دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > مكتبة علوم العقيدة > أصول الاعتقاد > كتاب الاعتقاد للبيهقي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 جمادى الآخرة 1431هـ/31-05-2010م, 06:37 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي باب القول في القرآن

باب القول في القرآن القرآن كلام الله عز وجل، وكلام الله صفة من صفات ذاته، ولا يجوز أن يكون شيء من صفات ذاته مخلوقا ولا محدثا ولا حادثا، قال الله جل ثناؤه: (إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون). فلو كان القرآن مخلوقا لكان الله سبحانه قائلا له كن، والقرآن قوله، ويستحيل أن يكون قوله مقولا له؛ لأن هذا يوجب قولا ثانيا، والقول في القول الثاني وفي تعلقه بقول ثالث كالأول، وهذا يفضي إلى ما لا نهاية له، وهو فاسد، وإذا فسد ذلك فسد أن يكون القرآن مخلوقا، ووجب أن يكون القول أمرا أزليا متعلقا بالمكون، فيما لا يزال كما أن الأمر متعلق بصلاة غد، وغد غير موجود، ومتعلق بمن يخلق من المكلفين إلى يوم القيامة، إلا أن تعليقه بهم على الشرط الذي يصح فيما بعد، كذلك قوله في التكوين، وهذا كما أن علم الله عز وجل أزلي متعلق بالمعلومات عند حدوثها، وسمعه أزلي متعلق بإدراك المسموعات عند ظهورها، وبصره أزلي متعلق بإدراك المرئيات عند وجودها من غير حدوث معنى فيه تعالى عن أن يكون محلا للحوادث، وأن يكون شيء من صفات ذاته محدثا؛ ولأن الله عز وجل قال: (الرحمن علم القرآن خلق الإنسان). فلما جمع في الذكر بين القرآن الذي هو كلامه وصفته وبين الإنسان الذي هو خلقه ومصنوعه، خص القرآن بالتعليم، والإنسان بالتخليق، فلو كان القرآن مخلوقا كالإنسان لقال: خلق القرآن والإنسان. وقال: (ألا له الخلق والأمر)، ففرق بين خلقه وأمره بالواو الذي هو حرف الفصل بين الشيئين المتغايرين، فدل على أن قوله غير خلقه، وقال: (لله الأمر من قبل ومن بعد)، يعني من قبل أن يخلق الخلق ومن بعد ذلك. وهذا يوجب أن الأمر غير مخلوق، وقال: (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين)، وقال: (لولا كتاب من الله سبق)، والسبق على الإطلاق يقتضي سبق كل شيء سواه، وقال: (وكلم الله موسى تكليما)، ولا يجوز أن يكون كلام المتكلم قائما بغيره ثم يكون هو به متكلما مكلما دون ذلك الغير، كما لا يجوز ذلك في العلم والسمع والبصر، وقال: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء)، فلو كان كلام الله لا يوجد إلا مخلوقا في شيء مخلوق لم يكن لاشتراط هذه الوجوه معنى لاستواء جميع الخلق في سماعه من غير الله ووجودهم ذلك عند الجهمية مخلوقا في غير الله، وهذا يوجب إسقاط مرتبة النبيين صلوات الله عليهم أجمعين، ويجب عليهم إذا زعموا أن كلام الله لموسى خلقه في شجرة، أن يكون من سمع كلام الله من ملك أو من نبي أتاه به من عند الله أفضل مرتبة في سماع الكلام من موسى؛ لأنهم سمعوه من نبي ولم يسمعه موسى عليه السلام من الله، وإنما سمعه من شجرة، وأن يزعموا أن اليهود إذ سمعت كلام الله من موسى نبي الله أفضل مرتبة في هذا المعنى من موسى بن عمران صلى الله عليه وعلى نبينا وسلم؛ لأن اليهود سمعته من نبي من الأنبياء وموسى صلى الله عليه وعلى نبينا وسلم سمعه مخلوقا في شجرة ولو كان مخلوقا في شجرة لم يكن الله عز وجل مكلما لموسى من وراء حجاب؛ ولأن كلام الله عز وجل لموسى عليه السلام لو كان مخلوقا في شجرة كما زعموا لزمهم أن تكون الشجرة بذلك الكلام متكلمة، ووجب عليهم أن مخلوقا من المخلوقين كلم موسى وقال له: (إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني)، وهذا ظاهر الفساد، وقد احتج علي بن إسماعيل رحمه الله بهذه الفصول واحتج بها غيره من سلفنا رحمهم الله
35 - وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، أنا الحسن بن رشيق، إجازة، ثنا محمد بن سفيان بن سعيد، ثنا محمد بن إسماعيل الأصبهاني، بمكة قال: سمعت الجارودي، يقول: ذكر الشافعي إبراهيم بن إسماعيل ابن علية فقال: أنا مخالف له في كل شيء، وفي قوله: لا إله إلا الله، لست أقول كما يقول، أنا أقول: لا إله إلا الله الذي كلم موسى من وراء حجاب، وذاك يقول: لا إله إلا الله الذي خلق كلاما أسمعه موسى من وراء حجاب قلنا: ولأن الله قال مخبرا عن المشركين أنهم قالوا: (إن هذا إلا قول البشر)، يعنون القرآن، فمن زعم أن القرآن مخلوق فقد جعله قولا للبشر، وهذا مما أنكره الله على المشركين؛ ولأن الله تعالى قال: (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا)، فلو كانت البحار مدادا يكتب به لنفدت البحار وتكسرت الأقلام ولم يلحق الفناء كلمات الله عز وجل كما لا يلحق الفناء علم الله؛ لأن من فني كلامه لحقته الآفات وجرى عليه السكوت، فلما لم يجر ذلك على ربنا عز وجل صح أنه لم يزل متكلما ولا يزال متكلما، وقد نفى النفاد عن كلامه كما نفى الهلاك عن وجهه. وأما قول الله عز وجل: (إنه لقول رسول كريم)، معناه: قول تلقاه عن رسول كريم أو سمعه من رسول كريم، أو نزل به رسول كريم. فقد قال: (فأجره حتى يسمع كلام الله)، فأثبت أن القرآن كلام الله عز وجل، ولا يكون شيء واحد كلاما للرسول صلى الله عليه وسلم وكلاما لله، دل أن المراد بالأول ما قلنا، وقوله: (إنا جعلناه قرآنا عربيا) معناه: سميناه قرآنا عربيا وأنزلناه مع الملك الذي أسمعناه إياه حتى نزل به بلسان العرب ليعقلوا معناه، وهو كما قال الله عز وجل: (ويجعلون لله ما يكرهون)، يعني: يصفون لله ما يكرهون ولم يرد به الخلق. وقوله: (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون) يحتمل أن يكون معناه ذكرا غير القرآن، وهو كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ووعظه إياهم بقوله (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)؛ ولأنه لم يقل: لا يأتيهم ذكر إلا كان محدثا، وإنما قال: (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون)، فدل على أن ذكرا غير محدث ثم إنه إنما أراد ذكر القرآن لهم وتلاوته عليهم وعلمهم به، وكل ذلك محدث، والمذكور المتلو المعلوم غير محدث، كما أن ذكر العبد لله وعلمه به وعبادته له محدث، والمذكور المعلوم المعبود غير محدث، وحين احتج به على أحمد بن حنبل رحمه الله قال أحمد بن حنبل رضي الله عنه: قد يحتمل أن يكون تنزيله إلينا هو المحدث لا الذكر نفسه محدث قال الشيخ رحمه الله: وهذا الذي أجاب به أحمد بن حنبل رحمه الله ظاهر في الآية، وإتيانه تنزيله على لسان الملك الذي أتى به، والتنزيل محدث، وقد أجاب أحمد رحمه الله بالجواب الأول. وأما تسمية عيسى بكلمة الله فعلى معنى أنه صار مكونا بكلمة الله من غير أب كما صار آدم مكونا بكلمة الله من غير أب ولا أم، وقد بينه بقوله: (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون). وقد روينا في الحديث الصحيح عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «وكتب في الذكر كل شيء»، والقرآن فيما كتب في الذكر لقوله عز وجل: (بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ). وفي ذلك دلالة على قدم القرآن ووجوده قبل وقوع الحاجة إليه، ومما يدل على ذلك الحديث الصحيح الذي
36 - أخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، وأبو الفضل بن إبراهيم، قالا: حدثنا أحمد بن سلمة، حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري، حدثنا أنس بن عياض، حدثنا الحارث بن أبي ذباب، عن يزيد بن هرمز، وعن عبد الرحمن الأعرج، قالا: سمعنا أبا هريرة يقول، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احتج آدم وموسى عند ربهما فحج آدم موسى عليهما السلام، فقال موسى: أنت الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وأسكنك جنته، ثم أهبطت الناس بخطيئتك إلى الأرض، قال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وكلامه، وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شيء، وقربك الله نجيا، فبكم وجدت التوراة قبل أن أخلق ؟ قال موسى: بأربعين عاما، قال آدم: وجدت فيها (وعصى آدم ربه فغوى) ؟ قال: نعم، قال: أفتلومني أن أعمل عملا كتبه الله علي أعمله بعلمه قبل أن يخلقني بأربعين سنة»، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فحج آدم موسى» قال الشيخ: وهذا التاريخ يرجع إلى إظهاره ذلك لمن شاء من ملائكته، وفي ذلك مع الآية دلالة على وجوده قبل وقوع الخطيئة من آدم عليه السلام. وكلام الله تعالى موجود فيما لم يزل، موجود فيما لا يزال، وبإسماعه كلامه من شاء من ملائكته ورسله وعباده متى شاء، صار كلامه مسموعا له بلا كيف، والمسموع كلامه الذي لم يزل ولا يزال موصوفا به، وكلامه لا يشبه كلام المخلوقين، كما لا يشبه سائر أوصافه أوصاف المخلوقين، وبالله التوفيق
37 - أخبرنا أبو علي الحسن بن إبراهيم بن أحمد بن شاذان ببغداد، أنا حمزة بن محمد بن العباس، ثنا العباس بن محمد الدوري، ثنا محمد بن كثير العبدي، أنا إسرائيل، ثنا عثمان بن المغيرة، عن سالم يعني ابن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله، قال: «لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يبلغ الرسالة جعل يقول: يا قوم، لم تؤذونني أن أبلغ كلام ربي»، يعني القرآن
38 - أخبرنا الحسين بن محمد بن محمد بن علي الروذباري، أنا محمد بن بكر، ثنا أبو داود، ثنا العباس بن عبد العظيم، ثنا الأحوص بن جواب، ثنا عمار بن رزيق، عن أبي إسحاق، عن الحارث، وأبي ميسرة، عن علي، رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول عند مضجعه: «اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم، وكلماتك التامة من شر ما أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت تكشف المغرم والمأثم، اللهم لا يهزم جندك، ولا يخلف وعدك، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، سبحانك وبحمدك» قال الأستاذ الإمام رحمه الله: فاستعاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الخبر وغيره بكلمات الله كما استعاذ بوجهه الكريم، فكما أن وجهه الذي استعاذ به غير مخلوق فكذلك كلماته التي استعاذ بها غير مخلوقة، وكلام الله واحد لم يزل ولا يزال، وإنما جاء بلفظ الجمع على معنى التعظيم كقوله: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)، وإنما سماها تامة؛ لأنه لا يجوز أن يكون في كلامه عيب أو نقص كما يكون ذلك في كلام الآدميين
39 - أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو طاهر محمد بن الحسن المحمداباذي، ثنا حامد بن محمود، ثنا إسحاق بن سليمان الرازي، قال: سمعت الجراح الكندي، عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خياركم من تعلم القرآن وعلمه» قال أبو عبد الرحمن: فذاك الذي أجلسني هذا المجلس، وكان يقرئ القرآن، قال: وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الرب على خلقه، وذلك بأنه منه. قال الشيخ: قوله: وذلك بأنه منه، يريد به أنه من صفاته
40 - وأنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أبو أسامة الكلبي، ثنا شهاب بن عباد، ثنا محمد بن الحسن بن أبي يزيد، عن عمرو بن قيس، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله عز وجل: من شغله قراءة القرآن عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين، وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه» قال الأستاذ رحمه الله: قال أصحابنا: لما كان من فضل الله على خلقه أنه قديم غير مخلوق، كان من فضل كلامه على كلام خلقه أنه لم يزل غير مخلوق «
41 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، رضي الله عنه، ثنا أبو معمر الهذلي، عن سريج بن النعمان، حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة بن الزبير، عن نيار بن مكرم، أن أبا بكر، رضي الله عنه قرأ عليهم قوله عز وجل: (الم غلبت الروم)، فقالوا: كلامك هذا، أم كلام صاحبك ؟ قال: ليس بكلامي ولا كلام صاحبي، ولكنه كلام الله عز وجل
42 - أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا إبراهيم بن موسى، ثنا ابن أبي زائدة، عن مجالد، عن عامر يعني الشعبي، عن عامر بن شهر، قال: «كنت عند النجاشي فقرأ ابن له آية من الإنجيل، فضحكت، فقال: أتضحك من كلام الله عز وجل»
43 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، ثنا أبو زكريا العنبري، ثنا محمد بن عبد السلام، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنا جرير، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن فروة بن نوفل الأشجعي، قال: كنت جارا لخباب بن الأرت، فخرجنا مرة من المسجد فأخذ بيدي فقال: يا هناه، تقرب إلى الله بما استطعت، وإنك لن تقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه
44 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الحسن بن علي بن عفان، ثنا ابن نمير، ثنا سفيان الثوري، عن عبد الرحمن بن عابس، حدثني أناس، عن عبد الله بن مسعود، أنه كان يقول في خطبته: إن أصدق الحديث كلام الله عز وجل
45 - أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ، أنا أبو عمرو أحمد بن محمد بن عيسى الصفار، ثنا أبو عوانة، ثنا عثمان بن خرزاذ، ثنا خالد بن خداش، حدثني ابن وهب، أنا يونس بن يزيد، عن الزهري، قال: قال عمر رضي الله عنه: «القرآن كلام الله» وروي أيضا عن أبي الزعراء، عن عمر رضي الله عنه
46 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنا أبو محمد بن حيان، ثنا محمد بن العباس بن أيوب، ثنا أبو عمر بن أيوب الصريفيني، ثنا سفيان بن عيينة، ثنا إسرائيل بن موسى، قال: سمعت الحسن، يقول: قال أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه: لو أن قلوبنا طهرت ما شبعنا من كلام ربنا، وإني لأكره أن يأتي علي يوم لا أنظر في المصحف قال الأستاذ الإمام رحمه الله: وروينا في كتاب الأسماء والصفات، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: ما حكمت مخلوقا، ما حكمت إلا القرآن
47 - وعن عكرمة، قال: صلى ابن عباس رضي الله عنه على جنازة، فقال رجل من القوم: اللهم رب القرآن العظيم اغفر له، فقال ابن عباس: ثكلتك أمك، إن القرآن منه، إن القرآن منه، يعني أنه من صفاته
48 - أخبرنا أبو منصور الفقيه، أنا أبو أحمد الحافظ، أنا أبو عروبة السلمي، قال: حدثنا سلمة بن شبيب، ثنا الحكم بن محمد، ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، قال: سمعت مشيختنا، منذ سبعين سنة يقولون قال أبو أحمد، وأنا محمد بن سليمان بن فارس، واللفظ له، أنا محمد يعني ابن إسماعيل البخاري، قال: قال الحكم بن محمد أبو مروان الطبري: حدثناه سمع سفيان بن عيينة، قال: أدركت مشيختنا منذ سبعين سنة منهم عمرو بن دينار يقولون: إن القرآن كلام الله ليس بمخلوق قال الأستاذ الإمام رحمه الله: هكذا وقعت هذه الحكاية في تاريخ البخاري، عن الحكم بن محمد، عن سفيان: أدركت. ورواه غيره عن الحكم عن سفيان، عن عمرو أنه قال: سمعت. وكذلك رواه الحميدي وغيره، عن سفيان، عن عمرو أنه قال: أدركت. ومشايخ عمرو بن دينار جماعة من الصحابة ثم أكابر التابعين، فهو حكاية إجماع منهم
49 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي طاهر الدقاق ببغداد، ثنا أحمد بن عثمان الآدمي، ثنا ابن أبي العوام، ثنا موسى بن داود الضبي، عن معبد أبي عبد الرحمن، عن معاوية بن عمار، قال: سمعت جعفر بن محمد فقلت: إنهم يسألوننا عن القرآن، أمخلوق هو ؟ قال: ليس بخالق ولا مخلوق، ولكنه كلام الله عز وجل قال رحمه الله: وكذلك رواه سويد بن سعيد، عن معاوية بن عمار، عن جعفر الصادق، وكذلك رواه قيس بن الربيع، عن جعفر، فهو عن جعفر صحيح مشهور. وقد روي ذلك عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين. وروي عن الزهري، عن علي بن الحسين، ورويناه من أوجه عن مالك بن أنس، وهو مذهب كافة أهل العلم قديما وحديثا. وقد ذكرنا أسامي أئمتهم وكبرائهم الذين صرحوا بهذا ورأوا استتابة من قال بخلافه في كتاب الأسماء والصفات، وروينا عن محمد بن سعيد بن سابق أنه قال: سألت أبا يوسف فقلت: أكان أبو حنيفة يقول: القرآن مخلوق. فقال: معاذ الله، ولا أنا أقوله
50 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، ثنا عبد الله بن محمد الفقيه، أنا أبو جعفر الأصبهاني، أنا أبو يحيى الساجي، إجازة قال: سمعت أبا شعيب المصري، يقول: سمعت محمد بن إدريس الشافعي، رحمه الله يقول: «القرآن كلام الله غير مخلوق» وبمعناه رواه الربيع بن سليمان، عن أبي شعيب، عن الشافعي رحمه الله. قال الأستاذ الإمام رحمه الله: وقد ذكر الشافعي رحمه الله ما دل على أن ما نتلوه من القرآن بألسنتنا ونسمعه بآذاننا ونكتبه في مصاحفنا يسمى كلام الله عز وجل، وأن الله عز وجل كلم به عباده بأن أرسل به رسوله صلى الله عليه وسلم. وبمعناه ذكره أيضا علي بن إسماعيل في كتابه الإبانة. قال الشافعي رحمه الله في كتاب الجزية: من جاء من المشركين - قال: يعني الإمام - أن يجيره حتى يسمع كلام الله ثم يبلغه مأمنه كان ذلك فرضا على الإمام؛ لقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه). وقال في كتاب الإيمان فيمن حلف أن لا يكلم رجلا فأرسل إليه رسولا: من قال يحنث ذهب إلى أن الله تعالى قال: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء)، وقال: إن الله تعالى يقول للمؤمنين في المنافقين: (قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم)، وإنما نبأهم من أخبارهم بالوحي الذي تنزل به جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم، ويخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بوحي الله، قال: ومن قال: لا يحنث، قال: إن كلام الآدميين لا يشبه كلام الله عز وجل، كلام الآدميين بالمواجهة قال الأستاذ الإمام رحمه الله: وذكر باقي المسألة: وهو فيما قرأته على أبي سعيد بن أبي عمرو في هذين الكتابين أن أبا العباس محمد بن يعقوب حدثهم قال: أنا الربيع بن سليمان، أنا الشافعي رحمه الله فذكره. فقد سمى الشافعي رحمه الله على القولين جميعا ما نسميه من القرآن كلام الله، وأن الله كلم به عباده بأن أرسل به رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن كلام الآدميين وإن كان يكون بالمواجهة في الحكم في أحد القولين فكلام الله تعالى عباده قد يكون بالرسالة والوحي كما جاء به الكتاب، ويسمى ذلك كلاما وتكليما، والله أعلم. وقال أبو الحسن علي بن إسماعيل رحمه الله تعالى في كتابه: فإن قال قائل: حدثونا أتقولون: إن كلام الله عز وجل في اللوح المحفوظ ؟ قيل له: نقول ذلك لأن الله قال: (بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ)، فالقرآن في اللوح المحفوظ وهو في صدور الذين أوتوا العلم، قال الله تعالى: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم)، وهو متلو بالألسنة، قال الله: (لا تحرك به لسانك لتعجل به)، فالقرآن مكتوب في مصاحفنا في الحقيقة، محفوظ في صدورنا في الحقيقة، متلو بألسنتنا في الحقيقة مسموع لنا في الحقيقة كما قال: (فأجره حتى يسمع كلام الله)
51 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، في التاريخ، ثنا أبو بكر محمد بن أبي الهيثم المطوعي ببخارى، ثنا محمد بن يوسف الفربري، قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري يقول: سمعت عبيد الله بن سعيد يعني أبا قدامة، يقول: سمعت يحيى بن سعيد يعني القطان، يقول: ما زلت أسمع أصحابنا يقولون: أفعال العباد مخلوقة قال أبو عبد الله البخاري: حركاتهم وأصواتهم واكتسابهم وكتابتهم مخلوقة، فأما القرآن المتلو المبين المثبت في المصاحف المسطور المكتوب الموعى في القلوب فهو كلام الله ليس بمخلوق، قال الله عز وجل (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم). قال الشيخ الأستاذ الإمام رحمه الله: وهذا القول لا يخالف قول أحمد بن حنبل رحمه الله. وقد روينا عنه في كتاب الأسماء والصفات أنه أنكر على تلميذه أبي طالب قوله: لفظي بالقرآن غير مخلوق، وكره الكلام في اللفظ
52 - وسمعت أبا عمرو الأديب يقول: سمعت أبا بكر الإسماعيلي يقول: سمعت عبد الله بن محمد بن ناجية يقول: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول: سمعت أبي يقول: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، يريد به القرآن، فهو كافر قال الشيخ رضي الله عنه: فإنما أنكر قول من تذرع بهذا إلى القول بخلق القرآن، وكان يستحب ترك الكلام فيه لهذا المعنى، والله أعلم


التوقيع :
{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القول, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:43 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir