ذكر النوع الثالث من أنواع علم الحديث النوع الثالث من هذا العلم
قال الحاكمُ محمدُ بنُ عبدِ اللهِ ابن حَمْدُويه النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (معرفة صدق المحدث وإتقانه وثبته وصحة أصوله وما يحتمله سنه ورحلته من الأسانيد وغير ذلك من غفلته وتهاونه بنفسه وعلمه وأصوله)
- حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله السعدي، حدثنا معاوية بن هشام، ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب قال: ما كل الحديث سمعنها من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحدثنا أصحابنا وكنا مشتغلين في رعاية الإبل، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يطلبون ما يفوتهم سماعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسمعونه من أقرانهم؛ وممن هو أحفظ منهم وكانوا يشددون على من يسمعون منه.
- كما حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي قال: أخبرني أبي قال: أخبرني الأوزاعي قال: أخبرنا بن شهاب، عن قبيصة بن ذؤيب قال: جاءت الجدة في عهد أبي بكر رضي الله عنه تلتمس أن تورث، فقال أبو بكر ما أجد لك في كتاب الله شيئا وما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر لك شيئا حتى أسأل الناس العشية، فلما صلى الظهر قال: في الناس يسألهم فقال المغيرة بن شعبة: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيها السدس)، قال أبو بكر رضي الله عنه (سمع ذلك معك أحد) فقال (محمد بن مسلمة) فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم (يعطيها السدس) فأنفذ ذلك لها أبو بكر رضي الله عنه.
وأما أمير المؤمنين على رضى الله عنه، فكان إذا فاته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث ثم سمعه من غيره يحلف المحدث الذي يحدث به، والحديث في ذلك عنه مستفيض مشهور، فأغنى اشتهاره عن ذكره في هذا الموضع، وكذلك جماعة من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، ثم عن أئمة المسلمين كانوا يبحثون وينقرون عن الحديث إلى أن يصح لهم.
سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت حنبل بن إسحاق بن حنبل يقول: سمعت علي بن عبد الله يقول: سمعت يحيى بن سعيد يقول: ينبغي أن يكون في صاحب الحديث غير خصلة ينبغي لصاحب الحديث أن يكون ثبت الأخذ ويفهم ما يقال له ويبصر الرجال، ثم يتعهد ذلك.
قال الحاكم: ومما يحتاج إليه طالب الحديث في زماننا هذا أن يبحث عن أحوال المحدث أولا، هل يعتقد الشريعة في التوحيد؟ وهل يلزم نفسه طاعة الأنبياء والرسل صلى الله عليه فيما أوحى إليهم ووضعوا من الشرع؟ ثم يتأمل حاله هل هو صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه فإن الداعي إلى البدعة لا يكتب عنه، ولا كرامة لاجماع جماعة من أئمة المسلمين على تركه، ثم يتعرف سنه هل يحتمل سماعه من شيوخه الذين يحدث عنهم، فقد رأينا من المشايخ جماعة أخبرونا بسن يقصر عن لقاء شيوخ حدثوا عنهم، ثم يتأمل أصوله. أعتيقة هي؟ أم جديدة؟ فقد نبغ في عصرنا هذا جماعة يشترون الكتب، فيحدثون بها، وجماعة يكتبون سماعاتهم بخطوطهم في كتب عتيقة في الوقت، فيحدثون بها فمن يسمع منهم من غير أهل الصنعة فمعذور بجهله، فأما أهل الصنعة إذا سمعوا من أمثال هؤلاء بعد الخبرة ففيه جرحهم وإسقاطهم إلى أن تظهر توبتهم على أن الجاهل بالصنعة لا يعذر، فإنه يلزمه السؤال عما لا يعرفه، وعلى ذلك كان السلف رضي الله عنهم أجمعين.
- حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفان العامري، ثنا أبو أسامة، عن الأعمش قال: كان إبراهيم صيرفي الحديث فكنت إذا سمعت الحديث من بعض أصحابنا أتيته فعرضته عليه.
أخبرنا عبد الله بن محمد الكعبي، ثنا إسماعيل بن قتيبة، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا إسحاق بن منصور، عن هريم بن سفيان، عن مطرف، عن سوادة بن أبي الجعد، عن أبي جعفر الباقر قال: من فقه الرجل بصره بالحديث، وإذا عرف طالب الحديث إسلام المحدث وصحة سماعه، كتب عنه، فقل من يجد ما يرجع الى الفهم والمعرفة والحفظ، وكل محدث تهاون بالسماع واستخف بالحديث فلا يخفى حاله ويظهر أمره.
سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت العباس بن محمد الدوري يقول: سمعت خلف بن سالم يقول: (سماع الحديث هين والخروج منه صعب)
حدثنا أبو سهل محمد بن محمد بن الحسين الترمذي، ثنا محمد بن صالح بن سهل الترمذي، حدثنا إسماعيل ين سيف، حدثني محمد بن عبد الواحد بن أخي حزم قال: سمعت يونس بن عبيد يقول: (إن للحديث خفقة فاتقوا خفقة الحديث)
سمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول: سمعت محمد بن إسماعيل بن مهران يقول: سمعت بشر بن آدم يقول: سمعت أبا عاصم يقول: (من استخف بالحديث استخف به الحديث)[معرفة علوم الحديث: ؟؟]