبث والعشر هي المعتبرة فيه، وقبلها في حكم الصغر، والصغر فيه خبر رفع القلم.
([9]) أي ويثبت الخيار بسرقة الرقيق إذا بلغ عشرا، وبشربه مسكرا، لأنه يدل على خبث طويته بخلاف الصغير، فإنما يدل على نقصان عقله.
([10]) أي ويثبت أيضا الخيار بإباق الرقيق إذا بلغ عشرا للخوف عليه وقال
الشيخ وغيره: إذا أبقت الجارية عند المشتري، وكانت معروفة بذلك قبل البيع، وكتمه البائع، رجع المشتري بالثمن، على الأصح اهـ. ويثبت أيضا الخيار ببوله في الفراش، لأنه يدل على داء في بطنه، فإن كان من دون عشر فليس عيبا لأن ما قبلها يبول في الفراش غالبا.
([11]) أي يثبت بذلك الخيار لمشتر، فإن عمل بها أيضا فليس بعيب، ولا خيار لمشتر.
([12]) للخوف عليه، لا في أنثى، ولا صغير، لأنه الغالب.
([13]) كرفسه، وعضه، واستعصائه، وكلها عيوب، يثبت بأحدها الخيار لمشتر.
([14]) أي والعيب كبخر، بالتحريك نتن رائحة الفم، في عبد أو أمة، وأما الصنان اليسير فليس بعيب فيهما وفاقا، و«حول» بالتحريك بياض في مؤخر العين، وعدم اعتدال العين في مركزها، بل مائلة إلى جانب، يبصر بها أولا، و«خرس» محرك يعقد اللسان، فيمتنع معه الكلام، يثبت بها الخيار للمشتري.
([15]) أي والعيب أيضا كـ «طرش» محرك وهو نقص السمع، دون الصمم و«كلف» شيء يعلو الوجه كالسمسم، تغير معه بشرة الوجه، وقيل: لون بين السواد والحرة، وهي حمرة كدرة، تعلو الوجه، عكس لون البرص، ويقال للبهق كلف، و«قرع» بفتحتين أي صلع، مصدر: قرع الرأس، إذا لم يبق عليه شعر، وقال الجوهري: إذا ذهب شعره من آفة، وإن لم يكن له ريح منكرة، فيثبت بها الخيار، وكالصمم، والبرص ، والجذام والفالج، والعفل، والقرن، والاستحاضة ونحو ذلك، وككثرة كذب، وحمق من كبير، وإهمال الأدب والوقار في محالهما نص عليه.
([16]) فيثبت به الخيار، لا حمل بهيمة إن لم يضر باللحم، وذلك لأن حمل الأمة خطر، وقد يكون نقصا من ناحية أخرى، يضعف عملها مدة الحمل، أو يسبب منعها من أعمالها إذا كانت ترضع، بخلافه في سائر الحيوان لأنه يراد للنماء، وغالب الناس يستنسلون الحيوان، لا الإماء.
([17]) شرع في التمثيل لما في معنى العيب المثبت للخيار، ومنه: كطول مدة نقل ما في در مبيعة ونحوها عرفا، لطول تأخر تسليم المبيع بلا شرط، لكون طول مدة النقل يفوت منفعته، كما لو كانت مؤجرة، فإن لم تطل المدة عرفا فلا خيار، وكبق ونحوه غير معتاد بها، لحصول الأذى به.
([18]) بأن تكون معدة لنزولهم، إذ هو بمعنى العيب، لأن الغالب أنما يتولونه تكون سلطتهم عليه، وكذا من في معناهم، ممن لا يخرج إلا بمشقة، لفوات منفعتها زمانه، وكذا كونها ينزلها الجن، لكونها مفزعة من سكنهم، أو مؤذية من سكن بها برجم ونحوه، قال الشيخ: والجار السوء عيب، ولهذا يقال: الجار قبل الدار، وأصله قوله: {رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ} حيث ذكر {عِنْدَكَ} قبل {بَيْتًا}
([19]) كسقوط نحو كلمات بالكتب، فلا يثبت له الخيار بذلك لأنه لا يخلو
مصحف منه، بل لا يسلم عادة من ذلك، ومثله يتسامح فيه، كيسير تراب ونحوه ببر وكغبن يسير، فإن كثر ذلك فله الخيار.
([20]) أي فلا يثبت بهما الخيار، لكونهما مما يعرض كثيرا ويزول، والحمى فتور ظاهر الجلد، والحرارة، فإذا كان قليلا فلا يضر، وكذا الصداع اليسير.
([21]) أي ولا خيار له إن وجد الأمة ثيبا، ولم يشترط أنها بكر، لأن الثيوبة هي الغالب على الجواري، ولا خيار له إن وجد الرقيق كافرا، لأن الغالب عليه الكفر، بل أصل استرقاقه هو الكفر، ولعل الأولى أن يفرق بين الأزمان والبلدان فالأزمان التي يوجد الكفر فيها كثيرا، إذا وجد كافرا فهو الأصل والغالب، أما البلدان التي يقل فيها وجود الكفر فلا، لكن من يؤتى بهم، يؤتى بهم من بلدان لا يعرفون الدين، ولا الصلاة، فهذا مثله كافر، وإن ادعوا الإسلام، والذي لا يعرف أمر الدين فيه تفصيل، ولعل من يشتري من بلاد بعيدة، الغالب عليها الكفر والجهل فليس بعيب، ومن بلاد المسلمين يكون عيبا، وكذا الفسق بالاعتقاد والعجمة والتغفيل.
([22]) لأن الإطلاق لا يقتضي الحيض ولا عدمه، فليس فواته عيبا.
([23]) فليست عيبا، لأنه لا نقص بها في عين ولا قيمة، وكذا طبخ وحجامة ونحو ذلك، وقال ابن عقيل وغيره: الغناء عيب، ومن يستعمله فهو يحبه، لأن إحسانه له يسبب استعماله.
([24]) سواء علم البائع بعيبه فكتمه، أو لم يعلم، أو حدث به عيب بعد عقد
وقبل قبض، فيما ضمانه على بائع، رضي البائع أو سخط، تعذر الرد أولا، وإن قال البائع، أنا أزيل ما به من عيب؛ لم يمنع الرد، ولا الأرش وإن رضي المشتري بذلك جاز.
([25]) أي فكل جزء من المبيع يقابله جزء من الثمن، وهذا تعليل لجواز الإمساك بالأرش.
([26]) هذا على القول بالإمساك بالأرش، ولا يستحق الأرش في نحو المصراة، لأنه ليس فيها عيب، وإنما له الخيار فيها بالتدليس، لا لفوات جزء.
([27]) فيرجع المشتري إذا اختار الإمساك بمثل نسبته من ثمنه المعقود به.
([28]) أي يقومه عدل إن تنازع المتعاقدان سليما بمائة مثلا، ثم يقومه معيبا بتسعين وتعتبر القيمة يوم عقد، لأن ما زاد عليها في ملك المشتري، لا يقوم عليه، وما نقص فهو مضمون عليه، لأن جملة المبيع من ضمانه، فلو لبس المبيع، أو حلبه أو عمل عليه فرده، فعليه نقص قيمته.
([29]) لأن المبيع مضمون على المشتري، ففقد جزء منه يسقط ما قابله من الثمن، وفي الاختيارات يجبر المشتري على الرد، أو أخذ الأرش، لتضرر البائع بالتأخير.
([30]) وهو الواجب للمشتري قال ابن رشد: فإن اتفقا على أن يمسك المشتري سلعته، ويعطيه البائع قيمة العيب، فعامة فقهاء الأمصار يجيزون ذلك اهـ، وعن أحمد : ليس له إلا الإمساك بلا أرش، أو الرد، اختاره الشيخ، وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي، قال الزركشي، هذا أعدل الأقوال، وصوبه في الإنصاف وهو مقيد بما إذا لم يتعذر رده.
([31]) أو حلي ذهب بزنته دنانير، ونحوها، أو شراء قفيز مما يجري فيه الربا، كبر وشعير، بمثله جنسا وقدرا.
([32]) أي بلا أرش، فإن تعيب الحلي عنده فسخه الحاكم، ورد بائع الثمن، وطالب مشتر بقيمة المبيع معيبا بعيبه الأول، فإن اختار المشتري إمساكه مجانا فلا فسخ، وكذا إن اختار الأرش فليس له الفسخ، لأن اختياره الأرش يتضمن إمضاء البيع، وإسقاط حقه من الأرش.
([33]) كاملا، لأنه بالفسخ استحق استرجاع جميع الثمن، قال الوزير: اتفقوا على أن للمشتري الرد بالعيب الذي لم يعلم به حال العقد، ما لم يحدث عنده عيب آخر، وأن له إمساكه إن شاء بعد عثوره عليه اهـ، وإن علم العيب، فأخر الرد، لم يبطل خياره، إلا أن يوجد منه ما يدل على الرضى، من التصرف ونحوه كما سيأتي وإن عثر المشتري على عيب في الحلي أو القفيز، بعد تلفه عنده فسد العقد ، ورد البائع الموجود، ونقد الثمن، وتبقى قيمته المبيع إن كان متقوما، أو مثله إن كان مثليا في ذمته، وليس له أخذ الأرش.
وإن أسقط مشتر خيار رده، بعوض بذله له البائع أو غيره، قل أو كثر جاز، وليس من الأرش في شيء وإذا حلب الدابة ، أو حمل عليها أو لبس الثوب، ووجد عيبا، وأراد ردها فإن كانت قيمتها نقصت بحلب، أو حمل، أو لبس عن حالة العقد، فإنه عيب حدث عند المشتري، فيرد أرشه معه، وإلا ردها مجانا.
([34]) ثم فسخ البيع لعيب أو غيره، رجع بكل الثمن على البائع، وإن أبرئ من بعضه رجع بقسطه.
([35]) لأنه بالفسخ استحق جميع الثمن، وإن أبرئ من نصفه مثلا رجع بنصفه ولا رد لمشتر وهبه بائع ثمنه أو أبرأه منه.
([36]) فلا خيار له، لدخوله على بصيرة، قال في الإنصاف: إن باع عبدا يلزمه عقوبة -من قصاص أو غيره، يعلم المشتري ذلك- فلا شيء له، بلا نزاع.
([37]) لخروجه من ملك بائع سليما.
([38]) فلمشتر الخيار، لأنه من ضمان بائع إلى قبضه، ونحو المكيل الموزون والمعدود، والمذروع، والثمر على الشجر، والمبيع بصفة، أو رؤية متقدمة.
([39]) ولو بفعل المشتري، كأكله ونحوه، ثم علم عيبه، تعين الأرش، لتعذر الرد.
([40]) أي المبيع، ثم علم عيبه، تعين الأرش، وسقط الرد لتعذره.
([41]) أي الثوب المبيع، فله الأرش، ولا رد، لأنه شغل المبيع بملكه، فلم يكن له رده، لما فيه من سوء المشاركة.
([42]) أو رهنه، أو وقفه، ثم علم بعيبه تعين الأرش.
([43]) أي أو باع المبيع المعيب غير عالم بعيبه، أو باع بعضه، ثم علم بالعيب، تعين الأرش في كل الصور لتعذر الرد، ولأن البائع لم يوفه، ما أوجبه له العقد، ويكون الأرش ملكا للمشتري، لأنه في مقابلة الجزء الفائت من المبيع.
([44]) أي فيوجب تعين الأرش، قال ابن رشد: إن تغير بموت، أو فساد، أو عتق ففقهاء الأمصار على أنه فوت، ويرجع المشتري على البائع بقيمة العيب اهـ ويقبل قوله في قيمته، وعلم منه أنه لا رد له في الباقي، بعد تصرفه في البعض.
([45]) المعيب، ذهب على البائع، ورجع عليه المشتري بكل الثمن، سواء تعيب المبيع عند المشتري بفعل الله تعالى كالمرض، أو بفعل المشتري، كوطء البكر ونحوه مما هو مأذون فيه، بخلاف قطع عضو، فلا يذهب هدرا، وكذا إن تعيب بفعل آدمي، كجناية عليه، أو بفعل العبد كسرقته، فيفوت التالف على البائع، حيث دلس العيب، ويرد الثمن كله.
([46]) بالتدليس، ويتبع بائع عبده حيث كان.
([47]) أي رد البائع من العوض للمشتري في مقابلة ما أخذ العبد، وإلا يكن دلس، تعين الأرش كما تقدم.
([48]) نوع من الآنية، كما أن بيض النعام لصلابة قشره قد يتخذ إناء، وجوز الهند إذا وجد ماءه الذي يشرب فاسدا، فله رده بالعيب.
([49]) إن لم يدلس البائع، فإن دلس فلا شيء له، لأنه غره، وكلاهما لا يعلم عيبه بدون كسره.
([50]) وكذا بطيخ في مكسروه نفع، يرد ما نقصه بكسره عنده، ولو كان الكسر بقدر الاستعلام، لأنه عيب حدث عنده والكسر كسران، كسر تبقى معه قيمة، وكسر لا تبقى معه، فما لا تبقى إن كسرها كلها أو كسرها كسرا لا تبقى معه قيمة، فيتعين الأرش للمشتري، مثل أصلها، وما تبقى له معه قيمة ، فيخير بين الإمساك وله أرش العيب، والرد مع أرش الكسر.
([51]) أي من العيوب، والعيب نقيصة، يقتضي العرف سلامة المبيع عنها غالبا فإذا ظهر في المبيع عيب، خير مشتر بين رد، استدراكا لما فاته، وإزالة لما يلحقه من الضرر في بقائه في ملكه ناقصا عن حقه، وبين إمساك مع أرش، لأنهما تراضيا
على أن العوض في مقابلة المعوض، ومع العيب فات جزء من المبيع، فرجع ببدله وهو الأرش.
([52]) كأن كسره كسرا لا تبقى معه قيمة للمكسور، من نحو جوز الهند، لأنه أتلفه، ويسقط الرد، لتعذره بإتلاف المبيع.
([53]) وجه مذرا، وكبطيخ وجده مرضا.
([54]) أي على بائع، وظاهر إطلاقهم، سواء دلس أو لا.
([55]) كبيع الحشرات، فيكون البيع غير صحيح، ومن شرط صحة البيع أن ينتفع به، وإن وجد البعض فاسدا رجع بقسطه، فإن كان الفاسد النصف، رجع بنصف الثمن، وإن كان الربع رجع بربعه وهكذا.
([56]) إذ لا قيمة له، ولا أرش فيرجع بكل الثمن، وكذا ليس عليه رد مالا قيمة لمكسوره من نحو جوز، ولوز.
([57]) أي متسع وقته، ليس على الفور.
([58]) يعني الخالي عن الرضا، كخيار القصاص، فمن علم العيب، وأخر
الرد به، لم يبطل خياره بالتأخير، وليس عليه أن يشهد قبل استعماله أنه يريد الأرش بل تكفي نيته، ومتى اختلفا، كان القول قوله في نيته، فيحلف: ما بعد علمي رضيت به، وما استعملته إلا بنية أخذ الأرش.
([59]) فيسقط الخيار، لأن دليل الرضا منزل منزلة التصريح به.
([60]) كوطء ، وسوم، وغير ذلك من أنواع التصرف.
([61]) أي فيبطل خياره، وإن كان جاهلا بعيبه فخياره بحاله، ولا تأثير لتصرفه.
([62]) مما يدل على الرضا، كركوب دابة لغير تجربة لها، ولغير طريق رد، وكوطء وقبلة ولمس لشهوة، ولم يختر الإمساك قبل تصرفه، فلا رد، وقال بعضهم: ولا أرش له العيب، لأنه قد رضي بالمبيع ناقصا، فسقط حقه من الأرش، ولا يقبل قوله: أنه مطالب بالأرش، إلا ببينة وعنه: له الأرش، كما لو اختار إمساكه قبل تصرفه، وصوبه في الإنصاف.
([63]) بل هو يفسخ من نفسه، سواء كان الرد بالعيب قبل القبض أو بعده.
([64]) أي كما أن الطلاق لا يفتقر إلى حكم حاكم، ولا رضا، ولا حضور، لأنه رفع عقد جعل إليه ، فلم يعتبر فيه ذلك.
([65]) الفسخ في نصيبه، ولو رضي الآخر، لأنه جميع ما ملكه بالعقد، فله رده بالعيب.
([66]) أي ولمشتر مع غيره، بشرط خيار، الفسخ في نصيبه، لأن نصيبه جميع ما ملكه بالعقد، فجاز له رده بالخيار الذي شرطه، كشراء واحد من اثنين شيئا بشرط خيار، أو وجده معيبا، فله رده عليهما، وله رد نصيب أحدهما عليه، وإمساك نصيب الآخر، وإن كان أحدهما غائبا والآخر حاضرا، رد المشتري على الحاضر منهما حصته بقسطها من الثمن، ويبقى نصيب الآخر في يده، حتى يقدم فيرده عليه.
([67]) أي بالبيع مع العيب، أو بشرط الخيار، فأمضاه، لأنه كان مشقصا قبل البيع.
([68]) لحصوله في يده، فإن تلف بغير تعد منه ولا تفريط، فلا ضمان عليه، لكن إن قصر في رده فتلف ضمنه، كثوب أطارته الريح إلى داره، وإذا فسخ والبائع غائب، ولا يمكنه رد المبيع إليه إلا بخطر، أو مشقة وضرر على البائع، فقال بعضهم: للمشتري بيعه، وحفظ ثمنه، لأنه مصلحة للبائع، وصرحوا به في الوديعة.
([69]) أي احتمال قول كل منهما، كخرق ثوب ونحوه، وجنون وإباق، ولا بينة لأحدهما.
([70]) وقال ابن عطوة: إن كان العيب لا يخفى، فالقول قول البائع أن المشتري رآه.
([71]) وهي اليد المشاهدة، فإن خرج إلى يد غيره، وغاب عنه، لم يجز له الحلف على البت، ولو غلب على ظنه صدق ذلك الغير، لاحتمال حدوث العيب عنده، ولا يجوز له الرد، لعدم الحلف على البت، فيتعين حلف البائع على صفة جوابه، فإن أجاب: بعته بريئا من العيب، حلف على ذلك، وإن أجاب: لا يستحق على ما يدعيه من الرد، حلف على ذلك، فيحلف على البت.
([72]) أي مع يمينه، لاحتمال صدق البائع.
([73]) أي يحلف مشتر على البت أنه اشترى هذا المبيع وبه هذا العيب.
([74]) أي أو يحلف مشتر على البت، أن هذا العيب ما حدث في هذا المبيع عنده، لأنه الأيمان كلها على البت، إلا ما كان على نفي فعل الغير، ويرد المبيع الذي اختلفا في حدوث عيبه بعد حلفه، وعن أحمد: القول قول بائع على البت، وهو مذهب الجمهور، وعليها العمل.
وقال ابن القيم: إذا ادعى العيب، فالقول قول من يدل الحال على صدقه، وإن احتمل صدقهما فقولان، أظهرهما أن القول قول البائع، لأن المشتري يدعي ما يسوغ فسخ العقد بعد تمامه ولزومه، والبائع ينكره اهـ وإن اختلفا في مفسد، أو شرط ونحوهما فقول منكر بيمينه، سواء كان البائع أو المشتري، ما لم يكن للآخر بينة.
([75]) بيد أو رجل، إذا ادعى البائع حدوثها، ولا يمكن حدوثها، كالشجة المندملة التي لا يمكن حدوثها.
([76]) أي وادعى المشتري كونه قديما.
([77]) أي بلا يمين، لعدم الحاجة إليه، لأنه لا يمكن حدوث الإصبع الزائد في الغالب، وإنما تنشأ في زمن التخطيط.
([78]) وهو كون الجرح طريا، لا يحتمل أن يكون قبل العقد، وتقدم أنه إذا ادعي العيب، فالقول قول من يدل الحال على صدقه، وإن ادعى غلطا، أو أن الثمن أكثر، لم يقبل قوله إلا ببينة، اختاره الموفق وغيره، وصوبه في الإنصاف.
([79]) لإنكار بائع كونه سلعته، وإنكاره استحقاق الفسخ، والقول قول المنكر مع يمينه، وصوابه: المبيع المعيب، والمعين بعقد، ولم يفصل بعضهم بين المعين، وما في الذمة، وظاهر القواعد أن الحكم فيهما سواء، وفرق السامري وغيره وهو مقتضى ما يأتي، وقال شيخنا: مراد الأصحاب المعين، والحال أنه إذا أنكرها البائع، وكان ذلك معينا، أنكر أنه عين ماله ، ويذكر أن عند بعض الأصحاب أن غير المعين كالمعين أيضا، لأنه لا يستحق عليه الرد.
([80]) لأنهما هنا اتفقا على استحقاق الفسخ، وكذا لو اعترف البائع بعيب ما باعه، ففسخ المشتري، ثم أنكر البائع أن المبيع هو المردود، فقول مشتر.
([81]) أي ويقبل قول قابض بيمينه سواء كان بائعا، أو مقرضا، أو مسلما، أو مؤجرا، أو متلفا، أو غير ذلك، في ثابت في ذمة عمرو مثلا لزيد.
([82]) كأجرة وقيمة متلف، وصداق وجعالة، إذا رد بعيب، وأنكره مقبوض منه، مثال ذلك: إذا ثبت على عمرو لزيد صاع ثمن مبيع، أو قرض، أو دين سلم في ذمة عمرو لزيد، أو أجرة ونحوه، فبعد ما قبضه زيد من عمرو رده بعيب وجده فيه، وأنكر عمرو أن الصاع المردود هو الصاع الذي دفعه، فالقول قول القابض، وهو زيد بيمينه، لأن الأصل بقاء شغل الذمة بهذا الحق الثابت في ذمة عمرو.
([83]) أي المشاهدة، دون الحكمية، بحيث يغيب عنه، لأن الأصل بقاؤه في الذمة، فلا يملك رده.
([84]) أي إن رد عليه بعيب أنه ليس المردود، لأنه إذا عين تعلق الحكم به، فصار الثمن هنا نظير المثمن، فإن رد عليه بخيار شرط، فقياس التي قبلها يقبل قول بائع.
([85]) إذا كان البائع جاهلا به.



  #5  
قديم 17 جمادى الأولى 1431هـ/30-04-2010م, 03:45 PM
ريحانة الجنان ريحانة الجنان غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثاني
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 133
افتراضي الشرح المختصر على متن زاد المستقنع للشيخ صالح بن فوزان الفوزان

الخامسُ (42): خِيارُ الْعَيْبِ وهو ما يَنْقُصُ قِيمةَ الْمَبيعِ (43)كمَرَضِه وفَقْدِ عُضْوٍ أو سِنٍّ أو زِيادتِهما، وزِنَا الرقيقِ، وسَرِقَتِه وإباقِه وبَوْلِه في الفِراشِ(44)، فإذا عَلِمَ الْمُشْتَرِي العَيْبَ بعدُ أَمْسَكَه بأَرْشِه(45) , وهو قِسْطُ ما بينَ قِيمةِ الصِّحَّةِ والْعَيْبِ(46)، أو رَدَّهَ وأَخَذَ الثَّمَنَ(47)، وإن تَلِفَ الْمَبيعُ أو عَتَقَ العبدُ تَعَيَّنَ الأَرْشُ(48)، وإن اشْتَرَى ما لم يَعْلَمْ عَيْبَه بدونِ كَسْرِه كجَوْزِ هِنْدٍ وبَيْضِ نَعامٍ(49) فكَسَرَه فوَجَدَه فاسدًا فأَمْسَكَه فله أَرْشُه , وإن رَدَّه رَدَّ أَرْشَ كَسْرِه(50) ، وإن كان كبيضِ دَجاجٍ رَجَعَ بكلِّ الثَّمَنِ(51)، وخيارُ عيبٍ مُتَرَاخٍ (52)ما لم يُوجَدْ دليلُ الرِّضَا(53)، ولا يَفْتَقِرُ إلى حُكْمٍ ولا رِضًا ولا حُضورِ صاحبِه(54)، وإن اخْتَلِفَا عندَ مَن حَدَثَ العيبُ، فقولُ مُشْتَرٍ معَ يمينِه(55)، وإن لم يَحْتَمِلْ إلا قولَ أحدِهما(56) قُبِلَ بلا يَمينٍ(57).



(42) أي : من أنواع الخيار .
(43) أي عادة ، فما عده التجار في عرفهم منقصاً أنيط الحكم به وما لا فلا .
(44) هذه أمثلة للعيوب المثبتة للخيار يقاس عليها ما شاﺑﻬها .
(45) لأن المتبايعين تراضيا على أن العوض في مقابلة المبيع فكل جزء منه يقابله جزء من الثمن ومع العيب فات جزء من المبيع فله الرجوع ببدله .
(46) فيقوم المبيع صحيحاً ثم يقوم معيباً ويؤخذ قسط ما بينهما من الثمن , فيقوم سليماً بمأئة مثلاً ثم يقوم معيباً بتسعين فيكون الأرش العشر .
(47) المدفوع للبائع كاملًا ؛ لأنه بالفسخ استحق استرجاع الثمن .
(48) لتعذر الرد وعدم وجود الرضا به ناقصاً .
(49) مما لقشره قيمة لصلابته فيتخذ آنية .
(50) أي : الكسر الذي تبقى له معه قيمة ، ويأخذ الثمن .
(51) لأنا تبينا فساده من أصله لكونه وقع على ما لا نفع فيه .
(52) أي : متسع وقته ليس عل الفور ؛ لأنه لدفع ضرر متحقق فلم يبطل بالتأخير .
(53) كتصرفه فيه بإجارة أو إعارة عالماً بعيبه لغير تجربة فيسقط الخيار ؛ لأن ذلك مترل مترلة التصريح بالرضا .
(54) أي : لا يحتاج الفسخ للعيب إلى هذه الأشياء بل هو يفسخ من نفسه ؛ لأنه رفع عقد جعل إليه فلم يفتقر لذلك .
(55) أي : إذا اختلف البائع والمشتري فكل يدعي أن العيب لم يحدث عنده معالاحتمال ، قبل قول المشتري ويحلف أنه اشتراه وبه العيب أو أنه ما حدث عنده ؛ لأن الأصل عدم القبض في الجزء الفائت فكان القول قول من ينفيه .
(56) كالإصبع الزائد والجرح الطري .
(57) لعدم الحاجة إليه حينئذ لعدم وجود الاحتمال .




  #6  
قديم 14 ربيع الثاني 1432هـ/19-03-2011م, 04:13 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

الخَامِسُ: خِيَارُ العَيْبِ، وَهُوَ مَا يُنَقِّصُ قِيمَةَ الَمبِيْع كَمَرَضِهِ، وَفَقْدِ عُضْوٍ أوْ سِنٍّ أَوْ زِيادتِهِمَا، ..
قوله: «الخامس» أي: من أقسام الخيار.
قوله: «خيار العيب» خيار مضاف والعيب مضاف إليه وهو من باب إضافة الشيء إلى سببه، أي: الخيار الذي سببه العيب، والعيب ضد السلامة، فيقال: هذا معيب، وهذا سليم، ويقال في البهيمة التي لا تجزئ في الأضحية: هذه معيبة، والسالمة يقال لها: سليمة، فالعيب ضد السلامة، والمعيب ضد السليم والفرق بين خيار العيب وخيار التدليس، أن العيب فوات كمال، أما التدليس فهو إظهار محاسن والمبيع خالٍ منها.
قوله: «وهو ما يُنَقِّصُ قيمةَ المبيع» فإذا كان هذا المبيع لولا هذا العيب لكان يساوي ألفاً، وبالعيب يساوي ثمانمائة، فهنا نقص قيمة المبيع.
وظاهر كلام المؤلف أنه ولو كان النقص مما يتغابن به عادة، أي: ولو كان النقص يسيراً كاثنين في المائة فظاهر كلامه أن هذا عيب؛ لأنه أطلق فقال: «ما ينقص» وكلمة «ما» اسم موصول تفيد العموم.
وقوله: «ما ينقص قيمة المبيع» هذا هو الضابط، وما بعده فأمثلة.
قوله: «كمرضه» ولو كان المرض يسيراً؛ لأنه من الجائز أن يتطور هذا المرض حتى يتدهور، فإذا وجد في المبيع مرضٌ ولو يسيراً، حتى وإن كان لا ينقص القيمة إلا شيئاً يسيراً، فله الخيار.
قوله: «وفقد عضو» أي: وكفقد عضو، مثل إن وجد أحد أصابعه مقطوعاً فهذا فقد عضو، وظاهر كلامه ـ رحمه الله ـ ولو كان خصاءً، فإذا اشتراه على أنه فحل فتبين أنه خصي، فظاهر كلام المؤلف أنه عيب؛ لأن هذا فقد عضو حتى وإن زادت القيمة لأنه ربما تزيد القيمة.
أما في الرقيق فظاهر أن الخصي أرغب عند الناس من الفحل؛ لأنه أقل فتنة وشراً، وأما في البهائم فقد يكون الخصي أرفع قيمة من الفحل، وقد يكون الفحل أرفع قيمة من الخصي، فقد يشتري هذا الذكر من الضأن على أنه فحل من أجل أن يُنزيه على الشياه، فإذا كان خصيّاً لم ينفع فتنقص قيمته، وقد يشتريه للأكل على أنه فحل فيتبين أنه خصي والخصي في الأكل أرغب عند الناس من الفحل؛ لأنه أطيب لحماً وأكثر قيمة، وعلى كل حال، الخصاء، الصحيح أنه ليس بعيب مطلقاً وليس سلامة مطلقاً، بل على حسب مقاصد المشترين، إذا قصدوا فحلاً فتبين خصيّاً فهو عيب، وإن كان الأمر بالعكس فليس بعيب.
فإذا قال مشتري الرقيق: أنا أريد أن يكون فحلاً لعله في يوم من الأيام يتزوج ويأتيه أولاد، نقول: وإذا تزوج وأتاه أولاد ما فائدتك منه؟! لأنه إن تزوج بحرة فأولادها أحرار، وإن تزوج بمملوكة فأولادها لسيدها ولن تستفيد من ذلك شيئاً، فإن قال: لعلي إذا أعتقته تزوج وأنجب، فيقال: إذا تزوج وأنجب بعد إعتاقه فلا فائدة منه، والخصاء في الرقيق لا شك أنه رفعة لقيمته، وهذا أمر معروف.
والخلاصة: أن فقد عضو عيب، إلا في الخصاء ففيه التفصيل الذي سبق.
قوله: «أو سن» السن ليس عضواً؛ لأنه في حكم المنفصل، ولهذا لو مس إنسان سن امرأته بشهوة، وقلنا: إنه إذا مس امرأته بشهوة انتقض وضوؤه، فمس سنها، وحدث منه أعلى شهوة إلا أنه لم يخرج منه شيء فإن وضوءه لا ينتقض؛ لأنه ليس عضواً وفي حكم المنفصل؛ فلهذا قال: «وفقد عوض أو سن» ولا يقال: هذا من باب عطف الخاص على العام؛ لأن السن ليس من جنس الأعضاء، بل هو من عطف المغاير على مغايره.
وقوله: «سن» سواء كان من الأسنان أو من الأضراس، فإذا وجد في المبيع أنه فقد سناً واحداً أو أكثر فإنه عيب، ولو أنه جعل بدل السن تركيبة فإنه عيب؛ لأن المركب ليس كالأصلي.
قوله: «أو زيادتهما» فقد العضو أو السن إذا كانا زائدين فليس عيباً؛ لأن هذا زيادة خير والأصبع الزائد الناس يقطعونه، وكذلك السن الزائد، فبعض الناس يكون عنده أسنان مترادفة زائدة، فإذا فقد الزائد فليس بعيب، ولهذا قال:
«أو زيادتهما» فزيادة العضو عيب، وزيادة السن عيب أيضاً؛ لأن ذلك ينقص القيمة، فإذا كان له يدان من المرفق متساويتان، وقال المشتري: هذا عيب، وقال البائع: بل هذا زيادة خير بدلاً من أن يكون له يد واحدة تعمل صار له الآن اثنتان، يقال: يرجع إلى عرف الناس، فإذا قالوا: إن قيمته تزيد بزيادة هذا العضو فليس بعيب، لكن الغالب أنها عيب تنقص قيمته حتى وإن كان يعمل بهما سويّاً.
مسألة: هل يجوز قطع الإصبع الزائدة أو لا؟
الفقهاء يقولون: لا يجوز، ويعللون ذلك بالخطر، ولكن بناء على تقدم الطب الآن فإن الصحيح جواز ذلك؛ لأن هذا إزالة عيب، وليس من باب التجميل، ولو كان من باب التجميل لكان حراماً، ولهذا لعن النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((النامصة والمتنمصة)) [(1)]، لأنها تزيل شيئاً خلقه الله للتجميل، وأما هذا فيقطع أصبعاً زائدة من باب إزالة العيب، وأنت الآن قدر نفسك قد أصبت بهذا الأمر ألست تحب أن لا يراك الناس؟ بلى ما في ذلك شك، فالصواب أن إزالة الأصبع الزائدة في وقتنا الحاضر جائزة ولا شيء فيها، وهذا نظير ما قال العلماء في البواسير، قالوا: إن قطع البواسير حرام؛ لأنه يمكن أن ينزف الدم حتى يموت، فيكون متسبباً في قتل نفسه، ولكنه في الوقت الحاضر أصبحت هذه العملية عملية بسيطة وليس فيها أي نوع من الخطر، فلكل مقام مقال، والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.

وَزنَا الرَّقِيقِ وَسَرِقَتِهِ، وإِبَاقِهِ، وَبَوْلِهِ فِي الفِرَاشِ .
قوله: «وزنا الرقيق» إذا زنا الرقيق فزناه عيب معنوي، وظاهر كلامه ولو مرة واحدة؛ لأن ذلك ينقص قيمته، إذا تبين أن هذا الرقيق الذي اشتراه قد زنا، إن كان ذكراً فالأمر واضح، وإن كان أنثى فكذلك. ولم يفصح المؤلف عن سن الرقيق إذا زنا؛ ولهذا اختلف الفقهاء ـ رحمهم الله ـ فقال بعضهم: يشترط أن يكون الرقيق قد بلغ عشراً وأطلقوا[(2)].
ويحتمل أن يقال: إذا بلغ عشراً في الذكور، أو تسعاً في الإناث؛ لأن بنت التسع قد تحمل، وابن العشر قد يُحمل له، وما دون ذلك لا حمل.
وقال بعض الفقهاء: العبرة بالبلوغ؛ لأنه قبل ذلك ليس بمكلف.
ولكن الأقرب أن يحدد بعشر سنين في الذكور وبتسع سنوات في النساء، أما ما دون ذلك فينظر إن استمر به هذا الأمر فهو عيب، وإن كان وقع منه مرة واحدة فليس بعيب؛ لأن هذا يكثر فيما بين الصبيان الصغار.
قوله: «وسرقته» أي: أن يكون سارقاً، إذاً فهو من باب إضافة المصدر إلى فاعله، فإذا تبين أنه يسرق فإنه يعتبر عيباً.
وظاهر كلامهم ولو مرة واحدة؛ لأنه لا بد أن يخدشه حتى لو تاب من السرقة ومن الزنى، فإن الناس لا يزال في نفوسهم شيء من ذلك، وليست المسألة مبنية على عدالته في دينه، حتى يقال: إنه إذا تاب فقد زال فسقه، بل المسألة راجعة إلى عرف الناس، فإذا قالوا: إن زناه أو سرقته يوجبان أن تنقص قيمته فهذا عيب.
قوله: «وإباقه» أي: هربه، وسواء كان الإباق مطلقاً بمعنى أن يهرب أياماً، أو كان إباقه مؤقتاً مثل أن يخرج الصبح فلا يرجع إلا في الليل، فإذا كان هذا الرقيق قد عرف بالإباق فهو عيب؛ لأنه يهرب فيفوت على سيده، والإباق لا شك أنه ينقص قيمة المبيع.
قوله: «وبوله في الفراش» فإذا كان يبول في الفراش فهو عيب، وحدَّه الفقهاء بعشر سنوات، ولكن يجب أن يقيد بكونه في سن لا يبول فيها مثله في فراشه، فلو اشترى رقيقاً طفلاً، فالطفل لا بد أن يبول في الفراش، فيكون المراد بقوله: «وبوله في الفراش» أي: إذا بلغ سناً لا يبول فيها مثله في الفراش، وقيده في «الروض» بأن يكون قد بلغ عشر سنين[(3)]، ولكننا إذا كنا نقول: إن العيب ما ينقص قيمة المبيع عرفاً، فإننا نرجع في ذلك إلى العرف، والظاهر أن الناس إذا كان الطفل يبول وعمره ثمان سنوات يعتقدون أن هذا من العيب، وإذا كان به سلس فهذا عيب ومرض أيضاً.
وكونه أعسر لا يعمل بيمينه عملها المعتاد، ويعمل باليسار أكثر مما يعمل بيمينه، فيكتب بيساره، ويرمي بيساره، ويضرب بيساره، ويساره هي التي فيها القوة، واليمين لا يعرف أن يعمل بها شيئاً إلا الأكل، ولولا أنه نهي عن الأكل بالشمال لأكل بشماله، وهذا يسمى أعسر، فإذا اشترى عبداً وتبين أنه أعسر فهو عيب.
وقال بعض العلماء: إنه ليس بعيب إذا كان يعمل بيساره عمل يمينه لو كان غير أعسر، فإن ذلك لا ينقص قيمته، بل ربما يكون عمله باليسار أقوى، ولهذا يقول بعض الناس: هذه ضربة أشدف، والأشدف هو الأعسر الذي لا يضرب إلا باليسار، ويقال: إن ضرب الأعسر أشد، فإذا كان عمله بيساره أشد من عمله بيمينه فكيف يكون عيباً؟! ولدينا قاعدة نبني عليها: هل تنقص قيمته إذا كان أعسر؟ إذا قال أهل البيع في الرقيق: إنها لا تنقص فليس بعيب، وإن قالوا: تنقص فهو عيب، فإذا كان أعسر يَسِر لم يكن عيباً؛ لأن هذا زيادة خير، والأعسر اليسر الذي يعمل بيديه جميعاً على حد سواء، فيوجد بعض الناس يعمل باليد اليمنى واليسرى سواءً، يكتب باليمنى ويكتب باليسرى، فنقول: إذا وجد أعسر يسر فهو زيادة خير.
اقتصر الماتن على أمثلة، وزاد في «الروض»[(4)] أمثلة كثيرة لا حاجة لقراءتها؛ لأن لدينا ضابطاً، وهو أن العيب كل ما ينقص قيمة المبيع.

فَإذَا عَلِمَ المُشْتَرِي العَيبَ بَعْدُ أمْسَكَهُ بَأرْشِهِ، وَهُوَ قِسْطُ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الصّحَةِ والعَيْبِ، أَوْ رَدَّه وَأخَذَ الثَّمَنَ، ...
قوله: «فإذا علم المشتري العيب بعدُ» الفاعل المشتري، هذا إذا كان العيب في المبيع، أو البائع إذا كان العيب في الثمن وهذا يمكن.
مثاله: بعتك شاة بماعز، الشاة مبيع والماعز ثمن، فإذا علم سواء المشتري، أو البائع في ثمن معين.
وقوله: «بعدُ» فيه إشكال بكون الكلمة مرفوعة مع أنها ظرف زمان.
والجواب على الإشكال أنه حُذِف المضاف إليه ونوي معناه، فصار مبنيّاً على الضم، فالحركة هنا حركة بناء، وليست حركة إعراب.
وذكروا أن (قبل وبعد) لهما أربع حالات:
إما أن يذكر المضاف إليه، أو يحذف وينوى لفظه، أو يحذف وينوى معناه، أو يحذف ولا ينوى لفظه ولا معناه، فهو في الحالة الأخيرة معرب منون، ومنه قول الشاعر:
فساغ لي الشراب وكنت قبلاً
أكاد أغص بالماء الفرات
والشاهد قوله: «وكنت قبلاً».
فإذا حذف المضاف ونوي لفظه، فهو معرب غير منون، فتقول: أتيت من قبلِ فوجدت صاحبي، فهنا معرب غير منون؛ لأنه نوي لفظ المضاف إليه.
وإذا حذف المضاف ونوي معناه، فحينئذٍ يبنى على الضم، فتقول: أتيت من قبلُ، أي: من قبل هذا الزمن فوجدت صاحبي.
وإذا ذكر المضاف إليه فحينئذٍ يعرب، وبالطبع لا ينون؛ لأن الشاعر يقول لمخاطبه:
كأني تنوين وأنت إضافة
فأين تراني لا تحل مكاني
فهنا نقول: حذف المضاف إليه ونوي معناه، ويمكن أن تنصب «بعد» وتنوي اللفظ؛ لأن هذا على نية المتكلم، فإذا قال مثلاً: «فإذا علم المشتري العيب بعدَ»، عرفنا أنه حذف المضاف إليه ونوى لفظه.
وقوله: «بعد» أي علم المشتري العيب بعد العقد، فإذا علم به عند العقد فلا خيار له؛ لأنه عقده عليه مع علمه بعيبه يدل على رضاه به، وإذا رضي بالعيب فقد لزم البيع، وكذا لو شُرط عليه ولكن إذا لم يعلم ثم علم به يقول المؤلف:
«أمسكه» أي: أمسك المبيع المعيب.
قوله: «بأرشه، وهو قسط ما بين قيمة الصحة والعيب» والأرش فسَّره المؤلف: بقوله: «قسط» ، أي: قسط ما بين قيمة الصحة والعيب، وقال: «قيمة» ولم يقل: ثمن، والفرق بين القيمة والثمن، أن القيمة هي ثمنه عند عامة الناس، والثمن هو الذي وقع عليه العقد، فإذا اشتريت ما يساوي ثمانية بستة، فالقيمة ثمانية والثمن الستة، ولهذا انتبه عند كتابة العقود لا تقل: باعه عليه بقيمة قدرها كذا وكذا، قل: بثمن قدره كذا وكذا، وما أكثر الكُتَّاب الذين يخطئون في هذا، أو يقول: باعه بثمن قدره كذا وكذا، والقيمة واصلة، بدلاً من أن تقول: القيمة، قل: الثمن واصل.
ولهذا قال: «قسط ما بين قيمة الصحة والعيب» فيقوم هذا الشيء صحيحاً ثم يقوم معيباً، وتؤخذ النسبة التي بين قيمته صحيحاً وقيمته معيباً، وتكون هي الأرش، فيسقط نظيرها من الثمن، ويكون التقويم وقت العقد، ولا وقت العلم بالعيب، لأن القيمة قد تختلف فيما بين وقت العقد والعلم بالعيب.
مثال ذلك: باع سيارة قيمتها مائة ألف بخمسين ألفاً، ثم تبين بها عيب، وقلنا: لأهل الخبرة: قدروا العيب، قالوا: هي معيبة تساوي ثمانين وسليمة تساوي مائة، فالأرش الآن الخمس، والثمن كان خمسين ألفاً فينقص عشرة آلاف، ولو قلنا: ينقص ما بين القيمتين كان النقص عشرين وتبقى بثلاثين ألفاً وهذا غلط، ولو باعها بمائتي ألف وتبين بها عيب فقوِّمت السيارة، وقيل إن السيارة سليمة بمائة ومعيبة بثمانين، فالقسط الخمس وينقص من الثمن أربعون ألفاً.
قوله: «أو رده وأخذ الثمن» أي: لك أن ترد المبيع وتفسخ البيع وتأخذ الثمن، فالمشتري بالخيار، هذا ما ذهب إليه الفقهاء رحمهم الله ، لكن شيخ الإسلام يقول: إما أن يأخذه مجاناً وإما أن يرده، أما الأرش فلا بد من رضا البائع لأنه معاوضة، فالبائع يقول: أنا بعت عليك هذا الشيء إما أن تأخذه وأما أن ترده، أما الأرش فهذا يعتبر عقداً جديداً، وما ذهب إليه الشيخ وجيه إلا إذا علمنا أن البائع مدلس ـ أي عالم بالعيب لكنه دلس ـ فهنا يكون الخيار بين الإمساك مع الأرش وبين الرد، معاملة له بأضيق الأمرين، وكذلك يقال في خيار التدليس وخيار الغبن.
فإن باعه بشرط البراءة من العيب، فقد سبق أنه إن أبرأه بعد العقد فالإبراء صحيح، وقيل: العقد لا يصح على المذهب.
وتقدم أن القول الصحيح أنه إن أبرأه، وهو مدلس، أي: البائع، فإنه لا يبرأ، سواء كان قبل العقد أو بعده، وإن كان غير مدلس صح، سواء كان قبل العقد أو بعد العقد.

وَإِنْ تَلِفَ المَبِيعُ أَوْ عتَقَ العَبْدُ تَعَيَّنَ الأرْشُ وَإِنْ اشْتَرى مَا لَمْ يَعْلَمْ عَيْبَهُ بِدُونِ كَسْرِهِ كَجَوْزِ هِنْدٍ، وَبَيْضِ نَعَامٍ فَكَسَرَهُ فَوَجَدَهُ فَاسِداً فَأمسَكَهُ فَلَهُ أرْشُهُ وإِن رَدَّهُ رَدَّ أرْشَ كَسرِهِ.......
قوله: «وإن تلف المبيع أو عتق العبد تعين الأرش» المشتري بين خيارين، وإما أن يرد وإما أن يأخذ الأرش، لكن يتعين الأرش إذا تعذر الرد، فهذه القاعدة: إذا تعذر الرد تعين الأرش، ويتعذر الرد إذا تلف المبيع المعيب، وحينئذٍ يتعين الأرش.
مثاله: رجل اشترى ناقة فوجد فيها عيباً، ولكن الناقة ماتت قبل أن يردها فيتعين الأرش.
مثال آخر: اشترى عبداً فأعتقه، ثم وجد فيه عيباً، فيتعين الأرش؛ لأنه تعذر الرد.
فإذا قال قائل: العبد موجود فكيف يتعذر الرد؟.
قلنا: لأن عبوديته الآن زالت، فماليته تلفت في الواقع.
ويتعين الرد إذا لزم من الأرش الربا، مثل أن يبيع حليّاً من الذهب بوزنه دنانير ثم يجد في الحلي عيباً، فهنا لا يمكن أن يأخذ الأرش؛ لأنه يلزم منه الوقوع في الربا، إذ سيكون للمشتري ذهب بوزن الذهب الذي دفع، ثم يزاد على ذلك الأرش.
فالضابط: إذا تعذر الرد تعين الأرش، وإذا لزم منه الوقوع في الربا تعين الرد.
فيقال لهذا الذي وجد في الحلي عيباً: إما أن ترده، وإما أن تمسكه بدون أرش؛ لأنك لو أخذت الأرش لزم من هذا الربا فلا يجوز.
قوله: «وإن اشترى ما لم يعلم عيبه بدون كسره كجوز هند وبيض نعام فكسره فوجده فاسداً فأمسكه فله أرشه، وإن رده رد أرش كسره» إذا اشترى ما لم يعلم عيبه بدون كسره كجوز الهند، وجوز الهند كبير وكبيض النعام أو نحوه، والمقصود منه ما كان داخل القشر، فإذا كسره فوجد ما كان داخل القشر فاسداً، وهذا عيب، فنقول: أنت الآن بالخيار إن شئت رددته وأخذت الثمن، وإن شئت أمسكته وأخذت الأرش، لكن إن رددته وأخذت الثمن لزمك رد أرش الكسر؛ لأن قشر بيض النعام ينتفع به كأوانٍ.
وظاهر كلام المؤلف أنه إذا لم يكن هناك فساد في الكسر فإنه لا يرد أرش الكسر، كما لو شذبه شذباً متساوياً فصار قطعتين، يمكن أن ينتفع بهما على أنهما إناءان فحينئذٍ نقول: لا أرش لهذا الكسر؛ لأنه لم يتأثر، ثم نقول: إذا كسره كسراً لا يبقى له قيمة بعده، مثل أن يكسره، فيرضَّه رضًّا فإنه حينئذٍ يتعين الأرش؛ لأنه تعذر الرد، فصارت هذه المسألة لها ثلاث حالات:
الأولى: أن يكسره متوازياً بحيث يصلح أن يكون إناء ولا تنقص به القيمة، فهذا لا أرش له؛ لأنه لم ينقص.
الثانية: أن يكسره كسراً لا تبقى معه قيمة، فيتعين الأرش؛ لأنه تعذر الرد.
الثالثة: أن يكسره كسراً تبقى معه القيمة لكنها تنقص، فهذا يأخذ أرش الكسر، وإن أبقاه وأخذ الأرش فهو بالخيار، يعني أنه على الخيار الأول.

وَإِنْ كَانَ كَبَيْضِ دَجَاجٍ رَجَعَ بِكُلِّ الثَّمَنِ، وَخِيَارُ عَيْبٍ مُتَرَاخٍ مَا لَمْ يُوْجَدْ دَلِيلُ الرّضَا.
قوله: «وإن كان كبيض دجاج رجع بكل الثمن» لأن بيض الدجاج لا ينتفع الناس بقشره، بل يرمى في الزبالة، فإذا كسر بيض الدجاج فوجده فاسداً لا يصلح للأكل، فإن المشتري يرجع بكل الثمن؛ لأنه تبين أن العقد عليه فاسد، إذ من شرط العقد أن يكون على عين ينتفع بها، وهذا لا نفع فيه.
ولو قال البائع: أعطني القشور إذا كنت تقول: إن العقد فاسد، فإنه لا يلزمه؛ لأنه لا قيمة لها عادة، وترمى في الزبالة.
وإذا كان بطيخة «حبحبة» فلما شقها وجدها فاسدة، فهل يرجع بكل الثمن؟.
الجواب: لا يرجع بكل الثمن؛ لأن هذه البطيخة يمكن أن تكون علفاً للدواب، فيقال له: لك أن تردها، ولكن ترد أرش الشق الذي حصل منك، والفرق بينها وبين البيض، أن البيض لا ينتفع بقشره بخلاف البطيخة.
قوله: «وخيار عيب متراخٍ» [(5)] أي: أنه لا يلزم المشتري أن يطالب بالرد بالعيب من حين أن يعلم به؛ بل له أن يؤخر الطلب، فإذا علم بالعيب في أول النهار، ولم يطالب بالرد إلا في آخر النهار فله ذلك، ولو قلنا: إنه على الفور لكان إذا علم في أول النهار ولم يطالب بالرد إلا في آخره فليس له الخيار، ولكن الصحيح أنه على التراخي؛ لأنه حق للمشتري لا يلزمه أن يطالب به فوراً، ولا يسقط إلا بما يدل على إسقاطه، ولكن بعض أهل العلم يقول: إنه على التراخي ما لم يؤخر تأخيراً يضر البائع، وهذا أرجح.
قوله: «ما لم يوجد دليل الرضا» ودليل الرضا له صور:
الصورة الأولى: أن يصرح بذلك بأن يقول لصاحبه: باع فلان عليَّ حاجة فوجدتها معيبة، ولكن نظراً لحقه عليَّ فأنا راضٍ بذلك ولن أطالبه بالرد، وهذا صريح فلا يمكن أن يرد بعد هذا القول.
الصورة الثانية: أن يتصرف فيه بعد أن علم بالعيب بأن باعه، أو وقفه أو رهنه أو ما أشبه ذلك، فعلى المذهب يسقط خياره؛ لأن تصرفه فيه دليل على رضاه به.
والصحيح أن في ذلك تفصيلاً، فإن قال: إني تصرفت فيه راضياً بالأرش وعدم الرد فله الأرش، وإن قال: تصرفت فيه مسقطاً للخيار سقط خياره؛ لأن هذا الأمر يعود إلى نيته.
فإن قال البائع: أنا أريد أن أُحلِّفَهُ أنه إنما تصرف فيه راضياً بالأرش لا بالعيب فإنه يُحَلَّف، ويقال: احلف أنك إنما تصرفت فيه إمضاءً للعقد ورضا بالأرش، فإذا حَلَفَ فالأمر موكول إلى ذمته.
وَلاَ يَفْتَقِرُ إِلَى حُكْمٍ وَلاَ رِضَا وَلاَ حُضُورِ صَاحِبِهِ وَإِن اخْتَلَفَا عِنْدَ مَنْ حَدَثَ العَيْبُ، فَقَوْلُ مُشْتَرٍ مَعَ يمينِهِ، وَإِن لَمْ يَحْتَمِلْ إِلاّ قَوْلَ أحَدِهِمَا قُبِلَ بِلاَ يَمينٍ .
قوله: «ولا يفتقر إلى حكم» أي: لا يفتقر الفسخ بالعيب إلى حكم حاكم، فلا يلزم المشتري إذا أراد أن يفسخ أن يذهب إلى القاضي، ويقول: إنني أريد أن أفسخ البيع الذي حدث مع فلان؛ لأن هذا حق من الحقوق ثابت لصاحبه فلا يحتاج إلى محاكمة، وليس شيئاً مختلفاً فيه حتى نقول: إن الحاكم يرفع حكمه الخلاف بل هو أمر متفق عليه.
قوله: «ولا رضا ولا حضور صاحبه» كذلك لا يفتقر إلى رضا وحضور صاحبه. و «رضا» هنا غير منونة؛ لأنها بنية المضاف إليه، فلا يفتقر إلى رضا صاحبه، ولا حضور صاحبه، أي: فلا يفتقر إلى رضا صاحب المشتري، وهو البائع، ولا إلى حضوره.
ووجه ذلك أن الحق للمشتري، فهو الذي له حق الفسخ، فلم يُشترط رضا المفسوخ عليه، كالطلاق بيد الزوج، ولا يشترط أن ترضى الزوجة ولا أن تحضر، ولهذا لو طلق زوجته، وهي غير حاضرة طلقت وإن لم تعلم إلا بعد يومين أو ثلاثة؛ لأنه لا يشترط رضاها، كذلك أيضاً لا يشترط رضا البائع ولا حضوره.
فإن ادعى المشتري أنه قد فسخ، وأنكر البائع، فالقول قول المشتري؛ لأن هذا لا يعلم إلا من جهته.
قد يقول قائل: إن الأصل عدم الفسخ، فعليه يكون القول قول البائع؟
فيقال: هذا الأصل معارض بأصل آخر، وهو أنه لا يعلم إلا من جهته، فإذا قال: إني فسخت، أخذنا بقوله.
قوله: «وإن اختلفا عند من حدث العيب» الفاعل البائع والمشتري، و «من» استفهامية، اختلفا فقال البائع: حدث العيب عندك فلا خيار لك، وقال المشتري: بل هو سابق للعقد فلي الخيار.
قوله: «فقول مشترٍ مع يمينه، وإن لم يحتمل إلا قول أحدهما قُبل بلا يمين» فهذه المسألة، أفادنا المؤلف ـ رحمه الله ـ أنها لا تخلو من حالين:
الحال الأولى: أن يمتنع صدق أحدهما، فهنا القول قول من لا يحتمل قوله الكذب.
الحال الثانية: أن يكون هناك احتمال، فهنا يكون القول قول المشتري.
مثال ما لا يحتمل قول البائع: الإصبع الزائدة، فإذا اشترى عبداً فوجد فيه إصبعاً زائدة، فأراد رده، فقال البائع: حدث هذا العيب عندك، وقال المشتري: أبداً، فالقول قول المشتري؛ إذ لا يمكن أن يحدث له إصبع زائدة، ولو أمكن أن يحدث لكان كل إنسان يتوقع أن يحدث له ذلك، وإذا قبلنا قول المشتري فلا يشترط أن يحلف؛ لأنه لا حاجة للحلف.
مثال ما لا يحتمل قول المشتري: اشترى بهيمة ثم ردها، والعيبُ الذي فيها جُرْحٌ، ادعاه المشتري فنظرنا إلى الجرح وإذا هو يثعب دماً، جرح طري والبيع له مدة أسبوع، فالقول قول البائع بلا يمين؛ لأنه لا يحتمل أن يكون هذا الجرح قبل العقد.
أما إذا كان يحتمل هذا وهذا، كعرج وفساد في طعام، وما أشبه ذلك فالمؤلف يقول: إن القول قول المشتري.
وعلة ذلك أن العيب فوات جزء في البيع وهو الكمال، فالمعيب قد فاته الكمال، والأصل عدم قبض هذا الجزء الفائت، والذي يدعي عدم قبضه المشتري، فيكون القول قول المشتري وهذا وجهه؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((البينة على المدعي واليمين على من أنكر)) [(6)]، فالبائع الآن يقول: إني بعت عليك هذا الشيء سليماً، وهو يقول بعته علي معيباً، والمسألة محتملة فالقول: قول المشتري؛ لأن الأصل عدم قبض هذا الجزء الفائت بالعيب، فيكون المشتري مدعى عليه والبائع مدعياً، وهذه الرواية من مفردات مذهب الإمام أحمد رحمه الله.
والقول الثاني: أن القول قول البائع، وهو مذهب الأئمة الثلاثة ـ رحمهم الله ـ وهو القول الراجح؛ للأثر والنظر، أما الأثر فقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((إذا اختلف المتبايعان فالقول ما قال البائع أو يترادَّان)) [(7)] ، وهذا نص صريح؛ ولأن المشتري مدعٍ أن العيب سابق، حتى على قاعدة الفقهاء، المدعي: من إذا سكت تُرك، والمشتري هنا لو سكت لم يُطالب، والرسول صلّى الله عليه وسلّم يقول: «البينة على المدعي»، والمدعي هنا بلا شك هو المشتري، فنقول له: إيت ببينة أن العيب حدث عند البائع.
وأما النظر فلأن الأصل عدمُ وجودِ العيب والسلامةُ، ودعوى أن العيب سابق على العقد خلاف الأصل، وإذا كان لا يقبل قول المشتري في أصل العيب، فكذلك لا يقبل قوله في زمن العيب.
ولكن يجب أن نعلم أن كل من قلنا القول قوله، فإنه لا بد من اليمين، وهذه قاعدة عامة؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((اليمين على المدعى عليه ـ وفي لفظ ـ على من أنكر، لو يُعطى الناس بدعواهم لادَّعى رجال دماء قوم وأموالهم))[(8)].
فإن قال قائل: المدعي يسهل عليه أن يحلف، أولاً: لأجل أن يصر على قوله، وثانياً: طمعاً.
ولكن نقول: إذا حلف على يمين هو فيها كاذب يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان، ولا يمكن لمؤمن أن يُقدم على هذا العمل، وقال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ: اليمين الفاجرة تدع البلاد بلاقع، أي: أنها متلِفة، وهذا هو الواقع.
ولقد حدثني أحد الأشخاص الموثوقين أنه صار له دعوى على شخص بدراهم، وليس له بها بينة وهي ثابتة، فتحاكموا إلى القاضي وحكم ببراءة المدعى عليه باليمين، وحلف أنه بريء منها، فدعا عليه المحكوم عليه، فخرج هو وعائلته من البلد التي جرى فيها التحاكم إلى بلد قريبة منها، فأصيب بحادث ومات هو وعائلته، وهذا شاهد لقول الإمام أحمد: إنها تدع الديار بلاقع، أي: خالية ليس فيها أحد، ففائدة اليمين أن فيها خطراً عظيماً دنيوياً وأخروياً، ولا يقدم عليها إنسان إلا رأى النتيجة سيئة قريباً أو بعيداً.



[1] أخرجه البخاري في اللباس/ باب المتنمصات (5939) ومسلم في اللباس/ باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة... (2125) عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ واللفظ لمسلم.
[2] وهو المذهب.
[3] الروض مع حاشية ابن قاسم (4/442)
[4] «الروض مع حاشية ابن القاسم» (4/442).
[5] وهذا هو المذهب.
[6] أخرجه البخاري في التفسير/ باب {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بَعَهْدِ اللَّهِ} (4552)؛ ومسلم في الأقضية/ باب اليمين على المدعى عليه (1711) عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ولفظه: «لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه» واللفظ الذي أشار إليه الشيخ ـ رحمه الله ـ عند البيهقي (10/252) هكذا: «ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر»، قال الحافظ في «البلوغ» (1408): بإسناد صحيح.
[7] أخرجه الإمام أحمد (1/466)؛ وأبو داود في البيوع/ باب إذا اختلف المتبايعان والمبيع قائم (3511) والنسائي في البيوع/ باب اختلاف المتبايعين في الثمن (7/302)؛ والترمذي في البيوع/ باب ما جاء إذا اختلف البيعان (1270)؛ وابن ماجه في التجارات/ باب البيعان يختلفان (2186)، واللفظ لأحمد وابن ماجه عن ابن مسعود ـ رضي الله عنهما ـ، والحديث صححه الحاكم (2/45) ووافقه الذهبي، وحسنه البيهقي (5/332) وقال: «قد روي بأسانيد مراسيل إذا جمع بينها صار الحديث بذلك قوياً». وانظر: «التلخيص» (1222) و«الإرواء» (5/166).
[8] سبق تخريجه ص(325).


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الخامس, خيار

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:20 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir