دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > عمدة الأحكام > كتاب الحج

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 02:43 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي باب الغسل للمحرم

بَابُ الْغُسْلِ لِلْمُحْرِمِ

عن عبدِ اللهِ بنِ حُنَيْنٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُمَا، وَالْمِسوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ اخْتَلَفَا بِالأَبْوَاءِ، فقَالَ ابنُ عبَّاسٍ: يَغْسِلُ المُحْرِمُ رَأْسَهُ، وَقالَ الْمِسْوَرُ: لاَ يَغْسِلُ المُحْرِمُ رَأْسَهُ، قالَ: فأَرْسَلَنِي ابنُ عَبَّاسٍ إلى أَبي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ فَوَجَدتُّهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ وَهُوَ يَسْتَتِرُ بِثَوْبٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ. فقالَ: مَن هذَا؟ فَقُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ حُنَيْنٍ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ ابنُ عَبَّاسٍ يَسْأَلُكَ: كَيْفَ كانَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يَغْسِلُ رَأسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ فَوَضَعَ أبو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ، فَطأْطَأَهُ، حتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ، ثُمَّ قالَ لإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ المَاءَ: اصْبُبْ. فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ، فأقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، ثُمَّ قالَ: هكَذَا رَأَيْتُهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يَفْعَلُ.
وفي روايَةٍ، فقالَ المِسْوَرُ لابنِ عَبَّاسٍ: لاَ أُمَارِيكَ أَبَدًا.
الْقَرْنَانِ: الْعَمُودَانِ اللَّذَانِ تُشَدُّ فِيهِمَا الْخَشَبَةُ التي تُعَلَّقُ عَلَيْهَا البَكَرَةُ.

  #2  
قديم 14 ذو القعدة 1429هـ/12-11-2008م, 11:07 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تصحيح العمدة للإمام بدر الدين الزركشي (النوع الثاني: التصحيح اللغوي)

الأبواءُ.
بفتْحِ الهمزةِ وسكونِ الموحَّدةِ وبالمدِّ موضِعٌ بينَ مكَّةَ والمدينةِ .
البكْرَةُ .
بإسكانِ الكافِ وتُجمَعُ على بُكُرٍ بتحريكِها قالَه في ( الصِّحاحِ ) وقد تَوهَّمَ منْعَ التحريكِ في المفرَدِ وليس كذلك لكونِ القَزَّازِ في (غريبِ البخاريِّ) حَكَى فيها التحريكَ والإسكانَ .

  #3  
قديم 14 ذو القعدة 1429هـ/12-11-2008م, 11:12 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي خلاصة الكلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

بابُ الغُسْلِ للمُحْرِمِ

الْحَدِيثُ الثالثُ والثلاثونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ
عنْ عبدِ اللَّهِ بنِ حُنَيْنٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُمَا، وَالْمِسوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ اخْتَلَفَا بِالأَبْوَاءِ، فقَالَ ابنُ عبَّاسٍ: يَغْسِلُ المُحْرِمُ رَأْسَهُ، وَقالَ الْمِسْوَرُ: لَا يَغْسِلُ المُحْرِمُ رَأْسَهُ، قالَ: فأَرْسَلَنِي ابنُ عَبَّاسٍ إلى أَبي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ وَهُوَ يُسْتَرُ بِثَوْبٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ. فقالَ: مَنْ هذَا؟ قُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بنُ حُنَيْنٍ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ ابنُ عَبَّاسٍ يَسْأَلُكَ: كَيْفَ كانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ رَأسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ فَوَضَعَ أبو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ، فَطأْطَأَهُ، حتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ، ثُمَّ قالَ لإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهَا المَاءَ: اصْبُبْ. فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ، فأقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، ثُمَّ قالَ: هكَذَا رَأَيْتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ)).
وفي روايَةٍ، فقالَ المِسْوَرُ لابنِ عَبَّاسٍ: لَا أُمَارِيكَ أَبْدًا، الْقَرْنَانِ: الْعَمُودَانِ اللَّذَانِ تُشَدُّ فِيهِمَا الْخَشَبَةُ التي تُعَلَّقُ عَلَيْهَا بَكَرةُ البِئْرِ.

المُفْرَدَاتُ:
قَوْلُهُ: (الأَبْوَاءِ). موضعٌ بينَ مكَّةَ والمدينةِ بقُرْبِ (ستورةَ) يَقَعُ عنها شَرْقًا بنحوِ ثلاثِ كيلومتراتٍ.
قَوْلُهُ: (طَأْطَأَهُ). أيْ طَامَنَ الثوبَ لِيَرَى رأسَهُ وهوَ يَغْتَسِلُ.
قَوْلُهُ: (أُماريكَ). أُجادِلُكَ.

فِيهِ مَسَائِلُ:
الأُولَى: جوازُ غسلِ المحرمِ رأسَهُ ولوْ أُرِيدَهُ عَلَيْهِ إذا لم يَنْتِفْ شَعْرًا.
الثَّانِيَةُ: قَبُولُ خَبَرِ الواحدِ في المَسَائِلِ الدينيَّةِ.
الثَّالِثَةُ: الرجوعُ إلى النصوصِ الشرعيَّةِ عندَ الاختلافِ.
الرَّابِعَةُ: جوازُ السلامِ على المُغْتَسِلِ والمُتَوَضِّئِ.
الْخَامِسَةُ: اسْتِحْبَابُ التَّسَتُّرِ وقتَ الغُسْلِ.
السَّادِسَةُ: جوازُ الاستعانةِ على الطهارةِ.

  #4  
قديم 14 ذو القعدة 1429هـ/12-11-2008م, 11:13 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تيسير العلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

بَابُ الْغَسْلِ لِلْمُحْرِمِ

الْحَدِيثُ الخامسُ والثَّلاثُونَ بعدَ الْمِائَتَيْنِ
عن عبدِ اللَّهِ بنِ حُنينٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضِيَ اللَّهُ عنهما، وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ رضِيَ اللَّهُ عنهُ اخْتَلَفَا بِالأَبْوَاءِ، فقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَغْسِلُ المُحْرِمُ رَأْسَهُ، وَقالَ الْمِسْوَرُ: لاَ يَغْسِلُ المُحْرِمُ رَأْسَهُ. قالَ: فأَرْسَلَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ إلَى أَبي أَيَّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضِيَ اللَّهُ عنهُ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ, وَهُوَ يَسْتَتِرُ بِثَوْبٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ. فَقَالَ: مَنْ هذَا؟ فَقُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بنُ حُنَيْنٍ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْأَلُكَ: كَيْفَ كانَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ رَأسَهُ, وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ فَوَضَعَ أبو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ، فَطأْطَأَهُ، حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ، ثمَّ قالَ لإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ المَاءَ: اصْبُبْ. فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ، فأقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، ثمَّ قالَ: هكَذَا رَأَيْتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ.
وفي روايةٍ: فقالَ المسورُ لِابْنِ عبَّاسٍ: لاَ أُمَارِيكَ بَعْدَهَا أَبَدًا.
القَرْنانِ: العمُودانِ اللذانِ تُشَدُّ فيهما الخشبةُ التي تُعَلَّقُ عليهَا بَكَرةُ البئرِ.(34)
__________________
( 34 ) الغريبُ:
الأبْوَاءُ: بفتحِ الهمزةِ وسكُونِ الباءِ الموحَّدةِ ممدودًا، موضعٌ بين مكَّةَ والمدينةِ, يقعُ شرقيَّ قريَّةِ مستورةَ بنحوِ ثلاثةِ كيلومتراتٍ. وسيلُ الأبواءِ ومستورةُ واحدٌ. وما تزالُ الأبواءُ معروفةً بهذا الاسمِ حتَّى الآنَ.
القَرْنَانِ: بفتحِ القافِ تثنيَةُ قَرْنٍ، وهما الخشبتانِ القائمتانِ علَى رأسِ البئرِ، وتُمَدُّ بينهما خشبةٌ تُعلَّقُ عليهَا البَكَرةُ، أو يَجُرُّ عليهَا المُستقِي الحبلَ إذا لم يجدْ بكرةً، وتُسمَّى هاتانِ الخشبتانِ في نجدٍ الآنَ ( القَامَةَ ).
طَأْطَأَهُ: أيْ: طَامَنَهُ، يعني الثوبَ، ليرَى الرسولُ رأسَهُ من ورائِهِ.
أُمَارِيكَ: أُجَادِلُكَ.
المعنَى الإجماليُّ:
اختلفَ عبدُ اللَّهِ بنُ عبَّاسٍ والمِسْوَرُ بنُ مخرمةَ رضي اللَّهُ عنهم، في جوازِ غَسْلِ المُحرِمِ رأسَهُ. فذهبَ المسورُ إلَى المنعِ؛ خشيَةَ سقوطِ الشعرِ من أثرِ الغسلِ؛ ولأنَّ في الغسلِ ترفُّهًا، وينبغِي للمُحرِمِ أنْ يكونَ أشعثَ أغبرَ، وذهبَ ابنُ عبَّاسٍ إلَى الجوازِ، استصحابًا للأصلِ، وهو الإباحةُ، إلا بدليلٍ ( وهذا هو الفِقْهُ ). فأرسلا عبدَ اللَّهِ بنَ حُنَيْنٍ إلَى أبي أيُّوبَ الأنصاريِّ رضي اللَّهُ عنهُ، وهم في طريقِ مكَّةَ - ليسألَهُ فوجدَهُ عبدُ اللَّهِ بنُ حنينٍ - من تسهيلِ اللَّهِ وتبيينِهِ الأحكامَ لخلْقِهِ - يغتسلُ عندَ فمِ البئْرِ، ومستتِرًا بثوبٍ, وهو مُحرِمٌ. فسلَّمَ عليهِ, وأخبرَهُ أنَّهُ رسولُ ابنِ عبَّاسٍ لِيسألَهُ: كيفَ كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يَغْسِلُ رأسَهُ, وهو مُحرِمٌ؟. فمن حُسْنِ تعليمِ أبي أيُّوبَ رضي اللَّهُ عنهُ، واجتهادِهِ في تقريرِ العِلْمِ، أرْخَى الثوبَ وأبْرَزَ رأسَهُ، وأمَرَ إنسانًا عندَهُ أنْ يَصُبَّ الماءَ علَى رأسِهِ، فصبَّهُ عليهِ، ثم حرَّكَ رأسَهُ بيدَيْهِ، فأقبلَ بهما وأدْبَرَ.
وقالَ لعبدِ اللَّهِ بنِ حنينٍ: هكذا رأيتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يغتسلُ.
فلمَّا جاءَ الرسولُ، وأخبَرَهما بتصويبِ ما رآهُ عبدُ اللَّهِ بنُ عبَّاسٍ ـ وكانَ رائدَهم الحقُّ، وبُغيتَهم الصوابُ ـ رجعَ المسورُ رضي اللَّهُ عنهُ، واعترفَ بالفضلِ لصاحبِهِ، فقال: لا أُمَارِيكَ أبدًا.
ما يُؤخذُ من الحديثِ:
1- جوازُ غسلِ المُحرِمِ رأسَهُ، ويستوِي فيهِ أنْ يكونَ ترفُّهًا، أو تنظُّفًا، أو تبرُّدًا، أو عن جنابةٍ.
2- جوازُ إمرارِ اليدِ علَى شعْرِ الرأسِ بالغَسْلِ إذ لم يَنْتِفْ شَعْرًا، ويُسْقِطْهُ.
في الحديثِ دليلٌ علَى جوازِ المناظرةِ في مسائلِ الاجتهادِ، والاختلافِ فيهَا، والرجوعِ إلَى مَن يُظَنُّ عندَهُ العِلْمُ بهَا.
3- قَبُولُ خبرِ الواحدِ في المسائلِ الدِّينيَّةِ وأنَّ العملَ بِهِ سائغٌ شائعٌ عندَ الصحابةِ.
4- الرجوعُ إلَى النصوصِ الشرعيَّةِ عندَ الاختلافِ، وترْكُ الاجتهادِ والقياسِ عندَهَا.
5- جوازُ السلامِ علَى المتطهِّرِ في وضوءٍ أو غُسْلٍ، ومحادثتِهِ عندَ الحاجةِ.
6- استحبابُ التستُّرِ وقتَ الغسلِ، فإنْ خافَ مَن يَنْظُرُ إليهِ وجَبَ.
7- جوازُ الاستعانةِ في الطهارةِ بالغيرِ.
8- سؤالُ ابنِ عبَّاسٍ أبَا أيُّوبَ يفيدُ أنَّ عندَهُ عِلْمًا نقليًّا عن غسلِ المُحرِمِ، وأنَّ أبا أيُّوبَ يَعْرِفُ ذلك، فقد سألَهُ عن كيفيَّةِ الغَسْلِ، لا عن أصْلِهِ.
9- قال شيخُ الإسلامِ: ويُستحبُّ الغُسْلُ للإحرامِ، ولو كانت ( المُحرِمَةُ ) نُفَسَاءَ أو حائضًا, وإن احتاجَ ( المُحرِمُ ) إلَى التنظيفِ، كتقليمِ الأظافرِ، ونتفِ الإبطِ، وحلْقِ العانةِ، ونحوِ ذلك، فعلَ ذلك.
وهذا ليسَ من خصائصِ الإحرامِ، ولكنَّهُ مشروعٌ بحسبِ الحاجةِ، وهكذا يُشْرَعُ للجمعةِ والعيدِ علَى هذا الوجْهِ.
قلتُ: والغسلُ الذي تجادلَ فيهِ ابنُ عبَّاسٍ والمِسْورُ ليسَ الغسلَ من أجلِ الإحرامِ، وإنَّما هو الغسلُ أثناءَ الإحرامِ، وهو الذي فعلَهُ أبو أيُّوبَ.

  #5  
قديم 14 ذو القعدة 1429هـ/12-11-2008م, 11:14 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي إحكام الأحكام لتقي الدين ابن دقيق العيد

بابُ الغُسْلِ للمُحْرِمِ

240 - الحديثُ الأَوَّلُ: عن عبدِ اللّهِ بنِ حُنَيْنٍ، ((أَنَّ عَبْدَ اللّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، وَالمِسْوَرَ بنَ مَخْرَمَةَ، اخْتَلَفَا بالأَبْوَاءِ، فَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: يَغْسِلُ المُحْرِمُ رَأْسَهُ، وَقَالَ المِسْوَرُ: لاَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ قَالَ: فَأَرْسَلَني اْبنُ عَبَّاسٍ إِلَى أبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ القَرْنَيْنِ، وَهُوَ يُسْتَرُ بِثَوْبٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ حُنَيْنٍ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ ابنُ عَبَّاسٍ، يَسْأَلُكَ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ، وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ، فَطَأْطَأَهُ، حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ، ثُمَّ قَالَ لإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ المَاءَ: اصْبُبْ، فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ، فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتسِلُ)).
وَفِي روايةٍ: ((فَقَالَ المِسْوَرُ لابنِ عَبَّاسٍ: لاَ أُمَارِيكَ أَبَدًا )). ((القَرْنَانِ)) العَمُودَانِ اللَّذَاَنِ تُشَدُّ فِيهِمَا الْخَشَبَةُ الَّتِي تُعَلَّقُ عَلَيْهَا البَكَرَةُ.
((الأَبْوَاءِ)) بفتحِ الهمزةِ، وسكونِ الباءِ المُوَحَّدَةِ والمَدِّ: موضعٌ مُعَيَّنٌ بَيْنَ مَكَّةَ والمدينةِ.
وَفِي الحديثِ دليلٌ عَلَى جوازِ المُنَاظَرَةِ فِي مسائلِ الاجتهادِ، والاختلافِ فِيْهَا إِذَا غَلَبَ عَلَى ظنِّ المُخْتَلِفِينَ فِيْهَا حكمٌ، وَفِيْهِ دليلٌ عَلَى الرجوعِ إِلَى مَن يُظَنُّ بِهِ أن عندَه علمًا فيما اخْتُلِفَ فِيْهِ.
وَفِيْهِ دليلٌ عَلَى قبولِ خبرِ الواحدِ، وأن العملَ بِهِ سائغٌ شائعٌ بَيْنَ الصحابة؛ لأنَ ابنَ عبَّاسٍ أرسلَ عبدَ اللهِ بنَ حُنَيْنٍ؛ لِيَسْتَعْلِمَ لَهُ علمَ المَسْأَلَةِ، ومِن ضرورتِه قبولُ خبرِه عن أبِي أيُّوبَ فيما أُرْسِلَ فِيْهِ، و((القَرْنَانِ)) فسَّرَهُما المصنِّفُ.
وَفِيْهِ دليلٌ عَلَى التَّسَتُّرِ عندَ الغُسْلِ، وَفِيْهِ دليلٌ عَلَى جوازِ الاسْتِعَانَةِ فِي الطهارةِ؛ لقولِ أبِي أيُّوبَ: ((اصْبُبْ)) وَقَدْ وردَ فِي الاستعانةِ أحاديثُ صحيحةٌ، وورَدَ فِي تَرْكِها شيءٌ لاَ يُقَابلُها فِي الصحَّةِ.
وَفِيهِ دليلٌ عَلَى جوازِ السَّلامِ عَلَى المُتَطَهِّرِ فِي حالِ طهارتِه، بخلافِ مَن هُوَ عَلَى الحَدَثِ، وَفِيْهِ دليلٌ عَلَى جوازِ الكلامِ فِي أثناءِ الطهارةِ، وَفِيْهِ دليلٌ عَلَى تحريكِ اليدِ عَلَى الرأسِ فِي غُسْلِ المُحْرِمِ إِذَا لم يُؤَدِّ إِلَى نَتْفِ الشعرِ.
وقولُه: ((أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ ابنُ عَبَّاسٍ، يَسْأَلُكَ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ؟)). يُشْعِرُ بأن ابنَ عبَّاسٍ كَانَ عندَه عِلْمٌ بأصلِ الغَسْلِ، فإنَّ السؤالَ عن كيفيَّةِ الشيءِ، إِنَّمَا يكونُ بعدَ العلمِ بأصلِه، وَفِيْهِ دليلٌ عَلَى أن غَسْلَ البدنِ كَانَ عندَه متقرِّرَ الجوازِ، إذ لم يسألْ عَنْهُ، وإنما سألَ عن كيفيَّةِ غَسْلِ الرأْسِ، ويحتملُ أنْ يكونَ ذَلِكَ؛لأنه موضعُ الإشكالِ فِي المسألةِ؛ إذ الشعرُ عَلَيْهِ، وتحريكُ اليدِ فِيْهِ يُخَافُ مِنْهُ نتفُ الشعرِ.
وَفِيْهِ دليلٌ عَلَى جوازِ غُسْلِ المُحْرِمِ، وَقَدْ أُجْمِعَ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ جُنُبًا، أَوْ كَانَتْ المرأةُ حائضًا، فَطَهُرَتْ، وبالجملةِ الأغسالُ الواجبةُ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ تبرُّدًا مِن غيرِ وجوبٍ، فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيْهِ، فَالشَّافعيُّ يجيزُه، وزادَ أصحابُه، فقالُوا: لَهُ أن يغسلَ رأسَه بالسِّدْرِ والخَطْمِيِّ، وَلاَ فديةَ عَلَيْهِ، وَقَالَ مَالكٌ وَأَبُو حنيفةَ: عَلَيْهِ الفديةُ. أعني: غسلَ رأسِه بَالْخَطْميِّ وَمَا فِي معناه، فإن اسْتُدِلَّ بالحديثِ عَلَى هَذَا المُخْتَلَفِ فِيْهِ فَلاَ يقوى؛ لأن المذكورَ حكايةُ حالٍ، لاَ عمومُ لَفْظٍ، وحكايةُ الحالِ تحتملُ أن تكونَ هِيَ المُخْتَلَفَ فِيْهَا، وتحتملُ أن لاَ، وَمَعَ الاحتمالِ لاَ تقومُ حُجَّةٌ.

  #6  
قديم 14 ذو القعدة 1429هـ/12-11-2008م, 11:15 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح عمدة الأحكام لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز (مفرغ)

باب الغسل للمحرم
عن عبد الله بن حنين، أن عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما والمسور بن مخرمة اختلفا بالأبواء، فقال ابن عباس: يغسل المحرم رأسه، وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه، قال: فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري فوجدته يغتسل بين القرنين، وهو يستتر بثوب، فسلمت عليه، فقال: من هذا فقلت أنا عبد الله بن حنين، أرسلني إليك ابن عباس يسألك، كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرم، فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه، ثم قال لإنسان يصب عليه الماء، اصبب، فصب على رأسه ثم حرك رأسه بيديه، ثم أقبل هما وأدبر، ثم قال: هكذا رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل، وفي رواية، فقال المسور لابن عباس لا أماديك بعدها أبدا
. . .
الشرح:
الحمد لله، والصلاة على رسول الله، أما بعد: هذه الأحاديث تتعلق بشئون الحج.
الحديث الأول: في قصة الغسل للمحرم، حديث ابن عباس والمسور واختلافهما في ذلك، قال: يغسل ابن عباس المحرم رأسه، قال المسور: لا يغسله، ووجه استدلال المسور بن مخرمة رضي الله عنه، أنه ظن أن الغسل لا يجوز للمحرم؛ لأنه قد يسبب شيئاً من السقوط للشعر، وابن عباس استند إلى ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، ولهذا أرسل عبد الله بن حنين إلى أبي أيوب الأنصاري، وهو خالد بن زيد الأنصاري يسأله عن ذلك، بين له أبو أيوب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغسل رأسه عليه الصلاة والسلام، كان يصب الماء على رأسه، فيمر يديه على رأسه، فدل ذلك على أنه لا بأس من اغتسال المحرم، وهذا هو الصواب؛ لأنه فِعْلُ النبي عليه الصلاة والسلام، فالمحرم لا بأس أن يغتسل، للحَر أو لإزالة الوسخ ونحو ذلك، أو قد يحتلم فيغتسل، ولا يضره ذلك، لو سقط شيء من الشعر عند مروره بيديه على رأسه لا يضره ذلك؛ لأن مثل هذا الشعر إنما يكون شعرا ميتا يسقط بأقل لمس، وبذلك ظهر إصابة ابن عباس وجواز غَسْله لرأسه، ولهذا قال المسور: لا أماريك بعدها أبدا؛ لأن ظهور الحجة معه والدليل، وكان ابن عباس رضي الله عنه بحرا من العلم، وقد أعطاه الله علما كثيرا، وحفظ من السنة الشيء الكثير، وتفقه فيها، وسأل عنها الصحابة رضي الله عنهم أجمعين وأرضاهم، ولهذا حصل على علم كثير رضي الله عنه، ولهذا يقال له: حبر الأمة، وترجمان القرآن، رضي الله عنه وأرضاه.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الغسل, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:12 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir