سورة الانفطار
إذا السماء انفطرت :
أي انشقت ، كما قال تعالى : (السماء منفطر به) ، قال الأشقر : أنفطارها : انشقاقها لنزول الملائكة منها .
وإذا الكواكب انتثرت :
تساقطت ، قال السعدي : انتثرت نجومها وزال جمالها
وإذا البحار فجرت :
قال ابن عباس : فجر بعضها في بعض ، وقال الحسن : فجر الله بعضها في بعض فذهب ماءها ، وقال قتادة : اختلط عذبها بمالحها ، قال السعدي : أي صارت بحرا واحدا .
وإذا القبور بعثرت :
قال ابن عباس : بحثت ، وقال السدي : تُبعثر وتحرك فيخرج من فيها ، قال الأشقر : قلب ترابها وأخرج الموتى منها
علمت نفس ما قدمت وأخرت : إذا كان هذا حصل هذا ، قال السعدي : فينكشف الغطاء وتعلم كل نفس ما معها من الأرباح والخسران ، فيعض الظالم على يديه إذا رأى أعماله الباطلة ، ويفوز المتقون المقدمون لصالح الأعمال ، وقال الأشقر : علمت عند نشر الصحف ما قدمت من عمل خير أو شر .
يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم :
هذا تهديد ووعيد للإنسان ، أي ما غرك يا ابن آدم بربك العظيم حتى تعصيه وتقابله بما لا يليق ؟
قال ابن عمر : غره جهله ، وقال قتادة : غره الشيطان العدو الأكبر له ، وقد أتى باسم الكريم على أنه لا ينبغي أن يقابل الكريم بالأفعال القبيحة وأعمال الفجور .
وقد نزلت في الأسود بن شريق حين ضرب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يُعاقب في حينه .
قال السعدي : يعاتب سبحانه الإنسان المقصر في حقه سبحانه تهاونا في حقوقه أم احتقارا لعذابه أم عدم إيمان بجزائه ؟
قال الأشقر : قيل : غره الله إذ لم يعاجله بالعقوبة أول مرة .
خلقك فسواك فعدلك :
جعلك سويا مستقيما معتدل القامة منتصبا في أحسن الهيئات والأشكال .
وعن بشر بن مجاش القرشي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بصق يوما في كفه فوضع عليها أصبعه ثم قال : قال اللّه عزّ وجلّ: ابن آدم أنّى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه، حتّى إذا سوّيتك وعدلتك مشيت بين بردين، وللأرض منك وئيدٌ، فجمعت ومنعت، حتّى إذا بلغت التّراقي قلت: أتصدّق وأنّى أوان الصّدقة
قال السعدي : فهل يليق بك أن تكفر نعمة المنعم ؟ إن هذا إلا من جهلك وظلمك وعنادك .
في أي صورة ما شاء ركبك :
قال مجاهد : في أي شبه أب أو أم أو عم أو خال
وفي الصّحيحين عن أبي هريرة أنّ رجلاً قال: يا رسول اللّه، إنّ امرأتي ولدت غلاماً أسود، قال: ((هل لك من إبلٍ؟)). قال: نعم. قال: ((فما ألوانها؟)) قال: حمرٌ. قال: ((فهل فيها من أورق؟)) قال: نعم. قال: ((فأنّى أتاها ذلك؟)) قال: عسى أن يكون نزعه عرقٌ. قال: ((وهذا عسى أن يكون نزعه عرقٌ)). وقد قال عكرمة في قوله: {في أيّ صورةٍ ما شاء ركّبك}. إن شاء في صورة قردٍ، وإن شاء في صورة خنزير
بمعنى أن الله قادر على خلق النطفة على شكل قبيح ولكن بقدرته ولطفه وحلمه يخلقه على شكل حسن مستقيم معتدل حسن النظر والهيئة .
قال الأشقر : أي ركبك في أي صورة شاءها من الصور الختلفة وأنت لم تختر صورة نفسك .