دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > مكتبة علوم العقيدة > الأسماء والصفات > الأسماء والصفات للبيهقي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 ربيع الأول 1432هـ/23-02-2011م, 07:51 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي باب ما ذكر في القدم والرجل

باب ما ذكر في القدم والرجل

753- أخبرنا أبو زكريّا بن أبي إسحاق، أخبرنا أبو محمّد بن عبد الله بن إسحاق، أخبرنا إبراهيم بن الهيثم البلديّ ح وحدّثنا أبو عبد الله محمّد بن عبد الله الحافظ، غير مرّةٍ، حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن أيّوب الطّوسيّ، أخبرنا أبو حاتمٍ محمّد بن إدريس الرّازيّ، قالا: أنا آدم بن أبي إياس العسقلانيّ، حدّثنا شيبان بن عبد الرّحمن، عن قتادة، عن أنس بن مالكٍ، قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: لا تزال جهنّم تقول: هل من مزيدٍ حتّى يضع ربّ العزّة فيها قدمه فتقول: قط قط وعزّتك، ويزوى بعضها إلى بعضٍ، ولا يزال في الجنّة فضلٌ حتّى ينشئ اللّه خلقًا فيسكنه فضول الجنّة.
رواه البخاريّ في
[الأسماء والصفات: 2/189]
الصّحيح، عن آدم.
وأخرجه مسلمٌ من وجهٍ آخر، عن شيبان، وقد رواه سليمان التّيميّ، عن قتادة، وقال في إحدى الرّوايتين عنه حتّى يضع فيها ربّ العالمين قدمه وفي الرّواية الأخرى عنه: حتّى يضع اللّه عليها قدمه ورواه سعيد بن أبي عروبة، وأبان بن يزيد العطّار، عن قتادة، وقالا في الحديث: ربّ العالمين العالمين ورواه شعبة، عن قتادة
754- كما أخبرنا محمّد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرني أبو بكرٍ محمّد بن أحمد بن بالويه، حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبلٍ، حدّثنا عبيد الله بن عمر، حدّثنا حرميّ بن عمارة، حدّثنا شعبة، عن قتادة، عن أنسٍ، قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: يلقى في النّار وتقول: هل من مزيدٍ حتّى يضع قدمه أو رجله عليه، فتقول قط قط.
رواه البخاريّ في "الصّحيح"، عن عبد الله بن أبي الأسود، عن حرميّ بن عمارة
755- أخبرنا أبو طاهرٍ الفقيه، أخبرنا أبو بكرٍ محمّد بن الحسين القطّان، حدّثنا أحمد بن يوسف السّلميّ، حدّثنا عبد الرّزّاق، أخبرنا معمرٌ، عن همّام بن منبّهٍ، قال: هذا ما حدّثنا
[الأسماء والصفات: 2/190]
أبو هريرة، قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: تحاجّت الجنّة والنّار، فقالت النّار: أوثرت بالمتكبّرين والمتجبّرين، وقالت الجنّة: فما لي لا يدخلني إلاّ ضعفاء النّاس وسقطهم وغرّتهم.
قال اللّه عزّ وجلّ للجنّة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنّار: إنّما أنت عذابي أعذّب بك من أشاء من عبادي، ولكلّ واحدةٍ منكما ملؤها، فأمّا النّار فلا تمتلئ حتّى يضع اللّه فيها رجله، فتقول: قط قط قط، فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعضٍ، ولا يظلم اللّه من خلقه أحدًا، وأمّا الجنّة فإنّ اللّه عزّ وجلّ ينشئ لها خلقًا.
رواه البخاريّ في "الصّحيح"، عن عبد الله بن محمّدٍ.
ورواه مسلمٌ، عن محمّد بن رافعٍ كلاهما عن عبد الرّزّاق ورواه أيّوب، عن محمّد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وقال في الحديث: حتّى يضع الرّبّ قدمه فيها ورواه عوفٌ، عن محمّدٍ، عن أبي هريرة يرفعه، وقال: فيضع الرّبّ قدمه عليها ورواه الأعرج، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وقال في الحديث: فأمّا النّار فلا تمتلئ فيضع قدمه عليها فتقول قط قط، فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعضٍ
756- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم، حدّثنا أحمد بن سلمة، حدّثنا محمّد بن رافعٍ، حدّثنا شبابة بن سوّارٍ، حدّثني ورقاء، عن أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فذكر الحديث بنحوٍ من حديث همّام بن منبّهٍ، إلاّ أنّه قال:
[الأسماء والصفات: 2/191]
وسقطهم وعجزهم وانتهى حديثه عند قوله: ويزوى بعضها إلى بعضٍ.
رواه مسلمٌ في "الصّحيح"، عن محمّد بن رافعٍ، وبمعناه رواه أبو صالحٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من غير إضافةٍ، فقال: حتّى يضع فيها قدمًا.
قال أبو سليمان الخطّابيّ رحمه اللّه: فيشبه أن يكون من ذكر القدم والرّجل، وترك الإضافة إنّما تركها تهيّبًا لها، وطلبًا للسّلامة من خطأ التّأويل فيها، وكان أبو عبيدٍ، وهو أحد أئمّة أهل العلم، يقول: نحن نروي هذه الأحاديث ولا نريغ لها المعاني.
قال أبو سليمان: ونحن أحرى بأن لا نتقدّم فيما تأخّر عنه من هو أكثر علمًا وأقدم زمانًا وسنًّا، ولكنّ الزّمان الّذي نحن فيه قد صار أهله حزبين: منكرٌ لما يروى من نوع هذه الأحاديث رأسًا، ومكذّبٌ به أصلا، وفي ذلك تكذيب العلماء الّذين رووا هذه الأحاديث وهم أئمّة الدّين ونقلة السّنن، والواسطة بيننا وبين رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم، والطّائفة الأخرى مسلّمةٌ للرّواية فيها ذاهبةٌ في تحقيق الظّاهر منها مذهبًا يكاد يفضي بهم إلى القول بالتّشبيه، ونحن نرغب عن الأمرين معًا، ولا نرضى بواحدٍ منهما مذهبًا، فيحقّ علينا أن نطلب لما يرد من هذه الأحاديث إذا صحّت من طريق النّقل والسّند.
[الأسماء والصفات: 2/192]
تأويلا يخرج على معاني أصول الدّين، ومذاهب العلماء، ولا نبطل الرّواية فيها أصلا، إذا كانت طرقها مرضيّةً ونقلتها عدولا.
قال أبو سليمان: وذكر القدم ههنا يحتمل أن يكون المراد به: من قدّمهم اللّه للنّار من أهلها، فيقع بهم استيفاء عدد أهل النّار وكلّ شيءٍ قدّمته فهو قدمٌ، كما قيل لما هدمته: هدمٌ، ولما قبضته: قبضٌ، ومن هذا قوله عزّ وجلّ: أنّ لهم قدم صدقٍ عند ربّهم، أي ما قدّموه من الأعمال الصّالحة وقد روي معنى هذا عن الحسن، ويؤيّده قوله في الحديث: وأمّا الجنّة فإنّ اللّه ينشئ لها خلقًا فاتّفق المعنيان أنّ كلّ واحدةٍ من الجنّة والنّار تمدّ بزيادة عددٍ يستوفي بها عدّة أهلها، فتمتلئ عند ذلك قال الشّيخ أحمد: وفيما كتب إليّ أبو نصر بن قتادة، من كتاب أبي الحسن بن مهديٍّ الطّبريّ حكايةً، عن النّضر بن شميلٍ، أنّ معنى قوله: حتّى يضع الجبّار فيها قدمه أي من سبق في علمه أنّه من أهل النّار.
قال أبو سليمان: قد تأوّل بعضهم الرّجل على نحو من هذا، قال: والمراد به استيفاء عدد الجماعة الّذين استوجبوا دخول النّار قال: والعرب تسمّي جماعة الجراد رجلا كما سمّوا جماعة الظّباء سربًا وجماعة النّعام خيطًا، وجماعة الحمير عانةً، قال: وهذا وإن كان اسمًا خاصًّا لجماعة الجراد، فقد يستعار لجماعة النّاس على سبيل التّشبيه والكلام المستعار والمنقول من موضعه كثيرٌ، والأمر فيه عند أهل اللّغة مشهورٌ.
قال أبو سليمان رحمه اللّه: وفيه وجهٌ آخر، وهو أنّ هذه الأسماء أمثالٌ يراد بها إثبات معانٍ لا حظّ لظاهر الأسماء فيها من طريق الحقيقة، وإنّما أريد بوضع الرّجل عليها نوعٌ من الزّجر لها والتّسكين من غربها كما
[الأسماء والصفات: 2/193]
يقول القائل للشّيء يريد محوه وإبطاله: جعلته تحت رجليّ، ووضعته تحت قدميّ وخطب رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم عام الفتح، فقال: ألا إنّ كلّ دم ومأثرةٍ في الجاهليّة فهو تحت قدميّ هاتين، إلاّ سقاية الحاجّ وسدانة البيت يريد محو تلك المآثر وإبطالها، وما أكثر ما تضرب العرب الأمثال في كلامها بأسماء الأعضاء، وهي لا تريد أعيانها، كما تقول في الرّجل يسبق منه القول أو الفعل ثمّ يندم عليه: قد سقط في يده أي ندم وكقولهم: رغم أنف الرّجل، إذا ذلّ وعلا كعبه إذا جلّ وجعلت كلام فلانٍ دبر أذني، وجعلت يا هذا حاجتي بظهرٍ، ونحوها من ألفاظهم الدّائرة في كلامهم وكقول امرئ القيس في وصف طول اللّيل: فقلت له لمّا تمطّى بصلبه وأردف أعجازًا وناء بكلكل وليس هناك صلبٌ، ولا عجزٌ، ولا كلكلٌ وإنّما هي أمثالٌ ضربها لما أراد من بيان طول اللّيل واستقصاء الوصف له، فقطّع اللّيل تقطيع ذي أعضاءٍ من الحيوان، وقد تمطّى عند إقباله وامتدّ بعد بدوام ركوده، وطول ساعاته، وقد تستعمل الرّجل أيضًا في القصد للشّيء والطّلب له على سبيل جدٍّ وإلحاحٍ، يقال: قام فلانٌ في هذا الأمر على رجلٍ، وقام على ساقٍ إذا جدّ في الطّلب، وبالغ في السّعي وهذا الباب كثير التّصرّف فإن قيل: فهلا تأوّلت اليد والوجه على هذا النّوع من التّأويل، وجعلت الأسماء فيهما أمثالا كذلك؟ فإن قيل: إنّ هذه الصّفات مذكورةٌ في كتاب الله عزّ وجلّ بأسمائها، وهي صفات مدحٍ، والأصل أنّ كلّ صفةٍ جاء بها الكتاب أو صحّت بأخبار التّواتر أو رويت من طريق الآحاد وكان لها أصلٌ في الكتاب، أو خرجت على بعض معانيه فإنّا نقول بها ونجريها على ظاهرها من غير تكييفٍ، وما لم يكن له في الكتاب ذكرٌ، ولا في التّواتر أصلٌ، ولا له بمعاني الكتاب تعلّقٌ، وكان مجيئه من طريق الآحاد وأفضى بنا القول إذا أجريناه على ظاهره إلى
[الأسماء والصفات: 2/194]
التّشبيه فإنّا نتأوله على معنًى يحتمله الكلام ويزول معه معنى التّشبيه، وهذا هو الفرق بين ما جاء من ذكر القدم والرّجل والسّاق، وبين اليد والوجه والعين، وباللّه العصمة، ونسأله التّوفيق لصواب القول، ونعوذ باللّه من الخطأ والزّلل فيه، إنّه رؤوفٌ رحيمٌ
757- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، حدّثنا محمّد بن إسحاق الصّاغانيّ، حدّثنا عمرو بن طلحة، حدّثنا أسباط بن نصرٍ، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة الهمدانيّ، عن ابن مسعودٍ، وناسٍ من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم تلا: اللّه لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم، إلى قوله: وهو العليّ العظيم، أمّا قوله: القيّوم: هو القائم، وأمّا سنةٌ: فهو ريح النّوم الّتي تأخذ في الوجه فينعس الإنسان، وأمّا ما بين أيديهم: فالدّنيا، وأمّا ما خلفهم: فالآخرة، وأمّا لا يحيطون بشيءٍ من علمه إلاّ بما شاء يقول: لا يعلمون شيئًا من علمه
[الأسماء والصفات: 2/195]
إلا بما شاء، هو يعلّمهم، وأمّا وسع كرسيّه السّماوات والأرض: فإنّ السّماوات والأرض في جوف الكرسيّ، والكرسيّ بين يدي العرش، وهو موضع قدميه، وأمّا لا يئوده حفظهما، فلا يثقل عليه، كذا في هذه الرّواية موضع قدميه
758- وقد أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أخبرنا أبو عمرو بن نجيدٍ السّلميّ، أخبرنا أبو مسلمٍ الكجّيّ، حدّثنا أبو عاصمٍ، عن سفيان، عن عمّارٍ الدّهنيّ، عن مسلمٍ البطين، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: وسع كرسيّه السّماوات والأرض، قال: موضع القدمين قال: ولا يقدّر قدر عرشه كذا قال: موضع القدمين من غير إضافةٍ وقاله أيضًا أبو موسى
[الأسماء والصفات: 2/196]
الأشعريّ من غير إضافةٍ، وكأنّه أصحّ، وتأويله عند أهل النّظر مقدار الكرسيّ من العرش، كمقدار كرسيٍّ يكون عند سريرٍ قد وضع لقدمي القاعد على السّرير، فيكون السّرير أعظم قدرًا من الكرسيّ الموضوع دونه موضعًا للقدمين، هذا هو المقصود من الخبر عند أهل النّظر واللّه أعلم، والخبر موقوفٌ لا يصحّ رفعه إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وأمّا المتقدّمون من أصحابنا فإنّهم لم يفسّروا أمثال هذه، ولم يشتغلوا بتأويلها، مع اعتقادهم أنّ اللّه تعالى واحدٌ غير متبعّضٍ، ولا ذو جارحةٍ
759- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، قال: سمعت العبّاس بن محمّدٍ، يقول: سمعت يحيى بن معينٍ، يقول: شهدت زكريّا بن عديٍّ، سأل وكيعًا، فقال: يا أبا سفيان، هذه الأحاديث يعني مثل: الكرسيّ موضع القدمين ونحو هذا؟ فقال وكيعٌ: أدركنا إسماعيل بن أبي خالدٍ، وسفيان، ومسعرًا يحدّثون بهذه الأحاديث ولا يفسّرون شيئًا
[الأسماء والصفات: 2/197]
760- وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أخبرنا أبو محمّد بن حيّان الأصبهانيّ، فيما أجاز له جدّه، عن العبّاس بن محمّدٍ، قال: سمعت أبا عبيدٍ، يقول: هذه الأحاديث الّتي يقول فيها: ضحك ربّنا من قنوط عباده وقرب غيره، وإنّ جهنّم لا تمتلئ حتّى يضع ربّك قدمه فيها، والكرسيّ موضع القدمين وهذه الأحاديث في الرّواية هي عندنا حقٌّ، حملها بعضهم عن بعضٍ، غير أنّا إذا سئلنا عن تفسيرها لا نفسّرها وما أدركنا أحدًا يفسّرها
761- وأمّا الحديث الّذي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدّثنا أبو العبّاس محمّد
[الأسماء والصفات: 2/198]
بن يعقوب، حدّثنا محمّد بن إسحاق الصّاغانيّ، حدّثنا إبراهيم بن المنذر الحزاميّ، حدّثنا محمّد بن فليحٍ، عن أبيه، عن سعيد بن الحارث، عن عبيد بن حنينٍ، قال: بينما أنا جالسٌ، في المسجد إذ جاء قتادة بن النّعمان، فجلس فتحدّث فثاب إليه أناسٌ، ثمّ قال: انطلق بنا إلى أبي سعيدٍ الخدريّ، فإنّي قد أخبرت أنّه قد اشتكى، فانطلقنا حتّى دخلنا على أبي سعيدٍ الخدريّ فوجدناه مستلقيًا واضعًا رجله اليمنى على اليسرى، فسلّمنا وجلسنا، فرفع قتادة يده إلى رجل أبي سعيدٍ الخدريّ فقرصها قرصةً شديدةً، فقال أبو سعيدٍ: سبحان الله يا ابن آدم، أوجعتني قال: ذاك أردت، إنّ رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: إنّ اللّه عزّ وجلّ لمّا قضى خلقه، استلقى ثمّ وضع إحدى رجليه على الأخرى، ثمّ قال: لا ينبغي لأحدٍ من خلقي أن يفعل هذا قال أبو سعيدٍ: لا جرم لا أفعله أبدًا.
فهذا حديثٌ منكرٌ ولم أكتبه إلاّ من هذا الوجه، وفليح بن سليمان مع كونه من شرط البخاريّ ومسلمٍ، فلم يخرجا حديثه هذا في "الصّحيح"، وهو عند بعض الحفّاظ غير محتجٍّ به
762- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، حدّثنا العبّاس بن محمّدٍ، قال: سمعت يحيى بن معينٍ، يقول: فليح بن سليمان لا يحتجّ بحديثه
[الأسماء والصفات: 2/199]
763- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو عبد الرّحمن السّلميّ، وأبو بكرٍ أحمد بن محمّدٍ الأشنانيّ، قالوا: أنا أبو الحسن الطّرائفيّ، حدّثنا عثمان بن سعيدٍ الدّارميّ، قال: سمعت يحيى بن معينٍ يقول: فليحٌ ضعيفٌ، قال الشّيخ أحمد: وبلغني عن أبي عبد الرّحمن النّسائيّ، أنّه قال: فليح بن سليمان ليس بالقويّ.
قال الشّيخ: فإذا كان فليح بن سليمان المدنيّ مختلفًا في جواز الاحتجاج به عند الحفّاظ لم يثبت بروايته مثل هذا الأمر العظيم وفيه علّةٌ أخرى وهي أنّ قتادة بن النّعمان مات في خلافة عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه، وصلّى عليه عمر، وعبيد بن حنينٍ مات سنة خمسٍ ومائةٍ، وله خمسٌ وسبعون سنةً في قول الواقديّ وابن بكيرٍ، فتكون روايته عن قتادة منقطعةً، وقول الرّاوي: وانطلقنا حتّى دخلنا على أبي سعيدٍ لا يرجع إلى عبيد بن حنينٍ، وإنّما يرجع إلى من أرسله عنه، ونحن لا نعرفه، فلا نقبل المراسيل في الأحكام، فكيف في هذا الأمر العظيم؟ ثمّ إن صحّ طريقه يحتمل أن يكون النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم حدّث به عن بعض أهل الكتاب على طريق الإنكار، فلم يفهم عنه قتادة بن النّعمان إنكاره
764- أخبرنا أبو جعفر العزايمي، أخبرنا أبو العباس الصبغي، حدّثنا الحسن بن علي بن زياد، حدّثنا ابن أبي أويس، حدثني ابن أبي الزناد عبد الرحمن، عن هشام بن عروة، عن
[الأسماء والصفات: 2/200]
عبد الله بن عروة بن الزبير، أن الزبير بن العوام سمع رجلا يحدث حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فاستمع الزبير له حتى إذا قضى الرجل حديثه قال له الزبير: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال الرجل: نعم. قال: هذا وأشباهه مما يمنعنا أن نحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، قد لعمري سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا يومئذ حاضر، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدأ هذا الحديث فحدثناه عن رجل من أهل الكتاب حدثه إياه، فجئت أنت يومئذ بعد أن قضى صدر الحديث، وذكر الرجل الذي من أهل الكتاب فظننت أنه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الشيخ: ولهذا الوجه من الاحتمال ترك أهل النظر من أصحابنا الاحتجاج بأخبار الآحاد في صفات الله تعالى، إذا لم يكن لما انفرد منها أصل في الكتاب أو الإجماع، واشتغلوا بتأويله، وما نقل في هذا الخبر إنما يفعله في الشاهد من الفارغين من أعمالهم من مسه لغوب، أو أصابه نصب مما فعل، ليستريح بالاستلقاء ووضع إحدى رجليه على الأخرى، وقد كذب الله تعالى اليهود، حين وصفوه بالاستراحة بعد خلق السماوات والأرض وما بينهما فقال: ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب فاصبر على ما يقولون
[الأسماء والصفات: 2/201]
765- حدّثنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو سعيدٍ أحمد بن عمرٍو الأحمسيّ، بالكوفة، حدّثنا الحسين بن حميد بن الرّبيع، حدّثنا هنّاد بن السّريّ، حدّثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، عن أبي سعدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، أنّ اليهود أتت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فسألت عن خلق السّماوات والأرض، فقال: خلق الأرض يوم الأحد والاثنين، وخلق الجبال يوم الثّلاثاء وما فيهنّ من المنافع، وخلق يوم الأربعاء الشّجر والماء والمدائن والعمران والخراب، فهذه أربعةٌ، فقال عزّ من قائل: قل أئنّكم لتكفرون بالّذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادًا ذلك ربّ العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها في أربعة أيّامٍ سواءً للسّائلين، وخلق يوم الخميس السّماء، وخلق يوم الجمعة النّجوم والشّمس والقمر والملائكة إلى ثلاث ساعاتٍ بقين منه، فخلق في أوّل ساعةٍ من هذه الثّلاث السّاعات الآجال حين يموت من مات، وفي الثّانية ألقى الآفة على كلّ شيءٍ ممّا ينتفع به النّاس، وفي الثّالثة آدم وأسكنه الجنّة وأمر إبليس بالسّجود له، وأخرجه منها في آخر السّاعة ثمّ قالت اليهود: ثمّ ماذا يا محمّد؟
[الأسماء والصفات: 2/202]
قال: ثمّ استوى على العرش قالوا: قد أصبت لو أتممت قالوا: ثمّ استراح قال: فغضب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم غضبًا شديدًا، فنزلت: ولقد خلقنا السّماوات والأرض وما بينهما في ستّة أيّامٍ وما مسّنا من لغوبٍ فاصبر على ما يقولون
766- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدّثنا إبراهيم بن الحسين، حدّثنا آدم، حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله تعالى {وما مسنا من لغوب} قال: اللغوب النصب}، تقول اليهود إنه أعيي بعد ما خلقهما. قال الشيخ رضي الله عنه: وأما النهي عن وضع الرجل إحدى رجليه على الأخرى فقد رواه أبو الزبير عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم دون هذه القصة، وحمله أهل العلم على ما يخشى من انكشاف العورة، وهي الفخذ إذا رفع إحدى رجليه على الأخرى مستلقيا والإزار ضيق، وهو جائز عند الجميع إذا لم يخش ذلك
767- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو زكريّا بن أبي إسحاق المزكي، قالا: أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، حدّثنا بحر بن نصرٍ، حدّثنا ابن وهبٍ، أخبرنا يونس، عن ابن شهابٍ، قال: حدّثني عبّاد بن تميمٍ، عن عمّه، أنّ رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم، كان يستلقي في
[الأسماء والصفات: 2/203]
المسجد وإحدى رجليه على الأخرى وزاد زكريّا في روايته، قال: وزعم عبّادٌ أنّ عمر بن الخطّاب، وعثمان بن عفّان كانا يفعلان.
رواه مسلمٌ في "الصّحيح"، عن أبي طاهرٍ، وحرملة، عن ابن وهبٍ
768- وأخبرنا أبو عليٍّ الحسين بن محمّدٍ الرّوذباريّ، أخبرنا أبو بكر بن داسة، حدّثنا أبو داود، حدّثنا القعنبيّ، حدّثنا مالكٌ، عن ابن شهابٍ ح وأخبرنا أبو عليٍّ، أخبرنا أبو محمّدٍ عبد الله بن عمر بن شوذبٍ الواسطيّ، بها، حدّثنا أحمد بن سنانٍ، حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا إبراهيم بن سعدٍ، أخبرني ابن شهابٍ، عن عبّاد بن تميمٍ، عن عمّه وهو عبد الله بن زيدٍ، أنّه رأى رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم، مستلقيًا في المسجد واضعًا إحدى رجليه على الأخرى لفظ حديث مالكٍ، زاد إبراهيم في روايته: وأنّه فعل ذلك أبو بكرٍ، وعمر، وعثمان.
رواه البخاريّ في "الصّحيح"، عن القعنبيّ، عن مالكٍ، وعن أحمد بن يونس، عن إبراهيم بن سعدٍ.
ورواه مسلمٌ، عن يحيى بن يحيى، عن مالكٍ
769- وأخبرنا أبو عليٍّ الرّوذباريّ، أخبرنا أبو بكر بن داسة، أخبرنا أبو داود، نا
[الأسماء والصفات: 2/204]
القعنبيّ، عن مالكٍ، عن ابن شهابٍ، عن سعيد بن المسيّب، أنّ عمر بن الخطّاب، وعثمان بن عفّان، رضي الله عنهما كانا يفعلان ذلك
770- وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، حدّثنا أبو العباس الأصم، حدّثنا بحر بن نصر، حدّثنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: حدثني عمر بن عبد العزيز، أن محمد بن نوفل، أخبره أنه رأى أسامة بن زيد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا وإحدى رجليه على الأخرى. قال الشيخ: وقال بعض أهل النظر في حديث قتادة بن النعمان معناه: لما خلق ما أراد خلقه ترك إدامة مثله ولو شاء لأدام. هذا مثل جار في من فرغ مما قصده، فلان استلقى على ظهره، وإن لم يكن اضطجع، ويحتمل أن يكون استلقى بمعنى ألقى، فيكون معناه أنه ألقى بعض السماوات فوق بعض، وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم، وتكون السين بمثابته في استدعى واستبرى. وأما تأويل قوله: ثم وضع إحدى رجليه على الأخرى. أي: رفع قوما على قوم، فجعل بعضهم سادة وبعضهم عبيدا، والرجل جماعة، أو جعلهم صنفين في الشقاوة والسعادة أو الغنى والفقر، أو الصحة والسقم، يؤيده حديث الزهري، عن عباد بن تميم المازني عن عبد الله بن زيد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم مستلقيا في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى، وكان أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم يفعلون ذلك
[الأسماء والصفات: 2/205]
771- وأمّا الحديث الّذي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، حدّثنا أحمد بن عبد الجبّار، حدّثنا يونس بن بكيرٍ، عن ابن إسحاق، قال: حدّثني يعقوب بن عتبة، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، أنشد رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم من قول أميّة بن أبي الصّلت: رجلٌ وثورٌ تحت رجل يمينه والنّسر للأخرى وليثٌ مرصد فقال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: صدق وأنشد قوله: والشّمس تطلع كلّ آخر ليلةٍ حمراء يصبح لونها يتورّد
[الأسماء والصفات: 2/206]
فقال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: صدق تأبى فما تبدو لنا في رسلها إلاّ معذّبةً وإلا تجلّد فقال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: صدق.
فهذا حديثٌ يتفرّد به محمّد بن إسحاق بن يسارٍ بإسناده هذا، وإنّما أريد به ما جاء في حديثٍ آخر عن ابن عبّاسٍ أنّ الكرسيّ يحمله أربعة ملائكة: ملكٌ في صورة رجلٍ، وملكٌ في
[الأسماء والصفات: 2/207]
صورة أسدٍ، وملكٌ في صورة ثورٍ، وملكٌ في صورة نسرٍ، فكأنّه إن صحّ بيّن أنّ الملك الّذي في صورة رجلٍ والملك الّذي في صورة ثورٍ يحملان من الكرسيّ موضع الرّجل اليمنى، والملك الّذي صورة النّسر والّذي في صورة الأسد وهو اللّيث يحملان من الكرسيّ موضع الرّجل الأخرى، أن لو كان الّذي عليه ذا رجلين
[الأسماء والصفات: 2/208]


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ما, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:11 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir