دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 صفر 1430هـ/23-02-2009م, 02:48 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الثاني: خيار الشرط

( الثاني ): أن يَشترطاهُ في الْعَقْدِ مُدَّةً مَعلومةً , ولو طويلةً وابتداؤُها من العَقْدِ، وإذا مَضَتْ مُدَّتُه أو قَطَعَاهُ بَطَلَ ويَثْبُتُ في البيعِ، والصلْحُ بمعناه، والإجارةُ في الذِّمَّةِ أو على مُدَّةٍ لا تَلِي الْعَقْدَ، وإن شَرَطَاهُ لأَحَدِهما دونَ صاحبِه صَحَّ، وإلى الغَدِ أو الليلِ يَسْقُطُ بأَوَّلِه، ولِمَنْ له الْخِيارُ الْفَسْخُ ولو مع غَيْبَةِ الآخَرِ وسَخَطِه، والْمِلْكُ مُدَّةُ الخيارَيْنِ للمُشْتَرِي، وله نَماؤُه الْمُنْفَصِلُ وكَسْبُه، ويَحْرُمُ ولا يَصِحُّ تَصَرُّفُ أحَدِهما في الْمَبيعِ وعِوَضِه الْمُعَيَّنِ فيها بغيرِ إذْنِ الآخَرِ بغيرِ تَجرِبَةِ الْمَبيعِ إلا عِتْقُ الْمُشْتَرِي، وتَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي فَسْخٌ لخِيارِه، ومَن ماتَ منهما بَطَلَ خِيارُه.


  #2  
قديم 28 صفر 1430هـ/23-02-2009م, 06:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

........................

  #3  
قديم 28 صفر 1430هـ/23-02-2009م, 07:49 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

القِسْمُ (الثَّانِي) مِن أقسامِ الخِيارِ: خِيارُ الشرطِ بـ (أن يَشْتَرِطَاهُ)؛ أي: يَشْتَرِطُ المُتعاقدَانِ الخِيارَ (في) صُلْبِ (العقدِ) أو بعدَه في مُدَّةِ خِيارِ المَجلِسِ أو الشرطِ (مُدَّةً مَعلومةً ولو طَويلةً) لقَولِه عليه السَّلامُ: ((المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ)). ولا يَصِحُّ اشتِرَاطُه بعدَ لُزُومِ العقدِ، ولا إلى أجلٍ مَجهولٍ، ولا في عَقْدٍ حِيلةً ليَرْبَحَ في قَرْضٍ فَيَحْرُمُ ولا يَصِحُّ البيعُ.
(وابتِدَاؤُها)؛ أي: ابتداءُ مُدَّةِ الخِيارِ (مِن العَقْدِ) إن شُرِطَ في العقدِ، وإلا فمِن حينِ اشتُرِطَ، (وإذا مَضَت مُدَّتُه)؛ أي: مُدَّةُ الخيارِ ولم يُفْسَخْ لَزِمَ البيعُ (أو قَطَعَاهُ)؛ أي: قَطَعَ المُتعاقِدَانِ الخِيارَ (بَطَلَ) ولَزِمَ البيعُ كما لو لم يَشْتَرِطَاه. (ويَثْبُتُ) خيارُ الشرطِ (في البيعِ والصُّلْحِ) والقِسْمَةِ والهِبَةِ (وما بمَعْنَاه)؛ أي: بمَعْنَى البيعِ كالصُّلْحِ بعِوَضٍ عَن عينٍ أو دَيْنٍ مُقَرٍّ بِه وقِسْمَةِ التَّرَاضِي وهِبَةِ الثوابِ؛ لأنَّها أنواعٌ مِن البيعِ. (و) في (الإجارةِ في الذِّمَّةِ) كخِياطةِ ثَوبٍ (أو) في إجارةٍ (على مُدَّةٍ لا تَلِي العَقْدَ) كسَنَةِ ثلاثٍ في سَنَةِ اثنَيْنِ إذا شَرَطَ مُدَّةً تَنْقَضِي قبلَ دُخُولِ سَنَةِ ثَلاثٍ، فإِن وَلِيَت المُدَّةُ العَقْدَ كشَهْرٍ مِن الآنَ لم يَصِحَّ شَرْطُ الخِيَارِ لئلا يُؤَدِّيَ إلى فَوَاتِ بعضِ المنافِعِ المعهودِ عليها، أو استِيفَائِها في مُدَّةِ الخيارِ، وكِلاهُما غَيْرُ جَائزٍ، ولا يَثْبُتُ خِيَارُ الشَّرْطِ في غَيْرِ ما ذُكِرَ كصَرْفٍ وسَلَمٍ وضَمَانٍ وكَفَالَةٍ، ويَصِحُّ شَرْطُه للمُتعاقِدَيْنِ ولو وَكِيلَيْنِ (وإن شَرَطَاهُ لأحدِهِما دونَ صَاحِبِه صَحَّ) الشرطُ وثَبَتَ له الخيارُ وَحْدَه؛ لأنَّ الحَقَّ لهما، فكيفَما تَرَاضَيَا به جَازَ، (و) إن شَرَطَاهُ (إلى الغَدِ أو الليلِ) صَحَّ، و (يَسْقُطُ بأوَّلِه)؛ أي: أوَّلِ الغَدِ أو الليلِ؛ لأنَّ (إلى) لانتِهَاءِ الغايَةِ فلا يَدْخُلُ ما بَعْدَهَا فيما قَبْلَها، وإلى الصَّلاةِ يَسْقُطُ بدُخُولِ وَقْتِها. (و) يَجُوزُ (لمَن له الخيارُ الفَسْخُ ولو معَ غَيْبَةِ) صَاحِبِه (الآخَرِ و) معَ (سَخَطِه) كالطَّلاقِ.
(والمِلْكُ) في المبيعِ (مُدَّةَ الخِيارَيْنِ)؛ أي: خيارِ الشرطِ وخيارِ المَجْلِسِ (للمُشْتَرِي) سواءٌ كَانَ الخيارُ لهما أو لأحَدِهما لقَولِه عليه السَّلامُ: ((مَنْ بَاعَ عَبْداً وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلبَايِعِ إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ)) رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فجَعَلَ المَالَ للمُبتاعِ باشتِرَاطِه وهو عَامٌّ في كُلِّ بيعٍ فشَمَلَ بيعَ الخيارِ، وله؛ أي: للمُشترِي (نَمَاؤُه)؛ أي: نمَاءُ المَبيعِ (المُنفصِلِ) كالثَّمَرَةِ، (وكَسْبُه) في مُدَّةِ الخِيارَيْنِ ولو فَسَخَاهُ بَعْدُ؛ لأنَّه نَمَاءُ مِلْكِه الدَّاخِلِ في ضَمَانِه لحديثِ((الخِرَاجُ بالضَّمَانِ)) صحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ. وأما النَّمَاءُ المُتَّصِلُ كالسِّمَنِ فإنَّهُ يَتْبَعُ العَيْنَ معَ الفَسْخِ لتَعَذُّرِ انفِصَالِه. (ويَحْرُمُ ولا يَصِحُّ تصرُّفُ أحدِهما في المَبيعِ و) لا في (عِوَضِه المُعَيَّنِ فيها)؛ أي: في مُدَّةِ الخيارَيْنِ (بغيرِ إذنِ الآخَرِ) فلا يَتَصَرَّفُ المُشترِي في المبيعِ بغيرِ إذنِ البائعِ إلا معَه، كأن آجَرَهُ له، ولا يَتَصَرَّفُ البَائِعُ في الثمنِ المُعَيَّنِ زمنَ الخيارَيْنِ إلا بإذنِ المُشترِي أو معَه كان= استَأْجَرَ منه به عَيْناً هذا إن كَانَ التَّصَرُّفُ (بغيرِ تَجْرِبَةِ المَبيعِ) وإن تَصَرَّفَ بها لتَجْرِبَتِه كرُكُوبِ دَابَّةٍ ليَنْظُرَ سَيْرَها، وحَلْبِ دَابَّةٍ ليَعْلَمَ قَدْرَ لَبَنِها لم يَبْطُلْ خِيَارُه؛ لأنَّ ذلك هو المَقْصُودُ مِن الخيارِ كاستِخْدَامِ الرَّقِيقِ (إلا عِتْقَ المُشْتَرِي) لمبيعٍ زمنَ الخِيَارِ فيَنْفَذُ معَ الحُرْمَةِ ويَسْقُطُ خِيارُ البَائِعِ حِينئذٍ.
(وتَصَرُّفُ المُشترِي) في المبيعِ بشَرْطِ الخيارِ له زَمَنَه بنَحْوِ وَقْفٍ أو بَيْعٍ أو هِبَةٍ أو لَمْسٍ لشَهْوَةٍ (فَسْخٌ لخِيَارِه) وإمضاءٌ للبَيْعِ؛ لأنَّه دليلُ الرِّضَا به، بخِلافِ تَجْرِبَةِ المَبيعِ واستِخْدَامِه. وتَصَرُّفُ البائعِ في المَبيعِ إذا كَانَ الخِيارُ له وَحْدَه ليسَ فَسْخاً للبَيْعِ، ويَبْطُلُ خِيارُهُما مُطلقاً بتَلَفِ مَبيعٍ بَعْدَ قَبْضٍ وبإتلافِ مُشْتَرَاهُ إِيَّاه مُطلقاً. (ومَن مَاتَ مِنهما)؛ أي: مِن البائعِ أو المُشترِي بشَرْطِ الخيارِ (بَطَلَ خِيارُه) فلا يُورَثُ إن لم يَكُنْ طَالَبَ به قَبلَ مَوْتِه كالشُّفْعَةِ وحَدِّ القْذَفِ.


  #4  
قديم 28 صفر 1430هـ/23-02-2009م, 07:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

القسم (الثاني) من أقسام الخيار، خيار الشرط([1]) بـ (أن يشترطاه) أي يشترط المتعاقدان الخيار (في) صلب العقد([2]).
أو بعده في مدة خيار المجلس، أو الشرط([3]) (مدة معلومة ولو طويلة) ([4]) لقوله عليه السلام ((المسلمون على شروطهم))([5]).
ولا يصح اشتراطه بعد لزوم العقد([6]) ولا إلى أجل مجهول([7])ولا في عقد حيلة ليربح في قرض، فيحرم، ولا يصح البيع([8]).
(وابتداؤها) أي ابتداء مدة الخيار (من العقد) إن شرط في العقد([9]) وإلا فمن حين اشترط([10]) (وإذا مضت مدته) أي مدة الخيار ولم يفسخ، لزم البيع([11]).
(أو قطعاه) أي قطع المتعاقدان الخيار (بطل) ولزم البيع، كما لو لم يشترطاه([12]) (ويثبت) خيار الشرط (في البيع([13]) والصلح) والقسمة والهبة (بمعناه) أي بمعنى البيع([14]) كالصلح بعوض عن عين أو دين مقر به([15])وقسمة التراضي([16]) وهبة الثواب([17]) لأنها أنواع من البيع([18]).
(و) في (الإجارة في الذمة) كخياطة ثوب([19]).
(أو) في إجارة (على مدة لا تلي العقد)([20]) كسنة ثلاث، في سنة اثنتين إذا شرطه مدة تنقضي قبل دخول سنة ثلاث([21]) فإن وليت المدة العقد ، كشهر من الآن، لم يصح شرط الخيار، لئلا يؤدي إلى فوات بعض المنافع المعقود عليها([22]) أو استيفائها في مدة الخيار([23]) وكلاهما غير جائز([24]) ولا يثبت خيار الشرط في غير ما ذكر([25]) كصرف، وسلم، وضمان، وكفالة([26]).
ويصح شرطه للمتعاقدين([27])ولو وكيلين([28]) (وإن شرطاه لأحدهما دون صاحبه صح) الشرط([29]) وثبت له الخيار وحده([30]) لأن الحق لهما فكيفما تراضيا به جاز([31]) (و) إن شرطاه (إلى الغد أو الليل) صح([32]).
و(يسقط بأوله) أي أول الغد أو الليل([33]) لأن «إلى» لانتهاء الغاية، فلا يدخل ما بعدها، فيما قبلها([34]) وإلى صلاة، يسقط بدخول وقتها([35]) (و) يجوز (لمن له الخيار الفسخ([36]) ولو مع غيبة) صاحبه (الآخر([37]) و) مع (سخطه) كالطلاق([38]).
(والملك) في المبيع (مدة الخيارين) أي خيار الشرط، وخيار المجلس (للمشتري)([39]) سواء كان الخيار لهما، أو لأحدهما([40]) لقوله عليه السلام ((من باع عبدا وله مال، فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع)) رواه مسلم([41]) فجعل المال للمبتاع باشتراطه([42]) وهو عام في كل بيع، فشمل بيع الخيار([43]) (وله) أي للمشتري (نماؤه) أي نماء المبيع (المنفصل) كالثمرة([44]).
(وكسبه) في مدة الخيارين([45]) ولو فسخاه بعد([46]) لأنه نماء ملكه، الداخل في ضمانه([47]) لحديث ((الخراج بالضمان)) صححه الترمذي([48]) وأما النماء المتصل كالسمن([49]) فإنه يتبع العين مع الفسخ، لتعذر انفصاله([50]).
(ويحرم ولا يصح تصرف أحدهما في المبيع([51]) و) لا في (عوضه المعين فيها) أي في مدة الخيارين (بغير إذن الآخر) ([52]) فلا يتصرف المشتري في المبيع بغير إذن البائع إلا معه([53]) كأن آجره له([54]) ولا يتصرف البائع في الثمن المعين زمن الخيارين إلا بإذن المشتري أو معه([55]).
كأن استأجر منه به عينا([56]) هذا إن كان التصرف (بغير تجربة المبيع) ([57]) فإن تصرف لتجربته، كركوب دابة لينظر سيرها([58]) وحلب دابة ليعلم قدر لبنها ، لم يبطل خياره، لأن ذلك هو المقصود من الخيار([59]) كاستخدام الرقيق([60]).
(إلا عتق المشتري) لمبيع زمن الخيار، فينفذ مع الحرمة([61]) ويسقط خيار البائع حينئذ([62]) (وتصرف المشتري) في المبيع بشرط الخيار له زمنه، بنحو وقف([63]) أو بيع، أو هبة([64]) أو لمس لشهوة (فسخ لخياره) وإمضاء للبيع، لأنه دليل الرضى به([65]).
بخلاف تجربة المبيع، واستخدامه ([66]) وتصرف البائع في المبيع إذا كان الخيار له وحده ليس فسخا للبيع([67]) ويبطل خيارهما مطلقا بتلف مبيع بعد قبض([68]) وبإتلاف مشتر إياه مطلقا([69]) (ومن مات منهما) أي من البائع والمشتري بشرط الخيار (بطل خياره) فلا يورث([70]).
إن لم يكن طالب به قبل موته([71]) كالشفعة وحد القذف([72])



([1]) أضيف إليه لأنه سببه، فيثبت للأخبار ولعموم (أوفوا بالعقود) وقال الوزير: اتفقوا على أنه يجوز شرط الخيار للمتعاقدين معا، ولأحدهما بانفراده إذا شرطه.
([2]) يعني مع الإيجاب والقبول، لا قبله مدة معلومة، ويصح الشرط بالاتفاق.
([3]) أي أو أن يشترطا الخيار مدة خيار المجلس، قبل التفرق منه، ومدة خيار الشرط، كأن يشترطاه يومين مثلا، فإذا كان في آخر اليومين، اشترطاه أيضا صح، لأنه بمنزلة حال العقد.
([4]) فيثبت الخيار فيها، إذا كانت معلومة ويعتبر الطول والقصر بالعرف، قال ابن القيم: يجوز اشتراط الخيار فوق ثلاث، في أصح قولي العلماء، وهو مذهب أحمد ومالك، والقياس المحض: جوازه وفي الاختيارات: يثبت خيار الشرط، في كل العقود، ولو طالت المدة، وللبائع الفسخ في مدة الخيار، إذا رد الثمن وإلا فلا.
([5]) أي ثابتون عليها، لا يرجعون عنها، ولعموم (أوفوا بالعقود).
([6]) ونفوذه بانقضاء زمن الخيارين، خيار المجلس، وخيار الشرط، فيلغو الشرط ويصح البيع.
([7]) فلا يصح الخيار المجهول، سواء كان أبدا، أو مدة مجهولة، أو أجلا مجهولا، أو تعليقا على مشيئة أو نزول مطر ونحوه، ويصح البيع مع فساد الشرط، كما تقدم وفي الاختيارات إن أطلقا الخيار، ولم يوقتاه بمدة، توجه أن يثبت ثلاثا، لخبر حبان بن منقذ.
([8]) أي ولا يصح اشتراطه الخيار في عقد حيلة، كأن يبيعه دارا ونحوها بمائة مقبوضة، لينتفع بالدار ونحوها، على أنه متى أتى بالمائة فسخا البيع، وإنما
توصل بالعقد ليربح في قرض، يعني بصورة مقرض حقيقة، وربحه انتفاعه بالمبيع زمن الخيار، فكأنه أقرضه الدراهم التي سميت ثمنا، وشرط عليه الانتفاع بالدراهم مدة القرض، فهو قرض جر نفعا، فيحرم، ولا يصح البيع، لأن حقيقته أن يقول أحدهما: أعطني مائة درهم قرضا وأنتفع بها، وأردها عليك، وأعطيك هذا ونحوه، تنتفع به، وترده علي فيقول الآخر: هذا لا يصح، ولكن
بعني هذا النخل بمائة الدرهم، ولنا الخيار، فإذا انتفعا فسخا البيع، وفي الإنصاف: وأكثر الناس يستعملونه في هذه الأزمنة، ويتداولونه بينهم فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وقال الشيخ: نص أحمد على أنه إذا كان المقصود باشتراط الخيار أن يستوفي المشتري منافعها، ثم يفسخ البائع العقد ، ويرد الثمن، ويسترجع الدار لم يجز، لأنه بمنزلة أن يدفع إليه المشتري، دراهم قرضا، ثم يأخذها منه ومنفعة الدار اهـ؛ وأما إن أراد أن يقرضه شيئا، وهو يخاف أن يذهب بما أقرضه له، فاشترى منه شيئا وجعل له الخيار مدة معلومة، ولم يرد الحيلة، فقال أحمد: جائز: ولا يصح تصرفهما في ثمن ولا مثمن، كسائر الحيل التي يتوصل بها لمحرم.
([9]) كأجل الثمن، لا من حين التفرق.
([10]) أي وإن شرطاه بعد العقد زمن الخيارين، فابتداء مدة الخيار من حين اشترط ويبقى إلى أن تنقضي مدته، لقوله صلى الله عليه وسلم((إلا بيع الخيار)) أي فإنه يبقى إلى أجله.
([11]) لئلا يفضي إلى بقاء الخيار أكثر من مدته المشروطة، وهو لا يثبت إلا بالشرط، وتقدم الاتفاق على لزوم البيع بالتفرق من المجلس من غير خيار وأنه
ليس لأحدهما الرد إلا بالعيب، فكذا إذا انقضت مدة اشتراطه، ليس لأحدها الرد إلا بعيب.
([12]) أي الخيار، لأن اللزوم موجب البيع، وإنما تخلف بالشرط، وحيث قطعا الخيار وبطل، لزم العقد بموجبه، لخلوه عن المعارض.
([13]) ويبقى حتى تنقضي مدته التي شرطاها أو أحدهما وحكي اتفاقا، ومفهومه أنه لا يثبت فيما سواه، سوى ما استثناه، وقال الشيخ: يثبت خيار الشرط في كل العقود، ولو طالت المدة.
([14]) أي يثبت فيها خيار الشرط، جزم به في الفروع وغيره.
([15]) أي الدين أو العين وصالحه بمال، بشرط الخيار مدة معلومة، صح الخيار.
([16]) وهي ما كان فيها ضرر، أو رد عود لأنها نوع من البيع، فيقول: قبلت ولي الخيار يومين مثلا، لا إجبار، لأنها إفراز لا بيع.
([17]) أي الهبة التي فيها الثواب، يعني العوض، كأن يقول: وهبتك هذا الثوب على أن تهبني هذا الدينار.
([18]) أي الصلح بعوض، وقسمة التراضي، وهبة الثواب، فصح الخيار فيها كالبيع.
([19]) وبناء حائط، بشرط الخيار، لأنه استدراك لغبن، أشبه خيار المجلس.
([20]) أي ويثبت خيار الشرط في إجارة عين، مدة لا تلي العقد، إن انقضى أجل الخيار، قبل دخول تلك المدة.
([21]) وشرط الخيار نصف سنة مثلا، صح خيار الشرط فيها، لأنها نوع من البيع .
([22]) من أجل الشرط.
([23]) أي ولئلا يؤدي الشرط إلى استيفاء بعض المنافع في مدة الخيار.
([24]) أي فوات بعض المنافع المعقود عليها أو استيفاؤها في مدة الخيار.
([25]) أي من البيع، والصلح بعوض، وقسمة التراضي، وهبة الثواب، والإجارة في الذمة، أو على مدة لا تلي العقد، بخلاف خيار المجلس.
([26]) أي فلا يصح خيار الشرط في مثل صرف وسلم، وإن صح فيهما خيار المجلس، وإن كانا بيعا فإن من شرط صحتهما التقابض في المجلس، وكذا بيع مكيل بمكيل، وموزون بموزون، لأن موضع هذه العقود على أن لا يبقى بين المتعاقدين علقة بعد التفرق، بدليل اشتراط القبض، وثبوت خيار الشرط فيها يبقى بينهما علقا، فلا يصح شرطه فيها، وكالوقوف والضمان، والكفالة، ونحو ذلك مما ليس بيعا، ولا في معنى البيع، وعند الشيخ يثبت خيرا الشرط في كل العقود.
([27]) ويكون على ما شرطاه، لأنه حق لهما، جوز رفقا بهما، فكيفما تراضيا به جاز، ويصح ولو متفاوتا، بأن شرطاه للبائع، يوما وللمشتري يومين مثلا.
([28]) أي وكيل بائع ووكيل مشتر، لأن النظر في تحصيل الأحظ مفوض إلى الوكيل، ويكون لكل واحد من المشتري أو وكيله، الذي شرط له الخيار، الفسخ، ومنه: على أن استأمر فلانا يوما، وله فسخه قبله، وإن شرط وكيله لنفسه، دون موكله لم يصح، وإن شرط لنفسه ثبت لهما.
([29]) أي لبائع أو مشتر، وكان الخيار على ما شرطاه.
([30]) دون صاحبه.
([31]) ولأن الحظ لهما، ويصح شرطه في مبيعين، ومعين من مبيعين، بعقد واحد.
([32]) أي الشرط أو إلى طلوع الشمس، أو إلى رجب مثلا صح، لأنه معلوم، ولزم البيع.
([33]) ففي: أول الغد. بطلوع فجره، و: أول الليل. بإقباله، عند غروب الشمس، و: إلى طلوعها بأول طلوع القرص، وإلى رجب، عند أوله، وإن شك فالخيار باق، حتى يتيقن طلوع الفجر، وغروب الشمس، ودخول الشهر، ونحو ذلك.
([34]) أي فلا يدخل الغد ونحوه في المدة، لأن الأصل لزوم العقد، وإنما خولف فيما اقتضاه الشرط، فيثبت ما تيقن منه، دون الزائد.
([35]) أي أول وقت صلاة الظهر مثلا، وهو الزوال.
([36]) أي فسخ المبيع مدة الخيار، سواء المالك أووكيله، لأن وكيل الشخص يقوم مقامه، غائبا كان الموكل أو حاضرا.
([37]) أي العاقد معه، لأن الفسخ حل عقد جعل إليه، فجاز مع غيبة صاحبه، ولا يقبل ممن له الخيار منهما إن اختار أو رد إلا ببينة.
([38]) في أن له الطلاق،ولو مع غيبة الزوجة، أو سخطها، كذا أطلقه الأصحاب، وعنه: إنما يملك الفسخ برد الثمن إن فسخ البائع، وجزم به الشيخ كالشفيع، وقال: وكذا التملكات القهرية، قال في الإنصاف: هذا الصواب الذي لا يعدل عنه، خصوصا في زمننا هذا،وقد كثرت الحيل، ويحتمل أن يحمل كلام من أطلق على ذلك.
([39]) ينتقل إليه بالعقد، وكذا الثمن إلى بائع بالعقد.
([40]) أي سواء كان الخيار للمتعاقدين معا أو كان لأحدهما، أيهما كان، إذ المشتري فقط يجوز له بيعه، ولا يؤخذ بالشفعة مدة خيار، وإن قلنا: الملك للمشتري لقصوره، ولمنعه التصرف فيه باختياره فلا يؤخذ ، حتى تنتهي مدة الخيار.
([41]) وهو في الصحيحين من حديث ابن عمر، وقال في -الثمرة المؤبرة- «للبالغ إلا أن يشترطها المبتاع» وكل شرط لا ينافي مقتضى العقد، لا ينافي البيع بالاتفاق.
([42]) أي اشتراط البائع مال العبد، والثمرة، حصلا للمبتاع بالشرط، فدل على أن المبيع دخل في ملك المشتري بمجرد العقد، ثم هو بعمومه شامل بيع الخيار، دال على جواز الشرط فيه.
([43]) ولأن البيع تمليك، بدليل صحته بقوله: ملكتك فيثبت به الملك في بيع الخيار، كسائر البيع.
([44]) أي ثمرة الشجرة يشتريها، ثم تثمر بعد عقد البيع، والولد، واللبن، ونحو ذلك.
([45]) أي وكسب العبد المبيع ونحوه للمشتري، ولو حصل في يد بائع قبل قبضه، في مدة خيار المجلس، وخيار الشرط، وهو أمانة عند البائع.
([46]) لأن الفسخ رفع للعقد من حين الفسخ، لا من أصله.
([47]) أي لأن النماء المنفصل نماء ملك المشتري، الداخل في ضمان المشتري.
([48]) أي الخراج مستحق بالضمان وذلك أن المشتري استعمل المبيع، ووجد فيه عيبا فرده، فقال البائع: يا رسول الله خراجه؟ فقال: ((الخراج بالضمان)) فما يحصل من غلة العين المبتاعة للمشتري، كأن يشتري عينا، ويستغلها زمانا، ثم يفسخ لخيار، أو يعثر على عيب قديم، لم يطلعه البائع عليه، أو لم يعرفه، فله رد العين، وأخذ الثمن، وللمشتري مستغله، فلو كان المبيع تالفا في يده صار من ضمانه ولم يكن على البائع رد.
([49]) وتعلم الصنعة، والحمل الموجود وقت العقد، ونحو ذلك.
([50]) وقيل: الحمل الموجود وقت العقد مبيع لا نماء، فإذا ردها على البائع بخيار الشرط، لزم رده، لأن تفريق المبيع ضرر على البائع، وبعيب بقسطها، وقال القاضي وابن عقيل: قياس المذهب حكمه حكم الأجزاء، لا الولد المنفصل، فيرد معها، قال ابن رجب: وهو أصح، وجزم به في الإقناع ؛ وقيل: لتحريم التفريق على القولين.
([51]) أي في مدة الخيارين، خيار المجلس، وخيار الشرط، بغير إذن الآخر، لأنه ليس ملكا للبائع، فيتصرف فيه، ولم تنقطع علقه عنه، فيتصرف فيه المشتري، قال في الإنصاف: نفوذ التصرف ممنوع على الأقوال كلها، صرح به الأكثر لأنه لم يتقدمه ملك.
([52]) أي ويحرم ولا يصح تصرف أحدهما في عوض المبيع المعين، في مدة الخيارين، بغير إذن الآخر، أو في ثمن كان في الذمة، ثم صار إلى البائع، في مدة الخيارين، بغير إذن، لأنه ليس ملكا للمشتري فيتصرف فيه، ولم تنقطع علقه عنه، فيتصرف فيه البائع، وتصرفه فيه يدل على اختياره البيع، نظير تصرف المشتري في المثمن، وقال جمع: يحرم التصرف في الثمن كالمثمن، ولم يحكوا في ذلك خلافا، وسواء كان الخيار لهما، أو لأحدهما.
([53]) أي إلا مع البائع، فيصح تصرفه فيه ببيع أو غيره زمن الخيارين ويكون إمضاء له منهما.
([54]) أي كأن آجر المشتري المبيع للبائع فيصح، أو باعه السلعة اشتراها منه بشرط الخيار لهما، أو لأحدهما، فيصح، ويكون إمضاء للبيع منهما، وإن تصرف مشتر بإذن بائع نفذ، لأن الحق لا يعدوهما.
([55]) أي مع المشتري فيصح، وهو أقوى من الرضى، ويكون إمضاء له منهما
وكذا لو كان الثمن غير معين وقت عقد، ثم قبضه البائع، أو تصرف بإذن صح، وهذا كله فيما إذا كان الإذن ونيته حادثين بعد العقد، لم ينوياه، ولم يريداه في العقد، بل دخلا في البيع على أصله الشرعي، ثم حدث هذا الإذن، وإلا فإن أراده قبل العقد، ودخلا في البيع عليه، وعلى انتفاع المشتري بغلة المبيع، وحرم وبطل البيع لأن الذي يقبضه البائع قرضا، فكان هذا الخيار حيلة ليربح في قرض.
([56]) أي كأن استأجر البائع عينا من المشتري، بالثمن المعين، أو غير المعين، وقد قبض فيصح.
([57]) أي هذا الحكم فيما مر إذا كان التصرف بغير تجربة المبيع وأما ما تحصل به تجربة المبيع كعرضه على البيع وشبهه فلا يحرم ، ولا يتعلق به نفوذ ولا استئذان بل هو مأذون فيه، لدعاء الحاجة إليه.
([58]) لم يبطل خياره، لأنه المقصود منه.
([59]) يعني الإشراف على حقيقة المبيع، وتأمل أحواله، فلم يبطل به، ولهذا ثبت خيار المصراة، وكالطحن على الرحى، ليعلم كيف طحنها، ونحو ذلك مما تحصل به تجربة المبيع.
([60]) أي كما لا يسقط الخيار باستخدام الرقيق، ولو لغير تجربة المبيع، لأن الخدمة لا تختص بالملك، فلم يبطل الخيار بها كالنظر، وحده سبعة أيام على المعروف تجربة، ومشتريه أحوج شيء إلى تجربته باستخدامه فافتقر إلى التجربة.
([61]) لقوته، وسرايته ، وتصرف المشتري بما يقتضي لزوم المبيع، وهو العتق، لتشوف الشرع للعتق، ابتداء وتكميلا، فيعتق، ويبطل الخيار ، مع حرمة التصرف على المشتري لما للبائع من الحقوق.
([62]) وملكه الفسخ لا يمنع العتق، ولا ينفذ عتقه لمبيع، ولا شيء من تصرفاته فيه، لزوال ملكه عنه، قال الوزير: اتفقوا على أنه إذا كان المبيع عبدا، والخيار للمشتري خاصة، فأعتقه نفذ، وإن كان للبائع فإنه لا ينفذ.
([63]) كإجارة فسخ لخياره، وإمضاء للبيع لأنه دليل رضاه، وإن كان الخيار لهما لم ينفذ من أحدهما إلا بإذن الآخر كالبيع.
([64]) أي وتصرف المشتري في المبيع ببيع أو هبة فسخ لخياره، وكذا برهن أو مساقاة ونحو ذلك من أنواع التصرف الذي ليس للتجربة، ولو قال: أنا أجهل أن البيع ونحوه يبطل الخيار، فلايقبل، لأنه دليل الرضى، لعمله أعمالا لا تصدر إلا عن رضى.
([65]) أي بإمضاء البيع، وكذا عرضه للبيع، فسخ لخياره، لأنه دليل الرضى به ملكا، أو لينظر قيمته، لأنه تصرف فيه، ورضي به، فكأنه يقول: أسقطت خياري: وأمضيت البيع، ولو قاله لفظا صح، ونص أحمد في فسخ البائع أنه لا ينفذ بدون رد الثمن، واختاره الشيخ، ولأن التسليط على انتزاع الأموال قهرا.
إن لم يقترن به دفع عوض، وإلا حصل به ضرر وفساد، ومتى لم يعطه ماله فليس له خيار.
([66]) أي ولو لغير تجربة، فلا يكون فسخا لخياره كما تقدم.
([67]) لأن الملك انتقل عنه فلا يكون تصرفه استرجاعا، كوجود ماله عند من أفلس.
([68]) أي ويبطل خيار بائع ومشتر مطلقا، -أي سواء كان خيار مجلس، أو خيار شرط- بتلف مبيع بعد قبض للمبيع، وكذا قبله مما هو من ضمان مشتر، بخلاف نحو ما اشترى بكيل، فيبطل بتلفه، ويبطل معه الخيار.
([69]) أي ويبطل خيار بإتلاف مشتر للمبيع مطلقا، أي سواء قبض أو لم يقبض، وسواء اشتري بكيل، أو وزن أولا، لاستقرار الثمن بذلك في ذمته، والخيار يسقطه.
([70]) لأن معنى الخيار تخييره بين فسخ وإمضاء، وهو صفة ذاتية، كالاختيار، فلم يورث، كعلمه وقدرته، ولأنه حق فسخ، لا يجوز الاعتياض عنه، فلم يورث، كخيار الرجوع في الهبة.
([71]) فإن كان طالب به قبل موته ورث.
([72]) أي فإنها لا تورث إلا بطلب المورث لها، قال أحمد: الموت يبطل به ثلاثة أشياء، الشفعة، والحد إذا مات المقذوف، والخيار إذا مات الذي اشترط له الخيار، لم يكن للورثة هذه الثلاثة الأشياء، إنما هي بالطلب فإذا لم يطلب لم يجب، إلا أن يشهد أنه على حقه من كذا وكذا، وأنه قد طلبه، فإن مات بعده كان لوارثه الطلب به، ولا يشترط في غير خيار الشرط.



  #5  
قديم 17 جمادى الأولى 1431هـ/30-04-2010م, 03:09 PM
ريحانة الجنان ريحانة الجنان غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثاني
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 133
افتراضي الشرح المختصر على متن زاد المستقنع للشيخ صالح بن فوزان الفوزان

( الثاني ) (16): أن يَشترطاهُ (17)في الْعَقْدِ(18) مُدَّةً مَعلومةً , ولو طويلةً(19) وابتداؤُها من العَقْدِ(20)، وإذا مَضَتْ مُدَّتُه(21) أو قَطَعَاهُ بَطَلَ(22) ويَثْبُتُ (23)في البيعِ، والصلْحُ بمعناه(24)، والإجارةُ في الذِّمَّةِ(25) أو على مُدَّةٍ لا تَلِي الْعَقْدَ(26)، وإن شَرَطَاهُ لأَحَدِهما دونَ صاحبِه صَحَّ(27)، وإلى الغَدِ أو الليلِ يَسْقُطُ بأَوَّلِه(28)،ولِمَنْ له الْخِيارُ الْفَسْخُ ولو مع غَيْبَةِ الآخَرِ وسَخَطِه(29)، والْمِلْكُ مُدَّةُ الخيارَيْنِ للمُشْتَرِي(30)، وله نَماؤُه الْمُنْفَصِلُ وكَسْبُه(31)، ويَحْرُمُ ولا يَصِحُّ تَصَرُّفُ أحَدِهما في الْمَبيعِ وعِوَضِه الْمُعَيَّنِ فيها بغيرِ إذْنِ الآخَرِ(32) بغيرِ تَجرِبَةِ الْمَبيعِ(33) إلا عِتْقُ الْمُشْتَرِي(34)، وتَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي فَسْخٌ لخِيارِه(35)، ومَن ماتَ منهما بَطَلَ خِيارُه(36).



(16) أي : من أنواع الخيار وهو خيار الشرط سمي بذلك إضافة إلى سببه .
(17) أي : يشترطه المتعاقدان .
(18) أي : في صلب العقد مع الإيجاب والقبول ، ويصح شرطه بعد العقد في مدة خيار اﻟﻤﺠلس أو في مدة خيار الشرط ، ولا يصح اشتراط الخيار قبل العقد .
(19) أي : يثبت الخيار في المدة المعلومة ولو كانت طويلة ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : ((المسلمون على شروطهم )) ، ولا يصح إلى أجل مجهول .
(20) أي : ابتداء مدة خيار الشرط من العقد إن شرط في العقد وإلا فمن حين اشترط في مدة الخيارين كما سبق .
(21) أي : إذا انتهت مدة خيار الشرط لم يفسخ في أثنائها لزم البيع ؛ لئلا يفضي إلى بقائه أكثر من مدته المشروطة وهو لا يثبت إلا بالشرط .
(22) أي : إذا قطع المتعاقدان الخيار بطل مفعوله ولزم البيع ؛ لأن اللزوم هو مقتضى العقد ، وإنما تخلف بالشرط وحيث زال الشرط حصل موجب العقد وهو اللزوم لخوله من المعارض .
(23) أي : خيار الشرط .
(24) أي : ويثبت خيار الشرط في الصلح الذي هو بمعنى البيع وهو الصلح بعوض .
(25) كخياطة ثوب وبناء حائط .
(26) أي : ويثبت خيار الشرط في إجارة عين تتأخر مدﺗﻬا عن العقد بأن تنقضي مدة الخيار قبل دخول مدة الإجارة ، ومثال ذلك لو أجر داراً في سنة ١٤٠١ هجرياً على أن
تبتدئ مدة الإجارة قبل أول سنة ١٤٠٢ ه وشرط الخيار في الفترة التي بين العقد وابتداء مدة الإجارة ، فإن وليت مدة الإجارة العقد لم يصح اشتراط الخيار ؛ لأنه يفوت بعض
المنافع المعقود عليها .
(27) أي : صح الشرط وثبت له الخيار وحده دون صاحبه ؛ لأن الحق لهما فكيفما تراضيا به جاز .
(28) أي : ينتهي الخيار بأول الغد وأول الليل ؛ لأن " إلى " لانتهاء الغاية فلا يدخل ما بعدها فيما قبلها ، والأصل لزوم العقد وليس له معارض .
(29) لأن الفسخ حل عقد جعل إليه فيجوز مع غيبة الطرف الآخر ، كالطلاق مع غيبة الزوجة وسخطها .
(30) أي : ملك المبيع في مدة خيار اﻟﻤﺠلس وخيار الشرط ينتقل للمشتري بالعقد ؛
لقوله صلى الله عليه وسلم (( من باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع ))
رواه مسلم . فجعل المال للمبتاع باشتراطه ، وهو عام في كل بيع فشمل بيع الخيار فمال العبد يكون للمشتري باشتراطه ، مما يدل على أن المبيع يكون له بالعقد ولا يحتاج إلى اشتراط .
(31) أي : للمشتري نماء المبيع المنفصل كالثمرة وله كسب المبيع في مدة الخيارين ؛ لأنه نماء ملكه .
(32) أي : يحرم تصرف البائع والمشتري في المبيع وثمنه غير الثابت في الذمة في مدة
الخيارين بغير إذن الآخر ؛ لأنه ليس ملكًا للبائع فيتصرف فيه ، ولم تنقطع علاقته به فيتصرف فيه المشتري وكذا يقال في ثمنه المعين .
(33) فإن تصرف فيه لتجربته كركوب دابة لمعرفة سيرها وحلبها لمعرفة لبنها لم يبطل خياره بذلك ؛ لأن ذلك هو المقصود من الخيار .
(34) فينفذ مع الحرمة لقوته وسرايته .
(35) وإمضاء للبيع ؛ لأنه دليل الرضا .
(36) سواء كان البائع أو المشتري فلا يورث ؛ لأنه يختص به .




  #6  
قديم 14 ربيع الثاني 1432هـ/19-03-2011م, 04:03 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

الثّانِي: أنْ يَشْتَرِطَاهُ فِي العَقْدِ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَلَو طَوِيْلَةً وابتِدَاؤُهَا مِن العَقْدِ.
قوله: «الثاني» أي من أقسام الخيار.
قوله: «أن يشترطاه» «الثاني» : مبتدأ، وجملة «أن يشترطاه» ، «أن» وما دخلت عليه في تأويل المصدر خبر المبتدأ، فنفهم من قول المؤلف: «الثاني: أن يشترطاه» أن هذا القسم خيار شرط، أي: الأصل عدمه إلا إذا اشترط؛ لأن إضافته إلى الشرط من باب إضافة الشيء إلى سببه، فهذا خيار الشرط.
وقوله: «أن يشترطاه» الفاعل المتبايعان فلا بد أن يكون الشرط من البائع والمشتري، والمفعول به الهاء تعود على الخيار، وهذا القسم دل عليه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل)) [(1)]، فمفهوم هذا الحديث أن كل شرط في كتاب الله فهو صحيح، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: ((المسلمون على شروطهم)) [(2)]، ويمكن أن يستدل له من القرآن في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] ، والأمر بالوفاء بالعقد أمر بالوفاء بالعقد وما يشترط فيه؛ لأن الشروط التي في العقد أوصاف في العقد.
قوله: «في العقد» في للظرفية، فيقتضي أن يكون هذا الشرط في نفس العقد، أي: في صلب العقد، وليس قبله وليس بعده، لكن تقييد ذلك في صلب العقد فيه نظر.
والقول الثاني : أنه يصح في صلب العقد، وفي زمن الخيارين؛ لأن حال الخيار كحال العقد.
والقول الثالث : أنه يصح قبل العقد وفي صلب العقد وفي زمن الخيارين؛ لأن الحق لهما، فإذا اشترطاه، ورضي كل واحد منهما بذلك فلا بأس، فلو قال: أنا أشتري منك البيت، لكن اجعل لي الخيار لمدة شهر، فقال: لا بأس، ثم قال: بعتك البيت بمائة ألف، فقال: قبلت، فهنا يصح الشرط؛ لأنه حق لهما وقد اتفقا عليه، وهذا مثل ما سبق في الشروط في البيع.
إذاً قول المؤلف: «في العقد» ، يقتضي أنه لا يصح شرطه قبل العقد ولا بعد العقد، وظاهره ولو في زمن خيار المجلس أو الشرط.
فلو اتفقا على الشرط قبل العقد ما صح؛ لأنه إضافة شرط قبل وجود السبب، والسبب هو العقد، ولا خيار بدون عقد، والشيء قبل وجود سببه ملغى ولا عبرة به، ولو اتفقا عليه بعد انتهاء زمن الخيار ـ أيضاً ـ لا يصح؛ لأنه إلحاق شرط بعد اللزوم، واللازم لا ينقلب جائزاً، وهذا الشرط مخرج للعقد عن مقتضاه الشرعي فلا يصح.
والصحيح أنه يصح قبل العقد؛ لأننا نقول: العقد هنا مبني على اتفاق سابق، وأنتم تجوِّزون في باب النكاح لو اشترط الزوج على الزوجة شرطاً، أو الزوجة على الزوج شرطاً قبل العقد فإنه يصح، وكذلك في شروط البيع السابقة إذا شرطت قبل العقد، فإن فيها وجهاً قوياً بالصحة، وعلى هذا نقول: الخيار نوع من الشروط، ولا فرق، ما دمنا نحن متفقين عند العقد أن لكل واحد منا الخيار شهراً، ما الذي يبطل هذا؟! وقد قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] .
كذلك ـ أيضاً ـ الخيار بعد اللزوم، فاللزوم بالتفرق ـ مثلاً ـ من حق المتعاقدين، فإذا رضيا بعد التفرق أن يجعلا أجلاً معيناً لكل منهما الخيار فهو من حقهما، مثل ما يجوز أن يجعلا هذا الخيار عند العقد، فما الذي يمنعه بعد لزومه وهو من حقهما؟! فالصواب في هذه المسألة أنهما إذا ألحقا شرط الخيار بعد لزوم البيع فلكل منهما الخيار، فإن قال قائل: هذا يقتضي أن يكون العقد اللازم جائزاً، وهذا ينافي حكم الشرع.
قلنا: المنافاة نوعان: منافاة مطلقة ومطلق منافاة، أما المنافاة المطلقة، فنعم لا تصح، وأما مطلق المنافاة فتصح، فهنا سيجعل عقد البيع جائزاً إلى مدة لا دائماً، أليس الرجل إذا اشترى شيئاً ملكه ومنافعه من حين العقد، ومع ذلك لو شرط البائع منافع المبيع لمدة سنة فإنه يجوز، وهنا نافى مطلق العقد لا العقد المطلق، لأنه لو كان العقد على كماله وتمامه ما استحق البائع المنافع ولو يوماً واحداً، ثم هذا قد تدعو الحاجة إليه.
وكذلك يصح شرط الخيار مع العقد، وبعد العقد، وزمن الخيار، إما خيار الشرط وإما خيار المجلس، لكن كيف في خيار الشرط؟ الجواب: أن يدخل شرطاً على آخر، مثل: أن يقول: اشتريت منك هذا البيت ولي الخيار ثلاثة أيام، فلما صار اليوم الثالث، قال: أريد أن أمدد الخيار إلى ستة أيام فله ذلك؛ لأن العقد لم يلزم الآن، فلا يلزم إلا بعد انتهاء مدة الخيار.
قوله: «مدة معلومة ولو طويلة» علم من هذا أنه لا بد أن تكون المدة معلومة، بأن يقول: إلى دخول شهر رجب أو يوم كذا أو سنة كذا، لو قال إلى وقت الحصاد والجذاذ، فالمذهب أنه لا يصح؛ لأن الحصاد يختلف، فمن الناس من يحصد مبكراً، ومنهم من يحصد متأخراً، وكذلك الجذاذ ـ جذاذ النخيل ـ يختلف فلا يصح؛ لأنه غير معلوم، والقول الثاني يصح ويكون الحكم متعلقاً بغالبه أو بأوله والمسألة متقاربة، وهذا هو الصحيح.
وقوله: «مدة معلومة» يُخرج المدة المجهولة، واختار ابن القيم أنه تجوز المدة المجهولة إذا كان لها غاية مثل أن يقول: أبيعك هذا البيت ولكن لي الخيار حتى أشتري بيتاً، فهذا له غاية، ولكن وإن قلنا: إن هذا له وجه ينبغي أن يحدد أعلاه بأن يقول: لي الخيار حتى أشتري بيتاً ما لم يتجاوز الشهر مثلاً؛ دفعاً للمماطلة.
والمدة إذا كانت مجهولة دخل ذلك في الغرر، وقد صح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه نهى عن بيع الغرر[(3)]؛ ولأن المدة المجهولة يحصل فيها نزاع وخصومة، وكل شروط أو عقود تستلزم ذلك فإنها ملغاة في الشرع.
فإن شرطاه إلى مدة مجهولة وتبايعا على ذلك، وقلنا: إن الخيار فاسد، فهل لمن فات غرضه الخيار؟
نعم، سبق لنا في باب الشروط في البيع أن كل شرط فاسد لا يفسد العقد، فإن من اشترطه له الخيار إذا فات عليه.
وقوله: «مدة معلومة ولو طويلة» أي لو فرض أنه جعل خيار الشرط لمدة شهر أو سنة أو سنتين فلا بأس.
فإن قال قائل: إن هذا الشرط ليس في كتاب الله، لأنه يستلزم أن يكون العقد اللازم عقداً جائزاً؛ لأنه لو كان مدة الخيار شهراً ـ مثلاً ـ فلكل منها أن يفسخ، فهذا يكون منافياً لمقتضى العقد فيكون باطلاً.
فالجواب: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أجاز للمتعاقدين إسقاط خيار المجلس، وفي إسقاط خيار المجلس تنقيص للمدة التي يكون العقد فيها جائزاً، وهذا فيه زيادة للمدة التي يكون العقد فيها جائزاً ولا فرق بين الزيادة والنقص، بل قد يقال: إن الزيادة أرفق بالمتعاقدين من قطع ما هو لهما.
وظاهر كلام المؤلف: حتى فيما يفسد قبل تمام المدة، مثل أن يشتري منه بطيخاً، وقال: لي الخيار لمدة أسبوع فيصح، فإذا خيف فساده بيع، ثم إن أُمضي البيع فالقيمة للمشتري، وإن فسخ البيع فالقيمة للبائع، ويرجع المشتري بثمنه، هكذا قالوا.
ولكن لو قيل: إنه إذا شرط الخيار في شيء يفسد قبل تمام المدة لا يصح لكان له وجه؛ لأنه إذا بيع فإن كانت القيمة أكثر، فسوف يختار المشتري الإمضاء، وإن كانت أقل فسوف يختار الفسخ، وحينئذٍ يكون ضرر على أحد الطرفين.
قوله: «وابتداؤها من العقد» أي: ابتداء مدة الخيار من العقد؛ لأنها شرطت في العقد فيكون ابتداؤها من العقد، فإذا عقد في تمام الساعة الثانية عشرة عند زوال الشمس، وجعل الخيار يوماً فانتهاؤه عند الساعة الثانية عشرة من اليوم التالي.
فإن قيل: ألا يقال: ابتداؤها من التفرق؛ لأن ما قبل التفرق ثابت بالشرع لا بالشرط؟
فيقال: بل من العقد؛ لأنه لا يمنع أن يتوارد سببان على شيء واحد فيكون ما بين العقد والتفرق ثابتاً بالشرع والشرط، ولا مانع.
لكن إن قال: لي الخيار ثلاثة أيام بعد التفرق فحينئذٍ يكون ابتداؤه من التفرق، على أنه لو قال قائل: لي ثلاثة أيام من التفرق لا يصح؛ لأن التفرق أمده مجهول، فيكون الأمد الذي قيد ابتداؤه به مجهولاً، لكن مثل هذا يتسامح فيه، وغالباً أن التفرق يكون قريباً.
وقوله: «ابتداؤها من العقد» لو شرط الخيار بعد العقد بساعة وهما في مكان البيع، فهل تبتدئ المدة من العقد أو من حين الشرط؟ نقول: من حين الشرط، لكن المؤلف قال: «من العقد» ؛ لأنه يرى أن خيار الشرط إنما يكون في صلب العقد، ولهذا قال: «وابتداؤها من العقد» .

وَإِذَا مَضَتْ مُدَّتُهُ أَوْ قَطَعاهُ بَطَلَ وَيَثْبُتُ فِي البَيْعِ والصُّلْحِ بِمَعْنَاهُ، وَالإجَارَةِ فِي الذّمّة، أو عَلَى مُدّةٍ لاَ تَلِي الْعَقْدَ ..........
قوله: «وإذا مضت مدته» أي: مدة خيار الشرط.
قوله: «أو قطعاه بطل» «بطل» جواب الشرط للمسألتين كلتيهما، أي: المسألة الأولى «إذا مضت مدته»، والمسألة الثانية «إذا قطعاه»، ولا يصح أن نقول: إذا مضت مدته بطل؛ لأنه تمت المدة ومضت على أنها صحيحة، فلو قال: إذا مضت مدته لزم البيع، وإن قطعاه بطل لكان أحسن؛ لأن بطلانه بعد تمامه لا وجه له، لكن قد يعتذر عن المؤلف ـ رحمه الله ـ بأنه أراد بذلك الاختصار.
وكذلك ـ أيضاً ـ لو قطعاه، أي: في أثناء المدة اتفقا على إلغاء الخيار فإن ذلك صحيح؛ لأن الحق لهما، مثل: أن يقول: اشتريت منك هذا الشيء ولي الخيار لمدة شهر، وفي أثناء الشهر قالا: نريد إلغاء هذا الشرط، حتى يكون لنا التصرف الكامل فلا بأس.
مثال آخر: بعت هذا البيت على رجل بمائة ألف والخيار لمدة شهر، وبعد مضي نصف الشهر جاء إليَّ المشتري، وقال: نريد أن نقطع الخيار حتى أتصرف بما شئت، وأنت ـ أيضاً ـ تتصرف في الثمن، فوافق البائع فإنه يكون ملغى ويبطل؛ ووجه ذلك أن الحق لهما، فإذا أسقطاه سقط ولا محذور في إسقاطه، فإن مات أحدهما فإن الخيار يكون لورثته؛ لأن المبيع انتقل بحقوقه إلى ورثته، فيكون الخيار لهم.
قوله: «ويثبت في البيع والصلح بمعناه» سبق أن خيار المجلس يثبت في البيع، ويثبت ـ أيضاً ـ في الصلح بمعناه، وقد سبق ـ أيضاً ـ معنى الصلح بمعناه، وهو الصلح على إقرار، مثل أن يقر له بعين أو بدَين، ثم يصالحه على بعضه أو على عين أخرى، أو ما أشبه ذلك، فهذا صلح بمعنى البيع.
قوله: «والإجارة في الذمة» الإجارة في الذمة، مثل أن يؤجره على خياطة ثوب، فيقول: خط لي هذا الثوب بعشرة ريالات، فهذه إجارة على عمل في الذمة، فقال: لي الخيار لمدة يومين فالشرط صحيح، لأنه لا محظور فيه؛ إذ إن هذه إجارة على عمل، والعمل يثبت في الذمة.
قوله: « أو على مدة لا تلي العقد» إذا كان على مدة بأن قال: أجّرتك هذا البيت بمائة ريال سنة من الآن، فإن كانت تلي العقد فإن خيار الشرط فيها لا يصح، وإن كانت لا تلي العقد فإنه يصح، ولو قال المؤلف: ابتداؤها بعد انتهاء الخيار لكان أوضح، وهذا يخالف خيار المجلس؛ لأن خيار المجلس يثبت في الإجارة على المدة مطلقاً، أما خيار الشرط فيثبت في الإجارة على مدة بشرط أن تكون ابتداء المدة بعد انتهاء زمن الخيار، على رأي المؤلف.
مثال الإجارة على عمل: قال: آجرتك على أن تحمل لي الحطب إلى بيتي، قال: لا بأس، وتم العقد على أن له الخيار لمدة يوم أو يومين، فيصح الشرط؛ لأنه على عمل وليس فيه ضرر ولا تفوت منفعة وليس فيها محظور إطلاقاً.
مثال على المدة: قال: آجرتك هذا البيت لمدة سنة بمائة ريال، وابتداء المدة من العقد، قال: لا بأس لكن لي الخيار لمدة عشرة أيام، فهذا لا يصح الشرط.
مثال آخر: قال: آجرتك بيتي هذا لمدة سنة بمائة ريال، على أن تبتدئ المدة في أول يوم من رجب، والخيار بيننا إلى خمس وعشرين من شهر جمادى الثانية، ونحن الآن في الليلة الثانية عشرة، فيجوز؛ لأن ابتداء مدة الإيجار بعد انتهاء مدة خيار الشرط وليس فيها ضرر.
ولكن لماذا لا يصح خيار الشرط في إجارة تبتدئ من العقد؟
التعليل؛ لأن ذلك يؤدي إلى أحد أمرين: إما تعطيل المنافع، أو استيفاؤها في مدة الخيار، وكلاهما لا يجوز.
الآن إذا قلت: أجرتك بيتي لمدة سنة بعشرة آلاف على أن لي الخيار شهراً، هذا الشهر الذي يمضي ما ندري هل يكون لصاحب البيت أو يكون للمستأجر؟ لأنه إن بقيت الإجارة صار للمستأجر، وإن فسخت الإجارة صار لصاحب البيت، وحينئذٍ تكون هذه المدة التي فيها الخيار لا يعلم لمن هي، فكان الأمر متردداً بين أن تكون الإجارة في مدة الخيار للمؤجر أو للمستأجر، وهذا يؤدي إلى الغرر وما أدى إلى الغرر فهو باطل.
وهذا التعليل عليل، والصحيح أنه يجوز اشتراط الخيار، ولو على مدة تلي العقد، ولو في خيار لا ينتهي إلا بعد بدء المدة التي لا تلي العقد.
مثال ذلك: قال: آجرتك بيتي مدة سنة بمائة ريال، ابتداء من اليوم، قال: نعم لكن لي الخيار لمدة شهر، فعلى كلام المؤلف وهو المذهب لا يصح؛ لأن المدة تلي العقد، وعلى القول الراجح يصح، فالعقد تم وسكن المستأجر، وبعد مضي عشرين يوماً فسخ الإجارة، فنقول: لا بأس، وعليك أجرة المثل في المدة التي سكنتها، فالآن لم يفت شيء لا على المستأجر ولا على المؤجر، وإنما قلنا: على المستأجر أجرة المثل وليس عليه القسط من الأجرة؛ لأن العقد بعد فسخه رُفع من أصله وتبين أنه لا عقد، والإنسان إذا استوفى منافع من غيره فعليه أجرة مثله، وهذا القول هو الصحيح في هذه المسألة؛ لأن هذا في الحقيقة لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً، ولا يضيع لأحدهما حقاً، وكل منهما رضي بهذا الشرط؛ لأنه في الحقيقة سوف يعطي صاحب البيت حقه، وسوف يستوفي المستأجر حقه أيضاً، فليس فيه غرر.
وهذا قد تدعو الحاجة إليه، فقد تدعو الحاجة إلى أن يستأجر هذا البيت لمدة سنة بكذا وكذا، يقول: ولي الخيار لمدة شهر؛ لأن بيتي الآن يعمر وربما ينتهي قبل الشهر، فالصواب أنه يصح خيار الشرط، ولو على مدة تلي العقد، أو على مدة تبتدئ قبل انتهاء وقت خيار الشرط، وإذا فسخ من له الخيار، فإن المدة التي سكنها تقدر عليه بأجرة المثل.
وسكت المؤلف عن أشياء مرت في خيار المجلس ولم يذكرها، مثل الصرف، فذكر أن خيار الشرط يثبت في البيع ولم يذكر أن خيار الشرط يثبت في الصرف؛ لأنه يشترط في الصرف التقابض قبل التفرق؛ لأن الشارع إنما اشترط القبض قبل التفرق؛ لئلا يبقى لكل منهما علقة فيما تصرف فيه، فشرط الخيار ينافي ذلك، فلهذا لا يصح خيار الشرط فيما قَبْضُهُ قبل التفرق شرط لصحته.
ولكن الصحيح ثبوته في الصرف، ونقول: اقبضا قبل التفرق، ويبقى بأيديكما على حسب ما اشترطتما، فإما أن تمضيا البيع، وإما أن تفسخاه؛ لعموم قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((المسلمون على شروطهم)) [(4)]، وقوله: ((كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط)) [(5)].
وَإِنْ شَرَطَاهُ لأحَدِهمَا دُونَ صَاحِبِه صَحّ، وَإِلَى الغَدِ أوْ اللّيْلِ يَسْقُطُ بِأوَّلِهِ وَلِمِنْ لَهُ الخِيَارُ الفَسْخُ وَلَوْ مَع غَيْبَة الآخَرِ وَسَخَطِهِ، وَالمِلْكُ مُدَّةَ الخِيَارَينِ لِلمُشْتَرِي .....
قوله: «وإن شرطاه لأحدهما دون صاحبه صح» الألف في قوله: «شرطاه» تعود على المتعاقدين، والضمير «الهاء» يعود على خيار الشرط، أي: شرط المتبايعان الخيار «لأحدهما» ، أي: للبائع أو للمشتري، «دون صاحبه» صح وسقط خيار الآخر.
ويدل لذلك ما سبق من أدلة جواز خيار الشرط مثل قوله صلّى الله عليه وسلّم: ((المسلمون على شروطهم))، ويدل عليه ـ أيضاً ـ حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: «أو يخير أحدهما صاحبه» [(6)]، فما دام الحق لهما، وشرطاه لأحدهما دون الآخر فهو صحيح، وإن لم يشترطاه لأحدهما، ولا لهما نفذ البيع، فلا خيار.
قوله: «وإلى الغد أو الليل يسقط بأوله» أي إذا قال: لي الخيار إلى الغد، أو لي الخيار إلى الليل فيسقط بأوله؛ لأن الغاية ابتداؤها داخل وانتهاؤها غير داخل، فإذا قال: «إلى الغد» لم يدخل الغد، فينتهي الخيار بطلوع الفجر.
و«إلى الليل» لا يدخل الليل، فينتهي الخيار بغروب الشمس؛ لقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] .
وقال بعض العلماء: يرجع في ذلك إلى العرف، فإذا قال: إلى الغد، فيمكن أن يحمل على ابتداء السوق، وابتداء الأسواق في الغالب لا يكون من أذان الفجر؛ بل من ارتفاع الشمس، وخروج الناس إلى الأسواق.
وهذا هو الصحيح، فإذا كان عرف التجار أنهم إذا قالوا: «إلى الغد» ، أي: إلى افتتاح السوق، فالأمد إلى افتتاح السوق، نعم إذا لم يكن هناك عرف أو كان العرف غير مطرد فنرجع إلى اللغة، واللغة أن الغد يبتدئ من طلوع الفجر، وإلى الليل إلى غروب الشمس، فإن قدر أن هناك عرفاً يجتمع التجار فيه بعد العشاء، ويرون أن الآجال المؤجلة في الليل، أي: جلسة ما بعد العشاء فإنه يتقيد به، وهذه قاعدة ينبغي أن نعرفها «أن المرجع فيما يتداوله الناس من الكلام والأفعال إلى العرف»، فإن لم يكن عرف أو كان العرف مضطرباً، رجعنا إلى اللغة ما لم يكن للشيء حقيقة شرعية، فإن كان للشيء حقيقة شرعية، فهي مقدمة على كل الحقائق.
قوله: «ولمن له الخيار الفسخ ولو مع غيبة الآخر وسخطه» أي: الذي له الخيار سواء كان البائع أو المشتري أو كليهما، فله الفسخ، سواء كان بحضور الآخر أو غيبته أو رضاه أو كراهته؛ لأن الحق له، فإذا تبايعا هذه الدار وجعلا الخيار لهما لمدة عشرة أيام، ثم إن أحدهما فسخ، فقال الآخر: لا أرضى أنا لي الخيار أيضاً، وأنا لم أفسخ فينفسخ ولو لم يرض، ولا يشترط أيضاً علم الآخر بالفسخ؛ لأن القاعدة الفقهية: «أن من لا يشترط رضاه لا يشترط علمه»، ولهذا يجوز للرجل أن يطلق زوجته وإن لم تعلم؛ لأنه لا يشترط رضاها، وإذا لم يشترط رضاها، فلا فائدة من اشتراط العلم.
ولكن كيف يفسخ في غير حضرته؟
الجواب: يُشهد أو يكتب كتابة ويرسلها له بالبريد أو يودعها عند إنسان ثقة، على أنه في اليوم الفلاني قد فسخ عقد البيع الذي اتفق عليه مع فلان... إلخ.
وقوله: «ولو مع غيبة الآخر وسخطه» والتعليل ما يلي:
أولاً: لأن الحق له.
ثانياً: أنه لا يشترط علم صاحبه، فلا يشترط رضاه، ولهذا يجوز أن يفسخ ولو مع غيبة صاحبه، لكن ينبغي أن يقال: يشهد على الفسخ؛ لئلا يقع النزاع بين البائع والمشتري، فيحصل في ذلك فتنة وعداوة وبغضاء.
قوله: «والملك مدة الخيارين للمشتري» فالمِلك، أي: ملك المبيع و «مدة الخيارين» ، أي: خيار المجلس، وخيار الشرط «للمشتري» [(7)]، وإن لم تتم مدة الخيار فله غنمه وعليه غرمه، ولهذا لو تلف ولو بدون تعد أو تفريط، فالضمان على المشتري؛ لأنه ملكه، والدليل على هذا أمران: الأثر والنظر.
أما الدليل الأثري: فقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((من باع عبداً وله مال فماله للذي باعه إلا أن يشترطه المبتاع)) [(8)]، فقوله: ((ماله للذي باعه)) ، أي: من حين العقد؛ لأن البيع يتم بمجرد الإيجاب والقبول ((إلا أن يشترطه المبتاع)) فيكون للمبتاع الذي هو المشتري؛ لأن أصل هذا المال وهو العبد ملك للمشتري بمجرد العقد، هذا هو الدليل والدلالة فيه خفية جداً، فكون المال لم يدخل للمشتري إلا بشرطه، يدل على أن العبد قد دخل ملكه بدون شرط بل بمجرد العقد.
ولهذا اختلف العلماء في هذه المسألة، هل الملك مدة الخيارين للبائع أو للمشتري أو في ذلك تفصيل؟
فقيل: إنه للبائع؛ لأن البيع لم يلزم بعد؛ إذ أنه لا يلزم حتى تتم المدة قبل الفسخ، وعلى هذا فيكون الملك للبائع.
وقيل: إنه منتظر، فإن تبين الإمضاء فهو للمشتري، وإن فسخ فهو للبائع، وهذا القول من حيث النظر قوي، لكن قد يقال: إن الحديث مقدم على النظر، وهو أن الملك يثبت بمجرد البيع والشراء، يعني بمجرد الإيجاب والقبول، فهذا هو الدليل الأثري.
أما الدليل النظري: فلأن هذا المبيع لو تلف لكان من ضمان المشتري، وإذا كان من ضمانه فكيف نجعل عليه الغرم، ولا نجعل له الغنم؟! فالصحيح ما ذهب إليه المؤلف ـ رحمه الله ـ أن الملك من حين تمام القبول بعد الإيجاب يكون للمشتري.
وَلَهُ نَماؤُهُ المُنْفَصِلُ وَكسْبُهُ، وَيَحْرُمُ وَلاَ يَصِحُّ تَصَرُّفُ أحَدِهِمَا فِي الْمَبِيعِ وَعِوَضِه المُعَيَّنِ فِيْهَا
قوله: «وله نماؤه المنفصل» «له» أي: للمشتري «نماؤه» أي: نماء المبيع، «المنفصل» الذي ينفصل عن المبيع، احترازاً من المتصل، فالمنفصل على اسمه، ما ليس متصلاً بالمبيع، مثل: اللبن، والولد، والثمرة، والنماء المتصل ما لا يمكن انفكاكه عن الأصل، مثل: السمن، وتعلم الصنعة، والصحة بعد المرض، وزوال العيب بعد وجوده، هذا نسميه نماء متصلاً؛ لأنه لا يمكن انفكاكه عن العين، فالنماء المنفصل للمشتري، والنماء المتصل للبائع.
مثال ذلك: اشترى شاة بمائة درهم، واشترط الخيار لمدة شهر، وهذه الشاة فيها لبن، ويأخذ منها كل ليلة ما شاء الله من اللبن، فاللبن للمشتري؛ لأنه نماء منفصل.
وهذه الشاة سمنت وصارت ذات لحم وشحم، فهذا الشحم واللحم للبائع؛ لأنه نماء متصل لا يمكن تخليصه من الأصل، فيكون تبعاً له ويثبت في التابع ما لا يثبت في المستقل.
ولو اشترى شاة حاملاً وفي أثناء الخيار وضعت؟
نقول: إن نشأ الحمل في زمن الخيار فهو نماء منفصل للمشتري، وأما إذا كان قد وقع عليه العقد فهو أحد المبيعين، فيكون للبائع؛ ولهذا لو ردها لرد الولد معها لأن الولد قد وقع عليه العقد.
قوله: «وكسبه» أي: الذي يحصله المبيع، إذا قدر أن المبيع عبد واشترط المشتري الخيار لمدة أسبوع، وفي هذا الأسبوع كسب العبد بأن باع واشترى، فكسب في مدة الأسبوع مثلاً ألف درهم، فالألف للمشتري؛ لأن الكسب نماء منفصل.
وهذا العبد اشتراه وهو هزيل؛ لأنه يأكل وجبة ويحرم من وجبة عند بائعه، فلم يكن عليه لحم، فجاء عند المشتري ووجد ما شاء الله من الأكل، وراحة البال، فسمن في خلال أسبوع فهذا النماء للبائع؛ لأنه تابع ولا يمكن فصله عن الأصل، هذا ما ذهب إليه المؤلف.
وعن الإمام أحمد رواية، أن النماء المتصل لمن حصل في ملكه، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وقال: هذا حصل من عمل المشتري الذي هو في ملكه «والخراج بالضمان» [(9)]، أي: من عليه ضمان شيء فله خراجه، والنماء المتصل قد يكون أهم من المنفصل فيكون للمشتري، وإذا كان للمشتري فإذا فسخ البيع يُقَوَّمُ حين العقد، وهو هزيل وحين فسخ البيع وهو نشيط أحمر أزهر سمين، فالفرق نصف القيمة، فتكون نصف القيمة للمشتري، لكن إذا قال البائع: أنا لا أقبل، خذ نماءك المتصل، فماذا نفعل؟ هل نفعل كما فعل سليمان فنقول: ائت بالسكين أم ماذا نعمل؟ نقول: يلزمك ولا بد.
قوله: «ويحرم ولا يصح تصرف أحدهما» رتب على التصرف حكمين: التحريم، والفساد، كلمة تحرم غير كلمة لا يصح؛ لأنه لا يلزم من التحريم عدم الصحة، ويلزم من عدم الصحة التحريم، والدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم: ((لا تَلقوا الجَلَب فمن تلقى فاشترى منه، فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار)) [(10)]، فهذا تحريم والعقد الصحيح، لأن قوله: ((فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار)) ، يدل على صحة العقد؛ إذ لا خيار إلا بعد صحة العقد؛ لأن الخيار فرع عن الصحة، والدليل على أن كل شيء لا يصح فهو حرام، قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط)) [(11)]، قال ذلك محذراً من الشروط التي ليست في كتاب الله.
الأول: يسمى عند الأصوليين حكماً تكليفيّاً، والثاني: يسمى حكماً وضعيّاً؛ لأن عندهم ما ترتب عليه الثواب والعقاب، أو انتفى عنه الثواب والعقاب فهو تكليفي، وما كان صحة أو فساداً أو شرطاً أو مانعاً فهو وضعي.
وقوله: «ويحرم ولا يصح تصرف أحدهما» فيه تنازع بين يحرم ويصح فأيهما يعمل؟
الجواب: يجوز هنا هذا وهذا؛ لأن الضمير ليس ضميراً ظاهراً وإنما هو مستتر.
وقوله: «تصرف أحدهما» يعني البائع والمشتري؛ لأن البائع لو تصرف وأنفذنا تصرفه جَنَينا على المشتري، والمشتري لو تصرف وأنفذنا تصرفه جنينا على البائع، وعلى هذا فنقول: لا يجوز أن يتصرف لا البائع ولا المشتري في المبيع في مدة الخيار.
قوله: «في المبيع» أي: المنتقل من البائع للمشتري.
وظاهر كلام المؤلف أنه لا يصح مطلقاً حتى في التأجير، وأن ما يمكن تأجيره يبقى معطلاً، فالبيت مثلاً يبقى لا يؤجر؛ لأن التأجير نوع من التصرف، ولأنه إذا أجره ثم اختار البائع الفسخ تعلق به حق المستأجر فيمنعه بعض الحق، ولكن الصحيح أنه يصح تأجيره؛ لأن تأجيره خير من بقائه هدراً، ثم إن أمضي البيع فالأجرة للمشتري وإن فسخ فالأجرة للبائع.
قوله: «وعوضه المعين فيها» أي: المنتقل من المشتري إلى البائع، فالمؤلف قيد العوض الذي هو الثمن بكونه معيناً؛ لأن الثمن الذي في الذمة يتصرف فيه المشتري كما يشاء، فلو قال مثلاً: اشتريت منك هذه الساعة بعشرة ريالات، فالمبيع هنا معين والثمن مقدر ولكنه غير معين، فلم يقل له: بهذه العشرة، وتثبت العشرة في ذمة المشتري؛ لأنه غير معين، فلو كان المشتري في جيبه عشرة ريالات وكان في نيته أن يدفع هذه العشرة قيمة للساعة، ثم إن العشرة سرقت فلا ينفسخ البيع؛ لأن الثمن ليس العشرة التي في الجيب، بل هي في الذمة.
مثال المعين: أن يقول: اشتريت منك هذه الساعة بهذه العشرة، فوقع العقد الآن على عين العشرة، كما وقع على عين الساعة، وعلى هذا فيكون الثمن إما في الذمة، وإما معيناً.
والذي يحرم هو التصرف في الثمن المعين، أما الذي في الذمة فإن المشتري حر حتى يسلمه للبائع.
وفي المثال الذي ذكرتُ: اشتريت منك هذه الساعة بعشرة ريالات وهو ينوي أن ينقد العشرة التي في جيبه ثمناً للساعة، هل يمكن أن يتصرف في هذه العشرة؟
الجواب: نعم، لكن لو قال: بهذه العشرة ثم وضعها في جيبه، فإنه لا يمكن أن يتصرف فيها؛ لأنه لما وقع العقد على عين الثمن صار ملكاً للبائع بمجرد العقد، كما يكون المبيع الذي وقع العقد على عينه ملكاً للمشتري بمجرد العقد.
وهل يمكن أن يكون المبيع في الذمة؟
الجواب: نعم يمكن، فالسلم كان الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ يسلفون في الثمار السنة والسنتين[(12)]، والثمار معلوم أنها في الذمة، إذاً كل من الثمن والمثمن يمكن أن يكون في الذمة، فما كان في الذمة فإن صاحبه يتصرف فيه كما يشاء، وما كان معيناً فإنه لا يتصرف فيه من انتقل ملكه عنه، فالمشتري لا يتصرف في الثمن والبائع لا يتصرف في المبيع.
وقوله: «وعوضه» يشمل ما إذا كان العوض نقداً كما لو قال: اشتريت هذا البيت بهذه الدراهم، أو غير نقد كما لو قال: اشتريت هذا البيت بهذه السيارة، ولهذا قال المؤلف: «بعوضه»، ولم يقل: والدراهم المعينة، حتى يشمل ما إذا كان العوض دراهم أو أعياناً أخر.
بَغَيْرِ إِذْنِ الآخَرِ بِغَيْرِ تَجْرِبَةِ المَبِيْعِ إِلاَّ عِتْقَ المُشْتَرِي وَتَصَرُّفُ المُشْترِي فَسْخٌ لِخِيَارِهِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمَا بَطَلَ خِيَارُه.....................
قوله: «بغير إذن الآخر» فإن أذن أحدهما أن يتصرف الآخر في هذا بإجارة أو بإعارة أو بمنفعة فلا حرج، أما بغير إذن فلا.
قوله: «بغير تجربة المبيع» إذا كان تصرف المشتري بتجربة المبيع بأن كان فرساً فيُجرَّب عَدْوُهُ وامتثالُه للأمر، وإذا كانت سيارة يجربها إذا كانت تمشي أو لا جاز؛ فتصرف المشتري في المبيع من أجل التجربة جائز.
وهل من التجربة أن يحلب الشاة أو البقرة؟
الجواب: نعم؛ لأن بعض البقر إذا أردت أن تحلبها فإنها تضربك برجلها، فلا تتمكن من الحلب وكذلك بعض الغنم، وكذلك بعض الإبل، فإذا حلبها للتجربة فلا بأس، وهل يبطل خياره إذا كانت للتجربة؟
الجواب: لا؛ لأنه قد يكون من أسباب اشتراط الخيار تجربة المبيع.
وهل يصح التصرف مع البائع بتأجير أو بيع؟
نعم يجوز؛ لأن قبوله لهذا التصرف إذن لا شك فيه؛ فصار التصرف الجائز في ثلاثة أمور: إذا أذن من له الحق، وإذا كان التصرف مع من له الحق، وإذا كان التصرف لتجربة المبيع.
قوله: «إلا عتق المشتري» «عتق» مصدر مضاف إلى الفاعل، أي: إذا اشترى عبداً واشترط البائع الخيار أو المشتري، فإنه يجوز للمشتري أن يعتق العبد.
هل يحرم أو لا؟
ظاهر كلام المؤلف أنه لا يحرم ويصح.
وقيل: إنه يحرم ويصح وهذا المذهب.
وقيل: يحرم ولا يصح.
وتعليل المذهب أن للعتق نفوذاً قوياً فينفذ، ولذلك لو أن الرجل أعتق نصيبه من عبد، بأن يكون عبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه من العبد، فإن العبد يعتق كله، ويلزم هذا المعتِقُ بدفع قيمة نصيب صاحبه إليه، لقوة نفوذ العتق؛ ولأن الشارع يتشوَّف إلى العتق تشوفاً كبيراً، ويحرم لأنه تصرف بغير إذن صاحبه فهو إسقاط لحقه؛ لأنه إذا أعتقه لا يمكنه أن يفسخ البيع.
ولكن الصحيح أنه يحرم ولا يصح ولا يستثنى العتق، فالعتق كغيره من التصرفات، أما كونه يحرم؛ فلأنه اعتداء على حق صاحبه، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام)) [(13)]، وهذا من الاعتداء على الأموال، وأما كونه لا يصح فلقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) [(14)]، وليس أمر الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم على العدوان على الناس، بل العكس، وعلى هذا فلا يصح.
وهناك ـ أيضاً ـ تعليل فيقال: إن العتق يقع قربة لله ـ عزّ وجل ـ وهل يمكن أن يتقرب إلى الله بمعصيته؟! لا يمكن فهذا تضاد ونوع من الاستهزاء بشريعة الله.
وقوله: «إلا عتق المشتري» لو أن البائع أعتق العبد فلا يصح، والفرق بين البائع والمشتري، أن المشتري قد انتقل إليه الملك، وأما البائع فليس له ملك في هذا المبيع، فلهذا صح عتق المشتري دون عتق البائع.
قوله: «وتصرف المشتري فسخ لخياره» أي: إذا تصرف المشتري في المبيع الذي اشترط فيه الخيار له وحده، فإن تصرفه فسخ لخياره، ويؤخذ من كلام أهل العلم هنا أن الفسخ يثبت بما دل عليه من قول أو فعل.
مثال ذلك: اشترى الرجل بيتاً من شخص واشترط الخيار لمدة شهر، وفي أثناء الشهر آجَره من يسكنه فيبطل خياره، فإن قال: أنا ما أبطلت الخيار؟ نقول: تصرفك دليل على رضاك به، وأنك أسقطت الخيار، وكذلك البيع مع اشتراط الخيار لنفسه في هذا البيت لمدة شهر، وقد اشتراه بمائة ألف، ثم جاءه إنسان وقال: بعني إياه بمائة وعشرة، فباعه بمائة وعشرة فيبطل خياره؛ لتصرفه في البيت، وتصرفه فيه دليل على رضاه به، وأنه لا يريد رده.
ويستثنى من هذا ما سبق من تجربة المبيع، فإن تصرف المشتري بتجربة المبيع لا يفسخ خياره، ولو كان الخيار له وحده؛ لأن هذا هو المقصود من الشرط أن ينظر هل يصلح له أو لا؟
وقوله: «وتصرف المشتري فسخ لخياره» ظاهر كلامه أن تصرف البائع ليس فسخاً لخيار المشتري؛ لأن المشتري حقه باق.
أما لو كان الخيار للبائع وحده فلا يجوز أن يتصرف، وإذا تصرف فلا يصح تصرفه؛ لأن ملك المبيع للمشتري، ولكن يستطيع أن يقول: فسخت البيع ثم يتصرف، والصحيح أنه فسخ لخياره.
مثال ذلك: باع زيد على عمرو هذا البيت بمائة ألف، وقال البائع وهو زيد: لي الخيار لمدة شهر، ثم إن زيداً باعه على رجل آخر فهذا فسخ لخياره؛ لأن بيعه إياه يدل على أنه ألغى البيع الأول، وهذا الفسخ دلالته فعلية لا قولية، أما لو قال البائع: اشهدوا أني فسخت، فهذا دلالته قولية، ولا إشكال فيها، ولكن إذا كان فسخ خياره من أجل تصرفه، فهو فسخ فعلي.
قوله: «ومن مات منهما بطل خياره» أي: من البائع أو المشتري بطل خياره، سواء شرط الخيار له وحده، أو له ولصاحبه فإنه يبطل الخيار.
مثاله: اشترى رجل من آخر بيتاً بمائة ألف، وجعل الخيار له لمدة شهر، ثم مات فإن الخيار يبطل، وعلى هذا فلا خيار للورثة في هذا المبيع، وهذه المسألة ظاهر كلام الماتن فيها غير المذهب.
فإذا قال الورثة: لماذا لم يكن لنا خيار، أليس قد انتقل إلينا من مورثنا بحقوقه ومنها الخيار؟.
نقول: على كلام المؤلف، لا خيار؛ لأن اختيار الإمضاء أو الفسخ لا يكون إلا من قبل المشتري الذي مات، فلا ندري الآن، هل يريد الإمضاء أو يريد الفسخ فيبطل، فإن علمنا أنه يريد الفسخ بحيث يكون قد طالب به، بأن قال: إني أريد الفسخ فإنه يورث من بعده؛ لأن مطالبته به دليل على أنه اختار الفسخ، أما إذا لم يطالب فإننا لا ندري، والأصل بقاء العقد، وهذا هو التعليل عند الأصحاب ـ رحمهم الله ـ.
ولكن تفسير المطالبة بهذا فيه نظر؛ لأنه إذا قال: فسخت، انفسخ البيع، ولم يبق خيار، وأما إذا فسرت المطالبة بأنه قد قال: أنا على خياري، فهذه ثابتة وإن لم يقلها؛ لأنه ما دام اشترى بشرط الخيار ولم يسقط الخيار فالأصل بقاؤه.
القول الثاني: أنه يورث سواء طالب به أم لم يطالب؛ وعللوا ذلك بأن الملك انتقل إلى الورثة بحقوقه، وهذا الذي اشتُرِيَ بشرط الخيار انتقل إلى الورثة بحقوقه، فيثبت لهم ذلك، وإذا كان الخيار للبائع فقد انتقل منه إلى الورثة، فيورث عنه؛ لقوله تعالى في المواريث: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ}، {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} [النساء: 12] ، وكلمة {تَرَكَ} تشمل كل متروكاته من أعيان أو منافع أو حقوق، وهذا هو القول الصحيح أنه ينتقل الحق إلى الورثة، ولهم الخيار بين الإمضاء أو الفسخ؛ لأنهم ورثوه من مورثهم على هذا الوجه.
وأما قولهم: لا بد أن يطالب، فيقال: إذا طالب لا حاجة أن نقول: إن خيار الشرط باقٍ؛ لأنه إذا طالب به فقد انتهى الخيار؛ لأنه اختار الفسخ.
مسألة: إذا اختلف الورثة فبعضهم قال: أريد الإمضاء، وبعضهم قال: أريد الفسخ.
فيقال: إن كان الوارث واحداً لم يتصور الخلاف إما أن يفسخ أو يُمْضي، وإن كان أكثر من واحد، واختار بعض الورثة الفسخ، واختار آخرون الإمضاء؛ فإن كان لا ضرر على البائع في تفريق الصفقة، فلكل حكمه، مثل ما لو كانت الصفقة عشر سيارات، كلها متساوية القيم ومن نوع واحد فمات الرجل وخلف أربعة أبناء وبنتين، فيكون لكل بنت سيارة واحدة ولكل ابن سيارتان، إذا قال أحد الأبناء: أنا أختار فسخ البيع، يرد على البائع سيارتين، ويعطيه ثمنهما ولا نقص على البائع، وإذا قالت إحدى البنات: أنا أختار فسخ البيع، يعطى البائع سيارة، ويعطيها ثمنها، وهذا لا إشكال فيه. ولكن إن كان باع عليه حذاء بمائة ريال، وقال: لي الخيار لمدة أسبوع، ومات خلال الأسبوع، وخلف ابنين أحدهما اختار الفسخ والثاني اختار الإمضاء، فهنا لا يمكن تفريق الصفقة؛ لأن البائع يتضرر، فيقال: إما أن تفسخا جميعاً، وإما أن تمضيا جميعاً.
وقوله: «ومن مات منهما بطل خياره» لو مات أحدهما في خيار المجلس يبطل خياره، وهذا لا إشكال فيه؛ لأن من أعظم التفرق التفرق بالموت، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا)) [(15)].
مسألة: لو نام أحدهما في خيار المجلس بأن كان متعباً جداً وفيه نوم، فقال البائع: بعتك هذا الشيء، فقال: قبلت، وإذا رأسه على صدره ينعس فنام، فهذا لا يبطل خياره ما داما في المجلس، ولو طال نومه؛ لأنه لم يفارق الحياة بخلاف من مات.



[1] سبق تخريجه ص(189).
[2] سبق تخريجه ص(224).
[3] سبق تخريجه ص(143).
[4] سبق تخريجه ص(224).
[5] سبق تخريجه ص(189).
[6] سبق تخريجه ص(262).
[7] وهذا هو المذهب.
[8] سبق تخريجه ص(61).
[9] سبق تخريجه ص(242).
[10] أخرجه مسلم في البيوع/ باب تحريم تلقي الجلب (1519) (17) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.
[11] سبق تخريجه ص (189).
[12] سبق تخريجه ص(150).
[13] أخرجه البخاري في العلم/ باب قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((رب مبلغ أوعى من سامع)) (67)؛ ومسلم في القسامة/ باب تغليظ تحريم الدماء (1679) عن أبي بكرة ـ رضي الله عنه ـ.
[14] سبق تخريجه ص(97).
[15] سبق تخريجه ص(262).


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثاني, خيار

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:57 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir