سبيلُ أَهْلِ الْهُدَى
قولُه: ( وأمَّا أهْلُ الْهُدَى والفَلاحِ فيُؤمنون بهذا وهذا. ويُؤمنونَ بأنَّ اللهَ خالقُ كلِّ شيءٍ وربُّه ومَليكُه، وما شاءَ كان وما لم يَشَأْ لم يكنْ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، وأحاطَ بكلِّ شيءٍ عِلْمًا، وكلَّ شيءٍ أَحصاهُ في إِمامٍ مُبِينٍ.
ويَتَضَمَّنُ هذا الأصْلُ: من إثباتِ عِلْمِ اللهِ وقُدْرَتِه، ووَحْدَانيَّتِه ورُبوبيَّتِه وأنه خالِقُ كلِّ شيءٍ وربُّه ومَلِيكُه ما هو من أصولِ الإيمانِ ).
التوضيحُ
هنا بيانٌ لسبيلِ المؤمنينَ، وهو الإيمانُ بشَرْعِ اللهِ وقَدَرِه بجميعِ مَرَاتِبِه السابقةِ، وهذا يَتَضَمَّنُ الإيمانَ بصفاتِ كمالِه وإفرادِ الألوهيَّةِ له، فجميعُ أُصولِ الإيمانِ مُتلازِمَةٌ، وقد سَبَقَ بيانُ ذلك كلِّه بحمْدِ اللهِ.
الكلامُ في الأسبابِ
قولُه: ( ومع هذا لا يُنْكِرونَ ما خَلَقَه اللهُ من الأسبابِ التي يَخْلُقُ بها الْمُسَبَّبَاتِ، كما قالَ تعالى: { حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ، فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ، فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ } وقالَ تعالى: { يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ } وقالَ تعالى: { يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا } فأَخْبَرَ أنه يَفْعَلُ بالأسبابِ.
. . .
التوضيحُ
بعدَ أن بَيَّنَ شيخُ الإسلامِ وُجوبَ الإيمانِ بالشرْعِ وبِمَراتِبِ القدَرِ، وأنَّ أهْلَ الحقِّ يُؤمنون بذلك كلِّه. يَذْكُرُ هنا أنَّ إيمانَهم بخَلْقِ اللهِ وقُدْرَتِه ومَشيئتِه لا تُنافِي إثباتَ الأسبابِ.