دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الطهارة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 ذو القعدة 1429هـ/19-11-2008م, 12:46 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي باب الغسل

بابُ الغُسْلِ
ومُوجِبُه خُروجُ الْمَنِيِّ دَفْقًا بلَذَّةٍ لا بدونِها من غيرِ نائمٍ. وإن انْتَقَلَ ولم يَخْرُجْ اغْتَسَلَ له، فإنْ خَرَجَ بعدَه لم يُعِدْه، وتَغَيُّبُ حَشَفَةٍ أَصْلِيَّةٍ في فَرْجٍ أَصْلِيٍّ قُبُلًا كان أو دُبُرًا ولو من بَهيمةٍ أو مَيِّتٍ، وإسلامُ كافرٍ، وموتٌ، وحَيْضٌ، ونِفاسٌ، لا وِلادةٌ عاريةٌ عن دَمٍ، ومَن لَزِمَه الغُسْلُ حَرُمَ عليه قِراءةُ القرآنِ. ويَعْبُرُ المسجدَ لحاجةٍ ولا يَلْبَثُ فيه بغيرِ وُضوءٍ. ومَن غَسَّلَ مَيِّتًا أو أَفاقَ من جُنونٍ أو إغماءٍ بلا حُلْمٍ سُنَّ له الغُسْلُ.


  #2  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 04:12 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

....................

  #3  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 04:13 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي


بابُ الغُسْلِ
بضَمِّ الغَيْنِ: الاغتِسَالُ،؛ أي: استِعْمَالُ الماءِ في جميعِ بدَنِه على وَجْهٍ مَخْصُوصٍ. وبالفَتْحِ: المَاءُ أو الفِعْلُ وبالكَسْرِ: ما يُغْسَلُ بهِ الرَّأْسُ مِن خَطْمِيٍّ وغَيْرِه.
(ومُوجِبُه) سِتَّةُ أَشْيَاءَ:
أَحَدُها: (خُرُوجُ المَنِيِّ) مِن مَخْرَجِه (دَفْقاً بلَذَّةٍ لا) إن خرجَ (بدُونِهَا مِن غَيْرِ نَائِمٍ) ونَحْوِه، فلو خرجَ مِن يَقْظَانَ لغَيْرِ ذلك كبَرْدٍ ونَحْوِه مِن غيرِ شَهْوَةٍ لم يَجِبْ به غُسْلٌ؛ لحديثِ عَلِيٍّ يَرْفَعُه ((إِذَا فَضَخْتَ المَاءَ فَاغْتَسِلْ، وإِنْ لَمْ تَكُنْ فَاضِخاً فَلا تَغْتَسِلْ)) رواهُ أَحْمَدُ.
والفَضْخُ: هو خُرُوجُه بالغَلَبَةِ، قالَهُ إِبْرَاهِيمُ الحَرْبِيُّ؛ فعلى هذا يكونُ نَجِساً وليسَ بمَذْيٍ، قالَهُ في (الرِّعَايَةِ)، وإِنْ خرجَ المَنِيُّ مِن غَيْرِ مَخْرَجِه كما لو انكَسَرَ صُلْبُه فخَرَجَ مِنْهُ لم يَجِبِ الغُسْلُ، وحُكْمُه كالنَّجَاسَةِ المُعْتَادَةِ، وإنْ أَفَاقَ نَائِمٌ أو نَحْوُه يُمْكِنُ بُلُوغُه فَوَجَدَ بَلَلاً؛ فإن تَحَقَّقَ أنَّهُ مَنِيٌّ اغتَسَلَ فَقَط ولو لم يَذْكُرِ احتِلاماً، وإن لم يَتَحَقَّقْهُ مَنِيًّا؛ فإنْ سَبَقَ نَوْمَهُ مُلاعَبَةٌ أو نَظَرٌ أو فِكْرٌ أو نَحْوُه أو كان به أَبْرِدَةٌ لم يَجِبِ الغُسْلُ، وإلا اغتسَلَ وطَهَّرَ ما أصَابَهُ احتِيَاطاً.
(وإن انتقَلَ) المَنِيُّ (ولم يَخْرُجْ اغتَسَلَ لَه)؛ لأنَّ الماءَ قد باعَدَ مَحِلَّهُ فصَدَقَ عليه اسمُ الجُنُبِ، ويَحْصُلُ به البُلُوغُ ونَحْوُه ممَّا يَتَرَتَّبُ على خُرُوجِه، (فإِنْ خَرَجَ) المَنِيُّ (بَعْدَهُ)؛ أي: بعدَ غُسْلِه لانتِقَالِه (لم يُعِدْهُ)؛ لأنَّهُ مَنِيٌّ وَاحِدٌ فلا يُوجِبُ غُسْلَيْنِ.
(و) الثَّانِي: (تَغَيُّبُ حَشَفَةٍ أَصْلِيَّةٍ) أو قدرُها إن فُقِدَت، وإن لم يُنْزِلْ
(في فَرْجٍ أَصلِيٍّ قُبُلاً كانَ أو دُبُراً) وإن لم يَجِدْ حَرَارَةً، فإنْ أَوْلَجَ الخُنْثَى المُشْكِلُ حَشَفَتَهُ في فَرْجٍ أَصْلِيٍّ ولم يُنْزِلْ، أو أَوْلَجَ غَيْرُ الخُنْثَى ذَكَرَهُ في قُبُلِ الخُنْثَى؛ فلا غُسْلَ على واحدٍ مِنْهُمَا إن لم يُنْزِلْ، ولا غُسْلَ إذا مَسَّ الخِتَانُ الخِتَانَ مِن غيرِ إِيلاجٍ ولا بإيلاجِ بَعْضِ الحَشَفَةِ، (ولو) كانَ الفَرْجُ (مِن بَهِيمَةٍ أو مَيِّتٍ) أو نَائِمٍ أو مَجْنُونٍ أو صَغِيرٍ يُجَامِعُ مِثْلَهُ، وكذا لو استَدْخَلَت ذَكَرَ نَائِمٍ أو صَغِيرٍ ونَحْوِه.
(و) الثَّالِثُ: (إِسْلامُ كَافِرٍ) أَصْلِيًّا كانَ أو مُرْتَدًّا ولو مُمَيِّزاً، أو لم يُوجَدْ في كُفْرِه ما يُوجِبُه؛ لأنَّ قَيْسَ بنَ عَاصِمٍ أَسْلَمَ فأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ أن يَغْتَسِلَ بمَاءٍ وسِدْرٍ، رواهُ أَحْمَدُ والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ. ويُسْتَحَبُّ له إِلْقَاءُ شَعْرِه، قالَ أَحْمَدُ: ويَغْسِلُ ثِيَابَهُ.
(و) الرَّابعُ :(مَوْتُ) غَيْرِ شَهِيدِ مَعْرَكَةٍ ومَقْتُولٍ ظُلْماً، ويَأْتِي.
(و) الخَّامِسُ: (حَيْضٌ و) السَّادِسُ: (نِفَاسٌ) ولا خلافَ في وُجُوبِ الغُسْلِ بهما، قالَهُ في (المُغْنِي) فيَجِبُ بالخُرُوجِ والانقِطَاعُ شَرْطٌ (لا وِلادَةٌ عَارِيَةٌ عَن دَمٍ) فلا غُسْلَ بها والوَلَدُ طَاهِرٌ.
(ومَن لَزِمَهُ الغُسْلُ) لشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ (حَرُمَ عليه) الصَّلاةُ والطَّوَافُ ومَسُّ المُصْحَفِ و (قِرَاءَةُ القُرْآنِ)؛ أي: قِرَاءَةُ آيَةٍ فصَاعِداً، وله قَوْلُ مَا وَافَقَ قُرْآناً إن لم يَقْصِدْهُ كالبَسْمَلَةِ والحَمْدَلَةِ ونَحْوِهِمَا كالذِّكْرِ، وله تَهَجِّيهِ والتَّفَكُّرُ فيه وتَحْرِيكُ شَفَتَيْهِ به ما لم يُبَيِّنِ الحُرُوفَ، وقِرَاءَةُ بَعْضِ آيَةٍ ما لم تَطُلْ، ولا يُمْنَعْ مِن قِرَاءَتِه مُتَنَجِّسُ الفَمِ، ويُمْنَعِ الكَافِرُ مِن قِرَاءَتِه ولو رُجِيَ إِسْلامُه.
(ويَعْبُرُ المَسْجِدَ)؛ أي: يَدْخُلُه لقَوْلِه تعَالَى: {وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ}؛ أي: طَرِيقٍ (لحَاجَةٍ) وغَيْرِهَا على الصَّحِيحِ، كما مَشَى عليه في (الإِقْنَاعِ) وكَوْنُهُ طَرِيقاً قَصِيراًَ حَاجَةٌ، وكَرِهَ أَحْمَدُ اتِّخَاذَهُ طَرِيقاً.
ومُصَلَّى العيدِ مَسْجِدٌ لا مُصَلَّى الجَنَائِزِ. (ولا) يجوزُ أنْ (يَلْبَثَ فيهِ)؛ أي:
في المَسْجِدِ مَن عليه غُسْلٌ (بغيرِ وُضُوءٍ)، فإنْ تَوَضَّأَ جَازَ له اللُّبْثُ فيه، ويُمْنَعُ مِنْهُ مَجْنُونٌ وسَكْرَانٌ ومَن عليه نَجَاسَةٌ تَتَعَدَّى، ويُبَاحُ به وُضُوءٌ إن لم يُؤْذِهِمَا، وإذا كانَ الماءُ في المَسْجِدِ جازَ دُخُولُه بلا تَيَمُّمٍ، وإنْ أرادَ اللُّبْثَ فيه للاغتِسَالِ تَيَمَّمَ، وإنْ تَعَذَّرَ المَاءُ واحتَاجُ للُّبْثٍ جَازَ بلا تَيَمُّمٍ.
(ومَنْ غَسَّلَ مَيِّتاً) مُسْلِماًَ أو كَافِراً سُنَّ لهُ الغُسْلُ لأَمْرِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بذلك، رواهُ أَحْمَدُ وغَيْرُه.
(أو أفاقَ مِن جنونٍ أو إِغْمَاءٍ بلا حُلُمٍ)؛ أي: إنزالٍ (سُنَّ له الغُسْلُ)؛ لأنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ اغتَسَلَ مِن الإغماءِ، مُتَّفَقٌ عليه. والجنونُ في مَعْنَاهُ بل أَوْلَى، وتَأْتِي بَقِيَّةُ الأَغْسَالِ المُسْتَحَبَّةِ في أَبْوَابِ مَا تُسْتَحَبُّ له، ويَتَيَمَّمُ للكُلِّ ولِمَا يُسَنُّ له الوُضُوءُ لعُذْرٍ.


  #4  
قديم 26 ذو القعدة 1429هـ/24-11-2008م, 11:56 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم


باب الغسل([1])

بضم الغين الاغتسال([2]) أي استعمال الماء في جميع بدنه([3]) على وجه مخصوص([4]) وبالفتح الماء أو الفعل([5]).


وبالكسر ما يغسل به الرأس من خطمي وغيره([6]) (وموجبه) ستة أشياء([7]) أحدها (خروج المني) من مخرجه (دفقا بلذة([8]) لا) إن خرج (بدونهما من غير نائم) ونحوه([9]) فلو خرج من يقظان لغير ذلك كبرد ونحوه([10]) من غير شهوة لم يجب به غسل، لحديث علي يرفعه «إذا فضخت الماء فاغتسل([11]) وإن لم تكن فاضخا فلا تغتسل» رواه أحمد([12]) والفضخ خروجه بالغلبة قاله إبراهيم الحربي([13]) فعلى هذا يكون نجسا وليس بمذي قاله في الرعاية([14]).
وإن خرج المني من غير مخرجه كما لو انكسر صلبه فخرج منه لم يجب الغسل، وحكمه حكم النجاسة المعتادة([15]) وإن أفاق نائم أو نحوه يمكن بلوغه فوجد بللا([16]) فإن تحقق أنه مني اغتسل فقط([17]) ولو لم يذكر احتلاما([18]).
وإن لم يتحققه منيا فإن سبق نومه ملاعبة أن نظر أو فكر ونحوه([19]) أو كان به إبردة لم يجب الغسل([20]) وإلا اغتسل وطهر ما أصابه احتياطا([21]) (وإن انتقل) المني (ولم يخرج اغتسل له)([22]).


لأن الماء قد باعد محله، فصدق عليه اسم الجنب([23]) ويحصل به البلوغ ونحوه مما يترتب على خروجه([24]) (فإن خرج) المني (بعده) أي بعد غسله لانتقاله (لم يعده) لأنه مني واحد فلا يوجب غسلين([25]).


(و) الثاني (تغييب حشفة أصلية)([26]) أو قدرها إن فقدت، وإن لم ينزل([27]) (في فرج أصلي([28]) قبلا كان أو دبرا) وإن لم يجد حرارة([29]) فإن أولج الخنثى المشكل حشفته في فرج أصلي، ولم ينزل([30]) أو أولج غير الخنثى ذكره في قبل الخنثى فلا غسل على واحد منهما إن لم ينزل([31]).
ولا غسل إذا مس الختان الختان من غير إيلاج([32]) ولا بإيلاج بعض الحشفة([33]).


(ولو) كان الفرج (من بهيمة([34]) أو ميت) أو نائم أو مجنون([35]) أو صغير يجامع مثله([36]) وكذا لو استدخلت ذكر نائم أو صغير ونحوه([37]) (و) الثالث (إسلام كافر) أصليا كان أو مرتدا([38]).


ولو مميزا([39]) ولو لم يوجد في كفره ما يوجبه([40]) لأن قيس بن عاصم أسلم فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل بماء وسدر، رواه أحمد والترمذي وحسنه([41]) ويستحب له إلقاء شعره([42]) قال أحمد: ويغسل ثيابه([43]).


(و) الرابع (موت)([44]) غير شهيد معركة ومقتول ظلما ويأتي([45]).
(و) الخامس (حيض و) السادس (نفاس)([46]) ولا خلاف في وجوب الغسل بهما قاله في المغني([47]) فيجب بالخروج([48]) والانقطاع شرط([49]) (لا ولادة عارية عن دم) فلا غسل بها([50]) والولد طاهر([51]).
(ومن لزمه الغسل) لشيء مما تقدم([52]) (وحرم عليه) الصلاة والطواف ومس المصحف([53]) و(قراءة القرآن)([54]) أي قراءة آية فصاعدا([55]).


وله قول ما وافق قرآنا، إن لم يقصده([56]) كالبسملة والحمدلة ونحوهما([57]) كالذكر([58]) وله تهجيه، والتفكر فيه([59]) وتحريك شفتيه به، ما لم يبين الحروف([60]) وقراءة بعض آية، ما لم تطل([61]) ولا يمنع من قراءته متنجس الفم([62]) ويمنع الكافر من قراءته ولو رجي إسلامه([63]).
(ويعبر المسجد) أي يدخله([64]) لقوله تعالى: ]وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ[ أي طريق([65]) (لحاجة) وغيرها على الصحيح([66]) كما مشى عليه في الإقناع([67]) وكونه طريقا قصيرا حاجة([68]) وكره أحمد اتخاذه طريقا([69]).


ومصلى العيد مسجد، لا مصلى الجنائز([70]) (ولا) يجوز أن (يلبث فيه) أي في المسجد من عليه غسل (بغير وضوء)([71]) فإن توضأ جاز اللبث فيه([72]) ويمنع منه مجنون وسكران([73]) ومن عليه نجاسة تتعدى([74]).


ويباح به وضوء وغسل إن لم يؤذ بهما([75]) وإذا كان الماء في المسجد جاز دخوله بلا تيمم([76]) وإن أراد اللبث فيه للاغتسال تيمم([77]) وإن تعذر الماء واحتاج للبث جاز بلا تيمم([78]) (ومن غسل ميتا مسلما أو كافرا سن له الغسل([79]) لأمر أبي هريرة رضي الله عنه بذلك، رواه أحمد وغيره([80]).
(أو أفاق من جنون أو إغماء بلا حلم) أي إنزال (سن له الغسل)([81]) لأن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل من الإغماء متفق عليه([82]) والجنون في معناه بل أولى([83]) وتأتي بقية الإغسال المستحبة في أبواب ما تستحب له([84]).

ويتيمم للكل([85]) ولما يسن له الوضوء لعذر([86])



([1]) أي باب ما يوجب الغسل، وما يسن له، وصفة الكامل والمجزئ منه، وما يمنع منه الجنب وغير ذلك.

([2]) اسم مصدر، وهو الذي تستعمل الفقهاء، وعند أهل اللغة بالفتح والضم لغتان.

([3]) ويقال: سيلان الماء على جميع البدن، واسم البدن يقع على الظاهر والباطن إلا ما يتعذر إيصال الماء إليه أو يتعسر، فالمضمضة والاستنشاق جزء من مفهومه، فلا توجد حقيقة الغسل الشرعية بدونهما، وأجمعوا على أن الجنابة تحل جميع البدن.

([4]) وستأتي كيفيته من نية وتسمية ما يتبع ذلك، وحقيقته، إفاضة الماء على الأعضاء بنية التطهر، والأصل فيه قوله تعالى: ]وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا[ مع ما يأتي من السنة وإجماع الأمة، وذكر السهيلي وغيره أن الغسل من الجنابة كان معمولا به في الجاهلية، من بقايا دين إبراهيم، كما بقي فيهم الحج والنكاح، ولذا عرفوا مع قوله: ]وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا[ ولم يحتاجوا إلى تفسيره، وقال الشيخ: كان مشروعا قبل.

([5]) المراد بالفعل، هنا المصدر، أي غسل البدن، والفتح في المصدر أشهر من الضم وأفصح لغة، لأن فعله من باب ضرب، وقال ابن مالك: الغسل بضم أوله وسكون ثانيه الاغتسال، والماء الذي يغتسل به.

([6]) كسدر والخطمي بالفتح وفي القاموس بالكسر ويفتح قال الأزهري: من قال بالكسر فقد لحن اهـ وهو نبات معروف يغسل به، بين كل قصبتين منه زهر أحمر، وقد يكون أبيض، يستدير ويتفتح كالورد.

([7]) أي الذي يتسبب عنه وجوب الغسل باعتبار أنواعه ستة أشياء بالاستقراء أيها وجد كان سببا لوجوب الغسل.

([8]) من الذكر أو الأنثى، لحديث علي: سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال في المذي الوضوء وفي المني الغسل، أخرجه أحمد وأهل السنن، وصححه الترمذي، وأخرجاه مختصرا.
قال الترمذي: وهو قول عامة أهل العلم، وقال الشارح: لا نعلم فيه خلافا، وحكاه غير واحد اتفاقا، والطبري إجماع المسلمين، والمراد خروجه من مخرجه المعتاد ولو دما، فإنه قد يخرج أحمر لقصور الشهوة عنه، ويصير كماء اللحم، وربما خرج دما عبيطا، وعند الشافعي وإن لم يقارنه لذة، وهو بفتح الميم وكسر النون وتشديد الياء، وحكي تخفيفا، سمي بذلك لأنه يمنى أي يصب ويراق ويدفق، وهو من الرجل في حالة صحته ماء غليظ أبيض يخرج عند اشتداد الشهوة، يتلذذ بخروجه ويعقب البدن بعد خروجه فتور، ورائحته كرائحة طلع النخل، يقرب من رائحة العجين، وإذا يبس ريحه ريح بياض بيض جاف.
وقال النووي: خواصه المعتمدة الخروج بشهوة، مع الفتور عقبه، والرائحة التي تشبه الطلع، والعجين، والخروج بتزريق، ودفق في دفعات، وكل واحدة من هذه الثلاث كافية في كونه منيا اهـ، ومن المرأة ماء رقيق أصفر، وقد يبيض لفضل قوتها، ولا خاصية له إلا التلذذ وفتور شهوتها عقيب خروجه، وفي صحيح مسلم وغيره ماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر، ومن المني يخلق الحيوان بإذن الله، لخروجه من جميع البدن، ولهذا يضعف البدن بكثرته فيجبر
بالغسل، وقوله: دفقا بلذة، يلزم من وجود اللذة أن يكون دفقا، ولهذا لم يعبر في المنتهى وغيره إلا باللذة.

([9]) كمجنون ومغمى عليه وسكران، فإنه لا لذة لهم يقينا لفقد إدراكهم وجعلت اللذة حاصلة في حقهم حكما، لحديث: هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟
قال: نعم إذا رأت الماء، أي المني بعد الاستيقاظ متفق عليه، ولأحمد والنسائي وابن ماجه ليس عليها غسل حتى تنزل كما أن الرجل ليس عليه غسل حتى ينزل.

([10]) كمرض وكسر ظهر.

([11]) الفضخ بالخاء المعجمة ويروى حذفت الماء وهي الرمي، ولا يكون بهذه الصفة إلا بشهوة.

([12]) وعند أبي داود إذا فضخت المني فاغتسل وأصله في الصحيحين وغيرهما.

([13]) هو ابن إسحاق بن إبراهيم بن بشير بن عبد الله بن ديسم الحربي نسبة إلى محلة غربي بغداد، إمام فاضل له تصانيف، منها غريب الحديث، روى عن أحمد وأبي نعيم، وتوفي سنة مائتين وخمس وثمانين، وقال: غيره خروجه على وجه الشدة.

([14]) أي إن خرج من يقظان بغير لذة فنجس، ولا يوجب الغسل، وليس بمذي، والمذي بالذال المعجمة فيه لغات أفصحها فتح الميم وسكون الذال وتخفيف
الياء ثم بكسر الذال وتشديد الياء، وهو ماء رقيق أبيض لزج، يخرج عند الملاعبة أو تذكر الجماع، أو إرادته، أو نظر أو غير ذلك، عند فتور الشهوة بلا شهوة، وربما لا يحس بخروجه، ويخرج عند مبادئ الشهوة، ويشترك الرجل والمرأة فيه.
قال الجويني: إذا هاجت خرج منها المذي، وهو أغلب فيهن منه في الرجال اهـ، وأما الودي فيخرج عقب البول، وهو غير لزج، وإنما هو أبيض ثخين يشبه المني في الثخانة، ويخالفه في الكدورة ولا رائحة له، قال النووي: أجمع العلماء على أنه لا يجب الغسل بخروج المذي والودي، لما في الصحيحين وغيرهما عن علي وغيره، وأمر عليه الصلاة والسلام في المذي بالوضوء.

([15]) يعني في التطهير لا وجوب الغسل، قال الزركشي، لا نزاع فيما نعلمه أن الغسل لا يجب بخروج المني من غير مخرجه وإن وجد شرطه.

([16]) أي وإن استيقظ نائم ونحوه كمغمى عليه ممن يمكن بلوغه كابن عشر وبنت تسع فوجد بللا أي نداوة في بدنه أو ثوبه، وقال بعضهم: بباطن ثوبه، وصححه في الإنصاف، واستظهر أنه مراد الأصحاب، فإن كان بظاهر ثوبه ولم يتحقق أنه منه لم يجب عليه غسل، وإذا وجد منيا في ثوب لا ينام فيه غيره فعليه الغسل وإعادة المتيقن من الصلاة.

([17]) أي اغتسل لا غير، دون غسل ما أصابه من المني، وقط بالسكون بمعنى حسب، وهو الاكتفاء بالشيء، وإذا قلت ما فعلته قط فبالضم والتشديد.

([18]) قال الموفق وغيره: لا نعلم فيه خلافا، وحكى ابن المنذر وغيره الإجماع
عليه والاحتلام افتعال من الحلم بضم المهملة وسكون اللام ما يراه في النوم، ثم غلب على ما يراه من الجماع يقال: احتلم الرجل، جامع في نومه، وإن احتلم ولم يجد بللا لم يجب الغسل، حكاه ابن المنذر وغيره إجماعا، ولو وجد لذة الإنزال.

([19]) كبرد وانتشار فلا غسل عليه، وفاقا، ولا عب المرأة ملاعبة، لعب معها، وفكر في الشيء، أعمل النظر فيه وتأمله.

([20]) الأبردة بكسر الهمزة والراء مرض يحدث بسبب غلبة البرد والرطوبة بغير شهوة الجماع، أو برودة تحصل في الجوف، وقال في ترويح الأرواح: علة معروفة تحصل من غلبة البرودة والرطوبة، أي أو كان به إبردة وخرج مني لم يجب الغسل لعدم يقين سبب وجوب الغسل، ويجب غسل ما أصاب من ثوبه وبدنه، لرجحان كونه مذيا لقيام سببه، إقامة للظن مقام اليقين.

([21]) أي وإن لم يسبق نومه ملاعبة أو نظر أو فكر ونحوه اغتسل وجوبا، لوجود السبب المقتضي لذلك، فإن النوم مظنة الاحتلام، والغالب على النائم الاحتلام ولم يتقدم سبب يعارضه، وقد قام شاهد المظنة، وظاهر القياس بموجب شهادته ويطهر ما أصاب بدنه أو ثوبه ونحوه احتياطا، وهذا من باب الخروج من عهدة الواجب، واحتاط الرجل يحتاط احتياطا، أخذ بالحزم والثقة محافظة لنفسه.

([22]) أي وإن أحس الرجل بتحول المني من صلبه، كأن قبل امرأة فأحس بانتقاله أو نزوله، فحبسه فلم يخرج اغتسل له، أو المرأة بتحوله عن ترائبها اغتسلت لأنه يبعد بعد انتقاله عدم خروجه.

([23]) ولأن الغسل تراعى فيه الشهوة، وقد وجدت بانتقاله أشبه ما لو خرج، وعنه لا يجب الغسل بالانتقال حتى يخرج، قال غير واحد: وهو قول العلماء كافة، إلا أحمد في قول واختار عدم وجوب الغسل الموفق والشارح وجماعات، لأنه صلى الله عليه وسلم علق الاغتسال على رؤية الماء، فلا يثبت الحكم بدونه، وللإجماع على عدم الوضوء من الإحساس بالحدث، كالقرقرة والريح، ما لم يخرج منه شيء فكذا هنا، وكلام أحمد إنما يدل على أن الماء إذا انتقل لزم منه الخروج، وإنما يتأخر فكذلك يتأخر الغسل إلى حين خروجه، وأصل الجنابة في اللغة البعد، وتطلق في الشرع على من أنزل المني، وعلى من جامع، والجنب من خرج منه المني على وجه الشهوة، يقال: أجنب إذا قضي شهوته من المرأة، وسمي جنبا لأنه يجتنب الصلاة والمسجد والقراءة ويتباعد عنها.

([24]) كثبوت حكم فطر، ووجوب بدنه في الحج، وتقدم الإجماع على عدمالوضوء بالقرقرة والريح قبل الخروج.

([25]) لأن الخارج بعد الغسل هو ذلك المني المنتقل، فهو كبقية مني خرج بعد الغسل، والمراد بلا شهوة، فإن خرج بشهوة لزمه الغسل، وكذا إن خرج مني بعد غسله من جماع لم ينزل فيه بغير شهوة، أو خرجت بقية مني اغتسل له بغير شهوة لم يجب الغسل، لقول ابن عباس في الجنب يخرج منه الشيء بعد الغسل؟ قال: يتوضأ ونحوه عن علي، ولأنه مني، واحد فأوجب غسلا واحدا، وإن انتقل ولم يغتسل ثم خرج بعد فإنه يغتسل بلا نزاع.

([26]) أي الثاني من موجبات الغسل تغييب حشفة، وهي الكمرة ما فوق الختان من رأس الذكر، وموضع القطع غير داخل في حكم الحشفة.

([27]) أي أو تغييب قدر الحشفة الأصلية إن كانت مفقودة وإن لم ينزل إذ الموجب التغييب لا الإنزال إجماعا حكاه الوزير وغيره، لما في الصحيحين من حديث أبي هريرة إذا جلس بين شعبها الأربع، ثم جهدها فقد وجب الغسل زاد أحمد ومسلم وإن لم ينزل وكلام العرب يقتضي أن الجنابة تطلق حقيقة على الجماع، وإن لم يكن فيه إنزال، ولأحمد ومسلم عن عائشة مرفوعا إذا قعد بين شعبها الأربع ثم مس الختان الختان فقد وجب الغسل، وصححه الترمذي، ولفظه إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل، وورد بلفظ الإلزاق، وبلفظ الملقاة قال القاضي: إذا غابت الحشفة في الفرج فقد وقعت الملاقاة، وقال ابن سيد الناس.
وهكذا معنى مس الختان الختان أي قاربه وداناه اهـ، ويجب بتغييبها كالوطء الكامل قريب من أربعمائة حكم، فإن لم يبق منه قدرها لم يتعلق به حكم.

([28]) فلا غسل بتغييب حشفة أصلية في قبل زائد.

([29]) أي من الفرج فيجب الغسل على كل واطئ وموطوء إذا كان من أهل الغسل إجماعا.

([30]) فلا غسل على واحد منهما.

([31]) لعدم تغييب الحشفة الأصلية بيقين، إلا أن تحققت جنابته كأن أولج
رجل في فرجه وأولج هو في فرج امرأة، أو دبر فيجنب يقينا، لأنه جامع أو جومع.

([32]) أي إدخال ولا إنزال إجماعا، إذ الموجب ليس مس الختان الختان، وإنما الموجب هو التغييب، فقد انعقد الإجماع على أنه لو وضع ذكره على ختانها ولم يولجه لم يجب الغسل على واحد منهما، كما جاء مصرحا به من حديث عبد الله بن عمرو إذا التقى الختانان، وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل، رواه ابن أبي شيبة وغيره، وختان الرجل موضع القطع، وختان المرأة موضع قطع جلدة منها، كعرف الديك، فوق الفرج فإذا غابت الحشفة في الفرج فقد حاذى ختانه ختانها،وعرفه أبو حامد وغيره، فقالوا: ختان الرجل هو الذي يقطع منه في حال الختان، وهو ما دون حزة الحشفة، وأما ختان المرأة فمدخل الذكر، وهو مخرج الحيض والولد والمني، وفوق مدخل الذكر ثقب مثل إحليل الرجل، هو مخرج البول، وبين هذا الثقب ومدخل الذكر جلدة رقيقة، وفوق مخرج البول جلدة رقيقة مثل الورقة، بين الشفرين، والشفران تحيط بالجميع، فتلك الجلدة الرقيقة تقطع منها في الختان، وهي ختان المرأة فحصل أن ختان المرأة مستقل، وتحته مخرج البول، وتحت مخرج البول مدخل الذكر، ومخرج الحيض الذي هو مخرج الولد، وهو خرق لطيف، فإذا افتضت البكر، فصارت ثيبا، فالتقاء الختانين أن تغيب الحشفة في الفرج.

([33]) بلا إنزال لعدم التقاء الختانين، وكل ما تقدم إذا كان بلا حائل، لأنه لا يسمى ملاق مع الحائل، وإن كانت الحشفة ملفوفة بخرقة مثلا، فإن وجد لذة الجماع بأن كانت الخرقة رقيقة بحيث يجد حرارة الفرج واللذة وجب، وهو ظاهر قوله إذا التقى الختانان.

([34]) لأنه إيلاج في فرج أشبه الآدمية، وهو قول جمهور العلماء من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم إلا أبا حنيفة، فلا يجب عنده إلا بالإنزال.

([35]) فيجب الغسل، كما يجب على المجامعة، ولو كانت مجنونة أو نائمة أو مغمى عليها، لأن موجب الطهارة لا يشترط فيه القصد، كسبق الحدث، وإن قالت: بها جني يجامعها كالرجل، فقال في المبدع وغيره: لا غسل عليها لعدم الإيلاج والاحتلام.

([36]) تجوز قراءته مبنيا أو مبنيا للمفعول، وهو ابن عشر وبنت تسع، بخلاف من لا يجامع مثله فلا يجب عليه غسل، فلو كان أحدهما يجامع مثله فلكل حكمه ولا يشترط البلوغ، لاغتسال عائشة ومعنى الوجوب أن الغسل شرط لصحة صلاته ونحوها، لا التأثيم بتركه، قال الشيخ: ومثل مسألة الغسل إلزامه باستجمار ونحوه، وتقدم قوله: إنه يجب لدخول الوقت، وإرادة الصلاة، وأجاب ابن الزاغوني وابن عقيل: إن كان له شهوة لزمه، وإن كان على سبيل اللعب لغير شهوة فلا.

([37]) أي ومثل من غيب حشفة أصلية في فرج أصلي في وجوب الغسل من استدخلت ذكر نائم أو صغير، ولو طفلا أو مغمى عليه أو ميت، لعموم إذا التقى الختانان وجب الغسل، وكذا مستدخل ذكره، إلا ميتا أو طفلا لا يجامع مثله ويعاد غسل ميتة جومعت، ومن جومع في دبره، والأحكام المتعلقة بتغييب الحشفة كالأحكام المتعلقة بالوطء الكامل.

([38]) ذكرا كان أو أنثى أو خنثى وفاقا لمالك واستحبه أبو حنيفة والشافعي.

([39]) أي دخل في سن التمييز قبل سن التكليف، ووقت وجوب الغسل للميز إذا أراد ما يتوقف عليه غسل أو وضوء، لغير لبث، أو مات ولو شهيدا على ما يأتي.

([40]) أي ولو كان لم يوجد في كفره ما يوجب الغسل، من نحو جماع أو إنزال لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستفصل، وإقامة للمظنة مقام حقيقة الحدث، وقال الشيخ: إذا وجد منه سبب يوجب الغسل فاغتسل في حال كفره ثم أسلم لا يلزمه إعادة الغسل إن اعتقدوجوبه، بناء على أنه يثاب على طاعته في الكفر إذا أسلم.

([41]) وصححه هو وابن السكن ورواه أبو داود والنسائي وابن حبان وغيرهم وروى الإمام أحمد أن ثمامة أسلم، فقال صلى الله عليه وسلم مروه أن يغتسل وقال المنقح وأبو بكر: لا يجب إلا إذا وجد منه حال كفره ما يوجبه، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي، وحكي اتفاقا، لأن العدد الكثير والجم الغفير أسلموا فلو أمر كل من أسلم به لنقل نقلا متواترا ظاهرا، وثمامة اغتسل ثم تشهد، رواه البخاري، ولم يذكر أنه أمره، وقيس أمره أن يغتسل بماء وسدر، والسدر غير واجب، فيحمل الحديثان على الاستحباب جمعا بين الأدلة، قال الخطابي: وهو قول أكثر أهل العلم، قال في الإنصاف: وهو أولى، وقيس بن عاصم هو ابن سنان ابن منقر التميمي، الذي قال به النبي صلى الله عليه وسلم هذا سيد أهل الوبر وقيل للأحنف: ممن تعلمت الحلم؟ قال: من قيس.

([42]) لقوله صلى الله عليه وسلم ألق عنك شعر الكفر واختتن ورواه أبو داود.

([43]) يعني استحبابا، وإن قيل بنجاستها وجب وتقدم طهارتها.

([44]) لقوله صلى الله عليه وسلم إغسلنها وغيره من الأحاديث الآتية وهو تعبد لا عن حدث، قال الزركشي: والموت موجب في الجملة بلا نزاع.

([45]) أي في بابه في كتاب الجنائز أنهما لا يغسلان، ومعركة بفتح الراء وتضم.

([46]) أي من موجبات الغسل، ويأتي تعريفهما في بابهما إن شاء الله تعالى.

([47]) ونقل فيه الإجماع ابن المنذر وابن جرير والنووي وجماعة.

([48]) أي يجب الغسل بسبب خروج دم الحيض والنفاس، لقوله صلى الله عليه وسلم وإذا ذهبت حيضتك فاغتسلي وصلي، وقوله تعالى: ]فَإِذَا تَطَهَّرْنَ[ الآية والنفاس دم حيض مجتمع، وإن حاضت فيمكن أن يكون الخارج حال الحمل البعض لا الكل.

([49]) أي لصحة الغسل له، وفاقا، فيتوقف الوجوب على حصول شرطه، وهو الانقطاع، والقيام للصلاةونحوها شرط للفورية.

([50]) أي لا غسل بالولادة العارية عن الدم، ولا يحرم الوطء بها، ولا يفسد الصوم وهو قول الجمهور.

([51]) أي في هذه الصورة لعدم تلوثه بالنجاسة، ولأن الوجوب من الشارع، ولم يرد الشرع بالغسل، ولا هو في حكم المنصوص عليه فإنه ليس بدم ولا مني، ومع الدم يجب غسله كسائر الأشياء المتنجسة، ولا يجب الغسل بإلقاء نطفة أو علقة أو مضغة قال في الإنصاف والمبدع وغيرهما: بلا نزاع، والمراد بإلقاء مضغة لا تخطيط فيها، لأن ذلك ليس ولادة وإنما يثبت حكمه فيما يتبين فيه خلق الإنسان.

([52]) يعني من موجبات الغسل.

([53]) تقدمت أدلة تحريم الصلاة على من حدثه أصغر والإجماع عليه، فالأكبر بطريق الأولى، ويأتي الكلام فيمن ترك شرطا من شروطها، وأما الطواف فلقوله ]إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ[ وتقدم تحريمه على المحدث، ومس المصحف أيضا تقدمت الأدلة على تحريمه، وحكاية الإجماع عليه فالأكبر أولى، وقد وقع الإجماع عليه بل خصه بعض السلف في تفسير الآية به، فيدل على تأكد منعه منه.

([54]) قال الشيخ: فإن الأئمة متفقون على ذلك.

([55]) أي يحرم قراءة آية فأكثر، لحديث علي: لا يحجبه من القرآن شيء ليس الجنابة، رواه الخمسة وغيرهم، ولفظ الترمذي، يقرؤنا القرآن ما لم يكن جنبا، وصححه هو وابن حبان وابن السكن والبغوي، وغيرهم، وأخرج أبو يعلي عنه: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثم قرأ شيئا من القرآن، ثم قال: هكذا لمن ليس بجنب، فأما الجنب فلا ولا آية، قال الهيثمي رجاله موثوقون، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي، ورويت كراهته عن عمر وعلي، واختار الشيخ أنه يباح للحائض إذا خافت نسيانه بل يجب، والآية جمعها آيات، وهي طائفة من القرآن مترجمة، أقلها ستة أحرف ولو تقديرا كـ ]لَمْ يَلِدْ[ وقيل من العلامة على انقطاع الكلام، وعن الآية التي قلها، وعن التي بعدها، وانفصالها، أو لأنها جامعة حروفا من القرآن وطائفة منه، أو لأنها عجب يعجز البشر عن التكلم بمثلها.

([56]) أي يباح له قول ما صادف لفظه لفظ القرآن إن لم يقصد القرآن فإن قصده حرم.

([57]) كقول مسترجع ]إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ *[ وراكب: ]سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ[ .

([58]) أي كما يجوز له الذكر، لحديث عائشة: كان يذكر الله على كل أحيانه، رواه مسلم ويأتي لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، ولابن أبي شيبة: كان إذا غشي أهله، قال: اللهم لا تجعل للشيطان فيما رزقتني نصيبا.

([59]) أي في القرآن لأن التفكر والتهجي ليسا بقراءة له، وتهجيه تعلمه، وتهجي الحروف عدها بأسمائها، والتفكر تردد القلب بالنظر والتدبر لطلب المعاني .

([60]) فإن بانت فلا يباح له.

([61]) كآية الدين فتحرم قراءة بعضها الذي هو كآية من غيرها، جزم به في التنقيح، وظاهره ولو كرر بعض آية لم تطل أبيح ما لم يحتل على قراءة تحرم.

([62]) لكن يكره: فينبغي إزالتها بالغسل احتراما، وكذا ينبغي أن يكون الذاكر على أكمل الصفات.

([63]) قياسا على الجنب وأولى، وصرح به بعض المفسرين للآية ولقوله:
]إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ[ ورجح البغوي وغيره جواز تعليمه إن رجي إسلامه، وقال: إن رآه معاندا لا يجوز بحال.

([64]) أي يجوز لمن وجب عليه غسل أن يدخل المسجد لغير لبث وكذا الحائض والنفساء إن أمنتا تلويثه.

([65]) أي لا تدخلوا المسجد وأنتم جنب إلا ماري طريق، أي مجتازين فيه للخروج منه، ولأن الجنابة في الأصل البعد، وأنه إنما سمي بذلك لمباعدته المسجد والصلاة، وقراءة القرآن، ومجانبته لذلك ما لم يغتسل.

([66]) جزم به المجد والموفق في المغني وغيرهما، وهو ظاهر إطلاق الآية، ولقوله لعائشة إن حيضتك ليست في يدك.

([67]) ولفظه: ولجنب عبور مسجد ولو لغير حاجة، ورويت الرخصة في العبور عن ابن مسعود وابن عباس ومالك والشافعي وغيرهم، قال عبد الله بن زيد رضي الله عنه: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشون في المسجد وهم جنب، رواه ابن المنذر فكان إجماعا، والاستثناء من النهي إباحة، وأجابوا عن قوله: لا أحل المسجد لحائض ولا جنب، بأنه عام مخصوص بالآية والأحاديث.

([68]) كون. مبتدأ والضمير اسم الكون، وطريقا خبر للكون، وحاجة: خبر المبتدأ، أي كون ذلك الطريق قصيرا حاجة، إذ الطويل قد يفوت.

([69]) جزم به الأصحاب عنه، احتراما لبيوت الله، ومنع شيخ الإسلام من اتخاذه طريقا.

([70]) أي فليس مسجدا قولا واحدا، وأما مصلى العيد فيطلق عليه اسم المسجد وهو الصحيح من المذهب، واختاره الشيخ وغيره، فإن كل موضع يصلي فيه يسمى مسجدا، فتمنع منه الحائض ونحوها، لحديث وليعتزل الحيض المصلى.

([71]) لحديث لا أحل المسجد لحائض ولا جنب، رواه أبو داود من حديث عائشة وصححه ابن خزيمة، ولا بن ماجه عن أم سلمة، أن المسجد لا يحل الحائض ولا جنب، ولهما شواهد، واللبث الإقامة، يقال: لبث بالمكان يلبث لبثا، بإسكان الباء وفتحها أي أقام.

([72]) قال عطاء: رأيت رجالا، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضئوا وضوء الصلاة، قال في المبدع: إسناده صحيح، قال الشيخ: فحينئذ يجوز أن ينام في المسجد حيث ينام غيره، وإن كان النوم الكثير ينقض الوضوء، فذلك الوضوء الذي يرفع الحدث الأصغر، ووضوء الجنب لتخفيف الجنابة، وإلا فهذا الوضوء لا يبيح له ما يمنعه الحدث الأصغر من الصلاة ونحوها.

([73]) أي يمنعان من عبور المسجد واللبث فيه لقوله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى[ والمجنون أولى من السكران بالمنع.

([74]) اتفاقا لأنه مظنة تلويثه، ويجوز للمحدث اللبث فيه بإجماع المسلمين، سواء لبث لغرض شرعي أو لا، ويمنع منه الصغير غير المميز لغير مصلحة، إلا لصلاة وقرآن، لحديث جنبوا مساجدكم مجانينكم وصبيانكم، قال في الاختيارات: فإن المساجد تصان حتى عن القذاة التي تقع في العين.

([75]) أي يؤذ المسجد أو من به بماء الوضوء أو الغسل، وحكى ابن المنذر الإباحة عن كل من يحفظ عنه إلا أن يبله، أو يتأذى الناس به، فيكره، وأما البول قرب البرك التي في المساجد مما ليس محلا للصلاة فقال الشيخ: هذا يشبه البول في القارورة في المسجد والأظهر جواز ذلك أحيانا للحاجة لا دائما.

([76]) نص عليه، واحتج بأن وفد عبد القيس أنزلهم النبي صلى الله عليه وسلم المسجد وربط فيه ثمامة.

([77]) وذلك فيما إذا تعذر عليه الوضوء والغسل عاجلا، على الصحيح من المذهب.

([78]) ابتداء ودواما، لحبس أو خوف على نفسه أو ماله ونحوه، وقال الموفق والشارح وغيرهما: القول بعدم التيمم غير صحيح.

([79]) سواء كان الميت كبيرا أو صغير، ذكرا أو أنثى حرا أو عبدا، وظاهره ولو في ثوب.

([80]) وحسنه الترمذي، ولفظه من غسل ميتا فليغتسل وصحح جماعة وقفه عليه، وعن علي نحوه، قال أحمد وابن المديني والذهلي وابن المنذر وغيرهم، لم يثبت فيه حديث، وليس في حديث علي أنه غسله، وفي الموطأ أن أسماء غسلت أبا بكر، ثم سألت من حضرها من المهاجرين هل عليها من غسل؟ فقالوا: لا.
وقالابن عقيل: ظاهر كلام أحمد عدم الاستحباب وقال المزني: هذا الغسل ليس بمشروع وقال ابن عمر وابن عباس والشافعي، وأصحاب الرأي وغيرهم: لا غسل عليه، والجمهور مالك والشافعي وأحمد وغيرهم على الاستحباب وبه تجتمع الأدلة.

([81]) أي منهما، قال في المبدع: بغير خلاف نعلمه، فإن أنزل وجب الغسل، لأنه من جملة الموجبات للغسل كالنائم، وقوله: أو أفاق أي رجع إليه عقله، وخص الحلم بالإنزال لأنه غلب عليه دون غيره مما يراه النائم لكثرة استعماله، والحلم في الأصل ما يراه النائم من المنامات، يقال: حرم في منامه واحتلم، وحلمت بكذا واحتلمت بكذا.

([82]) من حديث عائشة قالت: ثقل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أصلى الناس؟» فقلنا: لا، هم ينتظرونك، فقال: (ضعوا لي ماء في المخضب) فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق، فاغتسل متفق عليه، ولا يجب حكاه ابن المنذر إجماعا.

([83]) فإن المجنون مسلوب العقل، بخلاف المغمى عليه فإنه مغلوب كما تقدم وقال الزركشي، لا يجب من جنون أو إغماء لم يتيقن معه حكمه وإن وجد بلة، على المعروف من الروايتين لأنه معنى يزيل العقل، فلا يوجب الغسل كالنوم، ولأنه مع عدم البلة يبعد احتمال الجنابة، ومع وجودها يحتمل أن ذلك لغير شهوة، ويحتمل أن حصل على المرض المزيل للعقل فلا يجب الغسل مع الشك.

([84]) كغسل الجمعة والعيد والإحرام وغيرها، وعدها بعضهم ستة عشر، ومنها ما ورد استحبابه، ويأتي التنبيه على ما لم يثبت استحبابه.

([85]) أي لكل ما يستحب له الغسل، لحاجة تبيح له التيمم، كما إذا عدم الماء، أو تضرر باستعماله ونحوه مما يبيح التيمم.

([86]) أي ويتيمم لما يسن له الوضوء كقراءة وأذان وشك وغضب ونحوها لعذر يبيح التيمم، كتعذر الماء لعدم أو مرض، وتيمم عليه الصلاةوالسلام لرد السلام، وقال: كرهت أن أذكر الله إلا على طهر.


  #5  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 07:27 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

بابُ الغُسْلِ

وموجِبُهُ خروجُ المنيِّ دفقاً بِلذَّةٍ............

أي: باب ما يوجبه، وصِفَتُهُ، فالباب جَامِعٌ للأمرين.
قوله: «ومُوجِبُهُ» ، بالكَسْرِ، أي: الشيء الذي يوجب الغُسْل، يقال: موجب بِكَسْرِ الجيم وفَتْحِهَا.
فبالكسر: هو الذي يُوجبُ غيره.
وبالفتح: هو الذي وَجَبَ بغيره، كما يقال: مُقْتَضي بكسر الضَّادِ: الذي يقتضي غيره، ومقتضَى بفتحها: الذي اقتضاه غيرُه.
قوله: «خروج المنيِّ دفقاً بلذَّةٍ» ، هذا هو الموجِبُ الأوَّل[(608)].
والدَّليل على ذلك:
1- قوله تعالى: {{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}} [المائدة: 6] ، والجُنُبُ: هو الذي خرج منه المنيُّ دَفقاً بلذَّةٍ.
2- قَولُه صلّى الله عليه وسلّم: «الماءُ من الماءِ»[(609)]، المراد بالماء الأوَّل ماء الغُسلِ؛ عبَّر به عنه، وبالماء الثَّاني المنيّ، أي: إِذا خرجَ المنيُّ وجبَ الغُسْلُ.
وظاهر الحديثِ أنَّه يجب الغُسل سَوَاء خرجَ دَفْقاً بلذَّةٍ، أم لا، وهذا مذهب الشَّافعي رحمه الله: أنَّ خروج المنيِّ مُطلقاً مُوجِبٌ للغُسْلِ حتى ولو بدونِ شَهْوَةٍ وبأيِّ سَبَبٍ خرج[(610)]، لعُمُومِ الحديث، وجمهور أهل العلم: يشترطون لوُجُوبِ الغُسل بخروجه أن يكون دفقاً بلذَّة[(611)].
وقال بعضُ العلماء: بلذَّةٍ. وحَذَفَ «دفقاً»، وقال: إِنَّه متى كان بلذَّة فلا بُدَّ أنْ يكونَ دفقاً[(612)].
وذِكْرُ الدَّفقِ أَوْلى لموافقةِ قوله تعالى: {{فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ *}{خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ *}} [الطارق] .
فإِذا خرجَ مِنْ غيرِ لذَّةٍ مِنْ يقظانَ فإِنَّه لا يُوجِبُ الغُسْلَ على ما قاله المؤلِّفُ، وهو الصَّحيح.
فإنْ قيل: ما الجواب عن حديثِ: «الماءُ من الماءِ».
قلنا: إن يُحملُ على المعهودِ المعروف الذي يَخْرُجُ بلذَّة، ويوجِبُ تحلُّلَ البَدَنِ وفُتُورَه، أما الذي بدونِ ذلك، فإِنه لا يوجبُ تحلُّلَهُ ولا فُتورَه، ولهذا ذكروا لهذا الماء ثلاث علامات[(613)]:
الأولى: أنْ يَخْرُجَ دفقاً.
الثانية: الرَّائحة، فإِذا كان يابساً فإِنَّ رائحتَه تكون كرائِحَة البَيْضِ، وإِذا كان غيرَ يابِسٍ فرائحته تكونُ كرائحة العَجِينِ واللِّقاح[(614)].
الثالثة: فُتُورُ البَدَنِ بَعْدَ خُروجِه.

لا بِدُونِهما مِنْ غيرِ نائِمٍ ...........
قوله: «لا بدونهما» ، الضَّميرُ يعودُ على الدَّفْقِ، واللَّذَّةِ.
قوله: «من غير نائم» ، أي: من اليَقْظَان، فإذا خَرَجَ مِنَ اليقظان بلا لذَّةٍ، ولا دَفْقٍ، فإِنه لا غُسْلَ عليه.
وعُلم منه: أنَّه إِنْ خرجَ مِنْ نائم وَجَبَ الغُسْلُ مطلقاً، سواء كان على هذا الوصف أم لمْ يكن، لأنَّ النَّائِم قد لا يُحِسُّ به، وهذا يَقَعُ كثيراً أنَّ الإِنسان إِذا استيقظ وجدَ الأثرَ، ولم يشعرْ باحتلامٍ، والدَّليل على ذلك أنَّ أمَّ سُليم رضي الله عنها سألت النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم عن المرْأَةِ ترى في منامِها ما يرى الرَّجُلُ في منامه، هل عليها غُسْل؟ قال: «نعم، إِذا هي رَأتِ الماء»[(615)]. فأوجبَ الغُسْل إِذا هي رأت الماء، ولم يشترطْ أكثر من ذلك، فدلَّ على وُجُوبِ الغُسْل على مَنْ استيقظ وَوَجَدَ الماءَ سواء أحسَّ بخُروجِهِ أم لَمْ يُحِسَّ، وسواء رأى أنَّه احتلمَ أم لم يَرَ، لأنَّ النَّائمَ قد ينسى، والمرادُ بالماء هنا المنيُّ.
فإِذا استيقظَ ووجد بَللاً فلا يخلو من ثلاث حالات:
الأولى: أن يتيقَّنَ أنَّه مُوجِبٌ للغُسْل، يعني: أنَّه مَنِيٌّ، وفي هذه الحال يجبُ عليه أنْ يغتسلَ سواء ذَكَرَ احتلاماً أم لم يذكر.
الثانية: أنْ يتيقَّنَ أنَّه ليسَ بِمِنِيٍّ، وفي هذه الحال لا يجب الغُسْل، لكنْ يجب عليه أنْ يَغْسِلَ ما أصابه، لأن حُكْمَهُ حُكمُ البولِ.
الثالثة: أنْ يجهلَ هل هو مَنيٌّ أم لا؟ فإِن وُجِدَ ما يُحَالُ عليه الحُكْم بِكَوْنِهِ منيًّا، أو مذياً أُحِيلَ الحكم عليه، وإِنْ لم يوجد فالأصل الطَّهارة، وعدم وجوب الغُسْل،
وكيفيَّة إِحالةِ الحُكْمِ أَنْ يُقال:
إِنْ ذَكَرَ أنَّه احتلم فإِننا نجعله منيًّا، لأنَّ الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم لما سُئِل عن المرأة تَرى في مَنَامِها ما يَرى الرَّجُلُ في مَنَامِهِ؛ هل عليها غسل؟ قال: «نعم، إِذا هي رأت الماءَ»[(616)]، وإِنْ لم يَرَ شيئاً في منامه، وقد سبقَ نومَهُ تفكيرٌ في الجِمَاعِ جعلناه مَذياً، لأنَّه يخرج بعد التَّفكيرِ في الجِمَاعِ دونَ إِحساس، وإِنْ لَمْ يَسْبِقْه تفكير ففيه قَوْلان للعلماء:

قيل: يجبُ أن يغتسلَ احتياطاً[(617)].
وقيل: لا يجب (617) ، وقد تعارضَ هُنا أصْلان.

وإِن انْتَقَل، ولَمْ يخرج، اغْتَسل لَه ،.........
قوله: «وإن انتقل ولَمْ يخرج، اغْتَسل لَه» ،
أي: المنيُّ، يعني: أَحَسَّ بانتقاله لكنه لَمْ يَخْرُجْ، فإِنَّه يغتسل، لأن الماء بَاعَدَ محلَّهُ، فَصَدَقَ عليه أنه جُنُبٌ، لأن أصل الجَنَابَةِ من البُعْدِ.

وهل يُمكن أنْ يَنتقلَ بلا خُرُوج؟
نعم يمكن؛ وذلك بأن تَفْتُرَ شهوتُه بَعْدَ انتقاله بسببٍ من الأسباب فلا يخرج المنيُّ.
ومثَّلوا بمثالٍ آخر: بأنْ يمسكَ بذَكَرِهِ حتى لا يَخْرج المنيُّ، وهذا وإن مَثَّلَ به الفقهاء فإِنه مُضِرٌّ جدًّا، والفقهاء ـ رحمهم الله ـ يمثِّلون بالشَّيء للتَّصويرِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عنْ ضَررِهِ أو عدم ضرره، على أنَّ الغالبَ في مِثْلِ هذا أنْ يخرج المنيُّ بَعْدَ إِطلاق ذَكَرِهِ.
وقال بعض العلماء: لا غُسْلَ بالانتقال[(618)]، وهذا اختيار شيخِ الإسلام[(619)] وهو الصَّواب، والدَّليل على ذلك ما يلي:
1- حديثُ أُمِّ سَلَمَةَ وفيه: «نعم، إِذا هي رأت الماءَ»[(620)]، ولم يقلْ: أو أَحَسَّتْ بانتقالِه، وَلَوْ وَجَبَ الغُسْلُ بالانتقالِ لَبَيَّنَهُ صلّى الله عليه وسلّم لدُعَاءِ الحاجَةِ لِبَيَانِهِ.
2- حديثُ أبي سعيدٍ الخُدريِّ: «إنما الماءُ من الماءِ»[(621)]، وهُنا لا يوجَدُ ماءٌ، والحديث يَدُلُّ على أنَّه إِذا لم يَكُنْ ماءٌ فلا ماءَ.
3- أن الأصل بقاءُ الطَّهارة، وعَدَمُ مُوجب الغَسْل، ولا يُعْدَل عنْ هذا الأصْل إِلا بدليل.

فإِن خَرَجَ بَعْده لم يُعِدْه،........
قوله: «فإِن خَرَجَ بَعْدَه لم يُعِدْه» ، أي: إِذا اغْتَسَلَ لهذا الذي انتقل ثُمَّ خرجَ مع الحركةِ، فإِنَّه لا يُعِيدُ الغُسْلَ، والدَّليل:
1- أنَّ السَّببَ واحدٌ، فلا يوجِبُ غُسْلَين.
2- أنَّه إِذا خَرجَ بعد ذلك خَرَجَ بلا لذَّةٍ، ولا يَجِبُ الغُسْل إِلا إِذا خرج بلذَّةٍ.
لكنْ لَوْ خَرَجَ منيٌّ جديدٌ لشهوةٍ طارِئة فإِنَّه يَجِبُ عليه الغُسْل بهذا السَّبب الثَّاني.

وتَغْييبُ حَشَفَةٍ أصليَّةٍ في فَرْجٍ أصليٍّ،.........
قوله: «وتَغْييبُ حَشَفَةٍ أصليَّة» ، هذا الموجِبُ الثَّاني من مُوجِبَات الغُسل.
وتَغْييبُ الشَّيءِ في الشَّيءِ معناه: أنْ يختفيَ فيه.
وقوله: «أصليَّة» يُحْتَرز بذلك عن حَشَفَةِ الخُنْثَى المُشْكِل، فإِنها لا تُعتبر حَشَفَةً أصليَّة. فلو غَيَّبَهَا في فَرْجٍ أصليٍّ أو غير أصليٍّ فلا غُسْلَ عليهما.
والخُنْثى المُشْكِل: مَنْ لا يُعْلَمُ أذَكَرٌ هو أم أُنثى،
مثل: أنْ يكونَ له آلة ذَكَرٍ وآلة أنثى، ويبول منهما جميعاً، فإِنه مُشْكِل، وقد يتَّضِح بعدَ البلوغِ، وما دام على إِشكاله فإِنَّ فَرْجَه ليس أصليًّا.

قوله: «في فَرْجٍ أصليٍّ» ، احترازاً منْ فرجِ الخُنثى المُشْكِل، فإِنه لا يُعْتبرُ تَغْييبُ الحَشَفَةِ فيه موجباً للغُسْل، لأنَّ ذلك ليس بفَرْجٍ.
فإِذا غَيَّبَ الإِنسانُ حَشفَتَهُ في فَرْجٍ أصليٍّ، وجبَ عليه الغُسْلُ أنزلَ أم لم يُنْزِلْ.
والدَّليل على ذلك: حديث أبي هريرة أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأربَع، ثم جَهَدَهَا، فقدْ وَجَبَ الغُسْلُ»، أخرجه الشَّيخان[(622)].
وفي لفظٍ لمسلم: «وإِنْ لمْ يُنْزِلْ»[(623)]، وهذا صريحٌ في وُجوبِ الغُسْلِ وإِنْ لم يُنْزِل، وهذا يَخْفَى على كثير منَ النَّاس، فتجد الزَّوجين يحصُلُ منْهما هذا الشَّيء، ولا يغتسلان، ولا سيَّما إِذا كانا صغيرَين ولم يتعلَّما، وهذا بناءً على ظنِّهم عدم وجوب الغُسْل إِلا بالإِنزال، وهذا خطأ.

قُبُلاً كَانَ أَوْ دُبُراً، وَلَو من بَهِيمَةٍ، أو مَيْتٍ،...........
قوله: «قُبُلاً كان أو دُبُراً» ، وَطْءُ الدُّبُرِ حرام للزَّوج، وغيره من باب أَوْلَى، وهذا من باب التَّمثيل فقط، وقد سبَق أنَّ الفقهاء ـ رحمهم الله ـ يمثِّلون بالشَّيء بِقَطْع النَّظر عن حِلِّهِ، أو حُرْمَتِهِ[(624)]، ويُعرف حُكْمه من محلٍّ آخر.
قوله: «ولو من بَهِيمَةٍ أو مَيْتٍ» ،
لو: إِشارة خِلاف، فَمِنْ أهل العلم من قال: يُشترط لِوُجُوبِ الغُسْلِ بالجِمَاعَ أنْ يكون في فَرْجٍ من آدميٍّ حيٍّ[(625)]. وعلى هذا الرَّأي لو أولجَ بفَرجِ امرأة ميْتة ـ مع أنَّه يَحْرُم ـ فعليه الغُسْل، ولو أَوْلَجَ في بهيمة فعليه الغُسْل.

وقال بعض العلماء: إِنه لا يجب الغُسل بِوَطْءِ الميْتَةِ إِلا إِذَا أَنْزَلَ (625) . والدَّليل قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إِذا جلس بين شُعَبِها الأربع ثم جَهَدَهَا»، وهذا لا يحصلُ إِذا كانت ميتة، لأنه لا يُجْهِدها.
وأيضاً: تلذُّذه بها غير تلذُّذه بالحيَّة.
أما البَهِيمَة فالأمر فيها أبعدُ وأبعدُ، لأنَّها ليست محلًّا لجِمَاع الآدميِّ بمقتضَى الفطرة، ولا يَحلُّ جِمَاعها بحال.
وهل يُشْتَرط عدم وجود الحائل؟
قال بعض العلماء: يُشْتَرَط أن يكون ذلك بلا حائل[(626)]، لأنَّه مع الحائل لا يَصْدُق عليه أنه مَسَّ الختانُ الختانَ، فلا يجب الغُسْلُ.
وقال آخرون: يجب الغُسْلُ (626) لعُموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «ثم جَهَدَهَا»، والجَهْدُ يحصُل ولو مع الحائل.
وفَصَّل آخرون فقالوا: إنْ كان الحائلُ رقيقاً بحيث تَكْمُل به اللَّذَّةُ وجب الغُسْلُ، وإن لم يكن رقيقاً فإِنه لا يجب الغُسْل (626) ، وهذا أقرب، والأَولَى والأحوط أن يغتسل.

وإِسْلامُ كافرٍ،.........
قوله: «وإسلامُ كافرٍ» ، هذا هو الموجِبُ الثَّالث من موجِبَات الغُسْل، وهو إِسلام الكافر، وإذا أسلم الكافر وجب عليه الغُسْل سواء كان أصليًّا، أو مرتدًّا.
فالأصليُّ: من كان من أول حياته على غَيْرِ دِينِ الإِسلام كاليهوديِّ والنَّصْرانيِّ، والبوذيِّ، وما أشبه ذلك.
والمرتدُّ: من كان على دين الإِسلام ثم ارتدَّ عنه ـ نسأل الله السَّلامة ـ كَمَنْ ترك الصَّلاة، أو اعتقد أنَّ لله شريكاً، أو دعا النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم أن يُغِيثَه من الشِّدَّة، أو دعا غيره أن يُغِيثه في أمرٍ لا يمكن فيه الغَوْثُ.
والدَّليل على وجوب الغُسْل بذلك:
1- حديث قَيس بن عاصم أنَّه لمَّا أسلم أَمَره النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أن يغتسل بماءٍ وسِدْر[(627)]، والأَصْلُ في الأمر الوُجوب.
2- أنه طَهَّر باطنه من نَجَسِ الشِّرْك، فَمِنَ الحِكْمَةِ أن يُطَهِّرَ ظاهره بالغُسْلِ.
وقال بعض العلماء: لا يَجِب الغُسْل بذلك[(628)]، واستدلَّ على ذلك بأنه لم يَرِدْ عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أمر عامٌّ مثل: مَنْ أسلم فَلْيَغْتَسِلْ، كما قال: «من جاء مِنْكُم الجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِل»[(629)]، وما أكثر الصَّحابة الذين أسلموا، ولم يُنْقَل أنه صلّى الله عليه وسلّم أمرهم بالغُسْلِ أو قال: من أسلم فليغتسل، ولو كان واجباً لكان مشهوراً لحاجة النَّاس إليه.
وقد نقول: إنَّ القول الأوَّل أقوى وهو وُجوب الغُسْل، لأنَّ أَمْرَ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم واحداً مِنَ الأمَّة بحُكْمٍ ليس هناك معنى معقول لتخصيصه به أمْرٌ للأمة جميعاً، إذ لا معنى لتخصيصه به. وأمْرُه صلّى الله عليه وسلّم لواحد لا يعني عدم أمْرِ غيره به.
وأما عدم النَّقل عن كلِّ واحد من الصَّحابة أنه اغتسل بعد إِسلامه،
فنقول: عدم النَّقل، ليس نقلاً للعدم؛ لأنَّ الأصلَ العملُ بما أمر به النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم، ولا يلزم أن يُنْقلَ العمل به من كلِّ واحد.

وقال بعض العلماء: إِنْ أتَى في كفره بما يوجب الغُسْل كالجَنَابَةِ مثلاً وجب عليه الغُسْلُ سواء اغتسل منها أم لا، وإِنْ لم يأت بموجب لم يجب عليه الغُسْلُ[(630)].
وقال آخرون:
إِنه لا يجب عليه الغُسْلُ مطلقاً، وإِن وجد عليه جنابة حال كُفْرِه ولم يغتسل منها (630) ، لأنه غير مأمور بشرائع الإِسلام. والأَحْوَط أن يغتسل؛ لأنه إِن اغتسل وصلَّى فَصَلاتُه صحيحة على جميع الأقوال، ولو صلَّى ولم يغتسل ففي صِحَّة صَلاته خلاف بين أهل العلم.


ومَوْتٌ،...........
قوله: «وموت» ، هذا هو الموجِب الرابع من موجبَات الغُسْل.
أي: إِذا مات المسلم وجب على المسلمين غَسْلُه، والدَّليل على ذلك:
1- قوله صلّى الله عليه وسلّم فِيمَنْ وَقَصَتْهُ ناقتُه بعرفة: «اغسلوه بماءٍ وسِدْرٍ...»[(631)]، والأصل في الأَمْرِ الوُجُوب.
2- حديث أم عطيَّة حين ماتت ابنته وفيه: «اغسلنها ثلاثاً، أو خمساً، أو سبعاً، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك»[(632)].
وهذا الحديث قد يُنازَع فيه بأن يُقال: إِنَّ المقصود مِنْ تغسيلِ الميْتِ فيه التنظيف، لأنَّ التَّعبُّد بالطَّهارة حدّه ثلاث، ولا يُوْكَلُ إلى رأي الإِنسان، وفي هذا الحديث وَكَلَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم الأمْرَ إِلى رأيهنَّ.
وقد يقال: إِنَّه وَكَلَ الأمر إلى رأيهن في زيادة عدد الغسلات لا في أصل الغُسْل، لكنَّ الدَّليل الأول كافٍ في ذلك، بل إِنَّ تغسيلَ الأمواتِ أَمْرٌ معلوم بالضَّرورة، ومشهور شُهْرَة يكاد يكون متواتراً.
وسواء مات فجأة، أو بحادث، أم بمرضٍ، أم كان صغيراً، أم كبيراً.
وهل يشمل السَّقط؟
فيه تفصيل:
إِن نُفِخت فيه الرُّوح غُسِّل، وكُفِّنَ، وصُلِّيَ عليه، وإِن لم تُنْفَخ فيه الرُّوح فلا.

وتُنْفَخُ الرُّوح فيه إِذا تَمَّ له أربعة أشْهُرٍ؛ لحديث عبد الله بن مسعود قال: حدَّثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو الصَّادق المصدوق: «إِنَّ أحدَكُم يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْن أُمِّه، أربعين يوماً نُطْفَةً، ثم يكون عَلَقَةً مثل ذلك، ثم يكون مُضْغَة مثل ذلك، ثم يُرْسَل إِليه الملك، فيُؤمَرُ بأربع كلمات، بِكَتْبِ: رِزْقِهِ، وأَجَلِهِ، وعَمَلِه، وشقيٌّ أم سعيد، ثم يَنْفُخُ فيه الرُّوح»[(633)]، وهذا لا يعلمه النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بدون وَحْي إِذ لا مَدْخل للاجتهاد فيه.

وحيضٌ، ونِفَاسٌ،.......
قوله: «وحيض» ،
هو الموجِبُ الخامس من موجبات الغُسْل، فإِذا حاضت المرأة وَجَبَ عليها الغُسْلُ، وانقطاع الحيض شَرْطٌ، فلو اغتسلتْ قَبل أن تَطْهُرَ لم يصحَّ، إِذ مِنْ شرط صِحَّة الاغتسال الطَّهارة.

والدَّليل على وجوب الغُسْل من الحيض ما يلي:
1- حديث فاطمة بنت أبي حُبيش أنها كانت تُستحاض فأمَرها النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أن تجلس عادتها، ثم تغتسل وتُصلِّي[(634)]. والأصل في الأمر الوجوب.
ويشير إلى مُطْلَقِ الفعل قوله تعالى: {{وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} ...} الآية [البقرة: 222] ، أي: اغْتَسَلْنَ، فهذا دليل على أن التَّطَهُّرَ من الحَيض أمرٌ مشهور بين الناس، والآية وَحْدَها لا تدلُّ على الوجوب؛ ولكن حديث فاطمة رضي الله عنها دليل واضِحٌ على أنه يجب على المرأة إذا حاضت أن تغتسل، لكنَّ شَرْطَ الوجوب انقطاعُ الدَّم.
قوله: «ونِفَاسٌ» ، هذا هو الموجِبُ السَّادس من موجبات الغُسْلِ.
والنِّفَاسُ: الدَّمُ الخارج مع الولادة أو بعدها، أو قَبْلها بيومين، أو ثلاثة، ومعه طَلْقٌ.
أما الدَّمُ الذي في وسط الحَمْلِ، أو في آخر الحَمْلِ ولكن بدون طَلْقٍ فليس بشيء، فتصلِّي وتصوم، ولا يَحْرُمُ عليها شيء مما يحرم على النُّفساء.
والدَّليل على وجوب الغُسْل منه: أنه نوع من الحيض، ولهذا أَطْلقَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم اسمَ النِّفاس على الحيض؛ بقوله لعائشة لمَّا حاضت: «لعلَّكِ نُفِسْتِ»[(635)].
وقد أجمعَ العلماء على وجوب الغُسْلِ بالنِّفَاسِ كالحيض.

لا وِلادةٌ عاريةٌ عَنْ دمٍ. ومَنْ لَزِمَه الغُسْلُ حَرُمَ عليه قِراءةُ القُرْآنِ ،..........
قوله: «لا وِلادةٌ عاريةٌ عن دَمٍ» ،
لا: عاطفة، تدلُّ على النفي، أي: ليست الولادةُ العاريةُ عن الدَّمِ موجِبَةً للغُسْل، فلو أن امرأة ولَدت، ولم يخرج منها دم فلا غُسْل عليها، لأنَّ النِّفَاس هو الدَّمُ، ولا دَمَ هنا، وهذا نادر جدًّا.

وقال بعض العلماء: إِنه يجب الغُسْل، والولادة هي الموجِبَةُ[(636)].
ولأن عدم الدَّمِ مع الوِلادة نادر، والنَّادر لا حُكْمَ له.
ولأن المرأة سوف يَلْحَقُها من الجُهْدِ والمشقَّة والتَّعَب كما يَلْحَقُها في الوِلادة مع الدَّمِ.
قوله: «ومَنْ لَزِمَهُ الغُسْل حَرُمَ عليه قِراءة القُرْآنِ» ، مَنْ: اسم شَرْط جازِم، وفعل الشَّرط: لَزِمه، وجوابه: حَرُمَ، وأسماء الشَّرط تُفيد العموم؛ فيكون المعنى: أيُّ إِنسان لَزِمَهُ الغُسْل سواء كان ذكراً أم أنثى، ويلزَمُ الغُسْل بواحد من الموجِبات السِّتة السَّابقة.
فمن لَزِمَهُ الغُسْل حرم عليه: الصَّلاة، والطَّواف، ومَسُّ المصْحَفِ. لأن المؤلِّف سبق أن قال: «ويَحْرُمُ على المحدِثِ...»[(637)] إلخ.
ويَحْرُمُ عليه أيضاً: قراءة القرآن، واللبْثُ في المسجد، وهذان يختصَّان بمن لَزِمَهُ الغُسْل[(638)].
وقوله: «حَرُمَ عليه قِراءةُ القُرآنِ»، أي: حتى يغتسل، وإن توضَّأ ولم يغتسل، فالتَّحريم لا يزال باقياً.
وقوله: «قراءة القرآن» المراد أن يقرأ آية فصاعداً، سواء كان ذلك من المصْحَفِ، أم عن ظَهْرِ قَلْبٍ، لكن إِن كانت الآية طويلة فإِنَّ بعضها كالآية الكاملة.
وأطول آية في القرآن آية الدَّين: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ} ...} الآية [البقرة: 282] ، ومع ذلك لم تستَوعِب حروف اللُّغة العربيَّة، واستوعب حروف اللُّغة العربيَّة آيتان أقصَرُ منها هما:
1- آخر آية في سُورة الفَتْح وهي قوله تعالى: {{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} ...} [الفتح: 29]
2- الآية التي في آل عمران وهي قوله تعالى: {{ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً}} الآية [آل عمران: 154]
وقوله: «قراءة القرآن»، أي: لا قراءة ذِكْرٍ يوافق القرآن، ولم يَقْصِد التِّلاوة؛ فإِنَّه لا بأس به كما لو قال: بسم الله الرحمن الرحيم، أو الحمد لله رب العالمين؛ ولم يقصد التِّلاوة.
والدَّليل على أنَّ الجُنُب ممنوع من القرآن ما يلي:
1- حديث عليٍّ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان يُعَلِّمُهم القرآن، وكان لا يَحْجُزه عن القرآن إلا الجَنَابَة»[(639)].
2- ولأنَّ في مَنْعِهِ من قراءة القرآن حثًّا على المبادرة إِلى الاغتسال، لأنَّه إِذا عَلِمَ أنَّه ممنوع من قراءة القرآن حتى يَغْتسل فسوف يُبادِرُ إلى الاغتسال، فيكون في ذلك مصلحة.
3- أنَّه رُوِيَ أنَّ المَلَكَ يتلقَّف القرآن من فَمِ القارئ[(640)]، وأنَّ الملائكة لا تدخل بيتاً فيه جُنُب[(641)].
وعلى هذا إِذا قرأ القرآن فإِمَّا أن يَحْرُمَ الملَك من تلقُّفِ القُرآن، أو يؤذيه بِجَنَابَتِه، وهذا وإِنْ كان فيه شيء من الضَّعف لكن يُعلَّل به.

وأما بالنِّسبة للحائض:
فإِنَّها مِمَّنْ يلزمه الغُسْل، وعلى هذا فجُمهور أهل العِلْمِ أنَّه لا يجوز لها أنْ تقرأَ القرآن؛ لكنْ لها أن تذكُرَ الله بما يوافق القرآن[(642)].

وقال شيخُ الإسلام رحمه الله: إِنه ليس في مَنْعِ الحائض من قراءة القرآن نُصوص صريحة صحيحة[(643)]، وإذا كان كذلك فلها أن تقرأ القرآن لما يلي:
1- أنّ الأصْلَ الحِلُّ حتى يقوم دليلٌ على المَنْعِ.
2- أنَّ الله أمر بتلاوة القرآن مُطْلَقاً، وقد أثنى الله على من يتلو كتابه، فَمَنْ أخرجَ شخصاً من عِبَادة الله بقراءة القرآن فإِنَّنا نُطالبه بالدَّليل، وإِذا لم يكن هناك دليل صحيح صريح على المنْعِ، فإِنَّها مأمورة بالقراءة.
فإن قيل: ألا يُمكِن أن تُقَاسَ على الجُنُبِ بجامع لُزُوم الغُسْلِ لكلٍّ منهما بسبب الخارج؟
أُجِيب: أنَّه قياس مع الفارق؛ لأنَّ الجُنُبَ باختياره أن يُزيل هذا المانع بالاغتسال، وأمّا الحائضُ فليس باختيارها أن تزيل هذا المانع.
وأيضاً: فإِن الحائض مُدَّتها تطول غالباً، والجُنُب مدَّته لا تطول؛ لأنه سوف تأتيه الصَّلاة، ويُلْزم بالاغتسال.

والنُّفساء من باب أَوْلى أنْ يُرخَّص لها، لأنَّ مُدَّتها أطول من مُدَّة الحائض. وما ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله مَذْهبٌ قويٌّ.
ولو قال قائل:
ما دام العلماء مختلفين، وفي المسألة أحاديث ضعيفة[(644)]، فلماذا لا نجعل المسألة معلَّقة بالحاجة، فإِذا احتاجتْ إلى القِراءة كالأَوْراد، أو تَعاهُد ما حَفِظَتْهُ حتى لا تنسى، أو تحتاج إِلى تعليم أولادها؛ أو البنات في المدارس فيُباح لها ذلك، وأما مع عدم الحاجة فتأخذ بالأَحْوَطِ، وهي لن تُحْرَم بقيَّة الذِّكْرِ. فلو ذهب ذاهب إِلى هذا لكان مذهباً قويًّا.

أما إسلام الكافر: فالكافر ممن يَلْزَمُه الغُسْل، فلو أَسْلَمَ وأراد القراءة مُنِعَ حتى يَغتسل.
والدَّليل على ذلك: القياس على الجُنُبِ.
وهذا فيه نَظَرٌ قويٌ جدًّا؛ لأن العلماء أجمعوا على وجوب الغُسْل على الجُنُبِ بخلاف الكافر فهو مختلَف في وجوبه عليه كما سبق[(645)]، ولا يُقاس المُختلَفُ فيه على المتَّفَقِ عليه.
فإن قيل: نحن نَقِيسُ بناءً على من يقول بوجوب الغُسْلِ على الكافر، أمَّا من يقول بعدم الوجوب فالأمر ظاهر في عدم مَنْعِهِ من قراءة القرآن؟.
فالجواب: أنه حتى على قول من يقول بوجوب الغُسْل عليه، فإِنه لا يرى أنَّ وجوبه مُتَحَتِّم كتَحَتُّمِ الغُسْل من الجَنَابة، بل يرى أنه أضعف. وعليه فَمَنْعُ الكافر من قراءة القرآن حتى يغتسل ضعيف؛ لأنَّه ليس فيه أحاديث، لا صحيحة ولا ضعيفة، وليس فيه إِلا هذا القياس.

ويَعْبُرُ المسجدَ لحاجةٍ،.........
قوله: «ويَعْبُرُ المسجد لحاجة» ،
أي: يَمرُّ به عند الحاجة، وهذا يفيد مَنْعَه من المُكْثِ في المسجد، ولذلك لو قال: ويَحْرُم عليه المُكْثُ في المسجد، ثم استثنى العُبور كان أوضح.

أي: يَحْرُم على من لَزِمَهُ الغُسْل اللُّبْثُ في المسجد، أي: الإقامة فيه ولو مدَّة قصيرة. والدَّليل على ذلك:
1 ـ قوله تعالى: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ}} [النساء: 43] ، يعني: ولا تقربوها جُنُباً إِلا عابري سبيل.
وليس المعنى لا تُصَلُّوا إِلا عابري سبيل، لأن عابر السَّبيل لا يُصلِّي، فيكون النَّهْيُ عن قُربان الصَّلاة، أي: النَّهْيُ عن المرور بأماكنها، وهي المساجد، فإِن عَبَر المسجد فلا بأس به، وأمَّا أن يَمْكُثَ فيه فلا.
2 ـ أن المساجد بيوت الله عزّ وجل ومحل ذِكْرِه، وعبادته، ومأوَى ملائكته، وإِذا كان آكل البصل والأشياء المكروهة ممنوعاً من البقاء في المسجد، فالجُنُبُ الذي تَحْرُمُ عليه الصَّلاة من باب أوْلَى، ولا سيَّما إِذا كانت الملائكة لا تدخل بيتاً فيه جُنُب، فإِنَّها تتأذَّى بمَنْعِهَا من دخول هذا المسجد.
وقوله: «لحاجة». والحاجة متنوِّعة، فقد يريد الدُّخول من باب، والخروج من آخر حتى لا يُشاهَد، وقد يفعل ذلك لكونه أخْصَرَ لطريقه، وقد يَعْبُره لينظر هل فيه محتاج فيؤويه أو يتصدَّق عليه، أو هل فيه حَلَقَةُ عِلْمٍ فيغتسل ثم يرجع إليها.
وأفادنا رحمه الله بقوله: «لحاجة» أنه لا يجوز له أن يَعْبُرَ لغير حاجة.
وظاهر الآية الكريمة: {{إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ}} العموم؛ فَيَعْبُره لحاجة، أو غيرها، وهو المذهب[(646)] إلا أن الإِمام أحمد رحمه الله كَرِه أن يُتَّخَذ المسجد طريقاً إلا لحاجة، وهذا له وجه لأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم ذَكَرَ أنَّ هذه المساجد بُنِيَتْ للذِّكر، والصَّلاة، والقراءة[(647)] فاتخاذها طريقاً خِلافُ ما بُنِيَتْ له إِلا إِذا كانت حاجة.

وَلاَ يَلْبثُ فيه بِغَيْر وُضُوءٍ،..........
قوله: «ولا يَلْبَثُ فيهِ بغَيْر وُضُوء» ، فإِن توضَّأ جاز المُكْثُ، والدَّليل على ذلك:
1 ـ أن الصَّحابة رضي الله عنهم كانوا إِذا تَوضَّؤوا من الجنابة مكثوا في المسجد، فكان الواحد منهم ينام في المسجد؛ فإذا احْتَلَمَ ذهب فتوضَّأ ثم عاد[(648)]، وهذا دليل على أنه جائز، لأن ما فُعِلَ في عَهْدِهِ صلّى الله عليه وسلّم ولم يُنكره، فهو جائز إِن كان من الأفعال غير التَّعَبُّديَّة، وإن كان من الأفعال التَّعَبُّديَّة فهو دليل على أن الإِنسان يُؤْجَر عليه.
2 ـ أن الوُضُوء يُخَفِّفُ الجَنَابَة؛ بدليل أنَّ الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم سُئل عن الرَّجل يكون عليه الغُسْل؛ أينامُ وهو جُنُب؟ فقال صلّى الله عليه وسلّم: «إذا توضَّأ أحدُكُم فَلْيَرْقُدْ وهو جُنُبٌ»[(649)].
3 ـ ولأنَّ الوُضُوء أحد الطَّهورَين، ولولا الجنابة لكان رافعاً للحَدَثِ رَفْعاً كُلِّيًّا فحيئذٍ يكون مخفِّفاً للجنابة.

ومَنْ غَسَّلَ مَيْتاً،...........
قوله: «ومَنْ غَسَّلَ ميتاً» ، هذا شروع في بيان الأَغْسال المسْتَحَبَّة فمنها: الاغتسال من تغسيل الميتِ، فإِذا غَسَّل الإِنسان ميتاً، سُنَّ له الغُسْل، والدَّليل على ذلك ما يلي:
1 ـ قوله صلّى الله عليه وسلّم: «مَنْ غَسَّل ميتاً فَلْيَغْتَسِلْ، ومَنْ حَمَلَهُ فليتوضَّأ»[(650)].
قالوا:
وهذا الحديث فيه الأَمْرُ، والأَمْرُ الأصل فيه الوُجوب، لكن لمَّا كان فيه شيء من الضَّعف لم يَنتهضْ للإِلزام به. وهذا مبنيٌّ على قاعدة وهي: أنَّ النَّهْيَ إِذا كان في حديث ضعيف لا يكون للتَّحريم، والأمرُ إِذا كان في حديث ضعيف لا يكون للوُجوب، لأنَّ الإِلزام بالمنْعِ أو الفعل يحتاج إلى دليل تَبرأُ به الذِّمة لإِلزام العباد به.

وهذه القاعدة أشار إليها ابنُ مفلح في «النُّكَت على المحرَّر» في باب موقف الإِمام والمأموم[(651)]؛ ومراده ما لم يكن الضَّعف شديداً بل محتَمِلاً للصِّحَّة، فيكون فِعْلُ المأمور وتَرْكُ المنهيّ من باب الاحتياط، والاحتياط لا يوجب الفعل أو الترك.
2 ـ أنه ورد عن أبي هريرة أَنه أَمَرَ غاسل الميْت بالغُسْلِ[(652)].
وهذا القول الذي مشى عليه المؤلِّف هو القول الوسط والأقرب.
وقال بعض أهل العِلْم: إنه يجب أن يَغْتَسِلَ[(653)]. واستدلُّوا بحديث أبي هريرة السابق، والأصل في الأَمْرِ الوُجُوب.
وقال آخرون: لا يجب عليه أن يَغْتَسِل، ولا يُسَنُّ له (653) .
واستدلُّوا على ذلك بما يلي:
1- ضَعْف حديث أبي هريرة، فقد قال الإمام أحمد: «لا يَثْبُتُ في هذا الباب شيء»، وإذا لم يَثْبُتْ فدعوى المشروعيَّة تحتاج إِلى دليل؛ ولا دليل.
2- أنَّ المؤمِن طاهر حيًّا وميْتاً، فإِذا كان لا يُسَنُّ الغُسْلُ من تَغْسيل الحيِّ، فتغسيل الميتِ من باب أولى.
فإن قيل: أكثَرُ الذين كانوا يغسِلون الموتى في زمن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم كما في حديث الذي وَقَصَتْهُ ناقته، وحديث أم عطيَّة ومَنْ معها من النِّساء اللاتي غسَّلن ابنته، لم يأمرهم النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بالاغتسال[(654)].
فالجواب على ذلك:
1 ـ أن عدم الأمر في القضيَّة المعيَّنة لا يلزمُ منه نفيُ الأَمْرِ الوارد من طريق آخر إِذا صَحَّ.
2 ـ أنَّنا لا نقول بوجوب هذا الغُسْلِ، فَعَدَمُ الأمر في موضعه يدلُّ على عَدَمِ الوُجوب، لكن لا يدلُّ على نفي المشروعيَّة مطلقاً إِذا جاء مِنْ طريق آخر صحيح.

أوْ أفاقَ من جُنُونٍ، إو إِغماءٍ .......

قوله: «أو أفاقَ مِنْ جُنُونٍ، أو إِغماءٍ» ، هذا هو الثَّاني والثَّالث من الأغْسال المستحبَّة.
والجنون: زوال العقل، ومنه الصَّرَعُ فإِنَّه نوع من الجُنُون.
والإغماء: التَّغطية، ومنه الغَيْم الذي يُغطِّي السَّماء.
فالإِغماء: تغطية العقل، وليس زواله، وله أسباب متعدِّدة منها: شِدَّة المَرضِ كما حَصَلَ للنبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، فإِنه في مَرَضِه أُغْمِيَ عليه ثم أفاق، فقال: أَصَلَّى الناسُ؟ قالوا: لا، وهم ينتظرونك، فأَمَرَ بماء في مِخْضَبٍ ـ وهو شبيه بالصَّحن ـ فاغتَسَلَ؛ فقام لِيَنُوءَ فأُغْمِيَ عليه مرَّة ثانية، فلما أفاق قال: أصلَّى الناسُ؟ قالوا: لا، وهم ينتظرونك»[(655)]، الحديث.
فهذا دليل على أنَّهُ يُغتسل للإِغماء، وليس على سبيل الوجوب، لأن فِعْلَهُ صلّى الله عليه وسلّم المجرَّد لا يدُلُّ على الوُجوب.
وهل هذا مشروع تعبُّداً، أو مشروع لتقوية البَدَنِ؟
يحتمل كلا الأمرين، والفقهاء رحمهم الله قالوا: إِنه على سبيل التعبُّد، ولهذا قالوا: يُسَنُّ أن يَغْتَسِلَ. وأمَّا بالنِّسبة للجنون، فإِنهم قاسوه على الإِغماء، قالوا: فإِذا شُرِعَ للإِغماء، فالجنون من باب أَوْلَى، لأنه أَشَدُّ[(656)].

بلا حُلْمٍ سُنَّ له الغُسْلُ .........
قوله: «بلا حُلْمٍ سُنَّ له الغُسْلُ» ، أي: بلا إِنزال، فإِن أنزلَ حال الإِغماء وَجَبَ عليه الغُسْل كالنَّائم إذا احتلم.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الغسل, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:36 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir