دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > عمدة الأحكام > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 03:03 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي [خيار المجلس]

عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رَضِيَ اللهُ عنهُمَا، عن رَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أَنَّهُ قَالَ: ((إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلاَنِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهمَا بِالْخِيَارِ، مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَكانَا جَمِيعًا، أَو يُخَيِّرْ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، فإنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ، وإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أَنْ تَبَايَعَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيْعَ، فَقَدْ وَجَبَ البَيْعُ))‌‌‌
عن حَكيمِ بنِ حِزامٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: ((الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا –أَو قَالَ: حتَّى يَتَفَرَّقَا- فإنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا في بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا)).

  #2  
قديم 14 ذو القعدة 1429هـ/12-11-2008م, 01:47 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي خلاصة الكلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

الْحَدِيثُ السَّابِعُ والأربعونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ
عنْ عبدِ اللَّهِ بنِ عمرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُمَا، عنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ((إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهمَا بِالْخِيَارِ، مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَكانَ جَمِيعًا، أَو يُخَيِّرْ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ)). ‌‌‌

الْحَدِيثُ الثَّامِنُ والأربعونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ
عنْ حَكيمِ بنِ حِزامٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا –أَو قَالَ: حتَّى يَتَفَرَّقَا- فإنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا في بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا)).

المُفْرَدَاتُ:
قَوْلُهُ: (بالخِيَارِ). مَصْدَرُ (اخْتَارَ) أيْ: طَلَبَ خيرَ الأَمْرَيْنِ من الإمضاءِ أو الردِّ.
قَوْلُهُ: (البَيِّعَانِ). بِتَشْدِيدِ الياءِ، يَعْنِي: البائعَ والمُشْتَرِيَ.
قَوْلُهُ: (مُحِقَتْ). ذَهَبَتْ زيادةُ كَسْبِهِمَا وَرِبْحِهِمَا.

فِيهِمَا مَسَائِلُ:
الأُولَى: إِثْبَاتُ خيارِ المجلسِ لكلٍّ من البائعِ والمُشْتَرِي منْ إمضاءِ البيعِ أوْ فَسْخِهِ.
الثَّانِيَةُ: أنَّ مُدَّتَهُ منْ حينِ العقدِ إلى أنْ يَفْتَرِقَا منْ مجلسِ العقدِ، فإذا افْتَرَقَا لَزِمَ العقدُ.
الثَّالِثَةُ: إذا تَبَايَعَا على ألَّا خِيَارَ بينَهُمَا أوْ أَسْقَطَاهُ بعدَ العقدِ وقبلَ التَّفَرُّقِ سَقَطَ ولَزِمَ البيعُ.
الرَّابِعَةُ: المُشَرِّعُ لم يَجْعَلْ حَدًّا للتَّفَرُّقِ، فَمَرْجِعُهُ إلى عرفِ الناسِ فما عَدُّوهُ تَفَرُّقًا أُنِيطَ الحُكْمُ بهِ.
الْخَامِسَةُ: أنَّ الصدقَ في المعاملةِ سببٌ لبركةِ الدنيا والآخرةِ كما أنَّ الغِشَّ والكَذِبَ سَبَبٌ لِمَحْقِ البَرَكَةِ.

  #3  
قديم 14 ذو القعدة 1429هـ/12-11-2008م, 01:49 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تيسير العلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

مَشْرُوعِيَّةُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فِي البَيْعِ
وَبَيَانُ مَعْنَاهُ وَمُدَّتِهُ
الحديثُ التَّاسِعُ والأربعونَ بعدَ المائتيْنِ
249- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:((إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلاَنِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهمَا بِالْخِيَارِ، ما لَمْ يَتَفَرَّقَا وَكانَا جَمِيعاً، أَوْ يُخَيِّرْ أَحَدُهُمَا الآخَرَ)). قَالَ ((فإنْ خَيّرَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ، وَجَبَ الْبَيْعُ)).
الحديثُ الخمسونَ بعدَ الْمائَتَيْنِ
250- وفي معناه من حديثِ حَكيمِ بنِ حِزامٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:((الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا - أَوْ قَالَ: حَتَّى يَتَفَرَّقَا - فإنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا في بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا)).(52)
_________________________
52- الغريبُ:
بِالْخِيَارِ: بِكَسْرِ الخاءِ، اسمُ مصدرِ ((اخْتَارَ )) مِن الاخْتِيَارِ، أيْ: طَلَبُ خَيْرِ الأمْرَيْنِ مِن الإِمْضَاءِ أو الرَّدِّ.
البَيِّعَانِ: بتشديدِ الياءِ، يعني: البائعَ والمشتريَ, أُطْلِقَ عَلَيْهُمَا مِن بابِ التَّغْلِيبِ. وقدْ تقدَّمَ أَنَّ كُلَّ واحدٍ مِن اللَّفْظَيْنِ يُطْلَقُ على مَعْنًى آخَرَ.
مُحِقَتْ: مَبْنِيٌّ للمجهولِ، معناهُ: ذهَبَتْ وزالتْ زيادةُ كسبِهِمَا وربحِهِمَا.
أو يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الآخرَ، أيْ: يقولُ لهُ: اخْتَرْ إمضاءَ البيعِ.
المَعْنَى الإِجْمَالِيُّ:
لَمَّا كانَ البيعُ قد يقعُ بِلاَ تَفَكُّرٍ ولا تَرَوٍّ، فَيَحْصُلُ للبائعِ أو الْمُشْتَرِي نَدَمٌ على فواتِ بعضِ مقاصدِهِ، جعلَ لهُ الشَّارِعُ الحَكِيمُ أَمَداً يتمكنُ فيهِ، مِن فسخِ الْعَقْدِ، وهذا الأمدُ هوَ مُدَّةُ مجلسِ الْعَقْدِ.
فمَا دامَ العاقدانِ في مَجلسِ العقدِ، فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الخيارُ في إمضاءِ العقدِ أو فَسْخِهِ.
فإذا افترقَا بِأَبْدَانِهِمَا، افتراقاً يتعارفُ النَّاسُ عليهِ، أو عُقِدَ البيعُ على أنْ لا خِيَارَ بينَهُمَا، فقد تَمَّ العقدُ، ولا يجوزُ لواحدٍ مِنْهُمَا الفسخُ، إِلاَّ بطريقِ الإقالةِ.
ثُمَّ ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئاً مِن أسبابِ البركةِ والنَّمَاءِ، وشيئاً مِن أسبابِ الخَسَارَةِ والهلاكِ.
فأسبابُ البركةِ والرِّبحِ والنَّمَاءِ، هيَ الصِّدْقُ في المعاملةِ، وتَبْيِينُ مَا في المعقودِ عليهِ مِن عَيْبٍ أو نَقْصٍ أو غيرِ ذَلِكَ. وأمَّا أسبابُ الْمَحْقِ والخَسَارَةِ، فِهَي كَتْمُ الْعُيُوبِ، والكذبُ في المعاملةِ، والتَّدْلِيسُ.
وهيَ أسبابٌ حَقِيقِيَّةٌ لِبَركَةِ الدُّنْيَا بالزيادةِ والشُّهْرَةِ بِحُسْنِ المعاملةِ، وفي الآخرَةِ بِالأجرِ والثَّوابِ، وحقيقيةٌ لِمَحْقِ كسبِ الحياةِ مِن سَيِّئِ المعاملةِ والابتعادِ عنهُ، حَتَّى يفقدَ ثقةَ النَّاسِ وإقبالَهُمْ، وخَسَارَةٌ في الآخرةِ، لِغِشِّهِ النَّاسَ.
و((وَمَنْ غَشَّنَا، فَلَيْسَ مِنَّا )).
مَا يُؤْخَذُ مِن الحديثِ:
1- إِثْبَاتُ خيارِ المجلسِ لكُلٍّ مِن البائِعِ والْمُشْتَرِي، مِن إِمْضَاءِ البيعِ أو فَسْخِهِ.
2- أنَّ مُدَّتَهُ مِن حينِ العقدِ إلى أَنْ يَتَفَرَّقَا مِن مَجْلِسِ العقدِ.
3- أنَّ البيعَ يلزمُ بِالتَّفَرُّقِ بِأَبْدَانِهِمَا مِن مَجْلِسِ العقدِ.
4- أنَّ البائعَ والمشتريَ لو اتَّفَقَا على إِسْقَاطِهِ بعدَ الْعَقْدِ وقبلَ التَّفَرُّقِ، أو تَبَايَعَا على أَنْ لا خيارَ لهما، لزمَ العقدُ؛ لأنَّ الحقَّ لهُمَا، وكيفما اتَّفَقَا جَازَ.
5- الفَرْقُ بينَ حقِّ اللهِ تعالى ومَحْضِ حقِّ الآدَمِيِّ.
فما كانَ للهِ، لا يكفِي لجوازِهِ رضَا الآدمِيِّ، كعقودِ الرِّبَا.
وما كانَ للآدميِّ، جازَ برضاهُ المُعْتَبَرِ؛لأنَّ الحقَّ لا يَعْدُوهُ.
6- لمْ يَحُدَّ الشَّارِعُ للتَّفَرُّقِ حَدّاً، فَمَرْجِعُهُ إلى العُرْفِ.
فمَا عَدَّهُ النَّاسُ مَفْرَقاً، لَزِمَ البيعُ بهِ.
فالْخُرُوجُ مِنَ البيتِ الصَّغِيرِ، أو الصُّعُودُ إلى أعلاهُ، والتَّنَحِّي فِي الصَّحْرَاءِ ونحوُ ذَلِكَ، يُعَدُّ تَفَرُّقاً مِنْهَا لِمُدَّةِ الخيارِ، ومُلْزِماً للعقدِ.
7- حَرَّمَ العلماءُ التَّفَرُّقَ، خشيةَ الفسخِ؛ لِمَا رَوَى أهلُ السُّنَنِ مِن أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ:((وَلاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ صَاحِبُهُ، خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ))، وَلأَنَّهُ تَحَايُلٌ لِإِسْقَاطِ حَقِّ الغيرِ.
8- إِنَّ الصِّدْقَ في المعاملةِ وبيانَ مَا في السِّلعةِ سببٌ للبركةِ في الدُّنْيَا والآخرَةِ، كَمَا أَنَّ الغِشَّ والكذبَ والْكِتْمَانَ، سببُ مَحْقِ الْبَرَكَةِ وزوالِهَا0
وهذا شيءٌ محسوسٌ في الدُّنيا، فإنَّ الذينَ تنجحُ تِجَارتُهُمْ، وتروجُ سلعُهُمْ هُمْ أَهْلُ الصِّدْقِ والمعاملةِ الحسنةِ.
ما خَسِرَتْ تجارةٌ وفَلَّسَتْ، إِلاَّ بسببِ الْخِيَانَةِ، وما عندَ اللهِ لأولئكَ وهؤلاءِ أعظمُ.
اختلافُ الْعُلَمَاءِ:
اختلفَ العلماءُ في ثبوتِ خيارِ المجلسِ.
فذهبَ جمهورُ العلماءِ، مِن الصَّحَابَةِ والتَّابِعِينَ، والإئَمَّةِ إلى ثبوتِهِ.
ومِن هؤلاءِ، عليٌّ بنُ أبي طالبٍ، وابنُ عَبَّاسٍ، وأبو هُرَيْرَةَ، وأبو بَرْزَةَ، وطاووسٌ، وسعيدٌ بنُ الْمُسَيِّبِ، وعطاءٌ، والحسنُ البَصْرِيُّ، والشَّعْبِيُّ، والزُّهْرِيُّ، والأوزاعيُّ، واللَّيْثُ، وسفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، والشَّافِعِيُّ، وأحمدُ بنُ حنبلٍ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، والْبُخَارِيُّ، وسائرُ الْمُحَقِّقِينَ المُجْتَهِدِينَ.
ودليلُهُمْ هذهِ ِ الأحاديثُ الصَّحيحةُ الصَّرِيحَةُ، كَحَدِيثَيِ البابِ وغيرِهِمَا.قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ: حديثُ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ أثبتُ ما نقَلَ الآحَادُ.
وذهبَ أبو حنيفةَ، ومالكٌ وأكثرُ أَصْحَابِهِمَا إلى عدمِ ثبوتِ خيارِ المجلسِ.
واعتذَروا عن العملِ بهذهِ ِ الأحاديثِ بأعذارٍ ضعيفةٍ، أجابَ عنها الجمهورُ بِمَا أَوْهَاهَا.
ومِن تلكَ الاعتذاراتِ.
أولاً: أنَّ الحديثَ على خلافِ عَمَلِ أهلِ المدينةِ، وعملُهُمْ حجةٌ.
ورُدَّ بأنَّ كثيراً مِن أهلِ المدينَةِ، يَرَوْنَ الْخِيَارَ، و مِنْهُم الصَّحَابَةُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُمْ، وسعيدٌ بنُ الْمُسَيِّبِ. قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ: لا تصحُ دَعْوَى إجماعِ أهلِ المدينةِ في هذهِ ِ المسألةِ؛ لأنَّ سعيداً بنَ الْمُسَيِّبِ وابنَ شهابٍ - وهُمَا مِن أجلِّ فقهاءِ المدينةِ - رُوِيَ عِنهما مَنْصُوصاً العملُ بهِ، وقد كانَ ابنُ أبي ذئبٍ - وهوَ مِن فقهاءِ المدينةِ معاصراً لمالكٍ - يُنْكِرُ عليهِ تركَ العملِ بهِ، فكيفَ يصحُّ لأحدٍ أَنْ يَدَّعِيَ إِجْمَاعَ أهلِ المدينةِ في هذهِ ِ المسألةِ؟ هذا لا يصحُّ القولُ بهِ. ا. هـ. وعلى فَرْضِ أنَّهُمْ مجمعُونَ، فليسَ إجماعُهُمْ بِحُجَّةٍ؛ لأنَّ الحُجَّةَ إجماعُ الأُمَّةِ، التي ثَبَتَتْ لها العِصْمَةُ. قالَ ابنُ دقيقِ العيدِ: فالحقُّ الذي لا شكَّ فيهِ أنَّ عملَ أهلِ المدينةِ وإجماعَهُمْ لا يكونُ حجةً فيمَا طريقُهُ الاجتهادُ والنَّظَرُ؛ لأنَّ الدَّلِيلَ العاصمَ للأُمَّةِ مِن الخطأِ في الاجتهادِ لا يتناولُ بعضَهُمْ, ولا مستندَ للعصمةِ سِوَاهُ.ا. هـ.
ثانياً: أنَّ المُرَادَ بـ ((الْمُتَبَايِعَانِ )) في الحديثِ، المُتَسَاوِمَانِ.
والمرادُ بالخيارِ قبولُ المُشْتَرِي أو رَدُّهُ.
وَرُدَّ بِأَنَّ تَسْمِيَةَ السَّائِمِ بائعاً مَجَازٌ، والأصلُ الحقيقةُ.
وأيضاً لا يمكنُ تطبيقُ الحديثِ الذي ذُكِرَ فيهِ التَّفَرُّقُ، على حالِ السَّائِمَيْنِ. قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ: إذا حُمِلَ على الْمُتَسَاوِمَيْنِ لا يكونُ حينئذٍ في الكلامِ فائدةٌ إذْ مِن المعلومِ أنَّ كُلَّ واحدٍ مِن المُتَسَاوِمَيْنِ بالْخِيَارِ على صاحبهِ مَا لمْ يقعْ إيجابٌ بالبيعِ والعقدِ والتَّرَاضِي، فكيفَ يُرَدُّ الخبرُ بِمَا لا يفيدُ فائدَةً! وهذا ما لا يَظُنُّهُ ذُو لُبٍّ على رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثالثاً: أنَّ المرادَ بالتَّفَرُّقِ، تَفَرُّقُ الأقوالِ بينَ البائعِ والْمُشْتَرِي عندَ الإيجابِ والقبولِ.
ورُدَّ بأَنَّهُ خلافُ الظَّاهرِ مِن الحديثِ، بل خلافُ نَصِّ بعضِ الأحاديثِ وهوَ:((أَيُّمَا رَجُلٍ ابْتَاعَ مِن رَجُلٍ بَيْعَةً، فإِنَّ كُلَّ واحدٍ مِنْهُمَا بالخيَارِ، حَتَّى يَتَفَرَّقَا مِنْ مَكَانِهِمَا )).
وأيضاً الإيجابُ والقبولُ، لمْ يحصلْ بِهِمَا افتراقٌ، وإنَّمَا حصلَ بهما اجتماعٌ والتئامٌ.
وهذهِ ِ نماذجُ مِن محاولتِهِمْ رَدَّ الحديثِ، سُقْتُ مِنْهَا هذهِ ِ الثلاَّثةَ ليعلمَ الْقَارِئُ أنَّهُمْ لمْ يَسْتَنِدُوا على شيءٍ، وهُم المَالِكِيُّونَ والْحَنَفيونَ.
كمَا قالَ ابنُ عبدِ البرِّ.
وقد بالغَ العلماءُ بالرَّدِّ عليهمْ. حَتَّى نُقِلَ عن بعضِهِمْ الخشونةُ على مالكٍ؛ لردَّهِ الحديثَ ِالصَّحِيحَ، وهوَ مِن رُوَاتهِ، وقد رُوِيَ هذا الحديثُ مِن وجوهٍ كثيرةٍ عن جماعةٍ مِن الصَّحابةِ، وإنْ خالفَ الحُكْمُ في هذينِ الحديثَيْنِ بعضَ ظواهرِ النُّصُوصِ مِن تَمَامِ البيعِ بالعقدِ بدونِ ذِكْرِ التَّفَرُّقِ فَإِنَّ الشَّرْعَ قد يُخْرِجُ بعضَ الجزيئاتِ عن الكُلِّيَّاتِ تعبُّداً أو لمصلحةٍ تَخُصُّهَا.

  #4  
قديم 14 ذو القعدة 1429هـ/12-11-2008م, 01:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي إحكام الأحكام لتقي الدين ابن دقيق العيد

254 - الحديثُ الأَوَّلُ: عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ((إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلاَنِ، فَكلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بالخِيارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، وَكَانَا جميعًا، أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ وَجَبَ البَيْعُ)).
وَمَا فِي معناهُ مِن حديثِ حكيمِ بنِ حِزامٍ، وَهُوَ:

255 - الحديثُ الثَّانِي: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا - أَوْ قَالَ: حَتَّى يَتَفَرَّقَا - فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا)).
الحديثُ يَتَعَلَّقُ بمسألةِ إثباتِ خيارِ المَجْلِسِ فِي البيعِ، وَهُوَ يدلُّ عَلَيْهِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافعيُّ وفقهاءُ أصحابِ الحديثِ، ونفاهُ مَالكٌ وَأَبُو حنيفةَ، ووافقَ ابنُ حبيبٍ - من أصحابِ مَالكٍ - مَن أَثْبَتَهُ، والذينَ نفَوه اختلفُوا فِي وجهِ العذرِ عَنْهُ، وَالَّذِي يحضُرُنا الآنَ من ذَلِكَ وجوهٌ:
أحدُها: أَنَّهُ حديثٌ خَالَفَه راويه، وكلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ لم يُعْمَلْ به.
أَمَّا الأَوَّلُ، فلأنَّ مالكًا رواه، ولم يقلْ به، وَأَمَّا الثَّانِي، فلأنَّ الراويَ إِذَا خَالَفَ، فَإِمَّا أن يكونَ مَعَ عِلْمِه بالصحَّةِ، فيكونُ فاسقًا، فَلاَ تُقْبَلُ روايتُه، وَإِمَّا أنْ يكونَ لاَ مَعَ عِلْمِهِ بالصحَّةِ، فَهُوَ أعلمُ بِعَلَلِ مَا روَى، فَيُتَّبَعُ فِي ذَلِكَ.
وَأُجِيبَ عن ذَلِكَ بوجهينِ، أحدُهما: مَنْعُ المقدِّمَةِ الثانيةِ، وَهُوَ أَنَّ الراويَ إِذَا خالَفَ لم يُعْمَلْ بروايتِه، وقولُه: ((إِذَا كَانَ مَعَ علمِه بالصحَّةِ، كَانَ فاسقًا )). ممنوعٌ؛ لجوازِ أن يَعْلَمَ بالصحَّةِ، ويُخَالِفَ لمعارِضٍ راجحٍ عندَه، وَلاَ يلزمُ تقليدُه فِيهِ. وقولُه: ((إن كَانَ لاَ مَعَ علمِه بالصحَّةِ، وَهُوَ أعلمُ بروايتِه، فَيُتَّبَعُ فِي ذَلِكَ )). مَمنُوعٌ أَيْضًا؛ لأَنَّهُ إِذَا ثبتَ الحديثُ بعدالةِ النَّقَلَةِ، وجبَ العملُ بِهِ ظاهرًا، فَلاَ يُتْرَكُ بِمُجَرَّدِ الوَهْمِ والاحتمالِ.
الوجهُ الثَّانِي: أن هَذَا الحديثَ مرويٌّ مِن طُرُقٍ، فإنْ تَعَذَّرَ الاستدلالُ بِهِ من جهةِ روايةِ مَالكٍ، لم يَتَعَذَّرَ مِن جهةٍ أخرى، وإنما يكونُ ذَلِكَ عندَ التفرُّدِ عَلَى تقديرِ صحَّةِ هَذَا المأْخَذِ - أعني: أنَّ مُخَالَفَةَ الراوي لروايتِه تَقْدَحُ فِي العملِ بِهَا - فَإِنَّهُ عَلَى هَذَا التقديرِ يُتَوَقَّفُ العملُ بروايةِ مَالكٍ، وَلاَ يلزمُ مِن بطلانِ مَأْخَذٍ مُعَيَّنٍ بطلانُ مَأْخَذِ الحكمِ فِي نفسِ الأمرِ.
الوجهُ الثَّانِي مِن الاعتذاراتِ أنَّ هَذَا خبرُ واحدٍ فيما تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وخبرُ الواحدِ فيما تعمُّ بِهِ الْبَلْوَى غيرُ مَقْبُولٍ، فَهَذَا غيرُ مَقْبُولٍ، أَمَّا الأَوَّلُ فلأن البياعاتِ مِمَّا تَتَكَرَّرُ مَرَّاتٍ لاَ تُحْصَى، ومثلُ هَذَا تَعُمُّ الْبَلْوَى بِمَعْرِفَةِ حُكْمِه، وَأَمَّا الثَّانِي فلأنَّ العادةَ تَقْتَضِي أنَّ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى يكونُ مَعْلُومًا عندَ الكافَّةِ، فانفرادُ الواحدِ بِهِ عَلَى خلافِ العادةِ، فَيُرَدُّ.
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِمَنعِ المُقَدِّمَتَيْنِ معًا، أَمَّا الأُوْلَى - وَهُوَ أن البيعَ بِمَا تعمُّ بِهِ الْبَلْوَى - فالبيعُ كَذَلِكَ، ولكنَّ الحديثَ دلَّ عَلَى إثباتِ خيارِ الفَسْخِ، وَلَيْسَ الفَسْخُ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى فِي البياعاتِ، فإن الظاهرَ مِن الإِقدامِ عَلَى البيعِ الرغبةُ مِن كلِّ واحدٍ مِن المُتَعَاقِدَينَ فيما صارَ إليه، فَالْحَاجةُ إِلَى مَعرفةِ حُكمِ الفسخِ لاَ تكُونُ عامَّةً.
وَأَمَّا الثانيةُ: فلأن المُعْتَمَدَ فِي الروايةِ عَلَى عدالةِ الراوي وجزمِه بالروايةِ، وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ، وعدمُ نقلِ غيرِه لاَ يَصْلُحُ مُعَارِضًا، لجوازِ عدمِ سماعِه للحكمِ، فإن الرسولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُبَلِّغُ الأحكامَ للآحادِ والجماعةِ، وَلاَ يلزمُ تَبْلِيغُ كلِّ حُكْمٍ لجميعِ المُكَلَّفِينَ، وَعَلَى تقديرِ السماعِ، فجائزٌ أن يَعْرِضَ مانعٌ مِن النقلِ، أعني: نَقْلَ غيرِ هَذَا الراوي، فإنَّما يكونُ مَا ذَكَرَ إِذَا اقْتَضَت العادةُ أن لاَ يَخْفَى الشيءُ عَن أهلِ التواترِ، وليست الأحكامُ الجزئيةُ من هَذَا القبيلِ.
الوجهُ الثالثُ مِن الاعتذاراتِ: هَذَا حديثٌ مُخَالِفٌ للقياسِ الجليِّ، والأصولِ القياسيةِ المقطوعِ بِهَا، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لاَ يُعْمَلُ بِهِ، أَمَّا الأَوَّلُ فَنَعْنِي بِمُخَالِفِ الأصولِ القياسيَّةِ، مَا ثبتَ الحكمُ فِي أصلِه قطعًا، وثبتَ كونُ الفرعِ فِي معنى المنصوصِ، لم يُخَالَفْ إِلاَّ فيما يُعْلَمُ عُرُوَّه عن مصلحةٍ تَصْلُحُ أن تكونَ مقصودةً بشرعِ الحكمِ، وههنا كَذَلِكَ؛ فإنَّ مَنْعَ الغيرِ مِن إبطالِ حقِّ الغيرِ ثابتٌ بعدَ التَّفَرُّقِ قطعًا، وَمَا قبلَ التَّفَرُّقِ فِي معناه، لم يَفْتَرِقَا إِلاَّ فيما يُقْطَعُ بتعرِّيه عن المصلحةِ. وَأَمَّا الثَّانِي؛ فلأنَّ القاطعَ مُقَدَّمٌ عَلَى المَظْنُونِ لاَ مَحَالَةَ، وَخَبَرُ الواحدِ مَظْنُونٌ.
وأُجِيبَ عَنْهُ بمنعِ المقدِّمَتين معًا.
أَمَّا الأُولَى، فَلاَ نُسَلِّمُ عدمَ افتراقِ الفرعِ مِن الأصلِ إِلاَّ فيما لاَ يُعْتَبَرُ مِن المصالحِ؛ وَذَلِكَ لأنَّ البيعَ يقعُ بَغْتَةً مِن غيرِ تَرَوٍّ، وَقَدْ يحصلُ الندمُ بعدَ الشروعِ فِيهِ، فيناسبُ إثباتَ الخيارِ لكلِّ واحدٍ من المُتَعَاقِدَيْنِ، دفعًا لضررِ الندمِ، فيما لعلَّه يتكرَّرُ وقوعُه، ولم يمكنْ إثباتُه مطلقًا فيما بعدَ التفرُّقِ وقبلَه، فَإِنَّهُ رفعٌ لحكمةِ العقدِ والوثوقِ بالتصرُّفِ، فجعَلَ مجلسَ العقدِ حريمًا لاعتبارِ هَذِهِ المصلحةِ، وَهَذَا معنىً معتبرٌ، لاَ يستوي فِيهِ مَا قبلَ التفرُّقِ مَعَ مَا بعدَه.
وَأَمَّا الثانيةُ، فَلاَ نُسَلِّمُ أن الحديثَ المُخَالِفَ للأصولِ يُرَدُّ فإن الأصلَ يَثْبُتُ بالنصوصِ، والنصوصُ ثابتةٌ فِي الفروعِ المُعَيَّنَةِ، وغايةُ مَا فِي البابِ، أن يكونَ الشرعُ أخرجَ بَعْضَ الجزيئاتِ عن الكلِّيَّاتِ لمصلحةٍ تَخُصُّها، أَوْ تَعَبُّدًا فَيَجِبُ اتِّبَاعُه.
الوجهُ الرابعُ مِن الاعتذاراتِ: هَذَا حديثٌ معارِضٌ لإِجماعِ أهلِ المدينةِ وعملِهم، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ العملُ، فَهَذَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ العملُ، أَمَّا الأَوَّلُ فلأنَّ مالكًا، قَالَ عَقِيبَ روايتِه: ((وَلَيْسَ لِهَذَا عندَنا حدٌّ معلومٌ، وَلاَ أَمْرٌ مَعْمُولٌ بِهِ فِيهِ )). وَأَمَّا الثَّانِي: فلِما اخْتَصَّ بِهِ أهلُ المدينةِ مِن سُكْناهم فِي مَهْبِطِ الوحي، ووفاةِ الرسولِ بَيْنَ أظْهُرِهِم، ومعرفتِهم بالناسخِ والمنسوخِ فمُخَالَفَتُهُم لبعضِ الأخبارِ تقتضي عِلْمَهُم بما أَوْجَبَ تَرْكَ العملِ بِهِ من ناسخٍ أَوْ دليلٍ راجحٍ، وَلاَ تُهْمَةَ تَلْحَقُهُم، فَيَتَعَيَّنُ اتِّبَاعُهم، وَكَانَ ذَلِكَ أرجحَ من خبرِ الواحدِ المُخَالِفِ لِعَمَلِهِمْ.
وجوابُه مِن وجهينِ: أحدُهما: مَنْعُ المُقَدِّمَةِ الأُولَى، وَهُوَ كونُ المسألةِ مِن إجماعِ أهلِ المدينةِ، وبيانُه مِن ثلاثةِ أوجهٍ: مِنْهَا: أنَّا تَأَمَّلْنَا لفظَ مَالكٍ، فلم نَجِدْهُ مصرِّحًا بأن المسألةَ إجماعُ أهلِ المدينةِ، ويُعْرَفُ ذَلِكَ بالنظرِ فِي ألفاظِه. وَمِنْهَا أنَّ هَذَا الإِجماعَ، إِمَّا أنْ يُرَادَ بِهِ إجماعٌ سابِقٌ أَوْ لاحِقٌ، والأَوَّلُ باطلٌ؛ لأنَّ ابنَ عُمَرَ رأسُ المُفْتِينَ فِي المدينةِ فِي وقتِه، وَقَدْ كَانَ يرى إثباتَ خيارِ المجلسِ، وَالثَّانِي أَيْضًا باطلٌ، فإنَّ ابنَ أبِي ذِئْبٍ - مِن أقرانِ مَالكٍ ومُعَاصِرِيه - وَقَدْ أَغْلَظَ عَلَى مَالكٍ لمَّا بلَغَهُ مخالفتُه للحديثِ.
وثانيهما: مَنْعُ المُقَدِّمَةِ الثانيةِ، وَهُوَ أن إجماعَ أهلِ المدينةِ، وعملَهم مُقَدَّمٌ عَلَى خبرِ الواحدِ مطلقًا، فإنَّ الحقَّ الَّذِي لاَ شكَّ فِيْهِ، أن عملَهم وإجماعَهم لاَ يكونُ حجَّةً فيما طريقُه الاجتهادُ والنظرُ؛ لأن الدليلَ العاصمَ للأمَّةِ مِن الخطأِ فِي الاجتهادِ، لاَ يَتَنَاوَلُ بعضُهم، وَلاَ مُسْتَنَدَ للعصمةِ سواهُ، وكيفَ يُمكنُ أن يقالَ بأنَّ مَن كَانَ بالمدينةِ مِن الصحابة ِـ رِضوانُ اللهُ عَلَيْهِمْ ـ يُقْبَلُ خلافُه مَا دامَ مُقِيمًا بِهَا، فَإِذَا خرجَ عَنْهَا، لم يُقْبَلْ خِلاَفُه؟ فإنَّ هَذَا مُحالٌ؛ فإنَّ قبولَ خلافِه باعتبارِ صفاتٍ قائمةٍ بِهِ حَيْثُ حلَّ، فَتُفْرَضُ المسألةُ فيما اخْتلفَ فِيهِ أَهلُ المدينةِ، مَعَ بَعْضِ مَن خَرَجَ مِنْهَا مِن الصحابةِ، بعدَ استقرارِ الوحيِ، وموتِ الرسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكلُّ مَا قيلَ مِن ترجيحٍ لأقوالِ علماءِ أهلِ المدينةِ، وَمَا اجتمعَ لهم مِن الأوصافِ، قَدْ كَانَ حاصلاً لِهَذَا الصحابيِّ، ولم يَزُلْ عَنْهُ بِخُرُوجِهِ، وَقَدْ خرجَ مِن المدينةِ أفضلُ أهلِ زمانِه فِي ذَلِكَ الوقتِ بالإِجماعِ مِن أهلِ السُّنَّةِ، وَهُوَ عليُّ بنُ أبِي طالبٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وَقَالَ أقوالاً بالعراقِ، فكيفَ يُمكنُ إهدارُها إِذَا خالفَها أهلُ المدينةِ؟ وَهُوَ كَانَ رأسَهم، وَكَذَلِكَ ابنُ مسعودٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَمَحلُّهُ من العلمِ مَعلومٌ، وغيرُهما قَدْ خَرَجُوا، وقالُوا أقوالاً، عَلَى أنَّ بَعْضَ النَّاسِ يقولُ: إنَّ المسائلَ المُخْتَلَفَ فِيْهَا خارجَ المدينةِ، مُخْتَلَفٌ فِيْهَا بالمدينةِ، وادَّعَى العمومَ فِي ذَلِكَ.
الوجهُ الخامسُ: وَرَدَ فِي بَعْضِ الرواياتِ للحديثِ: ((وَلاَ يَحِلُّ لَهُ أن يُفارِقَه خشيةَ أن يَسْتَقِيلَهُ )). فاسْتُدِلَّ بهذه الزيادةِِ عَلَى عدمِ ثبوتِ خيارِ المجلسِ من حَيْثُ إِنَّهُ لولا أنَّ العقدَ لازمٌ لَما احتاجَ إِلَى الاستقالةِ، وَلاَ طَلَبَ الفرارَ مِن الاستقالةِ.
وأُجِيبَ عَنْهُ بأنَّ المُرَادَ بالاستقالةِ فَسْخُ البيعِ بِحُكْمِ الخيارِ، وغايةُ مَا فِي البابِ استعمالُ المجازِ فِي لفظِ ((الاسْتِقَالَةِ)) لكن جازَ المصيرُ إليه إِذَا دلَّ الدليلُ عَلَيْهِ، وَقَدْ دلَّ مِن وجهينِ:
أحدُهما: أَنَّهُ عَلَّقَ ذَلِكَ عَلَى التفرُّقِ، فَإِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى خيارِ الفَسْخِ، صحَّ تَعْلِيقُه عَلَى التفرُّقِ؛ لأنَّ الْخِيارَ يَرْتَفِعُ بالتفرُّقِ، وَإِذَا حَملْنَاه عَلَى الاستقالةِ، فالاسْتِقَالَةُ لاَ تَتَوَقَّفُ عَلَى التفرُّقِ، وَلاَ اختصاصَ لَهَا بالمجلسِ.
الثَّانِي: أنَّا إِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى خيارِ الفَسْخِ، فالتَّفَرُّقُ مُبْطِلٌ لَهُ قَهْرًا، فيناسبُ المنعَ مِن التفرُّقِ المبطِلِ للخيارِ عَلَى صاحبِه، أَمَّا إِذَا حملْنَاه عَلَى الإِقالةِ الحقيقيَّةِ، فمعلومٌ أَنَّهُ لاَ يَحْرُمُ عَلَى الرجلِ أنْ يُفارِقَ صاحبَه خوفَ الاستقالةِ، وَلاَ يبقى بعدَ ذَلِكَ إِلاَّ النظرُ فيما دلَّ عَلَيْهِ الحديثُ من التحريمِ.
الوجهُ السادسُ: تَأْوِيلُ الحديثِ بِحَمْلِ ((المُتَبَايِعَيْنِ)) عَلَى ((المُتَسَاوِمَيْنِ)) لمصيرِ حالِهما إِلَى البيعِ، وحملِ ((الخيارِ)) عَلَى ((خيارِ القبولِ)).
وأُجِيبَ عَنْهُ بأنَّ تسميةَ المُتَسَاوِمَيْنِ مُتَبَايِعَيْنِ مجازٌ.
واعْتُرِضَ عَلَى هَذَا الجوابِ بأن تَسْمِيَتَهُمَا ((مُتَبَايِعَيْنِ)) بعدَ الفراغِ من البيعِ مجازٌ أَيْضًا، فَلِمَ قُلْتُمْ: إنَّ الْحَمْلَ عَلَى هَذَا المجازِ أَوْلَى؟ فقيلَ عَلَيْهِ: إِنَّهُ إِذَا صدرَ البيعُ، فَقَدْ وُجِدَت الحقيقةُ، فَهَذَا المجازُ أَقْرَبُ إِلَى الحقيقةِ مِن مجازٍ لم تُوجَدْ حقيقتُه أصلاً عندَ إطلاقِه، وَهُوَ الحملُ عَلَى المُتَسَاوِمَيْنِ.
الوجهُ السابعُ: حملُ ((التَّفَرُّقِ)) عَلَى التَّفَرُّقِ بالأقوالِ، وَقَدْ عُهِدَ ذَلِكَ شَرْعًا، قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَإِن يَتَفَرَّقَا) [النساء: 130]، أيْ:عنِ النِّكاحِ.
وأُجيبَ عَنْهُ بأنهُ خلافُ الظَّاهرِ؛ فإنَّ السَّابقَ إِلَى الفهمِ التفرُّقُ عن المكانِ، وَأَيْضًا فَقَدْ وردَ فِي بَعْضِ الرِّواياتِ: ((مَا لَمْ يتفرَّقَا عن مكانِهمَا)) وَذَلِكَ صريحٌ فِي المقصودِ.
ورُبَّمَا اعْتُرِضَ عَلَى الأوَّلِ بأنَّ حقيقَةَ التَّفرُّقِ لاَ تختصُّ بالمكانِ، بلْ هِيَ عائدةٌ إِلَى مَا كَانَ الاجتماعُ فِيهِ، وَإِذَا كَانَ الاجتماعُ فِي الأقوالِ، كَانَ التَّفرُّقُ فِيهَا، وإن كَانَ فِي غيرِهَا، كَانَ التفرُّقُ عَنْهُ.
وأُجِيبَ عَنْهُ بأنَّ حملَه عَلَى غيرِ المكانِ بقرينةٍ، يكونُ مجازًا.
الوجهُ الثَّامنُ: قَالَ بعضُهم: تعذَّرَ العملُ بظاهرِ الحديثِ، فَإِنَّهُ أَثبتَ الخيارَ لكلِّ واحدٍ من المتبايعينِ عَلَى صاحبِه، فالحالُ لاَ تخلُو إِمَّا أن يتَّفِقَا فِي الاختيارِ، أَوْ يختلفَا، فإن اتَّفَقَا لم يثبتْ لواحدٍ منهمَا عَلَى صاحبِه خيارٌ، وإن اختلفَا - بأن اختارَ أحدُهمَا الفسخَ والآخرُ الإِمضاءَ - فَقَدْ استحالَ أن يَثْبُتَ عَلَى كلِّ واحدٍ منهمَا لصاحبِهِ الخيارُ؛ إذ الجمعُ بَيْنَ الفسخِ والإِمضاءِ مستحيلٌ، فيلزمُ تأويلُ الحديثِ، وَلاَ نحتاجُ إليهِ، ويكفينَا صدُّكم عنِ الاستدلالِ بالظَّاهرِ.
وأُجِيبَ عَنْهُ بأن قيلَ: لم يُثْبِتْ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مطلقَ الخيارِ، بل أَثْبَتَ الخيارَ، وسكتَ عمَّا فِيهِ الخيارُ، فنحنُ نَحْمِلُُه عَلَى خيارِ الفسخِ، فيثبتُ لكلِّ واحدٍ منهمَا خيارُ الفسخِ عَلَى صاحبِه، وإن أَبَى صاحبُه ذَلِكَ.
الوجهُ التَّاسعُ: ادِّعاءُ أَنَّهُ حديثٌ منسوخٌ، إِمَّا لأنَّ علماءَ المدينةِ أجمعُوا عَلَى عدمِ ثبوتِ خيارِ المجلسِ، وَذَلِكَ يدلُّ عَلَى النَّسخِ، وَإِمَّا لحديثِ اختلافِ المُتَبَايِعَيْنِ، فَإِنَّهُ يقتضِي الحاجةَ إِلَى اليَمينينِ، وَذَلِكَ يستلزمُ لزومَ العقدِ، فَإِنَّهُ لَوْ ثبتَ الخيارُ لكان كافيًا فِي رفعِ العقدِ عندَ الاختلافِ، وَهُوَ ضعيفٌ جِدًّا.
أَمَّا النسخُ لأجلِ عملِ أهلِ المدينةِ، فَقَدْ تكلَّمْنَا عَلَيْهِ، والنَّسخُ لاَ يَثْبُتُ بالاحتمالِ، وَمُجرَّدُ المخالفةِ لاَ يلزمُ مِنْهُ أن يكونَ للنَّسخِ، لِجَوازِ أن يكونَ التقديمُ لدليلٍ آخرَ راجحٍ فِي ظنِّهِم عندَ تَعَارُضِ الأدلَّةِ عندَهم.
وَأَمَّا حديثُ ((اختلافِ المُتَبَايِعَيْنِ ))، فالاستدلالُ بِهِ ضعيفٌ جِدًّا؛ لأنه مُطْلَقٌ أَوْ عامٌّ بالنسبةِ إِلَى زَمَنِ التَّفَرُّقِ وزَمَنِ المجلسِ، فَيُحْمَلُ عَلَى مَا بعدَ التَّفَرُّقِ، وَلاَ حاجةَ إِلَى النسخِ، والنسخُ لاَ يصارُ إليه إِلاَّ عندَ الضرورةِ.
الوجهُ العاشرُ: حملُ ((الخيارِ)) عَلَى خيارِ الشراءِ، أَوْ خيارِ إلحاقِ الزيادةِ بالثمنِ، أَوْ المُثَمَّنِ، وَإِذَا تردَّدَ لم يَتَعَيَّنْ حملُه عَلَى مَا ذَكَرْتُمُوهُ.
وَأُجِيبَ عَنْهُ بأنَّ حَمْلَهُ عَلَى خيارِ الفَسْخِ أَوْلَى؛ لوجهينِ، أحدُهما: أنَّ لفظةَ ((الخيارِ)) قَدْ عُهِدَ استعمالُها مِن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خيارِ الفسخِ، كَمَا فِي حديثِ حبَّانَ بِن مُنْقِذٍ: ((ولكَ الخيارُ )). فالمرادُ مِنْهُ خيارُ الفَسْخِ، وحديثُ المُصَرَّاةِ: ((فَهُوَ بالخيارِ ثلاثًا )). والمرادُ خيارُ الفسخِ، فَيُحْمَلُ الخيارُ المذكورُ ههنا عَلَيْهِ؛ لأنَّه لمَّا كَانَ معهودًا من النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أظهرَ فِي الإِرادةِ.
الثَّانِي: قيامُ المانعِ مِن إرادةِ كلِّ واحدٍ مِن الخيارينِ، أَمَّا خيارُ الشراءِ؛ فلأنَّ المرادَ مِن اسمِ ((المُتَبَايِعَيْنِ)) المتعاقدانِ، والمتعاقدانِ مَنْ صدَرَ منهما العقدُ، وبعدَ صُدُورِ العقدِ منهما لاَ يكونُ لهما خيارُ الشراءِ، فضلاً عن أن يكونَ لهما ذَلِكَ إِلَى أوانِ التفرُّقِ.
وَأَمَّا خيارُ إلحاقِ الزيادةِ بالثمنِ أَوْ بالمُثَمَّنِ، فَلاَ يمكنُ الحملُ عَلَيْهِ عندَ من يرى ثبوتَه مطلقًا، أَوْ عدمَه مطلقًا؛ لأن ذَلِكَ الخيارَ إن لم يكنْ لهما، فَلاَ يكونُ لهما إِلاَّ أوانَ التفرُّقِ، وإن كَانَ، فيبقى بعدَ التفرُّقِ عن المجلسِ، فكيفما كَانَ لاَ يكونُ ذَلِكَ الخيارُ لهما ثابتًا، مُغَيًّا إِلَى غايةِ التفرُّقِ، والخيارُ المُثْبَتُ بالنصِّ ههنا هُوَ خيارٌ مُغَيًّا إِلَى غايةِ التفرُّقِ، ثُمَّ الدليلُ عَلَى أنَّ المُرَادَ مِن الخيارِ هَذَا، ومِن المُتَبَايِعَيْنِ مَا ذُكِرَ أن مالكًا نُسِبَ إِلَى مُخَالَفَةِ الحديثِ، وَذَلِكَ لاَ يصحُّ إِلاَّ إِذَا حُمِلَ ((الخيارُ)) و((المُتَبَايِعَانِ)) و((الافتراقُ)) عَلَى مَا ذُكِرَ، هكذا قَالَ بَعْضُ النُّظَّارِ، إِلاَّ أَنَّهُ ضعيفٌ؛ فإنَّ نِسْبَةَ مَالكٍ إِلَى ذَلِكَ ليستْ من كلِّ الأُمَّةِ وَلاَ أكثرِهم.

  #5  
قديم 14 ذو القعدة 1429هـ/12-11-2008م, 01:51 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح عمدة الأحكام لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز (مفرغ)

المتن:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال المؤلف، رحمه الله تعالى:
كتاب البيوع عن عبد الله ابن عمر، رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا، وكانا جميعا، أو يُخيّر أحدهما الآخر، قال: فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك، فقد وجب البيع))
وعن حكيم بن حزام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((البيّعان بالخيار، ما لم يتفرقا)) أو قال: ((حتى يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)).
الشرح:
أما بعد، هذان الحديثان الصحيحان في شأن الخيار في البيع، من طريق ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، ومن طريق حكيم بن حزام القرشي المعروف، رضي الله عن الجميع، يدلان على أن البَيّعين بالخيار، والبيع معروف: مبادلة مال بمال، يقال له: بَيْع، مبادلة المال بالمال، سواء كان المال عيناً أو منفعة، يسمى بيعا، في لغة العرب، كما قال تعالى { وأحل الله البيع وحرم الربا } يعني تبادل المال بشروط، من الرضا والملك، والرشد إلى غير هذا من شروط البيع المعروفة، فإذا تمت شروطه فهو صحيح، ولصاحبه الخيار، وللمشتري كذلك، ما لم يتفرقا، ما داما في المجلس، فإذا تم البيع بينهما في أرض مثلا، أو سيارة أو حيوان بعير أو فرس أو غير ذلك واتفقوا على الثمن فكل واحد بالخيار، إلا إذا تفرقا، فإذا تفرقا فقد لزم البيع، إذا راح كل واحد منهما، أو خرج من البيت أحدما أو تفرقا عن البيت أو نزلا من الطيارة وكل واحد راح في شأنه أو خرج من السيارة أو راح بالسيارة، أو كل واحد راح في جهة فقد، لزم البيع، وما داما في محل البيع أو في الطيارة أو في السيارة ما نزل أحد كل واحد بالخيار فله أن يرجع عن البيع، سواء كان البائع أو المشتري فهما بالخيار، حتى يتفرقا، وهذا الذي عليه المحققون من أهل العلم وهو صريح الأحاديث، فيه هذان الحديثان، وفيه أحاديث أخرى عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وغيره إلا إذا خير أحدهما الآخر، قال: ((ما لم يتفرقا أو يخير)) فإذا قال أحدهما للآخر، ليس بيننا خيار الآن، فليس فيه خيار إذا أسقطاه بينهما، ولو لم يتفرقا؛ لأن المقصود أن الإنسان قد يبدو له شيء، فإذا جزم بإسقاط الخيار، والآخر جزم بإسقاط الخيار، فهذا معناه أنهم قد تأكدوا أن الصفقة صالحة، وكل واحد ما عليه غضاضة في ذلك.
ثم حث النبي صلى الله عليه وسلم على الصدق، والبيان وعدم الكذب وعدم الخيانة، قال: ((فإن صدقا ـ يعني في بيعهما ـ وبيّنا بورك لهما في بيعهما)) إن صدقا فيما قالا، قال: السلعة طيبة، وصفتها كذا، والآخر يقول الثمن كذا، ولا كذب، كل واحدٍ بَيَّنَ الحقيقة، وبيّن ما فيه من العيوب، إن وجدت فهذا من أسباب البركة، كل واحد يبين الحقيقة، يقول السيارة فيها كذا، أو الناقة فيها مرض، صفته كذا وكذا، فإذا بَيَّن وصدق في ذلك هذا من أسباب البركة، للبائع والمشتري، من أسباب البركة للمشتري في المبيع، ومن أسباب البركة للبائع في الثمن، وإن كتما بعض العيوب، البائع كتم العيب الذي في المبيع أو المشتري كتم العيب الذي في الثمن، أو كذب بأن قال السيارة عليَّ بعشرين ألفاً، وهي عليه بخمسة عشر، أو قال أنها سليمة، وهي ليست سليمة.

  #6  
قديم 13 محرم 1430هـ/9-01-2009م, 06:07 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح عمدة الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)

كتاب البيوع

عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعا , أو يخير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع))
وما في معناه من إثبات الخيار من حديث حكيم بن حزام ، وهو الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((البيعان بالخيار ما لم يتفرقا- أو قال: حتى يتفرقا - فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما , وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)) .
الشيخ: بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على محمد .
ابتدأ في الأحاديث التي تتعلق بالمعاملات ، والمعاملات هي التعامل بين الناس في طلب المكاسب وطلب الأرباح وطلب الحاجات ، وأشهرها البيوع , وجمعت ؛ لأنها جمع بيع ، والبيع: هو مبادلة مال أو منفعة بمثل أحدهما على التأبيد ، غير ربا وقرض , مبادلة مال أو منفعة ولو في الذمة أو منفعة مباحة كممر في دار بمثل أحدهما على التأبيد , غير ربا وقرض .
المعنى أن البائع يستبدل بسلعته الثمن , والمشتري يستبدل بثمنه السلعة ، فكأنهما تبادلا , أعطني هذه السلعة وأعطيك هذا الثمن , أعطني هذا الثمن وأعطيك هذه السلعة , هذا معنى المبادلة , هذه المبادلة تسمى البيْع , ذكره الله تعالى في قوله: {وأحل الله البيع وحرم الربا} وفي قوله تعالى: {فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} وما أشبه ذلك ، فهذا البيع هو الذي ورد في السنة إباحته , وبلا شك أنه من ضروريات الحياة ؛ لأن الإنسان تتعلق حاجته بما في يد غيره وصاحبها لا يدفعها له ولا يبذلها إلا بعوض , فجعل الله هذه المعاوضة ليحصل بها منفعة للطرفين . نكمل بعد الأذان .
لا شك أن هذا البيع أنه من الحاجيات التي لا يستغنى عنها في هذه الحياة ، ويحصل بها منفعة للطرفين ، فالبائع يشتري الثمن برخْص ويبيعها بربح , فتنمو تجارته والمشتري يبذل فيها الثمن ويستعملها لحاجته ، ويحصل بها منفعته المنفعة الضرورية الذي هو بحاجتها هو بحاجته إلى ثوب ليلبسه مثلا ، أو طعام ليأكله ، أو دابة ليركبها مثلاً أو ليأكل من لحمها , أو بيتا ليسكنه , بحاجة إلى سلعة يستعملها وليست عنده وهناك آخر قد ملكها ويريد الربح فيها , فهذا يربح في سلعته ، وهذا يستعملها ويبذل فيها مالا , فهذا هو أصل شرعية البيوع .
والأصل في هذه البيوع أنَّها على الإباحة , ولا يحرم منها شيء إلا بدليل , ولا شك أن الشرع الشريف قد تدخل في مثل هذه الأمور فحرم منها أشياء وأباح أشياء , والغالب أن الذي حرمه هو الشيء الذي فيه ضرر على أحد المتبايعين ، وذلك للنهي عن الضرر , الله تعالى قد أرشد العباد إلى بعض الأمور ونهى عن الضرر كما في قوله تعالى: {غير مضار} , وفي قوله: {ولا يضار كاتب ولا شهيد} , واشترط الرضا في قوله تعالى: {إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} , وأمر بالإشهاد , قال تعالى: {وأشهدوا إذا تبايعتم} يعني إذا خيف الإنكار , إنكار أحد المتعاقدين شرع الإشهاد , وقال:{واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان}

...إنكار أحد المتعاقدين شرع الإشهاد وقال: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان} . ثم الحديثان اللذان عندنا نقصر الكلام عليهما ؛ لأن الكلام على غيرهما قد يخرجنا فنقتصر على الكلام في هذين الحديثين:
الحديث الأول: حديث ابن عمر يقول صلى الله عليه وسلم: ((البيعان بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعا)) , الخيار: معناه أن لكل منهما أن يرجع , البائع والمشتري , كلاهما يسمى بائع , فلهذا قال: ((البيعان)) , وفي رواية: ((المتبايعان)) ((المتبايعان بالخيار)) ، وسبب ذلك أنه قد يندم أحدهما فيتمكن من استرجاع حقه ما داما مجتمعين , يقول: ((بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جمعيا)) أو يخير أحدهما صاحبه ، فإن خير أحدهما صاحبه فقد وجب البيع ، وإذا تفرقا فقد وجب البيع .
فأولاً هذا الخيار يسمى خيار المجلس ؛ وذلك لأنهما ما داما جالسين ، أو قائمين ، أو راكبين وتبايعا بعتك هذا الثوب ، بعتك هذا الكيس ، بعتك هذه السيارة , قد اشتريتها بكذا وبكذا , ما داما يمشيان جميعا , رجع أحدهما وقال: ندمت , يتمكن من ذلك , رجع البائع يقدر على الرجوع ، رجع المشتري يقدر على الرجوع ، ولو كان قد دفع الثمن يسترد ثمنه ويرد السلعة , هذا معنى الخيار ؛ وذلك لأن البيع قد يقع في وقت قصير لا يحصل فيه تأمل ولا تفكر ولا نظر , فيندم أحدهما , يندم البائع ويتذكر أنه بحاجة إلى ثوبه ، أو بحاجة إلى كتابه فيقول: ندمت , يندم المشتري ويذكر أنه لا حاجة له بهذه السلعة ، وأن عنده مثلها ، أو أنها رفيعة وغالية , فيقول رد علي دراهمي وخذ سلعتك . هذا معنى كونهما بالخيار , فما داما جميعا لم يتفرقا فإن الخيار ثابت .
وقد ذكر العلماء للتفرق حالات ، أقربها مثلاً أنه إذا تفرقا أدبر هذا وأدبر هذا , بحيث لو التفت إليه ودعاه باسمه لم يسمع , لو دعاه باسمه دعاء معتاد ، ولو رفع الصوت يا فلان لم يسمع يحسب هذا تفرق , كذلك مثلا إذا كانا في منزل فخرج أحدهما من حجرة ودخل الحجرة الثانية يعتبر قد تفرقا ، وكذلك لو اشترى منك مثلا في دكانك وغاب عنك في زقاق آخر أو في سكة أخرى خفي عليك اعتبر هذا تفرقا ، فبالتفرق يلزم البيع , لو قال بعد ذلك: ندمت , قاله البائع أو قاله المشتري , لم يقبل منه ؛ وذلك لأنه ينبني على هذا البيع ملكية التصرف , ما دام أنه قد لزم ، فالمشتري قد يلبس الثوب مثلا أو يلبس الحذاء ، أو يأكل من الطعام إذا كان مثلا فاكهة أو نحو ذلك ، والبائع قد يتصرف في النقود , قد يوفي بها دينًا ، قد يشتري بها سلعا , قد يصرفها , فإذا ندم بعد يوم أو بعد نصف يوم ، أوبعدما تفرقا , ما نفعه هذا الندم .
وكذلك لو تفرقا مثلا وكانا قد اشترطا خيارا فإن المسلمين على شروطهم , وذلك فيما إذا كان الأمر يحتاج إلى مشاورة في الأمور التي لها قيمة ، ولها قدر ولها مقام , كما لو اشترى أرضا مثلا بمائة ألف يحتاج إلى عمارتها , اشتراها بمائة ألف ونقد بعض الثمن ، ولكن اشترط وقال: لي الخيار خمسة أيام ، أو أسبوع , أستشير وأنظر , فله والحال هذه أن يرجع في خمسة هذه الأيام ؛ لأنه قد يسأل عن الجيران فلا يناسبونه مثلاً , وقد يبحث عن الثمن فقد لا يجده مجتمعاً عنده ، أو نحو ذلك , فلذلك يصح شرط الخيار .
أما إذا لم يشترط , اشترى منك الأرض بمائة ألف وأعطاك مقدم الثمن مثلا خمسة آلاف أو أكثر أو أقل ، ثم إنه ندم بعد يوم ، أو بعد نصف يوم ، أوبعد ساعة بعدما تفرقا , وقال: ندمت رأيت أني مغبون , خذ أرضك ورد عليَّ ثمني ، ليس له ذلك ؛ فإنه قد وجب البيع بالتفرق فلا يقدر , يستطيع البائع أن يشتكيه ويأخذ منه بقية الثمن .
وكذلك لو ندم البائع , لو فكر البائع وقال: إنني فكرت ، وإذاأنا بحاجة إلى أرضي ، أو إلى بستاني ، أو إلى عمارتي ولا أستغني عنها , فخذ دراهمك ورد عليَّ مفاتيحها ، أو رد عليَّ وثائقها , فامتنع المشتري , له ذلك , لا يقدر البائع أن يلزمه باسترجاعها ؛ وذلك لأنه ملكها بهذا العقد بمجرد التفرق , مجرد ما يحصل التفرق بينهما بدون شرط الخيار يلزم البيع ، ولا يحصل بذلك لأحدهما رجوع . هذا معنى كونه لهما الخيار .
لو أسقطه في حالة اجتماعهما سقط قبل أن يتفرقا , اشترى منك سيارة بثلاثين ألفا مثلا وفحصها وعرف صلاحيتها وقلتما جميعا , قال البائع: أنا بعتها بيعا منجزا لا خيار لي وليس لي أن أرجع , وقال المشتري: قبلتها واشتريتها وليس لي خيار , وليس لي أن أرجع , أسقطهو وهو جميعا قبل أن يتفرقا , يسقط ؛ وذلك لأنه ما أسقط سقط , فما دام قد تبايعا على ألا خيار بينهما فإنه يسقط , كما إذا اشترطاه مدة يوم ، أو مدة يومين ، أو مدة أسبوع يبقى , هذا معنى قوله: ((أو يخير أحدهما صاحبه)) فإن خير أحدهما صاحبه وتبايعا على ذلك فقد وجب البيع .
فالحاصل أنه يجب يعني يلزم البيع بالتفرق ، أو بإسقاط الخيار ، أو بمضي مدته التي اشترطت , إذا اشرطله الخيار خمسة أيام أو نحوها ومضت قبل أن يستقيل فإنه يلزم البيع ، لكن لو اشترى منك مثلاً بيتا وبعدما سلمك الثمن ندم بعد يوم أوبعد أيام وتفكر أنه مغبون ، وأنه خسر وجاء إليك وقال: رد عليَّ دراهي , ندمت , يسمى هذا نادم ، ويسمى رد دراهمه عليه إقالة , يسمى مستقيلا , يندب لك أن تقيله ؛ لأنه ورد في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم:((من أقال نادما بيعته أقال الله عثرته يوم القيامة)) .
وسواء كان الذي ندم هو البائع أو المشتري , قد يندم البائع ويقول: تسرعت في بيعي هذا المسكن الذي أسكنه أنا وأولادي ، أو بهذه السيارة التي أركبها , ندمت , رد علي بيتي أو سيارتي وخذ دراهمك فإني قدندمت , يستحب لك أن تقيله وترد عليه بيعه , هذا بعد اللزوم .
أما قبل التفرق فليس له أن يمتنع , من ندم منهما فليس للآخر أن يمتنع ، بل يفسخ بمجرد طلبه الفسخ ؛ لأن لكل منهما الفسخ , ويمكن أيضا أن يكون لأحدهما الخيار دون الآخر , لو تبايعا وهما في المجلس فقال البائع: أنا بعته جزما ولا خيار لي , وسكت المشتري ، ثم ندم المشتري فله الخيار ، وأما البائع فليس له خيار إذا ندم وليس له الإقالة , وكذا العكس .
أما قوله صلى الله عليه وسلم في حديث حكيم: ((فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما , وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما)) ، في هذا يحث صلى الله عليه وسلم على الصدق وعلي البيان , ((صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما)) , وهذه الجملة قد تحتاج إلى كلام طويل ، ولكن نذكر عليها كلمات قليلة يظهر بها المعنى المراد إن شاء الله:
فنقول: واجب على البائع أن ينصح لأخيه المشتري ، وأن يبين له الحقيقة التي يقع فيها , فإذا علم مثلا أنه مغبون ، وأن السلع رخيصة , فعليه أن يبين ولا ينتهز غفلته ؛ وذلك لأن كثيرا من المشترين قد يدخل السوق ولا يشعر مثلا أن السلع قد رخصت وقد نزلت , فيشتري غاليا , يشتري مثلا العمامة بخمسين , يشتري الثوب بأربعين ، وهي رخيصة عند الناس ولا يدري , المشتري جاهل , في نظره أن هذه هي السلع ، ولكن البائع عالم , عالم بأنه مغبون ، وعالم بأنه سيجد أرخص منها , فيبيعه والحال هذه . نقول: لا , بل على المشتري أن يبحث , وعلى البائع أن ينصح ويبين .
كذلك أيضا كثير من الباعة قد يكتمون العيوب ، ويكتمون المصالح , فيبيع السيارة وهو يعلم فيها مثلا ..يعلم فيها عيبا ، ويعلم فيها نقصا ويقول: أبيعك هذه السيارة التي أمامك وأنا غير مسئول عنها . نقول: لا يكفي ذلك لقوله: ((فإن صدقا وبينا)) لا تكتم العيب الذي تعلمه , أخبر بما فيها بما أنت تعلمه , قل: ينقصها كذا وكذا ، وفيها عيب كذا وكذا , ولست بمسئول عن غيره من العيوب فلا أدري , هذا الذي أعرفه . هذا هو البيان . وكذلك جميع الحالات لا بد من بيان ما تعرفه في هذه السلعة . هذا معنى قوله:((صدقا وبينا)) .
كذلك مثلا لو استرشدك ذلك المشتري أو البائع وقال مثلا البائع: أنا أبيعك بما يبيع الناس , والبائع جاهل , جاهل ببيع هذه السلع مثلا , أكياس مثلا أو غتر أو ثياب جاء بها إلى هذا السوق وقال: أبيعك مثل ما يبيعون الناس ، أو مثل ما يشترون , خدعته أنت وقلت: الناس يشترونها بخمسين وأنت تعلم أنهم يشترونها بستين أو بخمسة وخمسين ونحو ذلك , فصدقك وباعك , ففي هذه الحال قد كتمت ، والرسول يقول: ((وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)) عليك أن تبين وتقول: الناس يشترونها بخمسة وخمسين مثلا ويطلبون الربح فيها فأنا أشتري كما يشتري الناس ، وكذلك لو قال لك: بعنيمثلما يبيع الناس , أنت تعرف أن الناس يبيعون بعشرة فكتمت وقلت: بخمسة عشر الناس يبيعون بخمسة عشر وأنت كاذب, تعرف أنهم يبيعون بعشرة وهممع ذلك يربحون ؛ لأنهم قد اشتروا بتسع أو اشتروا بثمانية , فلا شك أن هذا أيضا منالكذب , من الكذب والكتمان ((فإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما)) والأمثلة على ذلك كثيرة لا نطيل بها .
فبكل حال يلتزم الإنسان الصدق , فلا يهتبل غفلة المشتري ويزيد عليه ويكتمه ما الناس فيه ، وكذلك لا يهتبل غفلته فيشتري منه وهو جاهل , كثير من الناس إذا رأى رغبة في الأرض الفلانية أتى إلى صاحبها وخدعه واشترى منه وهو يعلم أنها محل رغبة وأن الناس سيقبلون عليها وأن سعرها قد ارتفع وهو لا يعلم , فيخدعه ويشتريها برخص . وهذا من الكتمان .
وكذلك كثير من الناس يعلم أنمثلا هذه المساكن ونحوها قد نزعت ملكيتها وسيعوض أهلها فيأتي إلى أهلها ، أو إلى بعضهم ويشتريها منهم برخص ويكتمهم حتى يكون له التعويض وأشباه ذلك . هذا كله من الكتمان داخل في هذا الحديث ((فإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما)) .
البركة: هي كثرة الخير , أخبر بأنه مع الصدق والبيان تحصل البركة , ومع الكذب والكتمان يحصل المحق , والمحق قد يكون حقيقيًا وقد يكون معنويا , والحقيقي هو أنه ولو كثرت أمواله ولو كثرت أرباحه وتجارته فإنه لا يجد لها أثرًا , بحيث أنه يبقى قلبه فقير ، أو أنه يتسلط عليها وينفقها في أشياء لا أهمية لها , فلا يجد لها موقعا ، أو أن الله تعالى يتلفها , يتلفها إتلافا ظاهرا , فيبقى فقيرا مدقعا بسبب كونه لم ينصح لإخوته المسلمين ولم يصدقهم ولم يبين .

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, خيار

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:58 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir