دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 صفر 1430هـ/23-02-2009م, 02:49 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الرابع: خيار التدليس

الرابعُ: ( خيارُ التدليسِ ) كتَسويدِ شَعْرِ الجاريةِ وتَجعيدِه، وَجَمْعِ ماءِ الرَّحَى وإرسالِه عندَ عَرْضِها.


  #2  
قديم 28 صفر 1430هـ/23-02-2009م, 06:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

...........................

  #3  
قديم 28 صفر 1430هـ/23-02-2009م, 07:52 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(الرابعُ) مِن أقسامِ الخيارِ: (خيارُ التدليسِ) مِن الدُّلْسَةِ وهي الظُّلْمَةُ فيَثْبُتُ بما يَزِيدُ به الثَّمَنُ (كتسويدِ شعرِ الجاريةِ وتَجْعِيدِه)؛ أي: جَعْلِه جَعْداً وهو ضِدُّ السَّبِطِ (وجَمْعِ ماءِ الرَّحَى)؛ أي: الماءِ الذي تَدُورُ به الرَّحَى (وإِرْسَالِه عندَ عَرْضِها) للبيعِ؛ لأنَّه إذا أَرْسَلَه بعدَ حَبْسِه اشتَدَّ دَوَرَانُ الرَّحَى حينَ ذلك فيَظُنُّ المُشْتَرِي أنَّ ذلك عادَتَها فيَزِيدُ في الثمنِ، فإذا تَبَيَّنَ له التدليسُ ثَبَتَ له الخيارُ، وكذا تَصْرِيَةُ اللبَنِ في ضَرْعِ بهيمَةِ الأنعامِ لحديثِ أبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُه ((لاَ تُصَرُّوا الإِبِلَ والغَنَمَ فَمَنِ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعاً مِنْ تَمْرٍ)) مُتَّفَقٌ عليه.
وخِيارُ التَّدْلِيسِ على التَّرَاخِي، إلا المُصَرَّاةَ فيُخَيَّرُ ثلاثةَ أيَّامٍ مُنذُ عَلِمَ بينَ إِمساكٍ بلا أَرْشٍ، ورَدٍّ معَ صاعِ تَمْرٍ سَلِيمٍ إِنْ حَلَبَهَا، فإن عَدِمَ التَّمْرَ فقِيمَتُه ويُقْبَلُ رَدُّ اللبَنِ بحَالِه.


  #4  
قديم 28 صفر 1430هـ/23-02-2009م, 07:53 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(الرابع) من أقسام الخيار (خيار التدليس) ([1]) من الدلسة وهي الظلمة([2]) فيثبت بما يزيد به الثمن([3]).
(كتسويد شعر الجارية([4]) وتجعيده) أي جعله جعدا، وهو ضد السبط([5]) (وجمع ماء الرحى) أي الماء الذي تدور به الرحى([6]) (وإرساله عند عرضها) للبيع([7]) لأنه إذا أرسله بعد حبسه اشتد دوران الرحى حين ذلك([8]).
فيظن المشتري أن ذلك عادتها، فيزيد في الثمن([9]) فإذا تبين له التدليس، ثبت له الخيار([10]) وكذا تصرية اللبن في ضرع بهيمة الأنعام([11]) لحديث أبي هريرة يرفعه «لا تصروا الإبل، والغنم، فمن ابتاعها فهو بخير النظرين، بعد أن يحلبها، إن شاء أمسك، وإن شاء ردها وصاعا من تمر» متفق عليه([12]).
وخيار التدليس على التراخي([13]) إلا المصراة، فيخير ثلاثة أيام منذ علم، بين إمساك بلا أرش([14]) ورد مع صاع تمر سليم إن حلبها([15]).
فإن عدم التمر فقيمته([16]) ويقبل رد اللبن بحاله([17])



([1]) وفعله حرام، قال في الإنصاف، بلا نزاع، لما فيه من الغرر والغش.
([2]) بالضم، كأن البائع بتدليسه صير المشتري في ظلمة معنوية بالنسبة إلى حقيقة، الحال، فلم يتم إبصاره له، وهو ضربان، أحدهما: كتمان العيب، وهو حرام، وذكره الترمذي نص العلماء، والثاني: ما يزيد به الثمن، وأصول الشريعة توجب الرد بالتدليس والغش، والرد بهما أولى من الرد بالعيب، فإن المشتري إنما بذل ماله في المبيع بناء على الصفة التي أظهرها له البائع، ولو علم أنه على خلافها، لما بذل له فيها ما بذل له.
([3]) أي يثبت خيار التدليس، بما يزيد به الثمن، فإذا أظهر البائع للمشتري أن المبيع على صفة فبان للمشتري خلافها، كان له الخيار بين الإمساك والرد، لأن البائع قد غشه ودلس عليه، والبائع تارة يظهر صفة المبيع بقوله: وتارة بفعله.
([4]) المبتاعة ليظن المشتري أن ذلك صفته، حيث يكون شعرها أشقر أو أبيض، فيسوده فيزيد في ثمنها، وكتحمير وجهها ونحو ذلك، ولو حصلت الحمرة من خجل، أو تعب، فله الخيار، وكذا تسويد شعرها لشيء حصل فيه، ومال الموفق وغيره إلى عدم الخيار في حمرة الخجل والتعب، وقطعوا بالخيار في غيرهما ولو من غير قصد.
([5]) وضد القصير، وتجعد تقبض، فالشعر الجعد: هو ما فيه التواء وانقباض، لا تفلفل وامتداد، فيظن المشتري أنه خلقة فيزيد في الثمن، قال في الإنصاف: وتحسين وجه الصبرة وتصنع النساج وجه الثوب، وصقال الإسكاف، وجه المتاع ونحوه يثبت للمشتري خيار الرد بلا نزاع اهـ، وما لا يزيد في الثمن، كتسبيط الشعر، لا خيار فيه، والسبط يدل على ضعف البدن، والجعودة تدل على قوة البدن، ووطء الأمة يمنع ردها، اختاره الشيخ.
([6]) إذا كانت تدور بالماء.
([7]) فيحسب هذه القوة تكسب دائما، لما فيه من التدليس والغش، وإظهار ما ليس معتادا ليغر المشتري.
([8]) أي حين إرسال الماء بعد حبسه، وذلك أن تكون الرحى في منصب ماء، فإنه بقوته يمر بالجانب الذي يلي الماء من العجل، فبالقوة تدفع، إلخ، ومنه ما يستعمل للكهرباء على الأنهار المنصبة.
([9]) لأجل ما رأى من سرعة دوران الرحى، وهو غير عادتها، وإنما هو تدليس وغش من البائع، قال الشيخ: وإن دلس مستأجر على مؤجر، وغره حتى استأجره بدون القيمة فله أجرة المثل، قال ابن عقيل: هو كالغش والتدليس.
([10]) أي فإذا تبين له التدليس، من أن الشعر مجعد، ونقصان دوران الرحى، ثبت له الخيار، لأنه تغرير لمشتر، أشبه النجش، قال الشيخ: وإذا دلس يرجع المشتري بالثمن على الأصح، وصوبه في الإنصاف، فإن علم المشتري بالتدليس، فلا خيار له، لدخوله على بصيرة.
([11]) أي وكتسويد شعر الجارية ونحوه -في ثبوت الخيار- تصرية اللبن، وهو جمعه في ضرع بهيمة الأنعام أو غيرها، قال الوزير وغيره: أجمعوا على أنه لا يجوز تصرية الإبل، والبقر، والغنم، تدليسا على المشتري فيثبت بها الخيار، كالذي قبله ببينة ولو قدمه ومثل به، لورود النص فيه لكان أولى.
([12]) «لا تصروا الإبل» بضم ففتح أي لا تربطوا أخلافها، ليجتمع لبنها فيكثر، فيظن المشتري أن ذلك عادتها، فيزيد في ثمنها لما يرى من كثرة لبنها «فمن ابتاعها» أي اشتراها بعد التصرية «فهو بخير النظرين» أي الرأيين «بعد أن يحلبها» فجعله قيدا في ثبوت الخيار، لكونها لا تعرف غالبا إلا بعد الحلب إلا ما علم بإقرار بائع أو بينة، والجمهور على أنه إذا علم بالتصرية، ثبت له الخيار على الفور، ولو لم يحلبها، وإن حلبها لم يلزمه قبوله، وأخذوا بظاهر الحديث، وأفتى به ابن مسعود، وأبو هريرة، ولا يعلم لهما مخالف في الصحابة.
وذكر ابن القيم أن هذا الحديث أصح من حديث «الخراج بالضمان» بالاتفاق مع أنه لا منافاة بينهما، فإن الخراج ما يحدث في ملك المشتري، وهنا اللبن كان موجودا في الضرع، فصار جزءا من المبيع، ولم يجعل الصاع عوضا عما حدث، بل عن اللبن الموجود في الضرع وقت العقد، وتقديره بالشرع، لاختلاطه بالحادث، وتعذر معرفة قدره، فقدر قطعا للنزاع،وبغير الجنس لأنه بالجنس قد يفضي إلى الربا.
([13]) كخيار عيب، لأن كلا منهما ثبت لإزالة ضرر المشتري المتحقق، وإن صار لبنها عادة سقط الرد.
([14]) لأن الحديث يقتضي ذلك، وفيه «فإن شاء أمسك» ولمسلم «فهو بالخيار ثلاثة أيام» لأنه يتبين به حاصل لبنها عادة، وإن مضت بطل خياره، وإن رضي بالتصرية فأمسكها ثم وجد بها عيبا، ردها به.
([15]) للخبر، وظاهره: لا يرد اللبن، وإن كان باقيا على صفته، ولا فرق بين كون اللبن قليلا أو كثيرا، لتقدير الشارع بحد لا يبعد، لدفع التشاجر
وقطع النزاع، وشرط كون التمر سليما، حيث أن الإطلاق يحمل عليه، واختار الشيخ أنه يعتبر في كل بلد صاع من غالب قوته، لأن التمر غالب قوت الحجاز إذا ذاك، وغير بهيمة الأنعام له الرد بالتصرية بلا عوض.
([16]) واختيار الشيخ من غالب قوت البلد، ولو لم يعدم التمر، وكونه من التمر لكونه أيسر أموال أهل المدينة إذا ذاك.
([17]) يعني اللبن الموجود حال العقد، لا روب، ولا غيره ولا ما تجدد بعد، لأنه حصل في ملكه.



  #5  
قديم 17 جمادى الأولى 1431هـ/30-04-2010م, 03:22 PM
ريحانة الجنان ريحانة الجنان غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثاني
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 133
افتراضي الشرح المختصر على متن زاد المستقنع للشيخ صالح بن فوزان الفوزان

الرابعُ: خيارُ التدليسِ(40) كتَسويدِ شَعْرِ الجاريةِ وتَجعيدِه، وَجَمْعِ ماءِ الرَّحَى وإرسالِه عندَ عَرْضِها(41).



(40) من الدلسة وهي الظلمة ، بأن يظهر البائع للمشتري أن المبيع عل صفة ويبين للمشتري خلافها فله الخيار بين الإمساك والرد .
(41) فإذا تبين له التدليس ثبت له الخيار ، وتجعيد الشعر جعله جعدًا أي: فيه التواء وانقباض فيظنه المشتري كذلك فيزيد في الثمن ، وجمع ماء الرحى ، أي التي تدور بواسطة انصباب الماء ؛ لأنه إذا أرسله بعد حبسه اشتد دوراﻧﻬا فيظن ذلك عادﺗﻬا .


  #6  
قديم 14 ربيع الثاني 1432هـ/19-03-2011م, 04:12 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

الرَّابِعُ: خِيَارُ التَّدْلِيْسِ، كَتَسْوِيدِ شَعْرِ الجَارِيَةِ، وَتَجْعِيدهِ، وَجمْع مَاءِ الرَّحَى، وَإِرسَالِهِ عِنْدَ عَرْضِهَا .
قوله: «الرابع: خيار التدليس» التدليس مأخوذ من الدُّلسة وهي الظلمة، ومعناه خيار الإخفاء؛ لأن الذي يخفي الشيء مدلس.
ولو صورتان:
الأولى : أن يظهر الشيء على وجه أكمل مما كان عليه.
الثانية : أن يظهر الشيء على وجه كامل وفيه عيب.
والفرق بينهما ظاهر، فالأولى ليس في المبيع عيب ولكنه يظهره على وجه أجود وأكمل، وفي الثانية فيه شيء ولكنه أخفاه وأظهره على وجه سليم.
أمثلة التدليس فعل الصحابي ـ عفا الله عنه ـ حين وضع الطعام السليم فوق الطعام الذي أصابته[(1)] السماء، فإن هذا تدليس.
ومنه أن يكون عند الإنسان بيت قديم فيليسه حتى يظهره، وكأنه جديد.
ومنه أن يكون عنده سيارة مخدشة فيضربها صبغاً حتى يظن الظان أنه ليس فيها شيء.
قوله: «كتسويد شعر الجارية» أي: عند بيعها، بأن يكون عنده جارية يريد أن يبيعها، وشعرها أبيض إما لآفة أو كبر فيسوِّده؛ ليظن الظان أنها شابة صغيرة، فهذا حرام، وفيه الخيار كما سيأتي.
قوله: «وتجعيده» بمعنى أن يدهنه بدهن يجعله مموجاً، لأنه إذا ظهر مجعداً دل ذلك على أنه قوي، وضده السَّبِط اللين الذي لا يكون له تجعيد، والأول أرغب عند الناس، فإذا كان الشعر قوياً متجعداً فهو أرغب من أن يكون ليناً سهلاً مسترسلاً، فهذا الرجل لما أراد أن يبيع الجارية جعد رأسها من أجل أن يزيد الثمن، فنقول: هذا حرام لا يجوز لأنه غش.
قوله: «وجمع ماء الرحى وإرساله عند عرضها» هذان شيئان، لكنهما شيء واحد في الواقع، وذلك بأن يجمع ماء الرحى ثم يرسله عند عرضها للبيع، والرحى كيف يكون لها ماء؟.
هناك أرحية تدور على حسب جريان الماء، فيجعل صاحب الرحى سداً ينحبس به الماء، فإذا أراد بيعها فتح هذا السد ثم اندفع الماء بشدة وسرعة فتدور الرحى دوراناً سريعاً، فيظن المشتري أن هذا هو وصفها وأنها جيدة، وأن الماء يندفع بسرعة فيزيد الثمن، فهذا من التدليس؛ لأنه أظهر المبيع بمظهر مرغوب فيه، وهو خالٍ منه.
فإذا قال قائل: كيف يكون للرحى ماء وهي ستطحن الدقيق؟ وهذا يقتضي أن يكون الدقيق عجيناً؟.
نقول: تُجعل عجلة أي بكرة لها رِيَشٌ يضرب فيها الماء فتدور، ثم في هذه البكرة سير متصل بالرحى البعيدة عن الماء، وهذا السير هو الذي يدير هذه الرحى البعيدة، ويشبهه من بعض الوجوه جنزير العجلة (الدراجة)، فيظن الظان أن هذا هو ماؤها، وأن هذه قوتها فيزيد في ثمنها.
واقتصار المؤلف ـ رحمه الله ـ على هذه الأمثلة الثلاثة، تسويد شعر الجارية، وتجعيده، وجمع ماء الرحى وإرساله عند عرضها، لا يعني أنه لا يثبت إلا في هذه فقط، بل هذه أمثلة.
والضابط ما ذكرناه، وهو إظهار المبيع بصفة مرغوب فيها وهو خالٍ منها، ومن ذلك:
تصرية اللبن في ضرع بهيمة الأنعام، أي: جمع اللبن في ضرع البهيمة، وهو محرم، قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((لا تصروا الإبل والغنم)) ، فيربط ضرع البهيمة ويجتمع اللبن في الضرع، فإذا جلبها في السوق ورآها المشتري ظن أن هذه عادتها، وأن لبنها كثير فيزيد في ثمنها، فإذا وقع هذا من البائع أعني هذا التدليس، نقول: أما التصرية فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حكم فيها بحكم الله ـ عزّ وجل ـ قال: ((ومن ابتاعها بَعْدُ ـ أي بعد التصرية ـ فهو بالخيار إن شاء أمسكها وإن شاء ردها وصاعاً من تمر)) [(2)]، وفي رواية: ((هو بالخيار ثلاثة أيام)) [(3)]، أي: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم جعل له الخيار ثلاثة أيام إن شاء أمسك، وإن شاء رد، وجعل الثلاثة لأجل أن يستقر اللبن؛ لأنه ربما يستقر على هذه الكثرة، فإن شاء أمسكها بلا أرش؛ لأن الحديث ظاهر في ذلك، وإن شاء ردها، ورد معها صاعاً من تمر، وربما يمسكها ولو كان لبنها قليلاً؛ لأنه يريد عين هذه البهيمة، أو يرتفع السعر في أثناء هذه المدة فيختارها ولو كان لبنها قليلاً، لكن إذا قال: أنا أريد أن أردها، فنقول: لا بأس ردها ورد معها صاعاً من تمر، وحينئذٍ يرد علينا مسائل:
الأولى: هذا الصاع من التمر هل هو عوض عن اللبن الحادث بعد العقد، أو هو عوض عن اللبن الموجود حين العقد؟
الجواب: هذا الصاع عوض عن اللبن الموجود حين العقد؛ لأن اللبن الموجود حين العقد ملك للبائع، أما ما حدث بعد العقد فهو ملك للمشتري، وقد سبق أن نماء المبيع المنفصل للمشتري.
الثانية: لماذا قدره بصاع، وقد يساوي أكثر من صاع، وقد يساوي أقل؟.
الجواب: قدره النبي صلّى الله عليه وسلّم بصاع قطعاً للنزاع؛ لأنه ربما يتنازع المشتري والبائع، فيقول البائع: اللبن فيها كثير، والمشتري يقول: اللبن فيها قليل، فقطعاً للنزاع قدره النبي صلّى الله عليه وسلّم وقوَّمه للأمة إلى يوم القيامة.
الثالثة: لماذا لم يقل: صاعاً من طعام، وجعله كالفطرة من البر، أو الشعير، أو الزبيب، بل قال: صاعاً من تمر؟.
الجواب: لأن التمر أقرب ما يكون شبهاً إلى اللبن، ففي اللبن حلاوة، وغذاء، والتمر كذلك، فلو أنك أردت أن تشبه بين اللبن والخبز لوجدت الفرق أكثر، لكن اللبن والتمر متقارب، وكله يؤكل ويشرب طرياً بدون كلفة وبدون طبخ.
مسألة: إذا فقد التمر فما يقوم مقامه يجزئ عنه.
الرابعة: لو أراد المشتري أن يرد اللبن الذي حلبه، وقال للبائع: أنا حلبت صاعاً من اللبن أو نصف صاع من اللبن، وهو موجود الآن أرده عليك بعينه، فهل نقول: إنه يجب على البائع أن يقبله؛ لأنه رد عليه عين ملكه، أو نقول: إن الشرع ورد بتقديره من التمر، فلا نعدل عما جاء به الشرع؟.
الجواب: بعض العلماء قال: إذا رده بحاله لزم البائع أن يقبل؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم جعل هذا عوضاً عنه؛ لأنه في الغالب أن المشتري إذا حلبه استهلكه.
وقال بعض العلماء: إنه لا يجبر على قبول اللبن؛ لأنه باع اللبن متصلاً بالبهيمة، وفصله المشتري، فكان عرضة للحموضة والفساد، والتمر جنس عيَّنه الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ فلا نتعداه.
وعندي أن هذا أقرب إلى الصواب لو لم يكن فيه إلا اتباع السنة لكان كافياً، فيقال: للمشتري إذ أراد أن يرد اللبن: يجب أن ترد صاعاً من تمر، كما أن البائع لو أراد الحليب، قال: أعطني الحليب الذي حلبته، وهو عندك الآن لم تشربه ولم تتصرف فيه، وقال المشتري: أبداً أعطيك صاعاً من التمر، أيهما يقبل؟.
الجواب: يقبل قول المشتري أن يرد الصاع من التمر، إذاً يقبل قول من قال: أرد الصاع؛ لأن البائع ربما يقول للمشتري: أعطني اللبن الذي حلبت وهو عندك الآن، واللبن يساوي ثلاثة آصع من التمر، والمشتري يقول: لا أعطيك إلا ما قدره النبي صلّى الله عليه وسلّم.
والخلاصة: أن كل من طلب ما قدَّره الرسول صلّى الله عليه وسلّم وعيَّنه فهو المقبول.
الخامسة: إذا كان اللبن لا قيمة له شرعاً، كما لو اشترى حمارة مصراة، فهل يرد صاعاً من تمر؟ وذلك إذا قال المشتري: أنا عندي أتان صغير، واللبن هذا وإن كان ليس له قيمة بالنسبة للآدمي؛ لأنه حرام. لكن بالنسبة للأتان الصغير له قيمة.
فيقال: إن هذا ليس له قيمة شرعاً فليس له عوض، لكن ما دام قد دلس عليك واشتريت حمارة مصراة، فلك الرد.



[1] سبق تخريجه ص(301).
[2] أخرجه البخاري في البيوع/ باب النهي للبائع أن لا يحفل الإبل... (2150)؛ ومسلم في البيوع/ باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه (1515) (11) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.
[3] أخرجها مسلم في البيوع/ باب حكم بيع المصراة (1524) (24) (25) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الرابع, خيار

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:14 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir