دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 11:47 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي المفعول له

المفعولُ لَهُ

يُنْصَبُ مفعولًا لهُ الْمَصْدَرُ إنْ = أَبانَ تَعليلًا كجُدْ شُكْرًا ودِنْ
وَهْوَ بما يَعْمَلُ فيهِ مُتَّحِدْ = وقتًا وفاعلًا وإنْ شَرْطٌ فُقِدْ
فاجْرُرْهُ بالحرْفِ وليسَ يَمْتَنِعْ = معَ الشروطِ كَلِزُهْدٍ ذا قَنِعْ
وقَلَّ أنْ يَصْحَبَها الْمُجَرَّدُ = والعكْسُ في مَصحوبِ أَلْ وأَنْشَدُوا
لا أَقْعُدُ الْجُبْنَ عن الهَيْجَاءِ = ولوْ تَوَالَتْ زُمَرُ الأعداءِ

  #2  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 11:58 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ابن عقيل (ومعه منحة الجليل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


المَفْعُولُ لَهُ

يُنْصَبُ مَفْعُولاً لَهُ الْمَصْدَرُ إِنْ = أَبَانَ تَعْلِيلاً، كـ(جُدْ شُكْراً ودِنْ) ([1])


وَهْوَ بما يَعْمَلُ فيه مُتَّحِدْ = وَقْتاً وفَاعِلاً وإنْ شَرْطٌ فُقِدْ ([2])


فاجْرُرْهُ بِالْحَرْفِ وَلَيْسَ يَمْتَنِعْ = معَ الشُّرُوطِ كَلِزُهْدٍ ذَا قَنِعْ ([3])

المفعولُ له: هو المصدرُ المُفْهِمُ عِلَّةَ المشارِكِ لعاملِه في الوقتِ والفاعلِ، نحوُ: (جُدْ شُكْراً)، فشُكْراً مصدرٌ، وهو مُفْهِمٌ للتعليلِ؛ لأنَّ المعنَى جُدْ لأجلِ الشكرِ، ومُشَارِكٌ لعاملِه، وهو (جُدْ) في الوقتِ؛ لأنَّ زَمَنَ الشكرِ، وهو زَمَنُ الجُودِ، وفي الفاعلِ؛ لأنَّ فاعلَ الجُودِ هو المخاطَبُ، وهو فاعلُ الشكرِ، وكذلك (ضَرَبْتُ ابْنِي تَأْدِيباً)، فتأديباً مَصْدَرٌ، وهو مُفْهِمٌ للتعليلِ؛ إذ يَصِحُّ أنْ يَقَعَ في جوابِ (لِمَ فَعَلْتَ الضربَ؟) وهو مُشَارِكٌ لِضَرَبْتُ في الوقتِ والفاعلِ، وحُكْمُه جوازُ النصبِ إنْ وُجِدَتْ فيه هذه الشروطُ الثلاثةُ؛ أعني المصدريَّةَ وإبانةَ التعليلِ واتحادَه معَ عاملِه في الوقتِ والفاعلِ، فإنْ فُقِدَ شرطٌ مِن هذه الشروطِ تَعَيَّنَ جَرُّهُ بحرفِ التعليلِ، وهو اللامُ أو (مِن) أو (في) أو الباءُ.
فمِثالُ ما عُدِمَتْ فيه المصدريَّةُ قولُكَ: (جِئْتُكَ للسَّمْنِ).
ومثالُ ما لم يَتَّحِدْ معَ عاملِه في الوقتِ: (جِئْتُكَ اليومَ للإكرامِ غداً).
ومثالُ ما لم يَتَّحِدْ معَ عاملِه في الفاعلِ: (جاءَ زَيْدٌ لإكرامِ عمرٍو له).
ولا يَمْتَنِعُ الجرُّ بالحرفِ معَ استكمالِ الشروطِ، نحوُ: (هذا قَنِعَ لِزُهْدٍ).
وزَعَمَ قومٌ أنه لا يُشْتَرَطُ في نَصْبِهِ إلاَّ كَوْنُه مصدراً، ولا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُه معَ عاملِه في الوقتِ ولا في الفاعلِ، فجَوَّزُوا نَصْبَ (إكرامٍ) في المثاليْنِ السابقيْنِ. واللهُ أَعْلَمُ.

وقَلَّ أَنْ يَصْحَبَهَا الْمُجَرَّدُ = وَالْعَكْسُ فِي مَصْحُوبِ (أَلْ) وَأَنْشَدُوا ([4])


لاَ أَقْعُدُ الْجُبْنَ عَنِ الْهَيْجَاءِ = وَلَوْ تَوَالَتْ زُمَرُ الأَعْدَاءِ ([5])

المفعولُ له المُسْتَكْمِلُ للشروطِ المتقدِّمَةِ له ثلاثةُ أحوالٍ:
أَحَدُها: أنْ يكونَ مجرَّداً عن الألِفِ واللامِ والإضافةِ.
والثاني: أنْ يكونَ مُحَلًّى بالألِفِ واللامِ.
والثالِثُ: أنْ يكونَ مُضافاً.
وكلُّها يَجُوزُ أنْ تُجَرَّ بحرفِ التعليلِ، لكِنَّ الأكثرَ فيما تَجَرَّدَ عن الألِفِ واللامِ والإضافةِ النصبُ، نحوُ: (ضَرَبْتُ ابْنِي تَأْدِيباً)، ويَجُوزُ جَرُّهُ، فتقولُ: (ضَرَبْتُ ابْنِي لِتَأْدِيبٍ)، وزَعَمَ الجُزُولِيُّ أنه لا يَجُوزُ جَرُّهُ، وهو خِلافُ ما صَرَّحَ به النَّحْوِيُّونَ، وما صَحِبَ الألِفَ واللامَ بعكسِ المجرَّدِ، فالأكثرُ جَرُّه، ويَجُوزُ النصبُ، فـ(ضَرَبْتُ ابني للتأديبِ) أكثرُ مِن (ضَرَبْتُ ابني التأديبَ)، وممَّا جاءَ فيه منصوباً ما أَنْشَدَهُ المصنِّفُ:

163- لا أَقْعُدُ الْجُبْنَ عَنِ الْهَيْجَاءِ ([6])

البيتَ. فـ(الجُبْنَ) مفعولٌ له؛ أي: لا أَقْعُدُ لأجلِ الجُبْنِ، ومِثْلُه قولُه:

164- فَلَيْتَ لي بِهِمُ قَوْماً إِذَا رَكِبُوا = شَنُّوا الإِغَارَةَ فُرْسَاناً وَرُكْبَانَا ([7])

وأمَّا المضافُ فيَجُوزُ فيه الأمرانِ: النصبُ والجرُّ على السواءِ، فتقولُ: (ضَرَبْتُ ابْنِي تَأْدِيبَه ولِتَأْدِيبِه)، وهذا قد يُفْهَمُ مِن كلامِ المصنِّفِ؛ لأنَّه لَمَّا ذَكَرَ أنه يَقِلُّ جَرُّ المجرَّدِ ونَصْبُ المصاحِبِ للألِفِ واللامِ عُلِمَ أنَّ المضافَ لا يَقِلُّ فيه واحدٌ منهما، بل يَكْثُرُ فيه الأمرانِ، ومِمَّا جاءَ منصوباً قولُه تعالى: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ}، ومنه قولُه:



165- وَأَغْفِرُ عَوْرَاءَ الْكَرِيمِ ادِّخَارَهُ = وَأُعْرِضُ عَنْ شَتْمِ اللَّئِيمِ تَكَرُّمَا ([8])



([1]) (يُنْصَبُ) فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَبْنِيٌّ للمجهولِ، (مَفْعُولاً) حالٌ مِن نائبِ الفاعلِ الآتي، (لَهُ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بقولِه: مفعولاً، (المَصْدَرُ) نائبُ فاعلٍ لِيُنْصَبُ، (إنْ) شَرْطِيَّةٌ، (أبانَ) فِعْلٌ ماضٍ فِعْلُ الشرطِ، وفاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جَوَازاً تَقْدِيرُه هو يعودُ إلى المصدرُ، (تعليلاً) مفعولٌ به لأبانَ، (كجُدْ) الكافُ جارَّةٌ لقولٍ محذوفٍ، جُدْ: فِعْلُ أَمْرٍ، وفاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تَقْدِيرُه أنتَ، (شُكْراً) مفعولٌ لأجلِه، (ودِنْ) الواوُ عاطفةٌ، دِنْ: فِعْلُ أَمْرٍ، وفاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تَقْدِيرُه أنتَ، ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ له مفعولٌ [لأجِله] محذوفٌ؛ لِدَلالةِ الأوَّلِ عليه.

([2]) (وهو) مبتدأٌ، (بما) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بِمُتَّحِدٌ الآتي، (يَعْمَلُ) فِعْلٌ مُضَارِعٌ، وفاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جَوَازاً تَقْدِيرُه هو يعودُ إلى ما الموصولةِ، والجملةُ لا مَحَلَّ لها صِلَةٌ، (فيه) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بِيَعْمَلُ، (مُتَّحِدْ) خبرُ المُبْتَدَأِ، (وَقْتاً) تمييزٌ، أو منصوبٌ بِنَزْعِ الخافِضِ، (وفَاعِلاً) مَعْطُوفٌ على قولِهِ: وقتاً، (وإنْ) شَرْطِيَّةٌ، (شَرْطٌ) نائبُ فاعلٍ بفِعْلٍ محذوفٍ يُفَسِّرُهُ ما بعدَه، والتقديرُ: وإنْ فُقِدَ شرطٌ، والفعلُ المحذوفُ هو فعلُ الشرطِ، (فُقِدْ) فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ للمجهولِ، ونائبُ الفاعلِ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جَوَازاً تَقْدِيرُه هو يعودُ إلى شَرْطٌ، والجملةُ مِن فُقِدَ المذكورِ وفاعلِه لا مَحَلَّ لها من الإعرابِ تفسيريَّةٌ، وجوابُ الشرطِ في البيتِ التالي.

([3]) (فَاجْرُرْهُ) الفاءُ لربطِ الجوابِ بالشرطِ، اجْرُرْ: فِعْلُ أَمْرٍ، وفاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تَقْدِيرُه أنتَ، والهاءُ مفعولٌ به، والجملةُ في مَحَلِّ جَزْمٍ جوابُ الشرطِ في البيتِ السابِقِ، (بالحَرْفِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ باجْرُرْ، (وليسَ) فِعْلٌ ماضٍ ناقصٌ، واسمُه ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جَوَازاً تَقْدِيرُه هو يعودُ إلى الجَرِّ بالحرفِ، (يَمْتَنِعْ) فِعْلٌ مُضَارِعٌ، وفاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جَوَازاً تَقْدِيرُه هو يعودُ إلى الجرِّ بالحرفِ، والجملةُ في مَحَلِّ نصبٍِ خبرُ ليسَ، (معَ) ظرفٌ مُتَعَلِّقٌ بِيَمْتَنِعُ، ومعَ مضافٌ، و(الشُّرُوطِ) مُضَافٌ إليهِ، (كلِزُهْدٍ) الكافُ جارَّةٌ لقولٍ محذوفٍ، لِزُهْدٍ: جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بِقَنِعَ الآتي، (ذا) اسمُ إشارةٍ مبتدأٌ، (قَنِعْ) فِعْلٌ ماضٍ، وفاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جَوَازاً تَقْدِيرُه هو يعودُ إلى اسمِ الإشارةِ، والجملةُ مِن قَنِعَ وفاعلِه في مَحَلِّ رفعٍ خبرُ المُبْتَدَأِ.

([4]) (وقَلَّ) فِعْلٌ ماضٍ، (أنْ) مَصْدَرِيَّةٌ، (يَصْحَبَهَا): يَصْحَبَ فِعْلٌ مُضَارِعٌ منصوبٌ بأنْ، وها: مفعولٌ به لِيَصْحَبَ، (المُجَرَّدُ) فاعلُ يَصْحَبَ، و(أنْ) ومَدْخُولُها في تأويلِ مصدرٍ فاعِلُ قَلَّ، (والعكسُ) مبتدأٌ، (في مصحوبِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبرُ المُبْتَدَأِ، ومصحوبِ مضافٌ و(ألْ) قُصِدَ لفظُه: مُضَافٌ إليهِ، (وَأَنْشَدُوا) فعلٌ وفاعلٌ.

([5]) (لا) نافيةٌ، (أَقْعُدُ) فِعْلٌ مُضَارِعٌ، وفاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تَقْدِيرُه أنا، (الجُبْنَ) مفعولٌ لأجلِهِ، (عَنِ الْهَيْجَاءِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بأَقْعُدُ، (ولو) شَرْطِيَّةٌ غيرُ جازمةٍ، (تَوَالَتْ) تَوَالَى: فِعْلٌ ماضٍ، والتاءُ تاءُ التأنيثِ، (زُمَرُ) فاعلُ تَوَالَتْ، وزُمَرُ مضافٌ و(الأعداءِ) مُضَافٌ إليهِ.

([6]) لم أَقِفْ لهذا الشاهدِ على نِسْبَةٍ إلى قائلٍ مُعَيَّنٍ، والبيتُ كما وَرَدَ في كلامِ الناظِمِ، فهذا صَدْرُه، وعَجُزُهُ قَوْلُه:

* وَلَوْ تَوَالَتْ زُمَرُ الأَعْدَاءِ *

اللغةُ: (لا أَقْعُدُ) أرادَ: لا أَنْكُلُ ولا أَتَوَانَى عن اقتحامِ المعارِكِ، وتقولُ: قَعَدَ فلانٌ عن الحربِ، إذا تَأَخَّرَ عنها ولم يُبَاشِرْها، (الجُبْنَ) بضمٍّ فسكونٍ: هو الهَيْبَةُ والفَزَعُ وضَعْفُ القلبِ والخوفُ من العاقبةِ، (الهَيْجَاءِ) الحربِ، وهي تُقْصَرُ وتُمَدُّ، فمِن قَصْرِها قولُ لَبِيدٍ:
* يَا رُبَّ هَيْجَا هِيَ خَيْرٌ مِنْ دَعَهْ *

ومِن مَدِّهَا قولُ الآخَرِ:

إِذَا كَانَتِ الهَيْجَاءُ وَانْشَقَّتِ الْعَصَا = فَحَسْبُكَ وَالضَّحَّاكَ سَيْفٌ مُهَنَّدُ

(تَوَالَتْ) تَتَابَعَتْ وتَكَاثَرَتْ وأَتَى بعضُها تِلْوَ بعضٍ وتَبَعَه، (زُمَرُ) جمعُ زُمْرَةٍ، وهي الجماعةُ، (الأَعْدَاءِ) جمعُ عَدُوٍّ.
الإعرابُ: (لا) نافيةٌ، (أَقْعُدُ) فِعْلٌ مُضَارِعٌ وفاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تَقْدِيرُه أنا، (الجُبْنَ) مفعولٌ لأجلِه، (عن الهَيْجَاءِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بقولِهِ: أَقْعُدُ، (ولو) الواوُ عاطفةٌ، والمعطوفُ عليه محذوفٌ، والتقديرُ: لو لم تَتَوَالَ زُمَرُ الأعداءِ، ولو تَوَالَتْ زُمَرُ الأعداءِ، لو: حَرْفُ شرطٍ غيرُ جازمٍ، (تَوَالَتْ) تَوَالَى: فِعْلٌ ماضٍ، والتاءُ حرفٌ دالٌّ على تأنيثِ الفاعلِ، (زُمَرُ) فاعلُ تَوَالَتْ، وزُمَرُ مضافٌ و(الأعداءِ) مُضَافٌ إليهِ، مجرورٌ بالكسرةِ الظاهرةِ.
الشاهدُ فيه: قولُه: (الجُبْنَ)؛ حيثُ وَقَعَ مَفْعُولاً لأجلِهِ، ونَصَبَه معَ كونِه مُحَلًّى بألْ.
وقد اخْتَلَفَ النُّحَاةُ في جوازِ مَجِيءِ المفعولِ لأجلِه مُعَرَّفاً؛ فذَهَبَ سِيبَوَيْهِ ـ وتَبِعَه الزَّمَخْشَرِيُّ ـ إلى جوازِ ذلكَ؛ مُسْتَدِلِّينَ على هذا بِمَجِيئِهِ عن العربِ في نحوِ بيتِ الشاهدِ الذي نَحْنُ بِصَدَدِ شَرْحِهِ، والبيتيْنِ (رَقْم 164، 165) وقولِ شاعرِ الحماسةِ:
كَرِيمٌ يَغُضُّ الطَّرْفَ فَضْلَ حَيَائِهِ = ويَدْنُو وأَطْرَافُ الرِّمَاحِ دَوَانِي
فقولُه: (فَضْلَ حَيَائِهِ) مفعولٌ لأجلِهِ، وهو مُعَرَّفٌ بالإضافةِ؛ إذ هو مضافٌ إلى مضافٍ إلى الضميرِ.
وذَهَبَ الجَرْمِيُّ إلى أنَّ المفعولَ لأجلِه يَجِبُ أنْ يكونَ نكرةً؛ لأنَّه ـ فيما زَعَمَ ـ كالحالِ والتمييزِ، وكلٌّ مِنهما لا يكونُ إلاَّ نَكِرَةً، فإنْ جاءَ المفعولُ لأجلِه مُقْتَرِناً بألْ، فألْ هذه زائدةٌ لا مُعَرِّفَةٌ، وإنْ جاءَ مُضَافاً إلى معرفةٍ فإضافتُه لَفْظِيَّةٌ لا تُفِيدُ تعريفاً.
والصحيحُ ما ذَهَبَ إليه سِيبَوَيْهِ رَحِمَه اللهُ في هذه المسألةِ؛ لِوُرُودِ الشواهدِ الكثيرةِ في النظْمِ والنثْرِ، ومِمَّا يَدُلُّ على صِحَّتِهِ وُرُودُهُ في قولِ اللهِ تعالى: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ}، والقولُ بزيادةِ الحرفِ أو بأنَّ الإضافةَ لفظيَّةٌ خلافُ الأصلِ، فلا يُصَارُ إليه.

([7]) البيتُ مِن مُختارِ أبي تَمَّامٍ في أوائلِ (دِيوَانِ الحَمَاسَةِ)، وهو مِن كَلِمَةٍ لِقُرَيْطِ بنِ أُنَيْفٍ أحدِ بني العَنْبَرِ.
اللغةُ: (شَنَّوُا) أرادَ فَرَّقُوا أنفسَهم لأجلِ الإغارةِ، (الإغارةَ) الهجومَ على العَدُوِّ والإيقاعَ به، (فُرْسَاناً) جمعُ فارسٍ، وهو راكِبُ الفرسِ، (رُكْبَاناً) جَمْعُ رَاكِبٍ، وهو أَعَمُّ مِن الفارسِ، وقيلَ: هو خاصٌّ بِرَاكِبِي الإِبِلِ.
المعنى: يَتَمَنَّى بَدَلَ قَوْمِهِ قَوْماً آخَرِينَ، مِن صِفَتِهم أنهم إذا رَكِبُوا للحربِ تَفَرَّقُوا لأجلِ الهجومِ على الأعداءِ والإيقاعِ بهم، ما بينَ فارِسٍ وراكِبٍ.
الإعرابُ: (فَلَيْتَ) حرفُ تَمَنٍّ ونَصْبٍ، (لِي) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ، خبرُ لَيْتَ مُقَدَّمٌ، (بِهِمُ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بـ (رَكِبُوا) الآتي، (قَوْماً) اسمُ لَيْتَ مُؤَخَّرٌ، (إذا) ظَرْفٌ تَضَمَّنَ معنى الشرطِ، (رَكِبُوا) فِعْلٌ وفاعلٌ، والجملةُ في مَحَلِّ جرٍّ بإضافةِ إذا إليها، (شَنُّوا) فِعْلٌ وفاعِلٌ، والجملةُ لا مَحَلَّ لها من الإعرابِ جَوَابُ إذا، وله مفعولٌ به محذوفٌ، والتقديرُ: شَنُّوا أَنْفُسَهُم ـ أي: فَرَّقُوها ـ لأجلِ الإغارةِ، (الإغارةَ) مفعولٌ لأجلِه، (فُرْسَاناً) حالٌ من الواوِ في (شَنُّوا)، (وَرُكْبَاناً) معطوفٌ عليه.
الشاهدُ فيه: قولُه: (الإغارةَ) حيثُ وَقَعَ مفعولاً لأجلِه مَنْصوباً، معَ اقترانِه بألْ، وهو يَرُدُّ على الجَرْمِيِّ الذي زَعَمَ أنَّ المفعولَ لأجلِه لا يكونُ إلا نَكِرَةً، وادِّعَاؤُهُ أنَّ ألْ في (الإغارةَ) ونَحْوِها زائدةٌ لا مُعَرِّفَةٌ خلافُ الأصلِ؛ فلا يُلْتَفَتُ إليه.
ورُبَّمَا قِيلَ: إنه لا شاهدَ في البيتِ؛ لأنَّ الإغارةَ مفعولٌ به؛ أي: فَرَّقُوا إِغَارَتَهُم على عَدُوِّهِم، ولَيْسَتْ مفعولاً لأجلِهِ.

([8]) البيتُ لِحَاتِمٍ الطَّائِيِّ، الجَوَادِ المشهورِ.
اللغةُ: (العَوْرَاءُ) الكَلِمَةُ القبيحةُ، (ادِّخَارَهُ) استبقاءً لِمَوَدَّتِهِ، (وأُعْرِضُ)؛ أي: أَصْفَحُ.
الإعرابُ: (وَأَغْفِرُ) فِعْلٌ مُضَارِعٌ، وفاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تَقْدِيرُه أنا، (عَوْرَاءَ) مفعولٌ به لأَغْفِرُ، وعَوْرَاءَ مضافٌ و(الكريمِ) مُضَافٌ إليهِ، (ادِّخَارَهُ) ادِّخَارَ: مفعولٌ لأجلِه، وادِّخَارَ مضافٌ وضميرُ الغائبِ مُضَافٌ إليهِ، (وأُعْرِضُ) فِعْلٌ مُضَارِعٌ وفاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تَقْدِيرُه أنا، (عن شَتْمِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بأُعْرِضُ، وشَتْمِ مضافٌ و(اللئيمِ) مُضَافٌ إليهِ، (تَكَرُّماً) مفعولٌ لأجلِهِ.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (ادِّخَارَهُ)؛ حيثُ وَقَعَ مفعولاً لأجلِهِ منصوباً، معَ أنه مضافٌ للضميرِ، ولو جَرَّهُ باللامِ فقالَ: (لادِّخَارِهِ) لكانَ سائغاً مقبولاً.
وهو يَرُدُّ على الجَرْمِيِّ الذي زَعَمَ أنَّ المفعولَ لأجلِه لا يكونُ مَعْرِفَةً؛ لا بإضافةٍ ولا بألْ، وما زَعَمَه مِن أنَّ إضافةَ المفعولِ لأجلِه لَفْظِيَّةٌ لا تُفِيدُ التعريفَ غيرُ صحيحٍ.
وفي قَوْلِهِ: (تَكَرُّماً) شاهدٌ آخَرُ لهذا البابِ؛ فإنَّ قولَه: (تَكَرُّماً) مفعولٌ لأجلِهِ، وهو مُنَكَّرٌ غيرُ مُعَرَّفٍ؛ لا بإضافةٍ ولا بألْ، وقد جاءَ به منصوباً لاستيفائِه الشروطَ، ولا يَخْتَلِفُ أحدٌ مِن النُّحَاةِ في صِحَّةِ ذلك.

  #3  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 11:59 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي أوضح المسالك لجمال الدين ابن هشام الأنصاري (ومعه هدي السالك للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


هذا بابُ المَفْعولِ لَهُ

ويُسَمَّى المفعولَ لأجْلِه ومن أجْلِه, ومِثالُه: (جِئْتُ رَغبَةً فِيكَ)([1]).
وجميعُ ما اشْتَرَطُوا له خَمْسَةُ أُمورٍ:
(1) كونُه مَصْدراً, فلا يَجُوزُ:ِئْتُكَ السَّمْنَ والعَسَلَ), قالَه الجُمهورُ وأجازَ يُونُسُ:َمَّا العَبِيدَ فذُو عَبِيدٍ) بمعنَى مَهْمَا يُذْكَرْ شَخْصٌ لأجْلِ العبيدِ فالمذكورُ ذو عَبيدٍ. وأنْكَرَه سِيبَوَيْهِ.
(2) وكونُه([2]) قَلْبِيًّا كالرَّغْبةِ, فلا يجوزُ: (جِئْتُكَ قِرَاءَةً للعِلْمِ), ولا:َتْلاً للكَافِرِ), قالَه ابنُ الخَبَّازِ وغيرُه, وأجازَ الفارِسِيُّ: (جِئْتُكَ ضَرْبَ زَيْدٍ)؛ أي: لتَضْرِبَ زَيْداً.
(3) وكونُه عِلَّةً: عَرَضاً كانَ كرغبةٍ، أو غيرَ عَرَضٍ كـ (قَعَدَ عن الحَرْبِ جُبْناً).
(4) واتِّحادُه بالمُعَلَّلِ به وَقْتاً, فلا يَجوزُ:َأَهَّبْتُ السَّفَرَ), قالَه الأعْلَمُ والمُتأخِّرُونَ.
(5) واتِّحادُه بالمُعَلَّلِ بهِ فَاعِلاً, فلا يَجوزُ:ِئْتُكَ مَحَبَّتَكَ إِيَّايَ), قالَه المُتأخِّرونَ أيضاً, وخالَفَهم ابنُ خَرُوفٍ.
ومتَى فَقَدَ المُعَلَّلُ شَرْطاً منها وجَبَ عندَ مَن اعْتَبَرَ ذلك الشَّرْطَ أنْ يَجُرَّ بحَرْفِ التعليلِ, ففَاقِدُ الأوَّلِ نحوَ: {وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ}([3])، والثاني نحوَ: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ}([4]) بخلافِ:َشْيَةَ إِمْلاقٍ}([5])، والرابِعِ([6]) نحوَ:
252- فَجِئْتُ وَقَدْ نَضَّتْ لنَوْمٍ ثِيَابَهَا([7])
والخامِسِ نَحْوَ:
253- وإِنِّي لَتَعْرُونِي لِذِكْرَاكِ هِزَّةٌ([8])
وقدِ انْتَفَى الاتِّحادانِ في:َقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}([9]).
ويجوزُ جَرُّ المُستوفِي للشُّروطِ بكثرةٍ إِنْ كَانَ(بألْ)، وبقِلَّةٍ إنْ كانَ مُجرَّداً, وشَاهِدُ القليلِ فيهما قولُه:
254- لا أقْعُدُ الجُبْنَ عَنِ الهَيْجَاءِ([10])
وقولُه:
255- مَنْ أَمَّكُمْ لِرَغْبَةٍ فِيكُمْ جُبِرْ([11])
ويَسْتويانِ في المُضافِ نحوَ: {يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ}([12]) ونحوَ: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ}([13]) قيلَ: ومثلُه: {لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ}([14])؛ أي: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذا البيتِ لإِيلافِهِمُ الرحلتَيْنِ. والحَرْفُ في هذه الآيةِ وَاجِبٌ عندَ مَن اشترَطَ اتِّحادَ الزمانِ.



([1]) لم يذْكُرِ المُؤَلِّفُ تعريفَ المفعولِ لأجْلِه، وقد ذكَرَ غيرُه تعريفَه بقولِه: (هو المَصدرُ القَلْبيُّ الذي يُذْكَرُ لبيانِ ما فُعِلَ الفعلُ لأجْلِه). وقد اكتفَى المُؤَلِّفُ بذكرِ هذه القيودِ على أنَّها شروطٌ لتحَقُّقِ المعنَى الذي يَصِحُّ أنْ يُطْلَقَ عليهِ اسمُ المفعولِ لأجْلِه، والخَطْبُ في ذلك سَهْلٌ.

([2]) المرادُ بكونِه قَلْبيًّا أنَّه من أفعالِ النفسِ الباطِنَةِ؛ كالرَّغْبةِ، وليسَ من أفعالِ الحواسِّ الظاهرةِ؛ كالضرْبِ والقتْلِ والقراءةِ والتحديثِوالمشيِ والرَّكْلِ.

([3]) سورة الرحمنِ، الآية:10.

([4]) سورة الأنعامِ، الآية: 151.

([5]) سورة الإسراءِ، الآية:31.

([6]) الشرطُ الثالثُ: هو كونُه علَّةً، ولم يَحْتَجِ المُؤَلِّفُ لإخراجِ مُحْترَزِه؛ لأمريْنِ: الأوَّلُ: أنَّه جعَلَ فرضَ الكلامِ فيما لو فَقَدَ المُعَلَّلُ أحدَ الشروطِ، والثاني: أنَّه غيرُ المُعَلَّلِ نحوَ: (قَتَلْتُه صَبْراً), يُنْصَبُ على أنَّه مفعولٌ مُطْلَقٌ، ولا يجوزُ جرُّه بحرفِ جرٍّ، فليسَ من هذا البابِ على الإطلاقِ.

([7]) 252- هذا الشاهدُ من كلامِ امْرِئِ القيسِ بنِ حُجْرٍ الكِنْدِيِّ من مُعلَّقتِه المشهورةِ، والذي ذكَرَه المُؤَلِّفُ هو صدرُ بيتٍ من الطويلِ، وعَجُزُه قولُه:
َدَى السِّتْرِ إلاَّ لِبْسَةَ المُتَفَضِّلِ*
اللغةُ: (نَضَّتْ) – بالضادِ المعجمةِ مُخفَّفَةً ومُشدَّدةً– خلَعَتْ، و(لِبْسَةَ المُتفَضِّلِ): ما تَلْبَسُه وَقْتَ النومِ من نحوِ: قَمِيصٍ وإزارٍ.
الإعرابُ: (جِئْتُ) جاءَ: فعلٌ ماضٍ، وتاءُ المُتكَلِّمِ فاعلُه, (وقدْ) الواوُ واوُ الحالِ, حرفٌ مَبْنِيٌّ علَى الفتحِ لا مَحَلَّ له مِن الإعرابِ، قدْ: حَرْفُ تحقيقٍ مَبْنِيٌّ علَى السكونِ لا مَحَلَّ له مِن الإعرابِ,َضَّتْ) نَضَّ: فعلٌماضٍ، والتاءُ حرفٌ دالٌّ على تأنيثِ الفاعلِ، والفاعلُ ضَمِيرٌ مُستتِرٌ فيه جَوازاً تَقْديرُه: هي, (لنَوْمٍ) جارٌّ ومَجْرورٌ مُتعَلِّقٌ بنَضَّ, (ثِيابَهَا) ثيابَ: مفعولٌ به لنَضَّ, منصوبٌ بالفتحةِ الظاهرةِ، و(ثيابَ) مُضافٌ, وضميرُ الغائبةِ مُضافٌ إليه، وجملةُ الفعلِ الماضي وفاعلِه ومفعولِه في مَحَلِّ نَصْبٍ, حالٌ,َدَى) ظرفُ مكانٍ مُتعلِّقٌ بنَضَّ, منصوبٌ بفتحةٍ مقدَّرةٍ على الألفِ, منَعَ من ظهورِها التعَذُّرُ، و(لَدَى) مُضافٌ, و(السِّتْرِ) مُضافٌ إليه مَجْرورٌ بالكسرةِ الظاهرةِ, (إلاَّ) حرفُ استثناءٍ مَبْنِيٌّ علَى السكونِ لا مَحَلَّ له مِن الإعرابِ,ِبْسَةَ) منصوبٌ على الاستثناءِ, وعلامةُ نصبِه الفتحةُ الظاهرةُ، و(لِبْسَةَ) مُضافٌ, و(المُتفَضِّلِ) مُضافٌ إليه مَجْرورٌ بالكسرةِ الظاهرةِ.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (لنَوْمٍ) فإنَّ النومَ عِلَّةٌ لخَلْعِ الثيابِ, إِلاَّ أنَّه مُتأخِّرٌ عنه؛ فلذلك جرَّه بالحرفِ.

([8]) 253-هذا الشاهدُ من كلامِ أبي صَخْرٍ الهُذَليِّ، والذي ذكَرَه المُؤَلِّفُ من الشاهدِ صدرُ بيتٍ من الطويلِ، وعَجُزُه قولُه:
َمَا انْتَفَضَ العُصْفورُ بلَّلَهُ القَطْرُ*
اللغةُ: (تَعْرُونِي) تَنزِلُ بي، تقولُ: عَرَا فُلانٌ فلاناً يَعْرُوهُ، وعَرَا فُلاناً الأمرُ الفلانِيُّ يَعْرُوُه: إذا نزَلَ به, (هِزَّةٌ) أرادَ بها الرِّعْدةَ والانتفاضةَ التي تَعْرُو الإنسانَ عندَ البردِ، أو عندَ حدوثِ أمرٍ لم يَكُنْ يَتوَقَّعُه, (انْتَفَضَ العُصفورُ) ارْتَعَدَ وارتَعَشَ, (القَطْرُ) المَطَرُ.
الإعرابُ: (إِنِّي) إنَّ: حرفُ توكيدٍ ونصبٍ، وياءُ المُتكَلِّمِ اسمُه مَبْنِيٌّ علَى السكونِ في مَحَلِّ نصبٍ, (لتَعْرُونِي) اللامُ لامُ الابتداءِ، وتَعْرُو: فعلٌ مُضارعٌ مرفوعٌ بضمةٍ مقدَّرةٍ على الواوِ منَعَ من ظهورِها الثِّقَلُ، والنونُ للوقايةِ، وياءُ المُتكَلِّمِ مفعولٌ به مَبْنِيٌّ علَى السكونِ في مَحَلِّ نصبٍ,ِزَّةٌ) فاعلُ تَعْرُو، مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، والجملةُ من تَعْرو وفاعلِه ومفعولِه في مَحَلِّ رفْعٍ خَبَرُ (إِنَّ), (لذِكْرَاكِ) اللامُ حرفُ جَرٍّ، ذِكْرَى: مجرورٌ باللامِ وعلامةُ جَرِّه كَسْرَةٌ مُقدَّرةٌ على الألفِ، منَعَ من ظهورِها التعَذُّرُ، وهو مُضافٌ, وكافُ المُخاطَبةِ مُضافٌ إليه مَبْنِيٌّ علَى الكسرِ في مَحَلِّ جرٍّ، والجارُّ والمَجْرورُ مُتعَلِّقٌ بتَعْرُو, (كما) الكافُ حَرْفُ جرٍّ، وما: حَرْفٌ مَصدرِيٌّ, (انْتَفَضَ) فعلٌ ماضٍ, (العُصفورُ) فاعلُ انْتَفَضَ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، و(ما) معَ ما دخَلَتْ عليهِ في تأويلِ مصدرٍ مجرورٍ بالكافِ، والجارُّ والمَجْرورُ مُتعَلِّقٌ بمَحْذوفٍ يقَعُ صفةً لـِزَّةٌ)؛ أي: هِزَّةٌ كائنةٌ مثلَ انتفاضِ العُصفورِ...إلخ,َلَّلَهُ) بَلَّلَ: فعلٌ ماضٍ، والهاءُ مفعولٌ به، وهي عائدةٌ على العصفورِ, (القَطْرُ) فاعلُ بَلَّلَ، والجملةُ من بَلَّلَ وفاعلِه ومفعولِه في مَحَلِّ نصبٍ, حالٌ من العصفورِ, أو في مَحَلِّ رفْعٍ, صفةٌ للعصفورِ؛ لأنَّه اسمٌ مُحلًّى بأل الجنسيَّةِ.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (لذِكْرَاكِ). فإنَّه عِلَّةٌ لعَرْوِ الهِزَّةِ؛ أي: طُرُوِّها عليهِ، ولكنَّ فاعلَ العَرْوِ هو الهِزَّةُ، وفاعلَ الذِّكْرَى هو المُتكَلِّمُ، فلَمَّا اختلَفَ الفاعلُ, جُرَّ الاسمُ الدالُّ على العلَّةِ باللامِ.

([9]) سورة الإسراءِ، الآية:78.

([10]) 254-لم أقِفْ لهذا الشاهدِ على نِسْبَةٍ إلى قائلٍ مُعيَّنٍ، وهذا الذي ذكَرَه المُؤَلِّفُ صدرُ بيتٍ من الرَّجَزِ، وعَجُزُه قولُه:
*ولَوْ تَوَالَتْ زُمَرُ الأعْدَاءِ*
اللغةُ: (لا أقْعُدُ) تقولُ: قَعَدَ فلانٌ عن الحربِ، وقَعَدَ فلانٌ عن المكارمِ، تُرِيدُ أنَّه تأخَّرَ عنها ونَكَلَ، وقد سَمَّوْا فرقةً من الخوارجَِعَدِيَّةً)؛ لأنَّهم رَأَوْا ألا يُحارِبوا أعداءَهم، وانظُرْ إلى قولِ الشاعرِ:
وكَأَنِّي ومَا أُزَيِّنُ مِنها = قَعَدِيٌّ يُزَيِّنُ التَّحْكِيمَا
(الجُبْنَ) ضعفُ القلبِ في هَيْبةٍ وفزَعٍ وخوفٍ، وتقولُ: جَبُنَ فلانٌ يَجْبُنُ – على مثالِ ظَرُفُ يَظْرُفُ – (الهَيْجاءِ) هي الحربُ، وتُمَدُّ كما هنا، وتُقْصَرُ؛ كما في قولِ لبيدِ بنِ ربيعةَ:
َارُبَّ هَيْجَا هِيَ خَيْرٌ مِن دَعَهْ*
َوالَتْ) تَتابعَتْ,ُمَرُ) - بضمِّ الزايِ وفتحِ الميمِ–: جمعُ زُمْرَةٍ، وهي الجماعةُ, (الأعداءِ) جمعُ عَدُوٍّ.
الإعرابُ: (لا) نافيةٌ, (أقْعُدُ) فعلٌ مُضارعٌ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، وفاعلُه ضَمِيرٌ مُستتِرٌ فيه وُجوباً تَقْديرُه: أنا, (الجُبْنَ) مفعولٌ لأجْلِه، منصوبٌ بالفتحةِ الظاهرةِ, (عن الهيجاءِ) جارٌّ ومَجْرورٌ مُتعَلِّقٌ بالجُبْنِ, أو مُتعلِّقٌ بأقْعُدُ, (ولو) الواوُ حرفُ عطفٍ، والمعطوفُ عليه محذوفٌ، والتقديرُ: لو لم تَتَوالَ زُمَرُ الأعداءِ ولو تَوَالَتْ... إلخ، لو: حرفُ شرطٍ غيرُ جازمٍ,َوَالَتْ) تَوالَى: فِعْلٌ ماضٍ، والتاءُ للتأنيثِ,ُمَرُ) فاعلُ تَوالَتْ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، وهو مُضافٌ و(الأعداءِ) مُضافٌ إليه، وجوابُ (لو) محذوفٌ، والتقديرُ: لو تَوالَتْ زُمَرُ الأعداءِ؛ فإنِّي لا أقْعُدُ عن الهيجاءِ.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (الجُبْنَ). فإنَّه مصدرٌ واقعٌ مفعولاً لأجْلِه، وقد نَصَبَه معَ كونِه مَقروناً بأل، وهذا قليلٌ، والكثيرُ فيه أنْ يَكُونَ مجروراً بحرفِ جرٍّ دالٍّ على التعليلِ.

([11]) 255-لم أقِفْ لهذا الشاهدِ على نسبةٍ إلى قائلٍ معيَّنٍ، والذي ذكَرَه المُؤَلِّفُ بيتٌ من الرجَزِ المشطورِ، وبعدَه:
*ومَنْ تَكُونُوا نَاصِرِيهِ يَنْتَصِرْ*
اللغةُ: (أَمَّكُمْ) قَصَدَكم، تقولُ: أمَّ فلانٌ فلاناً يَؤُمُّه أَمًّا – مثلُ ردَّه يَرُدُّه رَدًّا – وأمَّمَه تأميماً، وتَأمَّمَه تَأَمُّماً، تُرِيدُ أنه قَصَدَه, (لرَغْبةٍ) الرغبةُ: الإرادةُ، تقولُ: رَغِبَ فلانٌ في كذا، ورَغِبَهُ، وارْتَغَبَ فيه: إذا أرادَه، وتقولُ: رَغِبَ عنه، إذا كَرِهَهُ ولم يُرِدْهُ، وهذا أحَدُ الأفعالِ التي يَتغَيَّرُ معناها بتَغَيُّرِ الجارِّ الذي يَتعَلَّقُ بها,ُبِرْ) تقولُ: جَبَرَ فُلانٌ فلاناً يَجْبُرُه جَبْراً– على وزانِ نَصَرَه يَنْصُرُه نَصْراً – إذا أغناه من فِقْرٍ، أو أصْلَحَ عَظْمَه من كَسْرٍ,َاصِرِيهِ) جَمْعُ ناصرٍ, جَمْعُ السلامةِ، والناصِرُ: المُعِينُ.
الإعرابُ: (مَن) اسمُ شرطٍ جازمٌ, يَجْزِمُ فعليْنِ، وهو مبتدأٌ مَبْنِيٌّ علَى السكونِ في مَحَلِّ رفعٍ, (أمَّكُمْ) أمَّ: فعلٌ ماضٍ فعلُ الشرطِ، مَبْنِيٌّ علَى الفتحِ في مَحَلِّ جزمٍ، وفاعلُه ضَمِيرٌ مُستتِرٌ فيه جَوازاً تَقْديرُه: هو, يعودُ إلى اسمِ الشرطِ، وضميرُ المخاطَبِ مفعولٌ به مَبْنِيٌّ علَى الضمِّ في مَحَلِّ نصبٍ، والميمُ علامةُ الجمعِ, (لرَغْبَةٍ) جارٌّ ومَجْرورٌ مُتعَلِّقٌ بأمَّ,ِيكُمْ) جارٌّ ومَجْرورٌ مُتعَلِّقٌ برَغْبَةٍ، أو بمَحْذوفٍ, صفةٌ لرغبةٍ,ُبِرْ) فعلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ للمَجْهولِ، جوابُ الشرطِ مَبْنِيٌّ علَى الفتحِ في مَحَلِّ جَزْمٍ, وسُكِّنَ لأجْلِ الوقْفِ, (ومَن) الواوُ حرفُ عطفٍ مَبْنِيٌّ علَى الفتحِ لا مَحَلَّ له مِن الإعرابِ, مَن: اسمُ شرطٍ جازمٌ, يَجزِمُ فعليْنِ, وهو مبتدأٌ مَبْنِيٌّ علَى السكونِ في مَحَلِّ رفْعٍ,َكُونُوا) فعلٌ مُضارعٌ ناقِصٌ, فعلُ الشرطِ, مَجْزومٌ بحذفِ النونِ، وواوُ الجماعةِ اسمُه, مَبْنِيٌّ علَى السكونِ في مَحَلِّ رفْعٍ,َاصِرِيهِ) خبرُ تَكونُوا منصوبٌ بالياءِ نيابةً عن الفتحةِ؛ لأنَّه جمعُ مُذكَّرٍ سالمٌ، وضميرُ الغَيْبةِ مُضافٌ إليهِ,َنْتَصِرْ) فعلٌ مُضارعٌ, جوابُ الشرطِ، مجزومٌ وعلامةُ جَزْمِه السكونُ، وجُمْلَتا الشرطِ والجوابِ في العبارتيْنِ في مَحَلِّ رفعٍ, خبرُ المبتدأِ الذي هو اسْمُ الشرطِ في كلِّ واحدةٍ منهما.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (لرَغْبَةٍ). فإنَّه مَصْدَرٌ قَلْبِيٌّ واقِعٌ مفعولاً لأجْلِه، وقدْ جَرَّه بحرفِ التعليلِ, وهو اللامُ, معَ كونِه مُجرَّداً من (أل) ومن الإضافةِ، وجَرُّ ما كانَ من هذا القبيلِ قليلٌ، والكثيرُ أنْ يَكُونَ منصوباً.

([12]) سورة البقرةِ، الآية: 265.

([13]) سورة البقرةِ، الآية: 74.

([14]) سورة قريشٍ، الآية: 1.



  #4  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 12:00 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ألفية ابن مالك للشيخ: علي بن محمد الأشموني


المَفْعُولُ لَهُ
[تَعْرِيْفُهُ]:
ويُسَمَّى المفعولَ لِأَجْلِهِ ، ومِنْ أَجْلِهِ.
وقَدَّمَهُ عَلَى المَفْعُولِ فِيْهِ؛ لِأنَّهُ أَدْخَلُ مِنْهُ فِي المَفْعُولِيَّةِ، وأَقْرَبُ إِلَى المفعولِ المُطْلَقِ؛ بِكَوْنِهِ مَصْدَرًا، كَمَا أَشَارَ إِلَى ذلكَ بقولِهِ:
298 - يُنْصَبُ مَفْعُولًا لَهُ المَصْدَرُ إِنْ = أَبَانَ تَعْلِيْلًا كَـ"جُدْ شُكْرًا ودِنْ"
299 - وهُو بِمَا يُعْمَلُ فِيْهِ مُتَّحِدْ = وَقْتًا وفَاعِلًا وإِنْ شَرْطٌ فَقَدْ
300 - فَاجْرُرْهُ بِالْحَرْفِ وَليْسَ يَمْتَنِعْ = مَعَ الشُّروطِ: كَلِزُهْدٍ ذَا قَنَعْ
(يُنْصَبُ مَفْعُولًا لَهُ المَصْدَرُ) أَيْ القَلْبِيُّ (إِنْ أَبَانَ تَعْلِيْلًا) أَيْ: أَفْهَمَ كَوْنَهُ عِلَّةً للحَدَثِ ، ويُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِنْ غَيْرِ لَفْظِ الفِعْلِ (كَجُدْ شُكْرًا) أَيْ: لِأَجْلِ الشكرِ ، فَلَوْ كَانَ مِنْ لفظِ الفِعْلِ كـ"حِيْلَ مَحِيْلًا" كَانَ انْتِصَابُهُ عَلَى المَصْدَرِيَّةِ (ودِنْ) طَاعَةً (وهُو) أَيْ: المفعولُ لَهُ (بِمَا يَعْمَلُ فِيْهِ مُتَّحِدْ* وقْتًا وفَاعِلًا) الجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ "ووَقْتًا وفَاعِلًا" نُصِبَ بَنَزْعِ الخَافِضِ أيْ: يُشْتَرَطُ لِنَصْبِ المفعولِ لَهُ – مَعَ كونِهِ مَصْدَرًا قَلْبِيًّا سِيْقَ للتعليلِ – أَنْ يَتَّحِدَ مَعَ عَامِلِهِ فِي الوقتِ، وفِي الفَاعِلِ.
[شُرُوطُهُ]:
فالشروطِ حينئذٍ خَمْسَةٌ: كونُهُ مَصْدرًا فلَا يجوزُ: "جِئْتُكَ السمنَ والعسلَ" قالَهُ الجمهورُ ، وأَجَازَ يُوْنُسُ: "أَمَّا العَبِيْدَ فَذُو عَبِيدٍ" بمعنَى مَهْمَا يُذْكَرُ شَخْصٌ لِأَجلِ العَبِيْدِ فالمذكورُ "ذُو عَبِيْدٍ"، وأَنْكَرَهُ سِيبَوَيْهِ ، وكونُهُ قَلْبِيًّا فَلَا يجوزُ"جِئْتُكَ قِرَاءَةً للعِلْمِ"، ولَا "قَتْلًا للكَافِرِ"، وأَجَازَ الفَارِسِيُّ "جِئْتُكَ ضَرْبَ زَيْدٍ" أيْ: لِتَضْرِبَ زَيْدًا، وكونُهُ عِلَّةً، فَلَا يجوزُ: "أَحْسَنْتُ إِلَيْكَ إِحْسَانًا إِلْيَكَ" لِأَنَّ الشيءَ لَا يُعَلَّلُ بنفسِهِ ، وكونُهُ مُتَّحِدًا مَعَ المُعَلَّلِ بِهِ فِي الوَقْتِ: فَلَا يَجُوزُ: "جِئْتُكَ أَمْسِ طَمَعًا غَدًا فِي مَعْرُوفِكَ" ولَا يُشْتَرَطُ تَعْيِيْنُ الوقتِ فِي اللفظِ ، بَلْ يَكْفِي عَدَمُ ظهورِ المُنَافَاةِ ، وفِي الفَاعِلِ ؛ فَلَا يجوزُ: "جِئْتُكَ مَحَبَّتَكَ إِيَّايَ". خِلافًا لابْنِ خَرُوفٍ.
تنبيهٌ: قَدْ يكونُ الاتحادُ فِي الفَاعِلِ تَقْدِيْرِيًّا كقولِهِ تَعَالَى: {يُرِيْكُمُ البَرْقَ خَوْفًا وطَمَعًا} ؛ لِأَنَّ مَعْنَي: {يُرِيْكُمْ}يَجْعَلُكُمْ تَرَونَ اهـ.
(وإِنْ شَرْطٌ) مِنَ الشروطِ المذكورةِ مَا عَدَا قَصْدَ التعليلِ (فَقَدْ* فَاجْرُرْهُ بالحرفِ) الدالِ عَلَى التعليلِ ، وهُو اللامُ ، أو مَا يقومُ مَقَامَهَا ، وفِي بَعْضِ النسخِ "باللامِ" أَيْ: أَو مَا يقومُ مَقَامَهَا ، فَفَقْدُ الأوَّلِ – وهُو كونُهُ مَصْدرًا – نحوُ {والأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ} والثانِي – وهو كونُهُ قَلْبِيًّا – نحوُ {ولَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِنْ إِمْلَاقٍ} بِخِلَافِ {خِشْيَةَ إِمْلَاقٍ} والثالثُ – وهُو الاتِّحَادُ فِي الوَقْتِ – نحوُ قولِهِ [مِنَ الطَّوِيلِ]:
428 - فَجِئْتُ وَقَدْ نَضَّتْ لِنَوْمٍ ثِيَابَهَا = [لَدَى السِّتْرِ إِلَّا لِبْسَةَ المُتَفَضِّلِ]
والرابعُ – وهُو الاتِّحَادُ فِي الفاعِلِ – نحوُ [مِنَ الطَّوِيلِ]:
429 - وإِنِّي لَتَعْرُونِي لِذِكْرَاكِ هِزَّةٌ = [كَمَا انْتَفَضَ العُصْفُورُ بَلَّلَهُ القَطْرُ]
وقَدِ انْتَفَى الاتَّحَادَانِ فِي {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} (ولَيْسَ يَمْتَنِعُ) جَرُّهُ باللامِ أو مَا يقومُ مَقَامَهَا (معَ) وجودِ (الشروطِ) المذكورةِ.
301 - وقَلَّ أَنْ يَصْحَبَهَا المُجَرَّدُ = والعَكْسُ فِي مَصْحُوبِ "أَلْ" وأَنَشْدَوُا
302 - لَا أَقْعُدَ الجُبْنَ عَنِ الهَيْجَاءِ = ولَوْ تَوَالَتْ زُمَرُ الأَعْدَاءِ
كَلِزُهْدٍ ذَا قَنِعْ (وقَلَّ أَنْ يَصْحَبَهَا): أَيْ: اللامُ (المُجَرَّدُ) مِنَ "ألْ" والإضافةِ ، كهَذَا المِثَالِ حَتَّى قَالَ الجَزُوْلِيُّ: إنَّهُ ممنوعٌ ، والحَقُّ جَوَازُهُ، ومِنْهُ قولُهُ [مِنَ الرَّجَزِ]:
430 - مَنْ أَمَّكُمْ لِرَغْبَةٍ فِيْكُمْ جُبِرْ = [ومَنْ تَكُونُوا نَاصِرِيْهِ يَنْتَصِرْ]
(والعَكْسُ فِي مصحوبِ أَلْ) وهُو أَنَّ جَرَّهُ باللامِ كَثِيْرٌ ونَصْبَهُ قَلِيْلٌ (وأَنْشَدُوا) شَاهِدًا لجَوَازِهِ قَوْلَ الرَّاجِزِ:
431 - لَا أَقْعُدُ الجُبْنَ عَنِ الهَيْجَاءِ = ولَوْ تَوَالَتْ زُمَرُ الأَعْدَاءِ
تنبيهانِ: الأولُ: أَفْهَمَ كلامُهُ أَنَّ المُضَافَ يجوزُ فِيْهِ الأَمْرَانِ عَلَى السواءِ، نحوُ: "جِئْتُكَ ابْتِغَاءَ الخَيْرِ ، ولابْتِغَاءِ الخَيْرِ".
الثانِي: أَفْهَمَ أَيْضًا جوازَ تقديمِ المفعولِ لَهُ عَلَى عامِلِهِ مَنْصُوبًا كَانَ أو مَجْرُورًا كَـ"زَاهِدًا ذَا قَنِعَ" ولـ"زُهدٍ ذَا قَنِعَ".
خاتمةٌ: إِذَا دَخَلَتْ "أَلْ" عَلَى المفعولِ لَهُ أَو أُضِيْفَ إِلَى مَعْرِفَةٍ تَعَرَّفَ بـ "أَلْ" أو بالإضافةِ ، خِلافًا للرِّيَاشِيِّ والجَرْمِيِّ والمُبَرِّدِ فِي قولِهِمْ إِنَّهُ لا يكونُ إلا نَكرةً ، وإِنَّ "أَلْ" فِيْهِ زَائِدَةٌ ، وإضافَتُهُ غيرُ مَحْضَةٍ.

  #5  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 12:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


المفعولُ له
تعريفُه وشُروطُه وحُكْمُه
297- يُنْصَبُ مفعولاً له الْمَصْدَرُ إنْ = أَبانَ تَعليلاً كجُدْ شُكْراً ودِنْ
298- وهو بما يَعملُ فيه مُتَّحِدْ = وقتاً وفاعلاً وإن شَرْطٌ فُقِدْ
299- فاجْرُرْهُ بالحرْفِ وليس يَمْتَنِعْ = مع الشروطِ كلزُهْدٍ ذا قَنِعْ

المفعولُ له: هو المصدَرُ الْمُبَيِّنُ عِلَّةَ ما قَبْلَه، المشارِكُ لعامِلِه في الوقتِ والفاعلِ، نحوُ: جِئتُ رَغبةً فيك.
فـ (رَغبةً) مَصدرٌ، وهو مُفْهِمٌ للتعليلِ لأنَّ المعنى: جئتُ للرغبةِ فيك، ومشارِكٌ لعامِلِه (جِئتُ) في الوقتِ؛ لأنَّ زَمَنَ الرغبةِ هو زَمَنُ المجيءِ، وفي الفاعلِ؛ لأنَّ فاعلَ المجيءِ هو فاعلُ الرغبةِ، وهو المتكَلِّمُ قالَ تعالى: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ} فـ (ابتغاءَ) مفعولٌ لأجْلِه وقالَ تعالى: {لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِندِ أَنفُسِهِمْ} فـ (كُفَّاراً) حالٌ، و (حَسَداً) مفعولٌ لأَجْلِه.
وحكْمُه جوازُ النصْبِ إنْ وُجِدَتْ فيه هذه الشروطُ الثلاثةُ وهي: المصدريَّةُ، وإبانةُ التعليلِ، واتِّحادُه مع عامِلِه في الوقتِ والفاعلِ، ويَجوزُ جَرُّه بحرْفِ التعليلِ، وسيأتي إنْ شاءَ اللهُ بيانُ الأحسَنِ منهما.
فإنْ فُقِدَ شرْطٌ مِنَ الشروطِ وَجَبَ جَرُّه بحَرْفِ التعليلِ وهو (اللامُ) أو (مِن) أو (في) أو (الباءِ) فمِثالُ ما عُدِمَتْ فيه المصدريَّةُ: جئتُكَ للكتابِ، ومنه قولُه تعالى: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ}، ومِثالُ ما لم يَتَّحِدْ مع عامِلِه في الوقتِ: جئْتُكَ اليومَ للإكرامِ غَداً، ومِثالُ ما لم يَتَّحِدْ مع عامِلِه في الفاعلِ: جاءَ خالدٌ لإكرامِ عَلِيٍّ له، ومنه قولُه تعالى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} فقد انْتَفَى الاتِّحادانِ في الآيةِ؛ لأنَّ فاعِلَ الإقامةِ: المخاطَبُ وفاعلَ الدُّلوكِ (وهو الْمَيْلُ عن وسَطِ السماءِ) هو الشمْسُ وزَمَنُهما مختلِفٌ؛ لأنَّ زَمَنَ الإقامةِ متَأَخِّرٌ عن زَمَنِ الدُّلوكِ.
ولا يُعْرَبُ في حالةِ الجرِّ مفعولاً له؛ لأن ذلك خاصٌّ بحالةِ النصْبِ على الرغْمِ مِن أنَّ معناه في حالَتَيْ نَصْبِه وجَرِّه لا يَختلِفُ.
وهذا معنى قولِه: (يَنْصِبُ مفعولاً له الْمَصْدَرُ ... إلخ) أيْ: يُنْصَبُ المصدَرُ على اعتبارِه مفعولاً له، إنْ أَبانَ تعليلَ ما قَبْلَه، ثم مَثَّلَ بقولِه: (جُدْ شُكْراً ودِنْ) أيْ: جُدْ لأَجْلِ الشكْرِ، وهو بضَمِّ الجيمِ أمْرٌ مِن جادَ يَجودُ، ومعنى: (دِنْ) أيْ: كُنْ صاحبَ دِينٍ واستقامةٍ، وله مفعولٌ لأجلِه محذوفٌ دَلَّ عَلَيْه ما قَبْلَه أيْ: دِنْ شُكْراً
ثم ذَكَرَ بَقِيَّةَ الشُّروطِ، وهو أنه يكونُ مَفعولاً بشرْطِ أنْ يكونَ مُتَّحِداً مع عامِلِه في الوقتِ والفاعلِ، فإنْ فُقِدَ شَرْطٌ فاجْرُرْه بالحرْفِ الدالِّ على التعليلِ، ثم بَيَّنَ أنَّ الْجَرَّ بالحرْفِ ليس مُمْتَنِعاً مع استيفاءِ الشُّروُطِ مِثْلُ: هذا قَنِعَ زُهْداً فيَجوزُ هذا قَنِعَ لزُهْدٍ.
أحوالُ المفعولِ له

300- وقَلَّ أن يَصْحَبَها الْمُجَرَّدُ = والعكْسُ في مَصحوبِ أَلْ وأَنْشَدُوا
301- لا أَقْعُدُ الْجُبْنَ عَنِ الهَيْجَاءِ = ولو تَوَالَتْ زُمَرُ الأعداءِ
المفعولُ لأجلِه ثلاثةُ أقسامٍ:
1- مُجَرَّدٌ عن (أل) والإضافةِ.
2- مُحَلًّى بـ (أل).
3- مضافٌ.
وكُلُّها تَجُوزُ أنْ يُنْصَبَ وأنْ تُجَرَّ بحرْفِ التعليلِ ـ كما تَقَدَّمَ ـ لكنَّ الأكثرَ فيما تَجَرَّدَ عن (أل) والإضافةِ النصبُ لشيوعِه؛ ولوضوحِ أنَّ الكَلِمَةَ مفعولٌ لأجلِه، نحوُ: ضَربتُ ابْنِي تَأْدِيباً، ويَجوزُ جَرُّهُ، فتقولُ: ضَرَبْتُ ابني لتأديبٍ، قالَ تعالى: {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} فـ (فِتنةً) مفعولٌ لأجلِه جاءَ مَنصوباً، ولو جاءَ مَجروراً في غيرِ القرآنِ لصَحَّ.
وما كان مُحَلًّى بـ (أل) فالأكثَرُ جَرُّه، ويَجوزُ نَصْبُه، نحوُ: ضَرَبْتُ ابنِي للتأديبِ، ويَجوزُ: ضَرَبْتُ ابنِي التأديبَ، ومنه قولُ الشاعِرِ:
لا أَقْعُدُ الْجُبْنَ عن الْهَيْجَاءِ = ولو تَوَالَتْ زُمَرُ الأعداءِ

فـ (الْجُبْنَ) مفعولٌ لأَجْلِه، وقد نَصَبَه الشاعرُ مع كونِه مُحَلًّى بـ (أل).
وأمَّا المضافُ فيجوزُ فيه الأمرانِ ـ النصْبُ والجرُّ ـ على السواءِ، نحوُ: ضَربتُ ابني تَأديبَه، ولتأديبِه قالَ تعالى: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ} فـ (حَذَرَ الموتِ) مفعولٌ لأجْلِه مُضافٌ، وقد جاءَ مَنصوباً.
وهذا معنى قولِه: (وقَلَّ أنْ يَصْحَبَها الْمُجَرَّدُ... إلخ) أيْ: إنَّ المجرَّدَ مِن (أل) والإضافةِ قَلَّ أنْ يَصْحَبَ الحرْفَ، فالضميرُ (ها) يعودُ على الحرْفِ، وأَنَّثَهُ باعتبارِه كلمةً.
والمعنى، أنَّ دُخولَ حَرْفِ الجرِّ على المجرَّدِ قليلٌ، فيكونُ الكثيرُ النصْبَ، وأمَّا المقتَرِنَ بأل فهو بالعَكْسِ فيَكْثُرُ فيه الجرُّ، وسكَتَ عَنِ المضافِ؛ لأنَّ الأمْرَيْنِ فيه على السواءِ ولو كان أحَدُهما أكثَرَ لذَكَرَه مع المجرَّدِ أو المحَلَّى، ثم ساقَ الشاهِدَ المتقَدِّمَ.
وقولُه: (وأَنْشَدُوا) أي: النُّحاةُ، ولم يُدْخِل ابنُ مالِكٍ في أَلْفِيَّتِه مِن شواهِدِ العرَبِ إلاَّ هذا البيتَ، ولم يُدْرَ قائلَهُ، لكنَّ الناظِمَ حُجَّةٌ، وقد حَفِظَه وسَمِعَه، ومَن حَفِظَ حُجَّةٌ على مَن لم يَحْفَظْ، واللهُ أعْلَمُ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
له, المفعول

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:14 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir